المرجع المنتظري: وعود الثورة في ايران لم تتحقق

شبكة النبأ: خلال مقابلة أجراها مراسل مجلة "إسبرسو" الإيطالية مع سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين علي المنتظري في الذكرى التاسعة والعشرين لإنتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 م  تحدث سماحته حول الإنتخابات القادمة للبرلمان الإيراني و كذلك عن جملة من القضايا المطروحة على الساحة الداخلية، وفيما يلي نص اللقاء:

ـ المراسل: أشكركم على إتاحة فرصة اللقاء، لقد! سافرت إلى إيران وقُم قبل أربعة أعوام في أيام الإنتخابات‏.

المرجع المنتظري: حاليا أيضاً النقاشات حول الإنتخابات ساخنة، لكن الإنتخابات مع هذه الظروف أصحبت "بلاءاً" على شعبنا.

ـ المراسل: بالنظر إلى الأزمات العديدة الحاصلة في المجالات الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية للشعب، ما الذي يمكن أن تغيّره الإنتخابات القادمة؟

المرجع المنتظري: الشعارات الأولى والأصيلة للثورة كانت هي "الإستقلال، و الحرية، و الجمهورية الإسلامية". وبقي من بعض هذه الشعارات إسمهما فقط و لا خبر من العمل، ومنها الحرية و حرية الإنتخابات.

الحديث عن الحرية وذلك في الإنتخابات حينئذ ستكون ذات معنى حينما تكون الظروف عادلة و مناسبة بحيث تستطيع جميع الشرائح وخاصة النخب وذوي الإختصاص الدخول في الساحة؛ لا أن يكون فقط أشخاص خاصون يبرزون للناس بينما الكثير من ذوي اللياقة لا يتجرأون على البروز، ذلك لأنهم إن دخلوا فسيتعرضون للتهم و الإفتراءات الواهية.

نرى أن السادة قد أطلقوا على هذا العام عنوان عام الوحدة الوطنية و يصفون بلادنا أنها أكثر البلاد حرية في العالم ولكنهم رفضوا صلاحية مشاركة شرائح كبيرة بحيث حتى النواب الحاليين في المجلس أيضا قد رفضت صلاحية مشاركتهم في الإنتخابات القادمة لأنهم كما يبدو خلال خطاباتهم و تصريحاتهم لم يتكلموا بكلام موافقاً لرغبة هؤلاء السادة. الإنتخابات الحرّة تعني حينما يكون الناس هم المنتخبٍون لا مجلس الرقابة و لا شريحة خاصة، و إلا فإن هذه تسمى "تنصيبات" و ليس "إنتخابات"!

 مع هذه الأوصاف كيف يمكن أن نتوقع تغيير وضع الناس و تغيير الأزمات الإقتصادية لبلد لا ينقصه شئ من حيث المصادر الطبيعية كالغاز و البترول و المعادن. إن الناس يسمعون الشعارات ولا يروا مبادرة عملية ترفع مشاكلهم، و يوم بعد يوم نرى أن إزدياد التضخم و الغلاء الفاحش يؤدي بالناس إلى المزيد من المشاكل.

ـ المراسل: بنية السلطة في إيران "متشددة" و "متصلبة" بحيث تتعقد الأزمات و منذ مجئ السيد أحمدي نجاد إزدادت المعضلات أكثر، برأيكم كيف يمكن تغيير الأوضاع؟

المرجع المنتظري: إن سبب الأزمات هو عدم تنفيذ الوعود الإجتماعية والإقتصادية.

هنا أصحاب القرار الرئيسيين لتغيير الوضع هم الناس بأنفسهم و هم يستطيعون إن أرادوا أن تحصل أو لا تحصل فرجة في الأمور؛ أي لو لم يكن الناس غير مبالين و يبدون ردود أفعال أمام أعمال السلطة –طبعاً بصورة مسالمة- و يبدون آراءهم بصورة شفافة، فمن الحتم سيكون ذلك مؤثراً في إتخاذ القرارات عند المسؤولين، و كما نقرأ في القرآن الكريم: "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم".

