العراق بين إملاءات الاحتلال والضعف البرلماني والتخبط الحكومي

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: فيما تقترب الذكرى الخامسة لدخول القوات الغربية بقيادة الولايات المتحدة الى العراق واسقاط نظام الدكتاتور صدام وكذلك تحل الذكرى الاولى لبدء انطلاق خطة فرض القانون في بغداد العام الماضي يستمر الجدل حول اهمية ما تحقق في ظل العملية السياسية الجارية في العراق على ضوء القليل من الايجابيات على صعيد الحريات المدنية والكثير من السلبيات التي تتمثل في الإملاءات الأجنبية وتخبط  الاداء الحكومي وتردي الخدمات وضعف البرلمان وعجزه عن اتخاذ قرارت غاية في الاهمية للشعب العراقي بسبب تبعيته العمياء للكتل السياسية ذات التوجهات المختلفة والأجندات المتقاطعة.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إن الاخطاء التي ارتكبت في العراق وافغانستان يجب الا تحول بين بريطانيا وبين النهوض بواجبها الاخلاقي في نشر الديمقراطية بالوسائل العسكرية ان اقتضت الضرورة.

وقال ميليباند في خطاب وزع على وسائل الاعلام قبل القائه في وقت لاحق في اكسفورد "ستنشأ أوضاع سيكون فيها من الضروري استخدام القوة الشديدة للعقوبات الموجهة والاجراءات الجنائية الدولية والضمانات الامنية والتدخل العسكري."بحسب رويترز.

واضاف "في الحالات القصوى يستدعي تقاعس الدول عن النهوض بمسؤوليتها عن حماية مدنييها من الابادة الجماعية او التطهير العرقي التدخل العسكري لاسباب انسانية."

وقلص رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون الدور البريطاني الميداني في العراق منذ تولى منصبه العام الماضي من رئيس الوزراء السابق توني بلير حيث تثير الحرب هناك استياء شعبيا شديدا في بريطانيا. غير ان الحكومة وسعت مهمتها في افغانستان برغم عدم تحمس الرأي العام لها.

وقال ميليباند "أنا متفهم للشكوك بشأن العراق وافغانستان والقلق العميق بشأن الاخطاء التي ارتكبت. لكنني ادعو لعدم السماح للخلافات حول هاتين الحربين بأن تطغى على مصلحتنا الوطنية فضلا عن واجبنا الاخلاقي في دعم التحرك نحو الديمقراطية."

التعجيل بخفض القوات يهدد المكاسب في العراق

من جهة اخرى دافع قائد القوات الامريكية في العراق عن نهج حذر في خفض قوة نيران القوات الامريكية يوم الاثنين قائلا ان المكاسب الامنية يمكن ان تتلاشى اذا ما غادرت القوات اسرع مما ينبغي.

ومن المقرر ان تغادر بحلول منتصف العام خمسة ألوية مقاتلة اضافية تم استقدامها العام الماضي كجزء من سياسة الرئيس جورج بوش لزيادة القوات. وقال مسؤولون امريكيون وعراقيون ان القوات الاضافية ساعدت في منع نشوب حرب طائفية شاملة في العراق.

وقال الجنرال ديفيد بتريوس لرويترز، في مقابلة "سنقتطع ربع قوتنا القتالية خلال فترة اجمالية تتراوح بين ستة الى ثمانية اشهر."

واضاف "هذا تخفيض جوهري ونريد ان نكون حريصين فيما نفعله بعد ذلك حتى لا نخاطر بالمكاسب التي قاتلت قواتنا وشركاؤنا العراقيون كثيرا لتحقيقها."

ومع دعوة المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الى مشاركة قوات اقل في الحرب واجهاد الجيش بسبب الالتزامات الكثيرة في افغانستان والعراق يتعرض بتريوس لضغوط لكي يضع جدولا زمنيا للمزيد من انسحاب القوات.

