موسم الشيعة عند عبد الرحمن الراشد

 محمد الوادي

 من لايعرف الكاتب والاعلامي عبد الرحمن الراشد، بالتاكيد الجميع يعرفه واذا كتب لهذه المقالة  "الحياة " ونشرت فسينبري القريب والبعيد من يدافع حد الموت وحتى اخر نفس على الطريقة العربية في الدفاع عنه وسيكون في طليعة هولاء " الفدائيين " هم اولئك اصحاب " نظرية " مسح الاكتاف وايضا اصحاب التملق المقيت، وقبلهم سيكون ابطال نظرية " كل مسؤول ومتمكن لاينتقد " وهذه صبغة عربية بامتياز، يتم غسلها وازالة اثاراها بعد اقل من اربعة وعشرين ساعة من اقالة المسؤول المعني، ليلبسوا صبغة جديدة للقادم البديل او الجديد وهكذا هي حياتنا العربية وكما تقول الاغنية العربية الشهيرة " اجيال وراء اجيال ".

للعرب مواسم عدة لاتشبه مواسم الامم الاخرى اطلاقا فنحن مثلا نردد بعد الاخرين مفردات مثل موسم " الشتاء الساخن او الصيف الحار " وهذه مفردات سياسية اكثر منها موسمية رغم ان الصيف حار بطبيعة الامر ولايحتاج الى التذكير بذلك. اما عند الراشد هذه الايام موسم لايقل خطورة عن مواسمنا العربية، هو " موسم الشيعة " رغم ان مواسم الشيعة كثيرة ومتعددة وايضا متنوعة حد الادمان المفرط عند الكثير العربي السياسي والاعلامي المقيت.

 ويبدو ان الراشد هذه الايام افتتح موسمه الخاص به للحاق بركب الامة وعدم التخلف عنها، وبعد ان كان يحمل ولو بعض ويسير من انصاف وتوازن في الكثير من مقالاته وايضا في مجال قناة العربية الاخبارية. وللعلم ان هذا اليسير هو سر تميز الراشد وسط جموع من (الغوغاء العربية الاعلامية والسياسية الطائفية ) والتي فقدت صبرها في الكثير من الاحيان لتتحول الى العلنية ومن اشخاص المفروض انهم يمثلون قمة الهرم السياسي والاعلامي العربي المزعوم.

ان عبد الرحمن الراشد ركب فرسه وسل سيفه وانتخى لجزء من دينه وجزء من امته  من خلال مذهبه خلال اسبوع واحد مرتين وبمقالتين، ضد اعداء الامة الحقيقين  " الشيعة العرب " وخاصة في العراق والذين هم اخطر من الصهاينة على الامة كما يردد بعض السفهاء الاغبياء. وكان سبب اعلان موسم الراشد فقط لان احد رجال الدين الشيعة في الكويت صرح في ايلاف بما معناه " ان الشيعة ليس عندهم ثقافة الانتحار مثل السنة " والسبب الاخر هو اطلاق سراح " وكيل الصحة العراقي " من قبل القضاء العراقي. وانا هنا ليس بصدد بالدفاع عن ذلك التصريح في ايلاف  ولاعن قرار المحكمة العراقية. لكني مصر على ابدا صدمتي ازاء موقف شخص المفروض انه يملك ولو حظوة في رسم سياسة قناة عربية اخبارية مشهورة وايضا في صحيفة عربية بنفس المستوى وهي صحيفة الشرق الاوسط ناهيك عن القنوات والمجالات الاعلامية والسياسية الاخرى. خاصة وهو يندفع باصرار من خلال المقالتين لاثبات ان الشيعة هم من قام بالقتل والفتك بالاخرين في العراق. ولن اناقش هذه الحقائق التاريخية المقلوبة في مقالات الراشد. لسبب بسيط وواضح اني مواطن عراقي واشعر اني مذبوح في الحالتين اذا كان الضحية شيعي او سني. كردي اوعربي. فهولاء هم اهلي واخوتي وابناء عمومتي وهم بصريح العبارة وبالكلام العربي الفصيح اقرب الى قلبي وفؤادي من العربي والاعجمي على حد سواء. وليذهب الى الجحيم كل " القومجية " البائسين ومعهم اغلب " الاسلامجية " الخائبين،  وكذلك معظم " اللبيراجية " الواهمين. والذين لم يقدموا للعراقي كسرة خبز ولا بارقة امل طيلة سنوات عجاف من الحصار وماقبل ومابعد سقوط نظام الصنم.

