استهداف المسيحيين محاولة عقيمة اخرى لتفريق العراقيين

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: بعد ان خاب فأل الارهاب في بغداد ومناطق العراق الوسطى اتجه هذا الاخطبوط نحو الشمال ليكوي بنار حقده اهالي الموصل وكركوك والأقليات الدينية والاثنية هناك، فقد قام مسلحي القاعدة وبقايا فلول البعث البائد باستهداف المسيحيين في العديد من المرات في بغداد وباقي المحافظات التي طالتها نار الارهاب، وهذه المرة اقدم الإرهابيون على جريمة نكراء جديدة بقتلهم رجل الدين المسيحي المطران رحو.

ان (شبكة النبأ المعلوماتية) تستنكر هذا الحادث البشع، وتتقدم بعزائها للعراقيين جميعا والاخوة المسيحيين على وجه الخصوص، وتشد على ايديهم بالمواساة والتعزية.

وتؤكد شبكة النبأ: ان محاولات العزف على اوتار الفتنة الدينية بين العراقيين لن تنجح ابداً كسابقاتها، من محاولات خلق الفتنة الطائفية بين ابناء الدين الواحد، واننا على يقين من ان دماء ضحايا العنف والارهاب ستتحول الى وقود لشعلة الحرية والعدل والكرامة، وان على الشعب العراقي ان ينتقم لضحايا الارهاب، بمزيد من العلم والعمل والتعاون والتآخي والتآلف والانتاج والتسامح والتعايش، لقطع الطريق على الارهاب، والحؤول دون تحقيق اهدافه الدنيئة.    

الهدف..اغتيال العراق

و دعا نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، الحكومة العراقية الى مضاعفة الاجراءات اللازمة لحماية علماء الدين في العراق، الذين باتوا هدفا لجماعات العنف والارهاب، سواء من ايتام النظام البائد او التنظيمات الارهابية التي تتستر باسم الدين والدين منها براء.

واضاف تعليقا، على جريمة اغتيال رئيس اساقفة الموصل للكلدان المطران بولس فرج رحو: ان هذه الجريمة البشعة استهدفت اغتيال العراق، فهي لم توجه ضد شريحة عراقية بذاتها وهويتها، بل انها موجهة ضد كل العراقيين بلا استثناء، ولذلك ادانها ويدينها كل العراقيين بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والاثنية.

وقال، اننا اذ ندين وبشدة هذه الجريمة اللاانسانية البشعة التي طالت احد رموز العراق، ندعو العراقيين الى الاتحاد في مواجهة الارهاب الذي اثبت المرة بعد الاخرى، بانه لا ينتمي الى دين او مذهب او قومية، فالارهاب لا دين له، لانه لا ينتمي بالاساس الى قيم الانسان فضلا عن قيم السماء، ولذلك فهو لا يفرق بين اهدافه، بين انسان وآخر، لانه يستهدف الانسان والحياة، بغض النظر عن انتمائه وهويته، وان جريمة اغتيال الشهيد المطران رحو دليل آخر على ما نذهب اليه، فهي جريمة ضد العراق وليس ضد الكلدان او المسيحيين فحسب.

مسيحيو العراق شَيّعوا كبير أساقفة الكنيسة الكلدانية

وحث زعيم الاقلية المسيحية في العراق أتباعه على عدم الخضوع للترهيب وطالبهم بأن يكونوا ثابتين في ايمانهم بعدما عثر على المطران المخطوف بولس فرج رحو كبير أساقفة الكنيسة الكلدانية بالعراق ميتا في مدينة الموصل بشمال البلاد.

وخطف ووفاة رحو (65 عاما) هي أبرز الهجمات ضد الاقلية المسيحية في العراق التي استهدفها تنظيم القاعدة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003.

