الحصاد الثقافي الشهري- كانون الثاني/ يناير 2008

(الجزء 1-3)

'أليستر هرون' يحاضر عن 'التاريخ' في مؤسسة هيكل للصحافة

شبكة النبأ: المؤرخ البريطاني الشهير السير اليستر هورن كان ضيف مؤسسة هيكل للصحافة العربية حيث حاضر في ورشة عمل لشباب الصحفيين حول 'الصحافة كتاريخ سائل' تبحث عن معضلات العلاقة بين الصحافة والتاريخ، كما القى هورت محاضرة موسعة لكبار الصحفيين والأكاديميين المصريين، وقد أكد هاني شكر الله مدير عام المؤسسة أن مؤسسة هيكل تعكف حاليا علي وضع اللمسات الأخيرة في برنامج العام القادم الذي يشمل عددا من الدورات التدريبية المتخصصة، كما ستواصل اعداد دورات المهارات الصحفية، ودعوة عدد من كبار الشخصيات الصحفية العالمية للقاء الصحفيين المصريين. 

مؤتمر إقليمي في القاهرة يحذر من هجرة العقول العربية والإسلامية للغرب 

  بدأت  في القاهرة أعمال المؤتمر الإقليمي «لوضع استراتيجية عربية وإسلامية لوقف نزيف هجرة العقول والكفاءات العلمية» والذي نظمته اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة التابعة لوزارة التعليم العالي والدولة للبحث العلمي في مصر بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «ايسيسكو».

وبمشاركة كل من مصر والسعودية والكويت والجزائر وتونس وسوريا ولبنان وفلسطين والمغرب وتركيا وأذربيجان والبوسنة والهرسك. وأكدت وزيرة القوى العاملة والهجرة في مصر عائشة عبد الهادي في كلمتها في افتتاح أعمال المؤتمر أن هناك آثارا سلبية مباشرة وغير مباشرة تلحق بالدول العربية والإسلامية نتيجة هجرة أبنائها الأكفاء في خبرتهم إلى الخارج.  

وقالت عبد الهادي «إن حجم هذه الخسائر تصل في بعض التقديرات إلى نحو 600 مليار دولار متمثلة في تكاليف إنفاق تلك الدول على توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية لأبنائها خلال تواجدهم في الوطن الأم قبل الهجرة للخارج،  

إلى جانب تكلفة الفرصة البديلة التي تتكبدها هذه الدول بسبب عدم مشاركة هذه الكفاءات العلمية والعمالة الفنية المدربة في تنفيذ مشروعات التنمية الإنتاجية والخدمية بدولهم بسبب وجودهم في المهجر».  

وناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام وضع استراتيجية قادرة على خفض هجرة العقول من الدول النامية والحفاظ على المواهب العلمية والتكنولوجية، وبحث سبل تقوية قنوات الاتصال بين الخبراء المهاجرين بالخارج مع دولهم وأقاليمهم لاستخدام قدراتهم في تنمية العلوم والتكنولوجيا وإيجاد وسائل وسبل لتنمية قاعدة معلومات عن الموارد البشرية الدولية وبصفة خاصة عن العقول المهاجرة في مجالات العلوم والتكنولوجيا وإتاحتها للدول الأعضاء بالايسيسكو.  

كما شملت المحاور تشجيع إقامة الشبكات بين المنظمات الخاصة بالمهاجرين المؤهلين ومراكز البحوث في بلادهم الأصلية بالتعاون مع الأجهزة العلمية المختصة والمعاهد القومية المتخصصة وتشجيع عودة العلماء البارزين لبلدهم الأم.  

وأكد الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة في مصر المهندس صفوت سالم أن مشكلة هجرة العقول تعد عائقا كبيرا في طريق تنمية الدول العربية من خلال استنزاف هذه الثروة الغالية والتي هي السبب الرئيسي للنهوض بتنمية حقيقية قابلة للتطور والاستمرار.  

وأرجع صفوت سالم أسباب هجرة العقول المتميزة إلى الأنظمة البيروقراطية الجامدة في هذه الدول وحدودية مجالات البحث والتطوير والطموح العلمي الذي قد يدفع البعض إلى الهجرة لإشباع روح البحث والتطوير وتوفر فرص العمل في الدول الجاذبة لهذه العقول.  

من جانبها حذرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» من تزايد ظاهرة هجرة العقول العربية إلى خارج البلدان العربية والإسلامية، وكشفت عن أن 50% من الأطباء و23% من المهندسين و15% من العلماء بالبلدان العربية والإسلامية يهاجرون إلى أوروبا وأميركا وكندا وأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم، وأن 75% ممن يهاجرون من العرب يهاجرون إلى ثلاث دول هي أميركا وكندا وبريطانيا.

 ندوة تأمل بقيام نهضة ثانية

أكد المشاركون في الندوة الموسعة من المفكرين والمثقفين وعدد من اساتذة الفلسفة بالجامعات العربية ان المشكلة في العالم العربي هي تحويل الماضي الي تراث جامد, واهمال الانسان الصانع للنهضة, وقد تم اجهاض مشروعات النهضة والتنوير التي كان من روادها رفاعة رافع الطهطاوي, وحتي مقدمة ابن خلدون التي قام عليها علي الاجتماع الحديث. وان التحدي الكبير الذي يواجه الامة هو تحويل الفكر الخرافي الي رؤي نقدية, والثقافة الوطنية الي برامج علمية.

وتساءل الباحث حسن حنفي عن إمكانية قيام نهضة عربية ثانية علي ايدي الاجيال الجديدة التي تميل للسلفية ، وتحاور العلمانيين وتروض المحدثين وهل يمكن تحويل الاصلاح الديني الي حركة بناءة في المجتمع, وليس بالضرورة ان يكون في الحركات السرية وهل يمكن اقامة حوار بين الجماعات المختلفة الليبرالية والقومية والناصرية والماركسية وهل يمكن البداية بهذا الشكل خاصة ان الاحتلال عاد, والفقر زاد.

واكد حنفي امكانية قيام النهضة الثانية، قائلا: ان النهضة الاولي حققت بعض الانجازات منها انشاء الدولة الحديثة واستقلال الاوطان والاصلاح الاقتصادي لكن خسائرها كانت اعظم تمثلت في الحريات والعدالة الاجتماعية والولاء الوطني والانتماء القومي.. ان اهم معوقين في حياة المواطن المصري هما القهر والفقر, ومع ذلك اري ان هناك لحظة مخاض قادمة, فمصر حامل بميلاد جديد والقضية مسألة وقت.

وقالت وفاء ابراهيم ان النهضة في اوروبا قامت واستوفت دورها وتحركت الي الامام من دون لحظة ندم او اسي كما حدث ويحدث عندنا. وتعريف النهضة عند الغرب يعني "ميلادا جديدا" وبدأت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عندما خرج المواطن حائرا بين محاولاته التوفيق بين الفلسفة والدين, فاتجه الي الفن كي يعبر عن ذاته, ثم بعد ذلك لبناء هويته- ونلاحظ ان مشروع النهضة جاء من الداخل وبالتالي كان عصر النهضة هدفه التعبير عن الذات من اجل بناء الهوية, وهو ما لم يحدث عندنا.

ندوة جامعية عن المرأة والعنف

تنظّم وحدة البحث " التشريع في الأحوال الشخصية " بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة في الساحل التونسي أيّام 4 و 5 و 6 نيسان (أبريل) المقبل ندوتها العلميّة الثانية تحت عنوان " المرأة و العنف المشروع"،

وستبحث الندوة علي امتداد الأيام الثلاث عددا من الإشكالات المطروحة حيث إنّ تباين المنطلقات المعرفية التي تناولت موضوع العنف قد ابرز الطابع الإشكاليّ للمفهوم و قد طرحت صعوبات أمام تسمية أعمال العنف و معايير تقويمها، ممّا جعل أية محاولة لتعريف تظلّ مشروطة بحقل معرفيّ معيّن و بإطار تاريخيّ و ثقافيّ محدد.

و مفهوم العنف تشكّل تدريجيا في المعاجم اللغويّة، و أصبح مفهوما متعدد الدلالات نتيجة تنوّع المجالات التي يتمظهر فيها: فهو تعبير عن انفعال يعرفه علماء النفس نمطا من السلوك هو وليد حالة إحباط تتجلّي في الغضب و المعاداة و كثيرا ما يرتبط بتحكم غريزة الموت و العدوانية لدي الفرد. و العنف أيضا هو اعتداء علي الآخر و حريته، و يتجلّي في الخلفيّة النظريّة للقوانين و لأدبيات حقوق الإنسان. و العنف أيضا هو نتاج للحركة الإجتماعية، و لتفاعل مجموعات من الفاعلين الاجتماعيين و السياسيين، الذين تربطهم قوة اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية غير متكافئة.

استنادا إلي هذه الإشكاليات، سيكون موضوع الندوة العلميّة الثانية لكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة في الساحل التونسي " المرأة و العنف المشروع" حتّي تكون مناسبة للتعمّق في قضايا أساسيّة، و هي قضايا تجلّي حضور صنف من العنف كرّس مبدأ التمييز، و لعلّ أهمّها : العنف المشروع في القانون و العنف المشروع في الفقه و الفتاوي و العنف المشروع في اللغة و العنف المشروع في الإبداع و العنف المشروع في الممارسات اليوميّة. 

  منتدى ثقافي لترسيخ قيم التسامح العالمي  

 عقدت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) بالعاصمة الجزائرية منتدى ثقافيا حول ترسيخ قيم التسامح والتعايش في العالم.

وذكرت المنظمة في بيان لها من مقرها  ان هذا المنتدى تمحور حول موضوع دور القيادات الشبابية في تفعيل مضامين (الاعلان الاسلامي حول التنوع الثقافي).

واوضح ان هذا المنتدى سعى ايضا الى ابراز دور التنوع الثقافي في تعزيز التعايش العالمي على اسس العدل والتعاون والمحبة والاحترام المتبادل والاخوة الانسانية.

كما هدف الى توعية الشباب بأهمية استثمار التنوع الثقافي في المحافظة على التراث الثقافي الاسلامي والاسهام في التنمية الشاملة والمستدامة عبر تعميق الوعي بمقومات الذات الحضارية والتفاعل الايجابي مع العولمة.

ندوة حول المعادل البصري في المطبوعة المعاصرة 

  أرجع الفنان التشكيلي والصحافي ناصر عراق التراجع الفظيع للرسم الصحافي في المطبوعات المعاصرة ومأزق الخطاطين والرسامين إلى أن معظم السلطات العربية تخاصم حرية الفكر وحرية الإبداع، وإلى شيوع الأفكار المتشددة التي تحرم الفنون بما فيها الرسم، إضافة إلى عدم مواكبة بعض الفنانين للتطورات التقنية ومستجدات العصر، ومحدودية تجارب وموهبة وخيال البعض الآخر..

جاء ذلك لدى استضافة النادي الثقافي العربي له عبر ندوة حول المعادل البصري في المطبوعة المعاصرة، قدم لها الدكتور عمر عبد العزيز موضحاً أن مجرد ذكر كلمة « رسم » تصبح مباشرة في فضاءات متعددة عن ماهية الرسم ومفهومه بوصفه تخطيطاً بالأسود والأبيض وبالأشكال الكاريكاتيرية، أو بوصفه يقدم توضيحات وإضفاءات، أو بوصفه عملاً فنياً تصويرياً بالألوان المختلفة.. وأيضاً الرسم كأفق للتماهي مع الكتابة.

ومشيراً إلى عوالم الوسائط المتعددة التي أصبحت تقدم حلولاً مبدعة وتقنية ساحرة ومدهشة، وغرائبية أحياناً، ولكنها في المقابل تفتح فجوات كبيرة في الإبداع الذاتي للأفراد، ولهذا السبب يصبح هذا المعادل البصري الجديد، المعطى عبر التقنيات العصرية في أفق ما مجاور للمفهوم المرتبط بالثقافة الفردية للفنان،

ولعل هذا يغري الكثيرين في الدخول إلى هذه العوالم دون امتلاك ناصية المفاهيم والتقنيات والأسس الهندسية والموسيقية والبصرية واللونية التي تحكم العملية الفنية بذاتها.. ويحيلنا هذا الأمر إلى المطبوعة العربية، وهذا ما سيحدثنا به الزميل ناصر عراق من خلال تجربته الفنية والصحافية من جهة، ومن خلال منجزه « تاريخ الرسم الصحافي في مصر» الحائز على جائزة أحمد بهاء الدين .  

من جانبه بدأ  ناصر عراق مداخلته بالحديث عن قسمي الرسم الصحافي ، الأول الكاريكاتير المعبر عن فكرة ما، حدثية سياسية أو اجتماعية، والثاني الرسم التوضيحي المصاحب لتحقيق ما، أو قصيدة أو قصة ما، يقرأها الرسام ويتخيل صورة معبرة عنها، أو رسم لشخصية ما أو موتيف ما..الخ.

ولأن الحديث عن بداية الرسم الصحافي يحتاج للرجوع إلى بداية نشوء الصحافة، قدم عراق موجزاً تاريخياً عن بداية الصحافة في مصر، تحدث فيه عن الحملة الفرنسية على مصر وإصدار أول مطبوعة بعنوان « لوكربيه دي ليجبت» وفيها رسومات تعبر عن شعار الجمهورية الفرنسية ، بالإضافة إلى منشورات تحمل الأوامر والمراسيم والقرارات مترجمة للعربية كانت تعلق على جدران الأماكن العامة..

ومن ثم انتقل إلى عهد محمد علي واهتمامه بالصحافة وإرساله بعثات للخارج لتعلم الطباعة، وكان منهم مسابكي أفندي البيروتي ورفاعة الطهطاوي، وتأسيس أول مطبعة في مصر وهي مطبعة بولاق، ومن ثم جرنال الخديوي وصحيفة الوقائع المصرية ودور الطهطاوي في تطويرها واهتمامه باللغة العربية أكثر من التركية..  

مؤتمر حول حوار الشعوب والثقافات في المتوسط والخليج 

 استضافت مكتبة الاسكندرية في الفترة من ال 19 من يناير الى ال 21 منه مؤتمرا وورش عمل ثقافية حول حوار الشعوب والثقافات في منطقتي الأورومتوسطية والخليج.

وذكر مدير الاعلام بالمكتبة الدكتور خالد عزب في بيان صحافي  أن هذا المؤتمر الذي نظمه معهد دراسات السلام التابع للمكتبة يعد الثالث حول حوار الشعوب والثقافات مشيرا الى أنه يعد استكمالا لمؤتمري باريس في سبتمبر 2006 واشبيليا يونيو 2007.

وقال ان هذا المؤتمر يكتسب أهمية خاصة باعتباره آخر هذه المجموعة والذي يتوقع أن يصدر اعلانا مهما عن الحوار بين الشعوب والثقافات وكذلك خطة عمل استنادا الى أعمال مؤتمري باريس واشبيليا.

وأضاف ان فلسفة هذه العملية هي مواجهة ومعارضة لفكرة صراع الحضارات مواكبة للمبادرة التركية - الفرنسية بشأن حوار الحضارات والتي حظيت على دعم من الأمم المتحدة.

وأشار عزب الى أنه شارك في هذا المؤتمر الذي ضم ست ورش عمل شخصيات بارزة من دول منطقتي الأورومتوسطية والخليج تضم أصحاب القرار وخبراء ومفكرين وممثلي المجتمع المدني وقطاع الأعمال والاعلاميين ويتوقع أن يبلغ عدد الحاضرين حوالي 250 شخصية.

المنتدى الأول لتحالف الحضارات

  العاصمة الاسبانية شهدت افتتاح المنتدى الاول لتحالف الحضارات بمشاركة السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون ومسؤولين رفيعي المستوى من دول عدة.

وحضر افتتاح المنتدى  كل من خوسيه لويس ثاباتيرو رئيس وزراء أسبانيا ورجب طيب أرودغان رئيس وزراء تركيا وجورج سامبايو الممثل الاعلى لتحالف الحضارات وذلك للبحث في سبل جديدة لبناء الجسور بين الأمم والثقافات .

وابلغ المسؤول في ادارة المنتدى شامل ادريس مؤتمرا صحفيا ان المنتدى شهد الاعلان عن عدد من المبادرات الهامة ومشروعات لتشجيع التفاهم بين الحضارات فى مجال الاعلام والشباب .

واوضح ان المشاركين بحثوا مشروعا يخص آلية تحالف الحضارات وهو دليل مباشر على شبكة الانترنت للخبراء فى قضايا التنوع الثقافى يستخدم للرجوع اليه فى أوقات الازمات الدولية .

كما ناقش المشاركون اقامة موقع تحالف الحضارات للتبادل على شبكة الانترنت ليكون وسيلة تعليمية على الانترنت حول قضايا متعددة الأطراف تهدف الى تحسين التفاهم بين الثقافات اضافة الى اطلاق أول موقع للتبادل للتعليم الاعلامى خلال المنتدى .

سامح كعوش يحيي أمسية شعرية في اتحاد كتاب أبوظبي 

  من فلسطين كانت افتتاحية القصائد التي قرأها الزميل الشاعر سامح كعوش في الأمسية التي أقيمت في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، بحضور حارب الظاهري رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.  

واستمر كعوش بتناول الحدث الفلسطيني من خلال قصيدة محمد الدرة الذي يجد فيه كل طفل يقاوم الاحتلال قال:  

أنت الشهيد الحي/ في أرض العراق المنتصر/ أنت الفدائي الذي/ صار العبوة، وانفجر/ قاوم فجرحك ناطق/ بعذاب أجناس البشر.  

ومن ثم انتقل كعوش لتناول نفسية القروي الذي يغزو المدينة من خلال قصيدته «سنجاب في المدينة» قال: لم آكل سوى وجبة من غبار المحطة/ ولم أشرب سوى زجاجتين في مقهى الرصيف/ والصيف كان ثقيلا.  

وتتوالى العناوين ليس لي قلب سواها، وجه أمي، جدي، أبي، حلم، الغرفة النافذة، البيت، والسرير. ليختتم قراءاته بقصيدة تجسد العلاقة بين الرجل والمرأة بعنوان لا تقترب قال في بدايتها:  

لا تقترب/ وافرح بما جادت به / كف المسافة/ واستجب لندائها/ هي ترتجي منك الوصال/ ومن بعيد.  

وتحت عنوان «تهكم لا يقوم على منطق وسريالية تبتغي الوضوح» قدم الشاعر محمد عيد إبراهيم دراسته النقدية حول المجموعات الشعرية التي أصدرها كعوش إذ أكد في البداية:  

«حين ننظر إلى قصائد الشاعر الفلسطيني سامح كعوش في ديوانه الأخير، «سريران وكفى» الصادر عام 2005 لا يسعنا إلا أن نلاحظ عددا من القضايا، ونأخذ على عاتقنا مهمتين جماليتين، النظر فيما لا يختص بزمن معين من قصائده، بل هو عابر لكل الأزمنة، ثم محاولة فهم بل جس ما نحس به من سريالية تصادفنا مخفية تحت السطح المباشر لمثل هذه القصائد.  

