في اخر حوار له: نقيب الصحفيين العراقيين يطالب باصدار تشريعات تحمي الصحفيين وتضمن حقوقهم

خاص/النبأ

·        الطالع من فوهات المحطات الفضائية العراقية..لا يزال، بشيخوخته، يتحدى قوى الشر والإرهاب.

·   في العراق 144 شهيداً صحفياً .. وعدد الشهداء المساعدين للعمل الصحفي  71شهيداً.. فاقَ عدد الشهداء الصحفيين في الحرب العالمية الثانية.

·   إعادة تعيين الصحفيين ومنتسبي وزارة الإعلام المنحلة الى وزارة الثقافة  أهم الانجازات التي حققتها نقابة الصحفيين.

·   حرصنا على متابعة المشكلة واقتراح الحلول لها، وهذا ما يترتب على الصحفي الملتزم صاحب الكلمة الحرة والرأي السديد فِعله..فليست الكتابة في الصحف مجرد تقارير ومقالات. 

شبكة النبأ: فتح مسلحون النار على نقيب الصحفيين العراقيين شهاب التميمي في منطقة الوزيرية ببغداد السبت الماضي، بعد دقائق قليلة من خروجه من مقر النقابة ما تسبب في اصابته ونجله البِكر (ربيع) بجروح بليغة. وبقي التميمي في المشفى  يصارع الموت لعدة ايام حتى وافاه الأجل على طريق شهداء الكلمة الحرة وحرية الرأي في العراق الجريح.

والتميمي البالغ من العمر 75 عاما أنتُخب نقيبا للصحفيين العراقيين في دورتين متعاقبتين بعد سقوط النظام السابق عام 2003  وله العديد من الكتابات الساخرة الاقتصادية والاجتماعية، وسبق ان تعرض لتهديدات بالقتل عام 2005  اجبرته على التواري عن الانظار، لكنه عاود نشاطه  في مجلس النقابة بعد حصوله على ضمانات من السلطات في حماية الصحفيين العراقيين من عمليات القتل العشوائي.

هذا وقدم الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام والصحفيون العاملون في المؤسسة خالص التعازي الى اسرة الفقيد والى الاسرة الصحفية العراقية بهذا المصاب الاليم.

وفي محاولة للتعريف الأوسع بهذه الشخصية تنشر (شبكة النبأ) لقرّاءها الكرام اخر الحوارات التي اُجريت مع نقيل الصحفيين العراقيين قبل حادث اغتياله الغادر:

- هل لكم ان تتحدثوا عن ابرز المحطات؟ خلال المسرى الطويل لعملكم النقابي؟

كانت متابعتي للصحف وما ينشر فيها مثار حرص واهتمام في بواكير صباي فتبلور في ذهني  متقدم، مؤاده.. ان من يعمل في الصحافة، انما يؤدي واجباً وطنياً تجاه ابناء شعبه حيث كانت مشاكل الجماهير ومظاهر التخلف في الريف والمدن العراقية تنصب امام ناظري اينما تنقلت حيث الخراب الذي يعم الأراضي الزراعية، والمواطنون يعيشون في أدنى مستوى لمعيشة البشر سواء في السكن او المستويات الحياتية الأخرى، وكان ذلك يثير في نفسي التحفز والمثابرة في وجوب ما يتخذه المواطن العراقي لإصلاح هذه الأوضاع...

لذلك وجدت في العمل الصحفي الوسيلة التي تهيئ لي فرصة التعبير عن مشاعري في الإصلاح والتغيير... وحال ما أتيحت لي الفرصة بعد ثورة 14 تموز 1958  ارتبطتُ بجريدة انماء الشعب، وبدأت فيها مسيرتي الصحفية ...

وسُجلت عضواً عاملاً في نقابة الصحفيين عام 59 19 بهوية نقابة تحمل رقم 108، ومن خلال ذلك كنت أسهم في متابعة وعرض قضايا المواطنين فاستحدثت فيها زاوية بعنوان (( كلمة ليست عابرة))، لكنها لا تعني انها البداية فقد أسهمت في جريدة الوطن عام 48 19 بمقالة عنوانها _ أيها الطلاب _ وساهمتُ بأعداد جريدة الدفاع التي كان يصدرها المرحوم صادق البصام ... وتواصلت مسيرتي الصحفية حتى اتسعت في جريدة الثورة عام 1968 وبعدها الجمهورية  حيث كان حظي في هذه الجريدة أوسع وأبرز... وكاتبت صحف ومجلات كثيرة أخرى..

