ملف الانتخابات الأمريكية: الجري نحو المكتب البيضاوي

16- 2-2008

شبكة النبأ: منذ أحداث سبتمبر والعاصفة التي أطاحت بالقوة الأمريكية من الداخل، وكل مرشح بين مرشحين الرئاسة الأمريكية يأخذ على عاتقه مسؤولية التغيير والإصلاح ومحاربة التطرف، ابتداء من الحرب التي خاضها الأمريكيون في أفغانستان والعراق، إنه برنامج جديد بعد فيتنام ونكازاكي. الجمهوريون والديمقراطيون إلى سدة الحكم وماراثون الرئاسة الأمريكية تعده (شبكة النبأ) في هذا التقرير:

الجمهوري جون ماكين خرج عن الأنماط التقليدية

يعتبر جون ماكين الذي حقق تقدما كبيرا في السباق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية من قدامى السياسة الاميركية وهو في الواحدة والسبعين جمهوري خارج عن الانماط التقليدية ومبغوض من قسم من قاعدة حزبه المحافظة المتطرفة.

وصرح معلقا على فوزه في تسع من الولايات الـ21 التي شملتها الانتخابات التمهيدية الجمهورية: اعتقد انه ينبغي الاعتياد على فكرة اننا الأوفر حظا بين مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية.

وماكين المولود عام 1936 هو من ابطال حرب فيتنام حيث اسر خمس سنوات. وهو يتحدر من عائلة من العسكريين المرموقين اذ كان والده وجده ضابطين برتبة اميرال ويشارك احد ابنائه حاليا في القوات المنتشرة في العراق.

ولطالما دافع سناتور اريزونا عن الحرب في العراق رغم انتقاده طريقة ادارتها. وقد عارض بشكل مباشر وزير الدفاع السابق دونالد رامسفلد وهو يؤكد ان على الجيش الاميركي ان يبقى في العراق "مئة عام اذا اقتضى الامر".

كما ان خبرته في الجيش ومشاركته في العديد من اللجان النيابية حول الدفاع والسياسة الخارجية تجعلان منه لاعبا يحظى باحترام كبير في هذه المجالات. وقال اخيرا بهذا الصدد: إنني مؤهل أكثر من سواي على صعيد المعرفة والخبرة والسوابق والقدرة على التمييز لقيادة هذه الامة في وجه التطرف الاسلامي. بحسب (ا ف ب).

وبالرغم من تأييده الثابث لسياسة الرئيس جورج بوش بشأن العراق ولا سيما استراتيجية ارسال تعزيزات عسكرية الى هذا البلد التي بدأ تنفيذها في كانون الثاني/يناير 2007 ومواقفه المحافظة في المواضيع الاجتماعية كالاجهاض وزواج مثليي الجنس الا ان ماكين لا يحظى بتاييد الجناح الاكثر تطرفا بين محافظي حزبه.

وهو رجل قناعات اكثر منه رجل جهاز حزبي وقد تفرد بموقفه احيانا بعيدا عن موقف البرلمانيين الجمهوريين وهو ما حصل بشأن اصلاح قانون تمويل الحملات السياسية والهجرة. كما انه لا يتردد اليوم في خوض الحملة مع جو ليبرمان السناتور عن كونيتيكت (شمال شرق) والديموقراطي السابق الذي اصبح مستقلا ويبغضه المحافظون.

كما يؤيد ماكين اكثر من معظم الجمهوريين وضع قوانين لمكافحة الاحتباس الحراري. وفي ما يتعلق بموضوع التعذيب الذي يثير جدلا كبيرا في الولايات المتحدة في ظل الشبهات التي تحوم حول وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) بهذا الصدد فلطالما اكد ان لا شيء يبرر استخدامها.

وهو يتمتع بمصداقية كبيرة بهذا الشأن نظرا الى تجربته الاليمة في فيتنام التي تركت له آثارا تمنعه من رفع ذراعيه بشكل كامل. وتأخذ عليه القاعدة الجمهورية ولا سيما الانجيليين ومراقبين محافظين نافذين امثال روش ليمبو هذا "الابتعاد" عن خط الحزب.

غير ان ماكين اذ يدافع عن حصيلته على صعيد التخفيضات الضريبية والاجهاض وحمل السلاح يعول ايضا على اصوات الناخبين المستقلين للفوز على الديموقراطيين.

والسناتور الشائب الشعر والمنتخب في الكونغرس منذ 1983 بدون انقطاع هو من قدامى العمل السياسي وجد على الدوام الطاقة الكافية للعودة الى مقدم الساحة. ففي حملة 2004 كان متقدما في السباق الجمهوري قبل ان يهزمه جورج بوش. واعتبر هذا الصيف على وشك التخلي عن خوض المعركة الانتخابية بسبب نقص في التمويل.

