الانتخابات الايرانية واصداء الصراع بين التشدد والإصلاح

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: يخشى السياسيون المؤيدون للاصلاح الذين خسروا اغلبيتهم في البرلمان عام 2004 من ان يتم استبعاد الكثير منهم من قِبَل مجلس صيانة الدستور الذي يدقق اوراق الترشيح بهدف التيقن من مدى الولاء لمباديء الثورة الاسلامية ومعايير اخرى، وفي المقابل يتخوف المحافظون من ان يؤثر الاداء المتوتر في السياسة الخارجية وكذلك ملفات البطالة والركود وتداعيات العقوبات الاقتصادية، على حصة الأسد التي يستأثرون بها في مؤسسات الدولة، ويبقى الأمر في النهاية مرهونا بإرادة الشعب الايراني في اختيار الأصلح لقيادته.

نحو 7200 مرشح في الانتخابات البرلمانية في ايران

وسجل نحو 7200 شخص أنفسهم لخوض الانتخابات البرلمانية التي ستجري في مارس اذار القادم في ايران فيما يأمل خصوم الرئيس محمود أحمدي نجاد المؤيدون للاصلاح الاستفادة من الاستياء المتنامي من الزعيم المتشدد.

والانتخابات التي ستجري يوم 14 مارس اذار قد يثبت انها اختبار قاس للإصلاحيين الذين يسعون الى العودة سياسيا بعد هزيمتهم أمام المحافظين في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2004 لانهم لم يفوا بوعدهم بخلق وطن أكثر حرية. بحسب رويترز.

كما يتوقعون من مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون والذي يفحص أوراق المرشحين في كل الانتخابات ان يعرقل معظم ترشيحاتهم مثلما فعل في السابق.

لكن المحافظين يكافحون لإظهار انهم جبهة موحدة رغم سيطرتهم على القوات المسلحة والهيئة القضائية والهيئات الأخرى القوية والبرلمان والرئاسة.

وأخفق المحافظون حتى الآن في وضع قوائم مشتركة خاصة بالمرشحين. وربما يؤدي عدم وجود صوت موحد لخسارتهم الانتخابات عقب هزيمتهم في الانتخابات المحلية والبلدية في العام الماضي.

ويقول محللون ان الاصلاحيين أمامهم فرصة أفضل من الانتخابات السابقة لان كثيرين من الايرانيين ينتقدون أحمدي نجاد لفشله في تنفيذ وعده باجراء تغيير اقتصادي يشمل اقتسام الثروة النفطية بطريقة أكثر عدلا.

وقال وزير الداخلية مصطفى بور محمدي ان 7200 شخص بينهم 590 امرأة كانون قد رشحوا أنفسهم في الانتخابات مع انقضاء موعد الترشيح. وسيتنافس المرشحون على 290 مقعدا في البرلمان.

وأضاف في مؤتمر صحفي أن أكثر من 43.2 مليون شخص يحق لهم التصويت في ايران التي يزيد تعداد سكانها على 70 مليون نسمة.

وتابع قوله، الايرانيون الذين يحق لهم على التصويت ويعيشون في الخارج سيضافون الى هذا الرقم.

ولن يكون لنتيجة الانتخابات تأثير مباشر على السياسات مثل خطط ايران النووية والتي يحددها في نهاية الامر الزعيم الروحي الايراني علي خامنئي. ولكن محللين سياسيين يقولون انها قد تؤثر على الجدل الدائر بهذا الصدد.

ومن بين آخر المرشحين الذين سجلوا أنفسهم يوم الجمعة علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الايرانيين سابقا وهو مستشار مقرب من الزعيم الديني الأعلى آية الله علي خامنئي. ورشحته مجموعة من الاحزاب المحافظة المعتدلة مرشحا لها في الانتخابات.

وسيكون لاريجاني الذي كشفت استقالته في اكتوبر تشرين الاول عن خلاف مع احمدي نجادي بشأن التكتيكات في اسلوب معالجة المفاوضات مع الغرب فيما يتعلق بالطموحات النووية الايرانية واحدا من أبرز المرشحين في الانتخابات التي ستجري في 14 مارس اذار.

وتخوض ايران خلافا مع الولايات المتحدة بسبب البرنامج النووي الذي يخشى الغرب أن يكون غطاء لبناء أسلحة نووية. وتنفي ايران هذه التهمة.

ومن ضمن المرشحين أيضا وزير المخابرات السابق محسن فلاحيان الذي اتهمه قاض سويسري باصدار أمر بقتل عضو في جماعة ايرانية معارضة عام 1990 في سويسرا.

الاف المرشحين يواجهون المنع

وقال مسؤول ايراني كبير ان نحو 40 بالمئة من بين 7200 شخص سجلوا أسماءهم لخوض سباق الانتخابات البرلمانية في مارس اذار "لهم سجل" مع السلطات وهي اشارة الى أنه لن يسمح لهم بخوض الانتخابات.

