شبكة النبأ: في ظل تزايد اختلاف
الاتجاهات السياسية العالمية وتصاعد الصراعات الدولية تخشى الولايات
المتحدة من اختراق الجماعات المتطرفة والدول المناهضة لها، للطوق
النووي والقدرات الصاروخية، وتحاول جاهدة احكام السيطرة على النظام
النووي العالمي الذي تتصدره، فقد حذر مسؤولان كبيران في الاستخبارات
الأميركية من أن تنظيم القاعدة، والمجموعات التابعة له، ما زال يشكل
أخطر تهديد للولايات المتحدة وحلفائها حول العالم، ويأتي في المرتبة
الثانية مباشرة تهديد الانتشار السريع لتكنولوجيا الصواريخ، وجهود
الإرهابيين وبعض الدول المناهضة لأمريكا للحصول على أسلحة الدمار
الشامل.
وقال مدير الاستخبارات القومية، مايكل مكونيل، أمام لجنة القوات
المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ في 27 شباط/فبراير، إنه "رغم نجاحاتنا،
حافظت المجموعة (أي القاعدة) على، أو جددت، عناصر أساسية في قدراتها،
بينها عناصرها القيادية العليا والمسؤولون عن العمليات من ذوي المستوى
المتوسط، وما يشكل في الواقع ملاذاً آمناً في منطقة الحدود الباكستانية
مع أفغانستان.
ومكونيل، بوصفه مدير الاستخبارات القومية، مستشار رئيسي للرئيس بوش
ويشرف مكتبه على جهود 17 وكالة مختلفة في الحكومة الأميركية تشكل مجمل
وكالات الاستخبارات الأميركية. ونظراً لكون معظم مهمات مكتب
الاستخبارات القومية مهمات في غاية السرية، يقدم التقييم السنوي
للتهديدات الذي يرفعه إلى الكونغرس، والذي تناولته ملاحظات مكونيل،
معلومات علنية حقيقية نادرة وفريدة حول ما يعتبره صناع القرار
الأميركيون أولوياتهم الأمنية القصوى.
وقد أوضح مكونيل أن استمرار التنسيق الوثيق في مكافحة الإرهاب بين
الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وأماكن أخرى
ساعد في القبض على مئات عناصر التنفيذ الميداني في القاعدة وتقديمهم
للعدالة في العام 2007، وحال دون وقوع عدة عمليات رئيسية بينها محاولة
القيام بهجمات في الدانمارك وألمانيا. بحسب موقع يو اس انفو.
كما أن فرع تنظيم القاعدة في العراق مني بنكسات مهمة في مواجهة
استراتيجية الطفرة في قوات التحالف التي تتزعمها الولايات المتحدة وفي
مواجهة دعم مجموعات عراقية محلية (لقوات التحالف) متبرمة من استهداف
الإرهابيين للمدنيين.
ولكن مكونيل أعرب عن قلقه لكون القاعدة في العراق ما زالت تشكل
تهديداً للعراقيين وربما كان بإمكانها أيضاً شن هجمات خارج البلد.
وقال حول ذلك: "لم تقم تنظيمات محلية أخرى تنتسب إلى القاعدة في
المشرق ومنطقة الخليج وإفريقيا وجنوب شرق آسيا بما يلفت الأنظار إليها
في العام 2007، ولكنها ما زالت هي أيضاً قادرة على توجيه ضربات للمصالح
الأميركية."
وقد مثل أمام اللجنة أيضاً في نفس جلسة الاستماع والمساءلة الجنرال
مايكل ميبلز، مدير وكالة استخبارات وزارة الدفاع، الذي قال إن القاعدة،
علاوة على توسعة الرقعة التي يمكنها القيام بعمليات فيها من خلال هذه
الشراكات مع تنظيمات المناطق المختلفة، واصلت سعيها إلى الحصول على
أسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية لاستخدامها في المستقبل كما أنها
مهتمة بتجنيد منفذي عمليات جدد من الدول الأوروبية كي تتمكن من الدخول
بسهولة أكبر إلى الولايات المتحدة.
وفي حين أن القاعدة وتنظيم طالبان المحالف لها ما زالا يتمتعان
بملاذ آمن في منطقة الحدود الأفغانية-الباكستانية، إلا أن مكونيل
وميبلز أكدا التزام قوات الأمن الباكستانية وتعاظم قدرات وحدات الجيش
والشرطة الأفغانية على مواجهتها.
وقال مكونيل: "إن إلحاق الهزيمة بالتمرد سيتوقف إلى حد كبير، في
نهاية المطاف، على قدرة الحكومة على تحسين الأمن وتوفير حكومة فعالة
وزيادة التنمية لتوفير الفرص الاقتصادية."
تحديات انتشار أسلحة الدمار الشامل
المقبلة
وقال مكونيل إن هناك تحدياً أمنياً رئيسياً آخر ينبثق من جهود كوريا
الشمالية وإيران المستمرة لحيازة أسلحة نووية ضمن برامج غير خاضعة
للشفافية المطلوبة.
وأشار ميبلز إلى أن عدم كشف كوريا الشمالية بشكل كامل عن نشاطاتها
النووية السابقة يشكل تطوراً مقلقاً، رغم التقدم الدبلوماسي الذي تم
إحرازه في المحادثات السداسية التي شاركت فيها كوريا الشمالية والصين
واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وأوضح مكونيل أنه "رغم أن بيونغ يانغ تواصل إنكارها القيام ببرامج
لتخصيب اليورانيوم وبنشاطات نشر الأسلحة النووية، إلا أننا نعتقد أنها
منخرطة في الأمرين. وما زلنا غير متأكدين من التزام (الزعيم الكوري
الشمالي) كيم يونغ إيل بتجريد بلاده تماماً من الأسلحة النووية."
