القاعدة وبوادر اقتلاعها من العراق

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: على خلفية الضربات المدمرة الأخيرة هل يمكن عودة القاعدة الى حاضنتها الأولى في الأنبار باساليب وطرق جديدة.. او تمترسها في صحارى وتلال الموصل الشمالية والغربية، هناك من يرى أن هذه العودة ممكنة، وإن للقاعدة خلايا نائمة قادرة على التحرك من جديد، بينما يرى آخرون ان هذه العودة  ضرب من الخيال بعد الأمان النسبي الذي شهدته الانبار ومناطق حزام بغداد وسيطرة مجالس الصحوات وتعاونها مع القوات الأمنية.

فالموظف ياسر شمخان هندي (65عاما) يرى أن أن نفوذ القاعدة بدا ينحسر حتى قبل تحرك رجال الصحوة، والانحسار بدأ في قناعات الناس بها، لأن القاعدة وما قامت به من جرائم كبرى أكد للناس ان هدفها بعيد عن المعلن، تحرير العراق.  

أضاف هندي " شعور الناس بالأمان وعدم وجود المداهمات العشوائية وعمليات الاغتيال أو القتل الجماعي جعل الكثيرين لا يرغبون بعودة الوضع السائد أيام سيطرة القاعدة على مدن الأنبار."

ونفى هندي إمكانية عودة القاعدة  للعمل داخل المدن التي كانوا  فيها مثل مدن الأنبار قائلا " كلا ليست هناك إمكانية لعودة القاعدة الى مدننا " وبرر هذه الاستحالة بـ "الحركة العمرانية في المحافظة ." واستدرك "ولو أن بعض جوانب هذه الحركة العمرانية تسير سير السلحفاة ." 

على خلاف هندي لا يستبعد أبو خلدون عودة القاعدة ويعلل أبو خلدون وهو أستاذ جامعي يزور ذويه في مدينة القائم بمناسبة العطلة الجامعية الربيعية في مدينة القائم عودة القاعدة بان  للقاعدة حسب رأيه " خلايا نائمة في حدود مناطق القائم وسواها من المدن الغربية ". ويضرب مثلا، يوم أمس العاشر من شباط الجاري "حيث هاجم عدد من أفراد القاعدة قوة للشرطة في منطقة العبيدي الواقعة على بعد 30 كم شرق مدينة القائم". ويعتقد أبو خلدون أن هذا الإسلوب هو اسلوب القاعدة لأنها " تضرب الجميع وتعتقد كل من يتعامل بغير أسلوب العنف مع الأمريكان كافر. " وأشار الى أن للقاعدة مساندين الآن في بعض مدن الأنبار رغم علمهم بأخطائها."بحسب رويترز.

لكن أبو خلدون يستدرك "لو عادت القاعدة، وهو أمر تكتنفه الصعوبة، فيمكنها أن تتجنب أخطاء وقعت بها وتصحح مسارها بعدم تكفير المسلم لعمله في الشرطة أو أنه بعثي أو غير ذلك" ويرى أبو خلدون أن الهدوء السائد في مدن الأنبار زائف  والعمل المسلح لـ"المقاومة ربما يعود في أية لحظة لكنه يبتعد عن المدن فهي تعينهم في القتال والاختفاء بعد المعارك." 

الضابط في الجيش السابق أبو بلال 44 عاما  يمارس حاليا الأعمال الحرة ، يتهم الأمريكان بإحالة كل "عمليات المقاومة للقاعدة او لمن أسموهم بأزلام النظام السابق بينما المنفذ الحقيقي للعمليات هي المقاومة الحقيقية وليست  القاعدة". 

لكن أحد موظفي نقاط العبور بين العراق وسوريا ويعمل بكمارك الأنبار يرى " أن تشابك  المسميات الآن بين المقاومة والقاعدة أربك  قناعات الناس فبعد  سيطرد مجالس الصحوات بمناطق الأنبار أصبح  كل مقاوم ، وان لم ينتمي للقاعدة ، ينعت بلتكفيري أو يتهم بانتمائه للقاعدة".   

ويصف رد فعل الناس على عناصر القاعدة فيقول " عندما نلقي القبض على مسلح عائد من سوريا بسبب ضنك العيش هناك، فإن الناس لا تسامحه رغم إنه طلب التوبة ." ويبرر ذلك بان عددا من منهم "هربوا بعد أن  اقترفو أعمال قتل وحرق بحق بعض الناس." 

