انخفاض الانتاج الزراعي في جنوب العراق.. اسباب وعراقيل

شبكة النبأ: رغم ما تتميز به الاراضي العراقية من خصوبة عالية ووفرة مياه إلا ان قضية الاستصلاح الزراعي بقيت مشكلة مستديمة في ضوء تداعيات البنية التحتية التي شهدها البلد كنتيجة للحروب المتعاقبة منذ ثمانينات القرن الماضي، والإهمال الكبير لشبكات الري والمبازل خاصة في اراضي جنوب الوسط والجنوب العراقي فضلا عن عدم وجود اية مخططات علمية للنهوض بالواقع الزراعي حتى بعد التغيير الذي اعقب سقوط النظام السابق، مما ادى الى تناقص الانتاج الزراعي حتى اصبح كل شيئ منالخضروات والمحاصيل الزراعية تقريبا يُستورد من الخارج.

ففي محافظة ذي قار تقدر مصادر رسمية مساحات الأراضي الصالحة للزراعة بـ1.045.475 دونم من أصل مساحة المحافظة الكلية البالغة 5.160.000 دونم ، بينما لا تشكل الأراضي المستصلحة سوى 1.5% من المساحات الصالحة للزراعة، لكن هذه المساحات بحسب قول المعنيين مازالت تعاني انخفاضا في الإنتاجية لأسباب تتنوع بين ما هو طبيعي يتمثل بارتفاع مناسيب المياه الجوفية وانتشار ظاهرة ملوحة التربة، وبين ما هو بشري يكمن في قلة الدعم وسوء الاستغلال. 

يقول نائب المحافظ ورئيس اللجنة الزراعية في المحافظة أن "نسبة الأراضي المستصلحة التي تبلغ 1.5% من مجموع المساحات الصالحة للزراعة تتوزع  بواقع 12 ألف دونم أراض مستصلحة استصلاحا كليا و18 ألف دونم أراض مستصلحة استصلاحا جزئيا وهو ما انعكس سلبا على قيمة ونوعية الإنتاج الزراعي في المحافظة."

وأضاف احمد الشيخ لوكالة (أصوات العراق) "هناك واقع زراعي ورثناه من النظام السابق وواقع زراعي آخر أفرزته ظروف البيئة والأرض والمياه وطبيعة الإنسان في ذي قار." 

وأوضح "تسلمت الدولة بنية تحتية متهرئة لم تقم على أسس علمية وإنما كانت مبنية على معالجات ارتجالية وآنية وهذا ما اثر تأثيرا سلبيا واضحا على الواقع الزراعي وقد نتج عنه تخلف زراعي واضح ."

 وعزا احمد الشيخ على الأسباب التي عرقلت وتعرقل تطبيق سياسة زراعية صحيحة إلى ثلاثة أسباب المسبب الأول هو طبيعة الأرض وطوبوغرافيتها في هذه المحافظة القائمة على أرض منخفضة عن مستوى المياه ومعاناتها من المناسيب المرتفعة للمياه الجوفية وتحول التربة إلى مساحات ملحية غير صالحة للزراعة."

وأضاف "هذا ما تم معالجته من خلال نظام الري والبزل القائم على أساس دراسة علمية تمثلت في مشروع (السايفون) الذي يخفض منسوب المياه الجوفية بنسبة كبيرة والعمل جار في تنفيذ المشروع المذكور ومن المؤمل انجازه خلال العام الجاري، فضلا عن  تنفيذ مشاريع بزل واستصلاح في مناطق الغراف وشمال الناصرية ومشروع ابو دوانيش في مراحله المتعددة."

ولفت "اكتنفت هذه المشاريع صعوبات تمثلت باعتراض المواطنين من أصحاب الأراضي على استكمال العمل بالمشاريع المذكورة وقد نجحت المحافظة بحل معضلة الاعتراض على مشروعين من المشاريع المذكورة وبوشر العمل بهما حاليا فيما تم حل مشكل ابو دوانيش مؤخرا وجرت المباشرة بالعمل."