ـ المراسل: ما هي التغييرات التي لو تمّت في الدستور ستؤدي إلى تحسين الوضع بصالح الناس؟

المرجع المنتظري: إن دستورنا مع كل الإشكاليات و التناقضات الموجودة فيه والتي منها أن القوى  والإمكانيات ووسائل الإعلام المؤثرة كلها تحت تصرف القائد اللامسؤول وغير المتجاوب و أن على السلطة التفيذية أن تكون مسؤولة و مجيبة مع أنها لا تملك الأدوات والصلاحيات، ولكن مع ذلك إن مشكلتنا الحالية و المقطعية ليست الدستور؛ فلو طبِّق هذا الدستور و خاصة تلك الأبواب المرتبطة بحقوق الشعب و أن لا تضيّع حقوقهم، فإن الوضع سيكون أفضل.

ـ المراسل: برأيكم في أي مبدأ من مبادئ الثورة قد حصلت الخيانة؟

المرجع المنتظري: أنا لا أعبِّر بالخيانة لكن الشعارات الأصيلة للثورة لم تتحقق.

لقد طرح آية الله الخميني شعارات – و نحن أيضاً طرحناها- و تبعاً للشعارات دخل ! الناس في ساحة النضال و دفعوا أثمان باهظة، ولكن من حيث العمل لم تتحقق ا لوعود. و إضافة إلى الشعارات الإقتصادية و الثقافية فإننا كنا نبحث عن الحرية السياسية، و كنا ننتقد وجود السجناء السياسيين؛ كان من المقرر أن يكون كل شخص حر في الثورة و يبدي ما يريد و أن تكون حرية البيان، ولكننا ابتلينا بالإعتقال السياسي و بالتضييق على حرية البيان، و تعرّض المخلصون و ذوي القلوب المحترقة على الثورة و البلد للسجن.

في العام الذي يتحدثون فيه عن الوحدة و الإنسجام نرى أن الفئات الفعّالة و المخلصة تتعرّض للمضايقات و تُحذف من الساحة. في حين يجب أن يكون الأساس أن ينشط الناس من خلال الأحزاب السياسية و أن يدخلوا في الساحة ببرمجة و بحرّية تامة، لا أن يُمنعوا تحت ذرائع واهية. أحد السادة كان يقول: "إن حزبنا هو مساجدنا"، أي أن ننسق مع إمام الجماعة و أن نطلب منه ليقول للناس إنتخبوا فلان!

ـ المراسل: هل يمكن أن يكون الشيخ هاشمي رفسنجاني بديل عن الحكومة؟

المرجع المنتظري: لست مطلع على علم الغيب!

ـ المراسل: ألا تريد إيران أن تترك الطاقة النووية أمام ضغوط أوروبا و أمريكا؟

المرجع المنتظري: لا يحق لأوروبا و أمريكا أن يقولوا لبلد مستقل ماذا عليه أن يملك و ماذا عليه أن لا يملك. ثم أليست أوروبا و أمريكا و حتى إسرائيل يمتلكون هذه القدرات و حتى من نوعها العسكري؟! ألم يقصف الأمريكييون بأنفسهم مدينتي ناكازاكي و هيروشيما اليابانيتين بالأسلحة النووية؟ ستنتهي المصادر الاُحفورية في بلدنا أيضا كسائر البلدان وسنتحاج للطاقة النووية؛ طبعا يجب أن لايكون في الجانب العسكري، وهم أيضاً بأنفسهم قد أقرّوا أن إيران لا تبحث عن الإستخدام العسكري. و لقد قلت فيما سبق أن الطاقة النووية من حقنا ولكن لشعبنا لحقوق أخرى أيضاً و لابد من إستيفائها.

ـ المراسل: سؤالي الأخير هو عن تنفيذ حكم الرَجم في الإسلام، ما رأيكم حول ذلك؟

المرجع المنتظري: إذا كان حكم الرَّجم يؤدي إلى وهن الإسلام فلا يجوز تنفيذه؛ ثم بالنظر إلى الشروط الصعبة التي ذُكرت في الفقه فإن إحراز الموضوع ليس بالأمر السهل، و إن ثبت ذلك بالإقرار – الإقرار الذ! ي يكون عن إختيار و ليس عن إجبار و سجن- ، فإن أنكر فإن إنكاره هو المقبول. كل هذا ورد في فقهنا لكن للأسف لا يُعمل به.

ـ المراسل: أشكركم على إتاحكم هذه الفرصة لنا.

المرجع المنتظري: أنا أيضا أشكركم، وأذكر: أن مهنة الصحافة مهنة حساسة، لأن على الصحفي أن  ينقل الحقيقة كما هي. إن شاء الله موفقون.

والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14 شباط/2008 - 6/صفر/1429