غير انه رفض ان يتخذ اي قرارات في وقت مبكر محذرا من ان القاعدة لم تهزم على نحو كامل وان جذوات الكراهية الطائفية يمكن اشتعالها وان المصالحة الوطنية بحاجة الى ان تترسخ كما ان قوات الامن العراقية بحاجة الى النضج.

وقال بتريوس دون ان يضع مدى زمنيا حول الوقت الذي قد يستغرقه لتقرير الموقف الامني في منتصف العام "سنقيم بحرص امكانية المزيد من التخفيضات. المكاسب في بعض المناطق هشة وواهية."

وبحلول الوقت الذي سيقدم فيه بتريوس افادة يجري ترقبها عن كثب امام الكونجرس في اوائل ابريل نيسان سيكون التخفيض المزمع للالوية المقاتلة الخمسة والكتيبتين وهو ما يمثل اكثر من 20 الف جندي قيد التنفيذ.

وقال بتريوس "سنرى اين نكون في ابريل. من المنطقي انك تريد ان تستكمل ما تقوم به قبل ان تقدم توصيات صعبة وسريعة بالاستمرار في المزيد."

ويوجد في العراق ما يصل الى نحو 155 الف جندي مازالوا يقاتلون لاحتواء تمرد اندلع بعد غزو البلاد في عام 2003 للاطاحة بصدام حسين. وقتل ما يقارب اربعة الاف جندي امريكي كما اصيب الاف آخرون بجروح.

وقال بتريوس في مقابلة مع سي.إن.إن أواخر الشهر الماضي انه سيحتاج الى بعض الوقت "لكي تستقر الامور قليلا" بعد التخفيض المبدئي مما اثار تكهنات بانه يريد ان يحتفظ بنحو 130 الف جندي او اكثر في العراق حتى النصف الثاني من العام.

وقدر بتريوس ان القوات العراقية زادت بمعدل 100 الف في عام 2007 بينما اضافت الجماعات السنية القتالية نحو 85 الفا فرد الى الجهد العسكري.

جيتس يؤيد توقفا في خفض القوات الامريكية مستقبلا بالعراق

من جهته أعلن روبرت جيتس وزير الدفاع الامريكي انه يؤيد فكرة حدوث توقف قصير في وتيرة خفض القوات الامريكية في العراق بمجرد استكمال سحب اولي لخمسة ألوية مقاتلة أمريكية في يوليو تموز.

ومسألة حجم القوات الامريكية في العراق هي قضية سياسية هامة خاصة في عام انتخابات الرئاسة الامريكية. وأثارت تصريحات جيتس انتقادات سريعة من الديمقراطيين. ويطالب المرشحان الديمقراطيان الرئيسيان بانسحاب سريع بينما يقول المرشحون الجمهوريون انه ينبغي أن يقرر القادة العسكريون الامريكيون متى يكون الانسحاب آمنا. بحسب رويترز.

وقال جيتس للصحفيين في بغداد "اعتقد ان فكرة فترة قصيرة للتعزيز والتقييم هي منطقية على الارجح" مؤيدا علنيا ولاول مرة فكرة ناقشها الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق. وحين سئل جيتس عن مدة هذا التقييم قال "هذا شيء مازلنا نفكر فيه."

الوجود الأمريكي في العراق يزعزع استقراره

وفي اشارات متناقضة قال الرئيس المصري حسني مبارك في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية ان وجود القوات الامريكية والقوات الاجنبية الاخرى في العراق يجذب اليه الارهابيين ويهدد أمن واستقرار المنطقة.

وكان مبارك الذي قال في السابق ان "بقاء القوات الامريكية في العراق يمنع سقوطه في الفوضى" يتحدث الى رؤساء تحرير صحف مصرية على الطائرة التي أقلته الى أبو ظبي في زيارة لدولة الامارات العربية.

وقالت الوكالة "حذر الرئيس مبارك من استمرار التواجد الامريكي في العراق."وأضافت "قال ان تواجد القوات الامريكية والاجنبية في العراق سيؤدي الى اجتذاب الارهابيين من كل مكان وتهديد الامن والاستقرار بالمنطقة."