(ر.ن ) ضابط في شرطة القائم يقول "عودتهم للعمل في مدننا هو ضرب من الخيال لقد آذونا وقتلوا أولادنا بحجة الارتداد عن الدين وعدم مقاتلة الأمريكان". 

يحيل المهندس (سليم شاتي ) 41 عاما الى الإعلام "بكافة أنواعه زاد العداء ضد القاعدة." واستدرك "لكن الأمر انعكس في أحيان كثيرة ضد المقاومة العراقية ، حيث بدأ الشجب من بعض العراقيين يطال حتى تلك العمليات التي تستهدف الأمريكان حصرا في بعض مدن الأنبار وخارج حدودها". 

وأوضح شاتي لقد كانت القاعدة تقتل حتى المقاتل العراقي الحقيقي إذا لم يبايعها ،علاوة على ذلك أقاموا الحد ( القتل ذبحا) على عراقيين أمام الأطفال والكبار بمدن الأنبار بدون أن يرتدي  الذباح قناعا على وجهه " وتابع  "أن مقاتلي القاعدة جعلوا منظر الدم أمرا واقعا ، ولم يكن يمر يوم إلا ونسمع  بمقتل إنسان لأسباب ابسطها انه انتقد بالعلن تصرفات التنظيم أثناء سيطرته على مدن الأنبار". 

المسؤولون في القائم ، وهي البوابة التي كان مقاتلو القاعدة يتسللون منها ، يستبعدون هذه العودة بحزم "لن يكون للقاعدة مكان بعد اليوم في المدينة".. هكذا يقول قائممقام مدينة القائم فرحان فتيخان الفرحان الذي كان يشغل منصب عميد ركن في السلاح الجوي في الجيش العراقي السابق ويدعم قوله ب "الاستقرار الذي تشهده المنطقة بعد هزيمة القاعدة " 

وعند السؤال وجود تسلل عبر بوابة القائم قال "شهد عام 2007 حالتي تسلل فقط ، في حين شهد عام 2005 مئات الكثير من حالات التسلل ، أما خلال العام الحالي2008 فكانت حدودنا نظيفة من أية حالة تسلل لحد الآن." 

فرق الصحوة تساعد في الأمن لكن التوترات موجودة

منذ ستة اشهر كانت بلدة الطارمية العراقية القريبة من بغداد مخبأ لتنظيم القاعدة ونقطة انطلاق لشن هجمات على العاصمة.

والآن يمكن للمواطنين ان يسيروا في الشوارع. وازدهرت الاسواق ويقوم الجنود الامريكيون بدوريات حراسة في سلام نسبي. والسبب الرئيسي هو قيام العرب السنة بتشكيل وحدة امن يطلق عليها فريق الصحوة يماثل عشرات الفرق التي تم تشكيلها في انحاء العراق.

لكن بينما تبين الطارمية الى أي مدى يمكن ان تصبح فرق الصحوة التي تدعمها الولايات المتحدة فعالة فانها تسلط الضوء على التوترات في برنامج تشعر الحكومة التي يتزعمها الشيعة بقلق من تبنيه ومشاعر احباط متزايدة بين بعض الحراس بشأن مستقبلهم في المدى البعيد. بحسب رويترز.

وظهرت هذه الوحدات اول مرة في محافظة الانبار الغربية في اواخر عام 2006 عندما تمرد شيوخ القبائل العربية السنية على تنظيم القاعدة بسبب هجماته التي تشن دون تمييز والتفسير المتسم بالقسوة للاسلام.

واعاد المتشددون الذين هزموا في الانبار تنظيم انفسهم في البداية في اماكن مثل الطارمية التي تبعد 30 كيلومترا شمالي بغداد. وفي سبتمبر ايلول الماضي قرر السكان المحليون انهم سئموا من هذا الوضع.

وقال عماد جاسم الذي انشأ والده ومول وحدة الامن المؤلفة من 500 فرد في البلدة "كانت توجد اعمال قتل ومذابح جماعية واشياء تثير الاشمئزاز. لم يكن بامكان أحد ان يسير بمفرده."واضاف "قتل اثنان من اخوتي. ولم نعد نتحمل الموقف أكثر من ذلك ووجب علينا ان نقاتل."

وينسب الجيش الامريكي الجزء الاكبر من الفضل الى فرق الصحوة السنية في انخفاض العنف في اجزاء عديدة من العراق.

