العَلم العراقي الجديد بين تطلعات الحاضر ورواسب الماضي المظلم

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: رغم اقراره من قبل الكتل السياسية في البرلمان العراقي إلا ان العَلم الجديد اصبح مثار تساؤلات وجدل حول دوره في توحيد العراقيين والمصالحة الوطنية، حيث يعيش الشارع تناقضات قبول المتطلعين نحو مستقبل افضل، ورَفض المتمسكين بالماضي العتيد وزمن الدكتاتورية والتسلط الفئوي.

وشهدت احياء في العاصمة بغداد تسيطر عليها مجالس الصحوة السنّية، اقدام عناصر هذه المجالس على تحذير اصحاب المركبات الخصوصية والعامة من رفع العلم العراقي الجديد الذي أُلغيت منه النجوم الثلاثة، بعد تصويت مجلس النواب عليه.

وشهدت احياء السيدية والاعظمية والغزالية والعدل والدورة ذات الاغلبية السنّية، ممارسات عنف من عناصر الصحوة ضد اصحاب المركبات التي حملت العلم العراقي الجديد وأمرت عناصر الصحوة السواق بعدم رفعه، وانزاله من المركبات التي ثُبت العلم فيها.

كما قام بعض عناصر الصحوة باقتلاع العلم وتمزيقه رغم وجود كلمة الله اكبر فيه، وطالبوا باعادة رفع العلم القديم بالنجوم الثلاثة التي تشير الى شعارات حزب البعث المنحل وهي الوحدة والحرية والاشتراكية.

وفي منطقة السيدية والدورة تعرضت مركبتان تحملان العلم الجديد الى اطلاق نار مباشر على السيارة في حادثين منفصلين وهتف مسلحو الصحوة بحياة صدام وحزب البعث. بحسب نقل شبكة الاخبار العالمية.

والجدير ذكره ان العلم الجديد الذي اقر من قبل مجلس النواب في الاسبوع الماضي الغى النجوم وابقى كلمة الله اكبر بعد تبديل خطها بالخط الكوفي بدل الخط السابق الذي هو نسخة من خط الدكتاتور صدام الذي كتب الكلمة بيده.

ومن المعلوم ان مجالس الصحوة في المناطق الغربية اعلنت ايضا عن رفضها انزال العلم القديم والاصرار على ابقائه فوق الادارات والمراكز العامة والمؤسسات في تلك المناطق في تحد واضح لقرار الحكومة والبرلمان بتغيير العلم استجابة لضغوط كوردية حيث رفض اقليم كوردستان رفع العلم القديم مالم يتم تغييره.

الحكومة ترفع العَلم الجديد

ورُفِع علم العراق الوطني الجديد، المؤقت ايضا، فوق مبنى البرلمان لاول مرة بعدما تحدثت عنه الحكومة بوصفه حدا فاصلا عن الماضي وخطوة نحو المصالحة.

وترأس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مراسم رفع العلم خارج مكاتبه في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد. وحضر المراسم أعضاء الحكومة والشخصيات الكبيرة.

وفي الشهر الماضي أقر البرلمان العلم الجديد الذي يشبه الى حد كبير العلم القديم في اجراء تطالب به منذ فترة طويلة الاقلية الكردية التي قالت ان العلم القديم يذكر بوحشية الدكتاتور صدام حسين.

وقال المالكي ان ذلك يمحو أثر الماضي. وسيرفع العلم لمدة عام قبل اختيار بديل دائم. ورفض المسؤولون الاكراد رفع العلم القديم الذي صار علما رسميا للعراق بعد انقلاب البعث في عام 1963 وكان محظورا في اقليم كردستان الشمالي الذي يتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي.

ولم يبد بعض المواطنين العراقيين اهتماما بالامر. وقال مسؤولون في مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار والتي كانت في السابق معقلا للتمرد السني انهم لن يرفعوا العلم الجديد الا اذا صدرت أوامر لهم بذلك. بحسب رويترز.

وأعرب رئيس بلدية الفلوجة سعد رشيد عن اعتقاده بأن الحكومة والبرلمان سيكتسبان كراهية المعارضين للعلم الجديد.