يقول كعوش في قصيدة حين أنت:  

«أصير نوتيا، وحين إبحاري، تتقطرين قصيدة، على شفة الشمس، كحبة ألماس» لو لاحظنا كيف يقوم الشاعر بإعادة رؤية العالم من وجهة نظر سريالية لرأينا انه لا يبتغي شرط السريالية في تفكيك المنطق وقلب العالم رأسا على عقب».

 و تناول إبراهيم في دراسته النقدية نقاطا أخرى ميزت أشعار سامح كعوش وهي كما ذكر:  

(التهكم المنطقي قد يكون تميز سامح هو استخدامه التهكم أو السخرية أو البارودية النقدية لمفردات العالم المحيط، بصور موفقة في أغلب الأحيان كأن يقول  

«الحلم لا يستيقظ مرتين» و«ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بصفعة» وغيرها مما يضفي على القصائد حس يستدعي الضحك أحيانا والألم أحيانا أخرى).

أما النقطة الثانية التي تناولها إبراهيم فهي الأجرومية الغرائبية قال:  

(من الملاحظ للوهلة الأولى أن الشاعر يتعمد كسر تركيبة الأجرومية العربية التقليدية بصورة غريبة، أو صور شاذة، أو صور لم يعدها العرب في كلامهم مثل عندما أهداب النسوة مغلقة، كي لا أموت على صراخي.  

إنها محاولات لا أظنه انتبه إلى ما فيها من غرائبية، وربما يكتب دون قصد منه أو وعي كبير بما فيها من شذوذ في البنية وغرابة في التركيب النحوي والصرفي للعبارة، أما القضايا الأخرى فأوجزها بقضية العنف الكامن في مجازه اللغوي، وسعيه للاقتراب من عوالم الصوفية).  

قراءات شعرية متنوعة للعلاق في اتحاد الكتاب 

  تنوعت القراءات الشعرية التي ألقاها الدكتور علي جعفر العلاق في أمسية أقيمت له في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي.  

قدم الأمسية أحمد الحسيني معرفا بالدكتور العلاق أستاذ الأدب الحديث والنقد في جامعة الإمارات، بأنه ناقد معروف، عمل رئيسا لتحرير العديد من المجلات الأدبية في العراق، وأصدر العديد من المجموعات الشعرية، مثل (لا شيء يحدث، شجر العائلة، فاكهة الماضي، وغيرها). وفي مجال النقد أصدر مجموعة من الكتب التي تتناول اتجاهات نقدية مختلفة مثل: مملكة الغجر، ودماء القصيدة في حداثة الشعر، وغيرهما.  

قبل أن يبدأ د. العلاق بقراءة الشعر أشار إلى العبارة التي كثيرا ما يرددها الشاعر محمود درويش بأنه كلما همَ بكتابة قصيدة جديدة، شعر بأنها قصيدته الأولى، وأنه كلما واجه جمهورا أحس بأنها اللحظة الأولى التي يقابل فيها هذا الجمهور.  

ومن قصيدة بعنوان «سيدة الفوضى» كانت البداية لتتوالى العناوين مثل قصيدة «المجنون، وعلاقة منهية» ليعود إلى التاريخ ويستوحي منه قصيدة «جلجامش» وفي قصائد تتشابه فيها الحالات الإنسانية، و تجسيد أوضاع العراق استمر الشاعر بقراءاته إذ قال في مثل قصيدة «طيور المنافي»:  

إهدئي/ كالحصى، يا طيور/ المنافي/ لوحي لبلاد الأسى بالدموع/ لنهرين من صبوات/ وجوع.  

ويستمر العلاق بقراءة قصائده المتشبعة بالحزن قال في قصيدة الحوار الأخير: أيامنا تتكسر/ سوداء كالفحم/ أسأله أحوار البداية يا صاحبي/ أم تراه الحوار الأخير ؟.  

وفي وطن اسمه العراق يكون للمناسبات إيقاع آخر بلون ورائحة الدم هذا ما أوحى إليه الشاعر في قصيدة توضح احتفالية العراق في رأس السنة.  

كل ما قدمه الدكتور العراق يبرهن من جديد أن الشاعر يواكب الأحداث يصيغها ويقدمها من جديد بقالبه الإبداعي الخاص.  

وثائقي مصري يكشف أزمة السامريين داخل إسرائيل 

احتفت نقابة الصحفيين المصريين بأسرة فيلم "عابرون من بني إسرائيل" الذي فاز بالجائزة الذهبية في مهرجان الإعلام العربي الـ13, وناقشت ندوة أقامها منتدى الحوار العربي بمقر النقابة بعنوان "في حب فلسطين" أبعاد الموضوع الذي طرحه الفيلم. 

والفيلم المذكور هو تحقيق تلفزيوني يحكي قصة طائفة دينية يهودية تسمى السامرية تسكن قمة جبل جرزيم بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة. ويبلغ عدد أتباع تلك الطائفة 750 نسمة فقط. 

ويقول أتباع هذه الطائفة إنهم من نسل النبي هارون شقيق النبي موسى عليهما السلام, ويؤمنون بخمسة أسفار من التوراة من أصل 39 يؤمن بها اليهود. وترى السامرية أن القدس مدينة سياسية وليست مقدسة عند اليهود, وترفض الاحتلال والعنصرية الصهيونية والتجنيد بالجيش الإسرائيلي باعتباره ضد تعاليم الدين. 

ويظهر الفيلم أن أفراد الطائفة يتحدثون العربية باعتبارهم عربا فلسطينيين, ولهم صلاة فيها وضوء وركوع وسجود ولديهم فريضة الزكاة, ويتعبدون بكنيسة وليس في كنيس يهودي, ويقدسون يوم السبت ولا يجيزون العمل فيه بأي حال من الأحوال. ولم يعترف الاحتلال بهم إلا عام 1995 عندما منحهم الجنسية. وجميع السامريين متدينون. 

كشف وتعرية 

تامر حنفي معد ومقدم الفيلم قال في الندوة إنه صوره أثناء عمله بالأراضي المحتلة مراسلا لقناة النيل للأخبار التي أنتجته, وإن هدفه كان محاولة كشف وتعرية المجتمع الإسرائيلي باعتباره مجتمعا عنصريا ليس فقط ضد العرب ولكن أيضا ضد إحدى الطوائف اليهودية الفلسطينية, وإبراز أنه مجتمع يعاني من التمزق والضعف. 

وفي تعقيبه وصف الكاتب الفلسطيني عبد القادر ياسين الفيلم بأنه "عمل رائد ارتاد أرضا بكرا ومنطقة معتمة في المجتمع الإسرائيلي". وقال إن السامريين لم ينحازوا للعرب طوال تاريخهم ولم ينخرطوا في الاحتلال مع إسرائيل, ودعا إلى فتح الباب للدراسات والأفلام التي تكشف حقيقة "أزمة المجتمع الصهيوني". 

معد الندوة ومقدمها رفعت سيد أحمد أشاد بدور الأدب والفن "في كشف وإضاءة الجوانب المظلمة في هذا الكيان الصهيوني الغاصب دعما للمقاومة" التي قال إن لها جوانب أخرى أشمل من الجانب العسكري, منها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأدبي والفني "وجميعها أدوات في المقاومة واستنهاض الأمة في مواجهة الاحتلال". 

ساخنة وقوية 

وقال سيد أحمد إن هذه الندوة تأتي في سياق السعي لأن تظل القضية حية وساخنة وقوية بالوجدان العربي والإسلامي, بعدما بدأت قضايا أخرى تأخذ اهتمامنا على حساب قضيتنا الأساسية. وأضاف "يجب أن تكون مثل هذه الإبداعات في خدمة هذه القضية الشريفة". 

وانصب نقد المشاركين على عدم وضوح عنوان الفيلم أو تعبيره عن المضمون, وانعدام الأهمية النسبية والسياسية للطائفة التي يتحدث عنها, وكذلك عدم وضوح عنصرية الكيان الصهيوني في القضية المطروحة بالقدر الكافي. 

 لكن آخرين رأوا أن الفيلم نجح في تقديم صورة جديدة من داخل المجتمع الإسرائيلي كاشفا نقاط ضعف يعاني منها, وأن معدي الفيلم اجتهدوا في ضوء الإمكانات المادية والسياسية المتاحة.

احسان اوغلو ينتقد تنامي ظاهرة رهاب الاسلام والتمييز ضد المسلمين في اوروبا 

 انتقد الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلو اليوم النمو المتزايد في اوروبا لظاهرة رهاب الاسلام (اسلامفوبيا) او الخوف من الاسلام والمسلمين داعيا الى تعاون اوثق مع الاتحاد الاوروبي لمعالجة المشكلة.

وقال احسان اوغلو في كلمة امام منتدى دولي حول (عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين) عقد بمقر البرلمان الاوروبي  ان "التمييز وعدم التسامح تجاه المسلمين في اوروبا يتناميان وهو ما يقر به الاتحاد الاوروبي ومؤسسات اوروبية اخرى".

كما انتقد المسؤول الاسلامي سوء تقديم وسائل الاعلام الغربية للاسلام والمسلمين تحت ذريعة حرية التعبير "ولا تساعد المفاهيم التاريخية المغلوطة في تحسين الموقف" مشيرا الى انه بدون مساهمة الاسلام والعلماء والباحثين والمفكرين المسلمين لما كانت اوروبا قد شهدت عصر النهضة.

واضاف بالقول ان "التركيبة الاوروبية ليست يهودية مسيحية فحسب فهناك مساهمة اسلامية ايضا وسيؤدي الاعتراف بذلك الى تسهيل العلاقات بين اوروبا والعالم الاسلامي".

ودعا الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الى التعاون بين المنظمة والاتحاد الاوروبي "وهو ما سيكون له تاثير ايجابي على الحوار الثقافي بين المسلمين والمسيحيين" مشيرا الى ان المنظمة تعتزم لهذه الغاية فتح مكتب لها في بروكسل خلال 2008.

إحسان عبدالقدوس يعود إلى صالونه في ذكرى رحيله 

  أقام صالون إحسان عبدالقدوس أخيراً احتفالية كبرى بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لرحيله في مقر نقابة الصحافيين المصريين في القاهرة، حضرها عدد من الأدباء والكتاب والصحافيين المصريين ومنهم محمد عبدالقدوس ابن الكاتب الراحل، وعادل حمودة، والأديب لويس جريس، والروائي فؤاد قنديل. في بداية الاحتفال قال محمد عبدالقدوس: «إن والده الراحل كان صحافياً موهوباً وسياسياً بارعاً، مشيراً إلى أن الكاتب الراحل استطاع أن يحول الكتابة السياسية إلى أدب شعبي تقرأها وتعشقها الجماهير».  

أما لويس جريس فأكد أن إحسان كان إنساناً عظيماً يفتح قلبه للجميع وديمقراطيا يفتح مجلته لجميع الآراء، ويجتمع مع يوسف السباعي ليبحثا كيف يساعدان الشباب على نشر مواهبهم، وأشار لويس إلى تجربة إحسان عندما أصدر الكتاب الذهبي لينشر للمغمورين من الشباب، ومن بينهم نجيب محفوظ الذي كان كاتباً مغموراً في ذلك الوقت، وأضاف: «إن إحسان قدم الكثير في مجالات متعددة منها الصحافة، وأن شباباً كثيرين تتلمذوا على يديه، وإنه كان منحازاً للوطن وقضاياه».  

وأضاف جريس قائلاً: «كان إحسان هو المحرر الحقيقي للمرأة المصرية من خلال روايات اتهمها البعض في ذلك الوقت بالخلاعة، على الرغم من أن هذه الروايات كانت تعالج قضايا المرأة، ويشير إلى أنه ذات مرة رآه يبكي فلما سأله عن سبب بكائه قال: إن «ممدوح» بطل رواية «لا تطفئ الشمس» مات، وهنا عرفت أنه ككاتب ومبدع يتعايش مع أبطاله ليعبر بصدق عن مشاعرهم».  

أما عادل حمودة فقد أكد أنه تورط في مهنة الصحافة بسبب إحسان عبدالقدوس ومؤسسة روزاليوسف التي أسستها والدته الراحلة فاطمة اليوسف. بينما أوضح الروائي فؤاد قنديل المشرف العام على مسابقة إحسان عبدالقدوس أن الجزء الأدبي في حياة إحسان هو الذي يجب التواصل حوله، وهو جزء لامع جدًا، فمعظم أدباء مصر من رحل منهم ومن هو موجود هم ممن تأثر بصورة أو بأخرى بإحسان عبد القدوس، وأشار إلى أنه كان وراء تأسيس جمعية الأدباء، ونادي القصة واتحاد الُكَّتاب، فهو باختصار نموذج رفيع للكاتب.  

فائزون وجوائز  

وخلال الاحتفالية أعلن عن جوائز إحسان في الرواية، والقصة القصيرة، والنقد القصصي، وفاز بجائزة الرواية محمد العشري، وجميل متى، ورضا عودة، أما في مجال القصة القصيرة فقد فاز خمسة متسابقين هم: فؤاد الحلو، وبشرى أبو شرار، وموسى نجيب موسى، ونبيلة عطية، ومحمد مستجاب، وفي النقد القصصي فازت الدكتورة أميمة جادو أستاذ علم النفس بالجائزة الأولى، وحجبت الجائزتان الثانية والثالثة.  

حوار «جنوب ـ جنوب» يحتفي بالتراث الشعبي

  نظم قطاع الفنون التشكيلية في مصر بالتعاون مع جمعية حورس للفنون بباريس في القاهرة أخيرا حوار «جنوب ـ جنوب» بهدف تعميق أواصر الحوار بين الفنانين العرب وفناني الغرب، والتصدي لمحاولات طمس الهوية العربية في الداخل والخارج.  

وشارك في الحوار عدد كبير من الفنانين والنقاد التشكيليين في العالم من بينهم برو رينوار، بالإضافة إلى مدير أكاديمية الفنون الجميلة بفرنسا أندريه بنجبو، ومن تونس شاركت بعثة مكونة من الناقد والفنان التشكيلي عمر الغدمسي، ونزار شقروان، وصابر عمري، والدكتور محمد المدويني، ومن العراق شارك إياد شلبي، ومن السعودية الفنانة علا حجازي التي احتفت أخيراً بمعرضها الأول في باريس.  

عمر عبد العزيز يفسر مزالق النص البصري

  لماذا اعتبر الدكتور عمر عبد العزيز النص متقلباً، ومتغيراً وكيف عرفه، وكيف يمكن للنص أن يكون مكتوباً ومسموعاً ومحكياً ومرئياً، هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها الدكتور عبد العزيز في المحاضرة التي ألقاها ، بعنوان: «مزالق النص البصري» في مقر اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي. قدم للمحاضرة الدكتور محمد ولد عبدي قائلاً: «يختار الدكتور عمر عبد العزيز مضايق المعنى، ويندفع دائما إلى هذه المضايق في خارطة الإبداع شعراً، أو تشكيلاً، ومحاضرته هذه، لكائن زئبقي الوجود وهو النص».  

ثم انتقل عبدي للحديث عن انجازات الدكتور عبد العزيز الحاصل على دكتوراه في العلوم الاقتصادية، بأنه كان قد عمل مديراً عاماً لتلفزيون اليمن الجنوبي، ومديراً عاماً لمعهد الفنون الجميلة في عدن، ورئيساً لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ويشغل الآن مديراً للتحرير في مجلة «الرافد» التي تصدر في الشارقة، ورئيساً لمجلس إدارة النادي الثقافي العربي في الشارقة، إلى جانب عمله كعضو استشاري في عدد من المجلات العربية في سوريا والأردن والإمارات. وله العديد من الإصدارات منها: «متوالية القديم والجديد»، و«مقاربات تشكيلية»، «الصوفية والتشكيل»، «ناجي العلي الشاهد والشهيد»، وغيرها.  

واستهل الدكتور عمر عبد العزيز محاضرته بالحديث عن النص بالقول: «يمكن أن نتجاوز إلى الاتصال النقدي، الذي يحمل أبعاداً نصية، فكل هذه المنظومة تمثل نصوصاً، بما هو مكتوب، أو مسموع، وأمام كل هذه الأشكال، هناك المعنى الشامل، وإذا كان الأمر كذلك، كيف لنا أن نميز بين نص وآخر، وأين تكمن المزالق في كيفية التعامل مع النصوص؟ النصوص تتقاطع بشكل مباشر، والشاعر الذي يكتب لا مفر له من الموسيقى، والتشكيلي الذي يرسم لا مفر له من الموسيقى البصرية، وهكذا».  

ليوناردو دافنشي على سبيل المثال كان يرسم في حضرة جوقة موسيقية، وهناك الكثير من الفنانين الآن يرسمون وهم يستمعون إلى الموسيقى، ولكن الموسيقى، ليست سماعية فقط، بل هي استحضار مفاهيمي، ونفسي». وانتقل الدكتور عبد العزيز إلى القول: «إنها حالات من الحراث، فالتشكيلي يعمل على الحالة البصرية للقلم، وكذلك الأمر في الكتابة.  

فالنص في حالة انزياحات مستمرة أمام حالة غرائبية، هذه الحالة التي تجعل المرئي والمسموع، والذي يمر عبر أداة القلم، كل هذه الأشياء لا تقدم نصاً فقط، وإن عامل الفراغ هو الأكثر أهمية، نحن أمام مآزق في غاية الأهمية. لن نقول الكتابة معجزة، إنما لا حدود ولا أفق لما نكتب ونسمع، لأنها مفتوحة على تداعيات لا عدد لها ولا حدود.  

وإذا نزل بهذا التعبير إلى المستوى التفكيكي، هل المكتوب تضمين فقط للكتابة، لقواعد اللغة، أم هذا المكتوب تشكيل، فإذا كان هكذا، يكونون قد علمونا رسماً عن رسم، فقوانين الكتابة، مشابهة لقوانين التشكيل، وعندما يمر النص عبر العينين، يصل إلى معاني هذا النص، ويمتلئ بشكل النص ويتأثر به، إذا هذه الإجابة هي البعد الموسيقي، والبعد البصري، والبعد الصوتي.  

وهي محكومة بنفس القواعد الرياضية التي تحتكم إليها الموسيقى والتشكيل. وهذا الكلام، المكتوب، جاء بعد أن تأثر الإنسان الأول بالطبيعة وكانت لديه أصوات يطلقها، وجاءت الكتابة ترجمة لهذه الأصوات».  

وأوضح الدكتور عبد العزيز قائلاً: «أخضعت الكتابة للترقيم، وكل اللغات الإنسانية تتمثل موسيقى الوجود بشكلها المرئي، والنقد الأدبي جزء من البحث الإنساني الذي يقوم على قاعدة تفكيك القواعد، سواء كان نقداً أدبياً، سينمائياً، تشكيلياً، تتم قراءته قراءة بنيوية، ومن ثم تشريحية، وتفكيكية، وكل ما يكتب لا يحكم بمنطق العقل والبرهان.  