كما تناول مكونيل الانطباعات الخاطئة المتبقية بشأن تقييم
الاستخبارات القومية في العام 2007 لبرنامج إيران النووي، مؤكداً على
أنه في حين أن وكالات الاستخبارات تعتقد أنه ربما كانت طهران قد أوقفت
جهودها الرامية إلى تصميم رؤوس حربية نووية بسبب الضغط الدولي عليها في
العام 2003، إلا أن ذلك لا يشكل سوى جزء واحد في القضية النووية.
وأضاف أن إيران ما زالت تواصل تخصيب اليورانيوم ولعلها ستصبح قادرة
حتى على إنتاج ما يكفي منه لصنع أسلحة نووية بحلول نهاية العام 2009.
كما أوضح مدير الاستخبارات القومية أن إيران تواصل تحسين قدراتها
التكنولوجية الخاصة بالصواريخ البالستية القادرة على حمل الأسلحة
النووية، وتقوم حالياً بصنع نماذج جديدة منها تستطيع الوصول إلى أهداف
في أوروبا وشمال إفريقيا.
وقال مكونيل إن برنامج إيران النووي ودعمها للمنظمات الإرهابية مثل
حماس وحزب الله، وجهودها الراهنة لتقويض الأمن في دول المنطقة المجاورة
لها، أفغانستان والعراق ولبنان، تتضافر بحيث تشكل تحدياً إقليمياً
مهما.
وخلص إلى أن "إيران تعتمد سياسة تهدف إلى زيادة الثمن السياسي
والاقتصادي والبشري لأي ترتيب من شأنه أن يتيح للولايات المتحدة
الاحتفاظ بوجود ونفوذ في منطقة الشرق الأوسط."
البرادعي:الأمن النووي العالمي
يتداعى
من جهة اخرى قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم
المتحدة ان الامن النووي العالمي يترنح ودعت الزعماء الى اعادة التركيز
على القضايا النووية واعطاء دفعة لجولة جديدة من محادثات نزع السلاح.
وقال محمد البرادعي مدير الوكالة "نحتاج الى دعم نظم حظر الانتشار
والانتقال الى نزع السلاح النووي."
واضاف البرادعي في مؤتمر في العاصمة النرويجية حيث تلقى مع الوكالة
الدولية للطاقة الذرية جائزة نوبل للسلام عام 2005 "نحن عند مفترق
حاسم. النظام يتداعى."بحسب رويترز.
وذكر ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية على علم بأمر 150 حالة سنويا
من اختفاء مواد او اسلحة نووية يمكن ان ينتهي بها الامر في أيدي
"الجريمة المنظمة او ما هو اسوأ.. الارهابيين."
وقال البرادعي ان الموضوعات النووية التي كانت لها الصدارة في الحرب
الباردة "لم تعد مطابقة للعصر واختفت تقريبا من جدول الاعمال الدولي"
واستسلمت لقضايا مثل الاحتباس الحراري.
واضاف "ما زالت هناك فجوات كثيرة في النظام الامني الحالي تجعله
عرضة للانتهاك... هذا فعليا اكبر خطر نواجهه.. ان تسقط الاسلحة او
المواد النووية في الايدي الخطأ."
وذكر انه اذا حصل المتطرفون على اسلحة نووية فمن "شبه المؤكد ان
تستخدم" لان مفهوم الردع المتبادل الذي يوجد بين الدول المالكة لاسلحة
نووية "غير ذي صلة على الاطلاق بالايديولوجية المتطرفة."
ولم يذكر البرادعي بالاسم ايا من تلك الجماعات او الدول. ورفض ايضا
الاستماع لاسئلة حول البرنامج النووي الايراني. وتخشى الدول الغربية ان
تكون ايران تسعى لبناء قنابل ذرية في حين تؤكد ايران ان برنامجها يهدف
لتوليد الطاقة فقط.
وقال وزير الخارجية الامريكي السابق جورج شولتز للمؤتمر ان التوترات
العالمية ما زالت عالية بسبب انتشار اسلحة الدمار وقال ان زعماء العالم
يجب ان يعيدوا التركيز على القضايا النووية بسرعة.
واضاف شولتز الذي عمل وزيرا للخارجية في عهد الرئيس رونالد ريجان
"لا يمكننا انتظار بيرل هاربور نووية."
وقال البرادعي انه ليس من المستحيل ان يصبح العالم خاليا من الاسلحة
النووية وحث على تخفيضات كبيرة في الترسانات النووية وتغييرات في حالة
انظمة الاسلحة النووية لتقليل خطر الحوادث والاعطال.
ودعا ايضا الى دور اوسع ومزيد من الاموال للوكالة الدولية للطاقة
الذرية قائلا ان طبيعتها متعددة الجنسيات تجعلها في وضع افضل للتصرف في
عالم تمتلك فيه بعض الدول اسلحة نووية كرادع في حين يمنع اخرون من فعل
نفس الشيء.
وقال "يجب ان نتخلى عن الفكرة غير العملية بأن بعض الدول تستحق
التوبيخ من الناحية الاخلاقية لسعيها وراء اسلحة دمار شامل في حين يكون
امرا مقبولا اخلاقيا من اخرين ان يعتمدوا عليها من اجل امنهم."
وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا معا 95 في المئة من الترسانة
النووية في العالم والتي تضم حوالي 27 الف رأس حربي وكثير منها اقوى
مئات المرات من القنابل التي محت هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية
الثانية.
وقال البرادعي "بضعة صواريخ محمولة اليوم على قاذفة واحدة او غواصة
يمكن ان تمحو سكان دولة بالكامل." واضاف "هذه الرسالة ينبغي ان توضع
تحت انظار جمهور اوسع." |