ملف الانتخابات الإيرانية: البرلمان الإيراني بين هيمنة المحافظين وتطلع الإصلاحيين

شبكة النبأ: على أعتاب الانتخابات البرلمانية التشريعية الإيرانية، المنافسة تشتد بين الإصلاحيين والمعتدلين من جهة ومن جهة أخرى المحافظين والمتشددين، الأمر الذي أدى إلى منع ترشيح عدد كبير من الإصلاحيين والمعتدلين، هذا المنع الذي طال أسماء كبيرة مثل حفيدَي الخميني مفجر الثورة الإسلامية في إيران. هل سيكمل المحافظين مشوارهم حتى انتخابات 2009 أم ان الاصلاحيون سيعوضون خسارة 2004. هذا ما نحاول استبيانه من خلال التقرير التالي:

بوادر التغيير تهيمن على الساحة

هناك رغبة في التغيير قبيل انتخابات البرلمان الايراني الذي يهيمن عليه الان انصار الرئيس محمود أحمدي نجاد حتى وان لم يتوقع أحد أن تحقق المعارضة الاصلاحية عودة قوية.

فالهيئات المتشددة التابعة للدولة والتي رفضت تأهيل أغلب الاصلاحيين لخوض انتخابات عام 2004 أظهرت تحديها من جديد فمنعت مئات الاصلاحيين من خوض الانتخابات المقررة يوم 14 مارس اذار والتي تعتبر بمثابة استفتاء على سياسات احمدي نجاد الاقتصادية والخارجية.

ومع ذلك فان آمال الاصلاحيين كبيرة في ان يحققوا مكاسب متواضعة بعد هزيمتهم عام 2004 وأن الذين يساندون أحمدي نجاد سيعانون جزئيا بسبب التضخم الذي ارتفع الى مستوى قياسي بلغ 19 بالمئة.

والسلطة في إيران تقع في نهاية الامر في قبضة الزعيم الروحي أية الله علي خامنئي لذلك فان النتائج لن تحدث أي تحول كبير في السياسة الخارجية أو النووية. لكنها ستؤثر على المناظرات وقد تشير الى احتمالات اعادة انتخاب احمدي نجاد عام 2009.

وقال سياسي إصلاحي ان المتشددين لن يهيمنوا على البرلمان بنسبة مئة بالمئة لان الناس مستاءون وغير راضين عن سياساتهم.

وأضاف، الناس لا تريد ان يستمر هذا الوضع. انهم سيصوتون لصالح التغيير... لكني لست واثقا من أن ربيع طهران سيعود ربما لا يكون ذلك ممكنا.

وكان السياسي يشير الى العهد الذي أعقب انتخاب الرئيس السابق محمد خاتمي في عام 1997 والذي أدى الى تخفيف القيود على الحريات الاجتماعية وتوسيع قاعدة المناقشات العامة. بحسب رويترز.

ويقول المحللون ان محرك التغيير هو فشل احمدي نجاد في تحقيق ما تعهد به بشأن توزيع ثروة النفط بشكل أكثر عدالة.

وقد يكون الرئيس انفق الايرادات الاستثنائية من ارتفاع أسعار النفط بسخاء لكن البطالة مازالت مرتفعة عند مستوى نحو عشرة بالمئة والتضخم بلغ 19 بالمئة مما اضر بالفقراء بدرجة أكبر وهم من سعى الرئيس لكسب ودهم في انتخابات الرئاسة عام 2005.

وقال المحلل سعيد ليلاظ المجتمع في إيران حساس جدا للتضخم. مع كل نقطة مئوية يزيدها التضخم يقع مئات الالوف تحت خط الفقر. ويرفض مكتب الرئاسة الانتقادات.

وقال علي أكبر جوانفكر مساعد الرئيس: الحكومة ستتخذ قرارات جديدة واعتقد ان هذا الاتجاه (للتضخم) سيتم احتواءه. وقال، انه يتوقع تغييرا في تشكيل البرلمان ولكن ليس تحولا لهيمنة الاصلاحيين.

وخسر الإصلاحيون الذين تعهدوا بتغييرات اجتماعية وسياسية الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية عام 2005 فيما يرجع جزئيا الى ادراك الناس لعدم قدرتهم على الوفاء بعهودهم. كما القيت عليهم كذلك المسؤولية في أوجه قصور اقتصادي.

ومن الناحية السياسية رتبت المعارضة صفوفها من أجل استعادة مقاعد في المجلس الذي يضم 290 مقعدا.

وأعاد الاصلاحيون التحالف مع انصار الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني وهو شخصية محورية في السياسة الايرانية على مدى 30 عاما وتمرس في القدرة على تغيير المسار عندما يتطلب الوضع ذلك.

