بانتظار النهاية البائسة:القاعدة في العراق تتآكل داخليا

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: منذ نهايات العام الماضي ظهرت بوادر القضاء على وباء القاعدة في العراق وذلك بعد ان ادرك السنّة ان لا خلاص لهم من غطرسة هذا التنظيم الارهابي إلا بالرجوع للخط الوطني وتبني مشروع بناء الوطن بالاعتماد على سواعد ابنائه من كافة الطوائف والأعراق خاصة بعد ان تبينت لهم  نوايا القاعدة الحقيقية في محاولة تدمير العراق والاستحواذ على مقدرات شعبه والسعي لإقامة دويلة تقوم على التطرف والتشدد وارتكاب الفضائع.

ولكن القاعدة لم تنتهي تماما وانما انحسر نفوذها في شمال وسط العراق، حيث يسارع السكان الذين يخشون من متشددي التنظيم بالعودة الى منازلهم قبل غروب الشمس.. وتتحول هذه المدن الى مدن اشباح بعد حلول الظلام مباشرة.

ويشيد قادة عسكريون امريكيون ومسؤولون عراقيون بالأمن الذي تحسن كثيرا في بغداد ومحافظة الانبار الغربية ومناطق جنوبي العاصمة والذي سمح للسكان بالخروج ليلا للتسوق في الاسواق وارتياد  المطاعم. لكن في مدن سامراء وبعقوبة والموصل فان المتشددين مازالوا يزرعون الخوف.

ويقول البقال نهاد حميد في المدينة التي تبعد 100 كيلومتر شمالي بغداد "عندما لا ارى أعضاء القاعدة يتجولون في أنحاء سامراء ويوجهون اسلحتهم الى وجوه العراقيين ويقتلون ويخطفون فانني سأقول ان الامن تحسن."

واضاف "اننا نعود الى المنزل في الساعة السابعة مثل الدجاج. لا أحد يمكنه ان يتحرك بعد ذلك."

وطردت القوات الامريكية وقوات الامن العراقية بالاضافة الى وحدات فرق الصحوة اعضاء تنظيم القاعدة السنّي من معاقلهم في محافظة الانبار والطرق المحيطة ببغداد التي استخدمها المتشددون نقطة انطلاق لشن هجماتهم على العاصمة. بحسب رويترز.

ومنذ ذلك الحين اعاد المتشددون تجميع انفسهم في المحافظات الشمالية حيث تنتشر القوات الامريكية بتركيز اقل وتم تشكيل فرق الصحوة هناك في الآونة الاخيرة فقط.

وشنت القوات الامريكية والعراقية هجمات على اعضاء تنظيم القاعدة هذا العام في محافظات شمالية مثل ديالى وصلاح الدين ونينوي. لكن يتوقع ان تستغرق هذه الحملة وقتا.

وقالت ندى عمار وهي طبيبة بعاصمة محافظة ديالى التي تضم اعراقا وطوائف مختلفة "كل شيء في بعقوبة يتوقف في اللحظة التي يحل فيها الظلام."

وقال على محسن داود (45 عاما) وهو تاجر سيارات في بعقوبة انه يفكر في الانتقال الى مدينة اخرى.

وقال الكابتن ستيفن بومار وهو متحدث باسم القوات الامريكية في الشمال ان عنف المتشددين في المحافظات الشمالية يشكل 60 في المئة من كل الهجمات التي يشهدها العراق بمتوسط 66 حادثة تم الابلاغ عنها يوميا خلال العام المنصرم.

وتباطأت الهجمات بصفة اجمالية في الشمال وانخفضت الى 42 في المئة منذ يونيو حزيران مقابل انخفاض بلغ 60 في المئة في العراق ككل.

وقال بومار "لم يعد هناك ملاذ امن لهؤلاء المسلحين في أي مكان والتحرك غير المنظم الى الشمال يعتقد انه المحاولة الاخيرة لالحاق ضرر بطريقة عشوائية بالشعب العراقي" مضيفا ان الامور تتحسن كل يوم في الشمال.

غير ان الجنرال ديفيد بتريوس القائد الامريكي في العراق قال في الاسبوع الماضي انه في نينوى زادت الهجمات بالفعل وهي المكان الوحيد في العراق الذي حدث فيه ذلك.