ولا يزال تدفق الاموال المرجو هذه السنة دون امال فريقه حتى بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية في نيوهامبشر. وهو اب لسبعة اولاد ثلاثة منهم بالتبني ومتزوج للمرة الثانية من سيندي.

وفي حال فوزه في الانتخابات سيصبح عند دخوله البيت الابيض في كانون الثاني/يناير 2009 في سن الثانية والسبعين وهو اكبر الرؤساء الأميركيين سنا.

السيدة الأولى ومارثون البيت الأبيض

ما زالت الطريق شاقة امام السيدة الاولى السابقة هيلاري كلينتون (60 عاما) لتحقق حلمها بان تكون اول امرأة في سدة الرئاسة الاميركية حتى بعد فوزها في عدد من الولايات الاساسية في وجه منافسها باراك اوباما في السباق الى تمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية.

وقالت سناتور نيويورك بعد فوزها في ثماني ولايات من 22 شملتها عمليات الاقتراع في "الثلاثاء الكبير" وبينها ولايتا كاليفورنيا ونيويورك الاكبر عددا سكانيا: أود ان اشكر اصدقائي وعائلتي وعلى الاخص والدتي التي ولدت قبل حصول النساء على حق التصويت والتي تشاهد هذا المساء ابنتها على هذه المنصة.

وركزت هيلاري كلينتون السناتورة الناجحة وزوجة الرئيس السابق بيل كلينتون المخدوعة حملتها على كفاءاتها وخبرتها في مواجهة ما يتمتع به منافسها باراك اوباما من شباب وحضور قوي وجاذب وقد فاز في 13 ولاية.

غير ان دور زوجها المحوري في حملتها الانتخابية عرضها للانتقادات واتهمت بالتحضير ل"رئاسة مشتركة" مع زوجها وذهب البعض الى وصف ترشيحها بانه ترشيح "بيلاري".

واعلنت هيلاري التي يعاديها اليمين المحافظ بشدة انها في حال انتخابها ستعهد الى زوجها بالمهمات المتعلقة بقضايا العالم الكبرى متعهدة بان: يظهر جليا في البيت الابيض من يمسك بزمام الأمور. بحسب (ا ف ب).

وبعد ان خاضت حملة ماراثونية في أرجاء الولايات المتحدة استمرت اكثر من اسبوعين وتركتها خائرة القوى ومشدودة الاعصاب ومعدومة الصوت شوهدت وهي تذرف دمعة خلال زيارة جامعتها سابقا في يال بولاية كونكتيكت (شمال شرق).

ولدت هيلاري رودام كلينتون في عائلة بروتستانتية في 26 تشرين الاول/اكتوبر 1947 في شيكاغو (ايلينوي شمال) وهي محامية بارعة متخصصة في حقوق الاطفال وام لشابة في السابعة والعشرين تدعى تشلسي كلينتون.

انتخبت سناتور عن نيويورك عام 2000 ثم اعيد انتخابها بنسبة اصوات عالية عام 2006.

ولا يغفر لها اليمين محاولتها الفاشلة لاصلاح النظام الصحي في 1993-1994 كما يربطها بالفضائح التي تخللت عهد بيل كلينتون غير انها اعتبرت هذه السنة ايضا المرأة التي تثير اكبر قدر من الاعجاب في الولايات المتحدة وفق استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب اخيرا.

دخلت السيدة الأولى السابقة بين 1993 و2001 المعترك السياسي في خضم الحركة الاحتجاجية على حرب فيتنام.

وما ان خرجت من البيت الابيض حتى بدأ المراقبون يطلقون تكهنات بشأن ترشحها للرئاسة.

وبدت حملتاها لانتخابات مجلس الشيوخ في 2000 و2006 في ولاية نيويورك تدريبا على حملتها الرئاسية بينما اعطتها سبع سنوات من ولاية الرئيس الحالي جورج بوش الفرصة لايجاد خطابها السياسي الخاص. وكانت غداة اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر نيويوركية نموذجية دائمة الحضور الى جانب مواطنيها.

وفي 2002 صوتت لصالح قرار شن الحرب على العراق ولا يزال الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي يأخذ عليها اليوم هذا الخطأ في التمييز.

وفي المقابل انتقلت كلينتون الى الهجوم على ادارة بوش متهمة اياها بهدر الفائض في الميزانية وتبديد كل الارث الايجابي الذي تركته سنوات عهد بيل كلينتون.

وباتت هيلاري من ابرز المتحدثين باسم المعارضة لا سيما عند وقوع إعصار كاترينا في صيف 2005 والانتقادات التي تعرضت لها الادارة في موضوع عمليات الاغاثة.

