هذا هو السؤال الذي طرحه أحد القراء على " فضيلة الشيخ " الدكتور
خالد بن علي المشيقح الأستاذ في قسم الفقه التابع لكلية الشريعة في
جامعة القصيم السعودية بتاريخ 31-1-2008 وهي موجودة في موقع نور
الأسلام على الأنترنيت http://islamlight.net/ ,على الرابط التالي:
http://islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=0&catid=1399&id=24035
حيث كان السؤال مايلي:
(((...... نرى ما يفعله بعض الشيعة من أعمال مخلة بالدين، كالتوسل
بالقبور، والدعاء للأولياء، والغلو في أهل البيت، ومن تكفير لبعض
الصحابة رضوان الله عليهم وسبّهم إلى غير ذلك، فما الحكم المترتب عليهم
هل نعتبرهم من الكفار؟
وقد كان جواب الدكتور خالد المشيقح:
( الخلاصة في ذلك أن فئة الرافضة قبحهم الله لا يخلو أمرهم من
حالتين:
الحالة الأولى: أن يظهروا معتقداتهم الباطلة، كأن يظهروا التوسل
بالقبور، وصرف نوع من أنواع العبادة للأولياء، أو شتم الصحابة رضوان
الله عليهم ونحو ذلك، فهؤلاء يحكم عليهم بأنهم كفار.
الحالة الثانية: أن يتستروا فلا يظهروا هذه المعتقدات
الباطلة،فهؤلاء يحكم عليهم بأحكام المنافقين.
والله أعلم......))).
الفتوى موجودة أيضاً في موقع الشيخ الشخصي وعلى الرابط أدناه:
http://www.almoshaiqeh.com/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=24035&catid=&Itemid=35
ولايسعني الأن سوى الأدلاء ببعض الملاحظات حول هذه الفتوى كما عهدني
القراء في الكثير من مقالاتي السابقة:
1. أن هذه الفتوى حديثة جداً ( صدرت بتاريخ 31-1-2008) ولذلك
فلايمكن القول أنها قديمة , وأن صاحبها قد عدل عن رأيه في هذا الأمر
ولم يعد يؤمن بها , بل هو لايزال مقتنعاً بهذه الفتوى وتناقلها أكثر من
موقع رسمي على شبكة الأنترنيت.
2. أن المفتي الذي أفتى بهذه الفتوى هو الدكتور خالد بن علي المشيقح
وهو كما قلت أعلاه أستاذ معروف في قسم الفقه بكلية الشريعة في جامعة
القصيم في المملكة العربية السعودية!!! وهذا يعني أنه شخص مسؤول
ومنتمي الى مؤسسة رسمية حكومية تخضع لضوابط مهنية وعرف جامعي وقوانين
صارمة تابعة للمملكة والأخيرة تستطيع محاسبته ورد اقواله بل ومعاقبته
عقوبة شديدة طبقاً لقوانينها.
3. أنه لأمر غريب ويدعو للأستنكار والشجب أن تصدر مثل هذه الفتوى
من شخص يُدرس الشريعة في السعودية , أذ كيف يمكن لأستاذ يعمل في جامعة
رسمية للمملكة أن يقول بتكفير الرافضة وهو يقصد الشيعة طبعاً في حين
أنه يعلم أن العديد من الشيعة هم من مواطني المملكة العربية السعودية
فضلا عن دول الجوار كالعراق والكويت والبحرين والأمارت وقطر وبقية دول
العالم.
4. أن هذه الفتوى يمكن أن تؤدي الى عمليات قتل وأرهاب وعنف بحق
مواطني السعودية ممن يتبعون المذهب الجعفري , أذا ربما يحاول بعض
الشباب المغرر بهم أو ممن وصفهم الملك عبد الله نفسه بالفئة الضالة
يحاول قتل بعض من شيعة السعودية أو الأعتداء عليهم بحجه أنهم كفرة.
5. أن هذه الفتوى تتجاهل وتتناسى مئات الآلآف من الزيجات التي تمت
بين شيعة وسنة في العراق والخليج وبقية دول العالم الأخرى, اذ ماذا
سيعمل الشيعي الذي تزوج سنية أو السنية الذي تزوجت شيعي؟ هل يتم الفصل
والتفريق ب " حجة " كفر الشيعي أو الشيعية؟ وكيف سنعامل أطفال هذه
الزيجات؟ الى غير ذلك من الاسئلة التي لن يستطيع الشيخ خالد المشيقح
الأجابة عنها مهما حاول !!!
