ميدفيديف الرئيس الجديد لروسيا ظل للقيصر بوتين

شبكة النبأ: تميزت فترة حكم بوتين بمحاولات لاهِثة لإعادة دور روسيا إلى الواجهة كقوة عظمى، حيث وقف بوجه الغرب والولايات المتحدة فيما يتعلق باستقلال كوسوفو والبرنامج النووي الإيراني ولكن دون ان يفرض واقعا معينا، ومع ذلك فانه نجح في بلورة شخصية روسيّة واعِدة تسير في نفس اتجاهه، ودعمها في الفوز بالانتخابات الرئاسية الاخيرة نحو الكرملين، تمثلت هذه الشخصية في المحامي ديمتري ميدفيديف ذو الـ 42 عاما.

 وقد يكون ديمتري ميدفيديف هو أكثر حلفاء فلاديمير بوتين تمتعا بثقته لكن هل يملك المحامي السابق المؤهلات التي تمكنه من حكم الكرملين؟. او هل سيستطيع ان يعمل ضمن رؤية خاصة به ام سيكون ظلاَّ لرئيس الوزراء الجديد بوتين؟

يصف زملاء سابقون ميدفيديف الذي يبلغ من العمر 42 عاما بأنه محام لامع يكره المخاطرة، ومخلص لبوتين، وهي صفات ستكون لها أهمية بالغة اذا عين رئيسه السابق رئيسا للوزراء كما هو متوقع.

لكن البعض شكك فيما اذا كان ميدفيديف يملك الغريزة السياسية التي ستلزمه كي يسوس المجموعات المختلفة في الكرملين وأكبر بلد في العالم.

ومن المرجح أن تتحدد ملامح فترة رئاسته على الاقل في بدايتها بطبيعة علاقته براعيه ومرشده الذي يقول انه سيشغل منصب رئيس الوزراء في عهد ميدفيديف.

وقال ميخائيل جورباتشوف اخر رئيس للاتحاد السوفيتي أثناء ادلائه بصوته " اعتقد انه متعلم وعصري ولديه استعداد جيد. ولديه خبرة طيبة كمحام وهو ذكي لكن هناك عيب واحد انه لم يعمل على المستوى الاتحادي لفترة كافية."

وسيصبح ميدفيديف الذي يعترف بأنه يبدو "عصبيا" في العلن أصغر زعيم روسي منذ اخر امبراطور روسي القيصر نيقولا الثاني الذي أبدى المحامي السابق اعجابه به.

وقال زميل سابق لميدفيديف من التسعينات لرويترز، شريطة عدم نشر اسمه "ديما ذكي..ذكي بما يكفي ليصبح الرئيس وهو صارم.. صارم بما يكفي ليصبح الرئيس."

وأضاف "لكن ينبغي أن تتمتع باحساس ما..ذكاء عاطفي.. احساس بالقرارات التي تتخذ في الكرملين. بوتين يتمتع به و(الرئيس السابق بوريس) يلتسن كان يتمتع به بالتأكيد. لكن هل يتمتع به ديما.. لا أعلم. سنرى."

ويقول البعض ان ميدفيديف الذي يقل طوله سنتيمترات عن بوتين قد يضطر لتعلم كيفية الظهور في المناسبات العامة من معلمه وراعيه.

ولكن بوصفه رئيسا لمجلس ادارة شركة جازبروم العملاقة التي تعمل في مجال الغاز فقد أظهر ميدفيديف جانبا أشد من تلك الصورة التي يقدمه بها صناع الصور في الكرملين الذين حاولوا تصويره على أنه زعيم أكثر رقة وودا من سابقه بوتين الذي عمل في المخابرات السوفيتية.

وخلال خدمته في جازبروم قطعت الشركة امداد أوكرانيا بالغاز ووسعت نشاطها في داخل روسيا من خلال موجة انفاق على التملك.ولا يوجد دليل على أن ميدفيديف عمل لصالح أجهزة أمن الدولة.

وولد ديمتري أناتولييفيتش ميدفيديف لاسرة من المدرسين. وعرف عنه بأنه محب للكتب.

ويقول أن أفضل كتاب كان الموسوعة السوفيتية التي تماثل موسوعة بريتانيكا ولكنه عشق فرقة الروك البريطانية بلاك ساباث والمغني ليد زبلين وديب بوربل.

وقالت ناتاليا راسكازوفا التي درست مع ميدفيديف في كلية الحقوق بجامعة سان بطرسبرج التي درس فيها بوتين "انه مثقف للغاية. يمكنك أن تتحدث معه عن المسرح والموسيقى.. ولديه روح فكاهة."وأضافت "انه لم يتغير. رأيته قبل عام ولم تكن هناك عجرفة ولم يكن في برج عاجي."

وعمل ميدفيديف في تدريس القانون عقب تخرجه ولكنه عمل مع بوتين الذي كان آنذاك رئيسا للجنة العلاقات الخارجية عند رئيس بلدية سان بطرسبرج.واشتغل ميدفيديف بالتجارة أيضا وهي فترة من حياته أغفلتها السيرة الذاتية الرسمية.

