زيارة نجاد للعراق: "لحظة انجاز المهمة" ام ترسيخ للمكانة الأقليمية؟

شبكة النبأ: خلافا لزيارات الرئيس الامريكي جورج بوش الخاطفة للعراق يستعد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد للتوجه الى بغداد مطلع الاسبوع وسط ضجة كبيرة في زيارة يرى بعض الخبراء انها محاولة لتقويض النفوذ الامريكي في المنطقة.

وتأتي زيارة نجاد بدعوة من الحكومة العراقية وسيكون اول رئيس ايراني يزور بغداد منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979.

وقال مايكل روبن من معهد أميركان انتربرايز وهو مركز أبحاث محافظ في واشنطن "تستهدف زيارة الرئيس أحمدي نجاد سرقة الضجة الأمريكية... الإيرانيون يجيدون الدعاية."

وتابع قائلا "انها لحظة انتصاره (أحمدي نجاد). انها بالنسبة له لحظة "انجاز المهمة" مشيرا إلى زيارة قام بها بوش لحاملة طائرات أمريكية في مايو ايار 2003 بعد شهرين من غزو العراق والتي ألقى خلالها كلمة أمام الجنود تحت لافتة كتب عليها "المهمة أنجزت". بحسب رويترز.

ولم يبت بوش قط ليلة في العراق وأحيطت زيارته الأحدث في سبتمبر أيلول 2007 كالزيارتين السابقتين بسرية ولم يكشف عنها إلا بعد وصوله.

وتصر الولايات المتحدة على أنها لا ترى في زيارة أحمدي نجاد التي تبدأ اليوم الأحد وتستمر يومين ايماءة استفزازية لكنها تلح بشدة على العراق الذي خاض حربا استمرت ثمانية أعوام ضد إيران في الثمانينات أن يستغل الزيارة لابلاغ طهران بضرورة تغيير سلوكها.

وقال توم كيسي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "نتطلع بشدة لأن تلعب إيران دورا ايجابيا في العراق ومن الواضح أن هناك كثيرا من الاسئلة التي نثيرها نحن ويثيرها العراقيون عما اذا كانت تصرفاتهم (الإيرانيين) تتطابق فعلا مع حديثهم عن رغبتهم في حسن الجوار."

وقال مسؤول كبير في إدارة بوش ان أحمدي نجاد كان دائما "شخصية شديدة الازعاج" وكانت هناك مخاوف من أنه قد يتملق الحكومة العراقية كثيرا.

وأضاف المسؤول الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته "لا تزال هناك أدلة على تدخل إيران سرا في شؤون العراق... هذا يجب أن ينتهي."

واستطرد قائلا "لكن من المهم أن نتذكر أن هذا (دعوة أحمدي نجاد) قرار سيادي عراقي ولدينا ثقة في قدرة العراقيين على التعامل مع زيارته."

وقال كريم سدجادبور الخبير في الشؤون الإيرانية انه بينما استهدفت جولة بوش توحيد الدول العربية ضد إيران أراد أحمدي نجاد من خلال زيارته لبغداد التي تحظى باهتمام كبير أن يظهر أن طهران لاعب رئيسي ولا يمكن أن تهمش.

وقال سدجادبور وهو باحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي وهي مركز أبحاث مقره واشنطن "قد يكون للولايات المتحدة القوة الصلبة في العراق.. قد تملك دبابات وعشرات الآلاف من الجنود والمدفعية لكن لإيران القوة الناعمة وتتمتع بقدر كيبر من النفوذ السياسي والثقافي."

وبينما يتطلع أحمدي نجاد إلى توظيف زيارته للعراق في إيران خاصة قبل الانتخابات البرلمانية في منتصف مارس آذار قال محللون إنه لا يريد أن تظهر الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة "ككلب مدلل" لطهران.

وقال جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له "ذلك سيؤدي إلى مشكلات أكبر مع الجيران. انه سيرغب في اظهار قوته ولكن دون أن ينظر إليه على أنه تهديد لهم."

وتوفر الحكومة العراقية الأمن لأحمدي نجاد ولكن المسؤولين الأمريكيين قالوا انهم سيراقبون تحركاته عن كثب ويريدون ضمان سلامته.