وقال بطريرك الكنيسة الكلدانية وزعيم مسيحي العراق عمانوئيل دلي الثالث أمام المئات من المشيعين وأغلبهم من المسيحيين الذين تدفقوا على كنيسة قرب القرية التي كان ينتمي اليها رحو شمالي بغداد، انه يطالب شعب الكنيسة بالصمود والصبر. بحسب رويترز.

واختطف رحو في 29 فبراير شباط الماضي بعد أن هاجم مسلحون سيارته في الموصل التي تبعد 390 كيلومترا شمالي بغداد وقتلوا سائقه واثنين من الحراس.

وعثر على رحو ميتا الخميس الماضي في أرض فضاء بالموصل ولم تكن جثته مدفونة بالكامل.

وكان يعاني قبل خطفه من سوء حالته الصحية ولم يتضح بعد سبب وفاته رغم أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ألقى باللائمة في موته على تنظيم القاعدة.

وقالت الشرطة انه تبين ان رحو قد توفي قبل أسبوع ولم تظهر بجثته اي اثار اطلاق نار.

وأثارت وفاته ادانة دولية بما في ذلك من قبل الرئيس الامريكي جورج بوش والبابا بنديكت.

والكنيسة الكلدانية هي احدى الكنائس التابعة للكنيسة الكاثوليكية وتقيم طقوسها تبعا لتقليد شرقي قديم. ويمثل الكلدانيون أكبر جماعة مسيحية في العراق رغم أن تقارير تحدثت عن فرار عشرات الالاف من العراق بعد تهديدات من تنظيم القاعدة.

وتحدث البابا بنديكت مرارا عن قلقه بشأن محنة المسيحيين في الشرق الاوسط. وكان عدد من الكنائس في العراق هدفا لتفجيرات كما تعرض عدد من رجال الدين المسيحي للخطف والقتل منذ الغزو الامريكي.

وقال دلي للمشيعين في كنيسة مار ادي ببلدة كرمليش شرقي الموصل انه يطلب من الرب ان يخدم مقتل المطران فرج رحو قضية السلام في هذا البلد المعذب.

وشارك العشرات من رجال الدين المسيحيين في تشييع رحو وقرأوا فقرات من الانجيل ورنموا أمام نعشه الذي غطته الزهور ووضعت عند مقدمته صورة للفقيد.

وقال العميد خالد عبد الستار المتحدث باسم الشرطة في محافظة نينوى وعاصمتها الموصل لرويترز، انه وصلت تقارير للشرطة أفادت باجراء محادثات بين الخاطفين وأقارب كبير الاساقفة المخطوف وان الفدية المطلوبة بلغت مليون دولار.

وصرح اندراوس أبونا مساعد مطران الكنيسة الكلدانية في بغداد بأنه جرت محادثات بين مسؤولين مسيحيين والخاطفين لكنه لم يعلم شيئا بخصوص المطالبة بفدية.

ردود افعال غاضبة

واثار مقتل المطران رحو موجة من ردود الافعال الغاضبة والمستنكرة في الاوساط الرسمية والشعبية، فقد أدان الرئيس جلال الطالباني ومجلس علماء المسلمين في الفلوجة عملية الاغتيال، فيما وصف سياسي مسيحي العملية بـ"العمل الجبان."

وقال الطالباني في نص رسالة التعزية التي بعثها الى البابا بينيدكت السادس عشر، والكاردينال عمانؤيل الثالث دلي رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، ونقلته وكالة أصوات العراق: "بقلوب مفعمة بالأسى والحزن تلقينا نبأ مصرع المطران بولص فرج رحو رئيس اساقفة الكلدان في الموصل، الذي راح ضحية جريمة بشعة ارتكبتها قوى الارهاب والظلام."

واضاف  الطالباني "اننا اذ نعزيكم من اعماق افئدتنا المفجوعة، نؤكد لكم بأن المجرمين لن يتمكنوا من غرس نبتة البغضاء والفتن، وان المسيحيين، العراقيين الاصلاء، سيبقون يعملون مع اشقائهم من المسلمين وابناء الطوائف والديانات الاخرى من اجل استئصال منابت الكراهية والفرقة، وترسيخ وشائج الاخوة والمحبة والوئام."

