ملف تخصصي: النفوذ الإيراني الاقليمي

إعداد:علي الطالقاني*

 شبكة النبأ: تعد مراكز ومعاهد الدراسات والابحاث في كثير من الدول، المتقدمة منها على وجه الخصوص، من أهم الخطوات التي تتبنى تلك الدول  رعايتها وذلك لما تقدمه من  تقارير يعتمد عليها صانعوا القرار. ومن بين تلك المراكز التي لعبت دورا كبيرا في  صنع واتخاذ القرار في البيت الأبيض، الذي يضم النخبة الأكثر شهرة في التاريخ السياسي الأمريكي لجهة بناء النماذج السياسية "المثالية" والتي ترسم آليات ووسائط وسيناريوهات فرضها على الواقع، وقد ذاعت شهرة معهد المسعى الامريكي  وخبراءه من خلال ملفات العراق وايران وسوريا ولبنان.

وقد أصدر هذا المعهد مؤخرا تقريره الجديد الذي حمل هذه المرة عنوان "النفوذ الإيراني في شرق المتوسط،،العراق، وأفغانستان." أعد التقرير كل من فريدريك كاغان، ليمبرلي كاغان، دانييلا بليتكا.

يربط التقرير بين سوريا ولبنان والضفة الغربية-غزة ويبين إستراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية، وللتدليل على ذلك يتطرق إلى العلاقات السورية – الإيرانية من خلال المحاور الآتية:

- الروابط العسكرية: وقد تطرق التقرير إلى تفاصيل تتعلق بالتحالف السوري – الإيراني وبالتعاون العسكري السوري – الإيراني.

- الروابط الاقتصادية: أشار التقرير إلى أن العلاقات والروابط الاقتصادية السورية – الإيرانية تزداد كل يوم اتساعاً وعمقاً لجهة كثافة حجم المبادلات الاقتصادية.

كذلك تجدر الإشارة إلى أن تحليل التقرير للروابط الاقتصادية السورية – الإيرانية تطرق إلى الكثير من التفاصيل التي شملت قطاع النقل والموارد الطبيعية والإسمنت والمياه والتعليم والثقافة والكهرباء والنفط والإنشاءات والتعدين والبنوك والمصارف والتجارة.

- التقرير والأطراف الأخرى:

بالنسبة لحزب الله اللبناني فقد تعرض التقرير لروابط وعلاقات إيران مع الحزب في مجالات التسليح والتدريب والدعم الاقتصادي وكان التقرير أكثر تفصيلاً في محاولة إثبات العلاقات والروابط الوثيقة بين حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني. بالنسبة للضفة الغربية – غزة (لاحظ تفادي التقرير لعبارة الأراضي الفلسطينية) فقد تطرق التقرير بشكل عام إلى الدعم العسكري والاقتصادي الذي تقدمه إيران للفلسطينيين ولكنه بشكل خاص ركز على العلاقات والروابط العسكرية والاستخبارية بين قوات الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية والفصائل المسلحة الفلسطينية وتحديداً حركة الجهاد الإسلامي وبقدر أقل حركة حماس. أما بالنسبة للعراق فقد تعرض التقرير لجملة من التفاصيل المتعلقة بحركات المقاومة العراقية والمليشيات الشيعية وأكد على ارتباط قوات الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية بكل الفصائل والأطراف العراقية المسلحة وغير المسلحة المعارضة والمؤيدة للاحتلال الأمريكي وتوصل إلى تحميل إيران مسؤولية حالة عدم الاستقرار في العراق. أما أفغانستان فقد أكد التقرير على قيام طهران باستخدام المساعدات الاقتصادية والاجتماعية كمدخل للضغط على نظام كرزاي ولكن إيران من الجهة الأخرى استطاعت استخدام وتوظيف ورقة اللاجئين الأفغان الذين نزحوا إلى إيران ويرى التقرير بأن طهران مسؤولة عن عدم تنظيم القاعدة وحركة طالبان.

- الاستنتاجات، النوايا، ما وراء النوايا:

استخدم التقرير أسلوب البحث والتحليل الأكاديمي في محاولة الوصول إلى الربط المحكم بين الذرائع وتفاعلات الوقائع والأحداث الجارية من خط الحدود الباكستانية الأفغانية في الشرق وحتى حدود غزة – مصر في الغرب، وذلك من أجل التأكيد على صحة الفرضيات الجيوسياسية الآتية:

- قيام إيران بنشر كل موارد القوة القومية الإيرانية في المنطقة.

- الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية هما المسؤولان عن عملية صنع واتخاذ القرار الاستراتيجي والتكتيكي والتعبوي والعملياتي فيما يتعلق بالأنشطة الإيرانية في المنطقة.

