استراتيجية امريكا للمرحلة المقبلة: الحفاظ على المكاسب ودفع عملية السلام

شبكة النبأ: في الوقت الذي يزور فيه جون ماكين مرشح الجمهوريين لخلافة الرئيس بوش بغداد، للإطلاع عن كثب عما يمكن ان يخلّفه له الرئيس الحالي، في حال تكرار هزيمة الديمقراطيين، يقوم من جهة ثانية رجل الصقور في البيت الابيض ديك تشيني بزيارة الى العراق، ضمن جولة في المنطقة هدفها المعلن هو دفع العراقيين نحو وحدة سياسية والحث على اصدار تشريعات مهمة تزامنا مع الذكرى الخامسة للحرب، وطمأنة اطراف التفاوض العربي الاسرائيلي، بينما يرى محللون ان الهدف المهم الاخر هو السعي لإحكام الحلف الإقليمي الذي تتبناه امريكا مع حلفائها العرب بوجه التطلعات الإقليمية الايرانية.

ويزور تشيني العراق في الوقت الذي يجري فيه المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الامريكية جون مكين لتقييم مدى نجاح استراتيجية زيادة القوات الامريكية التي أيدها بقوة محادثات مع مسؤولين بالقيادة العراقية ومسؤولين أمريكيين.

ويزور مكين العراق بوصفه عضوا في بعثة تقصي حقائق تتبع لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الامريكي. وسيزور مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الامريكية التي تجري في نوفمبر تشرين الثاني وحليفاه في مجلس الشيوخ جو ليبرمان ولينزي جراهام في اطار هذه الجولة أيضا اسرائيل وبريطانيا وفرنسا. بحسب رويترز.

وكان في استقبال تشيني لدى وصوله الى بغداد الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق.

ووصل تشيني الى العراق وسط تصاعد في اعمال العنف منذ يناير كانون الثاني بما في ذلك عدد التفجيرات الانتحارية التي يلقي الجيش الامريكي باللائمة فيها على تنظيم القاعدة.

لكن قادة عسكريين يقولون ان هذا لا يمثل اتجاها وان الهجمات في العراق انخفضت بشكل فعلي بنسبة 60 في المئة منذ منتصف العام الماضي.

وحذر تشيني وكان من المؤيدين بقوة لارسال 30 الف جندي امريكي اضافي الى العراق العام الماضي المنتقدين من ان اي انسحاب امريكي قبل اوانه سيؤدي الى فوضى ومزيد من إراقة الدماء.

وقال مسؤول كبير في الادارة الامريكية انه بعد محادثات تشيني وكل من بتريوس والسفير الامريكي في العراق رايان كروكر من المقرر ان يجتمع نائب الرئيس الامريكي مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي والرئيس العراقي جلال الطالباني وزعماء عراقيين اخرين لمناقشة القضايا الأمنية والسياسية.

زيارة تشيني: الدفع باتجاه الوحدة السياسية وتمرير تشريعات 

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني غير المعلنة اليوم توفر "دفعا أميركيا جديدا باتجاه الوحدة السياسية في العراق" وحث الحكومة العراقية إلى تمرير تشريعات قبيل حلول الذكرى الخامسة لغزو العراق بقيادة الولايات المتحدة.

وذكرت الصحيفة في تقرير نشر على موقعها الالكتروني أن "تشيني هبط في مطار بغداد الدولي، ثم انتقل بمروحية إلى المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة لعقد محادثات مع مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين اميركيين ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي".

والتقى رئيس الوزراء نوري المالكي في وقت سابق من اليوم نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني وعقدا اجتماعا دام لاكثر من ساعة، حسب مصدر في رئاسة الوزراء.

واشارت الصحيفة إلى انه عقد اجتماعا، صُنِّف سريا، مع السفير الاميركي ببغداد ريان كروكر والجنرال ديفيد بيتريوس قائد القوات الاميركية في العراق الذي كان في استقباله في المطار.

وتتابع الصحيفة أنه "لاسباب امنية، لم يكشف مرافقوا تشيني الا عن القليل القليل من التفاصيل بشأن جدول اعمال نائب الرئيس وطلبوا من المراسلين عدم الافصاح عن مكان وجوده حتى ينتقل إلى مكان آخر".

وتشير الصحيفة إلى ان من المتوقع ان يزور تشيني عددا من مناطق البلاد، ولقاء عدد من القوات الأميركية وامضاء بعض الوقت مع قادة عراقيين.

وقالت الصحيفة انه كان مقررا ان تكون سلطنة عمان أول محطة يتوقف فيها نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني في جولة في منطقة الشرق الاوسط تستغرق 10 ايام، الا انه غادر مساء الاحد من انكلترا على متن طائرة من طراز C-17 ودامت رحلته الى العاصمة العراقية خمس ساعات ونصف.

