نتيجة تعنت حماس وغطرسة اسرائيل: غزة بمواجهة كارثة انسانية

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: فيما يعد استكمالاً لصورة المأساة التي تعيشها غرقت غزّة في الظلام بعدما توقفت محطة الكهرباء الرئيسية عن العمل تماما، نتيجة اغلاق اسرائيل المعابر مع القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ومَنَعت امدادات الوقود.

وبينما لا يعاني من هذه (العقوبات) سوى عامة الشعب الفلسطيني تصر (حماس) من جهة على الاستمرار في اطلاق الصواريخ العشوائية على اسرائيل وكذلك تستمر اسرائيل بانتهاج اسلوب العقوبات الجماعية بدءا بالحصار الاقتصادي وانتهاءا باغلاق المعابر ومنع امدادات الوقود الى القطاع وتحويله الى سجن كبير.

وقال أري ميكيل المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية ان اسرائيل ذكرت ان هذا الحصار رد على الهجمات الصاروخية من غزة وان "كل شيء سيعود الى طبيعته" اذا اوقف النشطون اطلاق الصواريخ.

واضاف ان اسرائيل قللت ايضا من امدادات البنزين المستخدم في السيارات وكذلك وقود الديزل لكن ليس زيت الوقود وغاز الطهو.

واصطفت طوابير امام المخابز يوم الأحد فيما قام الناس بتخزين الطعام واغلقت المصانع ومحطات البنزين بعد ان اغلقت محطة توليد الكهرباء بغزة المحرك التربيني الثاني بها.

وقال ضرار ابو سيسي المدير العام لمحطة الكهرباء ان 800 ألف شخص على الاقل باتوا الان في الظلام مشيرا الى أن " الكارثة" ستؤثر على المستشفيات والعيادات الطبية وآبار المياه والمنازل والمصانع وجميع جوانب الحياة. بحسب رويترز.

وشكك متحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية فيما اذا كان اغلاق المحطة بالكامل أمرا ضروريا مشيرا الى أن حماس لها مصلحة سياسية في التهويل من تأثير الاجراءات الاسرائيلية.

ويقول مسؤولون اسرائيليين وفلسطينيين ان غزة تستهلك نحو 200 ميجاوات من الكهرباء منها 65 ميجاوات تنتجها المحطة المحلية بينما تحصل على بقية الكمية من مصر واسرائيل. ولازالت اسرائيل تواصل امداداتها من الكهرباء.

وأحكمت اسرائيل حصارها للقطاع باغلاق كل المعابر الحدودية قاطعة امدادات الوقود بل موقفة المساعدات الانسانية التي تقدمها الامم المتحدة الا في حالات استثنائية.

وأكد مسؤولون بالاتحاد الاوروبي الذي يمول امدادات الوقود للمحطة ان شحنة يوم الأحد تم منعها وأن الاحتياطي تم استخدامه.

وادانت الامم المتحدة هذا الاغلاق وحذرت اسرائيل من فرض "عقاب جماعي" غير قانوني ضد سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة.

وقال أبو محمد أسامة وهو صاحب متجر في غزة، هكذا تريد اسرائيل غزة.. بحر من الظلام... العالم المتحضر يراقب في صمت تام.

وأدت هجمات جوية اسرائيلية الى قتل نشطين فلسطينيين اثنين على الاقل مؤخرا. وقتلت اسرائيل عشرات في هجمات على غزة خلال الاسبوع المنصرم في حملة مكثفة تقول انها تستهدف النشطين الذين اطلقوا نحو 230 صاروخا على بلداتها الجنوبية.

ووصف الفلسطينيون الهجوم الاسرائيلي الذي تضمن قصف مقر وزارة الداخلية التي تديرها حماس في غزة بأنه "صفعة على وجه" جهود السلام التي تدعمها الولايات المتحدة.

وقال جون جينج رئيس وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) في غزة في مؤتمر صحفي في القطاع ان الظلام الذي غرقت فيه مدينة غزة الليلة دليل واضح..يشير الى كيف اصبح الوضع ميئوسا منه الآن.

وتوعدت حماس التي ترفض القاء السلاح والاعتراف باسرائيل بعدم وقف قتالها ضد الدولة اليهودية.

ودعا سامي ابو زهري المسؤول بحماس مصر الى اعادة فتح حدودها مع غزة التي اغلقت في معظمها منذ سيطرة حماس على القطاع في يونيو حزيران وحذرت من "انفجار" اذا استمر الاغلاق.

وفي مدن الضفة الغربية التي تهيمن عليها حركة فتح التي يتزعمها عباس حمل محتجون شموعا لاظهار التضامن مع سكان غزة وهم يهتفون"الله معك يا غزة."