ولكن كان محور نشاطي حول قضايا الجماهير واحتياجاتها، واشتهرت لي زاوية عنوانها ((قضايا واقتراحات)) في صحيفتي الجمهورية والعراق...

كنت أحرص على متابعة المشكلة واقتراح الحلول لها وهذا -حسب رأيي- ما يترتب على الصحفي الملتزم صاحب الكلمة الحرة والرأي السديد فعله.. فليست الكتابة في الصحف مجرد تدريج مقالات... انما اختيار المشكلة التي تهم المواطنين أولاً وتطور البلد ثانياً والكشف عن الأسباب ووصف الحلول الناجحة..

كيف تدرّجتَ في مواقع العمل الصحفي؟

التزمتُ خلال عملي الصحفي بما شرحته أعلاه ولكنني إلى جانب ذلك أحسست بحاجة الزملاء الصحفيين للانجازات من اجل رفع مستواهم المعاشي والمهني ونشطتُ بشكل بارز من أول عملي بجريدتي الثورة والجمهورية؟ مطالب لزملائي الصحفيين سواء بتحسين رواتبهم، أو أيجاد الحلول لمشاكلهم... وقد تحقق للصحفيين بعض من هذه الانجازات حيث وزعت على عدد منهم أراضي سكنية في الغزالية وحنينة والتاجي وآخرها في البلديات في بغداد ...

كما حققنا توزيعاً لقطع الاراضي السكنية للزملاء الصحفيين في المحافظات استنادا إلى مبدأ مسقط الرأس... وقد أثار هذا النشاط انتباه زملائي الصحفيين فانتُخبت أول مرة عضواً في مجلس نقابة الصحفيين في منتصف السبعينات ، ثم عملت في لجان نقابية عديدة، وكنت أميناً للصندوق في جمعية إسكان الصحفيين في نهاية الستينات وبداية السبعينات...

وتوليت مسؤولية مدير الإدارة في النقابة في نهاية التسعينات وعند حدوث التغيير في البلد في  9/ 4/ 2003 م توجهتُ للنقابة فوجدتها مسروقة فدعوتُ الى اجتماعَين للهيئة العامة لتدارس أوضاع النقابة... انتُخبت خلالها رئيساً للهيئة التحضيرية التي دعت إلى المؤتمر الانتخابي الذي عقد في 25/ 7/2003 فانتُخبت نقيباً للصحفيين ثم أعيد انتخابي في المؤتمر الأخير الذي عقد في 1/ 7/ 2005.

- ما أهم المنجزات التي قدمتها النقابة لأعضائها بعد التغيير في  9/ 4 / 2003م؟

لا يُنكر ان الأوضاع التي سادت العراق بعد هذا التاريخ كانت أوضاع صعبة وبائسة، شكلت عائقاً لا ينكر امام  اي تحرك لتحقيق انجازات كبيرة وجديدة للأسرة الصحفية مما كنت أتمناه وأريده لزملائي الصحفيين... ولكني واجهت مشكلة كبرى سادت عملنا في تلك الفترة تتمثل في حَل وزارة الإعلام حيث اصبح الكثير من الصحفيين عاطلين عن العمل ولا رواتب لهم ... لهذا فأننا بدأنا من نقطة الصفر حيث تركزَ عملنا لسنتين تقريباً من اجل إعادة الزملاء الصحفيين ومنتسبي وزارة الإعلام المنحلة الى وظائف بديلة تضمن لهم رواتب وأجور تنقذهم من العطالة والفاقة.

وهكذا انصبَّت جهودنا على هذه البداية فشاركت بل وقدت انا وزميلي العزيز علي عويد -نائب النقيب الحالي- تجمعات ومظاهرات وتقديم المذكرات للمسئولين من قوات الاحتلال ومجلس الحكم في حينه، لإعادة تعيين الصحفيين بوزارة الثقافة، وقد تحققت بفضل تفهم وزراء الثقافة، الأستاذ مفيد الجزائري والأستاذ نوري الراوي وعبد مطلك الجبوري نائب رئيس الوزراء السابق، حيث صدر القرار الحيوي من مجلس الوزراء بتحقيق ما عملنا من أجله.

ويعتبر هذا انجازاً مهماً في مقدمة الانجازات التي ناضلنا من اجلها، ولدينا نشاطات أخرى على الصعيد المهني العربي والدولي.