وعمل محاميا رئيسيا لدى شركة اليم بالب للورق وساعد في تأسيس الشركة على الرغم من أن زملاءه يقولون انه لم يعامل قط كند لملاك الشركة. وصارت الشركة واحدة من أبرز الشركات الروسية في القطاع الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات.

وقال زميله السابق "كان يتقاضى راتبا ودخل في التجارة الحقيقية في التسعينيات. لقد رأى الواقع." وأضاف ان ميدفيديف تبنى موقفا غير معتاد آنذاك فلم يكن يدفع الرشوة وخسر قضية في المحكمة خاصة بالشركة لانه رفض أن يعطي القاضي مالا.

ولعبت صداقته ببوتين دورا حيويا في صعوده. فبعد أن صار بوتين رئيسا للوزراء ثم صار رئيسا في عام 2000 خلفا ليلتسن دعا ميدفيديف الى موسكو.

وعمل نائبا لرئيس موظفي الكرملين ثم رئيسا للموظفين وتولى أعلى منصب في شركة جازبروم التي تسيطر عليها الحكومة وهي أكبر شركة للغاز في العالم.

ويقولون مصرفيون في مجال الاستثمار ان ميدفيديف أظهر سلطة في الكرملين من خلال اجرائه اصلاحا جوهريا لجازبروم سمح للدولة بتعزيز سيطرتها ولكن في الوقت نفسه فتح المجال للاجانب بتملك أسهم الشركة.

ودخل ميدفيديف الى سباق الرئاسة في وقت متأخر من العام الماضي حينما قال بوتين انه الرجل المناسب للمنصب. ولكن في ظل استمرار قوة بوتين وعزمه البقاء كرئيس للوزراء فان موقع ميدفيديف قد يكون مقلقلا.

ويقول زملاؤه السابقون "اننا لا نرى الا جزءا من الخطة.. المشاهد الاولى.. ولا أحد يعلم ما هي النهاية.. ولا حتى ميدفيديف. ولا يمكن معرفة ذلك لان خطط "بوتين" قد تتغير اعتمادا على ميدفيديف."

وأضافوا "بوتين يثق بميدفيديف. ويثق في شخصيته المعتدلة ولا يحب المجازفة. وهذا ما يحتاجه.. ولكن كم من الوقت سيستغرق الامر بالنسبة لميدفيديف.. وكيف ستسير الامور."ولميدفيديف زوجة هي سفيتلانا وابن ولد في عام 1996.

ميدفيديف يقول انه سيواصل سياسات بوتين

واعلن ميدفيديف ان سياساته ستكون "استمرارا مباشرا" لسياسات الرئيس فلاديمير بوتين ولكنه اضاف انه سيحتفظ بالسيطرة على السياسة الخارجية للدفاع عن مصالح روسيا.

وقال للصحفيين خلال مؤتمر صحفي عندما سئل عن سياساته "اعتقد انها ستكون استمرارا مباشرا لهذا النهج الذي ينفذه الرئيس بوتين."

واضاف ميدفيديف الذي يعمل مع بوتين منذ اكثر من 17 عاما "نثق كلانا في الآخر وربما هذا هو الاهم.

"انني مقتنع بأن عملنا المشترك..يمكن ان يعطي البلاد نتائج مثيرة للاهتمام الى حد ما وان يصبح عاملا ايجابيا في تنمية دولتنا."

وقال المحامي السابق البالغ من العمر 42 عاما انه سيشكل حكومته الجديدة وادارة الكرملين بالتشاور مع بوتين الذي سيصبح رئيسا للوزراء. واضاف "سأعمل على هذا بشكل مشترك مع فلاديمير بوتين كرئيس وزراء مقبل."

وعندما سئل عمن سيوجه السياسة الخارجية فقال ميدفيديف ان هذه ستكون مسؤولية الرئيس وليس رئيس الوزراء. واردف قائلا ان "الرئيس يحدد السياسة الخارجية لروسيا طبقا للدستور."مكتب الرئيس ..هو الكرملين ومكان رئيس الوزراء والحكومة هو البيت الابيض."

ميدفيديف حصل على أكثر من 70% أصوات الناخبين الروس

وحصل ميدفيديف على أكثر من 70 في المائة من أصوات الناخبين الروس في الانتخابات الرئاسية، وفق ما أعلنته اللجنة الانتخابية.

وأكد ميدفيديف، الذي سيصبح ثالث رئيس لجمهورية روسيا الاتحادية، إنه سيواصل نهج الرئيس المنتهية ولايته، فلاديمير بوتين، الذي رشحه للمنصب.

ونقلت الأسوشيتد برس عن رئيس اللجنة الانتخابية الروسية، أن ميدفيديف، حصل على 70.2 في المائة من إجمالي الأصوات التي تم فرزها حتى اللحظة، والتي تبلغ نسبتها 99.45 في المائة من إجمالي الأصوات.