ويقر القادة العسكريون والمسؤولون المحليون العراقيون في المحافظات الشمالية بوجود بواعث قلق لدى السكان. وبعضهم تنتابهم هذه المخاوف انفسهم وان كانوا يقولون ان الموقف الامني يتحسن.

وقال مؤيد التكريتي قائد القوات العراقية في مسقط رأس الدكتاتور صدام، بمحافظة صلاح الدين "لا يمكنني ان اسير يمفردي في تكريت. قد اتعرض للقتل أو الخطف."

ومن العوامل الرئيسية لاشاعة الاستقرر في المحافظات الشمالية نشر وحدات من فرق الصحوة التي تمردت في مناطق اخرى ضد القاعدة بسبب الهجمات التي تشنها دون تمييز على المدنيين والتفسير الخطأ المتشدد للاسلام.

وتراجع العنف في بغداد والجنوب الذي يغلب الشيعة على سكانه بسبب وقف اطلاق النار من جانب جيش المهدي الذي يتبع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وتقوم فرق الصحوة بحراسة نقاط تفتيش وتقدم معلومات بشأن مخابيء القاعدة.

لكن ظهرت توترات ولاسيما في بعقوبة حيث هدد افراد بعض الوحدات التي تتألف من مسلحين سنة كانوا يعارضون الحكومة التي يتزعمها الشيعة بالانسحاب بسبب خلافات مع قائد شرطة المدينة وهو شيعي.

وتوقع ابراهيم الباجلان رئيس مجلس محافظة ديالى ان تتضاعف الهجمات اذا انسحبت فرق الصحوة.

والنقطة المضطربة الرئيسية الاخرى هي مدينة الموصل عاصمة نينوى التي يقيم فيها 1.6 مليون نسمة والتي تعتبر المعقل الاخير للقاعدة في المدن.

ووعد رئيس الوزراء نوري المالكي بشن معركة "حاسمة" اخيرة ضد القاعدة في الموصل. وحذر قادة امريكيون من ان العملية يمكن ان تستغرق عدة اشهر.

وينتشر الخوف والشائعات في الموصل التي يغلب السنة على سكانها لكن بها عدد كبير من الشيعة والاكراد.

وكثير من الناس لا يثقون في القاعدة أو قوات الامن العراقية التي يغلب الشيعة على افرادها. وهم يخشون من حظر التجول وحملات الاعتقال الواسعة التي تشن ضد المتشددين المشتبه بهم.

ووعد قائد العمليات العسكرية في نينوى رياض توفيق بان تستند الاعتقالات الى معلومات مخابرات محددة وبأنه لن يفرض حظر للتجول.

وقال احد السكان المحليين وهو يسارع بالعودة الى منزله حاملا صندوقا به زجاجات من زيت الطهو وصلصلة الطماطم انه يتوقع ان تفرض الحكومة المحلية حظر التجول وانه قام بشراء سلع تحسبا لان يحدث ذلك.

القاعدة في العراق "تصفي" حلفاء الأمس

وقال مسؤول عسكري أمريكي بارز إن تنظيم القاعدة يعمل على تصيفة حلفائه السابقين من الجماعات السنّية لاختلافات أيديولوجية، فيما أظهر شريط فيديو إعدام مجموعة من السنّة بدعوى عدم الولاء المطلق للقاعدة.

وظهر في شريط فيديو، قدمت قوات التحالف الدولية نسخة منه لـCNN، فرقة إعدام مسلحة غطى أفرادها وجوههم، وهي تصطف خلف تسعة معتقلين جاثين على الأرض أعصبت أعينهم وقيدت أيديهم خلف ظهورهم، قبيل إطلاق النار عليهم.

وذكر مسؤول عسكري من التحالف أن الشريط عُثر عليه خلال حملة دهم العام الماضي، على مقر استخدمه التنظيم لعمليات التصفية والتعذيب بالقرب من "سامراء".

وصرح الأدميرال غريغوري سميث من الجيش الأمريكي: "القاعدة في العراق - الحركة التي يقودها ويهيمن عليها أجانب داخل العراق، لا تقتل الجماعات السنية الرافضة لحكومة العراق أو القوات الأجنبية، بل تلك التي لا تشاركها ذات الأفكار."