ومع اعلان نبأ العثور على جثة المطران بولص فرج رحو في مدينة الموصل، توجه المئات من سكان بلدة عينكاوا ذات الاغلبية المسيحية في شمال غرب اربيل، وكذلك في عموم مدينة اربيل الشمالية الى الكنائس، لاقامة صلاة على روح المطران بولص.

وقال الاب ريان عطو من كنيسة مار قرداغ الشهيد في اربيل "ما ان سمعنا نبأ وفاة المطران بولص، حتى اجتمعنا اليوم لنصلي على روحه."

واكتظت كنسية مار قرداغ، بالمئات من المسيحيين الذي حملوا الشموع وعلقوا على صدروهم شارات سوداء، كما زينت الكنسية بصورة المطران بولص فرج رحو.

وقال رمزي يعقوب (57 عاما) ان " الله لايقبل بهذا الشيء، لانه ضد الانسانية وضد الشرائع الانسانية" في اشارة الى عملية اختطاف المطران ثم العثور على جثته.

كما تجمع المئات من المسيحيين مساء الخميس امام كنسية مار يوسف في منطقة عينكاوا، منددين بقتل المطران.

وقال شموئي سامر (42) عاما "نحن في هذه الفاجعة لانستطيع ان ننطق باي شيء سوى الرحمة عليه، ونستنكر هذه الجريمة، ونقول اننا كلنا اخوان سواء كنا مسيحيين او مسلمين."

من جانبها قالت ريزان سوري شندو إن الديانة "كانت دائما تضحية وعطاء، وهذا ماعلمنا اياه السيد المسيح." مضيفة "لا نشعر بالحزن على موت رحو، لاننا قدمناه شهيدا وشعلة للنور، ستستمر حتى اذا قتلوا منا المئات."

ومن جانبه قال عضو الجمعية الوطنية السابق، نوري بطرس إن "عملية اغتيال رئيس اساقفة الموصل المطران فرج رحو، هي عمل جبان، يستهدف السلام في ربوع العراق وتلاحم ابناء شعبه" داعيا الحكومة العراقية الى ما وصفه بـ"ازالة اثار الارهاب والدمار في العراق، وبناء دولة القانون."

من جانبه، طالب مواطن مسيحي من اربيل، الحكومة العراقية بالايفاء بالتزاماتها تجاه الاقليات الدينية والعرقية في العراق، مشددا على ضرورة ان يفي رئيس الوزراء نوري المالكي "بوعده الذي اطلقه بتعقب الجناة واحالتهم الى القضاء."

واضاف اسيل عزيز، ان تقديم الجناة الى العدالة "سيساهم في تعزيز ثقة المواطنين العراقيين باجهزتهم الامنية، والدولة التي ينتمون اليها، سواء كانوا مسيحيين او مسلمين، عربا او اكرادا."

وكان المالكي قد وجه، رسالة التعزية الى الكاردينال عمانؤيل الثالث دلي رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، يبدي فيها ادانته لمقتل المطران فرج رحو، ومؤكدا فيها أن من وصفهم بـ"مرتكبي هذه الفعلة الشنيعة" لن يفلتوا من حكم العدالة.

كما اعرب الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة، ستيفان ديميستورا، عن حزنه العميق لما وصفه بـ " " العمل البغيض" كونها ارتكبت بدم بارد ضد رجل كرس حياته كلها لتحقيق السلام والمصالحة واللاعنف بين مختلف الاديان والمجموعات ، داعيا الحكومة العراقية الى بذل كل ما في وسعهما لضمان حماية الاقليات وحقوق الانسان الخاصة بهم.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 17 آذار/2008 - 9/ربيع الاول/1429