وهي اليوم تتسلح بهذه الخبرة لتؤكد انها وحدها قادرة على ممارسة المهام الرئاسية منذ اليوم الأول، مركزة على الجدية في المواقف اكثر منها على الشاعرية الخطابية. وتقول: ثمة فرق كبير بين الكلام والتصرف، بين إطلاق وعود وتنفيذها.

اوباما ومشروع أول رئيس "أسود" لأمريكا

يعلن الديمقراطي باراك اوباما الذي فاز في الانتخابات التمهيدية في 13 ولاية اميركية يوم "الثلاثاء الكبير"، انه على رأس حركة من اجل "التغيير" و"الامل" وتحمل مشروع مصالحة اميركا مع نفسها.

وقال السناتور الشاب عن ايلينوي: ما بدأ همسا اضحى اليوم هتاف ملايين الاشخاص المطالبين بالتغيير. انه هتاف لا يمكن تجاهله لا يمكن اثباط عزيمته سيتردد في جميع ارجاء البلاد مثل نشيد سيشفي هذه الامة ويصلح العالم ويجعل هذه اللحظة مختلفة عن كل اللحظات.

وكان اوباما (46 عاما) السناتور الاسود الوحيد في الولايات المتحدة يصف نفسه اخيرا على انه: شخص هزيل القامة يحمل اسما عجيبا. بحسب (ا ف ب).

غير انه نجح على مدى حملة استمرت سنة، وخلال شهر من المشاورات داخل الحزب الديموقراطي في تثبيت حظوظه في الفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية ولاية بعد ولاية بعدما بدت فرصه ضئيلة في مواجهة منافسته هيلاري كلينتون التي كانت في موقع المرشحة الطبيعية للحزب.

ولد اوباما عام 1961 في هاواي من زواج قصير بين طالب كيني وفتاة بيضاء من وسط الولايات المتحدة الغربي عاش في اندونيسيا وكنساس وحصل على اجازة في الحقوق من جامعة هارفرد المرموقة. وهو يعكس صورة الرجل المثقف الانيق ولو ان هذه الصورة لم تنجح في حجب افتقاره الى الخبرة في السياسة.

ويردد مخاطبا الجماهير الغفيرة التي يجتذبها في كل محطات حملته الانتخابية: لست مرشحا نتيجة طموح طويل الامد او لانني اعتقد ان هذا متوجب لي، مقدما نفسه على انه مرشح "التغيير" و"الامل".

وهو يؤكد انه سيكون الرئيس الذي ينجح في مصالحة اميركا مع نفسها وذلك تحديدا لافتقاره الى الخبرة السياسية التي تتباهى بها منافسته.

وقال احد مناصريه الذين شاركوا في تجمعه الانتخابي مساء الثلاثاء، له الخبرة ذاتها التي كان يتمتع بها ابراهام لينكولن حين اصبح رئيسا.

ويشير البعض الآخر الى اوجه الشبه بين اوباما ورئيس اخر هو جون كينيدي. ويقول ثيودور سورنسن الذي كان مساعدا للرئيس الراحل: ان هناك عددا مذهلا من النقاط المشتركة بينهما، معددا منها الشباب والجمال والبراعة الخطابية والقدرة على إثارة إعجاب وحماس حشود متزايدة من الاميركيين تضم عددا متناميا من الشباب.

وأعلنت كارولاين كينيدي ابنة الرئيس السابق الذي قضى اغتيالا، تأييدها التام لاوباما مؤكدة انه مؤهل ليكون "رئيسا تماما مثل والدها".

ويشغل اوباما مقعدا في مجلس الشيوخ الاميركي منذ 2005 ولم يشارك بالتالي في التصويت على قرار شن الحرب على العراق وهو يكرر باستمرار انه عارض هذه الحرب قبل اندلاعها ويتعهد بسحب القوات القتالية من العراق عام 2009.

وتبدل مصير اوباما بشكل جذري في تموز/يوليو 2004 عندما القى كلمة في مؤتمر للحزب الديموقراطي في بوسطن ولم يكن يومها سوى مسؤول محلي منتخب عن احياء فقيرة في شيكاغو. وبعد انتهاء خطابه الذي استمر ثلاثين دقيقة غادر المنصة وسط تصفيق حار من قبل مندوبي الحزب الذين اثار اعجابهم.

وقلما تبدل خطابه منذ ذلك الحين عندما اعلن لا وجود لأميركا يسارية وأخرى محافظة. هناك الولايات المتحدة الاميركية. لا وجود لاميركا سوداء واخرى بيضاء او لاتينية او آسيوية هناك الولايات المتحدة الاميركية فقط.. نحن واحد احد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 17 شباط/2008 - 9/صفر/1429