فهناك ما يرتبط بالموهبة، وحالات التجلي، أما مزالق النص، فليست محكومة على الإطلاق بدرجة من التراكم المعرفي، إنما باللامرئي، والمعالجة البصرية، والخيال والحدث والتأمل. وأشار الدكتور عبد العزيز إلى أن المفاهيم الضابطة للقراءات النقدية العربية، ما زالت محكومة بتجزئة الأنواع الفنية، تضع حواجز وعلى أهميتها المدرسية لا تقدم جوابا لمعرفة ماهية النص». وختم الدكتور عبد العزيز بالقول: «كل ما يحتمله النص لا تستثنى منه الصحافة، والكتب وطريقة طباعتها التي يجب أن تخدم ما يتناسب مع النص».  

ندوة مجلة العربي

انتقد رئيس المركز الكوري للثقافة العربية والاسلامية الدكتور هان دوك كيو عدم اهتمام العرب بلغتهم واستخدامهم للغة العامية المختلطة بألفاظ اعجمية خاصة بقنوات التلفزيون كما ان الكتب فيها الكثير من الاخطاء اللغوية.

وقال انه في بداية تعلمه للغة العربية اتجه الى قراءة مجلة العربي التي بدأ معها رحلة تعلم اللغة بطريقة سليمة "فهي النافذة التي يطل منها القاريء على ثقافات الشعوب العربية والاجنبية من خلال المقالات والاستطلاعات المتنوعة" .

واوضح ان المتأمل لمجلة العربي يجد انها تتناول القضايا العربية والعالمية والحضارات والفكر والتراث والابدع والفنون والاداب والعلوم الطبيعية والتقنية والبيت والاسرة وتعرض الحركة الثقافية من خلال عرضها لاحدث الاصدارات من الكتب العربية والعالمية .

واعرب عن سعادته لما كتبته العربي اخيرا عن كوريا من خلال المقالات والاستطلاعات وتوج ذلك بحضور العربي ممثلة برئيس تحريرها الدكتور سليمان العسكري والكاتب اشرف ابو زيد افتتاح المركز الكوري للثقافة العربية والاسلامية ما يعد دليلا على وجودها في الاحداث الثقافية العالمية .

وتطرق الدكتور احمد رحمة الله من جامعة كيرلا بالهند الى دور المجلة المميز في القاء الضوء على الهند الحديثة وتاريخها الذي ورد في كثير من الاشعار وفي قصص الرحالة القديمة .

واشار الى علاقة الهند بالعرب والتي تعتبر علاقة تاريخية منذ القدم وان وساطة هذه العلاقة كانت التجارة ومن ثم ساهم الدين الاسلامي وتعليم القرآن والاحاديث في انتشار اللغة العربية.

وقد واصلت ندوة العربي فعالياتها التي اقامتها بمناسبة مرور خمسين عاما على مسيرتها بعنوان ( مجلة العربي ولغتها العربية ...نصف قرن من المعرفة والاستنارة) .

واقيمت ااجلسة  بادارة الامين العام العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب بدر الرفاعي وشارك فيها عدد من المثقفين والمفكرين .

واكد امين الهيئة العلمية بالمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب بجمهورية ايران الاسلامية الدكتور محمد تبرائيان في الجلسة ان الثقافتين العربية والفارسية تعانقتا وتلاحقتا منذ القدم وان لغتيهما ايضا تلاحمتا اذ امتزجت حروفا ومفردات حتى كاد الادبين الفارسي والعربي ان يكونا توأمين .

وقال "قل ما نجد شاعرا من شعراء الفرس لم ينظم باللغة العربية كما ان الدراسات الدينية في الحوزات العلمية هي الاخرى تتعامل مع اللغة العربية باعتبارها لغة النص الديني".

وانتقد الاعلام الغربي بقوله "انه علم على التغريب الثقافي عن العقيدة والتصورات الاصيلة مستغلا فترات الجهل والاتجاهات القشرية الخالية من روح الاسلام والمركزة على جوانب جزئية عابرة".

ودعا الى ضرورة مواجهة الغزو الثقافي عن طريق الاعلام البناء الذي يعي الاسلام جيدا ويدرك ابعاد الغزو الثقافي ويركز على محور المشكلة دون اهمال لجوانبها وفروعها وتفصيلاتها ويقدم بدوره اطروحات اسلامية

وبين انه يوجد خط اعلامي يمكن اعتباره سطحي يطرح الاسلام شعارا براقا ويذكر بالامجاد دون ان يعمل على تقديم الطروحات الحياتية وتشجيع الاصلاحات الجانبية.

ورشة '9 مارس' تبحث عن طريق للخروج من أزمة البحث العلمي

أقامت مجموعة 9 مارس ورشة عمل عن أوضاع البحث العلمي في مصر، في إطار احتفال جامعة القاهرة بمئويتها. وكشفت المناقشات عن حالة التردي غير المسبوق التي وصل إليها البحث العلمي، علي عكس ما تدعيه تقارير الوزارة.

شارك في الورشة الدكتور محمد غنيم، تحدث عن كيفية تطوير البحث العلمي في الجامعات المصرية، مشيرا إلي أن بعض خريجي الجامعة حصلوا علي نوبل في مجال بعيد كل البعد عن العلوم، وهؤلاء هم، نجيب محفوظ، وياسر عرفات، وأحمد البرادعي.

وقال ان فكرة التعليم المجاني خيالية، وقبول الطلاب وفق سياسة الشعوبية سيعجل بالقضاء علي العملية التعليمية، ولايمكن بأي حال أن يتم قبول كل الطلاب الذين أنهوا الثانوية العامة.

وتساءل: 'اذا كانت كليات التميز تقدم ما هو أفضل من الموجود، فلماذا لانعممها؟'.

وتابع قائلا: 'الالتفاف حول الدستور فتح الباب علي مصراعيه لظهور وانتشار ما يعرف ب (الجامعات الخاصة) التي لايوجد لها مثيل في العالم، حينما فكر الغرب في إنشاء كليات مختلفة أنشأ الجامعات الاهلية التي يتلقي فيها الطلاب تعليمهم في مقابل مادي، ولكنها جامعات لاتبحث عن الربح اطلاقا، علي عكس الموجود هنا، أشخاص لايهمهم الا جني الثروات، ونظام تعليمي لايعترف ولايهتم بالبحث العلمي'.

وقال غنيم ردا علي سؤال ما العمل؟ 'لديكم تجربة أوروبا، أعتقد أنها جديرة بالتطبيق، ولابد من اقامة مؤسسة جديدة لها قوانينها الخاصة للارتقاء بعملية البحث العلمي، ولابد من عدم الحجر علي أفكار العاملين فيها، لابد من أن يعملوا بحرية تامة، مع تفرغ أعضاء هيئة التدريس بشكل كامل، وأن يكون نظام الترقي والتعيين بالاعلان المفتوح، وعودة وظيفة استاذ الكرسي، مع التدقيق في اختياره، ومحاسبته بدقة شديدة، والاستعانة بالاساتذة الزائرين، خاصة في المواد العلمية الأساسية، كما أن هناك ضرورة لاعادة مشروع محمد علي في ارسال البعثات إلي الخارج'.

وفي نهاية كلمته اقترح غنيم انشاء مؤسسة أو جامعة للتكنولوجيا وطالب بتضافر جهود الدولة مع مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق ذلك. 

ملتقى تعارف الحضارات والرسالات في دمشق 

  افتتح في العاصمة السورية دمشق  الملتقى الفكري تعارف الحضارات والرسالات في ظل الأسرة الإنسانية الواحدة الذي ينظمه معهد الفتح الإسلامي بالتعاون مع جامعة هارتفورد سيمنري الأميركية.  

وتناول الملتقى صورة العرب والمسلمين في الإعلام الغربي وصورة الغرب في الإعلام العربي والإسلامي وأثر ذلك في السلام العالمي والعيش المشترك والتعارف، إضافة إلى عرض أثر دور العبادة في أخلاقيات المجتمع وحسن العلاقة بين بني الإنسان والواقع المسيحي في بعض المجتمعات الإسلامية والواقع الإسلامي في بعض المجتمعات المسيحية في العالم.  

مؤتمر بأبو ظبي يكشف التحديات التي تواجه اللغة العربية 

افتتحت  في العاصمة الإماراتية أبو ظبي جلسات المؤتمر "اللغة العربية والتعليم.. رؤية مستقبلية للتطوير" الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية على مدى يومين. 

وناقش خبراء اللغة في اليوم الأول واقع اللغة العربية والتحديات التي تواجهها وكيفية النهوض بها، مؤكدين أن ما تعانيه لغة الضاد مرده إلى ضعف الوعي السياسي العربي الراهن الذي أشاع نوعا من "التكابر" على لغتنا الأم لصالح لغات أخرى. 

وسائل الإعلام

وألقى وزير التربية والتعليم بالإمارات د. حنيف حسن علي في كلمته الإفتتاحية باللوم على وسائل الإعلام بما تبثه من مواد وبرامج "تعزز اللهجات الدارجة، واستخدام لغة منفرة في برامج ومواد اللغة العربية". 

كما أكد علي على أن بيئة التعليم التي لا تشجع المتعلم وقلة المحفزات المادية والمعنوية إضافة إلى العولمة التي دفعت نحو تدريس الأبناء للغات الأجنبية، وقلة مصادر الدعم الأدبي واللغوي من مكتبات ودور مطالعة تعد من أهم التحديات التي تواجه تعلم اللغة العربية. 

وشدد الوزير الإماراتي على ضرورة التنسيق بين المؤسسات التربوية والمؤسسات المجتمعية الأخرى من جهة، والتعاون الإقليمي بين كافة المؤسسات التربوية بالدول العربية من جهة أخرى، للحد من التأثيرات السلبية لظاهرة العولمة على الهوية واللغة العربية. 

أما أستاذ المناهج وطرائق التدريس في جامعة المنصورة د. رشدي طعيمة فقد أشار إلى مراحل موت أي لغة بقوله إنها تبدأ بالضغط الشديد على اللغة الأم نتيجة سيطرة لغة أخرى ثم التحدث باللغة الجديدة لضروريات الحياة، وأخيراً تحدث الجيل الجديد باللغة الجديدة باعتبارها لغته الأولى. 

وأكد طعيمة أن الانفصام اللغوي في مجتمع يعد دليلاً على انفصام الثقافة فيه، وطالب بتطوير مناهج تعليم اللغة العربية بحيث لا يكون التركيز في تعليمها على المفاهيم النحوية والصرفية وإنما بإفساح المجال للجانب الوظيفي فيها، مشيراً إلى ضرورة تدريس اللغات الأجنبية ولكن دون مزاحمتها للغة الأم بحيث يتم وضع حد لاستخدامها. 

مزاحمة العامية

من جهة ثانية ركز الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود د. أحمد مطر العطية في ورقته على مزاحمة العامية للفصحى في المؤسسات العلمية والثقافية، وما تتعرض له اللغة العربية من "هجمة شرسة" على حد قوله، واتهامها بأنها لا تصلح لغة علم وعقل. 

ودعا العطية إلى سن القوانين لإلزام كافة المعلمين بالالتزام باللغة العربية الفصحى في التعليم، إضافة إلى تعميمها على وسائل الإعلام باعتبارها البيئة اللغوية للمجتمعات كافة.

 وأشار العطية إلى أن دراسة الطب في كلية القصر العيني بمصر فور افتتاحها باللغة العربية ولمدة 61 عاماً، واستمرار التعليم باللغة العربية في جامعة دمشق هو دليل على صلاحية اللغة العربية وقدرتها على أن تكون لغة علم. 

وعن دور مجامع اللغة العربية دعا د. علي أبو زيد مساعد وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي بسوريا إلى إعادة النظر في إمكانيات هذه المجامع وصلاحياتها التي رأى أنها لا توازي المهمة الموكولة لها. 

كما اقترحت الأستاذة المساعدة في جامعة الإمارات د. لطيفة النجار أن تتم إعادة النظر في سياسة القبول بأقسام اللغة العربية، وأن يتم وضع خطة تدريب واضحة لتدريب المعلمين ميدانياً، والاهتمام بوضع تلخيص لمهنة التعليم يجدد كل فترة، وإعادة هيبة المعلم بالمجتمع. 

إضافة إلى ذلك فقد دعت المناقشات إلى ضرورة إدخال التكنولوجيا في تعليم اللغة العربية، والتسويق للتدريب اللغوي بواسطة المسابقات، ورفع الوعي السياسي بأهمية اللغة العربية ودورها في إصلاح المجتمع.   

المغرب احتضن اللقاء الأوروبي المغاربي السابع 

احتضن المغرب أشغال اللقاء الأوروبي المغاربي السابع تحت شعار "البحر الأبيض المتوسط.. من أجل تعايش أفضل". 

وهدف اللقاء  إلى "بناء فضاء للحوار الثقافي المتبادل، وفضاء للصداقة والثقة المتبادلة". 

وأشار البيان المشترك بين معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية (المغرب) والحلقة المتوسطية (إسبانيا) إلى ضرورة "التفكير والتساؤل حول المصالح الحقيقية المشتركة، بغية صياغة نظرة مشتركة تسمح بالعمل معا من أجل بناء مستقبل المنطقة". 

وشارك في اللقاء مجموعة من المفكرين والكتاب وشخصيات في موقع القرار والرأي من المغرب العربي وأوروبا وأميركا اللاتينية، لمناقشة مواضيع متنوعة. 

شخصيات مختلفة

وشارك في إعداد اللقاء معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية جامعة محمد الخامس أكدال، وسفارة إسبانيا بالمغرب، ولجنة ابن رشد، ومعهد سيرفانتيس بالدار البيضاء، ومعهد الدراسات المستقبلية الاقتصادية للمتوسط، وأطراف أخرى. 

وشارك فيه عدد من المسؤولين الحكوميين والسياسيين والأساتذة الجامعيين المغاربة إضافة إلى شخصيات إسبانية على غرار الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية فيليبي غونزالس، والكاتب الإسباني المقيم بالمغرب خوان غويتيصولو، ورئيسة الحلقة المتوسطية كارمين روميرو. 

كما شاركت شخصيات أكاديمية من الجزائر وتونس وفرنسا إضافة إلى أميركا اللاتينية ممثلة بالكاتب العام للأمانة العامة الإيبيروأميركية بإنريكيه إغليسياس.   

نشر.. اصدارات جديدة.. معارض كتب

بيت الفراشات السوداء» للينا لاندر أول رواية فنلندية تصدر باللغة العربية  

  شهد الأدب الفنلندي في السنوات العشرين الأخيرة ازدهاراً وانتشاراً واسعاً تخطى الحدود القومية، وانتقل إلى الكثير من لغات العالم، ومع ذلك فإن معرفة القارئ العربي برموز هذا الأدب واسمائه اللامعة لا تزال محدودة جداً، وهي ربما لا تتعدى في أحسن الأحوال الإطلال على بعض ملامح تجربة الشاعر بوكاربلان والقاص ايسا ساريولا.   

وفرانز إيميل سيلانيا الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1939، وهو الأمر الذي جعل من صدور رواية «بيت الفراشات السوداء» للكتابة لينا لاندر باللغة العربية سابقة من نوعها، أولاً لأنها الرواية الأولى التي تُرجمت عن الفنلندية مباشرة وليس عن لغات أخرى، وثانياً لأنها نص أدبي مميز يُدخلنا إلى تجربة مهمة من تجارب الكتابة النسوية المعترف بها على المستوى العالمي. وقد أُعلن عن صدور رواية «بيت الفراشات السوداء» باللغة العربية في حفل استقبال نظمته السفارة الفنلندية بدمشق مؤخراً، بحضور مؤلفة الرواية والمترجمة، والروائية لينا لاندر كاتبة فنلندية من مواليد عام 1955، درست العلوم الإنسانية.  

والتحقت للعمل بجريدة «أخبار توركو» منذ العام 1989، وما زالت تعمل هناك وروايتها «بيت الفراشات السوداء» كانت قد ظهرت في فنلندا عام 1991، وهي الرواية السابعة للمؤلفة في قائمة رواياتها العشر، وقد تُرجمت إلى عشر لغات مختلفة، ورُشحت لنيل جائزة فنلندا للآداب، وضمن سلسلة ولادة الخاصة بالأدب النسوي قامت دار قدمس مؤخراً وبالتعاون مع برنامج التبادل الأدبي الفنلندي بإصدار هذه الرواية باللغة العربية بعد أن قامت بترجمتها مارية الهلالي،  

وهي مترّجمة وأستاذة جامعية مغربية الأصل من مواليد 1977، درست الأدب الإنجليزي في جامعة محمد الأول، وترجمت كتابين عن الإنجليزية قبل أن تختار العاصمة الفنلندية مقراً لإقامتها وعملها، وقد قامت مؤخراً بإنجاز أول قاموس عربي فنلندي تم صدوره.  

في روايتها تأخذنا الكاتبة لاندر إلى مجاهل عالم مليء بالوحشة والبؤس، تُدخلنا إلى جزيرة نائية ومعزولة عن العالم، وإلى مأوى لإصلاح الأطفال والأحداث الجانحين والمشردين، تجول بنا ما بين مدير قاس ومتسلط وبين حيوات ومعاناة هؤلاء المحرومين من الحب والحنان،  

تفعل ذلك عبر شخصية يوهاني يوهانسن حين تبدأ ذاكرته باستعادة تفاصيل دخوله إلى ذلك المأوى وتفاصيل حياته فيه بعد أن تخلى عنه والداه الفاسدان، وعبر تداخل الماضي بالحاضر واختلاط الذكريات بالوقائع والأخيلة وتقنية الرسائل والوثائق تتخلّق الشخصيات الأخرى، ترسم صوراً متشابكة للرذيلة والحب والأخلاق والرغبة في مقاومة الشر.  

وحين تكتب لينا وترسم ملامح شخوصها فهي تفعل ذلك أصلاً كي تثير الأسئلة الشائكة على قارئها، فمن خلال شخصية الطفل يوهاني اليتيم تثير العديد من الأسئلة التي تتعلق بقيمة وجودنا وأفعالنا كبشر في ظل غياب العدالة وتكافؤ الفرص من الحياة؟  

ومن خلال شخصية المدير الصارم تطرح سؤالها إن كانت الرغبة في الإصلاح والنوايا الطيبة تبرر الاستبداد والتسلط؟ وعبر شخصية زوجة المدير التي تقع في حب أحد فتيان المأوى تفتح الكاتبة صفحاتها على الشهوة الجامحة التي تعيد صياغة مفاهيم الخطيئة والإثم والرغبة الجارحة، وحين تكتب لينا تتكشف خصوصيات لغتها الماثلة بالإيجاز والصور البليغة القادرة على الوصول إلى الجوهري والحقيقي في الحياة.  

سركون بولص في العدد الجديد من بانيبال 

  صدر العدد الجديد من مجلة «بانيبال» المختصة بترجمة الأدب العربي إلى الانجليزية، وقد احتوى العدد الجديد على المواد التالية: ملف عن رحيل الشاعر العراقي سركون بولص، الذي توفي في برلين في 22 اكتوبر الماضي، ضم مقالة لمارغريت اوبانك ومقتطفات من مقالات لعدد من الكتاب والشعراء العرب، منهم سعدي يوسف، أنسي الحاج، أمجد ناصر، أدونيس، عبده وازن، عباس بيضون، فاضل العزاوي، كاظم جهاد، خالد المعالي والياس خوري (قام بجمع المقالات وترجمتها سنان أنطون).  