وتتوقع الصحيفة ان مستقبل العراق سيكون موضوع نقاش في محادثات مغلقة مع قادة في سلطنة عمان والسعودية واسرائيل والاراضي الفلسطينية وتركيا. وستتضمن مناقشات تشيني ايضا في كل محطة في جولته البرنامج النووي الايراني ورغبتها في لعب دور اكبر تاثيرا في المنطقة وارتفاع اسعار النفط ومتابعة مباحثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية التي يريد الرئيس بوش ان تنتهي بعقد معاهدة قبل مغادرته منصبه.

واضافت الصحيفة ان تشيني، الذي نزل في المنطقة برفقة زوجته لاين وابنته لز تشيني، زار العراق اخر مرة في ايار مايو 2007 قبل قرار الرئيس بوش في رفع حجم القوات الاميركية في العراق باضافة 30.000 جندي في اطار استراتيجية الاندفاع التي اعلن عنها مطلع العام الماضي، بهدف التقليل من مستويات العنف ليتمكن السياسيين العراقيين من التوصل الى اتفاقات من شانها جلب العرب السنة الى الحكومة واضعاف او انهاء "التمرد".

وتضيف الصحيفة أن "الأمن في العراق شهد تحسنا ملحوظا منذ الصيف الماضي مع وصول خمسة الوية من الجيش الأميركي إلى العراق لاستكمال رفع حجم القوات، الا ان السياسيين العراقيين لا يزالون في جمود".

ونقلت الصحيفة عن مستشارين لتشيني قولهم ان نائب الرئيس سيسلط الضوء على انخفاض العنف والاشادة بالحكومة العراقية الضعيفة لاقرار تشريعات تهدف إلى تعزيز الوحدة االوطنية.

كما تتابع الصحيفة، سيعمد تشيني الى اجراء مقارنة بين الوضعين في العراق قبل زيادة القوات وبعدها. وسيبلغ القادة العراقيين انهم سائرون في الطريق الصحيح وان خطواتهم تمضي الى الامام، الا ان الوقت حان الان لفعل المزيد.

وتعلق الصحيفة بقولها ان العراقيين لم يتوصلوا الى الان الى اقرار قانون يوزع الثروات النفطية بين الشيعة والسنة والاكراد، في اشارة الى اقرار (قانون النفط والغاز)، القانون الذي تعتقد ادارة بوش انه سيحث شركات الطاقة العالمية على الاستثمار في هذا القطاع وابرام عقود استكشاف وانتاج.

وتضيف الصحيفة ان خطة اخرى لما تزل هي الاخرى غير مكتملة، وهي عقد انتخابات محلية جديدة. اذ ان مجلس الرئاسة، الذي يجب ان يصادق على القوانين التي يقرها البرلمان العراقي، رفض الخطة المقدمة اليه بخصوص عقد انتخابات محلية جديدة في الشهر الماضي، واعادها الى السلطة التشريعية.

صحف اميركية تهتم بسيرة ماكين

وتكهنت صحيفة نيو يورك صن (New york Sun ) الامريكية بأن زيارة المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الامريكية جون ماكين للعراق، تهدف الى "استقطاب المزيد من الاهتمام بحملته الانتخابية." فيما نشرت صحيفة لوس انجلس تايمز(Los angeles times)، تقريرا مطولا، ابرزت فيه مواقف ماكين حيال العراق وايران، واصفة اياها بالـ"متزمتة والجازمة."

وقالت الـ"نيويورك صن" ،ان ماكين يسعى من خلال زيارته الى العراق، وهي الثامنة من نوعها، الى "استقطاب المزيد من الاهتمام بحملته" الانتخابية، والتي ستنطلق نهاية العام الجاري.

وكان السناتور جون ماكين وصل بغداد صباح اليوم الاحد، في ثامن زيارة له للعراق منذ سقوط النظام السابق في نيسان ابريل عام 2003، والتقى عددا من المسؤولين في السفارة الأمريكية، ومن المقرر ان يلتقي في وقت لاحق برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من المسؤولين في الحكومة العراقية. بحسب مصدر في الحكومة العراقية.

واضافت الصحيفة، أن ماكين "الذي ولد في منطقة قنال بانما(Panama Canal Zone)، صار مشهورا بوصفه اسيرا في حرب فيتنام، وقضى جل زمن منصبه في مجلس الشيوخ، في التجول في بلدان اجنبية لا يعرف غالبية الاميركيين حتى اسمها."

من جهتها، قالت لوس انجلس تايمز في عددها اليوم الاحد، ان ماكين معروف باستهجانه الشديد لمواقف الديمقراطيين، الذين قال عنهم انهم يريدون رفع "الراية البيضاء"، بسعيهم الى قطع التمويل عن القوات الاميركية في العراق.

الا ان الصحيفة تعلق بقولها ان ماكين نفسه، وقبل (15) عاما، كان يحث زملاءه على ذلك، من خلال قطع التمويل عن القوة الاميركية التي كانت تصارع في مناطق خطرة في حينها، مثل الصومال.