- استطاع الإيرانيون التغلب على فجوة القدرات العسكرية الأمريكية – الإيرانية عن طريق تطوير أساليب ووسائط الحرب اللامتماثلة ومذهبيتها العسكرية والقتالية.

- حاول التقرير إثبات أن إيران تستخدم أسلوب حروب الوكالة (حروب البروكسي) ضد الولايات المتحدة في العراق وضد إسرائيل في الضفة الغربية-غزة وضد حلفاء أمريكا في لبنان.

النوايا الظاهرية المعلنة بواسطة التقرير تتمثل في التأكيد على أن الأزمات والاضطرابات الجارية في منطقة شرق المتوسط والعراق وأفغانستان والتي أصبحت تحدد مشروع القرن الأمريكي الجديد وسيطرة واشنطن على النظام الدولي الجديد هي أزمات تمثل مجرد أزمات فرعية تنطلق ضغوطها من بؤرة مركزية واحدة هي إيران والتي تلعب دور ماكينة توليد طاقة العنف السياسي في المنطقة. أما النوايا الحقيقة غير المعلنة أو بالأحرى شبه المعلنة التي لمح إليها التقرير فتتمثل في الأهداف التالية:

- تجميع مسارح الأزمات ضمن مسرح واحد كبير يمتد من الحدود الأفغانية – الباكستانية حتى حدود غزة – مصر.

- إدراك المخاطر الجارية في هذه المنطقة باعتبارها صادرة عن الخطر الإيراني الذي يشكل مع حلفائه مصدر التهديد الرئيسي للمصالح الحيوية الأمريكية.

- التأكيد على عدم فعالية الوسائل الدبلوماسية في احتواء المخاطر والتهديدات الجارية والماثلة والمحتملة.

- الدفع باتجاه تعبئة الموارد العسكرية وتعبئة عناصر القوة الأمريكية (بما في ذلك إسرائيل) من أجل التعامل الاستباقي مع عناصر التهديد.

وبسبب التفاصيل الكثيرة الواردة في هذا التقرير وبسبب وجود فريدريك كاغان شخصياً على رأس من قاموا بإعداد التقرير نقول: سوف يكون لهذا التقرير تأثير وفعالية في دفع توجهات إدارة بوش المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط خاصة وأن تقارير فريدريك كاغان السابقة قد ثبت لاحقاً أنها كانت تشكل العمود الفقري لتوجهات السياسة الأمريكية العسكرية والأمنية قبل السياسية والاقتصادية إزاء العراق. فهل تنجح محاولة المحافظين الجدد في دفع إدارة بوش نحو مغامرة واسعة في المنطقة خلال الصيف القادم الذي بدأت بواكيره أم أن  الوقت قد فات على تقرير المحافظين الجدد الذي جاء بعد رحيل القطار.

القرن الايراني

من جانب آخر كتب ستانلي هولمز في مجلة "بزنيس ويك" مقالا تحت عنوان هل بدأ القرن الإيراني في منطقة الخليج؟

يقول "هولمز"لا يختلف اثنان الآن على ان من اهم عواقب اطاحة صدام حسين في العراق هو بروز إيران كدولة قوية مهيمنة على منطقة الخليج اليوم. فالإيرانيون ليسوا قلقين الآن من ذلك الدكتاتور الذي كلفهم الكثير من الدماء والاموال في حرب الخليج الاولى التي انتهت عام 1988، اذ ان القيادة في بغداد يسيطر عليها اليوم رفاق موالون لطهران.

ويضيف الكاتب ان من  حق الايرانيين بالتأكيد الشعور بالزهو فهم يتمتعون بالكثير من مراكز القوة في العراق، بدءاً من علاقاتهم القديمة مع رجال الدين في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين.

ويقول "هولمز" لو قارنا عدد المقيمين القلائل الذين عادوا الى العراق من لندن مع عدد نظرائهم الذين عادوا من إيران، وهم بمئات الآلاف، لما صعب علينا معرفة نوعية الثقافة السياسية السائدة في عراق اليوم.

ومن المؤكد ان طهران تستطيع الاستفادة من اتصالاتها العراقية لتسريع رحيل القوات الأمريكية او للحصول على تأييد العراق لمواقف ايران المتشددة في منظمة الأوبك.

والواقع ان اختراق إيران العميق للعراق وموقعها كمنتج رئيسي للنفط في هذا الوقت الحساس، الذي تتسم فيه الاسعار بالارتفاع، يثير شعوراً بالقلق، ليس فقط في الدول المجاورة لها بل ما وراءها.

فمنذ عقود - بل قرون - كانت السيطرة بالمنطقة بأيدي رجال سنة اقوياً مثل صدام. لكن ثمة شعورا بالقلق في أماكن كثيرة منها الاردن، المملكة العربية السعودية بل اسرائيل من تحول ميزان القوة لصالح كتلة شيعية بارزة تتمحور حول ايران والعراق.