بعدها نقرأ ثماني قصائد للشاعر الأردني أمجد ناصر، (ترجمة خالد مطاوع)، فصلان من رواية نجيب محفوظ «حديث الصباح والمساء» (ترجمة كريستينا فيليبس)، عشر قصائد للشاعرة المغربية وداد بنموسى (ترجمة عيسى بلاطة)، فصول من رواية الكاتب المصري رؤوف مسعد «بيضة النعامة» (ترجمة بيرس أموديا)، سبع قصائد للشاعر الأميركي الليبي خالد مطاوع، قصتان للكاتبة المصرية عزة رشاد، (ترجمة جيني ستيل).  

قصيدتان للشاعر العراقي موفق السواد (ترجمة خالد المصري)، ثلاث قصائد للشاعر الفلسطيني سامر ابو هواش (ترجمة سنان أنطون)، قصتان للكاتب السعودي محمد حسن علوان (ترجمة علي أزرياح)، قصة قصيرة للكاتبة السودانية رانيا مأمون (ترجمة علي أزرياح)، قصائد مختارة للشاعر الإماراتي عادل خزام، من ديوانه الجديد «السعال الذي يتبع الضحك» (ترجمة عيسى بلاطة).  

مقاطع من رواية «يالو» للكاتب اللبناني اليأس خوري (ترجمة بيتر ثيرو)، قصيدة للشاعر المغربي عبد القادر بن علي، (ترجمة عن الهولندية جون ايرونز)، فصل من رواية الكاتب التونسي الحبيب السالمي «حفر دافئة» (ترجمة بيرس اموديا)، قصيدة للشاعرة العراقية كولالة نوري (ترجمة خالد المصري)، ثلاث قصص قصيرة للكاتب الاردني الياس فركوح (ترجمة وليام هيتشينس)، فصل من الرواية الأخيرة للكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد «عتبات البهجة» (ترجمة عيسى بلاطة).  

وتنشر المجلة أيضاً قراءات ومقالات نقدية ومراجعات كتب وروايات وتغطيات للأحداث الثقافية التي شاركت فيها. 

الكتب الأكثر مبيعاً في معرض بيروت للكتاب

أعلن النادي الثقافي العربي الاحصائية النهائية للكتب الأكثر مبيعاً في «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الحادية والخمسين وهي أعدت استناداً الى احصاءات دقيقة من خلال ايصالات الكتب المباعة خلال المعرض والمسلمة الى مندوبي النادي الثقافي العربي. ومن الكتب التي احتلت المراتب الثلاث الأولى، الثانية والثالثة) في اللوائح:

> فلسفة وفكر وعلم نفس: 1- المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين، جورج قرم، تعريب: خليل أحمد خليل، (دار الفارابي). 2- الخسيس والنفيس، الرقابة والفساد في المدينة الاسلامية، خالد زيادة (دار رياض الريس). 3- ثنائية شرق – عفيف فراج (دار الآداب.

> سياسة: 1- الطريق الى الاستقلال – خمس سنوات مع رفيق الحريري، جورج بكاسيني (توزيع الدار العربية للعلوم). 2- القاتل ان حكى: سيرة الاغتيالات الجماعية، نصري الصايغ (دار رياض الريس). 3- لعنة القصر، غسان شربل (دار رياض الريس).

> علم اجتماع: 1- خطاب الرشوة نادر سراج، (دار رياض الريس).

> الآداب: 1- كليلة ودمنة، عبدالله ابن المقفع، (المكتبة العصرية). 2- لبنانيات (مجلدان)، لويس أبو شرف (دار النهار). 3- المسرح جنتي، جواد الأسدي (دار الآداب).

> الشعر: 1- تتبرج لأجلي، زاهي وهبي (الدار العربية للعلوم). 2- أثر الفراشة، محمود درويش، (دار رياض الريس).

> سيرة وتراجم: 1- هُم. عبيدو باشا، (دار الآداب). 2- نائب الشعب الكادح: سيرة عبدالله الحاج، وهيب معلوف (دار النهار). 3- ذكريات واسرار، عرفان نظام الدين، (دار الساقي).

> التاريخ: 1- تاريخ لبنان الحديث، فواز طرابلسي (دار رياض الريس). 2- تاريخ الشيعة في لبنان، سعدون حمادة (دار الخيال). 3- حرب لبنان من الشقاق الوطني الى النزاع الاقليمي، سمير قصير، نقله عن الفرنسية: سليم عنتوري (دار النهار). 3- تاريخ عيناتا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، خديجة أيوب، (دار الفارابي).

> مجلات: 1- مجلة «الآداب» (دار الآداب). 2- مجلة «نقد» (دار النهضة العربية). 3- مجلة المستقبل العربي: (مركز دراسات الوحدة العربية).

دلالات التعبير لجسد صائم عن الكلام

الإنسان كائن لا يكفّ عن الكلام، حتى ولو لم ينبس ببنت شفة.

ولسيغموند فرويد عبارة شهيرة تقول: «ذاك الذي تصمت شفتاه يثرثر بطرف أصابعه». والكتاب الذي بين أيدينا، يؤكد أن الإنسان بمقدوره ان يتكلم بأصابعه وعينيه وهزّات كتفيه، وأيضاً بملابسه وعصاه وسبحته،... ثمة قدرة إنسانية هائلة على التعبير، وشديدة التنوع، نادراً ما تلقى عناية المؤلفين العرب.

المؤلفات التي تتناول كلام الجسد قليلة العدد في اللغة العربية، من هنا قيمة كتاب مهدي أسعد عرار «البيان بلا لسان، قراءة في لغة الجسد». والكتاب قيّم فعلاً وهو قراءة حديثة وتراثية في آن، أي انه يعتمد على أفكار وآراء ونظريات علم التواصل الحديثة، والبحث عن مقابلات عربية لها متناثرة في أمّهات تراثنا العربي.

متتبع الكتاب الصادر عن «دار الكتب العلمية في بيروت»، يلحظ غنى تراثنا العربي بالكلام عن لغة الجسد، أو بيان الصمت، ومن تناول هذه المسألة لم يكن من النحاة أو اللغويين فقط بل اهتم بها شعراء وأدباء وفلاسفة وعلماء في أصول الفقه. ولعل لغة العيون هي الأكثر تداولا، فالشعراء والكتاب والعشاق كلهم يكتبون بعيونهم مواجدهم ورغباتهم وأشواقهم. وبحسب أحد الشعراء:

فالعين تنطق والأفواه صامتة

حتى ترى من ضمير القلب تبياناً.

ويلفت الكاتب النظر إلى لغة الجسد عبر السيدة مريم التي نذرت للرحمن صوما مغايرا للصوم المعهود وهو الصوم عن الكلام. لكن الصوم عن الكلام لا يعني عدم استخدام وسائل أخرى، وإلا لتعذر التواصل مع ما يعنيه ذلك من مكابدات ومشقات حياتية لا يطيق الإنسان تحملها، وعليه كان ثمة بدائل ووسائل غير صوتية تقوم مقام اللغة المنطوقة.

الأمثلة عن التواصل غير اللغوي كثيرة يبث بعضها الكاتب في مؤلفه منها إشارات الشرطي الذي ينظم السير بحركات يديه. ويشير أيضا إلى كلام الثياب، والثياب تنطق بما لا يقوله اللسان أو بما يخفيه أو ينكره. والكاتب يرى ان كلام قميص سيدنا يوسف هو الذي نطق بحقيقة ما حدث.

يقوم العلماء اليوم على دراسة الإشارات وتعابير الجسد بشكل مفصل ليعرفوا المكتسب من الفطري منها، فتبين لهم ان المعاني الفطرية التي يبثها الجسد لا تخلو من ست انفعالات عالمية، وهي البهجة والحزن والاشمئزاز والخوف والغضب والدهشة.

الكاتب يشير أيضا إلى طواعية لغة الجسد كما هو شأن اللغة المنطوقة. ولا ريب في أن أطروحات علم اللغة الحديث أفادت كثيرا في سبر دلالات لغة الجسد. وبما ان للجسد لغة كما هو شأن اللسان فلا بد من أن يكون لهذه اللغة نحوها وصرفها ومعجمها وبلاغتها. فالإنسان في سبيل توصيل فكرة ما، لا يكتفي بلباس لغوي واحد للفكرة الواحدة، إن تلوين الفكرة بألوان كثيرة إمكانية تتيحها اللغة والأمر نفسه نلحظه في لغة الجسد حيث انه من المتاح قول الشيء نفسه بتعبيرات جسدية مختلفة.

لا توجد أي لغة في العالم، بدائية كانت أم حضارية، لا تعرف الترادف اللغوي او المشترك اللفظي، أي كون المفردة الواحدة تدل على أكثر من معنى، فالمشترك الحركي موجود في لغة الجسد كما هو موجود في اللغة. لنأخذ هزة الرأس فهي تعني القبول او الرفض او الطرب. وهل يختلف أمر هزة الرأس هنا عن معنى «العين» المتعدد؟

من هنا يشير الكاتب إلى أن السياق هو الذي يحدد المعنى المقصود من الحركة، ويتكلم عن «الترادف الحركي»، كالتعبير عن الرفض إما بهزّ الرأس وإما بالإشارة باليد على سبيل المثال. ويدرس الكاتب أيضا المحظورات من الإشارات. فلكل لغة محظورها أيضا مهما ارتقت حضاريا، لأسباب دينية او جنسية او بسبب ما تثيره بعض الكلمات من خوف فيعمد مستعمل اللغة إلى تلطيف القول عبر الكناية أو عبر عبارات ملطفة كمن يحاول أن يقصّ من مخالب مفعول الكلمة الخشنة. وما نلحظه على صعيد المحظور اللغوي له مترادفات على صعيد بعض الإشارات التي تثير الاستهجان.

إن بعض الناس يلعبون بالكلام، يشوشون الدلالات، فيقف المرء حائرا أمام ألفاظهم، وما يحدث على صعيد الكلام يحدث أيضا على صعيد الإشارات، أي ان المرء قادر على التلبيس والتزييف والتمويه، إلا أن الجسد يصدر إشارات عفوية مضادة لكشف الزيف، وهذا ما يقوله عالم الإشارات الان بيتز على سبيل المثال، ولكن الأمر يتطلب تدريباً للعين.

ويشير الكاتب إلى أن ثمة إشارات مشتركة بين الشعوب، أشبه بلغة عالمية، ولكن ليس كل إشارة لها مدلول واحد، ويأخذ مثالا على ذلك إشارة الدائرة التي يشكلها الإبهام مع السبابة ويلحظ المؤلف ان هذه الإشارة يتغير مدلولها بتغيّر المكان الذي تشكل فيه فهي في أميركا تدل على الموافقة، ولكن في اليابان تشير إلى النقود. لكل عضو جسدي نبرته الخاصة في الخطاب، ولعل هذا ما دفع « ناتالي باكو» إلى القول:» ان مشيتنا تؤلف جزءا من هويتنا». ومن طريف ما يتناوله الكاتب اثر المهنة على لغة الجسد، فالمعروف ان الإنسان على الصعيد اللغوي لا بد له من ان يتأثر بمهنته كذلك تتأثر لغة الإشارات لديه بالمهنة التي يقوم بها. وهذا النوع من الدراسات طريف وسوف يقدم لنا معلومات ثرّية جدا عن لغة التواصل الجسدية. فهل لغة الأستاذ الجسدية حتى خارج قاعات الدرس هي نفسها التي يستعملها ضابط في الجيش مثلا؟ أليس لكلّ مهنة طريقة في استخدام الجسد؟ تساؤلات تحتاج الإجابة عنها إلى دراسات ميدانية مستفيضة ومصوّرة. والتصوير جزء أساسي في عملية التقاط وتحليل لغة الإشارات. وفي فصل دلالات الألبسة وإيحاءاتها يشير الكاتب الى كيف ان اللباس يشي بالانتماء الجغرافيّ او الديني او العرقيّ أو اللغويّ أو العمري. فكما لكل فترة عمرية نمط من الكلام والتعبير هكذا الأمر في ما يخصّ اللباس، ولكل مقام هندام. الكاتب وهو لغويّ ينطلق من منطلقات لغوية فيدرس الإشارات واللغة التي يتوسلها الجسد من منطلق الدالّ والمدلول. الدالّ الواحد ليس له مدلول واحد، وهذا التعدد في المدلول يفهم الإنسان بالفطرة قسماً كبيراً منه، وهو لذلك يستثمره في مآرب كثيرة منها: حال الشحاذ الذي يختار، بكل ما تحمله هذه المفردة من تعمّد، لباساً رثّاً او ممزقاً لأنه يريد توصيل رسالة تثير حالات عطف معينة لدى الرائي.

الإنسان يستخدم يديه للتعبير وهما من متممات الكلام اللفظي، وبعض الناس تصاب أفواههم بالخرس في حال قيدت أياديهم. والكاتب يشير إلى اهتمام العرب قديما في تسجيل كلّ حركات اليد ومنح أسماء مخصوصة لكل حركة، وهذا ما فعله الثعالبي في كتابه الغني «فقه اللغة»، حيث نرى انه خصص لليد بابا بعنوان «تفصيل حركات اليد وأشكال وضعها وترتيبها»، وتشمل اليد أيضا الأصابع، إن أي إنسان في حال انتبه إلى تصرفات جسده يدرك كمّ الكلمات التي يتلفظ بها جسده عفواً. والكاتب لا يكتفي بالجسد وإنما بعلاقة الجسد مع بعض الإكسسوارات او المتممات كالسيجارة والسبحة والعصا، حيث يتوقف طويلا عند دلالة السيجارة، وطريقة مدخنها في نفثه للدخان ودلالات ذلك على نفسيته. والمتمعن في علاقة المدخن مع السيجارة قد يلقط القلق او الفرح او الخجل او جملة متناقضة من العواطف التي يجيش بها دخان شفتيه. ويتناول أيضا علاقة الأصابع مع السبحة، ولا ريب في أن السبحة تستحق بمفردها كتابا قائما برأسه في عالمنا العربي لاستعمالاتها الكثيرة ودلالاتها التي تمتص أحيانا من توتر حاملها، وتكفي نظرة إلى علاقة الأصابع بحبات السبحة أو انتقال السبحة من يد إلى أخرى لرؤية حالات حامل السبحة؟ ويقف الكاتب عند دلالة العصا وتجدر الإشارة هنا إلى الكتاب الموسوعيّ الطريف الذي وضعه أسامة بن منقذ عن العصا. وقد ورد ذكر العصا في القرآن الكريم كما في هذه الآية الكريمة: «قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهشّ بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى». ومآرب العصا الأخرى جزء منها تواصلي. وكان الجاحظ يرى ان «المَخاصِر والعصيّ من مرافق الخطبة» والعرب كانت «تخطب بالمخاصر» بحسب تعبير الجاحظ، والمخْصرة نوع من العصي. ويستشهد الجاحظ ببيت شعر ورد فيه عبارة «وحْي المخاصر»

ويعتبر الكاتب ان طعن الشعوبية على العرب باستخدام العصي والخناصر إنما هو من باب اختلاف الثقافات.لأنّ الحركة المقبولة في ثقافة ما قد تكون مرذولة في ثقافة أخرى.

ومن الأمور التي يشير إليها الكاتب حدود المناطق الجسدية. حدودها غير مرئية، ولكن تكفي رؤية شخصين يتحاوران حتى ندرك من حركاتهما، من خلال التراجع والتقدم عن المسافة الشخصية لكل فرد.

ويخصص الكاتب فصلا للغة الإشارات في القرآن حيث يعمد قارئ النصّ القرآني إلى الدلالات الإشارية لبعض الأفعال أو التعابير لتجسيد صورة المعنى كما في الآية: «ثم ذهب إلى أهله يتمطّى» أو في الآية « فجاءته إحداهما تمشي على استحياء» وعبارة «على استحياء» تزود عين القارئ بمشهد حيّ يحدد نوعية المشية. وكان العرب في الجاهلية يعمدون إلى التخاطب بالأقدام، وهذا ما تظهره الآية الكريمة: «ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهن».

من العبارات التي يستشهد بها الكاتب عبارة للغزالي يقول فيها «إنّ كلّ من طلب المعاني من اللفظ ضاع وهلك». وما يوضح بعضاً من عبارة الغزالي قول آخر لابن جنّي أحد كبار دارسي اللغة العربية نقلاً عن صديق له كان يقول: «أنا لا أحسن أن أكلّم إنساناً في الظلمة» لأنّ الظلمة تمحو لغة الجسد ومعالم البيان. والأقوال العربيّة المأثورة التي منها «ربّ إشارة أبلغ من عبارة»، أو«ربّ لحْظ أبلغ من لفْظ»، أو «إنّ الحوار لمأخوذ من الحَوَر» ليست إلا من قبيل التأكيد على أن بيان الإنسان ليس وقْفاً على اللسان.

حضارتهم وخلاصنا.. كتاب جديد لغاندي بالقاهرة

في سلسلة «ذاكرة الثقافة» التي تصدرها مجلة سطور بالقاهرة صدر كتاب «حضارتهم وخلاصنا» للمهاتما غاندي وقام بترجمته عن الانجليزية نجدة هاجر، وسعيد الغر. يقع الكتاب في نحو مائتي صفحة من القطع الصغير، ويجري في شكل محاورة بين غاندي وعدد من العمال، حيث يشرح مذهبه في المقاومة السلمية (اللاعنف)، وخططه في الاستقلال والتحرر من المحتل البريطاني، كما يناقش أساليب العنف التي كانت متبعة آنذاك في كل من جنوب إفريقيا والهند، ويشرح فلسفته ومعتقداته في أنه لا توجد إلا قوة واحدة، وحرية واحدة، وعدالة واحدة، هي السيطرة على النفس، حيث من يسيطر على نفسه فقد غلب العالم، ولا يوجد إلا خير واحد، يكمن في محبة الآخرين لأنفسنا.

كتب غاندي هذا الكتيب الصغير والمهم أثناء إقامته في جنوب إفريقيا في عام 1908 وبعد عودته من رحلته الدراسية بانجلترا، التي استكمل فيها دراسته العليا للقانون، وقد وزع هذا الكتيب في الهند ولفت الأنظار حتى أن حكومة بومباي صادرته ومنعت توزيعه. وفي مقدمته له نصح غاندي الجميع حتى الأطفال الصغار بقراءة كتابه لأنه ـ في رأيه ـ يعلم كيف نستبدل بالبغض الحب، وبالعنف التضحية، وبالقوة الجسدية القوة الروحية.

يجمع الكتيب بين السلاسة اللغوية والأسلوبية وبين الجرأة السياسية والفكرية، حيث ينتقد غاندي ومن واقع تجربته الخاصة الحضارة الغربية ويدينها بحدة وضراوة، لأنها ـ كما يرى ـ حضارة تكرس للغطرسة والقوة والعنف.. وعلى حد قوله: «يستحق الغربي أن يكون سيد الأرض لأنه حائز كل المواهب والمؤهلات، وقادر على القيام بالأعمال الضخمة التي نسبها غيره من الشعوب إلى الآلهة. لكن هناك شيئاً واحداً لا يستطيع الغربي أن يفعله، هو أن يجلس مدة خمس دقائق فقط مع نفسه، ينظر إليها بعينه الداخلية».      

