كارثة المهجرين والنازحين العراقيين: نار تستعر تحت الرماد

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: مع تناقص شبح الهجمات الدموية على المدنيين وتضاؤل ظاهرة التهجير القسري للمواطنين من مناطق سكناهم تنتقل مأساة المهجرين والنازحين العراقيين من تأثيرات العنف والارهاب التي دمرت حياتهم الى معظلة الترهل الحكومي الذي عجز حتى الان عن الوقوف على اهم احتياجات هذه الفئة التي اصبحت شريحة كبيرة من شرائح العراقيين، وتظهر اسباب هذا العجز في ضعف لجان العمل والمتابعة ومنها اللجنة البرلمانية المختصة بالمهجرين والنازحين، وكذلك الآليات المعقدة في توصيل ما تقرر من مساعدات عينية ومادية لهم.    

فقد قالت الأمم المتحدة ان أربعة ملايين لاجيء عراقي يواجهون صعوبات في توفير الغذاء وأن 40 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 27 مليون نسمة لا يجدون مياه آمنة رغم الثروة النفطية والاقتصاد المنتعش.

ويمتلك العراق مقومات للازدهار في ظل معدل نمو اقتصادي يبلغ حوالي سبعة بالمئة وفق تقديرات الامم المتحدة وميزانية وطنية يبلغ حجمها 48 مليار دولار مدعومة بصادرات نفطية تبلغ 1.6 مليون برميل يوميا.

غير أن هجمات المسلحين والهجمات الطائفية تسببت في نزوح أكثر من مليوني شخص وتركت نحو ضعف هذا العدد فريسة للجوع. بحسب رويترز.

وقال ديفيد شيرر منسق الشؤون الانسانية بالامم المتحدة لرويترز لدى اطلاق مناشدة لحكومات الدولة المانحة لجمع 265 مليون دولار لعام 2008 " ليس بوسع أربعة ملايين عراقي أن يضمنوا وجود طعام على موائدهم غدا."

وتقول الامم المتحدة ان عدد النازحين ارتفع الى مثليه تقريبا منذ عام 2006 الى قرابة 2.5 مليون شخص. وبسبب معدلات البطالة المرتفعة بات عدد كبير اخر غير قادر على توفير الغذاء لانفسهم.

وتراجع العنف في أنحاء العراق بنسبة 60 بالمئة منذ يونيو حزيران الماضي بفضل زيادة في عدد القوات الامريكية بلغت 30 ألف جندي وانقلاب زعماء عشائر سنية ضد تنظيم القاعدة واعلان ميليشيا جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقفا لاطلاق النار.

وقال شيرر ان 36 ألف نازح عادوا الى منازلهم خلال هذه الفترة وهو عدد قليل للغاية من بين اجمالي من فروا من أعمال العنف.

وتابع "نلاحظ ثباتا في أعداد النازحين." واضاف أن العراق لا يزال يشكل خطرا كبيرا على تنقل عمال المساعدات الاجانب أو على وجود واسع النطاق للامم المتحدة.

وفي اغسطس اب عام 2003 فجر مسلحون مقر الامم المتحدة في بغداد مما اسفر عن مقتل سيرجيو فييرا دي ميلو ودفع ذلك المنظمة الدولية لسحب معظم موظفيها دون زيادة عددهم حتى الان.

وقال شيرر انه ينبغي أن ينظر الى المناشدة الاخيرة على أنها لمنع حدوث فجوة الى أن تكمل الحكومة انشاء شبكاتها الخاصة وليس على أنها محاولة لتوسيع الوجود طويل الاجل لمنظمات المساعدات في العراق.

وفيما يسلط الضوء على المفارقة في توجيه مناشدة للحصول على مساعدات في بلد ثري مثل العراق قالت الحكومة انها ستقدم للمرة الاولى 40 مليون دولار من خزانتها.