استياء "سنّي" تجاه العَلم الجديد

وفي غرف الدردشة على شبكة الانترنت انهالت انتقادات العراقيين ردا على قرار البرلمان الأسبوع الماضي والذي طالبت به الأقلية الكردية منذ زمن طويل قائلة ان العلم العراقي القديم إبان حكم الدكتاتور السابق صدام حسين يذكرهم بوحشية نظامه.

إلا ان كثيرين من العراقيين من غير الأكراد لا يوافقون على انتقاد العلم القديم ويقولون انه لا يمت بصلة لصدام السني ويرون ان أعدادا لاتحصى من الجنود العراقيين ماتت تحت هذا اللواء خلال عدة حروب.

وقال عراقي في تعليق تضمنته إحدى غرف الدردشة العربية على الانترنت ان آلاف العراقيين ضحوا بحياتهم حتى يرفرف هذا العلم وان تغيير العلم يتجاهل هذه "التضحيات."

وفي حقيقة الامر فان العلم الجديد شديد الشبه بالعلم القديم.فلا يزال العلم الجديد يحمل الألوان الأحمر والأبيض والأسود إلا انه تم حذف النجوم الخضراء الثلاثة في الوسط التي ترمز الى الوحدة والحرية والاشتراكية شعار حزب البعث المحظور حاليا.

أما عبارة (الله أكبر) التي تتوسط العلم باللون الأخضر وذلك بناء على أوامر من صدام خلال حرب الخليج عام 1991 فتقرر الإبقاء عليها في مكانها لكنها لم تعد بخط صدام نفسه.

ورفض مسؤولون في مدينة الفلوجة السنّية، العلم الجديد. وتقع الفلوجة في محافظة الأنبار الغربية وكانت سابقا معقلا للمسلحين العرب السنّة من الذين قاتلوا مع القاعدة القوات الامريكية والعراقية.

وقال قائمقام الفلوجة سعد رشيد لرويترز "انها كارثة" مشيرا الى انه يستخدم العلم القديم في مكتبه وفي منزله واضاف انه لن يرفع العلم الجديد الا اذا قرر مجلس الانبار ذلك.

وقالت قناة الحرة التلفزيونية ان مجلس الانبار لن يرفع العلم الجديد لكن خميس احمد العضو البارز في المجلس نفى ذلك.

وتصاعد الجدل بشأن تغيير علم ما بعد فترة صدام مع التخطيط لعقد اجتماع لساسة من اتحاد البرلمانيين العرب ومقره سوريا في اقليم كردستان العراقي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي في العاشر من مارس اذار. ورفض المسؤولون الاكراد رفع العلم الحالي المحظور في كردستان.

وسيظل العلم الجديد هو العلم الرسمي لفترة عام واحد فقط يتواصل خلالها النقاش حول الشكل النهائي للعلم.

وقال بعض البرلمانيين ان اقتراع البرلمان العراقي مهم من الناحية الرمزية حيث انه يغير العلم الذي رفرف لاول مرة عام 1963. وتولي الدكتاتور صدام حكم العراق رسميا عام 1979.

وقال الشيخ عيفان العيسوي أحد زعماء العشائر في الفلوجة ان الجنود الامريكيين سألوه ان كان بامكانه رفع العلم الجديد.

وقال في إشارة الى صدام انه أبلغ الامريكيين بانه سيتم استخدام العلم القديم لانه يمثل وحدة العراق ولا يمثل حاكما بعينه.

ويرتبط العلم العراقي في أذهان الأكراد بحملة الانفال في أواخر الثمانينات التي قتل فيها عشرات الالاف.

وفي بغداد ثبت بعض أصحاب السيارات العلم القديم على مركباتهم. وقال امير سعدون وهو احد المقيمين في بغداد، يقول الأكراد ان صدام هو المسؤول عن هذا العلم الا ان الامر ليس كذلك نحن نرفض تغيير العلم لانه يمثلنا جميعا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9 شباط/2008 - 1/صفر/1429