نقص الخدمات وفوضى الرعاية الصحية معاناة متجددة تواجه العراقيين

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: كما هو العهد، ألقت الحكومة العراقية باللوم على جيران العراق، ونقص البنزين، والتخريب، في انقطاع التيار الكهربائي، كأسباب جعلت الناس يرتجفون وسط الظلام  في الكثير من انحاء البلاد التي تتعرض لشتاء قارس لم تشهد برودته منذ عقود.

وفي العاصمة- حيث يواجه السكان انقطاع الكهرباء ونقص المياه في أيام الصيف- ترددت أنباء عن أن بعض الاحياء لم يكن بها مياه وتصلها الكهرباء بصورة متقطعة لنحو ساعة او ساعتين يوميا فقط.

وقالت ام فرح (47 عاما) التي تعيش في القادسية في جنوب بغداد، نحن نعيش بدون دقيقة واحدة من الكهرباء من اربعة الى خمسة ايام. قبل ذلك كنا معتادين على وجودها ساعة كل يوم. لدينا مدفأة كهربائية صغيرة نتجمع كلنا حولها.

وتصل درجة الحرارة في بغداد بانتظام الى ما تحت الصفر منذ بدء الشتاء وفي الاسبوع الماضي شهدت المدينة اول سقوط للثلوج تعيه الذاكرة. بحسب رويترز.

وقال السكان في بعض المناطق ان المياه لم تصل اليهم لعدة ايام والخزانات الموجودة اعلى المنازل تتناقص بها المياه.

وقالت ام عقيل (47 عاما) في حي الاعظمية بشمال شرق بغداد، هذه ازمة. لم تصلنا كهرباء على مدى يومين. اما فيما يتعلق بالمياه فهي مقطوعة منذ امس حتى الان.

وقالت وزارة الكهرباء ان الشبكة القومية فقدت نحو 600 ميجاوات من الطاقة خلال الايام القليلة الماضية لاسباب تعد خارجة الى حد بعيد عن سيطرتها.

وقالت الوزارة ان تركيا توقفت عن تزويد محافظات دهوك واجزاء من اربيل بالكهرباء لاسباب فنية وان بعض الدول المجاورة توقفت عن توفير البنزين لمحطات الطاقة في محافظة البصرة.

وقال عزيز سلطان المتحدث باسم وزارة الكهرباء لرويترز، ان الكويتيين وافقوا على تزويد العراق بست وثلاثين شاحنة من البنزين. وقال ان خطوط الطاقة بين مدينة بيجي التي توجد بها مصافي النفط في شمال العراق وبغداد تم تخريبها.

وقال مكتب الحكومة في بيان انه سيتم دراسة سبل جديدة لحماية خطوط الطاقة من الهجوم. وشكا السكان في مدن الموصل وكركوك في الشمال من انهم يحصلون على الكهرباء أقل من ساعة يوميا. وقالت وزارة الكهرباء ان حقل عجيل في كركوك توقف عن ضخ النفط مما اثر على محطات الطاقة في الشمال.

وقال عزيز ان الوزارة تعمل على اعادة تأهيل محطات الطاقة القائمة واصلاح خطوط الطاقة المقطوعة واستيراد المزيد من الكهرباء من الدول المجاورة.

الرعاية الصحية في العراق في حالة فوضى

من جهة اخرى أفاد تقرير أن قطاع الرعاية الصحية في العراق في حالة فوضى نظرا لفرار الاطباء والعاملين بالتمريض الى الخارج وارتفاع معدل وفيات الاطفال.

وقال التقرير الذي أعدته منظمة ميداكت Medact إن نحو 75 بالمئة من الاطباء والصيادلة والعاملين بالتمريض العراقيين تركوا وظائفهم منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على البلاد عام 2003. وهاجر أكثر من نصف الفارين. بحسب رويترز.

