
شبكة النبأ: بينما تسعى الأكثرية
الألبانية المسلمة في اقليم كوسوفو الى الاستقلال تبذل الحكومة الصربية
جهدها في منع هذا التوجه مستندة الى إرادة روسية تحاول لاهثةً الاحتفاظ
بالصورة الأسطورية للاتحاد السوفياتي السابق. بينما يكاد المجتمع
الدولي ان يُجمع على أحقية مطالب المسلمين الألبان في الإستقلال.
وفي ظل ذلك تبقى صربيا على طرفي نقيض حيث انها لا تستطيع ولوج
الاتحاد الاوربي ما لم تقبل بإستقلال الإقليم بينما أدى بوريس تاديتش
اليمين الدستورية كرئيس لصربيا في أشد اللحظات الصادمة منذ أن تعرضت
صربيا للقصف من قبل قوات حلف شمال الاطلسي في عام 1999 لإنهاء التطهير
العرقي في الاقليم.
وقال تاديتش بعد أداء اليمين "لن اتخلى أبدا عن القتال من أجل
اقليمنا كوسوفو ولا القتال من أجل انضمام صربيا للاتحاد الاوروبي."
بحسب رويترز.
ويحظى اقليم كوسوفو المحاط بالجبال بمكانة أسطورية لدى الصرب لكنه
الان موطن لأغلبية من الالبان العرقيين الذين يشكلون 90 بالمئة من سكان
الاقليم البالغ عددهم مليونان.
وكان رئيس الوزراء فيوسلاف كوستونيتشا ذو الميول القومية الذي تفوق
على تاديتش المؤيد للغرب ليصبح بطلا لا يبارى للوحدة الصربية قال للصرب
ان انفصال اقليم كوسوفو "على وشك أن يصبح واقعا" لا يمكن منع حدوثه
لكنه تعهد بأن صربيا لن تقبل مطلقا حدوث ذلك.
وينوي معظم دول الاتحاد الاوروبي بالاضافة الى الولايات المتحدة
الاعتراف بكوسوفو. ويقولون ان صربيا تخلت عن حقها في حكم شعب كوسوفو
بسبب الوحشية التي استخدمتها ضدهم في حرب عامي 1998 و1999 في عهد
الرئيس الصربي الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش ولانه لا يوجد أمل في التوصل
الى حل وسط.
ويقف تاديتش وكوستونيتشا على طرفي نقيض فيما يتعلق بانضمام صربيا
للاتحاد الاوروبي اذا وافقت دوله على انفصال كوسوفو.
وتصر صربيا وحليفتها روسيا على أن الحقوق القانونية في السيادة
والوحدة الاقليمية أهم من مطالبة أقلية عرقية بتقرير المصير.
وعرضت صربيا على ألبان كوسوفو حكما ذاتيا في اطار الحدود الصربية
ولكن دون أن يكونوا مواطنين كاملين. ويعتقد الغرب أن هذه الصيغة غير
قابلة للاستمرار على المدى الطويل.
ويخضع اقليم كوسوفو بالفعل لادارة الامم المتحدة ولحماية حلف شمال
الاطلسي منذ أكثر من تسع سنوات. ويقول هاشم تقي زعيم كوسوفو انه يمكن
أن يتوقع اعتراف 100 دولة باستقلال الاقليم.
ودعا رئيسا وزراء صربيا وكوسوفو للهدوء مع بدء العد التنازلي لإعلان
كوسوفو الاستقلال. وحث كوستونيتشا الصرب في كوسوفو والذين يقدر عددهم
بنحو 120 ألفا على البقاء في الاقليم فيما دعا هاشم تقي اللاجئين الصرب
للعودة.
وقال تقي في مؤتمر صحفي "أدعو كل الذين يريدون العودة الى ديارهم
وممتلكاتهم بما في ذلك النازحون الصرب الذين يعيشون خارج كوسوفو
للعودة."
وتابع قائلا "في كوسوفو سيكون هناك أمن لكل المواطنين. الحكومة
ملتزمة بالتطلع للمستقبل والتغلب على الماضي الحزين."
وقال فوك جيريميتش وزير خارجية صربيا للامم المتحدة ان صربيا لن
تستخدم القوة العسكرية لكنها ستستخدم "كل الوسائل والاجراءات
الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية... لعرقلة والرد على هذا الهجوم
المباشر على سيادتنا والذي لا يسبقه أي استفزاز." وأضاف أن كوسوفو
ستكون "لنا حتى النهاية."
