انخفاض العنف واحتواء الصحوة فرصة نادرة لتحقيق الاستقرار في العراق

شبكة النبأ: أتاح الانخفاض الحاد في مستوى العنف بالعراق الذي صاحب الزيادة في عدد القوات الأمريكية مع ظهور قوات أمن مناطقية، أتاح للبلد فرصة نادرة لتحقيق الاستقرار والتقارب الاجتماعي عبر تعاون العشائر مع الحكومة والقوات الامريكية.

وأبلغ خبراء في لجنة فرعية مستقلة بمجلس النواب الأمريكي بأن النجاحات الهشة التي تحققت في الشهور الأخيرة بالعراق يمكن أن تتراجع إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للاحتفاظ بوجود عسكري كبير في منطقة الخليج على مدى سنوات قادمة.

وقال ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، ربما لدينا فرصة لم تكن متاحة منذ عام 2003 لإرساء الاستقرار في العراق وتجنب مخاطر الفشل.

وأضاف الخبراء أن الهدوء الحالي يمكن استغلاله لإجراء انتخابات محلية من شأنها أن تسهم في تهدئة الخلافات بين المسؤولين المنتخبين وشيوخ العشائر. بحسب رويترز.

كما أوصوا بتوسيع اتفاقات وقف إطلاق النار مثل تلك التي أسفرت عن هدوء نسبي في مناطق كانت بقعا ساخنة في السابق مثل محافظة الانبار بغرب العراق إلى المحافظات الشمالية.

لكنهم قالوا إن من غير المرجح لعراق يتمتع بالاستقرار أن يحقق نموذجا ديمقراطيا أفضل من نظيره في البوسنة أو كوسوفو وكلاهما بهما وجود دولي مدني وعسكري كبير.

وعقدت اللجنة الفرعية للمراقبة والتحقيقات التابعة للجنة القوات المسلحة جلسة الاستماع لدراسة الخيارات الأمريكية في وقت من المقرر فيه أن تسحب إدارة الرئيس جورج بوش نحو 20 ألف جندي من العراق بحلول منتصف الصيف.

ويمثل هؤلاء القوات الأضافية التي أرسلت قبل نحو عام لكبح العنف الطائفي بين السنة والشيعة. ويوجد حاليا نحو 158 ألف جندي أمريكي في العراق.

وأبلغ الخبراء المشرعين بأن تراجع العنف بنسبة 60 بالمئة في العام الماضي يرجع إلى حد كبير إلى دعم زعماء عشائر سنية للجيش الأمريكي في مواجهة تنظيم القاعدة إلى جانب دعوة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ميليشيا جيش المهدي التابعة له إلى وقف إطلاق النار.

وقالوا إن تلك التطورات إضافة إلى الانخفاض الواضح في الدعم الإيراني للميليشيات الشيعية التي تتبنى العنف غيرت حسابات الخلافات الطائفية في العراق وصورت المهمة الأمريكية بشكل أكثر إيجابية.

وقال مايكل ايزنشتات من معهد واشنطن لسياسية الشرق الأدنى، في حين أن الوجود الأمريكي ربما أجج عنف المسلحين في العراق بين عامي 2003 و2006. إلا أن الولايات المتحدة حاليا قوة من أجل استقرار.

وأثنى لورنس ويلكرسون الذي كان رئيسا لمكتب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول على كفاءة قائد القوات الأمريكية بالعراق الجنرال ديفيد بتريوس وسفير واشنطن لدى بغداد رايان كروكر في التعامل مع مشكلات العراق.

لكنه قال إن فرص البناء على النجاحات الأخيرة ستكون محدودة للغاية مع تولي خليفة بوش السلطة بعد عام من الآن بسبب الأعباء التي يتحملها الجيش وتكاليف حربي العراق وأفغانستان التي تبلغ 11 مليار دولار.

الامم المتحدة: العراق اكثر امنا ويحتاج الى اجماع سياسي

,قدم رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق تقريرا متباينا عن الوضع فيه قائلا ان الوضع الامني تحسن لكن يجب أن يتوصل العراقيون الى اجماع سياسي حتى يتحقق خفض دائم في العنف.