ايها الراشد رسالتي اليك... ان العراقيين اليوم يحاولون ان يستعيدوا ثقتهم ببعضهم، وان البلد من الناحية الامنية في حالة تحسن واضح جدا، وان العراق لاول مرة في تاريخه القديم والحديث يمثل فيه الجميع دون استثناء، رغم السلبيات التي رافقت العملية الديمقراطية الجديدة والتي اوصلت الى الواجهة السياسية وجوه لاتستحق ذلك، لكن الامل اصبح يتوقد في النفوس لاخراج القوات الاجنبية وايضا لبناء عراق جديد ومتطور وديمقراطي قبل الكون كله او لم يقبل. ولابد ان يعرف كل العرب ان حقيقة كبرى في عراق اليوم فلقد كفرتم العراقيين بالعروبة نفسها كما كفر العراقيين بالجيرة السيئة. وهذه فرصة كبرى للعرب لتصحيح اخطائهم التاريخية الدموية القاتلة في العراق. فقبل ايام قليلة  اكثر من عشرة ملايين زائر عراقي في كربلاء المقدسة جددوا العهد مع عروبتهم من خلال اربعينية ابن بيت العترة العربية الاسلامية الطاهرة الامام الحسين "ع"  حفيد نبي الرحمة العربي الامين "ص". وكانوا يرفعون علم العراق ويرددون شعارات كلها من نبض العروبة الحقيقي الذي اسمه العراق. فلا يتوهم احد ان العروبة تتشكل بدون العراق، بذات الوقت ان لايتوهم احد بان العراقيين قد يتنازلون عن وطنيتهم لصالح قوميتهم، فالعراق في وطنيته يضم المسيحي  والمسلم  والعربي والكوردي والصابئي والاشوري والتركماني وغيره الكثير والمتنوع، وهذا هو سر تالق العراق على مدى العصور وهذا ايضا سر قلق الاخرين من العراق في كل العصور.

والغريب انك في المقالتين تتهجم بطريقتك الخاصة على مدينة الصدر وفي حقيقة الامر كل العرب بحاجة كبيرة الى تقديم اعتذار الى هذه المدينة بالذات والى كل شقيقاتها من مدن العراق الاخرى على الظلم الذي نالها مرة بسبب دعم العرب الى صنم العراق الساقط للفتك بها ومرة بسبب توريد بهائم الموت والتفجير لهذه المدن بعد سقوط ذلك الصنم. وانا هنا لااعترض ان يتناول اي كاتب او اعلامي عربي الموضوع العراقي، لكني اسال الراشد وهو يدخل بادق التفاصيل من المدن الى اسماء الاشخاص الى المذاهب والقوميات في بلدي، هل يستطيع ان يمنحنا ولو جزء من هذه الفرصة في قناة العربية او صحيفة الشرق الاوسط لغرض شرح بعض من وجهات نظرنا حول الامور التي تجري في بلده !!؟ وبنفس المجالات التي يتطرق لها في بلدنا العراق !!. كما مستعد ان ازود  الراشد بتفاصيل قضية اختلاسات كبرى جرت امام اعين العالم وتم قفل الموضوع ايضا امام اعين كل العالم، انه فساد اداري لم يفعله العراقيين فقط في بلدهم بل زاد عليهم الاخرين !! كما اسال الراشد هل يستطيع ان يفسر لنا مثلا لماذا اكثر الارهابيين في بلدي ياتون من بلده وفي اعتراف وزير الداخلية السعودي نفسه !!؟ ناهيك عن الواقع الموجود على الارض والسجون في العراق والذي يؤكد هذه الحقيقة.

اذا استطاع منصفا الراشد الاستجابة لمطالبنا والاجابة على هذه الاسئلة سنبقى ننظر له بمهنية الاعلام المحايد  والحريص على العراق، اما غير ذلك لايوجد تفسير سوى استهداف طائفي واصرار على الدخول في اللعبة الطائفية المقيته التي يمارسها البعض في العراق بدعم من خارج الحدود. بقي حقيقة يجب ان يعرفها الجميع ان عقارب الساعة في العراق لن تعود الى الوراء. وهذه حقيقة دخلت الان بعد عناء طويل في راس عمرو موسى والاحضر الابراهمي وممثل الامين العام للجماعة العربية الحلي. وكل من يتخلف عن ركب هذه الحقيقة سبيقى يعاني كثيرا وايضا سيبقى يعيش وسط الوهم والسراب. وسط صرخة كبرى تقول. انتهى  ذلك العصر ايها العرب فافيقوا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13 آذار/2008 - 5/ربيع الاول/1429