الفلسطينييون يحذّرون من "كارثة" انسانية

وحذر الفلسطينيون من "كارثة" انسانية في حال استمر الحصار الذي فرضته اسرائيل على قطاع غزة بعد ان توقفت محطة توليد الكهرباء كليا ما ادى الى شلل في الحياة وهدد بانهيار القطاع الصحي في غزة.

وادى توقف معظم مضخات المياه التي تشتغل بالكهرباء الى حرمان مئات الالاف من سكان غزة من المياه اضافة الى "الاثار البيئية السلبية" لتوقف مضخات الصرف الصحي بحسب مسؤول في بلدية غزة.

واغلقت معظم المخابز في القطاع ابوابها بعد ان توقفت محطة توليد الكهرباء عن العمل في المساء ونفذ الدقيق من غالبيتها.

واصطف مئات المواطنين امام بوابة مخبز "العائلات" في حي الرمال الراقي بغزة الذي بقى يعمل في محاولة للحصول على الخبز. وتقول العجوز ام عبد القادر جبر انها اضطرت للبقاء امام المخبز لاكثر من ساعتين للحصول على حزمة خبز "لاطعام اولادي وابنائهم الاطفال".

ويرقد 22 مريضا في حالة حرجة في قسم العناية المركزة في مستشفى الشفاء "غالبيتهم من الجرحى" في الغارات الاسرائيلية الاخيرة وهم "مهددون بالموت" اذا توقفت المولدات الكهربائية بحسب خالد راضي المتحدث باسم وزارة الصحة المقالة.

واعتبر راضي ان الوضع "كارثي" محذرا من ان استمرار وقف امدادات الوقود سيؤدي الى وفاة مئات المرضى والجرحى في المستشفيات في غزة. وقال ان مستشفى الشفاء وهو اكبر مشافي القطاع لديه "مخزون من الوقود يكفي ليوم واحد اذا عمل بشكل طبيعي لكن تم اقتصار العمل بالطوارئ". واضاف ان "باقي مشافي القطاع لديها مخزون وقود يكفيها لساعات فقط" وتابع "هذا قرار بالاعدام اتخذته اسرائيل ضد مئات المرضى".

وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) من تفاقم الازمة الانسانية في القطاع اذا استمر الحصار والاغلاق. وقال عدنان ابو حسنة المستشار الاعلامي للاونروا لوكالة فرانس برس، لم تصلنا اية مواد انسانية وغذائية وتموينية منذ الخميس الماضي واذا استمر الوضع هكذا فالازمة الانسانية الموجودة منذ سبعة شهور ستتفاقم وتشتد اكثر.

واشار الى ان مخزون الدقيق لدى الاونروا يكفي فقط ل 14 يوما "متوفر لدينا 11770 طن من الدقيق يتم توزيعها الان لكننا بحاجة ل7890 طن لاتمام التوزيع على العائلات المسجلة حيث نوزع ل860 الف شخص يشكلون اكثر من 80% من لاجئين القطاع".

وتحتاج الاونروا لمائتين واربعة وعشرين طنا من حليب الاطفال، كي نتمكن من توزيع الكمية حيث لا يوجد في مخازن الانروا سوى 595 طن حليب (..) اما مخزون الوقود فيكفي 8 ايام للمولدات في المراكز التموينية والعيادات الصحية وعددها 19 عيادة.

واقتصرت حركة مرور السيارات على ذوي الحاجة بسبب نفاد المحروقات. وقال الطبيب معاوية حسنين مدير عام الاسعاف والطوارئ في وزارة الصحة لوكالة فرانس برس "لدينا مخزون لحوالي اسبوع من الوقود لسيارات الاسعاف ثم سنضر لوقفها وهذا امر في غاية الخطورة ويهدد حياة المرضى والجرحى".

وحذرت حركة حماس من "كارثة انسانية" في غزة اذا استمر احكام الحصار عليه. وقال اسماعيل رضوان القيادي في حماس لوكالة فرانس برس ان الوضع الانساني كارثي ونوشك على الوصول لكارثة حقيقية في غزة.

من جهته قال خليل الحية القيادي البارز في حماس وعضو المجلس التشريعي في كلمة خلال تظاهرة نظمتها الحركة قرب معبر رفح للتنديد بالاغلاق الاسرائيلي، نطالب الجامعة العربية بان يكسروا (العرب) الحصار نريد قرارا عربيا يطلب من مصر ويلزمها ويعينها ان تفتح هذا المعبر ويدخل منه كل ما يريده الشعب الفلسطيني.