6. أعتقد أن هذه الفتوى سوف تؤدي الى أحداث ضرر مباشر في المملكة
العربية السعودية قبل أي بلد اخر وبين ابناء الشعب السعودي الشقيق قبل
أي شعب اخر , وعلى وزير الداخلية في المملكة السعودية الذي تعامل بحزم
مع شباب ومشايخ القاعدة أن يتعامل بحزم مع هكذا دعاوي من أجل الحفاظ
على أمن السعودية واستقراره أولاً قبل أمن غيره من البلاد التي تؤجج
هكذا فتاوى العنف فيها أيضاً , فالضرر مضاعف وهو على مستويين داخلي
وخارجي.
7. أن هذه الفتوى تدل على أن المملكة لاتحاسب بصورة جدية من يقول
بتكفير الشيعة اذا لو ظن هذا الشيخ أن المملكة السعودية وأجهزتها
الأمنية سوف تحاسبه بشده لما قال بهذه الفتوى وتجرأ على وضعها في موقعه
الرسمي وفي موقع رسمي أخر هو نور الأسلام.
8. لايوجد أي فرق مطلقاً _ واقولها جازماً _ بين هذه الفتوى وبين أي
فتوى أخرى يمكن أن يقول بها عالم دين شيعي والتي نجد فيها تكفير أي شخص
من أهل المذاهب السنية الأربعة المعروفة.
9. أن هذه الفتوى تُعد برأيي مثالاً صارخاً وواضحاً وحديثاً لا لبس
فيه للتحريض ضد الشيعة وهذا يعني أنها تندرج ضمن قضية التحريض على
الأرهاب الذي أقره أجتماع وزراء داخلية العرب الأخير في تونس حيث أتفق
الوزراء على توسيع اتفاقية مكافحة الإرهاب لتشمل تجريم التحريض على
الإرهاب أو الإشادة بها.
10.أن السكوت الأرادي لشيوخ وعلماء المملكة العربية السعودية على
هذه الفتوى دليل على قبولهم الضمني لها , أذ لو فرضنا أن الشيخ حسن
الصفار وهو أحد أشهر العلماء الشيعة في السعودية قد قال بان السنة كفرة
!!......فهل يمكن أن يسكت عليه علماء الدين في داخل المملكة او خارجها؟
من المؤكد ان الردود عليه ستكون اكثر من كثيرة بل قد يعتبر مارقاً
وربما يُحاكم علناً بصورة رسمية ويودع في السجن هذا اذا ما لم يتم
تصفيته جسدياً على أيدي متحمس ما.
11. أذا كان البعض يقول بأن العنف لن يولد الا عنفاً , فأني أقول أن
التكفير لن يُنتج الا تكفيراً مضاداً وبذلك سوف تفتح هكذا فتاوى
أبواباً اخرى للتكفير والفتنة نحن في غنى عنها.
12.أتمنى مخلصاً أن أعرف متى يترك هؤلاء المشايخ لغة التكفير
والتهييج والأثارة ومحاسبة الأخر وتجريمه وتآثيمه بسبب أنتماءه الطائفي
والفكري؟
ألم يروا بأن الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة من التسامح والأخاء
والحب لابين ابناء الدين الواحد فقط , بل بين ابناء الانسانية جمعاء؟
ثم هل من الحكمة أن تسمح السعودية لمثل هكذا فتاوى تشق الصف وتزرع
الفتنة وتعمق الهوة بين أبناء السعودية من الشيعة والسنة من جهة أولى
وبين شيعة وسنة الدول العربية والأسلامية من جهة ثانية؟
وكيف يمكن أن يتجرأ هكذا شيخ ويقول أن الشيعة كفرة وهو يعمل في
مؤوسسة رسمية حكومية؟
وكيف يمكن لنا أن نتحدث عن التسامح والأخاء مع الأخر المختلف ونحن
نكفر بعضنا البعض على هذا النحو المُخجل؟
ولماذا _ وأقولها بمرارة وحسرة _ تمر هكذا فتوى من غير تعليق في بلد
يرفع شعار محاربة الفكر التكفيري والفئة الضالة؟
وهل يعلم السيد فيصل بن معمر الامين العام لمركز الملك عبد العزيز
للحوار الوطني بهذه الفتوى؟
وهل يقبل السيد فيصل بن معمر بهكذا فتوى؟
وماهو رد فعله تجاه ذلك؟
وأي حوار وطني في السعودية يبقى بعد صدور فتوى كهذه؟
على مشايخ كلا الطائفيين أن يدركوا أن التشدد الدوغمائي الظلامي
وتكفير الأخر المختلف وتبني لغة التكفير والخروج عن الملة , سوف لن
تبني أمة ولاحضارة وسوف لن تفتح أمامنا أفاق المستقبل , ولن تخلق الا
مزيداً من التباعد والبغضاء بين أبناء الدين الواحد في هذا الزمن الذي
أنهارت فيه الحواجز بين المختلف المطلق وأصبح الجميع فيه يعيش في كوخ
واحد لا قرية صغيرة فقط.
[email protected] |