العلاقات المصرية البريطانية منذ حرب السويس

عن دار الساقي في لندن، وبالتعاون مع «معهد الشرق الأوسط» في جامعة ساوس، صدر بالانجليزية، كتاب «العلاقات المصرية - البريطانية منذ السويس حتى اليوم»، ويقع في 336 صفحة من القطع المتوسط.

الكتاب يضم مجموعة مقالات ودراسات كانت حصيلة المنتدى الأول الذي عقد في لندن عام 2006 وكان موضوعه العلاقات البريطانية - المصرية، وتفاعل هذه العلاقات على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين، منذ غزو 1956، او العدوان الثلاثي، الذي عرف في الغرب بحرب السويس، وشارك فيه كل من فرنسا وإسرائيل.

شارك في وضع مادة الكتاب مجموعة من وزراء حكوميين، ومتخصصين في التاريخ، والاقتصاد، والمصريات، والأعمال، ومن حقلي التعليم والثقافة، والشؤون الدولية في البلدين. من هؤلاء، روجر اوين، هيو روبرتس، سلوى شعراوي جمعة، مصطفى كامل السيد، هبة هندوسة، جاب الله علي جاب الله،فكري حسن، يسري نصر الله، بينيلوب ليفلي واليزابث كندال.

تقرير للمنظمات غير الحكومية حول الحرب في العراق

صدر عن «مركز دراسات الوحدة العربية واللجنة العربية لحقوق الانسان» كتاب «الحرب والاحتلال في العراق: تقرير للمنظمات غير الحكومية» لجيمس بول وسيلين ناهوري.

وجاء في التقرير:«في 20 مارس/ اذار 2003، غزت الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما العراق واسقطت حكومة صدام حسين. لقد ادعوا انهم سيحققون السلام والازدهار والديمقراطية. لكن منذ ذلك الحين، دمر العنف والصراعات الاهلية والمعاناة الاقتصادية البلاد، على رغم ان رئيس الولايات المتحدة، جورج بوش الابن، اعلن في خطابه في 2 مايو/ ايار 2003 ان «المهمة تم انجازها»، الا ان النزاع بقي مستمرا لاكثر من اربع سنوات. آلاف الابرياء الآن هم قتلى ومصابون، والملايين مهجرون، والعديد من المدن العراقية تحول الى حطام، فضلا عن القضاء على ثروات ضخمة.

يدرس هذا التقرير عدة اوجه للنزاع، مع تركيز على مسؤوليات قوات التحالف الاميركية في ظل القانون الدولي، كما يدرس القضايا السياسية والاقتصادية في العراق، ويدعو الى التغييرات السريعة، بما فيها الانسحاب العاجل لقوات التحالف.

في رسالة دكتوراه بأكاديمية الفنون:

باحثة تناقش فترات القطيعة بين الأدب العربي والتراث

نوقشت مؤخرا في أكاديمية الفنون رسالة الباحثة مروة المتولي عبد السلام التي تقدمت بها لنيل درجة الدكتوراه وكان عنوانها: حداثة النص الأدبي المستند إلي التراث العربي.. دراسة لفنيات الموروث النثري وجماليات السرد المعاصر في أدب جمال الغيطاني 1969­2005 ، والتي أشرف عليها الدكتور صلاح قنصوه، وناقشها الدكتور عبد المنعم تليمة، أستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة، ود.نهاد صليحة، أستاذ النقد المسرحي بأكاديمية الفنون.

أشارت الباحثة في بداية رسالتها إلي الفترات التي عاني فيها الأدب العربي من القطيعة مع التراث حيث قام الأدب وقتها بالتكريس لأشكال سردية مستوحاة من الغرب، وكان الاستثناء الذي طرحته هو أدب جمال الغيطاني الذي حقق تلك المعادلة بين كتابة رواية جديدة وبين التأثر بالتراث العربي.

تناولت الباحثة في الفصل الأول فكرة تأصيل الأدب العربي والصراع المفتعل بين الانكفاء علي الذات وتقديس الماضي وبين النظر إلي التراث باعتباره كائنا متحجرا لا حياة فيه، أما الفصل الثاني فتناولت فيه اللغة عند الغيطاني ومصادر تأثره اللغوية مثل القرآن الكريم وكيفية تحديثه للغة من داخلها هي ذاتها، كما يتناول الفصل الثالث من الرسالة الزمن والقيمة الفنية التي يضيفها إلي الأدب والأهمية الكبري له في أدب الغيطاني ونظرته له وانشغاله الدائم به.

ويهتم الفصل الرابع بالرحلة كقالب سردي معروف في التراث العربي بشكل عام وفي أدب الغيطاني بشكل خاص حيث الرحلة لديه هي هيام الشخصية التي لا تعبأ بالراحة واختصار العالم في بؤرة واحدة فمع الانتقال وتوالي الأسفار تتنوع الرؤية فيري الإنسان في الحركة ما لا يراه في الإقامة، أما الفصل الخامس فيتناول سمات الحكي الصوفي لدي الغيطاني حيث الأدب الصوفي هو رافد أساسي من روافد الحداثة الأدبية لديه.

وقد أوضحت مروة في رسالتها أن الغيطاني قد ساهم في إيجاد رواية عربية، ليس لكونها تكتب بالعربية فحسب بل لأن الرواية بدأت تتحول لديه نحو تراكمات ثقافية متنوعة ومتمايزة في مجال اللغة كما شكل أدبه محطة أساسية في علاقة الأدب العربي بالتراث وقام بالتأصيل لفكرة امتلاك الأدب العربي ذاكرة أدبية من خلال استيحائه التجارب السردية القديمة، وعلي الرغم من هذا إلا أن الغيطاني كانت لديه دائما القدرة علي بناء عالم أدبي جديد وحديث من خياله.

وقد شهدت قاعة الاحتفالات مناقشة حامية لرسالة الطالبة حيث أشارت نهاد صليحة إلي أن الرواية تعوزها بعض المقارنات بين أدباء في ثقافات أخري لجأوا إلي تراثهم هم الآخرون، كما عابت علي الرسالة نقص الاقتباسات عن أدب جمال الغيطاني في مقابل الاقتباسات الواردة عن كثير من المتصوفة المسلمين وسائر الأدباء والكتاب في التراث العربي.

وأشار عبد المنعم تليمة إلي تعامل الباحثة مع الغيطاني أحيانا ليس بوصفه أديبا وإنما بوصفه منظرا من خلال أقواله في الصحف عن مواضيع مثل الزمن وغيرها، وأضاف أنها أشارت إلي تأثره باللغة الصوفية ولكنها لم تتحدث عن مضمون الأفكار الصوفية في حد ذاتها، وشكك تليمة في القطيعة التي ادعتها الباحثة بين الأدب العربي وبين التراث مشيرا في هذا الصدد إلي أسماء بعينها مثل طه حسين وإبراهيم الكوني.

وقد انتهت اللجنة إلي قرار بمنح الباحثة درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولي عن هذه الرسالة.    

«آفاق ثقافية» في عددها الجديد 

  أصدر مجلس دبي الثقافي عدداً جديداً من مجلة آفاق ثقافية باللغتين العربية والإنجليزية لشهر يناير2008، واشتمل على عدد من الأحداث والأنشطة الثقافية التي حفلت بها الإمارات عموماً ودبي خصوصاً خلال الشهر الماضي، إلى جانب الجولة الثقافية التي تعرضها المجلة كل شهر لتغطية الفعاليات الثقافية والفنية.  

عنونت الافتتاحية «عام الثقافة» حيث شهدت دبي نهضة ثقافية متميزة تجلت في كافة مناحي العمل الثقافي، سواء في الأدب أو الشعر أو الموسيقى أو التشكيل أو السينما أو المسرح وغيرها، وذلك عبر عدد من أبرز الأحداث والفعاليات الثقافية والأنشطة والورش والمؤتمرات التي تجاوزت في عددها أيام العام المنصرم.وجاء ضمن باب حدث الشهر «عامان على توليه مقاليد الحكم في دبي، محمد بن راشد.. رؤية ثاقبة وإنجازات كبيرة».  

حيث شهدت دبي احتفالات كبيرة بمرور عامين على تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الحكم في إمارة دبي، في الرابع من يناير عام 2006، حيث شهدت دبي والإمارات تطوراً وإنجازات كبيرة في كافة الأصعدة.  

كما تناول حدث الشهر أيضاً المسلسل الأضخم الذي يجري التحضير له وهو مسلسل صراع على الرمال وجاء العنوان «فكرة وأشعار محمد بن راشد تتحول إلى عمل درامي ضخم «صراع على الرمال» تعاون إماراتي سوري من إنتاج تلفزيون دبي.  

وجاء في باب فعاليات «احتفالا باليوم الوطني السادس والثلاثين، فزاع.. يتألق شعراً بقصر الإمارات»، وأيضاً «موسيقى الأحرف.. أجواء من التراث الإسلامي»، والمجلس يشارك في بازار كلية دبي للطالبات. وضمت المجلة عدداً من الأخبار الفنية التشكيلية والمسرحية والسينمائية وغيرها.

رواية جديدة ليحيى يخلف ... «ماء السماء» ... البطولة فينا ولا نراها

يعود الروائي يحيى يخلف إلى منـــاطقه الرحـــيبة مـــرة أخرى، من خلال روايته الجديدة «ماء السماء» التي صدرت أخيراً عن دار الشروق للطباعة والنشر أخيراً، والرواية امتداد متصل ومنفصل عن روايته «بحيرة وراء الريح»، يستكمل فيها المشهد المتعدد وذا الطبقات، ويذهب بنا رأساً وقصداً إلى واقع اجتماعي وسياسي جديد هو ثمرة النكبة - الكارثة، يذهب إلى المخيم، بكل استثنائيته وفجائعيته وفنتازيته. وبلغة سردية محيطة وشاملة.

وما بين اللغة البرانية الهادئة الواثقة - التي تشف وترق عندما تتحول إلى جوانيّات الناس ووجداناتهم - وتلك البطولة التي لم تكن سوى الخيار الوحيد لهؤلاء المقتلعين والمطرودين، تدور أحداث الرواية، وهي أحداث صغيرة في ظاهرها، كبيرة في داخلها، حول الذين طردوا من قراهم ومدنهم وأحلامهم وحـــكاياتهم وقذف بهم إلى مخيمات باردة ومنـــعزلة، تحيا في ظل الشك والتوجس والفقر والقمع والإهمال والتغييب.

ومن عتمة هذا المصير ورعبه ولا منطقـيته ولا عدله، يتحول هؤلاء الناس، فهم يكتـــشفون معادنهم، ويخرجون أفضل ما فيهم، ويتبلور أقوى ما عندهم، فيواجهون مصائرهم بقلوب مملوءة بالإيمان والأحلام الكبيرة. وبقدر قسوة الحياة حولهم، وظلم الأيام والظروف، إلا أنهم لم ينكسروا ولم يندثروا ولم يتواروا، ومن عاديتهم – التي حاول الروائي أن يصورها حتى في طريقة الكلام واللباس والأحداث – استلوا لا عاديتهم، ومن تفاصيل الحياة اليومية صنع تاريخ عظيم توّج ليس فقط بميلاد الثورة الفلسطينية وإنما أيضاً بميلاد هوية لشعب كامل أُريد له أن يشطب من الخريطة.

«ماء السماء» رواية أهل المخيم، والمخيم الذي يكتب عنه يحيى يخلف يختلف عما كتب عن المخيمات في أعمال أدبية فلسطينية أخرى، يقدم المخيم هنا بلا رتوش ولا أوهام ولا إدعاء، كما هو تماماً، بانكساراته وهزائمه وإحباطاته وخيبات أمله، ولكنه – وهنا الفارق ربما - يقدم أيضاً باعتبار انه هو من حمى شعلة الحياة وجذوتها.

وإن كان التاريخ أحد هواجس يحيى يخلف في هذه الرواية، إلا أن المسألة أبعد من مجرد التوثيق، أو حتى الوصف، أنه الأدب، الذي يذهب عميقاً إلى الدواخل والدوافع، ليلمس قوى خفية تختار الحياة والحرية والحق والخير.

ويحيى يخلف يمنح اسم «ماء السماء» الطفلة المولودة في المخيم، اسماً لروايته، فـ «ماء السماء» ليس فقط اسم امرأة أنجبت ملكاً ذات يوم، وإنما لأنه الثورة أيضاً التي أنجبت بطولاتها وعجائبها ولا تزال.

لأنها تلامس الواقع أكثر من «العربية»... السعوديات يقرأن 70 في المئة من الكتب الأجنبية

هل المثقفات أكثر حرصاً على مطالعة الثقافة الأجنبية أكثر من الرجال؟ هذا ما أكدته إحصاءات إحدى أبرز المكتبات في السعودية. إذ كشف رئيس شركه مكتبة جرير عبدالكريم العقيل لـ «الحياة»، أن 70 في المئة من الكتب الأجنبية تذهب إلى أيدي النساء.

وأضاف أن النساء يتفوقن أيضاً في قراءة الكتب العربية، إذ تتجاوز نسبتهن 55 في المئة، فيما يقرأ الرجال 35 في المئة من الكتب العربية والبقية للأطفال، مشيراً إلى أن بائعي الكتب الذين يسجلون بدقة نوعية المشترين، سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، سجلوا بيع ثلاثة ملايين ونصف المليون كتاب خلال العام الماضي.

وعزا إقبال السعوديات على قراءة الكتب الأجنبية الاجتماعية إلى أنها تلامس الواقع أكثر من الكتب العربية. وتابع: «نعمل على ترجمه الكتب بطريقة تسهّل الاستيعاب على قرائنا، خصوصاً أن الكتب المترجمة تتعلق بمواضيع حياتنا العامة».

لكنه أكد في الوقت ذاته أن الكتب العربية الجيدة تلقى إقبالاً كبيراً «بعض الكتب العربية فاقت مبيعاتها مليوني كتاب مثل كتاب «لا تحزن» لعايض القرني»، لافتاً إلى أن الإقبال على الكتب ليس له وقت محدد، ولكنه من الملاحظ أن فترة الصيف تشهد إقبالاً على كتب الأطفال، وكذلك في رمضان على الكتب الدينية».

بير بيترسون ... لنخرج ونسرق الخيول

رواية «لنخرج ونسرق الخيول» للنروجي بير بيترسون الصادرة عن دار أكتوبر، تحاول أن تقول إن الحياة ليست لعبة مجانية بل هي رحلة شاقة نحو هدف خفي. تروي الرواية العلاقة التقليدية بين أب وابنه والمعاني الإنسانية التي تحملها هذه العلاقة. معنى أن يكبر الإنسان في العمر ويشيخ. هشاشة الإنسان وألم الخسران. البراءة والحزن والضعف.

يقص الراوي حكايته على خلفية الحياة الاسكندينافية التقليدية حيث البرودة والصمت والتأمل. سوف يتذكر القارئ، حين يشرع في قراءة هذه الرواية، رواية «بان» لكنات هامسون. البطل هنا وهناك هو الطبيعة النروجية الشهيرة: الجبال المخضرة على مدار السنة والأنهار دائبة المسير والبحيرات الكثيرة والثلج الكلي الحضور. في هذا المناخ ينهض روتين العيش للنروجي: تسلق الجبال، تنظيف الساحة من الثلوج، تقطيع الشجر لتحضير الحطب، الاعتناء بالحيوانات.

تتأسس الرواية على نثر كثيف، صاف، شفاف، غني بالصور الباهرة. يحتفل النص بالحضور الذكوري الطاغي والقوة الجسدية المتفوقة والصراع الأبدي مع الطبيعة ورفض الاستسلام للمصاعب. تروند البالغ السادسة والسبعين من العمر، والذي تقاعد من العمل، ينتقل إلى الجبل على مقربة من ساحل البحر في شرق البلاد، عند الحدود السويدية، ليعيش وحيداً مع كلبه. «طوال حياتي تطلعت لأن أكون وحيداً وأعيش في مكان كهذا». هناك يعيش في كوخ خشبي صغير ويروح يتهيأ لخوض غمار عيشه. لكنه لا يلبث أن يكتشف أن رجلاً آخر، في مثل عمره، يعيش في كوخ على الطرف الآخر من الجبل. يلتقي الرجلان ويلقيان التحية ويتعارفان.

«مددتُ له يدي وأنا أوجّه نحوه مصباحي.

- تروند ساندر.

فاضطرب لذلك أيما اضطراب، وأمضى لحظات قبل أن ينقل مصباحه إلى يده اليسرى ويحضن يدي اليمنى في يده.

- لارس، لارس هوغ... بالهاء.

- أتشرف».

فجأة يتذكر الراوي، تروند، كل شيء. لارس هوغ فتى أمضى معه الصيف في مقتبل عمره.

هذا اللقاء الغريب، المفاجئ، غير المتوقع، يوقظ الذكريات النائمة في أعماق تروند.

يروح الراوي ينقل بين زمنين. بين الحاضر الذي يعيشه والماضي الذي يتذكره وبين مكانين، المكان الذي هو فيه الآن والمكان الذي سكنه في الماضي. يعو تروند القهقرى إلى عام 1948 حين كان في الخامسة عشرة من عمره يقضي عطلة الصيف برفقة والده في الريف. كانت تجربة سحرية قضاها في قطع الأشجار وجلب الأعشاب وصنع التبن ومع الناس الذي يعملون معاً ويتعاونون في ما بينهم. يبرع الكاتب في وصف العمل الجسدي والغوص في تأملات حول معنى العمل وقيمته وأثره في الإنسان. وهو يبذل ما في حوزته من براعة كتابية في محاولة للقبض على ما لايمكن النطق به كلاماً. يغوص إلى الأعماق، أعماق الطبيعة وأعماق البشر في احتكاكهما اليومي.

الكتاب صغير، لكن حافل بلغة جارفة لا تهدأ. رواية صغيرة بعدد الصفحات كثيفة بالمعاني والدلالات. عنوان الرواية غريب لايشبه عنوان نص روائي. وهو مكتوب بحروف دنماركية حتى يظن القارئ للوهلة الأولى أنه أمام رواية دنماركية. نص مؤثر، ينفد إلى الصميم ويحتل الذاكرة من دون عناء. هناك عمق في الجمل والعبارات. ليست ثمة حوادث ملفتة ولا وقائع مدهشة. شخص، وجاره في الجبل. من لقاء ينفجر نبع الذاكرة حيث تستعاد اللحظات التي كانت مرت في حياة الفتى تروند الذي هو الآن على مشارف الشيخوخة ويتأهب للرحيل عن الحياة.