عودة للمستقبل

لقد حدث الآن تغيير تاريخي في ميزان القوة لم يحدث مثيل له من قبل منذ القرن السابع، طبقاً لما يقوله أشر سوسر، مدير مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الادنى في جامعة تل أبيب الذي يضيف: يشعر الاسرائيليون بالقلق من ان تصبح ايران الممول الرئيسي لحماس بل السلطة الفلسطينية ايضا.

ولا شك ان ايران تستطيع البروز خلال العقود القليلة المقبلة كبلد ثري وقوي.

وربما تصبح الفترة الراهنة قرن ايران في منطقة الخليج اذا لعب زعماء ايران اوراقهم بشكل صحيح.

ويضيف كاتب المقال ان هذا امر مستبعد جداً اذا حكمنا على الامور بما حدث منذ ان جرى انتخاب محمود احمدي نجاد - 49 - سنة رئيساً لإيران العام الماضي. فإذا تمكن هذا الرجل من البقاء في السلطة، فإنه سيعيد عجلة التطور السياسي والاقتصادي سنوات عدة الى الوراء. اذ ان ايران لم تشهد سوى الاضطراب منذ ان تولى نجاد السلطة، وبدد بعد ذلك كل جهود سابقة المعتدل الرئيس محمد خاتمي لاستعادة نمو الاقتصاد القوي الذي تراجع بعد الثورة الاسلامية عام .1979

ويحدد كاتب المقال انتماء احمدي نجاد لمجموعة الجيل الثاني من السياسيين الايرانيين الاسلاميين الذين لايزالون يعتبرون الثورة لم تنته بعد. هو ليس رجل دين بل محارب سابق في الحرس الثوري وفي حرب الخليج الاولى التي لعبت دوراً في تشكيل تفكير الكثيرين من ابناء جيله. لذا، يعتبر نجاد ومساعدوه كبار رجال الدين الذين هيمنوا طويلاً على النظام رجالاً ضعفاء خانوا ارث الزعيم الروحي الخميني. ومن هنا يحاول نجاد تعزيز هيبة النظام بالصمود امام الغرب في مسألة برنامج ايران النووي، والعمل للتدخل في قضايا اخرى كالعراق والصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

ويعتبر "هولمز" ان اللعبة النووية التي يقوم بها الايرانيون الآن تنطوي على مخاطر كبيرة. فمن غير الواضح هل يريدون فعلاً صنع سلاح نووي أم لا؟ لكن لو نجحوا في ذلك لعززوا هيبتهم بالتأكيد في المنطقة. ومن الواضح ان الشعور الايراني العام يحبذ الحصول على التكنولوجيا النووية ان لم يكن السلاح النووي. لكن على الرغم من هذا يخاطر النظام كثيرا بقتله الثقة بالاقتصاد. فإذا قطع صادرات النفط ردا على العقوبات الدولية او على هجوم عسكري غير محتمل بعد، فإنه سيحرم نفسه عندئذ من مصدر دخل رئيسي.

لذا، ولشعورهم بالقلق مما يمكن ان تُسفر عنه المواجهة النووية وسياسات نجاد الاقتصادية كبح رجال الاعمال خططهم في مجال الاستثمار، وبدأ الايرانيون تحويل مبالغ ضخمة من المال الى دبي واماكن اخرى من العالم.

ويتوقع فريد محمدي كبير مستشاري الاقتصاد والطاقة في واشنطن، انخفاض نمو الانتاج الداخلي الاجمالي في ايران من %5.3 عن السنة المنتهية في مارس 2005 الى %4.3 للسنة المنتهية في مارس .2006

ولو تذكرنا ان تطلعاته الداخلية والاقليمية تعتمد على الكثير من اموال النفط، لجاز لنا الاعتقاد ان نجاد سيحرص على الاهتمام بالصناعة النفطية، غير ان هذا لم يحدث بل وصم المسؤولين عن النفط الايراني بانهم مافيا فاسدة، وقدم ثلاثة مرشحين لتولي وزارة النفط رفضهم البرلمان قبل قبوله المرشح الرابع الذي يبدو انه يحظـى بالاحترام.

ويقول الخبراء ان فترة الاضطراب الراهنة ستنعكس بشكل سلبي على صناعة النفط الايراني التي تكافح لانتاج اربعة ملايين برميل يوميا، لاسيما ان حجم التصدير كان قد انخفض بواقع 90 الف برميل في اليوم عام 2005 او ما نسبته %.3.5

غير ان هذا لا يعني ان النظام الايراني يواجه خطرا كبيرا في الوقت الراهن، فالشعبية الجماهيرية التي يتمتع بها نجاد، واسلوب الحياة المتواضع الذي ينتهجه، اكسبه تأييدا كبيرا لدى ابناء الطبقتين الوسطى والفقيرة.

