الحكومة مسؤولة: المختلّون عقلياً سلاح ارهابي جديد في العراق

شبكة النبأ: للمرة الاولى في تاريخ العنف الذي يضرب العراق، نفذت امرأتان معوقتان عقليا تفجيرين انتحاريين في سوقين تجاريين في بغداد قَتَلا 98 شخصا وأصابا 208 اخرين، في ما يعتبر اسلوبا جديدا يتبعه تنظيم القاعدة لزعزعة الأمن وقتل اكبر عدد ممكن من المدنيين العراقيين بغض النظر عن انتمائهم وهوياتهم.

وقال المتحدث باسم الجيش الامريكي الميجور مارك جيدو في مؤتمر صحافي مشترك مع قائد خطة فرض القانون الفريق عبود قنبر هاشم، ان احدى الانتحاريتين تسللت الى داخل السوق وتم التفجير.

واضاف ان، المرأة الثانية لم تتمكن من التسلل فوقع التفجير على حافة السوق. مضيفا ان هذه الانفجارات تشير الى ان القاعدة غيرت تكتيكاتها خلافا لنوعية التفجيرات في السابق.

بدوره، قال الميجور جنرال جيفيري هاموند قائد القوات متعددة الجنسيات في بغداد ان الامرأتين استغلتا من قبل القاعدة وهما معوقتان لا تدركان ما الذي جرى. مشيرا الى انهما اقل عرضة لأعمال التفتيش من قبل الامن وانهما كانتا متشابهتان كثيرا وتحمل الاولى حزاما ناسفا، فيما حملت الاخرى المتفجرات بحقيبة ظهر.

وكان ضابط امريكي رفيع المستوى اتهم الاسبوع الماضي تنظيم القاعدة باستخدام اطفال لتنفيذ عمليات انتحارية، مؤكدا ان هجومين انتحاريين على الاقل نفذا بواسطة انتحاريين في الخامسة عشرة من العمر.

وقال الادميرال غريغوري سميث المتحدث باسم الجيش الامريكي، لسنا متأكدين مما اذا كان احد الطفلين يعلم انه يستخدم لنقل متفجرات. بحسب رويترز.

وقال هاموند، ان الانفجارين وقعا بفارق عشر دقائق واستهدفا مدنيين ابرياء وهو نهج القاعدة لزرع الخوف في نفوس السكان.

بدوره، قال الفريق هاشم ان القاعدة استغلت اطفالا مصابين بالعته المنغولي لتنفيذ اعمالها القذرة. واضاف ان تنظيم القاعدة في حالة يأس، ولهذا السبب يحاول مهاجمة الابرياء.

واصدر رئيس الوزراء نوري المالكي بيانا صحافيا ادان فيه التفجيرات الارهابية. وقال، لقد اغاظت النجاحات الامنية اصحاب العقول المريضة والفاسدة فارتكبوا جريمتين ارهابيتين بشعتين راح ضحيتهما العديد من الأبرياء كان الهدف منهما هو منع عودة الحياة الى طبيعتها في بغداد والى ما قبل تنفيذ خطة فرض القانون.

يشار الى ان بغداد شهدت تحسنا امنيا خلال الاشهر القليلة الماضية، الامر الذي دفع بالرئيس الامريكي جورج بوش الى الاشادة بذلك عازيا اياه الى نجاح الاستراتيجية الامريكية في العراق.

واضاف المالكي، لقد كشف استخدام الارهابيين للمتخلين عقليا الانحطاط الاخلاقي لهذه العصابات المجرمة وهزيمتهم وعداءهم للانسانية ولاي مظهر من مظاهرالحياة ولجميع ابناء العراق دون تمييز.

وتابع، ان بشاعة هذه الجريمة المدانة والمستنكرة لن تفت في عضد ابناء قواتنا المسلحة ولن تزيدنا الا اصرارا على المضي في طريق تحقيق الامن وسحق الارهاب ودك اوكاره.

العراقيون غاضبون ويحملون الحكومة المسؤولية

وأنحى عراقيون غاضبون باللائمة على الحكومة في التفجيرين الدمويين، ويخشى كثيرون ان يمثلا بداية للعودة الى مستويات العنف العالية التي أخمدها تحسن الاوضاع الامنية على مدى عدة اشهر.

وقال موظف بالحكومة يدعى عباس خفاجي (48 عاما) وهو ينفث الدخان بعصبية من سيجارته، تفجيرات الامس قتلت الامل في عودة الحياة الى طبيعتها في بغداد وبهذا نعود مجددا الى دوامة العنف.

وكان الناس تجمعوا في السوقين بعد ان شعروا بالتشجيع للخروج مجددا في اعقاب الانخفاض الكبير في الهجمات خلال الاشهر الثمانية الماضية. بحسب رويترز.

وكان خفاجي في حي الكرادة بوسط بغداد وظل يتصل هاتفيا بزوجته كل بضع دقائق ليطمئن عن عودة ابنتهما هاجر الى المنزل من المدرسة. وقال، اشعر بالقلق عليها. فبعد تفجيرات الامس اخشى على عائلتي.

وأنحى مثله في ذلك مثل كثيرين باللوم على الحكومة في الثغرات الامنية التي ادت الى التفجيرين اللذين يلقي الجيش الامريكي باللائمة فيهما على تنظيم القاعدة. وقال خفاجي ان السلطات يجب ان تتصالح مع المسلحين لانهاء العنف.

وأصيب شقيق باسم عبد الامير بجروح خطيرة في الانفجار الأعنف يوم الجمعة في سوق الغزل الشعبي للحيوانات الاليفة والذي تعرض للهجوم اربع مرات على مدى 13 شهرا مضت.