الذكريات التي يستعيدها الراوي هي ذكريات إنسانية تشبه ذكريات كل قارئ للنص. لهذا هي توقظ ذكريات القارئ . هذه هي المهمة المقدسة للنص الأدبي: أن يورط القارئ ويدخله قي صميم السيرورة الكتابية بحيث يصبح جزءاً منها وشريكاً في صوغ حبكتها ورسم تفاصيلها. ذكريات الراوي هي مجرد إشارات تنبه القارئ لذكرياته الخاصة فيصير هو أيضاً بطلا للرواية. يختفي تروند من أمام أنظارنا ويحل محله طيفنا. طيفنا الذي يحمل بصماتنا و يحمل ماضينا ودواخلنا وضمائرنا وأحزاننا وأفراحنا، إن وجدت، وعلاقاتنا مع الآخرين من حولنا. الحبكة نفسها ليست شيئاً غير عادي. أشياء بسيطة تقع كل لحظة في كل زاوية من العالم. أن يعمد رجل إلى العيش في كوخ جبلي مع كلبه ويلتقي بصديق قديم. ما الاستثنائي في هذا؟ غير أن القوام الذي يصنعه الكاتب لهذا الخبر العادي هو الذي يتكفل بجعل الحدث البسيط تحفة فنية تشد القارئ وتجره من سطر إلى سطر ولا تتركه حتى نهاية الجملة الأخيرة. تماماً مثل رواية «الشيخ والبحر». ذلك الحدث العادي الخالي من الوقائع الكثيرة المتنوعة: رجل طاعن في السن يشتبك مع سمكة قرش.

كان بير بيترسون أصدر رواية «إلى سيبيريا» عام 1996. وبعكس نصوصه الأخرى التي أبطالها ذكور ومسرحها النروج فإن رواية «إلى سيبيريا» تلاحق حياة فتاة من الدنمارك تحلم بالسفر إلى سيبيريا ولكنها تنتهي في النروج حيث تمر بتجربة عاطفية تخرج منها حاملاً. أما أخوها، ياسبر، الذي كان بمثابة صديقها وسندها الوحيد فيصبح شيوعياً ويتطوع للقتال ضد الرأسماليين الأوروبيين وينتهي به المطاف للقتال في المغرب حيث يموت هناك. تحكي الرواية عن العلاقة القوية والمؤثرة التي تجمع الفتاة بأخيها. ثمة حب أخوي طاغ. الفتاة هي التي تروي. هي بطلة الرواية. والرواية، مثل «لنخرج ونسرق الخيول»، تنهل من الذكريات وتنهض من العودة إلى الماضي والتأمل في المصير الفردي والأثر الذي يتركه المحيط الخارجي والصدف التي تلعب الأدوار الحاسمة في تقرير مصائر الناس وصوغ ملامح عيشهم. حين تتحدث الفتاة عن أخيها تتغير نبرة الكلام الذي يتحول إلى همس حنون وبوح حميمي. تصبح اللغة حارة، دافقة، مطواعة، لينة، إلى حد نشعر بأنفاس الفتاة تداعب آذاننا. في أحد المقاطع تقول: « أتذكر ذراع ياسبر حول كتفي، لا أزال أتذكر ذلك بمجرد أن أغلق عيني على رغم أنني بلغت الستين من عمري وهو توفي منذ ثلاثين سنة».

قال بيرسن ذات مرة إنه لا يكتب روايات سيكولوجية. إن ما يشغله ليس الفرد بحد ذاته بل العلاقة التي تقوم بين الفرد والآخر. الأخت لا تؤلف شيئاً مهماً من دون علاقتها بشقيقها. ربما لهذا ليس لها اسم في الرواية في حين أن الأخ يظهر باسمه. وجود الفتاة مشروط بوجود شقيقها من حولها وعلاقته بها. عندما يموت الأخ لايبقى شيء كثير من الفتاة. لايبقى ما تقوله. تتوقف عن الكلام المباح ويروح المؤلف يستأنف السرد فيما تروح الأخت تستعيد ذكرياتها مع أخيها. لقد كان الأخ وجهها الآخر. كانا قطبين متنافرين ولكن لا ينفصمان. هي مضت إلى أوسلو على أمل الذهاب إلى سيبيريا. وهو ذهب إلى المغرب. وفي محاولة منها للتشبث بصورة أخيها والإبقاء على حضوره الروحي تتعلق بشاب يشبهه. تحبه وتمارس الحب معه وتحبل منه ثم تعود إلى مسقط رأسها في شمال الدنمارك حيث كانت، في ما مضى، تعيش مع شقيقها، لتقضي بقية عمرها هناك.

من الصعب تلخيص الروايتين لأن ليس فيهما ما يمكن تلخيصه. هنا وهناك سرد كلامي يتحدث فيه البطل، وتتحدث البطلة، عن ذكرياته وذكرياتها. ذكريات عادية لايمكن أن تثير أو تفاجئ. لماذا إذن تستقطب الروايتان القراء ويحتفي بهما النقاد؟ إنها اللغة. اللغة السلسة التي تسير كماء جدول متدفق من دون توقف. اللغة التي تستطيع، بسحرها، أن تصوغ من الأشياء الصغيرة والتفاصيل الهامشية قطعة فنية مبدعة.

بير بيدرسون من الأسماء الروائية الكبيرة في النروج. ولد عام 1952 ودرس في قسم المكتبات ثم عمل بائعاً للكتب قبل أن يتوجه للكتابة مترجماً ومؤلفاً. بدأ بالمجموعة القصصية «رماد في الفم رمل في الحذاء» عام1987 ثم تبعها برواية « أرض الصدى» عام 1989. نال جوائز عدة من بينها جائزة إيمباك دبلن الدولية عن رواية «لنخرج ونسرق الخيول». يعيش في أوسلو. ترجمت مؤلفاته إلى أكثر من 15 لغة . نالت دار المنى حقوق الترجمة العربية لرواية «لنخرج ونسرق الخيول» وهي تستعد الآن لنشرها.

أوراق الكاتب ومخطوطاته

المكتبة الوطنية في النمسا اشترت قبل فترة قصيرة أوراق بير هاندكه ومخطوطاته، وكل قصاصة ورقة أو ملاحظة كتبها الروائي والمسرحي النمسوي الذي يقيم الآن في فرنسا، بمبلغ نصف مليون يورو. أعلنت المكتبة أنها استعانت بوزارة الثقافة النمسوية لتستطيع دفع هذا المبلغ لكاتب في حجم هاندكه يلزمه التفرغ لعمله الإبداعي، وعدم قضاء أيامه باحثاً عن لقمة العيش. فعلت المكتبة الوطنية النمسوية ذلك لأنها تقدر إنجاز هاندكه الذي يعد، جنباً إلى جنب ع مواطنته الحاصلة على نوبل للآداب ألفرديه يلينيك، أكبر كاتبين نمسويين حيين.

الأمر نفسه حصل مع الكاتب الأميركي، الراحل منذ مدة قصيرة، نورمان ميلر عندما باع أوراقه ومخطوطاته بمبلغ يزيد عن مليونين ونصف المليون دولار لإحدى الجامعات الأميركية، كذلك فعلت الكاتبة الأميركية أليس ووكر عندما باعت كل أرشيفها الشخصي لجامعة إيموري الأميركية. تفاخرت هذه المؤسسات الأكاديمية بما حصلت عليه من أوراق الكتاب ومخطوطاتهم لأنها تعد ذلك كنزاً خاصاً بها لا تملكه غيرها من الجامعات، وعلى من يرغب أن يدرس عمل هؤلاء الكتاب أن يلجأ إلى مكتبة الجامعة.

المكتبات الجامعية

ثمة جامعات ومؤسسات ثقافية وعلمية كثيرة في الغرب تجند جهودها للحصول على المال من المتبرعين، ومن الدولة كذلك، لكي تمول الحصول على أرشيف كتابها ومثقفيها المؤثرين. وهي تدفع للكتاب أنفسهم أو لورثتهم عن طيب خاطر مبالغ كبيرة، لأن ذلك يرفع من أسهمها بين المؤسسات الثقافية والأكاديمية، ويدفعها لتصبح في مقدمة الجامعات التي يتوجه إليها الطلبة للدراسة والارتقاء بمستوى تحصيلهم العلمي.

إن تلك الجامعات لا تسوق الحجج للقول بأن ليس لديها موازنات، لأنها تضع المعرفة على رأس أولوياتها، وتقلص المصروفات الجانبية غير الضرورية لكي تصرف على مثل هذه المشروعات الباقية والتي ستدر عليها في المستقبل لا المال فقط، بل السمعة العلمية والمكانة الثقافية كذلك.

فهل تفعل مكتباتنا الوطنية ومؤسساتنا الأكاديمية ما تفعله شبيهاتها في الغرب؟ أين نعثر على أوراق عدد كبير من الروائيين والشعراء والمفكرين والنقاد العرب؟ في أغلب الظن ان ذلك الأرشيف قد ضاع، أو أتلفه الورثة، أو أنه تفرق في أماكن عدة ولم يعد الوصول إليه سهلاً. فكيف يمكن أن ندرس تطور كتابة عمل مثل «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ إن لم تكن لدينا أوراق الروائي العربي الكبير؟ وكيف تمكن مقارنة نسخ رواية لغالب هلسا أو غائب طعمة فرمان إن لم تكن لدينا تلك النسخ، أو أنها ضاعت إلى الأبد؟ وهل تتوافر في مكتبة أي جامعة عربية أوراق توفيق يوسف عواد أو مخطوطاته أو أرشيف يوسف حبشي الأشقر أو أي كاتب عربي صرف جلّ عمره يكتب وهو يعاني وعائلته شظف العيش؟

الأرشيف العربي الغائب

أنا لا أقصد بالتحديد تلك الروايات التي ذكرتها، فليس لدي علم بوجود نسخ منها، أو أوراق احتفظ بها الكاتب قبل أن يدفع ما كتبه للنشر. ما أقصده أن فكرة الأرشيف غائبة من حياتنا، ولذلك ترمى الأوراق وتمزق ويدفع بها إلى العدم، ولا تهتم الجامعات بمقارنة النسخ التي تفضي إلى النسخة الأخيرة التي تذهب للطباعة من أي كتاب. لكن الباحثين والنقاد يكتشفون في قصيدة «الأرض الخراب» للشاعر البريطاني الشهير ت. إس. إليوت، التي حذف مبضع الصانع الأمهر عزرا باوند أكثر من نصفها، علامات على تفكير الشاعر البريطاني الأشهر في القرن العشرين: كيف تطورت القصيدة وما هي العلامات الأساسية التي جعلت من إليوت واحداً من شعراء العالم الكبار.

أما الاستسهال في الكتابة والبحث والنقد في عالمنا العربي، الذي يزداد ضحالة يوماً بعد يوم، فسببها الحقيقي يعود إلى غياب فكرة الأرشيف وإلى ثقافة البدء من الصفر وعدم الإيمان بتراكم المعرفة والإنجاز.

من الشافعي إلى سيد قطب والزرقاوي مروراً بابن تيمية ... «تطور مفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي» كتاب جديد عن مسائل ساخنة

يأتي كتاب د ماهر الشريف: «تطور مفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي»، في مرحلة ساخنة، انشغل فيها القاصي والداني بظاهرة الإسلام السياسي، وضمنها تفرعاته وتنوعاته المتطرفة: التكفيرية والإرهابية، التي باتت تشكل عبئاً وخطراً على العالمين العربي والإسلامي، وعلى صورة الإسلام كدين وعقيدة، فضلاً عن أنها باتت موضع استهجان واستهداف على الصعيد الدولي، بما لذلك من تداعيات على وحدة المجتمعات واستقرار الحكومات في البلدان العربية والإسلامية.

يتألف الكتاب، الصادر عن «دار المدى» (2008)، من مقدمة وستة فصول واستخلاصات ختامية، ويقع في 244 صفحة، ويندرج ضمن دراسة تاريخ الأفكار، ويستند الى منهج التمييز بين الدين والمقدس والمطلق والثابت وبين الفكر الديني/البشري والنسبي والمتحول، وتتمحور إشكالية البحث في تفحّص العلاقة بين النصوص التأسيسية وتفسيرها أو تأويلها، في محاولة من الباحث للإحاطة بالسؤال الآتي: إذا كان مفهوم الجهاد يجد سنده في القرآن والأحاديث النبوية فكيف تعامل المعبرون عن الفكر الإسلامي مع هذا المفهوم عبر التاريخ؟

في تقديمه لكتابه يؤكد الشريف أنه ليس ثمة تواصل، وإنما ثمة انقطاع، بين نتاجات تيار رواد الإصلاح الديني (الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي، مثلاً)، الذين كانوا جزءاً من التيار النهضوي، وبين نتاجات تيار الإسلام السياسي/الحركي، التي عبر عنها تيار أبو الأعلى المودودي وسيد قطب والزرقاوي.

الفصل الأول من الكتاب بحث في بواكير التفكير الجهادي، في مرحلة النبوة والفتوحات الإسلامية، التي في كتب السير، وفي مواقف بعض الفقهاء والأئمة، وضمنهم الاوزاعي وبن مالك والشافعي وأبو حنيفة. وينقل الشريف عن الاوزاعي (الذي عايش فترة توسع الفتوحات الإسلامية ومن أوائل من كتبوا السير) عدم جواز قتل الأسرى، والشيخ والأعمى والراعي والراهب إذا لم يقاتلوا، ولا يجوز رمي أهل الحرب ولا إحراقهم إذا تترسوا بنسائهم وصبيانهم كما لا يجوز قطع شجر المشركين أو حرقه ولا إغراق نحلهم أو حرقه، ولا عقر دوابهم لغير الأكل. أما الإمام مالك فقد عارض قتال الفجأة، أو البيات (مهاجمة العدو ليلاً) لأنه لا بد من دعوة الناس للإسلام قبل الهجوم، كما عارض الاستقتال أي الهجمات الانتحارية على العدو، لأن قصد الإسلام هداية الناس. وبحسب البحث فإن الإمام الشافعي هو الذي أسس لعقيدة الجهاد في مؤلفه «الرسالة»، وأفرد لها ثلاثة كتب: الجزية، وقتال أهل البغي والردة، والحكم في قتال المشركين، حيث تمايز بموقفه عن غيره من الفقهاء بأن علة الجهاد هي الشرك وليس العدوان على المسلمين وان الجهاد يرمي إلى إظهار دين النبي على الأديان. وقد خالف الإمام أبو حنيفة موقف الإمام الشافعي بتبنيه موضوعة الدين الواحد والشرائع المتعددة، مؤكداً أن رسل الله لم يكونوا على أديان مختلفة، لأن دينهم كان واحداً.   

ويبدو من البحث أن ظاهرة الجهادية الإسلامية تبلورت مع ابن تيمية (وهو من أتباع المذهب الحنبلي)، وولد عام 661 للهجرة، وهي فترة صد غزوات الصليبيين والتتار، وهو شارك في القتال، وقاتل بعض الطوائف الشيعية والإسماعيلية، وأفتى بوجوب قتال كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام، وهاجم الطرق الصوفية. وكان على عداء للفلسفة، ورجل نص، أكثر منه رجل فقه وقياس، بدعوى انه على فرض وجود تعارض بين العقل والنص يجب ترجيح الأخذ بالنص. وهو يعتقد بوجوب قتال كل من بلغته دعوة النبي محمد ولم يستجب لها، واعتبر الجهاد من أهم الفروض بالإسلام، وأفضل من الحج والعمرة ومن الصلاة والصوم.. وأوجب قتال كل من يقف في مواجهة دعوة الإسلام.

الفصل الثاني عرض لمفهوم الجهاد من منظور رواد الإصلاح الديني، وضمنهم الشيخ جمال الدين الأفغاني الذي شدد على وحدة النوع الإنساني، ووحدة الأديان، وأن العدل أساس الكون. والذي ناهض السياسات الاستعمارية، ودعا شعوب الشرق للنضال من اجل الانعتاق والتحرر، إلا أنه ركز على الطابع الدفاعي لقتال المسلمين، دفاعاً عن أوطانهم، حيث لا تفريط ولا إفراط، لا نقص ولا تعصب وتطرف، ونهى عن الإفساد وسفك الدماء. أما محمد عبده فأكد أن من أصل الإسلام البعد عن التكفير. وأنه ليس لأحد بعد الله ورسوله سلطان على عقيدة أحد. وليس على مسلم أن يأخذ عقيدته إلا من كتاب الله وسنة رسوله من دون توسيط من سلف ولا خلف. ودعا للتأليف بين الأديان التوحيدية، مؤكداً أن الإسلام ينهى عن الغلو في الدين، ويضمن حرية التفكير والاعتقاد. على أساس الآية القرآنية: «لا أكراه بالدين قد تبين الرشد من الغي».. «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». وعند عبده فإن الجهاد فرض كفاية، والحروب في الإسلام ليس سببها العقيدة وإنما السياسة، وطمع الحكام وفساد أهوائهم وحبهم السلطان. أما علي عبدالرازق فيرى بأن الجهاد لم يكن لمجرد الدعوة إلى الدين وإنما كان لتثبيت السلطان وتوسيع الملك، وان الدعوة للإسلام لا تكون إلا بالبيان وتحريك القلوب بوسائل التأثير والاقتناع أما القوة والإكراه فلا يناسبان دعوة يكون الغرض منها هداية القلوب.

الفصل الثالث خصصه الباحث للحديث عن الانقلاب الحاصل في التفكير الإسلامي، في شأن مفهوم الجهاد: مبرراته وغاياته ووسائله، مع محمد رشيد رضا، وذلك في المرحلة الأخيرة من حياته، التي عاصرت جملة تحولات محلية ودولية، ضمنها: تصاعد الهجمة الاستعمارية، وتفكك الإمبراطورية العثمانية وإلغاء الخلافة، وقيام دولة علمانية في تركيا، وتنامي نفوذ المثقفين العلمانيين في المجتمعات الإسلامية، والتحول من الرابطة الدينية إلى الرابطة الوطنية. وأدت هذه التحولات إلى انقلاب رضا على أفكار الإصلاح الديني، بل وأسس لقطيعة معها، حيث جعل الإيمان قائماً على الإذعان وليس على العقل. وفي هذا السياق شن هجوماً على العلمانية ومن اعتبرهم متفرنجين وملاحدة.

الفصل الرابع خصص لعرض آراء المعبرين عن «الإسلام الحركي»، من مسألة الجهاد، مثل حسن البنا وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب. حيث رأى البنا أن الإسلام دين ودولة وعبادة، وهاجم التواصل مع الغرب ومقولة التفاعل الحضاري، وطرح مسألة الجهاد باعتبارها فريضة من فرائض الإسلام، لم يفرق بينها وبين الصلاة والصوم. حيث برأيه من الأفضل للمؤمن أن يموت في ساحة الوغى وميدان الجهاد في سبيل الله. وهو ينطلق من أن القتال فرض على المسلمين لحماية الدعوة وأداء الرسالة، على رغم انه دعا المجاهدين للرحمة والعدل وعدم قتل النساء والأطفال والشيوخ، والواجب عنده قتال من بلغته الدعوة ولم يسلم.