وذكرت اللجنة الانتخابية في وقت لاحق أن زعيم "الحزب الشيوعي المعارض" غينادي زيغانوف حصل على 18 في المائة من الأصوات، ليقف بذلك في المرتبة الثانية خلف ميديفيدف، فيما استقطب زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي فلاديمير جيرينوفسكي، 10 في المائة من الأصوات.

وقال ميديفيدف، إن "الإقبال المنقطع النظير" على صناديق الاقتراع، والذي تمثل بإدلاء ثلثي الناخبين المؤهلين للتصويت بأصواتهم-  مؤشر: "على أن شعبنا يهتم بمستقبل البلاد"، ويمنحه التفويض لرئاسة روسيا.

وأكد أن سيواصل انتهاج ذات السياسة الخارجية التي رسخها بوتين على مدى ثماني سنوات في الحكم، منوهاً: "جوهرها هو حماية المصالح الروسية حول العالم."وقال مدفديف إنه يأمل في العمل "بانسجام تام مع بوتين كرئيس للوزراء".

انتقادات واحتجاجات تلقي بظلالها على الفوز

وخرجت جماعات صغيرة من المحتجين الى شوارع موسكو وسان بطرسبرح للاحتجاج. لكن غالبية الروس لم يعبروا عن قلقهم من النتيجة التي يأمل البعض ان تطيل الانتعاش الاقتصادي الذي تمتعوا به في عهد بوتين. بحسب رويترز.

وفي موسكو فاق نشطاء موالون للكرملين المحتجين ببضعة الاف وساروا في سلام الى السفارة الامريكية وهم يهتفون بشعارات مؤيدة لبوتين وحملة ميدفيديف.

وتجنبت غالبية الحكومات الغربية توجيه انتقادات مباشرة للانتخابات مفضلة التأكيد على استعدادها للعمل مع ميدفيديف وعن املها في ان يحترم الديمقراطية والحرية التي يقول منتقدون انها تاكلت في ظل بوتين.

وقال جوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الابيض "الولايات المتحدة تتطلع الى العمل معه. من المصلحة المشتركة لروسيا والولايات المتحدة ان تعملا سويا في جوانب الاهتمام المشترك مثل منع الانتشار."

واوضحت المانيا وفرنسا ان الانتخابات لا تفي بمعاييرهما للانتخابات الديمقراطية لكنهما هنأتا ميدفيديف الى جانب بريطانيا والاتحاد الاوروبي على فوز قالتا انه يبدو انه يعكس ارادة الشعب الروسي.

وكتبت انجيلا ميركل في رسالة الى ميدفيديف "لقد وضعت لنفسك هدفا للمضي قدما في تحديث روسيا."

وسيصبح ميدفيديف أصغر زعماء روسيا منذ نيقولا الثاني اخر القياصرة الروس عندما يؤدي اليمين في السابع من مايو ايار وثالث رئيس منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991.

وقال بوتين وهو ضابط سابق في المخابرات السوفيتية (كيه.جيه.بي) وأكثر سياسي روسي يحظى بالشعبية حتى الان انه سيعمل كرئيس وزراء في ظل ميدفيديف. وسيفضي ذلك الى عهد غير معتاد يشهد ازدواجا لرأس السلطة في دولة معتادة على زعيم واحد قوي.

وقال ميدفيديف في اشارة الى السنوات الثماني التي قضاها بوتين في السلطة "اعتقد ان (رئاستي) ستكون استمرارا مباشرا". واتسم عهد بوتين بتركيز السلطة في الكرملين والوقوف في وجه الغرب في امور السياسة الخارجية.

وفي اشارة الى ان روسيا لن تخفف سياستها في الطاقة التي تميل الى تأكيد الذات، خفضت جازبروم التي تسيطر عليها الدولة الامدادات الى اوكرانيا بنسبة الربع مؤخرا.

ميدفيديف في سطور

ولد دميتري ميدفيديف في الرابع عشر من شهر سبتمبر 1965 في مدينة لينينغراد (سانت بطرسبورغ حاليا).

أكمل دراسته في كلية الحقوق بجامعة لينينغراد في عام 1987، وحصل على شهادة الدكتوراه في نفس الجامعة في عام 1990.

عمل في الفترة الممتدة بين عامي 1990 و1999 في مجال التدريس في جامعة سانت بطرسبورغ، ومستشارا (1990ـ1995) لرئيس مجلس إدارة مدينة سانت بطرسبورغ، وخبيرا في لجنة الشؤون الخارجية في بلدية المدينة. بحسب رويترز.

شغل في عام 1999 منصب نائب رئيس جهاز حكومة روسيا الاتحادية.

وعمل ميدفيديف في عامي 1999 و2000 پنائبا لرئيس ديوان الرئاسة، ثم شغل منصب النائب الأول لرئيس الديوان منذ عام 2000.

وفي الوقت نفسه ترأس ميدفيديف مجلس مديري شركة غازبروم.

وأصبح ميدفيديف رئيسا لديوان الرئاسة الروسية في شهر أكتوبر 2003. وعين في شهر نوفمبر 2005 بمنصب النائب الأول لرئيس حكومة روسيا الاتحادية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6 آذار/2008 - 27/صفر/1429