وتشمل عناصر المناشدة توفير أغذية بقيمة 97 مليون دولار ومأوى بقيمة 37 مليون دولار ورعاية صحية بتكلفة تبلغ 32 مليون دولار وأنشطة خاصة بحقوق الانسان تتكلف 26 مليون دولار ومياه وصرف صحي بتكلفة 21 مليون دولار والتعليم بتكلفة 18 مليون دولار.

العراقيون يفضلون شظف اللجوء على الأمن المفقود في بلادهم

بعد اربعة شهور على مغادرته بغداد الى دمشق مفضلا شظف العيش كلاجىء في سورية على الامن المفقود في بلاده، لم يعد ابريم يحلم سوى بشيء واحد هو السفر للعيش مع شقيقته في الولايات المتحدة.

ويلتقي هذا المرافق الامني السابق في العراق يوميا تقريبا نحو عشرين لاجئا عراقيا مثله عاطلين عن العمل في منطقة جرمانا في ضاحية دمشق الجنوبية لتمضية الوقت ومناقشة احتمالات السفر. يقول »لا يمكنني ان ابقى على هذا المنوال طويلا«.

ويقول ابريم الذي فضل عدم كشف اسم عائلته ان الكثير من العراقيين قرروا العودة الى بلادهم »بسبب ظروفهم المادية الصعبة في سورية«.

ويقول ابريم (47 عاما) ان البعض فضل العودة الى العراق مع ان العنف لم يتراجع هناك ولا تزال الانفجارات والاغتيالات والهجمات المسلحة الخبز اليومي للعراقيين.

ويروي انه لم يغادر بلاده الا بعد تعرضه للتهديد المباشر. يقول »لقد احرقوا منزلي قبل ثمانية اشهر وكانوا يريدونني ان اتخلى عن عملي«.

وكل ما يأمل فيه اليوم هو قيام المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة بمساعدته في اللجوء الى الولايات المتحدة. بحسب أ ف ب.

ابراهيم حيران (70 عاما) يكرر الشيء نفسه ويقول انه لم يعد يتحمل عيشة اللاجئين في سورية التي وصلها قبل ثلاث سنوات.

وقال انتظر تدخل العناية الالهية.. معربا عن استعداده للهجرة الى اي بلد في العالم استطيع العمل فيه من دون ان اتعرض للقتل« كما هي الحال في العراق.

من جهته يقول حامد (46 عاما) الضابط المتقاعد منذ العام 1989، لا استطيع العمل هنا والحياة صعبة واريد ان اهاجر الى اي مكان في العالم.

وكان ابنه حيدر (11 عاما) خطف في بغداد عام 2006 ووجدت جثته بعد اسبوع.

ويروي بائع المجوهرات العراقي قحطان (67 عاما) كيف قام مسلحون باطلاق النار عليه من دون سبب وهو يدل على آثار الجروح على ظهره.

وتعرض ابنه المهندس (29 عاما) للخطف في العاصمة العراقية الا انه تمكن من انقاذه بعد دفع فدية بقيمة 60 الف دولار. ويقول قحطان، حتى الان اتدبر اموري الا ان المال من دون دخل يتبخر سريعا.

وفي حي السيدة زينب في الضاحية الجنوبية لدمشق ايضا تبدو غالبية السكان من العراقيين. واستقبل هذا الحي معارضين لصدام حسين قبل العام 2003، وبعد هذا العام غرق تحت وطأة آلاف اللاجئين العراقيين اليه.

ويقف عماد امام السيارة التي يفترض ان تعيد اهله الى العراق. اما هو فسيغادر الى السويد مع زوجته واولاده.

وقال عماد انا لست مسرورا بالتوجه الى السويد. ويعرب عن الامل في التمكن من العودة الى الوطن فور استتباب الوضع الامني.

ولوضع حد لتدفق اللاجئين بشكل واسع وضعت السلطات السورية بعض القيود على دخولهم في اكتوبر 2007.

