أين الديمقراطية... !!

منشد مطلق المنشداوي

 في ظل  الظروف الصعبة التي يعيشها العراق والمتمثلة بجرائم الإرهاب - البعثي والتكفيري - التي ترتكب بحق أبنائه يومياً وتطال الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، وبالرغم من التحسن الأمني فاجأنا الرئيس جلال الطلباني - خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزبين الكرديين مع الحزب الإسلامي – بإلغاء اتفاقية الجزائر الموقعة بين بغداد وطهران عام 1975 الخاص بتقسيم ممر أرواند المائى، مضيفا أن الاتفاق يعتبر لاغيا أيضا بالنسبة لجماعات المعارضة لحكومة العراق السابقة التي تحكم البلاد حاليا.  يشار إلى أن ممر أرواند المائى يقع على مسافة  أربعمائة كيلو متر شرق بغداد وتشكل من التقاء خلال نهرى  دجلة والفرات ويبلغ طوله 190 كيلو مترا بينما  يبلغ عرضه في بعض المناطق كيلو مترين.

فهل مثل هذا التصريح وفي ظل الظروف الراهنة التي يعيشها العراق ينصب لخدمة الشعب العراقي كما يدّعي الرئيس الطلباني، أم أن هذا التصريح هو لعبة مصالح.. أو الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب حتى لو كانت هذه المكاسب على حساب الشعب العراقي،  لذلك سنحاول هنا أن نتطرق إلى تناقضات في تصريح الرئيس الطلباني وكذلك تناقضت الاتفاقية أو التفاهم الموقع بين الحزبين الكرديين والحزب الإسلامي ؟؟.

1- تصريحات الرئيس جلال طلباني :-

سمعنا وفي أكثر من مناسبة حديث الرئيس جلال الطلباني عن العملية الديمقراطية في العراق وكذلك حديثه عن الدستور.. فهل جاءت تصريحات الرئيس الطلباني منسجمة مع الدستور العراقي وهل هذا من ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية ألم يكن من المفروض أن يرجع الرئيس إلى مجلس الوزراء أو مجلس النواب في مثل هذه الأمور الحساسة... أم تحولت حكوماتنا إلى دكتاتورية بهيئة الأحزاب أو الكتل السياسية لتمارس ما يحلوا لها على الساحة العراقية.. أم تحول الرئيس طلباني إلى صدام أخر وذلك عندما مزق وعلى شاشة التلفزيون اتفاقية الجزائر والتي نقدها الطلباني نفسه وقال في حينها بأنه لم يرجع إلى الشعب العراقي... فهل رجع الطلباني إلى الشعب العراقي أم هي زوبعة الفنجان الغرض منها الحصول على المكاسب السياسية ونخص بالذكر قضية كركوك أو تطبيق المادة ( 140 ) المتعلقة بهذه المحافظة وقضايا أخرى.. وجاءت هذه التصريحات في الوقت الذي يدعي الحزبين الكرديين بوحدة العراق.. ولكن ما يجري على الساحة عكس ذلك فيعرف جميع العراقيين بأن العراقي الذي يرغب بالذهاب إلى إقليم كردستان عليه أن يحصل على إقامة حتى يتمكن من البقاء في الإقليم ناهيك عن الاتفاقيات التي عقدت بين الإقليم وبين بعض الشركات النفطية دون الرجوع إلى الحكومة المركزية.. فحتى البشمركة على الحكومة المركزية أن تدفع لهم الرواتب ولا يتبعون وزارة الدفاع.. فعن أي وحدة وطنية يتحدث الطلباني وعن أي وحدة تراب يتحدث فحتى هذه اللحظة لم يرفع علم العراق في إقليم كردستان !!؟؟.. فهل هذه هي الوحدة الوطنية في نظر الرئيس جلال طلباني أم أنها ديمقراطية كردستانية !!. ولماذا لم يتطرق الرئيس طلباني إلى الاتفاقيات الأخرى المبرمة إبان حكم المقبور لاسيما بين الكويت مثلاً بعد حرب الخليج والمنطقة المحايدة بين العراق والسعودية وأيضاً بين العراق والأردن، أم أن هذه الأراضي لا تعني الرئيس الطلباني !!.

