قصص عراقية: ارهاصات الأمل تساهم في مداواة جرح العراق العميق

شبكة النبأ: أتت سنوات العنف والارهاب الاخيرة على ما تبقى للعراقيين من بنى تحتية متهالكة ونفس متعَبَة من اثار الدكتاتورية والحروب المتعاقبة ابان فترة الحكم السابق، ولكن بقي بصيص الأمل في عودة الحياة نتيجة ايمان العراقيين بحتمية الوصول الى شاطئ الأمان عبر التخلص من ادران الماضي وانحرافات الزمن الراهن والثقة بالمستقبل.

تعادل 1/1 بين السنة والشيعة في بغداد!!

لا يمكن لمباراة أن تشهد ضغينة أكثر من واحدة تجمع بين فريقين من طائفتي الشيعة والسنة المتنافستين في منطقتين متجاورتين بالعاصمة العراقية بغداد التي سقط فيها الكثير من القتلى بسبب العنف المذهبي.

حيث التقى الاحد الماضي فريقان من منطقتي الكاظمية والاعظمية اللتين لا يفصل بينهما جغرافيا سوى نهر دجلة وان كانتا منفصلتين أكثر بسبب النزاعات المذهبية، في مباراة لكرة القدم احتفالا بالذكرى الاولى لعملية عسكرية استهدفت اعادة الامن الى بغداد تحت عنوان (خطة فرض القانون).

وحتى بدء العملية عانت المنطقتان بسبب أعمال التفجير والقتل المتكررة مع انطلاق المسلحين من السنة والشيعة ليمزقوا المناطق التي عاش فيها في السابق سكان من الطائفتين.

وهتف مشجع كرة قدم مسن قاد مجموعة من 3000 متفرج يحملون الاعلام العراقية في استاد الشعب الرئيسي ببغداد قائلا "كلنا نحبك يا عراق."بحسب رويترز.

وقال عبد الستار جواد مدرب فريق الاعظمية السني "تثبت هذه المباراة أن الطائفية في العراق انتهت."

وكان من المستحيلات اقامة هذه المباراة قبل عام. وفي 2006 ووصولا لمنتصف 2007 حولت الانفجارات باستخدام السيارات الملغومة شوارع بغداد الى ساحات للقتل كما عجت الشوارع بفرق الموت من الطرفين.

ولم تبدأ معدلات القتل في التراجع الا بعد أشهر من بدء قوات امريكية وعراقية حملة أمنية حملت اسم "خطة فرض القانون" اعتبرت محاولة أخيرة لمنع انزلاق البلاد في حرب أهلية واسعة.

وتراجعت الهجمات في بغداد منذ ذلك الحين بنسبة وصلت الى 80 بالمئة حسبما يقول الجيش العراقي.

وفي 2005 كان جسر الائمة الواصل بين المنطقتين مسرحا لاكثر أعمال العنف دموية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003. وقتل عدد يصل الى ألف حاج قصدوا ضريحا في الكاظمية بعدما انتشرت شائعات بوقوع تفجيرات انتحارية.

وفي ابريل نيسان الماضي وضع الجيش الامريكي حائطا خرسانيا بطول خمسة كيلومترات حول الاعظمية تحيط به مناطق شيعية من ثلاث جهات.

ويوجد في الكاظمية ضريح أحد أئمة الشيعة ومثلت هدفا مستمرا للهجمات من قبل المجموعات السنية.

وحتى اندلاع أعمال العنف الطائفية في بداية 2006 عاشت المنطقتان تاريخا مشتركا.

وقال جواد "هذه المباراة جزء من المصالحة الوطنية ولنظهر أنه لا فرق بين السنة والشيعة في العراق ولنثبت هذا للعراقيين وللعالم."

ووافقه في الرأي محمد ياسر وهو واحد من أربعة لاعبين شيعة في فريق الاعظمية وقال "نحن كالاخوة. لم أترك الفريق رغم الهجمات والتهديدات ضد الشيعة."

وتحدث اللاعبون الذين شاركوا في المباراة عن تحطيم الحواجز الفعلية والنفسية بين الطرفين وطالبوا بهدم حائط الاعظمية واعادة فتح الجسر المهدم منذ 2005.

وقال جاسم السعدي قائد نادي الكاظمية الذي قتل أحد لاعبيه على يد مسلحين سنة العام الماضي "أعادت هذه المباراة الوحدة للاعبين وللمواطنين في المنطقتين."