ومع المودودي تبلورت أكثر العقيدة الجهادية، حيث الحكم والسلطان لله وحده، ما ينفي حاكمية البشر، وأن رسالة الإسلام نسخت ما قبلها من شرائح سائر الأنبياء وأن فلاح الإنسانية متوقف على أسلمتها. وعنده في بعض الأحوال فإن الجهاد أكثر أهمية من الصلاة والصوم. وبرأيه فإن الإسلام فكرة انقلابية تهدف لهدم نظام العالم الاجتماعي بأسره كي يؤسس بنيانه من جديد والمسلمون أعضاء في الحزب الانقلابي العالمي. وقد لاقى الفكر الجهادي دفعة جديدة من التطرف والتكفير مع سيد قطب، الذي رأى في الإسلام مولد إنسان جديد تسلم قيادة البشرية، مؤكداً أن الحاكمية لله، ورأى وجوب وجود طليعة وعصبة تنفصل عقيدياً وشعورياً عن أهل الجاهلية والكفر. وهو في ذلك اختلف حتى مع البنا الذي يرى بأن المجتمعات الإسلامية تعاني من نقص في الإسلام ويجب التواصل معها لتغييرها. وبرأي قطب فإن الله اختار الأمة الإسلامية لتكون قوامة على البشرية، ويرى بحرب مشروعة لتقرير الوهية الله على الأرض، على أساس أن الإسلام ليس مجرد عقيدة بل هو إعلان عام تحرير الإنسان من العبودية للعباد وإزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر.

في الفصلين الخامس والسادس عرض الباحث مجموعة مواقف فقهية متباينة إزاء مسألة الجهاد، لعديدين من مثل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، الذي بدا أكثر تسامحاً، ويوسف القرضاوي الذي حذر من الإفراط والتفريط، مؤكداً الاعتدال، والسيد محمد حسين فضل الله، الذي أكد أن جهاد النفس أشد خطراً من العدو الخارجي. كما عرض لمواقف من اعتبرهم رجال دين مصلحين، من الجهاد، من مثل الشيخ محمد مهدي شمس الذي أكد أن لا إكراه في الدين، واعتبر العنف المسلح وسيلة فاشلة، تلحق ضرراً بالمشروع الإسلامي، مؤكداً الدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة. كذلك عرض مواقف جودت سعيد ومذهب اللاعنف في الإسلام، الذي اعتبره امتداداً لخطى رجال الإصلاح الديني، حيث يرى أن العنف والدعوة متنافيان، ويسند رأيه بالحديث الشريف «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» أي ليس السيف أو الرمح أو القتل. أما خليل عبد الكريم فهو يعيد الجماعات الجهادية إلى أصلها الدنيوي، ويرى فيها مجرد حركات سياسية، لها أهداف دنيوية سياسية اجتماعية اقتصادية، شأنها شأن أي حزب علماني، وان البشر يختلفون في تفسير النصوص المقدسة لاختلاف مداركهم ومشاربهم ونزعاتهم ومصالحهم ومكانتهم في المجتمع. ويقدم الكاتب بعض آراء محمد شحرور، الذي نزه الدين عن التفرقة بين الناس، وأن هذا عمل بشر وفقهاء، وأن الدين لم يقسم العالم إلى دار إسلام ودار كفر، تقوم على كره الآخر وإقصائه. وبالنسبة للجماعات الإسلامية التي لجأت إلى العنف المسلح، فهو يرى بأنها وصمت الإسلام بالإرهاب، وحتى انه عارض العمليات الانتحارية والاستشهادية، مؤكداً أن على المسلمين أن يعيشوا عصرهم لا عصر الشافعي قبل أكثر من ألف عام. كما انه خالف مقولة لا اجتهاد في مجال النص حيث لا اجتهاد إلا في النص أما خارج النص فنحن نفعل ما نشاء.

ويخلص الشريف من كل ذلك إلى أن أسس عقيدة الجهاد لم تطرح في القرآن الكريم ولا في الحديث النبوي الشريف، وان الفقهاء المعنيين جعلوهما مصدرين لهذه العقيدة، لإضفاء شرعية عليها. ويدعو الشريف إلى ضرورة إحداث إصلاح ديني حقيقي، يعيد النظر في التراث الفقهي ويقرأ القرآن والسنة النبوية قراءة جديدة. ويرى بأن المناخ التعليمي والإعلامي وفقدان حرية التعبير والتفكير والبحث، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتعثر مسألة السلام، وسياسات إسرائيل وأميركا، عوامل تشجع على التقوقع والانغلاق، والعداء للآخر، ومع ذلك فبرأيه إن الدعوة للإصلاح الديني حقيقي تظل مدخلاً لنهضة العرب والمسلمين.

ويمكن القول بأن الباحث والمؤرخ الشريف غامر مرتين بإقدامه على إصدار هذا الكتاب، الذي يقدم فيه مساهمة مهمة للمكتبة العربية، الأولى حين انتقل من البحث والتأريخ في قضايا الماركسية والحركة الشيوعية، إلى حقل جديد بالنسبة اليه يختص بالقضايا الإسلامية (علماً أنه قارب هذه القضايا مؤخراً من باب الاهتمام برواد الإصلاح الديني والنهضة)، والمرة الثانية حين اختار قضية مشتعلة، صعب على كثير من الضالعين الاقتراب منها، ولكنه قارب هذه القضية من وجهة نظر بحثية وموضوعية، بعيداً عن الأحكام الجاهزة والرؤى المسبقة، كما سبق ووعد في مقدمته. وكما قدمنا فالكتاب هو بمثابة بحث تاريخي، لتطور مفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي، لذلك تجنب الباحث الدخول في تحليل ومناقشة الأفكار الواردة، تاركاً الحكم للقارئ، أو ربما لدراسات أخرى قد تأتي لاحقاً.

ويستنتج من البحث أن فكر التكفير هو ظاهرة طارئة في الإسلام، ولم تعرفها المجتمعات الإسلامية إلا حديثاً جداً، أي مع المودودي، وقطب، حيث أنها لم تظهر على تلك الصورة حتى لدى بن تيمية. أيضاً يمكن الاستنتاج، من الكتاب، بأن الفكر الجهادي في الإسلام تجاهل تماماً مسألة خضوع الأمة لهيمنة خارجية، بدعوى الخلافة الإسلامية (العثمانية مثلاً)، وبدعوى تقسيم العالمين إلى دار الإسلام ودار الكفر، وأن الأولوية للرابطة الدينية على الوطنية، على ما في ذلك من مقاربات خطيرة في هذه المرحلة. أيضاً تطرح هذه الرحلة في الفكر الجهادي مسألة تبرير أو التغطية الدينية لمسألة الاقتتال الداخلي، مثلاً في الحالة الفلسطينية، حيث قتل من الفلسطينيين هذا العام حوالي 500، عدد كبير منهم، خلال سيطرة حماس على قطاع غزة، أكثر مما قتلت منهم إسرائيل، في حين أن عمليات المقاومة لم تقتل خلال العام 2007 سوى 11 إسرائيلياً! «من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذاباً عظيماً».

أخيراً يبدو انه من الصعب الحسم في شأن كيفية انفاذ رسالة الإسلام، وعلاقته بالآخر، فهل يدعو إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، أي بالكلمة والإقناع، أم بالتهديد بالقتل؟ وهل يجيز الإسلام قتل المرأة الحامل والطفل والشيخ والمقعد والجريح، أم حرّم ذلك، وحتى إزاء العدو المحتلّ؟ ثم هل ثمة إكراه في الدين؟ وهل الحساب يعود لله أم لأدعياء الوصاية على الأرض؟ «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين..». وهل ثمة خيار أم جبرية في الإسلام؟ «لا إكراه في الدين».. «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». وإذا كان البشر يحكمون، فكيف يمكن ادعاء أن الحاكمية لله؟

خالد الحسيني الأكثر مبيعا في أسبانيا

أفغانستان.. حرب بلا نهاية

عندما وصف أحد المراسلين الأمريكيين فيتنام قال في جملة واحدة: هناك لايوجد بلد.. يوجد فقط حرب .. تحضرني هذه العبارة عندما أتحدث عن أفغانستان.. فعندما تسأل أي أفغاني عن ذكرياته في بلاده، لن يذكر غير الموت، المعاناة وآلآف من اللاجئين.. فكل شخص هناك لديه مئات من القصص المرعبة نتيجة عقود متتالية من النزاعات والحروب والعنف لن تجمحي بسهولة. ويعد الروائي الأفغاني خالد الحسيني هو أحد نتاجات هذه البيئة.. لكنه أكثر حظا من أبناء جيله.. فلأنه أحد أبناءالدبلوماسيين فقد حصلت عائلته _ وهو في سن الخامسة عشر­ علي حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية: كنا نعيش بفضل الخدمات الإجتماعية.. فقدنا كل شيء.. الحياة والضروريات فرضت نفسها علي أفغانستان وما يحدث فيها.. فما يهمك في هذه المرحلة العمرية ليست السياسة إنما محاولاتك لتكوين أصدقاء . لكنه يذكر أن وصول طالبان للحكم في عام 1996 هو ما قربه من جديد لبلاده: عندما كنت أقرأ عن ما يفعلوه كنت أشعر بالخزي، كنت أستشيط غضبا. أتذكر أن كابول منذ السبعينيات كان فيها دين لكن ليس بهذه الطريقة . وعندما حدثت كانت هجمات 11 سبتمبر.. وبقدر ما كانت القيود الأمريكية تلتف حول بن لادن ونظام طالبان بإعتبارهما من وجهة نظر البيت الأبيض المسئولان عن هذه الهجمات.. كان خالد في كل مرة يقذف بروايته في سلة المهملات: كنت قد كتبت ثلثيها، لكن بعد ما حدث في 11 سبتمبر قلت لزوجتي لن أكملها.. فقد فكرت أنه لا أحد سوف يرغب في القراءة عن أفغانستان، ولم أكن أريد أن يتصور البعض وقتها أنني أستغل ما يحدث علي الساحة الدولية وإهتمام العالم بها . لكن زوجته في كل مرة تحاول إقناعه بأن يكمل مشروعه وتصر علي ذلك.. فخرجت رواية (مذنب في السماء)، التي كانت ظاهرة حيث بيع منها أكثر من 8 مليون نسخة منذ صدورها في عام 2003.

أما روايته الثانية (ألف شمس رائعة) حققت نفس نجاح روايته الأولي وذلك بشهادة النيويورك تايمز رغم أنها نشرت بعدها بفترة قصيرة _ حوالي 7 شهور­ والغريب أنها حققت نفس هذا النجاح الباهر عندما ترجمت إلي اللغة الإسبانية حتي أنها دخلت في قائمة أعلي الكتب مبيعا.

وتحكي هذه الرواية _ التي يهديها إلي كل الأفغانيات­ عن العلاقة بين ليلي ومريم بطلتا الرواية.. فمريم هي إمرأة أجبرت وهي مازالت طفلة علي الزواج من رجل همجي، أما ليلي _ زوجته الثانية _ قيدت بهذا الزواج الذي لا يوجد به أي حب. وتنشأ بينهما صداقة وتضامن تعينهما علي إستمرار الحياة بهذا الشكل أما مصيبة: إنحطاط النظام وظلم الذي يقع علي المرأة.. فهما يتعرضان لكثير من المواقف المرعبة التي تفرضها العادات الأفغانية. وكما يعلق خالد علي هذا الموضوع فيقول: هو موضوح واضح لكنه دائما مهمل . ويضيف حسيني أنه في أحد زياراته لأفغانستان لمس تحسن في وضع المرأة لكنه تحسن يظهر فقط علي من تعشن في كابول:

أفغانستان دولة ريفية، 85 % من سكانها يعيشون في الحقول، وهؤلاء يسيطر عليهم رجال القبائل وليست السلطات.. وما يفعلوه رجال طالبان مع المرأة من سوء معاملة وعزل أصبح قانون، لكن هذه المعاملات موجودة منذ قرون .

وتسرد الرواية ضمن أحداثها كل الأحداث الهامة التي مرت بأفانستان منذ إغتيال مير أكبر جِبران في عام 1978 مرورا بسقوط نظام داوود خان، الإنقلاب الشيوعي، الحرب مع السوفيت... وحتي إعلان الأمريكية: يوجد نقص كبير في المعلومات وعدم فهم ليس فقط في الولايات المتحدة بل في كثير من الدول . ويعترف خالد أنه عندما يكتب كانت دائما نقطة إنطلاقه هي الحيوات والمواقف الصعبة، لكن في هذه المرة ما دفعه للكتابة كانت الأشخاص: كنت أريد أن أتكلم عن النساء.. فتركت الفكرة حتي إكتملت مع الوقت .

وفي الحقيقة هذه الرواية الرائعة تتعشق داخلها ثلاثة قصص.. الأولي هي حكاية تاريخ أفغانستان الحديث منذ أوقات السلام السابقة للغزو السوفيتي في عام 1979 وحتي سقوط طالبان بعد أحداث سبتمبر، والثانية تعكس الوضع المؤلم للمرأة في المجتمعات الإسلامية، والثالثة قصص عاطفية لأشخاص تجعلنا نري كيف أن التاريخ يغير حياتهم وكيف أن بعض الظروف التي لا يتحكمون فيها تفرض سيطرتها علي مصائرهم.

وعندما سجئل حول إمكانية أن تلعب الثقافة دور في عملية التوافق الوطني أجاب: الخيال له تأثير قوي.. فتحكي الأفلام والروايات واللوحات قصص تستطيع الناس التواصل معها.. فهي تسمح بالتعبير عن إحساس جديد بالزمن والمكان وتقدم للقاريء إمكانية قبول عالم لم يكن يتقبله، كما تسمح لك بالتعامل مع موضوعات تعرفك بالمجتمع.. مثل كيفية معيشته، التقسيمات الموجودة فيه والنزاعات العنصرية ، ويضيف: لقد كان لروايتي الأولي (مذنبات في السماء) صدي واسع في بلادي.. فالموضوعات التي أثارتها كمشكلة المجموعات العنصرية مثلا أثارت جدل كبير، فقد كان من الصعب التحدث في مثل هذه الأمور بطريقة مفتوحة.. فهو أمر محرم، فجزء من المجتمع يعتبر أنه لا يجب التحدث فيها ويفضلون تجاهله .

وتتحدث روايته (مذنبات في السماء) عن عودة مّنفي من الولايات المتحدة إلي أفغانستان حتي يتحاسب مع ماضيه. وهي ليست سيرة ذاتية فهو لم يزر أفغانستان حتي بعد نشرها هذه الرواية، وقد تحولت إلي فيلم سينمائي سيعرض في الولايات المتحدة ثم في إسبانيا في شهر فبراير.

ومنذ أربع سنوات بدأت رسائل القراء تصل لخالد بكثرة.. تشكره علي أنه قربهم من أفغانستان: أن تشعر أنك السفير الثقافي لبلدك فهذا حمل كبير علي أكتاف أي كاتب، لكن عندما تصل رسالة هامة للناس من خلال روايتك فهذا شيء رائع .

وينفي خالد أن يكون متشاءم من مستقبل بلاده.. لكن في نفس الوقت ليس من السهل تخطي حِمل الماضي الذي لاينسي والذي أنهك البلاد في صراعات ستظل إنعكاساتها تلاحق هذه الأجيال لزمن طويل . 

كاثرين أوفلاين تفوز بجائزة كوستا للرواية الأولي

أخيرا، لحقت كاثرين أوفلاين البالغة من العمر 37 عاما، بركب الذين سبقوها أمثال هربرت جورج ويلز و ويليام جولدنج وجراهام جرين و ج.ك.رولنغ بتحقيقها نجاحا مدهشا بعد سلسلة من الرفض، عندما حصلت روايتها الذي فجقِد علي جائزة كوستا للرواية الأولي الأسبوع الماضي.

ففي الوقت الذي كان الوكلاء الأدبيون والناشرون يعلنون رفضهم بطريقة أو بأخري لكتاب أوفلاين، أجمعت جوانا ورفاقها في لجنة تحكيم الجائزة علي مديح الرواية واعتبارها كتابا استثنائيا ووصفها بالرواية الهائلة التي تمزج بين المرح والأسي في لغز مجشيد ومشغول بذكاء .

كانت أوفلاين، وهي من برمنجهام و قد تقلبت بين عدة وظائف بينها ساعية بريد وعاملة في متجر ومدرسة، وأخيرا واحدة من خمسة فائزين بجوائز الكوستا _ والتي كانت تعرف سابقا بجائزة وايت برييد وهي جوائز الرواية الأولي، والرواية، والشعر، والسيرة الذاتية، وكتاب الأطفال، وقد اجختير الفائزون هذا العام من بين 553 متسابقا، وسيتنافس الخمسة للحصول علي لقب كتاب العام وجائزة الخمسة وعشرين ألف جنيه إسترليني والتي من المقرر إعلانها في الثاني والعشرين من يناير الجاري.

وقد عثرت أوفلاين علي ما ألهمها موضوع كتابها عندما كانت تعمل بمتجر للتسجيلات في الميري هيل شوبنج سنتر بالقرب من دادلي بوسط البلاد الغربي. تحكي الرواية قصة فتاة تحري و حارس أمن في مركز للتسوق يبحثان عن حقيقة طفل اختفي منذ عشرين عاما وسط الدهاليز التي لا تنتهي وعالم الدوائر التليفزيونية المغلقة.

كانت رواية أوفلاين قد سبق ورجشحت بالقائمة الطويلة لجائزة البوكر والأورانج لكنها لم تفز بأي منهما كما رجشحت بالقائمة القصيرة لجائزة الجارديان للكتاب الأول.

تقول أوفلاين : آمل أن يمنح هذا الناس بعض الأمل .

كل فائز من الفائزين الخمسة سيتسلم خمسة آلاف جنيه إسترليني، وهم الآن يتبارون من أجل الفوز بالجائزة الكبري، التي سيحدد من يفوز بها لجنة من الحكام ترأسها جوانا ترولٌوب وتجعلن بالثاني والعشرين من يناير الجاري. كانت الرواية قد حصلت علي الجائزة الكبري سبع مرات ­ من ضمنها رواية أندريا ليفي جزيرة صغيرة ورواية مارك هادٌون الحادث المثير للفضول للكلب في وقت الليل _ كما حصلت الرواية الأولي عليها أربع مرات منها رقة الذئاب لستيف بيني التي فازت بها العام الماضي ورواية كيت أتكنسون وراء المشاهد في المتحف . كما فازت بها السيرة الذاتية خمس مرات والشعر عدد مماثل من المرات ولم يفز كتاب الأطفال سوي مرة واحدة.

الفائزون

الرواية الأولي : كاثرين أوفلاين عن رواية الذٌِي فجقِد .

الرواية : أ.ل. كينٌيدي عن رواية يوم.

كتاب السيرة الذاتية : سيمون سيباغ مونتيفيور عن كتاب ستالين الشاب.

الشعر : جين سبراكلاند عن كتاب انحدار.

كتاب الأطفال : آنٌ كيلٌي عن كتاب طائر الكوخ.

عن التايمز والجارديان.  