       وأيضاً من التناقضات الأخرى التي وردت في تصريح الرئيس طلباني ما يتعلق بخصوص إيران قوله " نحن نريد علاقات جيدة وممتازة مع جارتنا الجمهورية الإسلامية في إيران " علماً بأن العراق ما زال يحتفظ بتنظيم ما يسمى " مجاهدي خلق " فهل هذا هو حسن الجوار وأيضاً ما زال العراق يحتفظ بقواعد للأحزاب الكردية المعارضة للحكومة التركية فهل هذا حسن الجوار في نظر الرئيس الطلباني..!!.

       وختاماً نقول هل من حق الرئيس الطلباني من تفعيل وإلغاء الاتفاقيات الدولية ؟؟.

2- الاتفاق بين الحزبين الكرديين والحزب الإسلامي :-

وقع زعماء الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني والديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني والإسلامي العراقي طارق الهاشمي مذكر تفاهم في محافظة السليمانية وجاء في بعض بنود الاتفاقية الآتي :-

1- يشكل الحزبان الكرديان ( الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ) والحزب الإسلامي العراقي أطرافاً أساسية مهمة في المعادلة العراقية ولهذا تقع على عاتقهم مسؤولية كبرى في إيصال العراق إلى شاطئ الأمان من خلال التحرك السياسي الفعال لاحتواء الأزمات والوقوف بوجه الأخطار التي تهدد الجميع والتوفيق بين القوى السياسية العراقية المختلفة لبلوغ الهدف في القضاء على الإرهاب والاحتراب الطائفي والعرقي وهو التحدي الأكبر الذي يعوق المساعي الهادفة لتحقيق الاستقرار وبناء دولة عراقية ديمقراطية وتعددية فدرالية موحدة.

2- إن مذكرة التفاهم هذه تشكل خطوة متقدمة لبناء رؤية مشتركة تمهد لعقد اجتماعي يخدم العملية السياسية والمصالحة الوطنية وإنقاذ العراق من المأزق الخطير الذي يعيشه في مختلف المجالات السياسية والأمنية والخدمية وغيرها وتتطلع الأطراف إلى تطوير ذلك إلى عمل سياسي اشمل.

3- العمل من اجل عراق ديمقراطي تعددي فدرالي موحد.

4- دعم جهود مصالحة وطنية حقيقية والمساهمة الفعالة فيه.

5- العمل من اجل الاستقلال الناجز للعراق سياسياً واستكمال جاهزية القوات المسلحة وبقية الأجهزة الأمنية لانسحاب القوات الأجنبية وفق جدول متوازن.

6- دعم استقلالية ومهنية القوات المسلحة الوطنية ومنع تسييسها أو انحرافها خارج إطار المصالحة الوطنية المشتركة لعموم العراقيين، وتحقيق أقصى درجات التوازن فيها.

7- تبادل وجهات النظر والتنسيق المشترك إزاء جميع المستجدات من خلال آلية معتمدة من قبل الطرفين.

8- رفض التدخل الإقليمي والخارجي في شؤون العراق.

9- أن الاستقرار في العراق الاتحادي يتطلب رفض سياسات الاستئثار والتهميش من جهة

واللجوء إلى الآليات الديمقراطية وصناديق الاقتراع في بناء مؤسسات الدولة بشكل متوازن واعتماد مبدأ التوافق.

10- الإرهاب مرفوض بكل صوره وأشكاله والإرهاب في العراق آفة نرفضها ونعمل معاً لدحرها.

11- الالتزام بحقوق الشعب الكردي وفق ما ورد في دستور العراق الدائم.

12- الالتزام بالخطوات الدستورية في حل مشكلة المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور.

13- التعاون معاً من اجل خلق مجتمع مدني عصري يحافظ على التقاليد والأعراف، وذلك بتفعيل منظمات المجتمع المدني وترسيخ دولة المؤسسات وبناء دولة القانون، على خلفية ان احترام المجتمع الدولي لنا يستند على مدى التزامنا بهذه المبادئ.