وقال عامر عبد الله السعدي "يجب أن تكون احدى النتائج شديدة الاهمية لهذه المباراة هي اعادة فتح الجسر الذي يصل بين المنطقتين. سيعيد الجسر ان أعيد فتحه الحياة لسابق عهدها."

وقال مشجعون ان اقامة المباراة في حد ذاته حدث مهم بغض النظر عن الفائز.. وللمفارقة خرج الفريقان متعادلين بهدف لمثله.

قطار بغداد-البصرة يساعد في مداواة جرح العراق العميق

يعيد القطار الذي يصل بين أكبر مدينتين في العراق الى أذهان الناس حقبة كان بلدهم فيها أكثر سلاما قبل اندلاع العنف الطائفي الذي كاد أن يمزقه.

في ديسمبر كانون الاول استؤنفت خدمة القطارات بين بغداد والبصرة في مراسم هادئة الى حد ما بعد توقف لمدة 18 شهرا. ولم يتجرأ سوى قلة على استخدامها في البداية لكن سرعان ما انتشر الحديث عن سلامة الرحلة وقلة تكلفتها. ويكافح مسؤولو السكك الحديدية الان للحصول على تمويل من أجل شراء المزيد من العربات.

وقال عبد الامين محمود مدير النقل في المؤسسة العامة للسكك الحديدية العراقية "هناك اقبال كبير على الخدمة...الناس لا يشعرون بالقلق..يأتون مع عائلاتهم."بحسب رويترز.

وأوقفت المؤسسة العامة للسكك الحديدية العراقية الخدمة في 2006 بعد تصعيد أعمال القتل والتفجيرات والخطف في منطقة "مثلث الموت" التي تقع جنوبي العاصمة والتي يمر عبرها الخط.

وبنيت السكك الحديدية العراقية على أيدي مهندسين ألمان وبريطانيين خلال أول عقدين من القرن العشرين في سباق بين برلين ولندن للسيطرة على المنطقة. وكانت السكك الحديدية العراقية في يوم ما رابطا حيويا بين أوروبا والشرق الاوسط.

ويمر خط بغداد- البصرة عبر منطقة من العراق كانت معقلا شهيرا لتنظيم القاعدة الى أن أرسلت القوات الامريكية والعراقية المزيد من جنودها هناك العام الماضي.

وفي المجمل تراجعت الهجمات في العراق 60 في المئة منذ يونيو حزيران عندما اكتمل انتشار 30 ألف جندي أمريكي اضافي وبعدما انقلب زعماء العشائر العربية السنية على تنظيم القاعدة بسبب أعمال العنف التي تنفذ دون تمييز.

وعلى متن القطار الذي يسير بوقود الديزل استقر الركاب في أماكنهم استعدادا للرحلة دون أن يفكروا ان كان الجالسون حولهم من السنة أو الشيعة.

وجلست النساء وهن يضعن أطفالهن على حجورهن في حين أخذ الرجال يتجاذبون أطراف الحديث في الوقت الذي بدأت العربات المتألقة تتحرك من رصيف نظيف من محطة بغداد. كانت صورة للنظافة والنظام في بلد عمته الفوضى.

وقال رجل يسافر مع أسرته اكتفى بذكر اسمه الاول مهدي "الحمد لله على عودة القطار. كنت خائفا بعض الشيء في البداية لكنني الان أدعو الجميع لاستخدامه."

وتمتد خطوط السكك الحديدية لمسافة 3300 كيلومتر في جميع أنحاء البلاد. وتصل الخطوط الى سوريا في الغرب وتقول المؤسسة العامة انها تعتزم مدها شرقا الى ايران وجنوبا الى الكويت.

وتستغرق الرحلة بين بغداد والبصرة ما بين 11 و12 ساعة ويتوقف القطار في 40 محطة.

قال العقيد علي التميمي قائد الامن بالمؤسسة "عندما يتحرك القطار يشعر الناس بالامان وبأن الامور تعود الى ما كانت عليه.

"السكك الحديدية لنا جميعا...هل تعتقد أن الركاب يكشفون عن مذاهبهم عندما يصعدون الى القطار.."

وأشاد المزيد من الركاب بالراحة التي يشعرون بها أثناء سفرهم بالقطار مقارنة بالتوقف عند نقاط التفتيش على الطريق بين بغداد والبصرة على مدى رحلة مسافتها 550 كيلومترا.

