باكستان وسط الفوضى: مشرف يتمرد على الغرب

شبكة النبأ: رغم قربها من الهوة تحاول باكستان اضفاء صفة التفاؤل على مستقبلها وسط الركود الاقتصادي والاجواء السياسية المضطربة اساسا نتيجة الحكم العسكري والأحكام العرفية التي افرزتها نشاطات الاحزاب والحركات المتشددة وزادها بلّة حادث اغتيال بنيظير بوتو بما حمله من غموض حول الجهة التي قامت به.

وقالت الحكومة إن القادة السياسيين الباكستانيين يواجهون "تهديدا محدقا" بالتعرض لهجوم وعليهم توخي الجدية بشأن أمنهم وأن يتجنبوا الظهور لاسباب غير ضرورية في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة التي تجرى في فبراير شباط.

وقتلت زعيمة المعارضة بينظير بوتو في هجوم بالاسلحة وبقنبلة أثناء مغادرتها حشدا انتخابيا في مدينة روالبندي.

ولم تبدأ عملية الدعاية للانتخابات البرلمانية التي تأجلت من الثامن من يناير كانون الثاني حتى 18 فبراير شباط بسبب اغتيال بوتو. ولكن من المتوقع أن تبدأ بعد تأبين ديني في 19 و20 يناير كانون الثاني.

وقال جاول اقبال تشيما المتحدث باسم وزارة الداخلية في التصريح الدوري، ان من المهم كثيرا أن تشعر القيادة السياسية بالتهديد المحدق. بحسب رويترز.

وحملت الحكومة المتشددين المرتبطين بالقاعدة المسؤولية عن اغتيال بوتو في سلسلة من التفجيرات الانتحارية التي أسفرت عن مقتل مئات الاشخاص في الشهور الاخيرة.

وأضاف تشيما ان السلطات تعتزم توفير أمن "لا يمكن خداعه" لجميع القادة السياسيين ولكن قال ان عليهم أيضا أن يتصرفوا بمسؤولية وأشار الى أن وزارة الداخلية ستصدر خطوطا أمنية عريضة.

وتشمل التوصيات تجنب الظهور لاسباب غير ضرورية وجعل خطط التنقل مغايرة للتكهنات وعقد اجتماعات انتخابية صغيرة.

وتابع قوله، يتعين تجنب التجمعات الكبيرة بقدر الامكان.. يتعين عدم الظهور لغير الضرورة خلال تحرك السيارات ببطء. وقتلت بوتو وهي تطل عبر فتحة في سقف سيارتها المصفحة لتحية المؤيدين خارج مكان حشدها.

CIA تؤيد الحكومة الباكستانية

وأيدت تحقيقات جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA" اتهامات الحكومة الباكستانية بوقوف جماعة متشددة وراء اغتيال رئيسة الوزراء الباكتسانية الراحلة بنظير بوتو الشهر الماضي، وفق مصدر أمريكي.

وذكر المصدر الاستخباراتي المسؤول، آثر عدم الكشف عن هويته، أن الجهاز التجسسي خلص إلى أن بيت الله محسود, زعيم طالبان باكستان المرتبط بتنظيم القاعدة، هو العقل المدبر للاغتيال زعيمة المعارضة الباكستانية.

وكانت الحكومة الباكستانية قد سارعت، وفور اغتيال بوتو، باتهام محسود بدعوى اعتراض اتصال يؤكد ضلوع حركته. بحسبCNN.

وأوضح المصدر أن جهاز الاستخبارات الأمريكي، الذي حاذر في بادئ الأمر، من التوصل إلى ذات استنتاجات حكومة إسلام أباد، خلص إلى تورط محسود، عقب مراجعته أدلة استخباراتية أخرى.

ويشار أن صحيفة "واشنطن بوست" كانت أول من نشر خلاصة استنتاجات جهاز التجسس الأمريكي عقب مقابلة مع مدير الوكالة مايكل هايدن الجمعة.

واقتبست الصحيفة عن هايدن قوله: هذا من عمل الشبكة التي تدور حول بيت الله محسود، ولا مجال للشك في ذلك.

ويدير محسود شبكته، المرتبطة بتنظيم القاعدة، من المناطق القبلية الوعرة شمال غربي باكستان، حيث تتهم الحكومة الباكستانية خليته بالوقوف وراء عدة هجمات ضدها، آخرها الاستيلاء على مقر عسكري في جنوب وزيرستان هذا الأسبوع.