زيارة لأسباب معلَنة واخرى خفيّة

وتهدف اول زيارة لرئيس ايراني منذ الثورة الاسلامية عام 1979 الى تعزيز العلاقات التجارية والروابط الاخرى مع بلد خاضت ايران حربا معه على مدى ثماني سنوات في الثمانينات.

لكن محللين ودبلوماسيين يقولون ان اهمية الزيارة التي تستمر يومين انها تأتي في حين تتهم واشنطن طهران بتقديم الاسلحة للميليشيات التي تقتل القوات الامريكية. وتنفي طهران مثل تلك الاتهامات.

وقال دبلوماسي غربي في طهران "الموضوع الرئيسي سيكون نجاح السياسة الخارجية بالذهاب الى العراق والعودة... تحت عيون الامريكيين.. في حين يتحدث الامريكيون عن عزل ايران."

وعلى الصعيد الداخلي قد يستثمر الرئيس الايراني نجاحا في مجال السياسة الخارجية لصرف الانتباه عن الاقتصاد والتضخم الذي تجاوز عشرة في المئة قبل انتخابات برلمانية في مارس اذار ستمثل اختبارا لشعبيته وتبين حجم فرصته في اعادة انتخابه عام 2009. بحسب رويترز.

وقال المعلق الايراني امير محبيان "نفوذ ايران في العراق واضح جدا." واضاف "اذا ارادت الولايات المتحدة استخدام نفوذ ايران في العراق لحفظ الامن فمن الافضل اقامة علاقات جيدة... وليس ارسال رسائل عقوبات."

وفي محاولة للمساعدة في قمع العنف عقدت ايران والولايات المتحدة ثلاث جولات من المحادثات المباشرة النادرة. لكن ايران اجلت جولة رابعة بسبب مسائل فنية غير محددة.

وسيسعى احمدي نجاد وهو منتقد قوي للولايات المتحدة لان يظهر لواشنطن علاقات طهران الوثيقة مع الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة وهو المذهب الغالب في ايران.

ورغم ان ايران تريد حكومة عراقية برئاسة الشيعة الا انها حريصة على اقامة علاقات جيدة مع كل الفصائل. ويقول محللون انها لا تريد تقسيم العراق بما يشجع أي انفصاليين في ايران ويترك شيعة العراق يديرون بلدا صغيرا.

وقال الدبلوماسي "الحل الافضل (بالنسبة لايران) هو حكومة مركزية يسيطر عليها الشيعة على ان تكون ضعيفة بما يكفي لان تعتمد على ايران للحفاظ على توازن القوى داخل العراق."

وأمضى كثير من السياسيين العراقيين واغلبهم شيعة واكراد، سنوات بالمنفى في ايران حين كان الدكتاتور صدام يتولى السلطة.

احمدي نجاد: ايران هي "القوة الاولى في العالم"

وكان الرئيس الايراني نجاد اعلن ان ايران هي "القوة الاولى في العالم" موجها انتقادات جديدة الى معارضيه داخل البلاد متهما اياهم بالتعاون مع الاعداء.

وقال في خطاب امام "عوائل شهداء" الحرب الايرانية العراقية (1980-1988) "لقد فهم الجميع ان ايران هي القوة الاولى في العالم".

واضاف في الخطاب الذي نقل وقائعه التلفزيون الرسمي مباشرة على الهواء "اليوم يعني اسم ايران لكمة قوية في فك (الدول) القوية ويوقفها مكانها". بحسب رويترز.

وتاتي هذه التصريحات في وقت يسعى فيه عدد من الدول الغربية الى اقناع مجلس الامن الدولي باقرار سلة ثالثة من العقوبات على ايران لارغامها على تعليق انشطتها النووية المشبوهة.

وهي تاتي من جهة اخرى قبل اسبوعين من الانتخابات التشريعية الايرانية وغداة هجوم شنه عليه حسن روحاني القريب من المرشد الاعلى اية الله علي خامنئي الذي اتهم احمدي نجاد بـ"التبجح والتلفظ بعبارات نابية".

وقال احمدي نجاد "ترون ان البعض هنا يحاولون تطبيق مخططات العدو عبر تاكيدهم بان ايران صغيرة والعدو كبير". واضاف "هؤلاء يضعون اعداء الانسانية مكان الله".

واكد الرئيس الايراني بان بلاده ستخرج منتصرة من مواجهتها مع الدول الغربية حول برنامجها النووي.