وفي انتخابات عام 2004 دعا بعض الاصلاحيين الى مقاطعة الاقتراع. لكن مثل هذه الاصوات لم تعد تسمع الان ويقول رجل الدين مهدي كروبي وهو رئيس حزب اصلاحي بارز انهم تعلموا عدم تسليم النصر للمنافسين ويدعون لمشاركة كبيرة في التصويت. وادت هزيمة أنصار أحمدي نجاد في انتخابات المجالس المحلية عام 2006 الى تقوية معارض الرئيس.

ورغم وجود أحزاب وقوائم انتخابية فان الخطوط الفاصلة بين الاحزاب عادة ما تكون غير واضحة ويكون الالتزام الحزبي محدودا. وليس هناك كذلك استطلاعات رأي يعتد بها مما يصعب التنبؤ بالنتيجة في بلد يضم 70 مليون نسمة منهم 40 مليون ناخب.

وقال ليلاظ: جوهر الهيكل البرلماني المقبل هو ان يهيمن عليه المحافظون الاكثر عملية. وتوقع فوزا بنسبة 30 بالمئة من الاصوات للاصلاحيين بالمقارنة مع 20 بالمئة حاليا و70 بالمئة للمحافظين.

وبدأ العديد من المحافظين التقليديين ينتقدون سياسات أحمدي نجاد وبخاصة خطبه المتكررة التي ينتقد فيها الغرب قائلين انه عزل ايران في الوقت الذي كانت الدبلوماسية الحذرة ربما كانت السبيل الافضل لحل النزاع بشأن البرنامج النووي.

ومع قلق الإصلاحيين من استبعاد اعداد كبيرة من مرشحيهم من السباق بسبب منعهم من قبل هيئات تنفيذية متشددة تديرها الحكومة فضلا عن مجلس صيانة الدستور فان الكثير سيعتمد على ما اذا كان خامنئي سيتدخل لاحداث توازن وهو دور يقول المحللون انه اتبعه بعناية منذ توليه السلطة عام 1989.

المحافظين يعلنون عن التحالف وأسماء مرشحيهم

وعيّن التحالف الرئيسي للمحافظين في ايران في 4 شباط/فبراير مرشحيه للانتخابات التشريعية في 14 اذار/مارس، كما اعلن احد مسؤوليه.

وقال عضو في التحالف، من شأن مخاطر حصول انقسام في صفوف المحافظين بعد الاعلان في الاونة الاخيرة عن انشاء تحالف منافس: التحالف الموسع والشعبي للمدافعين عن المبادئ.

وقال علي رضا زكاني: نعلم من هم خصومنا، في إشارة إلى التحالف الإصلاحي الذي تشكل بوحي من الرئيس السابق محمد خاتمي. بحسب (ا ف ب).

وأضاف، اذا لا سمح الله قدم المدافعون عن المبادىء لوائح منفصلة فإنها لن تكون فعليا متنافسة.

الانتخابات التشريعية التي تنظم كل اربع سنوات تهدف الى تجديد مقاعد مجلس الشورى الـ290 الذي يهيمن عليه حاليا المحافظون.

والجبهة المتحدة للمدافعين عن المبادىء تعتبر الى حد كبير تحالف المحافظين الاكبر.

وتضم مناصري الرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد وكذلك خصوصا جمعية الأوفياء للإمام والتي تضم 14 تنظيما من المحافظين التقليديين.

ويضم التحالف الموسع والشعبي للمدافعين عن المبادئ، الذي لم يقدم بعد لائحة مرشحيه ثلاثة شخصيات معروفة بانها منافسة لاحمدي نجاد. وهم المسؤول السابق عن الملف النووي الايراني علي لاريجاني ورئيس بلدية طهران الحالي محد باقر قليباف وسلفه محسن رضائي الذي كان ايضا قائدا سابقا للحرس الثوري.

ولم يستبعد صدر التمكن من ضم لاريجاني الى الجبهة المتحدة. وقال لدينا لائحة طويلة من اسماء الاشخاص الذين لديهم تاريخ طويل في خدمة الثورة ونحن نقدره.

خاتمي ورفسنجاني وكروبي يوحدون الجهود لاستعادة الصدارة

أعلن الرئيسان الإيرانيان السابقان اكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ورئيس مجلس الشورى السابق مهدي كروبي توحيد جهودهم للدفاع عن المرشحين الاصلاحيين والمحافظين المعتدلين الذين لم تقبل ترشيحاتهم.

والتقى كل من رفسنجاني المحافظ البراغماتي الذي لا يزال يحتفظ بدور اساسي في تركيبة النظام في ايران والاصلاحي خاتمي الذي يقود ائتلافا من 21 حزبا اصلاحيا وكروبي الذي أسس حزب الثقة الوطنية. بحسب (ا ف ب).

وأعلن عبد الله ناصري المتحدث باسم ائتلاف الاصلاحيين حسب ما نقل عنه الائتلاف: تقرر ان يقوم كل منا بالتطرق الى مسالة الاستبعاد غير المقبول لعدد من المرشحين خلال لقاءات منفصلة مع مرشد الثورة (آية الله علي خامنئي) والهيئات المخولة خصوصا مجلس مجلس صيانة الدستور.

