قوات الصحوة من احتضان الإرهاب الى ممارسته علناً

شبكة النبأ: بعد ان أتت بثمار جيدة عندما اتخذتها القوات الامريكية كأستراتيجية جديدة في العراق يبدو ان العديد من مجالس الصحوة تحوي بداخلها الأدران والآفات التي تنخرها وقد تحولها الى منتجات سامة تقتل كل من يتناولها او حتى يقترب منها.

والجدير ذكره ان اغلب عناصر الصحوة هم من السنة ومن البعثيين الذين كانوا بالأمس يقاتلون مع القاعدة، والامر المحزن ان الشعب العراقي لايدرك خطورة هذه الصحوات على مستقبله حيث انها بدأت تطالب بإستحقاقات كبيرة بعدما قامت بـ(واجبها) في طرد القاعدة من الملاذات التي كانت وفرتها لها طوال اربع سنوات خلت، ويبدو ان ممثلي الشيعة وخاصة المجلس الاعلى وحزب الدعوة استسلما للضغوط الامريكة حتى تحولت هذه الصحوات الى جيش جرار يزيد على الثمانين الفا حسب الاحصاءات الرسمية والقوائم التي اعدتها القوات الامريكية والسفير الامريكي كروكر.

امريكا سلمت السلطة في المناطق السنّية إلى الاعداء السابقين

وفي مقال للـ اندبندنت كتبه باتريك كوكبدن، جاء فيه: "سوف يشهد العراق حربا اخرى من جديد اذا لم

يحدث تغيير خلال ثلاثة أشهر"، هذا ما يقوله ابومعروف قائد مجموعة كبيرة من المقاتلين يبلغ عدد افرادها 13000.

والحقيقة ان هذا الرجل الذي حارب القوات الامريكية سابقا، غيّر مع رجاله ولاءهم العام الماضي، ودخل بمعركة ضد القاعدة وهزمها بمعقلها في الفلوجة وما حولها.

غير أن أبا معروف يؤكد خلال مقابلة مع صحيفة الـ »اندبندنت« البريطانية: يخطئ الامريكيون اذا اعتقدوا انهم يسطيعون استخدامنا لسحق القاعدة ومن ثم يتخلون عنا. فكل ما علينا ان نفعله عندئذ هو الوقوف مع عشيرتنا جانبا ليعود مقاتلو القاعدة مباشرة الى هذه المنطقة. واذا ما حدث هذا فعلا سأتحالف معهم لكي احمي نفسي ورجالي.

ويعرب ابومعروف عن ثقته في ان قواته تسيطر الان على الاراضي الممتدة من شرق الفلوجة الى بغداد بما في ذلك المنطقة التي يدعوها الامريكيون »مثلث الموت«.

ومن الواضح ان تهديد ابومعروف هذا ينطوي على خطر كبير بالنسبة للحكومة العراقية والولايات المتحدة اللتين لم تتمكنا معا من انهاء التمرد السني ضد الاحتلال الامريكي طوال السنوات الاربع الماضية، إلا بعد ان تحولت عشائر الانبار، المحافظة التي تقع فيها الفلوجة، للحرب ضد القاعدة. اذ شكلت هذه العشائر ما يُعرف بـ »حركة الصحوة« التي ينتمي إليها ابومعروف واسمه الحقيقي: كريم اسماعيل حسن الزوبعي.

وزير خارجية العراق هوشيار زيباري كان حذر في الاسبوع الماضي بأن هناك خطرا كبيرا اذا لم يتم استيعاب مقاتلي حركة الصحوة، البالغ عددهم في العراق 80 ألف مقاتل، في الجيش والشرطة وقال: انهم غير منظمين تماما، ويمكن ان تستغلهم القاعدة بسهولة.

ويضيف الكاتب باتريك، إلا أن الحكومة العراقية تخشى في الواقع من تسليم هذه الحركة شيئا من السلطة لانها ترى فيها مجرد ميلشيا سنية تمولها امريكا، ومن غير المرجح ان يظهر قادتها الذين قاتلوا غالبا ضباطا سابقين في جهاز الأمن والجيش في عهد صدام حسين اي ولاء على المدى الطويل للحكومة العراقية التي يسيطر عليها الاكراد والشيعة.

أبومعروف يعترف من جانبه انه كان ضابط أمن قبل الغزو الامريكي للعراق في 2003 وانه أصبح بعد ذلك مقاتلا في المقاومة، وبالرغم من انه لا يحب الكشف عن اسم المجموعة التي كان ينتمي إليها تقول المصادر المحلية انه كان قائدا لكتائب ثورة العشرين، وهو عضو في عشيرة الزعبي.

ويبدو أن لأبي معروف ذاكرة حديدية تحفظ الكثير من التواريخ والارقام. فهو يقول انه بدأ العمل سرا ضد القاعدة في اجتماع عقد في 14 ابريل 2005 فبعد ان جمع مع رجاله معلومات عنها لمدة ثمانية أشهر بدأوا بشن هجماتهم على القاعدة التي كانت تحاول احتكار السلطة في المناطق السنية.