الأمم المتحدة تتلقى تأكيدا من سوريا بعدم ترحيل العراقيين

من جهته قال المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو جوتيريس انه تلقى تأكيدات من الحكومة السورية بعدم اجبار أي من اللاجئين العراقيين على العودة الى بلادهم بغض النظر عن أوضاعهم القانونية.

وشددت السلطات السورية العام الماضي قوانين التأشيرة والاقامة على اللاجئين العراقيين الذين يزيد عددهم على المليون لاجيء في سوريا مما اثار مخاوف من ان تقوم دمشق بترحيل من لا تنطبق عليه الشروط الجديدة.

وقال جوتيريس بعد لقائه الرئيس السوري بشار الاسد "تلقينا اعادة تأكيد من سيادة الرئيس ومن الحكومة بأن سوريا لن تجبر أيا من اللاجئين العراقيين على العودة الى العراق بغض النظر عن وضعهم القانوني في سوريا."بحسب رويترز.

وصرح جوتيريس بأن الوضع الامني في العراق لم يتحسن بشكل يسمح للمفوضية بتوصية اللاجئين بالعودة الى وطنهم بالرغم من ان الحكومة العراقية تشجعهم على العودة.

وبدأ الاف اللاجئين في سوريا العودة الى العراق في الاشهر الماضية بعد نفاد مدخراتهم والتحسن النسبي في الاوضاع الامنية في بعض مناطق العراق.

وقال جوتيريس "لدينا معايير للدعوة الى العودة الى العراق التي لم تحقق بعد. نحن لا ندعوا الى العودة الى العراق في الظروف الحالية لاننا لا نعتقد ان هذه الظروف ستؤمن ملجأ مناسبا لهم... ولكن هذا لا يعني اننا لن ندعم من يريد العودة."

إعفاء العراقيين الراغبين بمغادرة الاردن من الغرامات

وفي سياق متصل قالت صحف أردنية إن الاردن أعفى العراقيين الراغبين بمغادرة المملكة من غرامات الاقامة المتراكمة عليهم وأعطى الراغبين بالبقاء شهرين لتصويب اوضاعهم.

ونقلت الصحف اليومية عن وزير الداخلية عيد الفايز قوله إن جميع العراقيين الراغبين بالعودة للعراق أو المغادرة الى أي دولة أخرى سيعفون من كافة الغرامات بينما سيعفى العراقيين الراغبين بالبقاء في المملكة والمتجاوزين فترة إقامتهم من نصف الغرامات على ان يصوبوا اوضاعهم خلال شهرين.

واضاف الفايز ان على العراقيين الحصول على تأشيرة للدخول الى الاردن من شركة تم اعتمادها لهذا الشأن داخل العراق او من سفارات المملكة في الدول الاخرى.

وقال المسؤول ان هذه الاجراءات تأتي "انسجاما مع المواقف الاردنية لمساعدة الشعب العراقي وتقديم جميع الامكانيات والتسهيلات له لحين زوال محنته."بحسب رويترز.

وقدرت منظمة نرويجية مستقلة ان الاردن يستضيف حوالي نصف مليون لاجيء عراقي معظمهم فر من العنف في العراق منذ بدأ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.

وقالت منظمة فافو النرويجية للدراسات ومقرها اوسلو ان دراسة أجريت على مدى ستة اشهر كلفتها بها الحكومة الاردنية اظهرت ان معظم اللاجئين العراقيين في المملكة هم من المسلمين السنة الذين فروا من العاصمة بغداد. واشارت الاحصاءات التي قدمتها سلطات الحدود الاردنية الى ان اكبر تدفق للعراقيين كان في عام 2005.

وقالت الدراسة ان اكثر من 95 بالمئة من العراقيين الذين تمت مقابلتهم لا يخططون للعودة قبل ان يتحسن الوضع الامني في بلدهم وان واحدا من خمسة عراقيين بدأ بالفعل بمحاولة الهجرة للغرب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19 شباط/2008 - 11/صفر/1429