وقال استافان دي مستورا رئيس بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي) في كلمة امام مجلس الامن، لا يمكننا تجاهل التحسن الذي طرأ في الاونة الاخيرة على الصعيدين الامني والسياسي في العراق.

وأضاف ان المستوى المنخفض للعنف يمكن ارجاعه الى عدد من العوامل بينها زيادة القوات الامريكية والقوات الاخرى والهدنة التي اعلنتها ميليشيا جيش المهدي التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وزيادة التعاون مع الدول المجاورة للعراق. بحسب رويترز.

غير انه حذر المجلس من ان غياب الاجماع السياسي بشان أهم العناصر الاساسية للدولة العراقية وهي عناصر تفتقر حاليا للوضوح والرسوخ يعني ان العراقيين لن يتوصلوا الى حل دائم بشان خفض العنف.

وقال حامد البياتي سفير العراق لدى الامم المتحدة أمام المجلس ان الحكومة العراقية عازمة على مواصلة جهودها لتحقيق المصالحة الوطنية من أجل تعزيز التلاحم الاجتماعي وتجنب نشوب حرب أهلية.

وقال دي مستورا ان موافقة البرلمان العراقي على قانون يسمح لبعض أعضاء حزب البعث المنحل الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل صدام حسين بالعودة الى الوظائف الحكومية يمثل اصلاحا سياسيا هاما يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات بين السنة والشيعة.

وهذا القانون هو الاول ضمن سلسلة قوانين تطالب واشنطن الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة باقرارها في مسعى لجذب العرب السنة الى العملية السياسية.

وقال زلماي خليل زاد سفير واشنطن لدى الامم المتحدة ان الوضع الامني تحسن في العراق وعزا ذلك في جانب كبير منه الى ارسال واشنطن العام الماضي قوات اضافية قوامها 30 ألف جندي أمريكي.

وأثنى دي مستورا على جيران العراق لتعاونهم لكن خليل زاد اتهم سوريا وايران بعدم الوفاء بوعودهما ببذل المزيد من أجل وقف الهجمات في العراق.

وقال السفير الامريكي، لايزال الارهابيون والانتحاريون الاجانب يدخلون العراق عبر سوريا. وقال انه يجب أن تبذل سوريا مزيدا من الجهد لوقف تدفق هذه العناصر على العراق.

وأضاف أنه ينبغي على دمشق أن تطبق سياسة أكثر صرامة لمنح تأشيرات الدخول واعتقال من يساعدون المتشددين الذين يدخلون العراق وتشديد الامن على الحدود وتبادل المعلومات.

وقال، قوات الحرس الثوري الايراني تواصل تدريب وتسليح وتمويل المتطرفين الشيعة رغم ما تردد عن التأكيدات لرئيس الوزراء العراقي نوري بأن ايران ستتوقف عن ذلك.

ودعا مجلس الامن الدولي الامم المتحدة العام الماضي لتوسيع نطاق دورها في العراق من خلال جهود تشجيع المصالحة بين مختلف الاطراف في البلاد وتحسين العلاقات بين العراق وجيرانه. ومن المقرر أن تزيد الامم المتحدة عدد موظفيها في العراق.

السفير الامريكي يرى قوة دافعة في العراق بشأن المصالحة

وقال السفير الامريكي في العراق ان عملية المصالحة بين الطوائف المنقسمة في العراق تكسب قوة دافعة على المستوى القومي وخاصة في برلمان يعمل فيه النواب "بطريقة مكثفة".

لكن ريان كروكر قال انه ليس على وشك ان يتنبأ بأن الايام السوداء في عام 2006 واوائل عام 2007 عندما اقترب العراق من شفا حرب اهلية طائفية شاملة قد انتهت.

وقال كروكر في مقابلة مع رويترز، مازالت المرارة الشديدة باقية ويوجد كثير من التحديات التي يتعين معالجتها بعناية ... لضمان عدم العودة .. لانه بصراحة كل الاشياء الجيدة التي تحققت خلال العام المنصرم يمكن تنتهي.

وقال ان امورا كثيرة أصبحت ممكنة بشأن المصالحة الوطنية في الاشهر القليلة الماضية نتيجة للتراجع الحاد في اعمال العنف. فقد تراجعت الهجمات بنسبة 60 في المئة منذ يونيو حزيران الماضي بعد نشر قوات امريكية اضافية قوامها 30 الف جندي.