وطالما بقيت عائدات النفط مستمرة سيتمكن الايرانيون من استخدام نفوذهم هنا وهناك، لكن عليهم الا يبالغوا في اللعب، فاذا كان لاحزاب الشيعة العراقية بعض الجذور الايرانية الا ان هذا لا يعني ان قادة هذه الاحزاب سيقبلون اوامر طهران.

مستقبل الشرق الأوسط

 كما لا‏ ‏يستسيغ‏ ‏بعض‏ ‏العرب‏ ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏مشروع‏ ‏إيراني‏ ‏لمنطقة‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏. ‏ولا‏ ‏يعني‏ ‏ذلك‏ ‏بالضرورة‏ ‏أنهم‏ ‏لا‏ ‏يرون‏ ‏التمدد‏ ‏الذي‏ ‏يحدث‏ ‏في‏ ‏نفوذ‏ ‏إيران‏ ‏الإقليمي، ‏وسعيها‏ ‏إلى‏ ‏تجميع‏ ‏أوراق‏ ‏عربية‏ ‏من‏ ‏العراق‏ ‏إلى‏ ‏لبنان‏ ‏وفلسطين‏. ‏فطموح‏ ‏طهران‏ ‏لأن‏ تعيد‏ ‏صوغ‏ ‏منطقة‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏ ‏على‏ ‏مقاسها‏ ‏ووفق‏ ‏مصالحها‏، ‏لا‏ ‏يخفى‏ ‏على‏ ‏أي‏ ‏متابع‏ ‏لما‏ ‏جرى‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏المنطقة‏ ‏خلال‏ ‏الفترة‏ ‏الماضية‏.‏

لكن‏ ‏العرب‏ ‏الذين‏ ‏لا‏ "يهضمون" ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏مشروع‏ ‏إيراني‏ ‏يعترضون‏ ‏على ‏استخدام‏ ‏كلمة‏ "‏المشروع‏" ‏تحديدا‏ً، ‏وليس‏ ‏على‏ ‏المضمون‏ ‏الذي‏ ‏تعبر‏ ‏عنه‏ ‏في‏ ‏إطار‏ ‏هذا‏ ‏الاستخدام، ‏أو‏ ‏المعنى‏ ‏المقصود‏ ‏بها‏. ‏ويرجع‏ ‏ذلك‏ ‏إلى‏ ‏اعتقادهم‏ ‏أن‏ ‏مصطلح‏ "‏المشروع‏" ‏يحمل‏ ‏معنى‏ ‏إيجابياً‏ ‏ويدل‏ ‏على‏ ‏تغيير‏ ‏إلى‏ ‏الأفضل‏.‏ وقد‏ ‏يكون‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏المعنى‏ ‏الشائع‏ ‏للمشروع‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏. ‏لكن‏ ‏شيوعه‏ ‏لا‏ ‏يعني‏ ‏أنه‏ ‏صحيح‏ ‏بالضرورة‏. ‏فالمشروع‏ ‏هو‏ ‏فعل‏ ‏معين‏ ‏يبغى‏ ‏هدفا‏ً ‏محددا‏ً. ‏ويبدأ‏ ‏المشروع‏ ‏عادة‏ ‏بتصور‏ٍ ‏ما‏، ‏ثم‏ ‏يجري‏ ‏الإعداد‏ ‏لعمل‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏تنفيذ‏ ‏هذا‏ ‏التصور‏. ‏ولذلك‏ ‏فهو‏ ‏ينطوي‏ ‏على‏ ‏فكرة‏ ‏وخطة‏ ‏وممارسة‏.‏

والمشروع، ‏في‏ ‏هذا‏ ‏كله‏، ‏قد‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏إيجابياً‏ ‏ومفيداً‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏زاوية‏ ‏أصحابه‏ ‏والقائمين‏ ‏عليه‏، ‏خصوصاً‏ ‏في‏ ‏المجالات‏ ‏السياسية‏ ‏والاستراتيجية‏. ‏لكن‏ ‏فائدته‏ ‏تكون‏ ‏أوسع‏ ‏في‏ ‏الميادين‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والتجارية‏ ‏والمالية‏، ‏كما‏ ‏على‏ ‏صعيد‏ ‏العلم‏ ‏والتكنولوجيا‏.‏