وتم تجنيد نحو 80 الف رجل بينهم مسلحون سابقون يحصل معظمهم على نحو 300 دولار شهريا من الجيش. وهم يتولون حراسة نقاط تفتيش ويقدمون معلومات بشأن مخابيء المتشددين.

وقال اللفتنانت كولونيل تومي بوكاردي القائد الامريكي المحلي لرويترز اثناء زيارة المدينة، ان الهجمات في الطارمية تقلصت من 18 هجوما في اليوم الى واحد أو اثنين في الاسبوع.

وقال وهو يشير الى المعلومات التي تنقلها فرق الصحوة الى القوات الامريكية "القاعدة تخشانا ... لكنها تخشى أكثر من فرق الصحوة لانهم يعرفون من هم."

لكن بينما هذه الوحدات لها علاقات جيدة مع القوات الامريكية هناك انعدام ثقة بالغ مع الحكومة التي يتزعمها الشيعة والتي مازالت تشعر بالقلق من دعم جماعات تضم في صفوفها الكثير من المسلحين الذين حملوا السلاح في اعقاب الغزو الامريكي في عام 2003 .

ويخشى بعض السياسيين الشيعة الذين يشكّون في ان العرب السنّة يريدون استعادة الهيمنة التي كانوا يتمتعون بها خلال حكم الدكتاتور صدام من ان فرق الصحوة يمكن ان تحول سلاحها ضد قوات الامن في العراق وخاصة بعد ان تبدأ القوات الامريكية في الانسحاب.

تراجع تدفق المقاتلين على العراق الى النصف

وفي سياق متصل قال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق ان تدفق المتشددين الاجانب على العراق للقتال في صفوف تنظيم القاعدة انخفض بمقدار النصف.

واضاف أن أغلب الانخفاض في الاعداد يرجع الى منع الدول الشبان من التوجه جوا الى مدينتي دمشق وحلب السوريتين في رحلات ذهاب فقط. بحسب رويترز.

وتحث الحكومة الامريكية سوريا منذ فترة طويلة على اتخاذ خطوات لمنع المقاتلين الاجانب من عبور حدودها البرية الطويلة مع العراق. وتقول دمشق انها كثفت اجراءاتها الامنية على الحدود بعد الانتقادات الامريكية.

وقال بتريوس لرويترز في مقابلة "نعتقد أن تدفق المقاتلين انخفض بنحو 50 في المئة."وأضاف "لا يرجع هذا الى النشاط السوري فحسب رغم أنه كان هناك بعض النشاط. انه يرجع الى تقييد دول المصدر سفر الذكور في سن التجنيد العسكري."

ويعتقد أن أغلب المقاتلين الذين يتدفقون عبر الحدود مرتبطون بتنظيم القاعدة في العراق. ويهاجم المقاتلون من تنظيم القاعدة والمهاجمون الانتحاريون التابعون له القوات الامريكية والحكومة التي يقودها الشيعة والجماعات التي يعتبرونها غير اسلامية.

وأعلن الجيش الامريكي الشهر الماضي أنه ضبط وثائق تبين أن 750 متشددا من 22 دولة دخلوا العراق خلال العام الذي انتهى في اغسطس اب عام 2007.

ولم يحدد بتريوس بالاسم الدول التي تتخذ اجراءات بالمطارات لكن الوثائق قالت ان أقل بقليل من نصف المقاتلين الاجانب الذين يأتون الى العراق يقدمون من السعودية وتأتي بعدها ليبيا واليمن وسوريا وتونس والمغرب.

وافادت أيضا ان 90 بالمئة من المهاجمين الانتحاريين من تنظيم القاعدة أجانب. ويقول الجيش الامريكي ان أغلب قيادة تنظيم القاعدة في العراق أجنبية في حين ان الافراد العاديين من العراق. 

وذكر بتريوس أن المهاجمين الانتحاريين لا يزالون يعبرون رغم أنه قال ان من الصعب تقييم الاعداد.

ويدخل بعض هؤلاء المقاتلين العراق عبر محافظة نينوى الشمالية التي أصبحت ملاذا رئيسيا للقاعدة بعدما اضطر مقاتلوها للفرار بعد عمليات عسكرية في محافظة الانبار بغرب البلاد وفي بغداد.

وقال بتريوس ان نينوى هي المحافظة الوحيدة بالعراق التي لم تتراجع فيها الهجمات خلال الشهور القليلة الماضية. واضاف دون ذكر تفاصيل "لقد زادت (الهجمات) في واقع الامر."