14- العمل على إعادة الحقوق المغتصبة لجميع أبناء الشعب العراقي سواء تلك التي اغتصبت قبل تغيير النظام أو بعده، وفق ما ورد في دستور العراق الدائم.

15- التعاون المشترك على رد الظلم والتعسف والقهر من أي مصدر آتي، وبذل أقصى مساعدة ممكنة لتخفيف معاناة المهجرين وتوفير ملاذات آمنة لهم.

16- العمل على تسريع إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء في جميع السجون العراقية والأجنبية.

17- تكوين لجان فرعية في مناطق التماس والمناطق المختلف عليها للوصول إلى حل للإشكالات في تلك المناطق سعياً وراء علاقات صحية ومتكافئة ( الملحق المرفق والمتعلق بمحافظة نينوى يعتبر جزئا من مذكرة التفاهم هذه ).

18- العمل المشترك لمشاركة الأطراف والجهات المعارضة للوضع الحالي في العملية السياسية.

19- مشروعية العمل من اجل تعديل الدستور وفق الآليات الواردة فيه وبما يحقق المصالح الوطنية المشتركة لجميع العراقيين ومكونات العراق.

20- السعي المشترك من اجل وضع المواطن المناسب في المكان المناسب، ومحاربة كل أشكال الفساد الإداري والمالي.

21- دعم استقلال القضاء ونزاهته.

       ولو ناقشنا هذه البنود لوجدنا التناقضات واضحة وجلية في هذه الوثيقة التي هي تحالف للمحبطين. ألم يكن الحزب الإسلامي موجود في السلطة وهو أحد أركان الحكومة حيث كان وزير التعليم العالي من الحزب الإسلامي وقدم هذا الحزب الاستقالة من الحكومة - ضمن جبهة التوافق – فما الذي قدمه هذا الحزب للشعب العراقي وهو الذي كان يطرح نفسه بأنه يمثل السنة في العراق ولكنهم سرعان ما انفضوا للصحوات وبهذا أراد الحزب الإسلامي أن يستمد القوة من الحزبين الكرديين.. فيا ترى الانتخابات التي حصلت في العراق ماذا يسميها السيد الهاشمي !! والتي شارك فيها العراقيين بشجاعة في الوقت الذي توعد فيه الإرهاب أبناء العراق الذي يشاركون في هذه العملية السياسية الموت !!.. فإلى متى هذا الاستهتار بهذا الشعب. ولماذا لم تقف بوجه الأزمات ضمن تحالفاتها السابق أو الحالية أم أنها جزء من هذه الأزمات بل هي من مسبباتها حيث كان هذا الحزب ضمن كتلة سياسية البعض من أعضاء مشاركين في الإرهاب والسيارات المفخخة والتي تعصف بالعراقيين بين الفينة والأخرى لم نسمع منهم خروجهم من هذه الكتل لكونها تساند الإرهاب بل على العكس كانت مساندة لها، كما تضمنت الفقرة الأولى عبارة " بناء دولة عراقية ديمقراطية وتعددية فدرالية موحدة ". فلماذا رفضوا الفدرالية في الجنوب والوسط !!.. فإذا لم تستحي فأفعل ما.. ؟!!. فماذا تقصدون بالمصالحة الوطنية أن تعيدوا حزب العودة ( حالياً ) وحزب البعث ( سابقاً ) أي أن تعيدوا الدكتاتورية بحلتها الجديدة وأنتم تعرفون جيداً بأن كتلكم تتضمن الكثير من الأسماء البعثية فحدث ولا حرج تلك التي كانت وما زالت تتباكى على الطاغية المقبور. بدءاً من رئيس جبهتكم الذي ضرب الأماكن المقدسة إبان توليه الحكومة المؤقتة والذي ذكرنا بمواقف الطاغية والجميع يعرف بأنه ما زال يحمل هذه الأفكار البعثية حتى في تصريحاته... فعن أي استقرار و ديمقراطية تتحدثون !!.