ولما‏ ‏كان‏ ‏المشروع‏ ‏الإيراني‏، ‏سياسياً‏ ‏واستراتيجيا،‏ ‏يهدف‏ ‏إلى‏ ‏تغيير‏ ‏منطقة‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏ ‏بما‏ ‏يحقق‏ ‏مصالح‏ ‏طهران‏ ‏كما‏ ‏يراها‏ ‏حكامها‏ ‏الآن‏، ‏فمن‏ ‏الطبيعي‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏إيجابياً‏ ‏بالنسبة‏ ‏إليهم، ‏بينما‏ ‏تغلب‏ ‏سلبياته‏ أي‏َّ ‏إيجابياتٍ‏ فيه‏ ‏بالنسبة‏ ‏لمعظم‏ ‏العرب‏. ‏وأكثر‏ ‏العرب‏ ‏خسارة‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏المشروع‏ ‏هم‏ ‏أولئك‏ ‏الذين‏ ‏يطمحون‏ ‏إلى‏ ‏دور‏ ‏أكبر ‏في‏ ‏صوغ‏ ‏مستقبل‏ ‏هذه‏ ‏المنطقة‏، ‏ويرون‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المستقبل‏ ‏يصنعه‏ ‏العمل‏ ‏والبناء‏ ‏والإصلاح‏ ‏والمشاركة‏ ‏والعلم‏ ‏والمعرفة، ‏وليس‏ ‏السلاح‏ ‏النووي‏ ‏ومعاداة‏ ‏الغرب‏.‏

فهناك‏، ‏إذن، ‏مشروع‏ ‏إيراني‏ ‏ظل‏ ‏محبطا‏ً ‏لفترة‏ ‏طويلة، ‏بعد‏ ‏نجاح‏ ‏ثورة‏ ‏آيات‏ ‏الله‏ ‏عام‏ 1979. ‏لكنه‏ ‏بدأ‏ ‏يؤتي‏ ‏بعض‏ ‏ثماره‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏تخلى‏ ‏أصحابه‏ ‏عن‏ ‏عدوانيتهم‏ ‏الأولى‏ ‏التي‏ ‏رافقت‏ ‏سعيهم‏ ‏إلى‏ ‏تصدير‏ ‏ثورتهم‏ ‏عبر‏ ‏إثارة‏ ‏القلاقل‏ ‏والاضطرابات‏ ‏في‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏البلاد‏ ‏العربية‏. ‏وقدمت‏ ‏إدارة‏ ‏بوش‏، ‏بأخطائها‏ ‏الفادحة‏ ‏في‏ ‏المنطقة، ‏أجلّ‏ ‏الخدمات‏ ‏لهم‏ ‏عندما‏ ‏أدى‏ ‏إخفاقها‏ ‏في‏ ‏العراق‏ ‏إلى‏ ‏جعل‏ ‏جنوبه‏ ‏ووسطه‏ ‏منطقة‏ ‏نفوذ‏ ‏إيراني، ‏ودفع‏ ‏جموحها‏ ‏أطرافاً‏ ‏عربية‏ ‏لأن‏ ‏تلوذ‏ ‏بطهران‏ ‏طلباً‏ ‏لمساندة‏ ‏أو‏ ‏عون‏.‏

وعندئذ، ‏اشتد‏ ‏طموح‏ ‏إيران‏ ‏لأن‏ ‏تكون‏ ‏هي‏ ‏القوة‏ ‏الإقليمية‏ ‏العظمى‏ ‏الأولى‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏، ‏وأن‏ ‏يتعامل‏ ‏معها‏ ‏العالم‏ ‏على‏ ‏هذا‏ ‏الأساس‏. ‏وهذا‏ ‏هو‏‏ ‏جوهر‏ ‏مشروعها‏ ‏بشأن‏ ‏مستقبل‏ ‏منطقة‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏.‏

ولأن‏ ‏معظم‏ ‏أهل‏‏ ‏المنطقة‏ ‏عرب‏، ‏فمن‏ ‏الطبيعي‏ ‏والضروري‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏للمشروع‏ ‏الإيراني‏ ‏أبعاد‏ ‏عربية‏ ‏أساسية‏ ‏تتجلى‏ ‏في‏ ‏معظم‏ ‏الأدوات‏ ‏التي‏ ‏يعتمد‏ ‏عليها‏ ‏هذا‏ ‏المشروع‏. ‏فالأداة‏ ‏الأولى‏ ‏لهذا‏ ‏المشروع‏ ‏هي‏ ‏الإمساك‏ ‏بأوراق‏ ‏عربية‏ ‏مهمة‏ ‏ومؤثرة‏ ‏في‏ ‏مستقبل‏ ‏المنطقة‏ ‏عامة‏. ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏العراق‏، ‏رغم‏‏ ‏كل‏ ‏أخطاء‏ ‏نظام‏ ‏صدام‏ ‏حسين، ‏حاجزاً‏ ‏أمام‏ ‏إيران‏، ‏صار‏ ‏هو‏ ‏الممر ‏الذي‏ ‏تتمدد‏ ‏عبره‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أصبح‏ ‏منطقة‏ ‏نفوذ‏ ‏لها‏ ‏على‏ ‏نحو‏ ‏لم‏ ‏يحلم‏ ‏به‏ ‏أبداً‏ ‏نظام‏ ‏آيات‏ ‏الله‏ ‏ولا‏ ‏النظام‏ ‏الشاهنشاهي‏.‏

