الخوف لدى السياسي العراقي

ياسر جعفر

 أهم خصوصية لدى السياسي العراقي اسلامياً كان ام غير اسلامي هي تعدد الانتمائات لديه بين انتماء للوطن ولعراقيته من جهة وانتماءه لمذهبه اوقوميته من جهة اخرى ولكن الاختلاف المذهبي والقومي لا يشكل مشكلة هنا بحد ذاته قبل ان يتحول الى عامل قلق وشعور بالخوف المستمر من جانب السياسي المختلف مذهبياً اوقومياً عن السياسي الاخر.

هذا النوع من الخوف يولد هدفاً جديداً قد يتباعد من الهدف الرئيسي للسياسي ليصبح بعده هناك هدفان لديه، هدف وطني وهدف قومي اوطائفي. حركة من اجل العراق ككل وحركة من اجل ابناء مذهبه وقومه. مصلحة عراقية ومصلحة قومية ومذهبية.

هناك خوف مستمر من الاخر وعدم الاطمئنان له وصعوبة الايمان بصدق منطلقات حركته. قد يتحول الاخر فعلاً بين عشية وضحاها الى وطني يغلب وطنيته على طائفته اوقوميته ولكن الخوف سوف يفسر حتى هذا التحول بالمؤامرة. ويبقى بذلك التمسك بالانتماء القومي اوالمذهبي اهون الشرين فهناك تحول مجهول لدى الاخرونظرية خوف متأصلة لدي وبذلك فهناك احتمال اختباء خفايا وراء الشعارات الوطنية التي بداء يطلقها الاخر والاخر نفسه يشعر بانه باخلاصه في الانتماء الوطني سوف يضحي ببعض مصالحه الخاصة من اجل المصلحة الوطنية التي سوف تعود فائدتها على الجميع "هووالاخر" وبذلك سوف يكون مغبوناً لانه ضحى بمصلحة له من اجل مصلحة تعود على الاخروالاخر هذا مازال يحتفظ بمكاسبه القومية والمذهبية الخاصة.

الحل المثالي ( الذي من الممكن ان يكون واقعياً) لازالة حالة الخوف والترقب هذه هوالاجماع على تغليب المصلحة الوطنية العلياء على المصالح الضيقة الاخرى من قبل كافة السياسيين وتفعيل ذلك وادراك  ان ما يعود جراء العمل من اجل هدف واحد فقط "اي العراق" هواكثر نفعاً واكثر قابلية وامكانية للدوام والاستمرار من المصالح التي سوف يجنيها العمل على الاساس المذهبي والقومي الذي دوماً ما يكون ضيقاً في الافق. ثم ان المصالح المحدودة هذه سرعان ما تتحول نفسها الى مصدر قلق وخوف مستمر خشية فقدانها.

 لابد من اعادة تعريف المسؤولية السياسية في افق اوسع  من افق التفكير المذهبي والقومي المحدود. طريقة التفكير السائدة اليوم هي ان السياسي يشعر بانه مسؤول امام ابناء قومه وطائفته التي رشحته ولابد له ان يحصل انطلاقاً من مسؤوليته على اكبر قدر ممكن من المصالح لصالح قومه اوطائفته حتى لوكان ذلك على حساب مصلحة العراق ككل. حالة من الترقب والحذر والخشية المستمرة والشعار المرفوع دائماً هو"لأتغدى به قبل ان يتعشى بي".بينما الاولى بالسياسي العراقي ان يكون ممثلاً للعراق بكل مكوناته وان يتعامل مع الجميع بشكل متساوي وعلى اساس المواطنة والعراقية التي سوف يشترك فيها الجميع وتحتضن الجميع بغض النظر عن انتمائاتهم الاخرى.

 لابد من ان يشعر الجميع بالامان ووالتاكد من حفظ حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعدم الافراط بها وان يستبدل الخوف من الاخر الى الخوف على العراق ومصلحة العراق بوجه التحديات التي يمر بها وما خطط له ويخطط.

ولكن بتوازي مع تلك الجهود لابد من ازالة ثقافة الخوف من الاخر وازمة الثقة على المستوى البعيد عند الاجيال اللاحقة  من خلال تعريف جديد لمعنى المواطنه والانتماء للوطن وللهوية العراقية  ومايساعد على ازالة هذه الهواجس هوالبعد الزمني وعدم معاصرة الاجيال للحقبه المظلمة. فشعور الخوف هذا لم يكن وليد الساعة ولا الاحتلال ولا المحاصصة الطائفية بل ان المحاصصة الطائفية كانت نتيجة واقعية له وهناك للقلق هذا جذور تاريخية تعود الى الحقبة السابقة، وقد لانكون مبالغين ان قلنا لوكانت كافة مكونات الشعب العراقي باختلاف خصوصياتها قد أخذت قسطاً متساوياً من الاضطهاد والظلم والقمع والعنف لما كان السياسي العراقي والشارع العراقي عانى من هذه الأزمة كما يعاني منها اليوم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 15 كانون الثاني/2008 - 6/محرم/1429