وتدعم العديد من المستندات، استولي على بعض منها خلال غارة سامراء، نظرية قوات التحالف أن التنظيم يشن حملة شعواء ضد حلفائه السابقين، وفق محللين  عسكريين أمريكيين.

وقال المحللون إنه يُعرف عن القاعدة توثيق كافة أعمالها.

وأوضح مسؤولون من التحالف أن المستندات مؤشر على شرخ عميق بين التنظيم المسلح الذي يخوض مواجهات ضد القوات الدولية في العراق.

وتنتقد القاعدة، في بعض المستندات، جماعات "جهادية" أخرى بدعوى اتباعها "مسار زائف"، فيما وصفت في مستند آخر موقف ستة جماعات سنية منشقة استهدفها التنظيم.

وذكر المحللون إن القاعدة حددت بأحد المستندات، موقّع من قبل كبار قيادات التنظيم، أُطر معارضتها للوجود الأمريكي في العراق، وتعهدها بتفادي مهاجمة المدنيين.

ويشار إلى أن الولايات المتحدة دفعت، خلال الشهور القليلة الماضية، 148 مليون دولار لجماعات سنية وشيعية للمساعدة في مقاتلة المسلحين المتشددين.

وكان الجيش الأمريكي في العراق قد كشف قبل أكثر من أسبوع عما قال إنها مذكرات أحد القياديين بتنظيم "القاعدة"، حيث جاء فيها أن المئات من مقاتلي التنظيم "الإرهابي" انقلبوا عليه، بعد انضمامهم إلى "مجالس الصحوة"، في القتال إلى جانب قوات التحالف ضد عناصر التنظيم.

وذكر الأدميرال سميث، أن تلك المذكرات، والتي تعود لشخص يُدعى "أبو طارق"، عُثر عليها مؤخراً، خلال إحدى الحملات الأمنية التي استهدفت عناصر القاعدة بمنطقة "بلد" شمالي بغداد.

وعلق المتحدث العسكري الأمريكي بالقول: "مذكرات أبو طارق تقدم لنا دليلاً واضحاً على أن مجموعة المواطنين المتطوعين يقومون بدور كبير في إقرار الأمن ببلدهم، من خلال إضعاف القاعدة، وتقييد حرية الحركة للعناصر الإرهابية."

ولا يمتلك الجيش الأمريكي الكثير من المعلومات عن أبو طارق، صاحب المذكرات التي يبلغ حجمها 16 صفحة، إلا أن سميث وصفها بأنها "بالغة الأهمية، نظراً لأنها وثائق أصلية، إضافة إلى المعلومات المحددة التي قدمها"، مشيراً إلى أنها تمثل "نظرة منفردة على قطاع صغير جداً من العراق."

القاعدة..اقتتال داخلي

ونشرت قيادة الجيش الأمريكي في العراق وثائق تكشف عن حدوث اقتتال داخلي وعمليات تصفية جسدية وتبادل اتهامات بين عناصر تنظيم القاعدة وفصائل مسلحة أخرى كانت تابعة للقاعدة.

وذكرت في بيان مفصل أن قواتها عثرت على الوثائق بعد عملية دهم نفذت بناء على معلومة من مواطن عراقي أسفرت عن مصرع عشرة عناصر من القاعدة.

وأشارت الى أن احدى الوثائق والموقعة باسم المدعو (أبوغفران) تكشف حدوث عمليات تصفية جسدية واغتيالات وهجمات انتقامية بين القاعدة وتنظيم (دولة العراق الاسلامية) من جهة وفصائل سنّية مسلحة من جهة أخرى. بحسب (كونا).

واعترف (أبو غفران) في هذه الوثيقة بقيام عناصر القاعدة في منطقة (عرب جبور) جنوبي بغداد بقتل 12 قياديا من تنظيم (جيش المجاهدين) السنّي، وهو أحد الفصائل المسلحة التي كانت حليفا سابقا للقاعدة في العراق الا أنه انشق عنه فيما بعد وتحالف مع كل من تنظيم (الجيش الاسلامي) و(أنصار السنّة) وشكلوا معا ما يسمى بتنظيم (جبهة الجهاد والاصلاح العراقي).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 27 شباط/2008 - 19/صفر/1429