وإلى‏ ‏جانب‏ ‏هذه‏ ‏الورقة، ‏والورقة‏ ‏اللبنانية‏ ‏المهمة‏ ‏المتمثلة‏ ‏في‏ "‏حزب‏ ‏الله"‏ ‏وحلفائه، ‏أمسكت‏ ‏إيران‏ ‏أخيراً‏ ‏بالورقة‏ ‏الفلسطينية‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏المزايدة‏ ‏على‏ ‏الدول‏ ‏العربية‏ ‏المعتدلة‏، ‏ولكن‏ ‏أيضاً‏ ‏عبر‏ ‏تنمية‏ ‏علاقاتها‏ ‏مع‏ ‏حركة‏ "حماس" ‏التي‏ ‏استولت‏ ‏على‏ ‏قطاع‏ ‏غزة‏ ‏ليصبح‏ ‏امتداداً بدرجة ما ‏لمناطق‏ ‏النفوذ‏ ‏الإيراني‏.‏

أما‏ ‏الأداة‏ ‏الثانية‏ ‏لمشروع‏ ‏إيران‏ ‏فهي‏ ‏الإصرار‏ ‏على‏ ‏تنمية‏ ‏البرنامج‏ ‏النووي‏. ‏فتستغل إيران‏ ‏الشعور‏ ‏الطاغي‏ ‏لدى‏ ‏شعوب‏ ‏المنطقة‏ ‏بالغضب‏ ‏على‏ ‏أميركا‏ ‏وإسرائيل‏ ‏وافتتان‏ ‏هذه‏ ‏الشعوب‏ ‏بالسلاح‏. ‏وهذا هو مغزى تحويل إيران‏ ‏برنامجها‏ ‏النووي‏ ‏إلى‏ ‏قضية‏ ‏كفاحية‏ ‏ورمز‏ ‏لمواجهة‏ ‏الهيمنة‏ ‏الأميركية‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏وإظهار‏ ‏تفوقها‏ ‏على‏ ‏دول‏ ‏المنطقة‏ ‏الأخرى‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏ثانية‏.‏

وليس‏ ‏مهما‏ً ‏بالنسبة‏ ‏للمشروع‏ ‏الإيراني‏ ‏أن‏ ‏يصل‏ ‏البرنامج‏ ‏النووي‏ ‏إلي‏ ‏إنتاج‏ ‏سلاح‏ ‏فوق‏ ‏تقليدي‏. ‏فالأهم‏ ‏هو‏‏ ‏الإصرار‏ ‏على‏ ‏هذا‏ ‏البرنامج‏ ‏الذي‏ ‏يرجح‏ ‏والحال‏ ‏هكذا‏ ‏أن‏ ‏يبقى‏ ‏لفترة‏ ‏طويلة‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏غموض‏ ‏مقصود‏، ‏لأنه‏ ‏يؤدي‏ ‏دورا‏ً ‏سياسياً‏ ‏واستراتيجياً‏ ‏في‏ ‏دعم‏ ‏مشروع‏ ‏إيران‏ ‏الإقليمي‏ ‏في‏ ‏المقام‏ ‏الأول‏.

‏وتتمثل‏ ‏الأداة‏ ‏الثالثة‏ ‏لهذا‏ ‏المشروع‏ ‏في‏ ‏رفع‏ ‏شعار‏ ‏الممانعة‏ ‏ومقاومة‏ ‏النفوذ‏ ‏الأميركي‏ ‏الإسرائيلي، ‏باعتباره‏ ‏شعارا‏ ‏براقاً‏ ‏يدغدغ‏ ‏مشاعر‏ ‏شعوب‏ ‏المنطقة‏، ‏بما‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏القطاعات‏ ‏الأوسع‏ ‏من‏ ‏الشعوب‏ ‏العربية، ‏ويجعل‏ ‏إيران‏ ‏في‏ ‏موقع‏ ‏القائد‏ ‏الفعلي‏ ‏لكل‏ ‏من‏ ‏يرفض‏ ‏السياسة‏ ‏الأميركية‏ ‏ويسعى‏ ‏إلى‏ ‏مواجهة‏ ‏إسرائيل‏.‏