وقال "الامة الايرانية قريبة من النصر والقوى التي تمارس الترهيب لا تجرؤ على الاعتراف بان هذه الامة انتصرت عليها في المسألة النووية".

اعتقال 7 من المجموعات الخاصة المدعومة من ايران 

وفي سياق متصل قال الجيش الأمريكي في العراق إن قواته اعتقلت شخصا قالت انه يقدم تسهيلات "لمجموعات خاصة مدعومة من إيران" بالاضافة إلى ستة من المشبهه بهم جنوب بغداد.

وأضاف للجيش في بيان تلقت وكالة (أصوات العراق) نسخة منه أن "قوات التحالف آسرت مقدم تسهيلات لمجموعة خاصة يعتقد بأنها مدعومة من إيران صباح (الأحد ) بمنطقة الصويرة جنوب بغداد.. فضلا عن اعتقال ستة من المشتبه بهم".

وأوضح البيان أن "القوات الامريكية تعتقد ان هذا الشخص المستهدف ممول قيادي لمجموعة أجرامية خاصة لها صلة بإيران، وتعمل في الجزء الجنوبي من العراق المتضمن النجف وكربلاء وبابل وواسط والديوانية".

وذكر ايضا ان الشخص المعتقل "يعتقد انه خبير مدافع هاون وصواريخ تلقى تدريبات في ايران"، مضيفا بان " التقارير أشارت الى أنه يتبع عدة مجموعات خاصة وقياديين اجراميين بارزين".

وقال البيان ان تقارير إستخبارية "دلت القوات البرية إلي المنطقة المستهدفة حيث تم اسر الشخص المطلوب وستة آخرين مشتبه فيهم بدون وقوع اية حوادث" ، مشيرا الى ان القوات المهاجمة "عثرت على كمية ضخمة من العملة الأمريكية (الدولار) أثناء العملية".

ونقل البيان عن الكابتن البحري فيك بيك  قوله ان "هناك تقدما هائلا في المعركة من أجل استقرار العراق، ولكن هناك المزيد من العمل لابد من انجازه" مضيفا "نرحب بتمديد هدنة مقتدي الصدر لوقف اطلاق النار، وسوف نعمل مع من يتعهدها لضمان آمن مناطقهم".

وتطلق القوات الامريكي تسمية المجموعات الخاصة على عناصر تقول انهم ينتمون لجيش المهدي لكنهم لم يلتزموا بقرارات الزعيم الديني السيد مقتدى الصدر بتجميد العمليات المسلحة الذي اتخذها في آب أاغسطس الماضي وشباط  فبراير الجاري.

متحدث صدري: سيتم التبرؤ ممن لايلتزم بقرار تجميد جيش المهدي 

من جهة اخرى قال المتحدث باسم رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر، إن عناصر جيش المهدي الذين لم يلتزموا بقرار التجميد سيتم "التبرؤ" منهم.

وأضاف صلاح العبيدي في تصريح لوكالة (أصوات العراق) ان "الذين لا يستجيبون لقرار السيد الصدر يعلنون بذلك التمرد، وسوف يتم التبرؤ منهم"، موضحا ان هناك آليات وخطوات ستتبع بعد قرار التجميد ولكنه لم يكشف عنها.

وأضاف العبيدي ان "هذا الأمر يعتمد على الوقت وعلى الظرف وطريقة التعامل، مبينا ان "التيار الصدري لن يستعمل أسلوب القوة والتعسف تجاه المتمردين".

وحول رأيه إزاء المواقف الحكومية تجاه قضايا التيار الصدري، أوضح العبيدي "كما تعودنا من الحكومة فان لها مواقف ايجابية من ناحية البيانات وردود الأفعال الإعلامية، لكنها ليس لديها نفس المستوى ميدانيا".

وكانت الحكومة العراقية قد رحبت بقرار الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر تمديد تجميد عمليات جيش المهدي المسلحة إلى ستة أشهر أخرى، مؤكدة ان التيار الصدري يشكل ركناً أساسيا في العملية السياسية.

وتابع العبيدي أن "الحكومة العراقية أطلقت يد المسيئين الموجودين في أجهزة الجيش والشرطة على أبناء جيش الإمام المهدي في بعض المناطق الحساسة، يقتلونهم ويعتقلونهم وينتهكون حرماتهم"، داعيا الحكومة العراقية لأن تراجع  نفسها في هذا الأمر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 2 آذار/2008 - 23/صفر/1429