ولم تنقل الوكالة نصوصا مباشرة من تصريحات مبارك أو تفاصيل أخرى. كما انها لم تقل بوضوح ان مبارك يعطي أفضلية لانسحاب أمريكي من العراق. ولم يتسن على الفور الاتصال بالمتحدث باسم الرئاسة المصرية للحصول على تعقيب.

يذكر ان مصر أيدت قرار الولايات المتحدة ارسال قوات اضافية الى بغداد العام الماضي قائلة انها تأمل في أن يؤدي ذلك الى تقوية موقف الحكومة العراقية.

القوات الامريكية تداهم مستشفى نفسي ببغداد

وقال الجيش الامريكي إن قواته داهمت مستشفى نفسيا في بغداد واعتقلت رجلا يشتبه في تورطه في تفجيرين اخيرين القى اللوم فيهما على امراتين معوقتين ذهنيا.

وقال اللفتنانت كولونيل ستيف ستوفر وهو متحدث باسم القوات الامريكية في بغداد لرويترز "قمنا بعملية في مستشفى الرشاد." واضاف "احتجزنا فردا نعتقد ان له صلة بالقاعدة في العراق والمفجرين الانتحاريين."

وأكد ان الرجل يشتبه في تورطه في الهجومين الدمويين الاخيرين لكنه امتنع عن اعطاء مزيد من التفاصيل. واشار الى انه لم يتم بعد توجيه اتهامات الى الرجل.

وقال مسؤول بوزارة الصحة االعراقية انه جرى احتجاز القائم باعمال مدير مستشفى الرشاد التي ترعى المرضي العقليين في جنوب شرق بغداد.

وعرف مسؤول صحة كبير اخر يشرف على المستشفيات في المنطقة نفس الرجل وقال ان القوات الامريكية والعراقية قضت ثلاث ساعات في تفتيش المبنى.

وقال مسؤول المستشفيات انهم اعتقلوا القائم باعمال المدير واتهموه بالعمل مع القاعدة وتجنيد النساء المعوقات ذهنيا واستغلالهن في عمليات انتحارية مضيفا انه تمت مصادرة ملفات مرضى واجهزة كمبيوتر.

ولم يقدم المسؤولون الامريكيون ولا العراقيون دليلا قاطعا على ان اللتين نفذتا هجومي السوقين الانتحاريين معوقتان ذهنيا لكن الجانبين قالا ان هناك دليلا قويا يشير الى ان المرأتين تعانيان من اعراض اكتئاب.

نفاد الصبر يهدد المكاسب الامنية التي تحققت

وقال الجيش الامريكي إن تنامي حالة نفاد الصبر ازاء الوتيرة البطيئة لتحسن أداء الخدمات الاساسية كالكهرباء والماء من شأنه أن يهدد المكاسب الامنية التي تحققت في محافظة الانبار في العراق المعقل السابق للقاعدة في العراق.

وأضاف في حديثه للصحفيين "من المهم أن تأتي بعد الامن الخدمات الاساسية.. ومن ضمن ذلك التوزيع المركزي للاموال على الاقاليم."

ولدى سؤاله عما اذا كانت وحدات مجالس الصحوة العربية السنية المتأثرة بنقص الخدمات ستصير ميليشيات قال "من الواضح أنه ستكون هناك حالة من نفاد الصبر ازاء مستوى الدعم عند الاخذ في الاعتبار مدى الشوط الذي يتعين أن تقطعه هذه المناطق للتعامل مع أمور مثل البطالة وغير ذلك."

وما زال يتلقى الملايين من أهالي بغداد قليلا من الماء والكهرباء بعد أن أسفرت أعمال العنف الطائفية عن أضرار جسيمة للبنية الاساسية بالاضافة الى مقتل عشرات الالاف من العراقيين.

وحددت واشنطن سلسلة من القوانين التي تقول انها مهمة من أجل استقطاب العرب السنة الى عملية سياسية بعيدا من أعمال العنف المسلحة. بحسب رويترز.