وكشف ابومعروف ان رجال القاعدة كانوا يقطعون الرؤوس ويرفعونها على عصي وانهم قطعوا رأس اخيه بموس للحلاقة وقتلوا 13 فردا من اقاربه و450 اخرين من عشيرته.

جدير بالذكر ان بعض مقاتلي قوة أبا معروف يتلقون مرتباتهم من الامريكيين حيث يتلقى المقاتل العادي حوالي 350 دولارا امريكيا في الشهر مقابل 1200 للضابط.

ويضيف الكاتب، بيد ان ابا معروف يؤكد انه يريد وظائف طويلة الامد له ولرجاله، ومن الواضح ان الامر لا ينطوي فقط على مجرد المال لان زعماء العشائر السنية يريدون حصة بالسلطة التي فقدوها بعد اسقاط صدام.

إلا أن هذا يثير مشكلة خطيرة أمام الحكومة العراقية والامريكيين انفسهم. فبالرغم من رغبة ابامعروف بالانضمام لقوات الأمن الحكومية يقول انه يعتبر حكومة نوري المالكي هي الحكومة الأسوأ في العالم وذلك لان جيشه الذي يضم 13 فرقة يتألف معظمه من رجال تم تجنيدهم من ميلشيات شيعية تسيطر عليها ايران.

من الواضح ان ابا معروف يرى في سيطرة أي حزب ديني شيعي على الحكومة شيئا يتعين مقاومته. ولاشك ان افراد حركة الصحوة أفضل من جماعات القاعدة المتعصبة طائفيا التي هزمها ابومعروف ورجاله.

ان الولايات المتحدة لم تحقق النصر في العراق، فالنعف تراجع لانها سلمت السلطة للرجال المسلحين الذين قاتلوها لزمن طويل.

ويختتم الكاتب باتريك بالقول، لذا، اذا زعمت الحكومة العراقية انها قهرت اعداءها ورفضت اعطاء رجال مثل أبي معروف جزءا من السلطة سوف يواجه العراق فعلا عندئذ حربا اخرى قريبا.

تسعة الاف من الصحوة جاهزين للدمج في القوات الامنية

واعلن الجيش الامريكي ان ما لا يقل عن تسعة الاف من عناصر مجالس الصحوة التي تحارب تنظيمات القاعدة في العراق خضعوا للتدقيق وباتوا جاهزين للانضمام الى صفوف الشرطة او الجيش.

ويمثل هذا الرقم اكثر من نصف العناصر المنضوية في مجالس الصحوات الذين كانوا في غالبيتهم العظمى من المسلحين المناوئين للامريكيين والحكومة.

وكان هؤلاء قدموا طلبات للالتحاق بصفوف القوى النظامية العراقية بعد ان جندهم الجيش الامريكي لمحاربة القاعدة والمتطرفين الذين يدورون في فلكها ضمن مناطقهم.

وقال الادميرال غريغوري سميث للصحافيين في بغداد ان الاخرين لا يزالون بانتظار اجراء الفحوصات والفرص التي تسمح بانضمامهم الى الشرطة او الجيش. واضاف ان، حوالى تسعة الاف من عناصر مجالس الصحوة بداوا الانتظام في طوابير لبدء برامج التدريب.

واوضح سميث ان، بين عشرة الى عشرين الفا من عناصر الصحوة في محافظة الانبار باشروا برامج التدريب وانتظموا اما في صفوف الشرطة او الجيش. بحسب فرانس برس.

يشار الى ان »مجلس صحوة الانبار« كان السباق في محاربة القاعدة اعتبارا من منتصف سبتمبر 2006.

وبدا الجيش الامريكي العام الماضي محاورة المسلحين المناوئين الذين يطلق عليهم تسمية، المواطنين المحليين المعنيين، بغية تجنيدهم بمبلغ 300 دولار شهريا لمحاربة القاعدة.

ووفقا لاخر احصائية لدى الجيش الامريكي، يبلغ عدد عناصر 130 من مجالس الصحوة على الاقل حوالى ثمانين الف رجل.

ويشكل العرب السنة بين هؤلاء نحو ثمانين بالمئة والباقي للشيعة في حين توجد بعض مجالس الصحوة المختلطة من السنة والشيعة.

خلافات مع الشرطة ومطالب بوظائف وأسلحة

يتولى متطوعون من العرب السنة بعضهم يحمل سلاحا، حماية بلدة الحديد التي «تحررت» قبل فترة وجيزة من قبضة الاسلاميين المتشددين الذين يدورون في فلك شبكة «القاعدة»، لكنهم يطالبون بمزيد من الاسلحة والوظائف. من ناحية ثانية أعلن المتحدث باسم الجيش الاسلامي في العراق، ابرز الفصائل المسلحة للعرب السنة، مواصلة «المقاومة» حتى خروج «آخر جندي اميركي»، مؤكدا في الوقت ذاته عدم وجود اي علاقة بمجالس الصحوة التي تحارب تنظيم القاعدة.