وقال عبد الامير وهو مدرس (30 عاما) قتل والده في تفجير سيارة ملغومة في الكرادة في يوليو تموز الماضي صوتنا لصالح حكومة المالكي والان نطالب الحكومة بالاستقالة واعطاء الاشخاص المؤهلين الفرصة لاداء عمل افضل.

واضاف، العراق يتباهى بميزانية تبلغ عشرات المليارات من الدولارات وشاهدت بالامس جرحى يتم نقلهم في شاحنات مكشوفة الى المستشفى. انه لأمر مخزي حقا وتمنيت لو ان المالكي كان موجودا هناك في هذه اللحظة.

وشن المالكي في 14 فبراير شباط العام الماضي "عملية فرض القانون" في بغداد في محاولة اخيرة لانتشال العراق من حافة الحرب الاهلية الشاملة بين الغالبية الشيعية والاقلية السنية التي كانت لها الهيمنة خلال حكم الدكتاتور صدام حسين.

وأعقب تلك العملية هجمات اوسع نطاقا للجيش الامريكي والقوات العراقية في انحاء العراق شملت نشر 30 الف جندي أمريكي اضافي بحلول منتصف يونيو حزيران. وانخفضت الهجمات في العراق بنحو 60 في المئة منذ ذلك الحين. واشادت بغداد وواشنطن بتلك العمليات ووصفتها بانها ناجحة بعد ان ساهمت في تهدئة العنف الطائفي.

اسرة عراقية تشيّع ثلاثة اشقاء

اعتقد ثلاثة اخوة عراقيين في سن الصبا أنهم وجدوا طريقة للحصول على أموال لأسرتهم المعدمة بشراء وبيع الطيور.

ولكن بينما كانوا يشترون أول طيور لهم في سوق شعبية في جنوب بغداد يوم الجمعة الماضي  انفجر حزام ناسف كانت تلفه امرأة حول نفسها.

وقال محمد حسين عبيد، عم الصبية ان كريم (15 عاما) وساجد (14 عاما) قتلا في الحال. ورغم اصابته تمكن الاخ الثالث أكرم (17 عاما) من الوصول الى المنزل ليبلغ الاسرة لكنه لفظ أنفاسه في وقت لاحق في المستشفى.

وتجمعت أسرة الصبية لدفنهم في جنازة بسيطة بمدينة النجف المقدسة لدى الشيعة جنوبي بغداد حيث تمثل جبانتها موقعا مهما لدفن الشيعة العراقيين.

وقال عبيد ان الثلاثة باعوا التليفون المحمول الذي يمتلكونه لبدء التجارة في الطيور وهو مشروع قرروا البدء فيه يوم الجمعة.

ويكشف الهجومان بشكل لا لبس فيه أن العنف لا يزال موجودا في بغداد بعد أن أحيا انخفاض الهجمات بشكل كبير في الشهور الاخيرة الامال لدى كثير من العراقيين في أن بلادهم ربما تكون في طريق العودة الى الحياة الطبيعية.

وقال عبيد ان كريم وساجد توفيا على الفور وتفحمت جثتاهما تماما بسبب الانفجار. وأضاف أن أكرم أسرع الى الاسرة ليبلغهم بمقتل شقيقيه ثم نقل الى المستشفى حيث توفي هناك. وقال الاطباء انه أصيب اصابة بالغة في الكبد.

وراحت الأم التي كانت ترتدي عباءة سوداء تنوح بينما كانت الجثامين الثلاثة توضع في القبور. وبدا وجهها متورما بسبب لطم خدودها. كما ألقت التراب فوق رأسها.

وأخذت تصرخ وتقول من الذي سيرعاها بعد ابنائها ويجلب لها الطعام والشراب. ويرقد والدهم المشلول من مرض سابق في منزلهم ببغداد.

ووقف عبيد على حافة القبر وبكى وطلب من كريم وأكرم وساجد ألا يخافوا ولا يشعروا بالوحدة قائلا، ان أباهم سيلحق بهم قريبا لانه مريض جدا وهذه الصدمة أكبر من قدرته على الاحتمال.

العراق يتوعد "بسحق الإرهاب"

وتعهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بألا يخرج تحسن الاوضاع الامنية عن مساره بعد أن قتلت مهاجمتان انتحاريتان 99 شخصا في بغداد لكن السكان الغاضبين طالبوا الحكومة بعمل المزيد لحمايتهم.

وقال المالكي، ان هجومي يوم الجمعة في سوقين للحيوانات الاليفة اللذين كانا أعنف هجومين في بغداد منذ ابريل نيسان لن يكونا علامة على العودة لاعمال العنف التي دفعت العراق الى شفا حرب أهلية طائفية.

واضاف المالكي، عهدا لدماء الابرياء اننا لن نتراجع عن تحقيق كامل أهدافنا في عراق آمن ومستقر.

وأضاف، ان بشاعة هذه الجريمة المدانة والمستنكرة لن تفت في عضد أبناء قواتنا المسلحة ولن تزيدنا الا اصرارا على المضي في طريق تحقيق الامن وسحق الارهاب ودك أوكاره.

وفي القاء للضوء على ان العراق يواجه تحديات امنية خطيرة في شتى انحاء البلاد توجه المالكي الى مدينة الموصل الشمالية وقال، ان هجوما مهما على وشك ان يبدأ هناك بعد هجمات القي اللوم فيها ايضا على القاعدة.

وعن العمليات التي ستبدأ في الموصل قال المالكي، ان المعركة التي ستنخرط فيها القوات المسلحة ستقضي على الارهاب والعصابات الاجرامية والخارجين على القانون في المحافظة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4 شباط/2008 - 26/محرم/1429