       كما تضمن هذا الاتفاق رفض التدخل الإقليمي والخارجي في شؤون العراق.. وهنا سنذكر السيد الهاشمي بتصريحات عدنان الدليمي في المؤتمر الذي نظمته تركيا تحت مسمى (نصرة أهل العراق).. أليس كلامه في هذا المؤتمر دعوة للتحريض على الطائفية والقتل ودفع البلاد إلى الهاوية وتفكيكا للدولة والحكومة الوطنية.. وكان أخرها السيارات المفخخة التي عثر عليها بالقرب من منزل الدليمي ومشاركة ابنه مكي في التصفيات التي تطال العراقيين مع أفراد حماية الدليمي والوثيقة التي عثر عليها في منزل السيد الدليمي للموافقة على إعادة بناء مرقد العسكريين في سامراء فما هي المصالحة في نظركم فهل تخافون الله أم لا تعرفون الله. ولماذا اختفى في حينها صوت السيد طارق الهاشمي للتنديد بهذه الدعوة أم أن لعبة المصالح لا تسمح بذلك حتى و كانت على حساب دماء العراقيين.. والسؤال المطروح للسيد الهاشمي أين تقبع ومن أين جاءت الجماعات  البعثية المقبورة والفكر الوهابي المتطرف المتمثل بالقاعدة وهي تنشر لغة الموت والدمار وبدون تمييز وأنتم كما تدّعون تمثلون شريحة واسعة في المجتمع العراقي ؟. 

       وهناك تناقض أخر فهم مرة يقولون عبارة وفق الدستور ومرة يطالبون بتغير بعض فقرات الدستور لتنسجم مع توجهاتهم، كما في اجتثاث البعث أو العفو العام.. فهل يوافق السيد الهاشمي على إطلاق سراح المجرمين والقتلة من البعثيين والتكفيريين من أزلام القاعدة التي استباحوا الحرمات وانتهكوا الأعراض.. وكيف يطالب بجعل القضاء نزيهاً وحراً فهل نزاهة القضاء وحريته بإطلاق سراح كل الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين من وجهة نظر السيد الهاشمي بما فيهم أزلام النظام المقبور، والجميع يعرف أن الأحكام لم تطبق بحقهم حتى الآن فأين دعم القانون ونزاهته يا سيد الهاشمي، وما رأي الحزب الإسلامي بقضيتي كركوك وعقود النفط في إقليم كردستان ؟؟. والجواب هو طبعاً معروف وبالرجوع إلى تصريحات - في قناة العربية بتاريخ ( 26 – 12 ) -  عبد الكريم السامرائي عضو المكتب السياسي في الحزب الإسلامي ستجدون الحزب مع كردستانية كركوك وأيضاً مع توقيع عقود النفط في الإقليم بعيداً عن الحكومة. أي أن ما تم هو صفقة بين الحزب الإسلامي والحزبين الكرديين، فمقابل حصول الأكراد على تأييد جبهة التوافق، التي يعد الحزب الإسلامي أبرز مكوناتها، لضم كركوك إلى إقليم كردستان، بعد تطبيق المادة 140 من الدستور، هناك تعهدات كردية بتنفيذ مطالب جبهة التوافق وإعادة وزرائها إلى مناصبهم.

       كما أعتبر السيد عبد الكريم السامرائي أن هذه الحكومة هي حكومة ناقصة.. على الرغم من أنهم كانوا جزء من الحكومة فإلى متى يستمر هذا العهر السياسي الذي تمارسه الكتل السياسية والتكتلات فمرة نسمع أن هذه الحكومة وحسب زعمهم غير وطنية ومن جهة أخرى رفعوا عريضة إلى بوش.. - مو كافي نفاق ودجل -.. ضاربة بعرض الحائط مصالح هذا الشعب الذي يستحق منا كل احترام وتقدير. لأنهم لم يفكروا بالاستقرار المنشود لينطلق العراق بعد ذلك في مسيرة الديمقراطية والبناء في بلدنا الجريح...

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 13 كانون الثاني/2008 - 4/محرم/1429