وقالت أم خالد وقد تجمع أطفالها حولها وهي تفسر سبب سعادتها بالرحلة "مبدئيا هناك التكلفة ثم هناك الراحة والامان."ويشعر الركاب بالسعادة بسبب أسعار التذاكر التي تدعمها الحكومة.

وتكلف الرحلة نحو أربعة الاف دينار (3.33 دولار) للمقعد أي تقريبا ربع أقل أجرة للبصرة عن طريق الحافلات العامة الصغيرة وهي أكثر وسائل النقل شيوعا. ويبلغ ثمن تذكرة عربات النوم عشرة الاف دينار.

وارتفع سعر الوقود الى 450 دينارا للتر من نحو 50 دينارا للتر قبل سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين.

وقال مدير السكك الحديدية في بغداد محمد هاشم "هذا ليس سعر التذكرة الحقيقي فهو لا يغطى تكلفة الخدمة على الاطلاق. تم تحديد سعر ضئيل كخدمة للشعب العراقي...لقد سئموا من السفر بالسيارات والتوقف بشكل مستمر في نقاط التفتيش."ويتم تفتيش الركاب قبل صعود القطار ويقوم حراس المؤسسة العامة بزيهم الازرق بحراسة العربات.

لكن هاشم قال ان الخدمة بين بغداد والبصرة لا تتألف سوى من أربع عربات فحسب بالمقارنة مع ست أو سبع عربات قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003.

وتقول المؤسسة العامة انه منذ ذلك الحين تعرضت القطارات والمحطات والقضبان لاعمال تخريب ونهب كما شهدت عمليات لقوات الجيش العراقي.

وعلى حين تم استئناف الخدمة بين العاصمة والبصرة منذ فترة قصيرة فقد أبقت المؤسسة في بغداد الكثير من الخطوط الاخرى مفتوحة خلال أعمال العنف بل ان بعض الخدمات استؤنفت بعد نحو اسبوعين من الاطاحة بصدام قبل خمسة أعوام.

وقال هاشم ان موظفي المؤسسة وعددهم 11 ألفا وهم مزيج من طوائف وأعراق العراق المختلفة من سنة وشيعة وأكراد ومسيحيين تحدوا القنابل والعنف ليبقوا بعض خطوط الشبكة على الاقل مفتوحة خلال تلك الفترة.

وأضاف "الحقيقة لم نوقف الخدمة قط...حتى عندما كان الوضع في أخطر مراحله لم نتوقف. هذا عملنا."

نيويورك تايمز: جندي عراقي حال دون زيادة ضحايا تفجير الكرادة 

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تقريرا تروي فيه تفاصيل الهجوم الإنتحاري الذي نفذته، مؤخرا، إمرأة على نقطة تفتيش تابعة للجيش العراقي في منطقة الكرادة وسط بغداد.

ونقلت الصحيفة عن عباس علي، صاحب محل لبيع الأجهزة الإلكترونية في الكرادة، قوله "بينما كان في محله صباحا، سمع صياحا يحذر الناس: إنتحاري.. إنتحاري!."

وأضافت أن "علي البالغ من العمر 42 عاما هرع إلى الخارج ليرى جنديا عراقيا يصوب مسدسه نحو امرأة شابة تلبس ثوبا اسود. فرفعت المرأة ذراعيها، وادّعت أن لا شيء عندها؛ إلا أنها كانت تكذب، فالسيد علي رأى أسلاكا تبرز من ملابسها".

وأوضحت الصحيفة أن "الجندي أطلق رصاصتين على المرأة التي هربت راكضة نحو المحال التجارية، عندها خرج احد أصحاب المحال وأطلق النار على المرأة من بندقية كلاشنيكوف هجومية قال انه يحتفظ بها في محله لحماية نفسه".

وقال علي إن "المرأة سقطت بشدة على الأرض إلا أنها تمكنت من الضغط على زر التفجير وهي في أنفاسها الأخيرة".

وأودى الانفجار الذي حدث على مقربة من المسرح الوطني وسط بغداد إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح ثمانية، طبقا لما ذكرت الشرطة العراقية.

ونقلت الصحيفة عن السيد حميد خليل، الذي يبيع الشاي في الشارع نفسه، إن "أعداد الضحايا كانت ستزداد لو لم يصيح الجندي العراقي محذرا الناس."

وقال خليل إن الجندي "كان شجاعا، إلا انه متردد قليلا".

