تنبؤات بإنتهاء عصر الفقراء: آسيا تقوم بإعادة تشكيل الاقتصاد الدولي

 

شبكة النبأ: ما يجري حالياً في آسيا اكبر من الثورة الصناعية نفسها، ذلك ان الاخيرة لم تؤثر سوى على ثلث البشرية، بينما ستطال الطفرة الحالية العالم اجمع، وذلك ما يراه الخبراء في المجال الاقتصادي. إلى جانب تدهور العملة الامريكية، وترجيح بلوغ الحكم الاقتصادي في قبضة الدول الآسيوية في المستقبل القريب. (شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض لكم الجانب الاقتصادي الذي قد يحكم العالم في السنوات القريبة القادمة بعد تدهور العملات المهيمنة. 

تراجع الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته

أظهرت تقارير قدمها عدد من الخبراء حول مستقبل الدولار الأمريكي أن العملة الخضراء ستواجه المزيد من التراجع، وان حالة انعدام الوزن التي تعيشها ستستمر خلال الأشهر المقبلة، ولن يبدأ اتجاه منحنى الأسعار بالتبدل حتى ما بعد منتصف العام الجاري.

ويشير خبراء في القطاع المالي إلى أن الدولار فقد قسماً من قيمته تحت ضغط فرضته تصريحات "أهل البيت"، أي مدير الاحتياطي الفيدرالي، بن برنانكيه، الذي ألمح إلى احتمال القيام بخفض جديد للفائدة خلال مارس/آذار الجاري.

وقد أدت تلك التصريحات إلى تراجع الدولار لأدنى مستويات له في تاريخه أمام سلة من العملات العالمية، في مقدمتها الفرنك السويسري والرانجيت الماليزي والين الياباني.

ويشير غاراث سيلفستر، وهو خبير استراتيجيات العملات في مؤسسة "HFIX" المالية في حديث إلى طبيعة الخطر الذي يتهدد الدولار، بالقول: كل المؤشرات تدل على أن الدولار مقبل على المزيد من التراجع، وفي واقع الأمر، فإن مستثمري العملات لا يرغبون في تعريض أنفسهم لخطر من هذا النوع. بحسب (CNN).

وقد تفاقم هذا الشعور بالفعل مؤخرا، بعدما تراجع الدولار محطماً حواجز نفسية تاريخية أمام اليورو، فكسر نقطة دولار ونصف لكل يورو، وهي نقطة ظلت عصية التجاوز منذ طرح العملة الأوروبية الموحدة عام 1999.

ويحذر الخبراء من أن الضغط سيتواصل على الدولار خلال الأشهر المقبلة، بل أن الضغط قد يمتد لأبعد من ذلك، إذ أبدى جو فرانكومانو، مدير التداولات الخارجية في مصرف "Erste" في نيويورك خشيته من أن يسقط الدولار في هاوية سحيقة، إذا جاءت بيانات التوظيف لشهر فبراير/شباط سلبية، كما يتوقع البعض.

أما على مستوى الأرقام، فإن التوقعات المسجلة في حال وقوع هذا السيناريو ستقود اليورو إلى مستوى 1.55 أمام الدولار، الذي سيتراجع أيضاً أمام العملة اليابانية "ين" إلى 101 أو 102 "ين" لكل دولار.

وإذا كان الخبراء قد أجمعوا على توقع تراجع الدولار، على أن يعود للارتفاع مستقبلاً، إلا أن موعد ذلك شكل نقطة خلاف مركزية، وبصرف النظر عن النقاش الذي جرى، فإن أكثر التوقعات تفاؤلاًَ تشير إلى أن الدولار لن يسترد عافيته قبل منتصف العام 2008.

وفي هذا الإطار، توقع غريغ أندرسون، المدير التنفيذي للاستراتيجيات في بنك "ABN آمرو الهولندي" أن يواصل الدولار تراجعه حتى يبلغ مستوى  1.56 أمام اليورو، مع نهاية العام 2008.

بينما رأى فرانكومانو، وبخلاف التوقعات السابقة، أن الفترة عينها ستقود الدولار للارتفاع إلى مستوى 1.46 أمام اليورو، مما يعكس حجم التضارب في التوقعات.