ولم يدل علي رضا أفشار رئيس لجنة الانتخابات بمزيد من التفاصيل بشأن نوع هذا السجل غير أن أشخاصا في أوضاع مشابهة منعوا في الماضي من خوص الانتخابات. وقال سياسي اصلاحي ان كون المرء له سجل يعني منعه من خوض الانتخابات.

ولن تؤثر نتيجة الانتخابات بشكل مباشر على منصب الرئيس أو على سياسات مثل برنامج ايران النووي والتي يرجع القول الفصل فيها الى الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي.

لكن محللين سياسيين يقولون ان النتيجة ربما تؤثر على النقاش في البرلمان وقد تبرز المزيد من التحديات السياسية امام الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وربما يزيد البيان الانتخابي الذي نشرته وكالة الطلبة للانباء مخاوف الاصلاحيين من أن الكثيرين منهم لن يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات بسبب عملية التدقيق الرسمية.

وقال أفشار للوكالة، من بين 7200 مسجل هناك نحو 3000 لهم سجلات لدى (وزارة) المخابرات والقضاء .. وهو أكثر من العدد في الانتخابات البرلمانية السابقة عندما كان نحو 1800 شخص لهم سجلات.

وتشير تلك التصريحات الى أن أولئك الذين وصفوا بأن لهم سجلات سترفض طلباتهم حتى دون مراجعتها من جانب مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون والذي يتولى عملية فحص المرشحين. ومنع المجلس مئات المرشحين المحافظين في الماضي من خوض الانتخابات.

معارضو الرئيس الايراني يخشون التحيز

وقال سياسيون ايرانيون إن معارضي الرئيس محمود أحمدي نجاد يخشون من أن احتمالات عودتهم خلال الانتخابات البرلمانية المزمع اجراؤها في مارس اذار قد تتضرر بسبب عملية تدقيق من المرجح أن تمنع الكثير منهم من الترشح.

وينظر كثيرون الى الانتخابات على أنها استفتاء بشأن سياسات أحمدي نجاد الذي صعد الى السلطة في 2005 متعهدا بتوزيع الثروة النفطية بشكل عادل. لكن منتقدين يلقون عليه مسؤولية ارتفاع معدل التضخم بشكل كبير.

ويخشى السياسيون المؤيدون للاصلاح الذين خسروا أغلبيتهم في البرلمان عام 2004 من أن يتم استبعاد الكثير منهم من قبل مجلس صيانة الدستور الذي يدقق أوراق الترشيح بهدف التيقن من مدى الولاء لمباديء الثورة الاسلامية ومعايير أخرى.

لكن يتعين على المرشحين أيضا أن يجتازوا عمليات تمحيص أخرى تنفذها جهات تنفيذية مثل وزارتي المخابرات والعدل.

وقال حسين مراشي هو متحدث باسم حزب كارجوزاران المقرب من الرئيس الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، نحن قلقون للغاية (بشأن عملية التدقيق). بحسب رويترز.

وأضاف، انهم يتحركون بسرعة... لدرجة أنه يبدو أننا سنكون سعداء بنفس عدد (المرشحين) الذين استبعدهم مجلس صيانة الدستور في المرة الماضية" مشيرا الى أنه لو كان هناك سباق مفتوح فالرأي العام أقرب لنا.

واقترب رفسنجاني وهو شخصية براجماتية تصدرت الساحة السياسية الايرانية لثلاثة عقود من الجماعات المؤيدة للاصلاح منذ أن هزمه أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2005.

وشكا اصلاحيون ومعتدلون اخرون من أن عملية التصويت لم تكن في صالحهم خلال انتخابات المجالس المحلية والبرلمانية والرئاسية السابقة بسبب استبعاد الكثير من مرشحيهم الامر الذي ترك الساحة لمرشحين أكثر تشددا.

ويقول مجلس صيانة الدستور انه ليس متحيزا سياسيا وانه يطبق قواعد الجمهورية الاسلامية. ويقول مؤيدو أحمدي نجاد ان الشكاوى من قبيل "الدعاية" السياسية.

وقال علي أكبر جوانفكر وهو مساعد رئاسي ان الناخبين لايزالون يشعرون بخيبة أمل بسبب فشل الاصلاحيين في تنفيذ وعودهم التي قطعوها عندما تولوا السلطة في الرئاسة والبرلمان.

ويقول اصلاحيون ان المؤسسة المحافظة عرقلت محاولتهم لتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي.

وقال جوانفكر، لو تمكن هؤلاء المتطرفون (من الاصلاحيين) من اجتياز تدقيق مجلس صيانة الدستور فلن يجتازوا تدقيق الشعب. مضيفا انه لا يزال يتوقع بعض التغيير في تشكيل البرلمان المؤلف من 290 مقعدا.

ويهيمن على البرلمان الان مجموعة أيدت على نطاق واسع أحمدي نجاد في مسعاه لنيل الرئاسة في 2005.