ونأتي‏ ‏إلى‏ ‏الأداة‏ ‏الرابعة‏ ‏التي‏ ‏توفرت‏ ‏لإيران‏ ‏من‏ ‏دون‏ ‏أدنى‏ ‏جهد‏، ‏وهي‏ ‏استغلال‏ ‏الأخطاء‏ ‏الأميركية‏ ‏والإسرائيلية‏ ‏للحصول‏ ‏على‏ ‏مكاسب‏ ‏تدعم‏ ‏دورها‏ ‏وتدفع‏ ‏مشروعها‏ ‏إلى‏ ‏الأمام‏. ‏فقد‏ ‏تكفلت‏ ‏الولايات‏ ‏المتحدة‏ ‏بإزاحة‏ ‏عدو‏ ‏إيران‏ ‏الأول‏ ‏في‏ ‏المنطقة‏، ‏وهو‏ ‏نظام‏ ‏صدام‏ ‏حسين، ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏خلصتها‏ ‏من‏ ‏عدوها‏ ‏الأهم‏ ‏بالقرب‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏المنطقة‏ ‏في‏ ‏أفغانستان‏. ‏وأدى‏ ‏فشل‏ ‏إسرائيل‏ ‏في‏ ‏حرب‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏لها‏ ‏ضرورة‏ ‏على‏ ‏لبنان‏‏ ‏صيف‏ 2006، ‏إلى‏ ‏دعم‏ ‏نفوذ‏ "‏حزب‏ ‏الله"‏ ‏وحلفائه‏، ‏وبالتالي‏ ‏تقوية‏ ‏المشروع‏ ‏الإيراني‏. ‏كما‏ ‏قاد‏ ‏التصعيد‏ ‏الإسرائيلي‏ ‏غير‏ ‏المحسوب‏ ‏في‏ ‏قطاع‏ ‏غزة‏ ‏بهدف‏ ‏إحكام‏ ‏الحصار‏ ‏على‏ ‏حركة‏ "حماس" ‏إلى‏ ‏تمكينها‏ ‏من‏ ‏كسر‏ ‏هذا‏ ‏الحصار‏ ‏عبر‏ ‏اقتحام‏ ‏الحدود‏ ‏مع‏ ‏مصر‏ ‏ومحاولة تصدير‏ ‏المشكلة‏ ‏إليها‏.‏ ومما له مغزى في هذا الصدد موقف رئيس مجلس الشورى الإيراني الذي كان في القاهرة لحضور اجتماع برلمانات الدول الإسلامية في ذروة أزمة معبر رفح. فقد وقف مقيماً القرار المصري بفتح المعبر في البداية، ومثنياً عليه، وكأنه القيّم على قضية فلسطين وصاحب الحق في الحكم على أداء الدول العربية تجاهها!

‏هكذا‏ ‏يبدو‏ ‏المشروع‏ ‏الإيراني‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏تقدم‏. ‏لكن‏ ‏هذا‏ ‏لا‏ ‏ينفي‏ ‏عنه‏ ‏طابعه‏ ‏المغامر، ‏لأنه‏ ‏كان‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتحول‏ ‏إلى‏ ‏كارثة‏ ‏على‏ ‏إيران‏ ‏لو‏ ‏أن‏ ‏الولايات‏ ‏المتحدة‏ ‏نجحت‏ ‏في‏ ‏العراق‏. ‏غير‏ ‏أن‏ ‏فشلها‏ ‏هناك‏ ‏أضعف‏ ‏مشروعها‏ ‏في‏ ‏المنطقة‏ (‏مشروع‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏ ‏الكبير‏) ‏وفتح‏ ‏أبواباً‏ ‏للمشروع‏ ‏الإيراني‏ ‏لكي‏ ‏يتمدد‏ ‏ويكتسب‏ ‏أرضا‏ً ‏جديدة‏ ‏ويتطلع‏ ‏إلى‏ ‏إعادة‏ ‏صوغ‏ ‏المنطقة‏. ‏ولا‏ ‏يعنى‏ ‏ذلك‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏طريقه‏ ‏إلى‏ ‏النجاح‏ ‏حتما‏. ‏فمازال‏ ‏احتمال‏ ‏تحوله‏ ‏إلى‏ ‏كارثة‏ ‏على‏ ‏إيران‏ ‏والمنطقة‏ ‏قائما‏.‏

‏ ‏ولذلك‏ ‏لا‏ ‏ينبغي‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏المشروع‏ ‏العربي‏ ‏الذي‏ ‏نتطلع‏ ‏إليه‏ ‏من‏ ‏نوع‏ ‏هذا‏ ‏المشروع، ‏وإنما‏ ‏يفترض‏ ‏أن‏ ‏يقوم‏ ‏على‏ ‏أسس‏ ‏مغايرة‏ ‏تماماً‏ ‏وأن‏ ‏يسعى‏ ‏إلى‏ ‏بناء‏ ‏قدرة‏ ‏عربية‏ ‏حقيقية، ‏انطلاقاً‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏الدول‏ ‏تتبوأ‏ ‏مكانتها‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏العصر‏ ‏اعتماداً‏ ‏على‏ ‏الديمقراطية‏ ‏وسيادة‏ ‏القانون‏ ‏والاقتصاد‏ ‏القوي‏ ‏المزدهر‏ ‏والتقدم‏ ‏العلمي‏ ‏والإنجاز‏ ‏التكنولوجي‏.‏

