الحصاد الثقافي الشهري- كانون الاول 2007

الجزء (1- 4)

ندوات

شمل معارض فنية وعروض سينمائية وليال مسرحية: مهرجان نقاط لقاء 5 يحذر من قيام حرب أهلية لبنانية 

شبكة النبأ: أن تتعاون أكثر من 20 مؤسسة ثقافية مدنية وحكومية لتنظيم مهرجان تحت عنوان نقاط لقاء 5 في تسع بلدان عربية أوربية يحتوي علي مائه عرض مسرحي، 50 معرض فني، و48 ليلة عرض سينمائي فهو بالتأكيد حدث استثنائي يستحق التوقف عنده وتأمل العروض التي يقدمها خصوصا إذا كان المهرجان يرفع شعار الفن الحديث ويسعي إلي إيجاد أرضية في العالم العربي للفنانين العرب المعاصرين من خلال إقامة عروض لهم في أكثر من بلد عربي لتوسيع دائرة الجمهور المهتم بهذا النوع من الفنون حيث تمتد هذه العروض علي مدار ثلاث أشهر من نوفمبر حتي يناير القادم.

أبرز العروض التي أقيمت خلال المهرجان هو العرض المسرحي اللبناني الذي أقيم علي مسرح روابط بعنوان كم تمنت نانسي لو أن كل ما حدث كان كذبة نيسان للمسرحي والموسيقي اللبناني ربيع مروة وفي هذا العرض قدم ربيع اربع شخصيات تجلس متلاصقة علي أريكة واحدة وخلفها شاشة سينمائية مقسمة لأربعة أجزاء تعرض لمجموعة من صور الشهداء الذين سقطوا خلال الحروب اللبنانية المتعددة، ثم تبدأ كل شخصية في حكي حكايتها منذ بداية الحرب الأهلية في السبعينات والمرات المتعددة التي قتلت واستشهدت خلالها حتي اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في عام 2005.

ظهر الممثلين أثناء العرض الذي قدموه جالسين بأسمائهم الحقيقة، وعبروا عن تنوع انتماءاتهم السياسية ليقدموا صورة بانوراميه لفسيفساء المجتمع اللبناني. ربيع مروة مخرج العرض وكاتبه مع فادي توفيق يقول أن الدافع الأساسي الذي جعله يقدم هذا العرض هو خوفه من قيام حرب أهليه جديدة نتيجة للأحداث السياسية الأخيرة التي مر بها لبنان حيث سعي من خلال عرضه إلي إيقاظ أشباح الماضي لتذكير الجميع ببشاعة الحرب وعبثيتها.

عرض ربيع لم يكن جريئا فقط في طرحه السياسي الذي حمل سخرية مبطنة من كل التيارات السياسية اللبنانية تقريبا، بل أيضا صاحبته الجرأة علي المستوي الفني والشكل الذي اختاره لتقديم مسرحيته منقلبا علي المفاهيم والقيم التقليدية للمسرح المتعارف عليها: وقد تسببت جرأة الطرح السياسي في العرض في اعتراض الرقابة اللبنانية التي كادت أن توقف العرض لولا تدخل وزير الثقافة اللبناني. قدم ربيع أيضا خلال المهرجان عرضا آخر هو كيف بدي وقف تدخين؟ الذي عرض علي مسرح الجزويت في الإسكندرية.

أما العروض الفنية فأبرزها كان التجهيز الفني والفيلم الذي قدمه وائل شوقي بجاليري تاون هاوس تحت عنوان تيليماتش سوبر ماركت تيليماتش السادات وصور فيه وائل مسجد قبة الصخرة كلعبة من الألعاب الترفيهية (عجلة دوار) التي تتواجد في مدن الملاهي في محاولة لدفع الجمهور إلي تأمل نقاط التماس بين ما هو سياسي وما هو ديني.

اختارات فري لايسن المنسق الفني للمهرجان كل العروض المشاركة في المهرجان بمساعدة مها مأمون التي أكدت أنه لا يوجد فكرة محددة يمكن جمع كل العروض تحتها حيث اختار برنامج المهرجان لهذا العام أن يجمع فنانين من مدارس مختلفة ومتناقضة أحيانا، لكن لدي كل واحد منهم وجهه نظر مستقلة يحملونها للعالم والناس ويريدون مشاركتها مع الجمهور، لذلك فأن الأعمال المشاركة في دورة المهرجان لهذا العام تحاول أن تعكس الطبيعة المركبة والغنية التي يتمتع بها الفن المعاصر في العالم العربي.

مؤتمر بإيلات ينتقد تراجع دور الصحافة الإسرائيلية

 شارك نحو 800 صحفي وإعلامي إسرائيلي طيلة ثلاثة أيام في "مؤتمر إيلات الأول للصحافة" الذي شكل مناسبة لتقييم أداء وسائل الإعلام الإسرائيلية وتم خلاله الإجماع على تراجع الإعلام الإسرائيلي في أداء رسالتها بجدية ومسؤولية.

وفي إحدى المحاضرات شن الوزير السابق يوسي سريد حملة شرسة على الصحافة الإسرائيلية واتهمها بمحاباة أهل السياسة والوقوف لجانبهم بدلا من الاضطلاع بدورها في المساءلة والنقد بشجاعة.