انقسام في صفوف المحافظين

وانشأ محافظون ايرانيون ينتقدون سياسة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد تحالفا جديدا استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة في ايران في 14 آذار/مارس 2008.

وقال النائب المحافظ رضا طلائعي لوكالة فرانس برس، ان التحالف الموسع والشعبي للمدافعين عن المبادىء يضم الاصدقاء السياسيين لعلي لاريجاني (المسؤول السابق عن الملف النووي) ومحسن رضائي (المسؤول السابق عن حراس الثورة).

واوضح احد اعضاء التحالف الذي طلب عدم كشف هويته، ان تحالفنا يمكن وصفه بتحالف المحافظين المتحفظين. في حين اكد السيد رضائي ان التحالف يضم شخصيات متحفظة واخرى مقربة من الحكومة.

ويأتي الاعلان عن هذا التحالف في الوقت الذي بدا فيه المحافظون موحدين ويسعون لتقديم لائحة موحدة للانتخابات.

واعلن العديد منهم في كانون الاول/ديسمبر اقامة جبهة موحدة للمدافعين عن المبادىء ضمت العديد من انصار الحكومة وخصوصا مجموعة "عبير الخدمة" التي تدعم احمدي نجاد والتي كانت منيت بهزيمة في الانتخابات البلدية في كانون الاول/ديسمبر 2006 امام المحافظين البرغماتيين والاصلاحيين.

إصلاحي إيراني يناشد مواطنيه المشاركة الفعالة

وقال رجل دين إصلاحي بارز إن الإيرانيين يجب أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقررة في مارس اذار المقبل لأن الإقبال الكبير سيعطي المعارضة صوتا أكبر حتى وإن كان العديد من الإصلاحيين ممنوعين من خوض الانتخابات.

وأبلغ مهدي كروبي رويترز، أن الإصلاحيين تعلموا من خبرات سابقة أن عدم المشاركة في الانتخابات دفع بهم إلى هامش الحياة السياسية وصناعة القرار في إيران حيث يسيطر المحافظون حاليا على مقاليد السلطة والبرلمان.

وستختبر الانتخابات المقبلة لأعضاء البرلمان الذي يهيمن عليه الآن أنصار الرئيس محمود أحمدي نجاد شعبية الرئيس الذي وصل إلى السلطة بتعهد بتوزيع أكثر عدالة للثروة النفطية لكن منتقديه يلقون عليه المسؤولية في ارتفاع معدل التضخم.

لكن الراغبين في ترشيح أنفسهم سيتعرضون لعملية تدقيق صارمة من جانب لجان تنفيذية تابعة للحكومة ومجلس صيانة الدستور الذي تلقى على عاتقه مسؤولية منع العديد من المرشحين الإصلاحيين من خوض انتخابات عام 2004 باعتبارهم غير مؤهلين.

ويقول الساسة الإصلاحيون إن عددا كبيرا منهم منعوا هذه المرة كذلك لكنهم ينتظرون البيانات النهائية.

وقال كروبي وهو رئيس سابق للبرلمان في مكتبه في شمال طهران، سمعنا أن الكثيرين اعتبروا غير مؤهلين.

إيراني يسجل اسمه للانتخابات البرلمانية تحت اسم جورج بوش

وانتهت الجولة التمهيدية الأولى للانتخابات التشريعية القادمة في ايران المقررة في شهر مارس القادم مع انتهاء المهله القانونية المحددة لتقديم طلبات التسجيل من قبل المرشحين.

وكتبت الصحف والمواقع الاخبارية عن بعض مفاجآت مرحلة التسجيل، من أهمها تقديم شخص طلبا للترشيح بملء استمارة التسجيل من خلال الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية تحت اسم جورج بوش. ولم تشر المصادر الى أي تفاصيل أخرى لكنها أكدت بأن الكثير من الأشخاص قدموا طلبات بأسماء مزيفة بدافع الفضول أو السخرية، مما أسهم في اختلاف كبير بين أعداد المرشحين الالكترونيين والمرشحين الذين قدموا أوراقهم بصورة طبيعية عند مكتب تسجيل المرشحين في الداخلية الايرانية.

ويمكن الاشارة أيضا الى حضور كهل في مكتب تسجيل أسماء المرشحين في العاصمة طهران مرتديا كفنا أبيض وحاملا لافتة مكتوبا عليها »خادم الشعب الايراني« وأخرى على جبينه مكتوب عليها »محمد رسول الله، علي ولي الله« وفي يده الأخرى العلم الايراني. وحينما طلب مسؤول التسجيل منه ملء ورقة الطلب، اتضح أنه لايملك المعرفة اللازمة لملء استمارة التسجيل، وأحد شروط التسجيل حسب القانون الايراني هي أن يملك المرشح شهادة ماجستير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29 كانون الثاني/2008 - 20/محرم/1429