- حدِّثنا عن عمليات الانشداد والجذب بين نقابة الصحفيين العراقيين والمنظمات الصحفية في الوطن العربي والاتحاد الدولي؟

عملنا خلال وجودنا على رأس النقابة من اجل العودة لاتحاد الصحفيين العرب بعد ان صدر قرار تجميد عضوية نقابتنا في الاتحاد... وقد تحققت هذه العودة قبل أشهر مما كان له الأثر الأكبر في تعزيز موقع نقابتنا محلياً وعربياً ودولياً.

كما بدأنا بصِلات جديدة مع الاتحاد الدولي للصحفيين حيث قدمنا طلباً للانتساب إلى هذا الاتحاد الذي أبا أن يقبلنا في عضويته لمدة طويلة، حيث سيصدر القرار بانتسابنا -خلال الشهر القادم- واتفقنا مع الاتحاد الدولي بأن تجري جميع مخاطباته مع نقابتنا بخصوص نشاطاته الخاصة، بالصحفيين العراقيين مما عزز موقع نقابتنا مع توحيد صفوف الأسرة الصحفية.

- ما حجم المكاسب الأخرى المتحققة للصحفيين العراقيين  رغم الظروف الاستثنائية؟

إلى جانب ما ذكرناه فإننا نهتم بشكل خاص بالحصول على مكاسب كثيرة للأسرة الصحفية فلدينا مشاريع ومخاطبات للحصول على أراضي سكنية للصحفيين من خلال وزارة البلديات ومن خلال مشروع نقابتنا يعتمد على بيع قطع سكنية تمتلكها النقابة في حي البلديات لكي نشتري بأثمانها قطعة ارض سكنية واسعة في اطراف بغداد تكفي لإسكان ألفي صحفي أو أكثر...  

ولدينا جهود للحصول على دعم مادي للصحفيين من خلال وزارة الثقافة ومجلس الوزراء ونسعى كذلك الى توثيق العلاقة مع المنظمات الصحفية العربية لاستقبال الصحفيين في دورات تدريبية الى جانب مساعينا من اجل تحسين أوضاع الصحفيين المتقاعدين.

- مع الكثير من الفضائيات والعدد الكبير للصحف العراقية لابد من وجود نوع من المشروعية والتنسيق...كيف ترون ذلك؟

ان الكثرة الكاثرة من الإصدارات وتأسيس العديد من الفضائيات... إنما هي نتيجة للحرية الواسعة التي أتيحت للصحفيين والعمل الإعلامي في العراق الجديد... ولكن لا ننكر إن الأوضاع  المحيطة بهذه الإصدارات.. إتسمت بمظاهر وممارسات سلبية، بينها عدم وجود قوانين أو تشريعات أو عقود لحماية حقوق الصحفيين العاملين في هذه المواقع، حيث تُركت الحرية لصاحب المشروع ان يتحكم حسب حريته ومصالحه بعمل الصحفي وعطائه وتحديد راتبه وحرمانه في حالات كثيرة من حقوقه في الإجازات والتعويضات وغيرها..

وكذلك يعاني الصحفيين من مخاطر الأوضاع الراهنة في بلدنا حيث الخطف والقتل والتهديد والترويع، وزاد عدد الشهداء من الصحفيين في العراق حتى فاق عدد ما قتل في الحرب العالمية الثانية، إذ بلغ العدد 144 شهيداً وعدد المساعدين في العمل الصحفي 71 شهيداً غير الإصابات والمداهمات أو الاعتقالات التي تطالهم.

ومن ثم فان كل ما اشرنا اليه، يتطلب من النقابة والجهات المسئولة اصدار تشريعات تحمي الصحفيين وتضمن حقوقهم وهذا ما تسعى اليه نقابتنا تحسباً للأوضاع المستقبلية... وننتظر من حكومتنا الجديدة ان تعطي هذه الجوانب الاهتمام الذي يستحقها.

- وعن مشاريع المستقبل القريب؟

من خلال لقائنا الأخير بالسيد رئيس نقابة الصحفيين الدولية اتفقنا ان يقام يوم  15/ 6  من هذه السنة احتفالاً عالمياً تأييدياً ليوم الصحافة في العراق، وسيتمخض عن هذا  العيد  منجزات كثيرة لعوائل الشهداء الصحفيين العراقيين ان شاء الله..

وكان الكلام عن الشهادة وارهاصاتها اخر ما ورد عن لسان فقيد الصحافة العراقية شهاب التميمي.. فإنا لله وانا اليه راجعون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 2 آذار/2008 - 23/صفر/1429