القاعدة "اقتُلعت" من العراق

اما روبرت جيتس وزير الدفاع الامريكي فقال ان القاعدة اقتلعت من العراق لكنه لم يسهب في تصريحه وحذر ان الموقف مازال هشا رغم الانخفاض الكبير في مستوى العنف.

والتقى جيتس مع كبار قادته العسكريين في العراق لبحث الجدول الزمني المقترح لخفض عدد القوات الامريكية بعد يوم من مقتل أكثر من 50 شخصا في هجمات متفرقة في البلاد.

وقبل وصول وزير الدفاع الامريكي الى العراق قال مسؤولون أمنيون عراقيون ان 33 قتلوا في انفجار سيارة ملغومة في شمال العراق واستهدف المهاجم نقطة تفتيش خارج سوق مزدحم قرب بلدة بلد يديرها متطوعون سنة من مجالس الصحوة الذين انضموا الى القوات الأمريكية والعراقية لمحاربة مقاتلي القاعدة الاسلاميين السنة. بحسب رويترز.

وقبل ان يلتقي وزير الدفاع الامريكي مع كبار قادته العسكريين لمناقشة وتيرة الانسحاب امتدح جيتس القوات الامريكية لما حققته من تغير "ملموس بدرجة كبيرة" في العراق.

وقال جيتس في خطاب قصير ألقاه في بغداد "يا للتغيير الذي أحدثتموه... القاعدة اقتلعت... وانخفضت بشكل ملموس مستويات العنف بكل اشكاله."

واستطرد جيتس "الموقف في العراق مازال هشا لكن الشعب العراقي أمامه الآن فرصة لبناء مستقبل أفضل وأكثر أمنا وأكثر رخاء."

ولم يتسن الوصول الى مسؤولين عسكريين امريكيين لاعطاء مزيد من التفاصيل عن تصريحات جيتس بشأن القاعدة التي تتصدر المعارضة للوجود الامريكي والحكومة العراقية التي يقودها الشيعة.

وكان الرئيس الامريكي جورج بوش قد أمر بارسال قوات إضافية قوامها 30 ألف جندي الى العراق العام الماضي للحد من اعمال العنف الطائفية بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية التي كانت مهيمنة وقت حكم الرئيس الراحل صدام حسين والذين يلقى المقاتلون تأييدا بين صفوفهم.

وبدل عدد كبير من مقاتلي السنة ولاءاتهم وانضموا الى وحدات امنية شكلتها مجالس الصحوة لمحاربة القاعدة وتنظيم دوريات أمنية في أحيائهم.

كما تحسن الوضع الأمني منذ نشر القوات الامريكية الاضافية بالكامل في يونيو حزيران مما سمح للجيش الامريكي بالبدء في سحب بعض القوات.

وبحلول يوليو تموز سيكون حجم القوات الامريكية قد انخفض بواقع خمسة ألوية مما يجعل عدد أفراد القوات الامريكية يقارب 130 ألفا أي ما يعادل عددهم قبل بدء نشر القوات الاضافية في مطلع 2007.

ويصل العدد الحالي للقوات الامريكية في العراق الى نحو 155 ألف جندي. 

وقال وزير الدفاع الامريكي الذي وصل الى العاصمة العراقية بغداد ليل الأحد للصحفيين الذين رافقوه في رحلته انه سيناقش أعداد القوات مع قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس وان محادثاته ستغطي "مجموعة كاملة من الاحتمالات".

وأضاف جيتس "سأكون في واقع الأمر مهتما بالاستماع لتقييم الجنرال بتريوس بشأن الوضع الذي يعيشه وما هو العمل الاضافي الذي يشعر بأنه يحتاج القيام به قبل أن يأتي بتوصياته."

ومن المتوقع أن يدلي بتريوس بشهادته امام الكونجرس الامريكي بشأن الخفض الاضافي المحتمل للقوات الامريكية في العراق في حال استمرار التراجع الحالي في مستوى أعمال العنف.

وكان بتريوس قد قال في مقابلة مع شبكة (سي.ان.ان) التلفزيونية الامريكية الشهر الماضي انه يحتاج لان "يترك الامور تستقر قليلا" بعد الخفض الاولي مما فجر تكهنات برغبته في الاحتفاظ بنحو 130 ألف جندي أمريكي في العراق أو أكثر خلال النصف الثاني من العام الجاري.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 17 شباط/2008 - 9/صفر/1429