وأضاف التقرير الذي يحمل عنوان (اعادة التأهيل تحت النيران) " Rehabilitation under Fire"،القطاع الصحي في حالة فوضى ليس فقط بسبب الوضع الامني السائد ولكن أيضا بسبب الافتقار لاطار عمل مؤسسي ونقص كبير في العاملين وانقطاع الكهرباء ونقص امدادات المياه النقية والانتهاكات المتكررة للحياد الطبي.

وليس في العراق حاليا سوى تسعة الاف طبيب أي بمعدل ستة أطباء لكل عشرة الاف شخص بالمقارنة مع 23 طبيبا لكل عشرة الاف في بريطانيا.

وقالت ميداكت، الفشل المتكرر في ادراك الوضع الخاص للخدمات الصحية والعاملين في أوقات الصراع اوجد مناخا سادت فيه انتهاكات معاهدة جنيف.

وأضافت المنظمة ان ذلك اثار انتقادات خاصة بوزارة الدفاع الامريكية التي أدارت شؤون العراق بعد الغزو مباشرة. فقد انتهجت الوزارة برنامجها الخاص بها المتعلق باعادة بناء القطاع الصحي متجاهلة الممارسات الدولية.

ومن بين أكثر من 18 مليار دولار خصصت لاعادة اعمار العراق تم توجيه اربعة في المئة منها فقط للرعاية الصحية.

وفي حين ارتفع نصيب الفرد من الانفاق على الرعاية الصحية من 23 دولارا في 2003 الى 58 دولارا في 2004 قالت ميداكت ان البيروقراطية والافتقار للكفاءة أدى الى ان جزءا من ميزانية الرعاية الصحية لم ينفق بعد. وقال التقرير، منحت العقود الكبيرة لاعادة اعمار القطاع الصحي بتسرع شديد وبقليل من المشاورات.

وتابع التقرير، النتائج السريعة وتحقيق انجازات ملموسة مثل المباني وان كانت جذابة سياسيا الا انها امتصت موارد مهمة دون كفاءة ولم تنجح في ارساء أسس بعيدة المدى.

ونتيجة لرغبة الولايات المتحدة في تنفيذ برنامج الخصخصة اتخذ قرار كذلك باعادة كتابة نشرة الادوية التي توردها وزارة الصحة العراقية. وقالت ميداكت ان هذه كانت عملية مكلفة وتفتقر للكفاءة لم توفر شيئا للمرضى.

وتابع التقرير أن معدل وفيات الاطفال دون سن الخامسة يقترب الان من مستواه في دول جنوب الصحراء في افريقيا على الرغم من ان العراق دولة غنية نسبيا وتتمتع بموارد ومستوى مرتفع من التعليم. وقال التقرير ان ثمانية ملايين عراقي يحتاجون الى مساعدات طبية عاجلة.

وتابعت المنظمة أن العراقيين -سواء الزعماء السياسيين او الخبراء في مجال الصحة والمجتمع- يجب ان يكون لهم صوت أكبر في تطوير القطاع الصحي.

وطالبت المنظمة كذلك بتجدد الاهتمام بالصحة العقلية وهو مجال طبي كان يحظى دائما باهتمام محدود في العراق.

وقالت، هناك مشكلات كبيرة تتعلق بالصحة العقلية... فكثيرون لا يجدون رعاية تذكر في مجال الصحة العقلية ويوصم بالعار المصابون ببعض الاختلالات العقلية.

الصحة العالمية: 151 ألف عراقي قتلوا منذ 2003

وقالت منظمة الصحة العالمية إن حوالي 151 ألف مدني عراقي لقوا حتفهم في الثلاث سنوات التي مضت منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لبلادهم.

وقالت الدراسة الجديدة إن تقديرات الوفيات من جراء العنف تراوحت من 104 آلاف إلى 223 ألفا بين مارس اذار 2003 ويونيو حزيران 2006 . وهذه هى اكثر الدراسات شمولا منذ بدء الحرب.

