العراق ينتظر هذا اليوم ثورة... !، ويصبو الى تغيير...، ويتطلع الى
خلاص...
ينتظر ثورة ليست كباقي الثورات وإنتفاضة ليست كباقي الإنتفاضات.
ينتظر ثورة أخلاقية، إنسانية، فكرية، صميمية، لا حربية ولا دموية. ثورة
على الواقع المتدني والحال الرتيب. ثورة على الذات قبل كل شيء !. ثورة
على أنانية النفس ونزواتها وطموحاتها المبتعدة عن مبادىء الأخلاق
والإنسانية في بعض الأحيان!.
ثورة سلاحها الفكر... والقيم... والشعور...والأخلاق.... وليس
الحراب!. ثورة قادتها المثقفون وأصحاب الفكر والبصيرة والكفاءة
والمرؤة. لأن المفكرين ان تخالفوا أبدعوا وان تضاددوا اتحدوا وان
تخاصموا انسجموا وان تفرقوا إجتمعوا وان تباعدوا أقتربوا وان أختلفوا
إقتنعوا أو أقنعوا !.
العراق يحتاج ثورة بيضاء أهدافها المحبة ونكران الذات واحترام رأي
الآخرين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ثورة شعارها عراقنا فوق
الجميع.... ومن الجميع..... والى الجميع.... دستورها الإلفة والعدل
والتسامح.... قوانينها تمنع الإقصاء والتهميش، وتنبذ الفرقة والفئوية،
وتلجم أفواه القذف والتسقيط والإذلال. جنودها مؤمنون بأن العراق لكل
العراقيين، لا فرق بين أحدهم والآخر الاّ بالإخلاص للوطن والتفاني من
أجله ومن أجل وحدة أرضه وشعبه.
العراق يصبو الى التغيير، تغيير الذات وإصلاحها قبل كل شيء. أن
تستبدل ثياب الحقد والكراهية بثياب المحبة والوفاق. أن ترجع شيمنا
الأخلاقية المستنبطة من الدين والتراث والمبادىء والقيم. أن ترمى
ثقافات العنف والقتل والطائفية في قمامة التخلف والبدائية. أن يسعى
الجميع الى مرضاة الله بحب الوطن ومرضاة الوطن بالإخلاص للوطن ومرضاة
الضمير بالتفاني من أجل الوطن.
أن نقتل النزوات الشيطانية البغيضة المتمثلة في دعوة الإنزلاق الى
الكسب المادي والسلطوي التي تغازل أفكارنا ومشاعرنا. أن نكون قدوة في
نكران ذاتنا وكبح جماح أنانيتنا وتحجيم رغباتنا والإلتزام بمبادىء
القسط والأخلاق والإنسانية. أن نترك المهاترات والمنازلات والسب
والشتائم وإشعال نار الإثارة والفتنة في أمور طوى عليها الدهر ونساها
الزمن ونتمسك بمبادىء التحضر والمدنية، ونتخلّى عن طبائع الجاهلية
والتخلف. علينا أن نسموا بأنفسنا من الولوج في متاهات السذاجة
والإبتذال الروحي والأخلاقي في تصرفاتنا وتحركاتنا. أن نغير مواقع
الخلل في أنفسنا بأنفسنا وأن نتذكر قول الله تعالى: (لايغير الله ما
بقوم حتّى يغيروا ما بأنفسهم ).
العراق اليوم أكثر من أي وقت مضى يتطلع للخلاص من مأزقه المصطنع.
هذا المأزق الذي صنعه من لا ينظر بنور الحق والعدل الى نصاب الإمور،
ومن لا تعانق فؤاده المودة والشفقة في مواقع الأنسانية والأخلاق، ومن
لا يفهم معاني التحضر والمدنية في مواقع التغيير والتقدم، ومن لا تتمسك
نفسه بالإيمان الصحيح المبني على حب الآخرين واحترام النفس الأبية
وحمايتها وصون كرامتها. العراق اليوم يأمل أن ينجو ممن غزت أفكارهم
المريضة نداءات الشيطان البغيضة التي تدعوا الى مخالفة الشرائع والسنن
والتمسك بشرائع الشيطان المبنية على الفناء والقتل والدم..... العراق
يصبو للتخلص ممن حرف الأهداف السامية في الأرض ورفع شعارات وهمية جوفاء
ينطوي تحتها إرادات خبيثة صريحة وواضحة في معناها وفحواها واسلوبها.
أن الخلاص المبين من هؤلاء الخارجين عن نظم السماء والأنسانية هو
بالإتحاد واليقظة والحذر وحسن التصرف وعمق المعرفة. وعلينا أن نعمل
دائما بما أمر الله تعالى حيث قال: (إنما المؤمنون أخوة فإصلحوا بين
أخويكم وأتقوا الله لعلكم ترحمون). |