وعندما سئل كروكر ان كان يرى درجة معينة من القوة الدافعة بشأن المصالحة الوطنية رد بقوله، انني ارى بالفعل. ومع تراجع العنف فان الاشياء التي كانت في السابق مستحيلة أصبحت ممكنة.

وقال ان البرلمان، لم يعمل من قبل بهذه الطريقة المكثفة بشأن قضايا التشريعات الوطنية مثلما فعل منذ بداية العام.

لكن هناك تشريعا رئيسيا مثل قانون النفط الذي يقضي بتقاسم الايرادات من احتياطيات النفط العراقية الضخمة مازال متعثرا. وهذا الاسبوع رفض النواب التصديق على ميزانية الحكومة لعام 2008 لاسباب منها النزاعات بشأن المخصصات.

مساعد لأحمدي نجاد: الأطراف العراقية تستمع لنصائح ايران

من جهة اخرى قال مساعد للرئيس الايراني ان الاطراف العراقية تستمع لنصائح ايران بشأن وقف العنف لكنه اضاف أن الحل الامثل لمشكلات العراق يتمثل في انسحاب القوات الامريكية.

وتقول واشنطن وبغداد اللتان تتهمان طهران بتأجيج العنف من خلال تسليح وتدريب ميليشيات شيعية ان الشهور القليلة الاخيرة شهدت انخفاضا في الهجمات باستخدام أسلحة ايرانية الصنع رغم قولهما ان التدريب مستمر.

وقال علي أكبر جوانفكر لرويترز بمجمع الرئيس محمود أحمدي نجاد في وسط طهران، نعتقد أن جميع الاطراف (العراقية) تتجه صوب المزيد من الهدوء بالعراق. انهم يستمعون للنصح بما في ذلك من جانبنا.

وتابع، لا يمكن أن يحصل الامريكيون على أي نتائج من السياسات التي يتبنونها ... قتل نحو 4000 جندي أمريكي في العراق (ومع) استمرار الاحتلال سيزيد هذا الرقم وستعود المزيد من الجثث الى واشنطن.

واضاف، الافضل للولايات المتحدة أن تتبنى سياسة حكيمة تجاه العراق. نعتقد أن السياسة المثلى بالنسبة لها هي الانسحاب من العراق. بحسب رويترز.

ويقول بعض المسؤولين العراقيين ان الوجود العسكري الامريكي لا يزال ضروريا في الوقت الذي تكافح فيه القوات العراقية للسيطرة على الوضع الامني في البلاد وعلى حدودها. وقال جوانفكر انه ينبغي لواشنطن أن تسلم السيطرة على الشؤون الحكومية والامنية للعراقيين.

وأضاف، نعتقد أنه ينبغي لهم (الامريكيين) أن يتركوا الامة العراقية تتخذ قرارها وتحدد مصيرها. الحكومة العراقية قادرة بالتأكيد على الدفاع عن حدودها.

وقال انه رغم ان ايران ملتزمة بالانخراط مع الولايات المتحدة فيما يخص ارساء الاستقرار في العراق الا أنها غير مهتمة في الوقت الحالي بتوسيع الروابط وتطبيع العلاقات.

والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ عام 1980 كما انهما في خلاف بشأن طموحات ايران النووية التي تصر ايران على أنها سلمية لكن واشنطن تخشى من أنها تهدف في النهاية الى صنع اسلحة نووية.

وقال جوانفكر، لم نرفض قط اجراء محادثات بشأن المصالح الوطنية العراقية مع الولايات المتحدة. لكن فيما يخص العلاقات الثنائية .. لا نعتقد أن تلك العلاقات في صالح ايران في الوقت الحالي.

وكرر موقف ايران بأنه يتعين على واشنطن أولا تغيير نهجها العدائي ازاء طهران. وقال ينبغي للولايات المتحدة أن تتخلى عن سلوكها الذي ينطوي على الهيمنة بخصوص ايران. اذا تبنت سياسة تستند الى الاحترام المتبادل .. عندها يمكن أن نفكر بشأن استئناف العلاقات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 27 كانون الثاني/2008 - 18/محرم/1429