هذا وقد أعرب مسؤولون أمريكيون وخبراء إرهاب عن قلقهم المتزايد بشأن استقرار باكستان مؤخراً. وقال خبير شبكة CNN في شؤون الإرهاب، بيتر بيرغن، في مؤتمر بواشنطن مؤخراً إن القاعدة وطالبان، اللذان جمع بينهما المزيد من التقارب الأيديولوجي على مر السنوات الماضية، يريان نفسيهما في حرب ضد دولة باكستان. وأشار بيرغن إلى تصاعد هجمات الحركتين ضد المسؤولين الحكوميين والأجهزة الأمنية الباكستانية.

ويرى خبراء أن الحركتين استجمعتا قواهما وسط ضعف حكومة الرئيس برويز مشرف. هذا وقد أشاد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالتعاون الباكستاني في الحرب على الإرهاب، إلا أنه عاد ليشير إلى أن المليشيات المتشددة في باكستان تشكل قاعدة خطر على الكيان الباكستاني ذاته.

ومن جانبه قال المصدر الاستخبارات الأمريكي إن تصعيد إسلام أباد الحملة ضد التنظيمات المتشددة  ولد أجواء تحد في البلاد، إلا أن حكومة مشرف على "اطلاع متزايد" بحجم الأزمة التي تواجهها.

زوج بوتو يطالب بتحقيق مستقل

وكان آصف علي زرداري، زوج رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة، قد اتهم في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، مسؤولين في الحكومة بالضلوع في اغتيالها، داعيا الأمم المتحدة إلى ضرورة فتح تحقيق دولي، تزامن وبدء محققين بريطانيين المساعدة في التحقيق الذي تقوم به حكومة إسلام أباد.

وقال زرداري، الزعيم الفعلي لحزب الشعب الباكستاني، في حديث نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن التحقيق الذي تجريه الحكومة لن يتسم بالمصداقية، بحسب ما نقلت الأسوشيتد برس.

وشدد زرداري على ضرورة إجراء تحقيق دولي، على غرار ما تم بشأن اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، داعياً أصدقاء الديمقراطية في الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، دعم دعوته لتحقيق مستقل.

وأتهم أعضاء في الحكومة بالتورط في اغتيال زوجته قائلاً: يجب محاسبة أولئك المسؤولين - داخل وخارج الحكومة.

مشرف: لدينا عقولنا والغرب متغطرس ثقافيا

وشنّ الرئيس الباكستاني برويز مشرف هجوماً على ما وصفه "غطرسة ثقافية غربية" تجاه باكستان، وفنّد غاضباً مزاعم حول أن انخفاض شعبيته وراء تقويض سلطاته.

كذلك فنّد مشرف، في مقابلة مع CNN، مزاعم بشأن انعدام الثقة بإقامة انتخابات حرة ونزيهة في بلاده ووصفها بأنها "مجرد هراء."

ويسعى مشرف - الذي قال إنه اضطر لفرض الأحكام العرفية في بلاده العام الماضي لمنع الاحتجاجات العنيفة، ولكنه فشل في الحيلولة دون اغتيال زعيمة المعارضة وحزب الشعب الباكستاني، بنظير بوتو - إلى الدفاع عن قيادته وسجله في المعركة ضد الإرهاب.

وقال مشرف، على هامش مؤتمر دافوس: لقد رفعت الأحكام العرفية، لماذا لا يفهم الغرب، الذي يفترض أن يكون متحضراً، هذه الأمور؟

وأضاف قائلاً: لماذا لا يفهم أننا ربما مازلنا دولة نامية، ولدينا أخطاءنا وأننا نؤمن بالدستور.. وأننا نعرف كيف ندير حكومة.. وأننا لسنا شعباً أبلهاً لا يعرف كيف يدير بلده.. فنحن لدينا عقولنا.

وتابع يقول: لسوء الحظ، هناك شيء من الغطرسة الثقافية أراها في الغرب الذي يعتقد أن هذه الدول النامية عبارة عن شعوب لا تعرف كيف تحكم، ولا يعرفون شيئاً.

ونفى مشرف اتهامات من حزب الشعب الباكستاني بأن ستجري عمليات تزوير للانتخابات وأنها ستكون معدة سلفاً، وقال: هذه (الانتخابات المرتبة سلفاً) هي الثقافة التي أرسوها (مؤيدو بوتو) دائماً. وأوضح أنه وحكومته هم من قاموا بتغيير هذه الثقافة وإزالة الخلل.

