الدولة العراقية لا تُقَوَم دون نهضة شعبية!

عباس النوري

 الشعب العراقي جارى الأحداث، وقدم الغالي والنفيس، وصبر محتسباً عســى أن شمس الحرية والرفاهية  ينظر له من خلال منفذ وإن كان ضيق. لكن ظاهر وجوهر الأمر والواقع المصطنع يوحي بأن المنافذ أغلقت ومن قبل أقربهم للمظلومين…وتناساهم أحبابهم والقادة الذين يعدوا من المخلصين…لأنه هؤلاء القادة قدموا تنازلات تلو التنازلات ليس رغبةً منهم بل أجبروا على ذلك…ولم نكن نتصور يوماً أن ينجرفوا نحو مستنقع السياسية المتلونة بأنواع الألوان المغشوشة.

لم تبق للمبادئ معنى وموقع في ظل الصراعات من أجل السلطة وثروات العراق المباحة. ولم تنفع دروس الأخلاق ومعاني التحلي بها حين تتضارب مع المصالح الخاصة. وفي وقت التغيير من سلطة الظالم لسلطة تعدد الظلمة وإنصاف الظالم قبل المظلوم…بل وأبعد من ذلك حيث أنصف الظالم وحصل على مكاسب وسادة وسائل كثيرة من أجل تناسي المظلومين…وأصبح زمن يروا الباطل حقاً والحق باطل مشاع ومتعارف عليه…وأكثر قبولاً وعرفاً يقتدي به دون باقي القيم البذيئة.

وأن لباقة اللسان الذي يتصف بها البعض…يبررون كل قبح بقبحٍ أدنى. والأقلام النزيهة باعت نزاهتها وصدقها بألوان العملات الصعبة…وأصبح ردائهم الجديد تلوين الصور الحقيرة لتظهر برتوش وضلال كاذب. فسبقوا وعاظ السلاطين ليصنعوا مصطلحاً أكثر وقاحة وشاركوا في الجريمة باندفاع مستميت لكي لا ترفضهم جهات…

العراق يمر في حقبة شديدة الخطورة، وخصوصاً أصبح المتداول أن القادة المتلبسين بثياب الإسلام النزيه لتغطية عوراتهم …حيث سيجر المجتمع لمنزلق خطر لغاية كبيرة فيتحول المجتمع المسلم المسالم لمجتمع يكفر بكل ما له علاقة بالدين…ويبتعد عن كل ما له علاقة بمسميات الأخلاق والقيم الإنسانية…فتتزايد أعداد المتوحشين والمتعطشين للدماء ولأتفه الأسباب.

على الشعب العراقي أن لا ينتظر أكثر من هذا الوقت الذي مضى، فكفى الاستماع للأقوال والمقولات … نحن في طور البناء والتغيير…ومخلفات الماضي والنظام المجرم…يعرقل مسيرتنا…انظروا لمن قتل خلال الفترة…وانظروا لمن يقتل يومياً…خيرة أبناء الشعب العراقي ومخلصيهم…الذين لا يقبلون بالسحت ولا يريدون السكوت عنه…والقادم أسوء.

الحل بأيدي الشعب العراقي، وخصوصا الذين ظلموا بالأمس…وما زالوا يظلمون…والله على نصرهم لقدير. لكن بشرط الحراك…الحراك…وتحمل المسؤولية. الدفاع عن حقوقهم بصوتٍ عال. الاستمرار في دعوتهم وصرخاتهم…دون ملل ولا كلل…حتى يأخذ الحق محله…وينقذ ما يمكن أن ينقذ.

الدولة العراقية في حالها ووضعها المتردي الحالي…لا يمكن أن يستعيد عافيته…ونظامها…ويطبق القانون العادل على الجميع…ولا يمكن إيقاف الفساد المستشري…ولا يمكن تقديم الخدمات..وإنصاف المظلوم قبل الظالم…بل ولا يمكن تقديم الظالمين للعدالة لكي ينالوا قصاصهم..إلا من خلال ثورة سلمية جماهيرية واسعة ودائمة حتى الحصول على جميع الحقوق المشروعة.

أيها الشعب العراقي…لا أتحدث على أساس البعد عنكم، فقد كنت معكم في كل خطوة ولحظة…وعانيت ما عانيتم في جزئيات الأمور وتفاصيلها…وفي كل يوم وساعة نراقب الصغيرة والكبيرة…فهناك الخيرون متواصلون معي…لذلك حديثي نابع من صميم الواقع…وشعوري هو شعوركم ودموعي تنزل لأنني أشاهد دموع الأمهات والأباء والأطفال كل يوم تنهال ولو جمعت لسالت أنهارا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12 شباط/2008 - 4/صفر/1429