في أحدث روايته 'مابعد الظلام':

وميض بسيط يضئ العالم

هل كان يجب أن ينحدر أبدا الغرباء في سفنهم المصقولة ويوجهون أدوات فحصهم العظيمة صوب مراكز تجمعاتنا السكانية، يرصدون أفعالنا ويتصيدون أحلامنا لنقلها للخلف إلي القيادات الكونية، دعنا نأمل أن يعرضوا لنا الرقة المتناهية ل هاروكي موركامي ، الروائي الياباني الذي هو نفسه ليس كليا لهذا العالم. وفي عشرات الكتب الموجودة عن وجودنا هنا ليس في اليابان أو أية أمة علي وجه الخصوص، ولكن كأطفال الجاذبية، كأبناء الدنيا قد فعل موراكامي وظيفة جيدة كأي كاتب معاصر في الدفاع عن القضية المؤلمة للإنسانية قبل أن تصدر المحكمة أيا كان حكمها. لتكونوا رحماء يا سادة ما بين النجوم. فنحن وحيدون وضئيلون، ولا نعرف ماذا نفعل، فقط نعرف أننا مجبرون من الله أو الطبيعة علي أن نغتسل ونكتسي ونأكل ونستمر في فعل هذا.

إن رواية موراكامي الأخيرة، ما بعد الظلام ، تنساب في سلاسة وهدوء كعمل موحد مبني علي فكرة أنه في آخر الليل تماما، بعد أن تذوي مصابيح المنطق ويغلق العقل عينيه، تصبح الحياة علي الأرض غائمة لا تفصل بينها حدود. فالأفراد الذين كانوا منفصلين أثناء النهار يبدأون في فقدان التفرد، ويتسرب منهم التميز، ويذوبون في روح جمعية رقيقة. وحينما تغوص عقارب الساعة عميقا في الظلال، تضعف الفيزياء، وتستسلم إلي الميتافيزيقيا، وتتكسر الأشياء الصلبة بما فيها أنا وأنت. فخلال الساعات المبكرة، نكون جميعا في هذا الجمع، مغزولة أرواحنا مثل أجساد العاشقين.

إن قصة كتاب الليل كله تقع في طوكيو في المنطقة المزدهرة في وسط المدينة لصناعة الترفيه، لكن وكما هو معتاد مع موراكامي ، فإن الخرائط المعنية للصنف الواقعي الذي يصدره والمتذبذب ما بين عالي وأعلي، هي خرائط عقلية وليست جغرافية. فشخصياته لا تدخل من يسار خشبة المسرح، إنها تتجسد في المكان، متجمعة من سحب الجزيئات الدقيقة. علي طاولتها فنجان قهوة. ومنفضة سجائر. بعد المنفضة طاقية بيسبول زرقاء بحرية عليها علامة بوسطون في مربع أحمر بحرفB . ربما تكون كبيرة بالنسبة لرأسها. وعلي المقعد المجاور لها توجد حقيبة كتف جلدية بنية اللون. إنها منتفخة كما لو أن محتوياتها قد قجذِفت بها في جزء من الثانية. إنها ترتشف لأن أمامها فنجانا من القهوة: فهذا هو دورها كزبون .

المشهد هنا هو مطعم داني ، مركز تجمع للثقافة العولمية المصطنعة التي يتقبلها موراكامي بهدوء، إذ إنه يدرك بحكمة أن كل بلد من معظم بلدان العالم في هذه الأيام هو مزيج مهووس من البلدان الأخري، وخصوصا أمريكا. فالفتاة ذات ال 19 عاما، ماري ، التي تحتسي القهوة والتي من غير المفسر ارتباطها بالطاقية الحمراء، وربما لا تحمل هي أيضا تفسيرا أكثر مما تفعله أغاني البوب التي تنهمر من سقف المطعم تقتل الوقت بالقراءة في كتاب مجهول. إن الأمر يكتنفه قليل من الغموض، لماذا هي مستيقظة إلي هذا الوقت المتأخر، لكن ربما عليها أن تفعل هذا مع شقيقتها الحبيبة إيري الموجودة في أحد المنازل في الضواحي مستغرقة في سبات مستمر، لا تفيق منه لعدة شهور. إن ماري مستيقظة لأن إيري نائمة ربما نوع ما من التوأمة والتشابه في حالة الجمود والملل هو الذي يعمل. ف موراكامي لا يحرك القضية. إنه يختار استعاراته ومجازاته لقيمتها الموسيقية، وليس من واقع بنيانها الفكري، ويدعها تلعب من خلال النسمات والحدس.

ويرد علي المائدة المتواضعة ل ماري مجموعة من الزوار، بدءا بعازف الجاز كثير الكلام الذي يورطها علي مراحل من خلال الأحاديث العرضية التي تميل إلي أن تكون حكايات عن دراما الجرائم الصغيرة وفلسفتها، لمجرد تمهيد الطريق، حيث جون رجل الأعمال قد ضرب بشدة عاهرة من المهاجرات وتركها مصابة تنزف في غرفة الفندق. إن ماري تتحدث بالصينية، وهي اللغة القومية للعاهرة، وطلب منها مدير فندق الحب أن تترجم لها. فهذا هو دور ماري في الرواية وسيط، وليست بطلة. إنها النول الذي ينسج عليه موراكامي قماشه، الإطار الصالح للبلادة. فما تريده لنفسها، علي ما يبدو، قليل جدا ربما كان مجرد أن تترك بمفردها لتقرأ لكن هذه الليلة لها تدبيراتها المعدة لها كما أعدت لهؤلاء من حولها. إن صراع الإرادات هو الأساس النموذجي للتشويق الذي لا ينقطع للحكاية، وهو الصراع الذي ينبثق ما بعد الظلام . والبديل الذي نحصل عليه هو تبدد الإرادات وتدفقها إلي مجتمع فوضوي.

إن الفصول القصيرة للكتاب تقايض فيما بين الخلف والأمام، فيما بين تجوال ماري مع اطلاعها ومعارفها الجديدة ومقطوعتها الشعرية المطولة التي تميز شقيقتها الجميلة النائمة التي ترقد علي سرير في غرفة جرداء بعد الفتحة الدودية لشاشة التليفزيون التي تظهر عليها أحيانا صورتها، وتستوعب روحها. إنها مبحرة في الخيال بعقل معوق، في هذا العمل الذي يمرر الحالم من خلال توصيله بزجاج للمراقبة، وعلي الرغم من أن هذه الفواصل الإضافية المقوية للرحلة المقصود منها تكملة تسطيح امتدادات الرواية علي مائدة الحديث، إلا أن تأثيرها يقطع التواصل ويصرف الاهتمام. فتخيل أجزاء عالية المستوي المفهومي من المسلسل التليفزيوني للخيال العلمي تقطع إلي أجزاء ويوضع كل جزء في فيلم مستقل.

إن تعويذة موراكامي هي أكثر إقناعا، حينما تكون تقنيته الفنية غير واضحة، وليس حينما يلوح بعصاه السحرية فوق القبعة. فعن طريق التحرك إلي الإطار الغامض ل ماري من خلال تبديلها دائرة الأصدقاء، يأخذ موراكامي في توسيع نطاق المدينة الليلي. ويصل إلينا الإحساس قويا، علي الرغم من أننا لسنا متأكدين تماما من حقيقة البيئة الاجتماعية الهاربة، المساومات والمواثيق فيما بين القبائل والطبقات. النساء هن فرائس في معظم الأجزاء، ويرتبطن معا، وخاصة الفقيرات وغير المتزوجات. والرجال يغامرون بجسارة أكبر، ويقومون بالغزو والإغارة بمفردهم، علي الرغم من أنهم يزيدون من قوتهم بتكوين العصابات. وخلف ووراء كل ذلك الشبكات والنظم الوحشية المستقلة قوات الشرطة، شاحنات النفايات، شبكات المراقبة البصرية التي تجاهد لحفظ النظام حتي الصباح. فالليل يموج بفوضي المتع والمهام والرسائل الشفاهية، بالمواعيد والسرقات المسلحة، وبعثات الهروب والإنقاذ، لكن الفجر هو العودة إلي الإنتاجية.

وعلي الرغم من تشييده للسفينة الأم، إلا أن موراكامي يحوم ويراقب وفي النهاية يوافق. إنه يري مدي شجاعة أبناء الأرض في سعيهم للنجاح، ومضات من الخلود تجلدهم، تتملكهم غرائز وشهوات محيرة، تدفعهم إلي أكشاك مزودة بالستائر الفينيل ومنقوعة في مطهر اليزول وكبائن في استراحات فندقية تؤجر بالساعة. فلا عجب في أن ممارسته ككاتب هو أن يسجل كل أغنية تأتي عبر الراديو: فالنغمات سهلة الحفظ تقدم العزاء الشرعي لهذه الكائنات. وفي الظلام تكون المنارة أي شيء يضيء مهما كان ضعيفا، ومهما كان مختصرا. إن وقوف موراكامي حارسا فوق الظلام الكئيب المطبق، يكشف عن الوميض الفسفوري في كل مكان، لكن بالأخص في الأحاسيس التي تنتاب الناس حينما تندمج في الليل وتتوهج ساطعة، لكنها تخبو عند الفجر، عندما يسير كل منا في طريق منفصل.  

دراسة سوسيولوجية في الفقر والجنس

الرفاهية ضحية متنازعة بين فكي الفرد والمجتمع

الفقر والجنس ظاهرتان قديمتان قدم الإنسان نفسه. ولد الإنسان فقيراً لكنه ولد لغريزة الحب والمتعة والإنجاب وتكوين عائلة.

كيف يؤثر هذان الأمران في حياة الفرد وبالتالي في حياة المجتمعات برمتها؟

كيف يتأتي للإنسان الفقير ممارسة حياته الجنسية؟

هل يقضي الفقر علي الجنس؟

هذه الأسئلة وغيرها يحاول الإجابة عليها عبد الرحمن العيسوي الذي يقول عن كتابه:

"يسرني أن أقدم للقارئ العربي الكريم كتابي"الفقر والجنس".

ظاهرة الفقر للأسف الشديد آخذة في التفاقم والزيادة والحدة في كثير من مجتمعات العالم، ويهبط الفقر بمستوي معيشة الطبقات الوسطي الي مستوي معيشة الطبقات الدنيا. وللقفر أسباب متعددة ولا يمكن إرجاعه الي سبب واحد بعينه.

"الفقر والجنس" دراسة طبقت علي عينة من الشباب الجامعي من الذكور والإناث بلغ قومها (186) وذلك بقصد إثارة تفكيرهم حول مشكلة المعاناة من الفقر، والتعرف منهم علي أسبابها وأضرارها وأخطارها الاجتماعية والأمنية وصلتها بالبطالة والجريمة والجنوح والانحراف والتطرف. ولتحقيق أغراض الدراسة تم تصميم مقياس تكون في صورته النهائية من (44) مفردة بعضها، مفتوح النهاية والبعض محدد الاستجابة والبعض الآخر متعدد البدائل. وتم تحليل الاستجابات إحصائياً والتحقق من دلالة الفروق بين الجنسين وكذلك التقدير الكمي لمسؤولية البطالة في انتشار الفقر.

أسفرت الدراسة عن العديد من النتائج الهامة وعن التوصيات التي يمكن تطبيقها بسهولة من ذلك:

-أن الفرد الفقير نفسه شريك في المسؤولية عن معاناته من الفقر مع المجتمع ولا يمكن إلقاء التبعة فوق المجتمع أو الدولة وحدها.

-أنه في الإمكان إسهام الأثرياء في المجتمع في مكافحة الفقر بحكم كونهم مسئولين في نظر المشاركين عن تفشي ظاهرة الفقر.

-إن نظام الملكية الخاصة أو النظام الرأسمالي الحالي مسؤول عن تفشي ظاهرة الفقر.

-إن هناك ما يمكن أن يسمي "بثقافة الفقر" بمعني وجود عدد من السمات والعادات والتقاليد والمبادئ والسلوكيات التي تميز الفقراء عن غيرهم.

-إن كثرة إنجاب الأطفال داخل الأسرة الواحدة تسهم في المعاناة من الفقر.

-إن سمات مثل الكسل والخمول والتراخي وضعف الشعور بالطموح وبالانتماء تترابط مع الفقر.

وبشكل عام تطرح هذه الدراسة عدداً من التساؤلات بغية الحصول علي إجابات عنها من خلال استجابات المشاركين في الدراسة علي بنود أداة القياس المستعملة.

1-كم تبلغ النسبة المئوية لمسئولية الشخص الفقير نفسه عن فقره وكم تبلغ نسبة مسؤولية المجتمع ونظمه الاقتصادية والسياسية، ونظام الأجور والمرتبات والقوي العاملة وما إلي ذلك عن نشأة الفقر. أي مسؤولية الفرد نفسه والمجتمع في شكل كمي أو رقمي أو عددي.

2-هل يسهم الأثرياء في انتشار مشكلة الفقر، أو ما هو دور الأثرياء في معاناة الفقراء من الفقر؟

3-ما هي السمات التي قد يتصف بها الشخص الفقير كالكسل والخمول والتراخي وقلة الطموح والبعد عن الاجتهاد والجد والكفاح والنضال والمثابرة والصبر.

4-ما هي صورة الفقر ومعدلاته الآن من وجهة نظر المشاركين في الدراسة، هل زادت أم قلت معدلاته في الوقت الراهن، أم أنها كما هي لم تتغير عما كانت عليه في الماضي... الخ.

الثقافة التلفزيونية وسقوط النخبة» جديد مؤسسة العويس الثقافية 

  أصدرت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية ضمن توجهها لإعادة نشر مؤلفات نفدت للفائزين بجوائزها، وفي سلسلة «الفائزون 10» كتاب «الثقافة التلفزيونية ـ سقوط النخبة وبروز الشعبي» للدكتور عبدالله الغذامي الفائز بجائزة الدراسات الأدبية والنقد (الدورة السادسة) ناقش فيه أهمية الصورة التلفزيونية وتأثيراتها المختلفة على المتلقي الشعبي العام، انطلق خلالها المؤلف من فرضية تحول الثقافات البشرية في عصر يشهد تغييرات مفاجئة في سلوكه الثقافي والاجتماعي، إلى مجابهة التحديات الكثيرة التي يفرضها الإعلام بمناشئه المختلفة.  

لاسيما الصورة التلفزيونية التي وطدت علاقاتها المباشرة بالبشر بمختلف مستوياتهم الثقافية والفكرية، لتكون التحدي الأبرز في تكوين الوعي الجديد وتشكيله لأغراض شتى وما تتركه من أثر نفسي ـ اجتماعي ـ سلوكي على المتلقي الشعبي والنخبوي.  

الفصول الثمانية ناقشت ثقافة الصورة التلفزيونية وقوتها في تهيئة الرأي العام لقبول الفضاء الصوري مهما كان شكله، فيما كان الثقافي ـ التفاهي على حد تعبير المؤلف يتأرجح بين سهولة وسذاجة ما تطرحه الفضائيات لتسقيط نموذج المثقف النخبوي الذي يتوارى عادة وراء أقنعة الثقافة الفضفاضة دون أن يكون له حضور بارز يستطيع من خلاله وقف المد الباهت للصورة التلفزيونية وتأثيراتها السالبة على المجتمعات، ومن ثم تتضخم الصورة التلفزيونية أثناء الحروب لتعكس الوجه الآخر من تأثيراتها السياسية والاجتماعية، فالصورة «تخيف لأنها تفضح».  

فصول أخرى مرفقة بشهادات واستشهادات عن اللباس بوصفه لغة لأنه عبارة عن «جملة ثقافية» لذلك تتأدلج الصورة من خلال مفعولها النافذ ورسالتها المباشرة وبالتالي فإن الصورة بوصفها نسقاً ثقافياً كونها تورية ثقافية جديدة لذا فهي قادرة على تأسيس دلالات مزدوجة.  

الكتاب جاء بـ 220 صفحة من القطع الكبير وصدر في دبي وهو متوفر «للراغبين مجاناً» في مقر مؤسسة العويس الثقافية بدبي.  

ناشرون مغاربة يعلنون الحرب على دار نشر فرنسية  

اقتربت المعركة المعلنة بين الناشرين المغاربة وفرع دار النشر الفرنسية هاشيت المستمرة منذ ثمانية أشهر بسبب المنافسة الحادة على توزيع الكتب المدرسية بالمغرب من الوصول إلى القضاء ما لم يتم التوصل لحل جذري لها. 

فقد اتحد الناشرون المغاربة في جمعية واحدة أطلقوا عليها "جمعية ازدهار نشر الكتاب والقراءة" تضم في عضويتها الناشرين والموزعين وأصحاب المكتبات، وتسعى حسب قانونها الأساسي إلى "الدفاع عن الكتاب والنهوض به". 

ويقول رئيس تحرير القسم العربي من مجلة (قراءات) مبارك الشنتوفي الذي تنطق مجلته باسم الجمعية إن "معركة الكتاب لا تقل أهمية عن المعارك الأخرى التي تخاض يوميا من أجل بناء المجتمع".

الكتب بالكيلو

كما ترى رئيسة الجمعية سعاد بلافريج أن معركة الكتاب تبدأ بوضع حد للاحتكار الذي تمارسه "المكتبة الوطنية" فرع دار النشر الفرنسية "هاشيت" في توزيع الكتب المدرسية الفرنسية الموجهة لمدارس التعليم الخاص بالمغرب. 

وبهذا الخصوص تقول بلافريج إن الكتب تبقى على رفوف المكتبات المغربية حتى يصيبها الاصفرار ثم يبيعونها مضطرين "بالكيلوغرام وليس بالنسخة"، متهمة المكتبة الوطنية بتعريض الناشرين وأصحاب المكتبات المغاربة للإفلاس. 

أما المسؤول بدار طارق للنشر محمد بلهوى فذهب باتهاماته لأبعد من ذلك حين وصف الدار الفرنسية ببقايا الاستعمار، في إشارة إلى تاريخ وجودها المرتبط بالاستعمار الفرنسي. 

المكتبة الوطنية

بدوره نفى المدير العام للمكتبة الوطنية إيمانويل جيرودييه تهمة الاحتكار مؤكدا أنها "غير حقيقية ولا أساس لها من الصحة"، وانتقد بدوره سلوك الناشرين المغاربة ناصحا إياهم بالتفكير بآلية لتحسين توزيع الكتاب ووضعية المكتبات بدلا من مهاجمة مؤسسته التي "لا تقوم إلا بواجبها". 

كما هدد جيرودييه برفع دعوى قضائية ضد المتهجمين إذا لم توقف جمعيتهم ادعاءاتها وأكاذيبها التي أضرت بالمكتبة الوطنية من الناحية المعنوية، على حد قوله. 

ويشار إلى أن المكتبة الوطنية أنشئت سنة 1951 باسم "مجموعة هاتييه" ثم تحول اسمها إلى "المكتبة الوطنية" بعد أن اشترتها دار هاشيت سنة 1999. 

وحسب بياناتها تبلغ مبيعاتها 125 مليون درهم سنويا وتوزع أربعة ملايين كتاب سنويا على 1000 مؤسسة مدرسية مباشرة و400 مكتبة و30 موزعا بالجملة، كما أنها توزع إصدارات 120 ناشرا فرنسيا. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7 شباط/2008 - 29/محرم/1429