والقومية المتشددة لا تزال قوة مؤثرة في صربيا. ولم يخاطر أي سياسي
من التيار الرئيسي بالاعتراف بأنه من المحتمل أن تكون كوسوفو فقدت
بالفعل قبل تسعة أعوام عندما قتلت القوات الصربية الافا من المدنيين
الالبان.
ودعا القوميون الصرب الى تنظيم احتجاجات في بلجراد الاسبوع القادم
ضد الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. ومن المتوقع أن يشارك عشرات
الالاف. ويستعد السفراء الصرب للانسحاب من السفارات في دول الاتحاد
الاوروبي للتشاور في صربيا.
وتحذر روسيا من أن الغرب يطلق ماردا خطيرا من القمقم بتأييده
الانفصال دون موافقة من الامم المتحدة. وتقول موسكو ان الخطوة ستؤثر في
سياستها تجاه منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الحنوبية في جمهورية جورجيا.
ويقول الغرب ان كوسوفو لا يشكل سابقة لكنه حالة فريدة بسبب وحشية
نظام للحكم تجاه أقلية عرقية.
ويقلل الالبان العرقيون في جمهوريات مقدونيا والجبل الاسود وجنوب
صربيا من المخاوف بأنهم سيسعون أيضا للانفصال لانشاء "ألبانيا كبرى" في
البلقان.
لكن الاثار الناتجة عن انهيار يوغوسلافيا الطويل والدامي قد تمتد
طويلا. ففي البوسنة يقول الصرب الذين حصلوا على أكثر من نصف الدولة
بموجب اتفاق السلام الذي أنهى الحرب فيما بين عامي 1992 و1995 انهم
سيطالبون أيضا بالانفصال عن البوسنة اذا انفصل اقليم كوسوفو.
العالم يستعد لصِدام جديد يعيد
البلقان لدائرة الضوء
ومع اعلان اقليم كوسوفو الاستقلال عقد مجلس الامن الدولي اجتماعا،
فيما هددت روسيا وصربيا باستخدام كافة الوسائل الدبلوماسية من اجل
معارضة هذه الخطوة.
وفي مقر الامم المتحدة حافظ الدبلوماسيون على هدوئهم فيما استعدوا
للتعرض مرة اخرى لمسالة كوسوفو. وكان مجلس الامن الدولي وصل الى طريق
مسدود العام الماضي في هذه المسالة وارسلها للاتحاد الاوروبي في
بروكسل.
غير ان الحكومة التي يقودها الالبان في برشتينا مصممة على المضي
قدما في اعلان استقلال احادي الجانب اليوم الاحد.
ويعتزم الاتحاد الاوروبي عقد اجتماع يوم الاثنين لتقييم النتائج
واصدار قرار بشان تاييده لإستقلال الاقليم.
وفي برشتينا عاصمة كوسوفو رفض رئيس الوزراء هاشم تقي سلطة مجلس
الامن الدولي رغم ان مؤسسات كوسوفو الديمقراطية انشاتها الامم المتحدة
ويمول امنها ويدعمها كل من حلف شمال الاطلسي (الناتو) والاتحاد
الاوروبي.
وقال تقي ان »كوسوفو له جدول اعماله المشترك الذي وضع بالتعاون مع
السلطات الدولية ونتوقع الحصول على دعم قوي له (الجدول)«، دون اي يحدد
هوية تلك السلطات.
واضاف تقي ان »قضية كوسوفو حاليا خارج مبنى مجلس الامن الدولي.واما
بخصوص وضع (الاقليم) فانه جرى اعداد جميع الترتيبات..شعب كوسوفو يعرف
تاريخ اعلان الاستقلال وسيتخذ القرار في وقت قريب للغاية«.
وتستعد بعثة الامم المتحدة الخاصة الى كوسوفو، والتي وصلت الى
برشتينا عام 1999 عقب قصف قوات الناتو الذي ادى الى اخراج قوات الامن
الصربية المتهمة بارتكاب فظائع ضد السكان من اصل الباني، لمواجهة بين
كوسوفو وصربيا.
وقال يواخيم روكر رئيس بعثة الامم المتحدة في برشتينا:اننا مستعدون
لكافة الاحتمالات ولا نتوقع صعوبة.. نعتقد ان شعب كوسوفو ناضج ومهتم
بالسلام والاستقرار.