وحول الإغلاق المؤقت للقنوات التلفزيونية الخاصة أثناء حالة الطوارئ في بلاده، قال الرئيس الباكستاني إنه قام بذلك لأيام معدودة لأنها كانت تحرض على الفتنة وأنها لم تظهر مسؤولية تجاه الإرهاب والتطرف.

دفاع عن الحقوق ولكن.. بحدود

ووصف مشرّف نفسه على انه نصير لحقوق الإنسان وحرية التعبير ثم انقلب على صحفي وجه إليه سؤالا وقال ان الحقوق يجب ان تكون لها حدود.

وخلال كلمة القاها في قاعة مكتظة بالحضور في بريطانيا في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والامنية أمضى مشرف 30 دقيقة يشرح فيها تاريخ باكستان الحديث ومعركته ضد المتشددين وخططه للانتخابات العامة المقررة في 18 فبراير شباط. ولكنه بذل اكبر مجهود اثناء الحديث عن الحقوق والحريات ووصف نفسه بانه مدافع حقيقي عنها. بحسب رويترز.

وقال بعدما وصل متأخرا للمبنى مصحوبا بمجموعة من الحراس والمرافقين، انا مؤمن بقوة بحقوق الانسان والحريات الشخصية وحرية التعبير.

واضاف، الشيء الوحيد الذي نريده هو ان هذه الحريات يجب ان يكون لها حدود وإلا تؤدي الى العنف والتدمير. وتابع، لا يمكن ان نسمح لاحد بأن يزعزع استقرارنا ويقودنا الى الفوضى باسم حقوق الانسان.

وقال مشرف الذي بدا في بعض الاوقات في موقف المدافع والمجادل ان هناك ثلاث حالات اساء الغرب فيها فهم باكستان وهو ما اضر على نحو خاطيء بسمعته وحقر من سياساته.

وقال مشرف الذي تولى السلطة في انقلاب عام 1999 ان الحالة الاولى هي التصور بان الازمة القضائية التي اقال خلالها عددا من القضاة هي قضية من قضايا حقوق الانسان. وقال، هذه لم تكن قضية حقوق انسان بل كانت قضية قانونية تحولت الى قضية سياسية ثم تحولت اكثر لتصبح ازمة للامة.

وفيما يتعلق بالاسلحة النووية قال مشرف انه من المستحيل وقوعها في ايدي من وصفهم بالمتطرفين قائلا ان السبيل الوحيد لحدوث ذلك هو ان تهزم القاعدة الجيش الباكستاني او ان تفوز في الانتخابات وتتولى السلطة.

وقال، من المستحيل حدوث اي منهما.

وفي ختام كلمته التي جاءت بعد زيارته لقمة دافوس في سويسرا وقف الحاضرون ومنهم دوق كنت ابن عم الملكة اليزابيث للتصفيق للرئيس الباكستاني.

احكموا على باكستان من خلال اقتصادها واستقرارها!؟

وقال مشرف ان العالم يجب ان يحكم على بلاده من خلال التقدم الاقتصادي ومعركتها ضد التشدد وليس من حيث الافكار الغربية عن حقوق الانسان.

وحدد مشرف وهو يعد مجددا باجراء انتخابات حرة ونزيهة في الشهر القادم الاولويات بالنسبة لباكستان والتي أكدت بدرجة كبيرة على الاقتصاد والمعركة ضد تنظيم القاعدة أكثر من الانتخابات التي ستجرى يوم 18 فبراير شباط القادم والتي تهدف الى استكمال الانتقال الى الحكم المدني في باكستان.

وقال لرجال الاعمال والزعماء السياسيين في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، احكموا على الاداء الاقتصادي ورعاية الشعب والاستقرار السياسي. واضاف، أرجو ألا تحكموا (علينا) من خلال مفاهيم غربية غير واقعية للديمقراطية وحقوق الانسان.

وفرض مشرف الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1999 حالة الطواريء في نوفمبر تشرين الثاني للاطاحة بقضاة كانوا يتجهون فيما يبدو الى الغاء اعادة انتخابه من جانب البرلمان لفترة ولاية ثانية مدتها خمس سنوات. ومازالت القيود على الحقوق المدنية سارية رغم انهاء الحملة رسميا في الشهر الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28 كانون الثاني/2008 - 19/محرم/1429