وبرر فرانكومانو توقعاته بالإشارة إلى أن انتهاء التقارير الاقتصادية السلبية المتوقعة خلال العام الجاري، ومواصلة سياسة خفض الفائدة حتى مستوى اثنين في المائة، سيقودان الدولار إلى مستويات سعرية متدنية، مما سيغري المستثمرين بالدخول مجدداً ويتسبب برفع الأسعار.

الخبراء الدوليون: تراجع الاقتصاد وهبوط الدولار

وأظهرت استطلاعات نشرتها غرفة التجارة الدولية، وشملت أكثر من ألف خبير اقتصادي من 90 دولة وجود اعتقاد راسخ بأن الاقتصاد العالمي أظهر تراجعاً واضحاً منذ بداية العام 2008، ويتوقع حدوث المزيد من التراجع خلال النصف الأول من العام الجاري.

وتوقع الخبراء، الذين شملهم الإحصاء، أن يستمر التراجع خلال الفترة المقبلة حتى يصل إلى مستويات لم يبلغها الاقتصاد العالمي منذ العام 2003، على أن يتواصل تراجع الدولار خلال الأشهر الستة المقبلة.

وقال الخبراء إن أزمة الرهن العقاري خلقت موجات قوية من الانكماش في الاقتصاد العالمي، وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وأيرلنده وفرنسا وأسبانيا واللوكسمبورغ واليابان.

وحذر الخبراء الذين شاركوا في المسح من أن يكون لأزمة الرهن العقاري والائتمان المالي آثار ملحوظة خلال النصف الأول من العام 2008، داعين الحكومات حول العالم إلى التدخل لمنع حصول انكماش على مستوى الاقتصاد الدولي.

وفي هذا الإطار، علق رئيس غرفة التجارة الدولية، ماركوس ويلنبرغ، الذي يرأس أيضاً مجموعة Saab لصناعات السيارات والطائرات والدفاع، ومصرف "اسكندنافيسكا انسكيلدا" بالدعوة إلى إعادة إطلاق جولة مفاوضات الدوحة حول تحرير التجارة العالمية، معتبراً أن ذلك قد يعيد الثقة للأسواق. بحسب (CNN).

وبيّن الاستطلاع الذي شارك فيه 1004 خبراء من 90 دولة، أن الدولار الأمريكي والين الياباني مقيمان دون سعر صرفهما الحقيقي، فيما يتم تداول اليورو الأوروبي والجنية الإسترليني بأسعار صرف تفوق تلك القيمة.

ويذكر أن غرفة التجارة الدولية تعتبر من بين المنظمات الدولية القليلة المعنية بالتجارة العالمية، ويعود تأسيسها إلى العام 1919 وتنتشر أعمالها في أكثر من 130 دولة حول العالم.

وتغطي نشاطات الغرفة نطاقا واسعا يشمل من بين قضايا أخرى كالتحكيم وتسوية النزاعات، والدفاع عن التجارة الحرة واقتصاد السوق، والتنظيم الذاتي لمؤسسات الأعمال، ومحاربة الفساد أو مكافحة الجريمة التجارية.

آسيا ستدير العالم عوضا عن امريكا واوربا!!

تقدمت بام وودال، محررة شؤون قارة آسيا في مجلة "ايكونومست" الاقتصادية، بما يشبه "النعي" للدولار الأمريكي ودور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي على حد سواء، و"بشرت" بنظام عالمي جديد، تلعب فيه آسيا دور المحرك للنمو العالمي.

وودال، التي وصفت الفترة الحالية في الاقتصاد الدولي بأنها "فترة ثورية"، حذرت من التغييرات التي قد ترافق التحولات الراهنة، لتزعزع الاستقرار السياسي العالمي، إلا أنها ختمت بالدعوة لدخول "النظام العالمي الجديد،" الذي لن تحكمه أوروبا أو أمريكا، بل سيدار من قارة آسيا بقوة الفقراء.