وسوف يكون وزير خارجية صربيا فوك جيرميتش هو وزير الخارجية الوحيد
الذي يلقى كلمة امام مجلس الامن دون ان تكون دولته عضوا في المجلس،
وذلك عقب طلب من حكومته بعقد اجتماع مغلق. ولم تطلب كوسوفو الحضور.
وصرح دبلوماسيون للصحفيين في تصريحات بشان خلفية الاجتماع ان الطلب
الذي تقدمت به روسيا وصربيا لعقد اجتماع يهدف الى دق اسفين بين الدول
الاعضاء في الاتحاد الاوروبي المنقسمة اساسا بشان هذه القضية.
وفي بلجراد قال رئيس الوزراء الصربي فويسلاف كوستونيتشا ان صربيا
سوف تلغي اي اعلان للاستقلال الفردي من جانب اقليم كوسوفو التابع لها
رافضا ايجاد »دولة وهمية«على الاراضي الصربية.
كوسوفو ستعلن الاستقلال
وقال مصدر سياسي كبير من كوسوفو لرويترز "سيتم كل شيء يوم الأحد".
ونفى التكهنات بأن الاستقلال سيكون عملية على مرحلتين أولها بيان إعلان
نية مطلع الاسبوع المقبل قبل الاعلان الفعلي في مارس اذار.
ويأمل اقليم كوسوفو في اعتراف سريع من الولايات المتحدة والاتحاد
الاوروبي الذي يجتمع وزراء خارجيته يوم 18 فبراير شباط.
لكن صحيفة زيري التي تصدر في كوسوفو ذكرت أن الاقلية صربية في
الاقليم تخطط لانفصال خاص بها مع طرح مقترحات بتشكيل "برلمان" يوم
السبت المقبل في منطقة ميتروفيتشا التي تقطنها غالبية من الصرب بشمال
كوسوفو.
وقالت الصحيفة ان البرلمان جزء من خطة صربية "لاقامة كيان منفصل
سياسيا وعلى الأرض تربطه أواصر خاصة بصربيا."
رغم الخلافات.. الاتحاد الاوروبي
يتوقع موقفا موحدا
ويتوقع الاتحاد الاوروبي أن يتوصل الى اتفاق في مطلع الاسبوع القادم
بشأن الاضطلاع بدور إشرافي في اقليم كوسوفو رغم أن ستة من أعضائه على
الاقل لن يعترفوا بداية باستقلال الاقليم الانفصالي عن صربيا.
وقال ديمتري روبيل وزير خارجية سلوفينيا الذي تتولى بلاده رئاسة
الاتحاد الاوروبي لصحيفة بولندية "الأمر واضح بالفعل تقريبا. الاتحاد
الاوروبي سيرسل بعثة لكوسوفو لتحل محل بعثة الامم المتحدة للاستقرار."
وقال روبيل لصحيفة دزينيك البولندية في مقابلة "كوسوفو تخضع لادارة
الامم المتحدة منذ عشر سنوات. وهي من الناحية العملية كمحمية أوروبية."
وقال دبلوماسيون انه من المقرر الموافقة في منتصف الليل (2300
بتوقيت جرينتش يوم الجمعة) على قرار يقضي بتدشين بعثة تضم حوالي ألفي
شرطي ورجل قضاء مع ادارة مدنية من الاتحاد الاوروبي الا اذا اثار أي من
الدول الاعضاء في الاتحاد الذي يضم 27 دولة اعتراضا في اللحظة الاخيرة.
وقال دبلوماسيون انه من المرجح أن يعترف ما يصل الى 20 دولة من
الاتحاد الاوروبي من بينها القوى الكبرى بالدولة الجديدة بسرعة غير أن
ستة من دوله الاعضاء هي قبرص واليونان وسلوفاكيا واسبانيا وبلغاريا
ورومانيا أشارت الى أنها لن تفعل ذلك على الفور.
وقالت ايراتو كوزاكو ماركوليس وزيرة الخارجية القبرصية لرويترز
"معارضتنا (لاستقلال كوسوفو) لم تتغير .. لن نعترف باعلان استقلال من
طرف واحد. موقفنا مبني على مبادئ ميثاق الامم المتحدة وسيادة ووحدة
اراضي الدول ودور مجلس الامن التابع للامم المتحدة." |