تخصيص ارض لدفن الصحفيين العراقيين تكريس لقتلهم

شبكة النبأ: السَقطات التي تُسجَل على السياسيين والحكومة المركزية والحكومات المحلية في العراق لا تُعد ولا تُحصى، ولكن ان تقوم احدى الادارات المحلية في اصدار امر بتوفير قطعة ارض في مقبرة النجف لدفن شهداء الصحافة والاعلام فانه امر لا يدعو إلا للسخرية الممزوجة بالإزدراء والاستنكار الشديدَين.

حيث كان من الافضل، بل من الواجب على الحكومات المحلية في محافظات العراق كافة الاهتمام بالصحفيين والوقوف على مشاكلهم وحاجاتهم، في حياتهم قبل الممات، كونهم يمثلون ركيزة مهمة جدا  من ركائز الديمقراطية المفتَرَضة في عراق ما بعد 2003.

وسخر صحفيون واعلاميون عراقيون من قرار محافظ النجف، والذي نفاه المحافظ، بتوفير قطعة ارض في مقبرة وادي السلام الشهيرة بالنجف لدفن الضحايا من الصحفيين العراقيين الذين يسقطون برصاص المسلحين خلال مسلسل العنف الدائر بالعراق.

ووصف الصحفي العراقي سيف الخياط هذا العرض من محافظ النجف بـ المهزلة.

وقال الخياط ان "مبلغ المهازل التي وصل اليها البلد صار التفكير بكيف يدفن الصحفي وليس كيف يعيش".

واعتبر هذا القرار "جزءا من الاجراءات الترقيعية للحكومة العراقية" ويهيئ لمزيد من القتل في صفوف الصحفيين." ورأى ان "هذا الامر يدل على ضعف الحكومة وفشلها".

ووصف تخصيص قطعة ارض لدفن الصحفي بالشيء المؤلم وقال ساخرا "الحمد لله الذي اوجد لنا مكانا في باطن الارض بعد ان خسرنا كل شيء على سطح  الارض".

وتقضي التقاليد العراقية بدفن الموتى في مقابر العائلة وتقوم العائلات الشيعية بدفن موتاها في مقبرة شهيرة بالنجف تسمى مقبرة وادي السلام.

وكان محافظ النجف قال في تصريحات صحفية اثناء حضوره مراسم تشييع نقيب الصحفيين شهاب التميمي الخميس الماضي انه خصص قطعة ارض في مقبرة وادي السلام لدفن شهداء الصحافة العراقية.

وقد توفي  شهاب التميمي متأثرا بجروح اصيب بها عندما فتح مسلحون النار عليه في حي الوزيرية وسط العاصمة بغداد نقل على اثرها إلى المستشفى للعلاج، الا انه فارق الحياة بعد خمسة ايام  ليوارى الى مثواه الاخير في مقبرة وادي السلام في النجف في واحد من عمليات القتل التي تطال الصحفيين.

وشهد عام (2007) مقتل (31) صحفيا فى أنحاء متفرقة من العراق، وهو ما يعادل نصف عدد الصحفيين الذين قتلوا فى جميع أنحاء العالم هذا العام، ليصبح العراق وللعام  الخامس على التوالى، أكثر المناطق خطورة على الصحفيين فى العالم حسب تقرير أصدرته ( لجنة حماية الصحفيين)، وهي منظمة مستقلة تتخذ من نيويورك مقرا لها.

 وذكر انه منذ بدء الحرب فى العراق في اذار مارس 2003 قتل 124 صحفيا و 49 من المصاحبين لهم، ليجعل الحرب فى العراق اكثر الصراعات دموية بالنسبة للصحفيين فى التاريخ الحديث.

وعد رئيس مرصد الحريات الصحفية تخصيص قطعة ارض لدفن الصحفيين هو، تكريس لقتل الصحفيين العراقيين.

 وقال  زياد العجيلي لوكالة (اصوات العراق) ان هذا العمل هو عمل سوء وليس عمل خير.

واضاف "من الافضل حماية الصحفيين وسبل تسهيل عملهم الصحفي".

 وتساءل "لماذا لم يتم تخصيص قطعة ارض لبناء صرح اعلامي لتبادل المعلومات او منتدى ثقافي لدعم الصحفيين".

واثار الصحفي حازم عناية من معهد مراسلي الحرب والسلام  IWPR تساؤلا عن الغاية من اتخاذ هذا القرار واصفا هذا الامر بالمضحك والمبكي.

وقال ان الصحفي العراقي "يعاني من عدم توفير اي شي من حقوقه".

واضاف ان "من الاجدر بالمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ان تهتم بالصحفي اثناء  حياته و اثناء تقديمه واجبه" .

واستنكر الصحفي باسم الشرع  تخصيص ارض ليدفن فيها الصحفي.

ووصف الشرع الذي يعمل في راديو الناس ما ذهب اليه محافظ النجف بانه قرار مزعج وغير معقول لانه لايقدم  شيئا مهما للصحفي في حياته فما فائدة تخصيص القبر له وقد رحل من الحياة.

وأضاف ان من "الواضح ان الاتجاه الديني الذي يتكلم عن الحياة بعد الموت هي الاحسن  للانسان هو السائد بين المسؤولين العراقيين".

واوضح ان القرار يعطي انطباعا  سلبيا لاي صحفي عراقي يعمل في ظل الاوضاع التي يعيشها العراق حاليا ان "عليه ان يموت لكي يهتم به الباقون".

لكن رئيس قسم الصحافة  بكلية الاعلام  بجامعة بغداد د.هاشم حسن دعا الى ضرورة اصدار تشريعات قانونية لحماية الصحفي العراقي وتأمين قطع اراضي للسكن بدل تخصيص قبور للصحفيين.

وقال "كان من الاولى تخصيص قطع اراضي للصحفيين من اجل السكن وليس قبورا لدفنهم".

 واردف ساخرا انه "لا توجد هناك مشكلة في المقابر، فالمقابر تتسع للجميع".

وتقدر التقارير التي اصدرتها نقابة الصحفيين العراقيين عدد ضحايا العنف من الصحفيين العراقيين منذ سقوط  النظام السابق في اذار مارس عام 2003 بحدود 271 صحفيا واعلاميا اضافة إلى 15صحفيا واعلاميا مازالت اخبارهم مجهولة.

وتشير التقارير إلى ان اكثر من 65  صحفيا تلقوا تهديدات بالقتل فيما غادر العديد منهم العراق خوفا على حياتهم.

بيد ان مدير المكتب الاعلامي لمحافظة النجف قال ان تخصيص ارض لدفن الصحفيين "هو مجرد اقتراح".

واضاف احمد دعيبل ان محافظ النجف امر بدفن رئيس نقابة الصحفيين شهاب التميمي "في قطعة ارض خصصتها المحافظة تكريما لشخصية التميمي".

 واوضح ان شمول بقية الصحفيين بتخصيص اراض لهم في مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف هو "مجرد اقتراح ولم يتم تعميمه لشهداء الصحافة العراقية".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8 آذار/2008 - 29/صفر/1429