ويهدد المتطوعون في مجالس الصحوة التي تحارب أتباع القاعدة بالعودة الى منازلهم اذا لم تؤمن الحكومة الاسلحة والذخائر والوظائف لهم، خصوصا وانهم باتوا هدفا للمتشددين.

وقال أحمد عبود لجنود أميركيين توقفوا عند حاجز أقيم أمام محلات مهجورة نخرتها القذائف «لقد تعرضنا مجددا لهجوم الليلة الماضية. كيف سندافع عن أنفسنا إذا لم يكن لدينا ذخائر (...) غالبية المتطوعين تريد الرحيل». بحسب فرانس برس.

وكان الجيش الأميركي شن هجوما على هذه البلدة في 18 الشهر الماضي، بعد أن سيطرت عليها القاعدة لمدة ثلاثة أعوام. وتقع البلدة التي يسكنها بضعة آلاف في نواحي بعقوبة (60 كلم شمال شرقي بغداد)، كبرى مدن محافظة ديالى المضطربة.

يشار الى ان القائد السابق لـالقاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي قتل خلال غارة اميركية في يونيو (حزيران) في بلدة هبهب غير البعيدة عن المكان.

ويقول اللفتنانت كولوينل ريكاردو لوف من الجيش الاميركي، خلافا لما جرى في بعقوبة، فان سكان الحديد اظهروا ترددا في الانتفاض ضد القاعدة لأنهم من دون شك اعتقدوا بأننا سنغادر فور انتهاء المعارك. انهم يخشون الانتقام.

ويقيم حوالي 120 جنديا اميركيا في بقايا مدرسة ويدعمون تجنيد السكان على غرار المناطق السنية الاخرى، وغالبيتهم من الجيش سابقا، من اجل السيطرة على منافذ البلدة بانتظار تشكيل قوة من الشرطة. ويوضح مصطفى حسين نجم الذي سيكون آمر قوة الشطرة مستقبلا، قمنا بتجنيد 200 شاب من أجل ضمان الأمن سيكون 114 شخصا منهم في صفوف الشرطة، لكننا ما نزال ننتظر الضوء الأخضر من بغداد. ويطالب نجم برواتب وأسلحة وغذاء ومقر للشرطة. وفي بعقوبة، أحد أخطر الأماكن في العراق تشتكي عناصر مجلس الصحوة من امور مماثلة.

ولا يصدق عناصر مجالس الصحوة وعود حكومة بغداد او مجلس محافظة ديالى من حيث تأمين الوظائف أو إدماجهم في قوى الأمن فور انتهاء مهمتهم.

ويقول ابو علي (38 عاما) مسؤول «حماس العراق» في المنطقة ان 250 شخصا من رجالي سجلوا اسماءهم بغية ادماجهم في القوى الامنية، لكن لم تؤخذ سجلاتهم في الاعتبار. ويؤكد، لم نتلق رواتب أبدا، لكننا نواصل عملنا فهذا هو حينا وإذا توقفنا عن فرض الامن فيه فسيسيطر عليه المجرمون.

ويوضح ابو علي ان العلاقات سيئة جدا بين مجالس الصحوة والشرطة في المدينة التي يسكنها حوالي 200 ألف نسمة، وتسودها انقسامات منذ اندلاع أعمال العنف الطائفي عام 2006.

وبالإضافة الى «حماس العراق»، تتقاسم ثلاثة فصائل اخرى هي «كتائب صلاح الدين» و«جيش المجاهدين» و«كتائب ثورة العشرين» للسيطرة على الاحياء السنية في بعقوبة في ظل التوتر.ويتقاضى المتطوعون 300 دولار شهريا يدفعها الجيش الأميركي الى احد شيوخ العشائر المكلف توزيعها. ويقول الضابط الاميركي لوف إن ما لا يقل عن 85% من المتطوعين كانوا يعملون مع القاعدة، انهم منجم من المعلومات الاستخباراتية بالنسبة لنا كونهم يعرفون كل شيء حول تحركات الارهابيين.

وردا على سؤال حول المنسحبين من مجالس الصحوة، قال، لقد اعتقلنا في بعقوبة منذ اغسطس (آب) الماضي عددا من مسؤولي المجموعات السنية بينهم اربعة تورطوا في تهريب اسلحة او اعدامات جماعية، معربا عن الأمل في مكافأة المتطوعين الجيدين بأسرع وقت. الى ذلك، قال ابراهيم الشمري في مقابلة عبر البريد الالكتروني، إنه ما دامت القوات الاميركية موجودة فاننا سنقاومها حتى خروج آخر جندي اميركي من ارض العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 2 شباط/2008 - 24/محرم/1429