وذكرت الخبيرة الاقتصادية، التي كانت تتحدث على هامش "منتدى القادة"، الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي، أن الولايات المتحدة دخلت بالفعل مرحلة الركود بسبب أزمات الرهن العقاري الثانوي والائتمان، لكنها استبعدت أن يكون لذلك التأثير العالمي الذي يخشاه البعض، بسبب ظهور آسيا على الساحة الدولية.

وقالت وودال إن الأسواق الناشئة مسؤولة عن 50 في المائة من الناتج القومي العالمي بفعل النمو في الصين والهند، وتوقعت أن يكون تأثير ما يجري حالياً في آسيا "أكبر من الثورة الصناعية نفسها"، باعتبار أن الأخيرة لم توثر سوى على ثلث البشرية، بينما ستطال الطفرة الحالية العالم أجمع. بحسب (CNN).

وودال، التي اعتبرت أن آسيا تقوم حالياً بـ"إعادة تشكيل الاقتصاد الدولي"، ربطت بين ما يحدث في القارة الصفراء وأزمة الائتمان الأمريكية، التي قالت إنها ناجمة عن قيام الأسواق الناشئة خلال الأعوام الماضية بتخزين ثرواتها واستثمارها على شكل سندات أمريكية مما شكل ضغطاً على أسعار الفائدة، وانعكس على شكل فقاقيع في أسواق المال والعقار بالولايات المتحدة.

واستعرضت وودال المخاطر التي يمكن أن تعترض استمرار النمو في آسيا، فاعتبرت أن تفاقم أزمة الاقتصاد الأمريكي لن تشكل عاملاً حاسماً في هذا الإطار، باعتبار أن الاقتصاد العالمي لم يعد يعتمد على التصدير نحو الأسواق الأمريكية، مع ازدياد الاستهلاك في أسواق آسيا الداخلية.

واستدلت وودال على صحة تحليلها باستعراض الأرقام التي تظهر أن معظم نمو الصين يأتي من زيادة الاستهلاك الداخلي، وهذا ما يثبته حجم مبيعات التجزئة ووتيرة إنشاء البنية التحتية، دون أن تستبعد تأثير أزمة الركود في الولايات المتحدة على دول القارة الأصغر، مثل سنغافورة وتايوان.

وفي إطار تحديد المخاطر أيضاً، رأت وودال أن حجم القوى العاملة الصينية سيبدأ بالتقلص بعد العام 2010، وهو أمر رأت أنه بحاجة للمتابعة، وذلك إلى جانب تقدم قوانين الحماية في الولايات المتحدة، والتي تستهدف وضع حد للصادرات الصينية الرخيصة، وتقييد صناديقها السيادية.

وتوقعت الخبيرة الاقتصادية أن يشهد العام 2030 "لحظة فريدة في التاريخ،" إذ ستكون الصين والهند آنذاك ضمن قائمة أول خمس دول لجهة حجم الاقتصاد، معلقة على ذلك بالقول: "سيدار الاقتصاد العالمي من دول يسود فيها الفقر."

وفيما يتعلق بالدولار، فقالت إن العالم وصل إلى نهاية الفترة التي ستشكل فيها العملة الأمريكية أساساً للاحتياطيات المالية العالمية، وتوقعت أن يقود ذلك نحو المزيد من الضعف للدولار، وتصاعد الأصوات المطالبة بفك الارتباط عنه بسبب وضعه المترنح.

وأبدت الخبيرة الاقتصادية قلقها جراء حالة التبدل التي تصيب النظام العالمي الحالي قائلة: نحن في فترة تحول تاريخي قد يحدث خلالها الكثير، ففي نهاية القرن التاسع عشر، حينما كان العالم يسير نحو العولمة الأولى حدثت حروب عالمية، ونشأ الاتحاد السوفيتي، وتعرقل المشروع، ولا يجب أن نستبعد أي سيناريوهات مؤسفة في زمن التحول الجديد هذا.

وختمت بملاحظة ملفتة قائلة: العالم لن تديره أوروبا وأمريكا بعد اليوم، بل آسيا.. ولذلك أرحب بكم في النظام العالمي الجديد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8 آذار/2008 - 29/صفر/1429