وتشير الصحيفة الى ان ماكين، وهو طيار سابق في سلاح البحرية، واشترك في حرب فيتنام، بنى حملته الانتخابية على تجربته في الامن الوطني، مبرزا مواقفه حيال العراق وايران، التي هي مواقف متمزمتة وجازمة، بحسب وصف الصحيفة، التي ترى ان هذا يضعه في قلب معسكر المحافظين الجدد.

وتتابع الصحيفة استعراضها لمواقف وتوجهات ماكين قائلة، ان في العام (2002)، عندما انبثق السجال بشان الحرب مع العراق، بدا ماكين وكأنه يؤكد هويته كمحافظ جديد. فقد اتفق ومسؤولي الادارة على ان صدام حسين كان يسعى الى الانطلاق ببرنامجه النووي، وحث الولايات المتحدة على منح اموال اضافية الى رجل الاعمال المثير للجدل احمد الجلبي، زعيم المؤتمر الوطني العراقي ومنفيين عراقيين اخرين. وقالت الصحيفة ان ماكين تكهن حينها ان تغيير النظام في العراق، من شأنه ان يثير موجة ديمقراطية تكتسح المنطقة.

يذكر ان السناتور جون ماكين، ترشح عن الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الامريكية نهاية هذا العام، وهو من الداعمين البارزين لاستراتيجية الاندفاع التي اعلن اعلن عنها الرئيس الاميركي جورج وبوش، وتضمنت زيادة حجم القوات الاميركية في العراق وتوسيع عملياتها القتالية، كما اطلق تصريحا في مطلع العام الجاري يقول ان القوات الاميركية ستبقى في العراق على مدى عقود.

جنرال بريطاني يحذر من التسرع بتسليم مسؤولية الأمن للعراقيين

وفي سياق متصل قال جنرال كبير ان القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق لن تسارع بعملية نقل المسؤولية الأمنية للقوات العراقية رغم أن مسألة انسحاب القوات الأمريكية باتت قضية مهمة في الحملات الدعائية للانتخابات الأمريكية.

وقال اللفتنانت جنرال بيل رولو لرويترز: " طموحنا هو التسليم متى كان ذلك منطقيا لكن من ناحية أخرى ليس من مصلحة أحد التعجل في هذه العملية وتسليم أي شيء قبل أن يكون الناس مستعدين."

ويقول الديمقراطيان المتنافسان على ترشيح الحزب الديمقراطي لهما في الانتخابات الامريكية باراك أوباما وهيلاري كلينتون انهما سيبدان سحب القوات الامريكية سريعا اذا فاز أيهما في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني لكن المرشح الجمهوري جون مكين يريد أن تبقى القوات حتى يصبح العراق أكثر استقرارا.

وكرر رولو نائب قائد قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وأكبر جنرال بريطاني في العراق موقف واشنطن من أي قرار لنقل المسؤولية الامنية ينبغي أن يستند الى الظروف على أرض الواقع.

وقال "العوامل هي مستوى الخطر ومستوى وقدرة القوات الامنية...وهل الاوضاع السياسية مناسبة."

وأضاف أن الجيش العراقي الذي أعيد بناؤه من الصفر بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003 نما بسرعة كبيرة وحقق "تقدما هائلا..لكن لايزال هناك الكثير مما يمكن فعله في الجيش فيما يتعلق برفع معايير التدريب والامدادات والنقل."

وكانت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تأمل في تولي المسؤولية الأمنية عن جميع محافظات العراق وعددها 18 بحلول نهاية 2007 لكنها لم تتسلم سوى تسع محافظات.

وفي أحدث تقرير ربع سنوي للكونجرس أسقط البنتاجون أي إشارة لجدول زمني للانسحاب.

وتشمل المحافظات التسع التي لم تسلم بعد بغداد ومحافظة الانبار الغربية التي كانت معقلا للمسلحين العرب السنة وأربع محافظات في الشمال حيث تقاتل القوات الامريكية والعراقية تنظيم القاعدة.

وقال رولو ان هناك عددا من المحافظات التي يتم الاعداد لتسليمها للسلطات العراقية لكنه لم يسمها.

وتوقع قادة عسكريون أمريكيون أن تسلم المسؤولية الامنية عن محافظة الانبار هذا الشهر أو في أبريل نيسان لكنهم الان يكتفون بالقول ان ذلك سيحدث "قريبا".

وقال رولو "التوقعات بالنسبة لهذا المكان دائما ما تكون صعبة لكن هدفنا هو تسليمها للعراقيين متى كان ذلك منطقيا."

وقد يكون أحد أسباب التأخير تصاعد العنف في العراق منذ يناير كانون الثاني بما في ذلك ارتفاع عدد التفجيرات الانتحارية التي يلقي الجيش الامريكي مسؤوليتها على تنظيم القاعدة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 18 آذار/2008 - 10/ربيع الاول/1429