 اولمرت يبرر فرض الحصار

من جهته اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ان اسرائيل لن تزود غزة الا بالحد الادنى من الامدادات طالما ان هذا القطاع خاضع لسيطرة اسلاميي حماس مبررا بذلك الحصار المفروض منذ اربعة ايام لوقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل.

وقال اولمرت لوزير الخارجية الهولندي ماكسيم فيرهاغن الذي يزور القدس، لن نسمح بان يتعرض عشرات الاف الاسرائيليين يوميا لاطلاق صواريخ بينما تتابع الحياة في قطاع غزة مجراها الطبيعي، كما افاد مسؤول اسرائيلي كبير.

وقال "نستهدف عناصر منظمات ارهابية" مشيرا الى المجموعات المسلحة الفلسطينية التي تطلق صواريخ على جنوب اسرائيل.

واضاف اولمرت ان شعب غزة يجب ان يفهم انه طالما ان حماس في السلطة فلن نزوده الا بالحد الادنى من الامدادات. وتابع، ان اسرائيل لن تسمح بوقوع ازمة انسانية في غزة (...) لكننا سنعمل على الا يعيش الشعب في راحة.

مجلس الامن الدولي يعقد اجتماعا طارئا

وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا للبحث في الازمة الانسانية الناجمة عن الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة لوقف عمليات اطلاق الصواريخ على اراضيها.

وقال دبلوماسيون ان اجتماع المجلس عقد بطلب من مندوبي الدول العربية في الامم المتحدة والبلدان ال57 الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي.

واتخذ المجلس قراره بعقد هذا الاجتماع في جلسة مشاورات مغلقة وسط تصاعد قلق دولي مما وصفه الاتحاد الاوروبي بانه "عقوبات جماعية" تفرض على 1,5 مليون فلسطيني في قطاع غزة.

ودفع رد فعل الاسرة الدولية والتحذيرات من ازمة انسانية اسرائيل الى التخفيف من اجراءات الحصار التي تفرضها على غزة.

وسمح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك باستئناف تزويد هذه المنطقة الفقيرة بالوقود لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة فيها التي توقفت عن العمل وبادوية للمستشفيات.

وقال مراقب فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور للصحافيين انه يأمل ان يتبنى مندوبو الدول ال15 الاعضاء في مجلس الامن قرارا او اعلانا يطلب من اسرائيل رفع، حصارها الفظ الذي تفرضه على السكان المدنيين الفلسطينيين في غزة.

ورأى السفير الاميركي لدى الامم المتحدة زلماي خليل زاد ان اسرائيل تملك حق الدفاع عن النفس لكن عليها ان "تأخذ في الاعتبار آثار هذا القصف على المدنيين".

وقال خليل زاد، نعتقد ان اطلاق الصواريخ على اسرائيل غير مقبول واسرائيل تملك حق الدفاع عن نفسها. واضاف، لكن على اسرائيل ان تاخذ في الاعتبار تأثير ذلك على اوضاع المدنيين.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعا مشعل في اتصال هاتفي الى العمل على وقف اطلاق الصواريخ من قطاع غزة على جنوب اسرائيل.

صعوبات جديدة في دفن الموتى بغزّة

حتى الموت أصبح أكثر تعقيدا في غزة هذه الايام. فمع نفاد مخزون الاسمنت بسبب الحصار الاسرائيلي يلجأ بعض اللحادين في غزة الى انتزاع قطع رخام من درجات سلم أو خلع أجزاء من أرصفة الشوارع لتدعيم المدافن وابعاد الحيوانات عنها.

وأغلقت اسرائيل حدود غزة الى حد بعيد أمام كل الواردات باستثناء المساعدات الانسانية منذ يونيو حزيران بعد أن سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على القطاع الساحلي. وشددت الحصار يوم الجمعة في اجراء قالت انه يهدف لوقف الصواريخ التي يطلقها ناشطون على بلداتها.

وقال متحدث ان وزير الدفاع ايهود باراك وافق على السماح بدخول الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء والامدادات الطبية الى غزة بدءا من يوم الثلاثاء. بحسب رويترز.

ولم يسمح لأي كميات تذكر من الاسمنت بدخول غزة منذ يونيو حزيران. ويوازي ثمن كيس وزنه 50 كيلوجراما من الاسمنت ما كان يساويه طن كامل قبل الحصار.

وقال الفلسطيني سالم أبو غدايين (19 عاما) الذي يعمل في دفن الموتى، نشتري الطوب ودرجات السلالم الرخامية لتجهيز القبور. لا تستطيع أن تترك القبر مفتوحا. الناس يريدون دفن موتاهم بطريقة لائقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 23 كانون الثاني/2008 - 14/محرم/1429