تزايد الخلافات في البرلمان العراقي المتهالك

واندفع عشرات من النواب العراقيين خارجين من البرلمان مما عرقل تصويتا على ميزانية 2008 وقوانين اخرى يتعلق احدها بعفو يمكن ان يطلق سراح الاف السجناء.

واكد انسحاب النواب الشيعة والعرب السنة بالاساس عمق انعدام الثقة بين الجماعات العرقية والطائفية المختلفة في البلاد.

وقال بهاء الاعرجي النائب الكبير من حركة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مؤتمر صحفي ان ازمة الثقة في البرلمان تزايدت.

واضاف انه يعتقد بضرورة الاعتراف بفشل العملية السياسية وحل البرلمان واجراء انتخابات جديدة.

وفي لحظة وحدة نادرة القى نواب من الشيعة والعرب السنة باللوم على الكتلة الكردية عن الازمة التشريعية المتزايدة. وألقى النواب الاكراد الذين يمثلون حوالي 20 في المئة من البرلمان باللوم على نظرائهم الشيعة والعرب السنة.

وتدور مساومات بين المشرعين منذ اسابيع بشأن الميزانية البالغ حجمها 48 مليار دولار.

ويثور الجدال في نفس الوقت حول قانون العفو ومشروع قانون بشأن السلطات الاقليمية التي ستحدد العلاقات بين بغداد والسلطات المحلية.

وخلال الايام القليلة الماضية اتفق زعماء الكتل السياسية على التصويت على التشريعات الثلاثة كحزمة واحدة بسبب الشك المتبادل بانه اذا تم التصويت بالموافقة على احد التشريعات على نحو منفصل فان الفصيل المؤيد لهذا التشريع بالاساس قد يتراجع عن التصويت على الباقي.

ويؤيد العرب السنة قانون العفو لانه يمكن ان يطلق سراح الالاف من السجناء العرب السنة اساسا الذين احتجزوا اثناء تمرد ضد القوات الامريكية والحكومة التي يقودها الشيعة.

وتريد بعض الاحزاب الشيعية قانون السلطات الاقليمية لانه يمكن ان يمنح المزيد من السلطة للمناطق ومنها الجنوب الشيعي حيث توجد اغلب الاحتياطيات النفطية للعراق.

ويريد الاكراد تمرير الميزانية التي تمنحهم 17 في المئة من المخصصات وهو ما قال بعض النواب الشيعة والعرب السنة انها نسبة اكبر مما ينبغي بالنظر الى التقديرات الحالية للسكان.

وتم مؤخرا التوصل الى حل وسط يتضمن بقاء النسبة المخصصة عند 17 في المئة لهذا العام على ان تتم مراجعتها بمجرد اجراء احصاء سليم للسكان.

وكان الاتفاق يقضي بتلاوة فقرات كل قانون اولا ثم التصويت على القوانين الثلاثة كحزمة واحدة. وقال العديد من النواب ان الخلافات اندلعت رغم ذلك بشأن ترتيب التصويت.

وقال النائب العربي السنّي خلف العليان ان الاكراد طالبوا بالتصويت على الميزانية وقانون الاقاليم وقانون العفو في وقت واحد. واضاف ان النواب العرب السنة رفضوا ذلك حيث لم يرغبوا في المساواة بين اطلاق سراح السجناء وعقد مالي لإرضاء الاكراد.

واتهمت علا الطالباني وهي عضو في الكتلة الكردية النواب العرب السنة والصدريين الشيعة بالتامر لعرقلة الاتفاق الذي تم التوصل اليه بشأن اقتسام الميزانية الوطنية.

وقالت ان الطرفين اتفقا على التصويت على قانون العفو ثم الانسحاب قبل الوصول لقانون الميزانية. واضافت ان النواب الاكراد بعد ان علموا بذلك رفضوا التصويت على قانون العفو. ولم تتضح كيفية حل الازمة رغم انه من المقرر ان ينعقد البرلمان مرة اخرى هذا الاسبوع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14 شباط/2008 - 6/صفر/1429