ومن أصل 7168 شخصا تقدموا بترشيحاتهم الى الانتخابات التشريعية، تمت الموافقة على ترشيحات خمسة الاف منهم في حين رفضت ترشيحات اكثر من الفي شخص غالبيتهم من الاصلاحيين والمحافظين المعتدلين خصوصا ان المحافظين يمسكون باجهزة القضاء.

وفي هذا الاطار تم رفض اكثر من خمسين بالمئة من ترشيحات الاصلاحيين. وينص القانون على انه يمكن للمرشحين الذين ترفض ترشيحاتهم اللجنة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية ان يتقدموا باستئناف امام لجان مراقبة الانتخابات.

خاتمي يصف رفض المرشحين الإصلاحيين بالكارثة

ووصف الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي رفض ترشيح الاف المرشحين الاصلاحيين للانتخابات التشريعية بانه "كارثة" معتبرا ان هذه الظاهرة تهدد الثورة الاسلامية.

ونقلت وكالة الانباء الطلابية عن خاتمي قوله: ان رفض اللجان التنفيذية لمرشحين كارثة.

واللجان التنفيذية المكلفة تنظيم الانتخابات تابعة لوزارة الداخلية. وقد رفضت الشهر الماضي حوالى الف مرشح بينهم عدد كبير من الإصلاحيين.

وقال القادة الاصلاحيون ان رفض هذه الترشيحات يقضي على فرصهم في منافسة المحافظين الذين يسيطرون على مجلس الشورى. وقال خاتمي: ان رفض ترشيحات اشخاص شرفاء ومسلمين صالحين يطرح مشكلة. وأضاف، لكن الأمر المحزن هو ان هذا التوجه الحالي (رفض الترشيحات) يهدد الثورة والنظام والمجتمع.

وكان رفض مرشحين اصلاحيين بكثافة اتاح في 2004 للمحافظين السيطرة على البرلمان مجددا. بحسب (ا ف ب).

وكثف خاتمي احد ابرز شخصيات الاصلاحيين في الاشهر الماضية هجماته على سياسة الرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد الذي خلفه في الرئاسة. وقال: اذا استمر هذا التوجه فالامر سيصبح شديد الخطورة.

اللجان التنفيذية الحكومية تمنع حفيد الخميني من الترشيح

وقالت صحيفة كارجوزاران ان مجلس صيانة الدستور الايراني المتشدد منع حفيد زعيم الثورة الاسلامية اية الله روح الله الخميني من ترشيح نفسه في الانتخابات البرلمانية التي ستجري الشهر المقبل.

ويجب على الراغبين في الترشيح اجتياز عملية تدقيق تمارسها لجان تنفيذية حكومية ومجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون والذي منع مئات المرشحين الاصلاحيين في الماضي من خوض الانتخابات. بحسب رويترز.

ومن بين العديد من الذين كانوا يأملون خوض الانتخابات ولم يسمح لهم علي اشراقي وهو مهندس مدني عمره 39 عاما وحفيد الخميني زعيم الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979.

وقال اشراقي للصحيفة انه لم يبلغه أحد بأنه رفض. وقال اشراقي: جيراني ابلغوني بأنه تم سؤالهم عن حياتي الخاصة بما في ذلك... ان كنت احلق ذقني وما اذا كنت اصوم أو أصلي أو أدخن.

ويمكن لمجلس صيانة الدستور الذي يديره متشددون ان يعيد مرشحين أو ان يمنع اخرين استنادا الى معايير مثل الولاء لنظام ولاية الفقيه.

وقال اشراقي انه يتمتع بتأييد الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي لخوض الانتخابات. وقال أبلغت الزعيم بقراري خوض الانتخابات قبل التسجيل.

حسن خميني ينتقد رفض طلبات المرشحين للانتخابات

ووجه حسن الخميني، حفيد الخميني، انتقادا الى الهيئات الرسمية الايرانية التي رفضت قبول عدد كبير من الترشيحات الى الانتخابات التشريعية خصوصا تلك الخاصة بمرشحين اصلاحيين او معتدلين.

وقال حسن الخميني في تصريح ادلى به امام زعماء جبهة المشاركة احد ابرز الاحزاب الاصلاحية في ايران خلال زيارتهم لضريح الامام الخميني في جنوب طهران: ان هذه المقصلة لم تقطع رؤوسكم فقط بل رؤوس العديد من شرائح المجتمع وهو امر مؤسف. بحسب (ا ف ب).

ويعتبر حسن الخميني احدى شخصيات النظام الاسلامي في طهران ولو لم يكن يتسلم اي مسؤولية رسمية. وهو مسؤول عن ضريح الامام الخميني حيث تجري الاحتفالات الكبيرة بذكرى تأسيس الجمهورية الاسلامية.

وقال حسن الخميني لا احد يستطيع منع الناس من تقرير مستقبلها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16 شباط/2008 - 8/صفر/1429