وتعتمد الدراسة على مسح لوزارة الصحة العراقية شارك فيه نحو عشرة آلاف عائلة أو خمسة أمثال عدد الذين جرى استجوابهم في دارسة مثيرة للخلاف لجامعة جون هوبكنز عام 2006 قالت إن أكثر من 600 ألف عراقي قتلوا خلال تلك الفترة. بحسب رويترز.

وقال محمد علي خبير الاحصاء في منظمة الصحة العالمية الذي شارك في اعداد الدراسة للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف، هناك الكثير من جوانب عدم اليقين في اعداد مثل هذه التقديرات.

وقال ان انعدام الأمن جعل من الصعب الوصول الى بعض اجزاء محافظتي بغداد والانبار على الذين قاموا بهذه الدراسة المسحية التي تضمنت اسئلة عن موضوعات اخرى منها الحمل والمرض.

وهربت عائلات عراقية كثيرة ايضا من ديارها بسبب العنف وغادر بعضها البلاد الامر الذي جعل من الصعب اعداد تقييم دقيق للعنف في العراق. وقال علي انه نتيجة لذلك فان هامش الخطأ في عدد القتلى كبير نسبيا.

غير ان علي قال ان العدد الكبير من العائلات الذي شمله المسح يعطي للنتائج ثقلا أكبر من محاولات سابقة لتقدير عدد العراقيين الذين قتلوا في معارك بين قوات عسكرية ومسلحين ومقاتلين في اعمال عنف طائفية.

واجتذب تقرير جامعة جون هوبكنز الذي نشر في الدورية الطبية البريطانية لانسيت والذي استند إلى مسح عراقي أصغر نطاقا انتقادا من البيت الابيض واماكن اخرى لانه يبالغ فيما يبدو في عدد الوفيات العراقية.

ووصف وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي احدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية بانه "سليم جدا" وقال ان الدراسة تشير الى محصلة هائلة للقتلى منذ بداية الصراع.واضاف قوله في المؤتمر عبر الهاتف، اني أعتقد في صحة هذه الارقام.

وقال البيت الابيض انه لم يطلع على الدراسة لكنه عبر عن الحزن لوفيات المدنيين العراقيين. وقال توني فراتو المتحدث باسم البيت الابيض، الحقيقة التي لا خطأ فيها هي ان الغالبية الكبيرة من هذه الوفيات نجمت عن نوايا قتل متعمدة من جانب متطرفين كرسوا انفسهم لقتل ابرياء.

وأضاف، كما انه لا مجال للشك في ان عددا أكبر من المدنيين العراقيين سيتعرضون للقتل والقمع اذا تم التخلي عنهم من جانب امريكا والشركاء في التحالف."

وقالت وزارة الدفاع الامريكية انه تم اتخاذ اجراءات احترازية هائلة لتجنب سقوط قتلى أو جرحى في صفوف المدنيين. وأكثر من نصف الوفيات نتيجة العنف التي اوردها تقرير منظمة الصحة العالمية حدث في بغداد.

وفي العام الأول للغزو كان 128 عراقيا في المتوسط يموتون كل يوم من جراء العنف. وفي العام التالي كان 115 في المتوسط يقتلون كل يوم وبلغ العدد 126 في العام الثالث بعد بدء الحرب.

وقالت دراسة منظمة الصحة ان اعداد تقديرات للوفيات بين المدنيين في العراق لاقت عقبات في غياب نظام فعال لتسجيل الوفيات.

كما قتل نحو 3915 جنديا امريكيا و174 جنديا بريطانيا منذ بدء الحرب. ويعتقد ان عددا يتراوح بين 4900 و6375 جنديا عراقيا لقوا حتفهم وان كان لم يصدر احصاء رسمي يعتمد عليه منذ تشكيل قوات الامن في اواخر عام 2003 . وتراجعت اعداد القتلى في الاشهر الاخيرة مع تراجع عدد الهجمات في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17 كانون الثاني/2008 - 8/محرم/1429