وتابع الشيخ "أما المسبب الثاني فيتمحور حول دعم النشاط الزراعي، وللظروف الأمنية التي مر بها البلد كان الدعم الزراعي يمثل سقفا متدنيا في ميزانية الدولة والخطة الزراعية."

واستطرد "تم خلال هذه السنة وبعد مخاطبة مجلس الوزراء والجهات المختصة دعم التخصيصات الزراعية ومنها أسعار السماد وأسعار المحاصيل المسوقة وقد اقترحت المحافظة نقل الدعم من السماد إلى دعم سعر المحصول المسوق من اجل التخلص من المتاجرة بالأسمدة وتحويل المحاصيل المزروعة من الحنطة والشعير والحبوب الأخرى إلى عمل ذي جدوى اقتصادية."

وبين الشيخ إن "السبب الثالث يتمثل  في المكننة الحديثة والإرشاد والتطوير الزراعي وهذا يشكل معاناة كبيرة لافتقار العراق إلى التواصل مع العالم في أساليب الزراعة والمكننة الحديثة من جهة وعدم المهنية الجادة لفلاحي المنطقة الجنوبية بسبب المشاكل الزراعية وانخفاض ثقافة ووعي الفلاح في مناطقنا."

وأردف "كذلك قيام اغلب الفلاحين بالاتجاه إلى البحث عن التعيين لهم ولأولادهم والاكتفاء بمصدر الدخل الوظيفي كمصدر للمعيشة والعزوف عن النشاط الزراعي المتواصل والدائب الذي من شانه أن يؤمن محصولاً وفيراً وهذا يعد من أهم المشاكل." 

وحول ظاهرة المياه الجوفية وكثرة الملوحة يرى الباحث الزراعي  صادق جعفر من مركز الأبحاث التابع لجامعة ذي قار" إن السياسات القديمة للاتظمة في العراق جعلت أراضى المدينة غير منتجة، لاسيما بعد وضع السداد على مياه الاهوار ثم فتحها بعد سقوط النظام السابق في عام 2003 مما تسبب  في زيادة المياه الجوفية وانعكاس ذلك  سلبيا على الزراعة."

وبين أن "مناطق الاهوار تعتبر مياه مرشحة لتخليص التربة من ملوحة الأرض والعبث بها بهذه الطريقة يسبب في زيادة الملوحة في الثرية وتقف عائقا في عمليات الزراعة."

وأضاف "كذلك عدم كري المصب العام والذي تعتبر مناسيب المياه فيه أعلى من الأرض وعدم كرى الأفرع النهرية التابعة له والتي طمرت على مر السنين بفعل طبيعة المدينة الترابية.. سببا آخر من أسباب ارتفاع مناسيب المياه الجوفية وارتفاع نسبة الملوحة فيها."

وعن الدراسات والبحوث التي قدمت في هذا المجال قال عميد كلية الزراعة والاهوار في جامعة ذي قار إن "مجال التعاون بين الكلية ومديرية زراعة ذي قار قائم ، وقد قدمنا بحوثا في مجالات متعددة عن تردي الواقع الزراعي في المدينة،  لاسيما ونحن أعضاء في اللجنة الزراعية العليا في المحافظة."

وأضاف الدكتور سالم حسين محمد إن "من بين البحوث والدراسات التي قدمت إلى مديرية زراعة المحافظة هي عن تدنى زراعة الحنطة والشعير، وان من أسبابها عدم استخدام الفلاح التقانات الحديثة في زراعتها وضرورة تقديم الدعم المادي له وفتح دورات توعوية للفلاحين، لاسيما وان  البعض منهم يقوم ببيع المواد التي تقوم مديرية زراعة المحافظة بتوزيعها في مواسم الزراعة منها الأسمدة والنايلون وغيرها."