ولكي‏ ‏يقدم‏ ‏هذا‏ ‏المشروع‏ ‏بديلاً‏ ‏مقنعاً‏ ‏لما‏ ‏تسعى‏ ‏إليه‏ ‏إيران‏، ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏من‏ ‏أهدافه‏ ‏مواجهة‏ ‏الهيمنة‏ ‏الأميركية‏ ‏والأخطار‏ ‏الإسرائيلية‏، ‏ولكن‏ ‏عبر‏ ‏البناء‏ ‏والإعمار‏ ‏والتنمية، ‏وليس‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏مواجهات‏ ‏مفتوحة‏ ‏ضد‏ ‏الغرب، ‏ومن‏ ‏خلال‏ ‏الاندماج‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏من‏ ‏موقع‏ ‏الندية‏ ‏والتكافؤ‏ ‏وليس‏ ‏فك‏ ‏الارتباط‏ ‏معه‏ ‏والدخول‏ ‏في‏ ‏حروب‏ ‏ضده‏.‏

والمنطق‏ ‏الذي‏ ‏يقوم‏ ‏عليه‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏المشروع‏ ‏هو‏ ‏أن‏ ‏العلاقة‏ ‏وثيقة‏ ‏لا‏ ‏تنفصم‏ ‏بين‏ ‏حياة‏ ‏أفضل‏ ‏للشعوب‏ ‏والقدرة‏ ‏على‏ ‏حماية‏ ‏حقوقها‏ ‏ومواجهة‏ ‏الأطماع‏ ‏الأجنبية‏. ‏فالحفاظ‏ ‏على‏ ‏كرامة‏ ‏الأمة‏ ‏وعزتها‏ ‏يتحقق‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏سياسات‏ ‏ترمي‏ ‏إلى‏ ‏حياة‏ ‏أفضل‏ ‏للشعوب‏، ‏وليس‏ ‏عبر‏ ‏سياسات‏ ‏الانتحار‏ ‏وتمجيد‏ ‏الموت‏ ‏والاحتفاء‏ ‏بالجثث‏.‏

ومشروع‏ ‏هذا‏ ‏طابعه‏ ‏يتطلب، ‏والحال‏ ‏هكذا‏، ‏دعامتين‏:‏

الأولى‏ ‏إصلاحات‏ ‏سياسية‏ ‏جادة‏ ‏توفر‏ ‏قدراً‏ ‏معقولاً‏ ‏من‏ ‏الحريات‏ ‏العامة‏ ‏والفردية، ‏وتتيح‏ ‏تنافساً‏ ‏سياسياً‏ ‏مفتوحاً‏، ‏وتحقق‏ ‏مشاركة‏ ‏شعبية‏ ‏واسعة‏، ‏وتمكن‏ ‏المرأة‏ ‏من‏ ‏القيام‏ ‏بدورها‏ ‏في‏ ‏بناء‏ ‏المستقبل‏. ‏

فهذه‏ ‏الإصلاحات‏ ‏هي‏ ‏الجديرة‏ ‏بأن‏ ‏تأخذ‏ ‏الشعوب‏ ‏العربية‏ ‏من‏ ‏حالة‏ ‏الإحباط‏ ‏والغضب‏ ‏والتطرف‏ ‏إلى‏ ‏الأمل‏ ‏والعمل‏ ‏والبناء‏.‏

والثانية‏ ‏إصلاحات‏ ‏اقتصادية‏ ‏واجتماعية‏ ‏تفتح‏ ‏الباب‏ ‏أمام‏ ‏مبادرات‏ ‏الأفراد‏ ‏الخلاقة‏ ‏وتطلق‏ ‏طاقات‏ ‏الشعوب‏ ‏المعطلة‏ ‏سعياً‏ ‏إلى‏ ‏رفع‏ ‏حقيقي‏ ‏لمعدلات‏ ‏النمو‏، ‏على‏ ‏أن‏ ‏يقترن‏ ‏ذلك‏ ‏بسياسات‏ ‏توزيعية‏ ‏تحقق‏ ‏قدرا‏ً ‏معقولاً‏ ‏من‏ ‏العدالة‏. ‏وبديهي‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏يتطلب‏ ‏إصلاحا‏ً ‏تعليمياً‏ ‏واهتماماً‏ ‏بالبحث‏ ‏العلمي‏ ‏ورؤية‏ ‏مستقبلية‏ ‏للتطوير‏ ‏التكنولوجي‏.‏

.......................................................................................

المصادر/

 جريدة الاتحاد + موقع الجمل

*المركز الوثائقي والمعلوماتي

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

www.annabaa.org

Arch_docu@yahoo.com 

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23 شباط/2008 - 15/صفر/1429