وبعد ساعات، كما تواصل الصحيفة، انفجر باص نقل صغير كان متوقفا مساء الأحد في حي شيعي شرقي بغداد، فقتل شخصين وجرح أربعة آخرين.

وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤول في وزارة الداخلية قوله مساء أمس الأحد أن لا دافع ظاهرا لهذا الهجوم.

وتعلق الصحيفة بقولها إن هجمات من هذا النوع مازالت شائعة في بغداد، إلا أن مسؤولين في الجيش الأميركي ذكروا الأحد إن معدل الهجمات اليومية في عموم العراق انخفض في شهر كانون الثاني يناير الماضي بنسبة اقل من 60% عما كانت عليه في حزيران يونيو الماضي.

الشرطة العراقية تجمع المختلّين لمنع استخدامهم كانتحاريين 

كشف مصدر واسع الإطلاع في وزارة الداخلية العراقية أن السلطات بدأت الخميس حملة واسعة النطاق لجمع المشردين والمختلين عقلياً من شوارع العاصمة، في مسعى منها للتصدي لظاهرة جديدة تتمثل باستخدامهم من قبل الحركات المسلحة، وخاصة تنظيم القاعدة، في تنفيذ هجمات انتحارية.

وقال المصدر إن العمليات تتركز الآن في مناطق محددة من بغداد، حيث يتم جمع التحفظ على أفراد تلك الشريحة قبل أن تقرر لجنة خاصة من الشرطة ووزارة الشؤون الاجتماعية مصيرهم، فيما ذكرت أوساط وزارة الداخلية أن العملية قد تتوسع لتشمل كافة مناطق البلاد.

وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه إن الخطة بدأت تطبق في ثلاثة مناطق وسط العاصمة بغداد، وقد تم خلال الساعات الأولى جمع ثمانية مشردين، بينهم ثلاث نساء.

وستقوم اللجنة المختصة بمراجعة كل حالة على حدة، إذ سيسمح للشحاذين بمغادرة السجن بصحبة أقاربهم بعد توقيع تعهد بعد العودة للتسول، فيما سيحال المختلون عقلياً إلى ملاجئ حكومية.

وكان الجيش الأمريكي قد حذر في تقرير أصدره قبل أسبوعين من قيام المجموعات المسلحة في العراق باستقطاب الإناث لتنفيذ عمليات انتحارية بصورة متزايدة.

وخلص مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في تقييم أعده لوزارة الأمن الداخلي، وحصلت CNN على نسخة منه، إلى أن "الأنثى" أصبحت تعتبر وسيلة فعالة لزعزعة الأمن.

ويرغب المسؤولون في ضمان حصول المسؤولين الأمنيين على تحذيرات حول إمكانية استخدام النساء وجعلهم يدركون السلوك النمطي للهجمات الانتحارية السابقة التي نفذتها النساء.

وجاء في التقييم: حتى في الوقت الذي يبذل فيها الجيش وقوات الأمن مزيداً من الاهتمام والانتباه لقضية تجنيد الأنثى لشن عمليات انتحارية، فإن الإرهابيين يتبنون أساليب وتكتيكات الهجمات الانتحارية لتجاوز الإجراءات الأمنية المتزايدة.

ومن الأمثلة على استخدام الأنثى في العمليات الانتحارية، ذلك الهجوم الذي وقع في الثاني من فبراير/شباط في العاصمة العراقية بغداد، حيث ارتدت انتحاريتان، يعتقد أنهما تعانيان مرض "متلازمة داون"، العقلي أحزمة ناسفة وتم تفجيرهما عن بعد في سوقين للماشية.

كما لقي ثلاثة عراقيين على الأقل مصرعهم، وأُصيب نحو عشرة آخرين، في هجوم انتحاري نفذته امرأة في منطقة تجارية قرب المسرح الوطني بحي "الكرادة" بوسط بغداد، في وقت مبكر من صباح الأحد الماضي.

ويعتقد أن النساء استخدمن لشن هجومين انتحاريين فقط في العراق عام 2003، قبل أن يرتفع العدد إلى خمسة خلال العام 2005 وستة في العام 2007 وستة منذ مطلع العام 2008، وتعتزم الشرطة العراقية نشر المزيد من الشرطيات عند الحواجز لتفتيش النساء والتصدي لهذه الظاهرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25 شباط/2008 - 17/صفر/1429