وتابع "من خلال الدراسات التي تناولت الحصول على أعلى نسب من الإنتاج في مجال زراعة الحنطة والشعير هو الدعم المادي للفلاح كي يستطيع الحصول على بذور عالية الجودة والتي تمتاز بخصوصية المقاومة للأملاح ومن هذه البذور التي ذكرت في الدراسة الحنطة 1 و2 وتموز 97 و98 والعز والعجيبة."

 وعن المساحات الإجمالية المخصصة للزراعة في المحافظة وأنواع المحاصيل الزراعية فيها، قال مدير قسم الإنتاج النباتي في مديرية زراعة ذي قار إن "المساحة الإجمالية لمختلف المحصولات الزراعية في مدينة الناصرية بلغت 588807 إلف دونم موزعة على  مناطق متفرقة من المحافظة."

وأضاف عبد الله شنين " إن المساحة المخصصة لزراعة محصولي الحنطة والشعير بلغت 531976 ألف دونم فيما بلغت إجمالي المساحة المخصصة للمحاصيل الزراعية المختلفة الأخرى 56831 ألف دونم ".

وبين أن "المساحة المخصصة لزراعة الحنطة بلغت 239376 ألف دونم والمساحة المزروعة بمحصول الشعير بلغت 292600 ألف دونم فيما توزعت المساحة المزروعة بالمحاصيل الزراعية الأخرى بواقع 5950 ألف دونم لمحصول البصل الأخضر و(1635)ألف دونم لمحصول البصل اليابس و(10528)ألف دونم لمحصول الطماطم المغطاة."

وأضاف إن "المساحات الاخرى تشمل (495) ألف دونم لمحصول الشلغم و( 2105) ألف دونم لمحصول الثوم و(405) ألف دونم لمحصول الجزر و(14055) ألف دونم لمحصول الخضر الأخرى و(3600) ألف دونم لمحصول الباقلاء و(1241) ألف دونم لمحصول الخس و(8650) ألف دونم لمحصول الجت و(6467) ألف دونم لمحصول البرسيم ".

وأشار إلى إن "هناك بعض المشكلات التي يواجهها الفلاحين في المحافظة ومنها ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية عليهم وهي مشكلة تتسبب في عدم زيادة الإنتاج للمحاصيل التي يواجه الفلاح ارتفاعا لأسعارها في الأسواق المحلية وكذلك الآليات الزراعية والمحروقات."

وتطرق شنين إلى مشكلة تساهم ايضا في تدني الإنتاج الزراعي تتمثل "بالروتين الذي يتسبب في تأخير معاملات التسليف الخاصة بالفلاحين." وقال أن الروتين الإداري ممل لان المستفيد من الفلاحين ينتظر لحين عودة معاملته التي ترسل إلى بغداد لغرض الموافقة عليها."

وقال "لو قام المسؤولين بتخفيف هذا الروتين وجعل المعاملة تأخذ مجراها المعتاد في المحافظة لاستطعنا تسليف العدد الأكبر منهم دون اللجوء إلى الانتظار مما يعجل في قيام المزارعين بأعمالهم."

أما معاون مدير زراعة ذي قار فتحدث عن أهمية الاستثمار الزراعي وقال إن "هناك جهود حثيثة تبذل من قبل مجلس محافظة ذي قار من اجل زج كوادر مديرية زراعة المحافظة في دورات خاصة لشرح تفاصيل قانون الاستثمار."

وأضاف بسيل الفراتي أن "مجلس لمحافظة يقوم بالإعداد والتنسيق مع احدي المنظمات لغرض مشاركة كوادر مديرية زراعة المحافظة في دورات خاصة يتعرفون من خلالها على قانون الاستثمار لاسيما وان هناك العديد من المجالات التي تحتاج إلى الاستثمار الذي من شانه أن يزيد من إنتاجية الزراعة بالمحافظة."

وتقع مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، على بعد 380 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23 شباط/2008 - 15/صفر/1429