وأوضح سريد الذي يشتغل صحفيا في "هآرتس" أن مكانة الصحافة في إسرائيل في تدهور مستمر، لأنها لم تعد تلعب دورها ككلب لحراسة الديمقراطية ومصالح المواطن وقال إنها لم تعد "تعض" بل توقفت عن "النباح".

وحذر سريد في المؤتمر  من قرب الصحافة الإسرائيلية من السياسيين بدلا من التمركز في الضفة الأخرى من النهر بغية مراقبة الحياة السياسية ومحاسبة المشتغلين فيها.

وقدم سريد أمثلة عديدة على تآكل دور المؤسسة الإعلامية الإسرائيلية ولفت لآخرها المتمثلة بانقيادها وراء الأوساط السياسية والعسكرية عشية وخلال الحرب الثانية على لبنان، مشيرا إلى أنها دعت لشن حملة عسكرية بما يناقض المعايير الأخلاقية الإنسانية ودون نقد خطوات الحكومة والجيش وإدارتهما للحرب.

كثبان رملية

وشكك سريد بوجود رأي عام بإسرائيل وقال إن المجتمع الإسرائيلي يغير آراءه بتسرع ويشبه "الكثبان الرملية" في غياب النقاشات العميقة واتسام المواقف السائدة بـ"الشعبوية" وسعي الإعلاميين للشهرة بدلا من الالتزام بالحقيقة والدفاع عن القناعات.

وبدوره عرض الخبير الإعلامي جابي فايمن خلاصة دراسة لسلوك الإعلام في ثماني جولات انتخابية برلمانية، مفادها أن الصحافة في إسرائيل تتدهور وأن مكانة الصحافيين تتدنى بدورها ما أدى إلى ولادة "بروليتاريا" صحفية مع وجود طبقة ضيقة من الصحافيين النجوم أصحاب الرواتب السمينة.

في السياق أظهر استطلاع أنجزه الأكاديمي يوني كوهن خطورة مهنة الصحافة بنظر الإسرائيليين الذين يشدد 70% منهم على أهميتها مقابل تدني نسبة ثقتهم بالعمل الصحفي.

وفي جوانب أخرى من أداء الإعلام الإسرائيلي انتقد الأكاديمي يورام بيري تغطية الصحافة الإسرائيلية للعدوان على لبنان خاصة في الأيام الثلاثة الأخيرة منه حينما حضت بعض وسائل الإعلام على الاجتياح البري بدلا من مراقبة الحكومة ومحاسبتها والتحذير من مغبة مغامراتها.

خيانة مهنية

ونوه بيري إلى "خيانة" الصحافة الإسرائيلية لدورها بالسكوت عن الأخطاء الفادحة التي ارتكبها صناع القرار وإدارتهم للحرب خاصة بعد صدور التعليمات للقيام بعملية برية عسكرية واسعة قتل خلالها 33 جنديا.

ونوه رئيس جمعية الصحفيين في إسرائيل إليعازر دار دريزنر إلى أن مؤتمر إيلات جاء استجابة للحاجة الحقيقية في قيام "صاحبة الجلالة" بوضع ذاتها أمام المرآة ونقد أدائها نظرا لخطورة دورها في المجتمع العصري.

وقال دريزنر  إنه لا يزعم أن الصحافة الإسرائيلية خالية من الذنوب، لكنه نفى الانتقادات الحادة الموجهة لها من قبل خبراء الإعلام وأشار إلى ظاهرة الإسراع في توجيه إصبع الاتهام لها كلما كشف عن خلل في مرافق الدولة.

وتخللت المؤتمر ندوات كثيرة أخرى حول علاقات الصحافة في إسرائيل مع البيئة والشرطة ورجال السياسة، والحدود بينها وبين العلاقات العامة، والصحافة المجندة أمنيا، والعرب في إسرائيل وعلاقاتهم مع الصحافة، والسياق الاقتصادي للصحافة.

مؤتمر أصدقاء مكتبة الإسكندرية في أثينا

نظم أصدقاء مكتبة الإسكندرية من المصريين واليونانيين مؤتمرهم السنوي، الذي حظي هذه المرة بحضور رسمي عالي المستوى من الجانبين.

ومع بدء أعمال المؤتمر ألقى د. موتسوفولوس محاضرة عن الفلسفة في مصر الهلينيستية، حيث تحدث عن العلاقات العلمية والفكرية بين البلدين التي تمتد إلى عصور طويلة.

وذكر هجرة اليونانيين واستقرارهم في مصر الفرعونية واستقاءهم للعلوم المختلفة من علماء مصر التي كانت تعيش نهضة علمية متميزة.

إبداعات مشتركة

ثم ألقى تاسيوس محاضرة عن التكنولوجيا اليونانية القديمة التي انتشرت وعرفت الكثير من الاختراعات والإبداعات التي ساعدت البشرية على استبدال الجهد الآلي بالجهد البشري، خاصة في مجال مضخات ورافعات المياه -النواعير- وبناء الأبراج والآلات الموسيقية الآلية، كما تحدث عن علم الحساب الذي اختلط بخبرات المصريين القدماء.

بدورها تحدثت كسانثاكي كارامانو أستاذة اللغات بجامعة أثينا عن اللغة اليونانية في مصر الهيلينستية، موضحة تحررها من بعض الصيغ والقواعد القديمة، ما مهد إلى وصولها لمرحلتها الحالية.

وفي إشارة الى التطور التقني الكبير في مجال التقنيات في المكتبة، تحدث مانوليس ياناذوكوس أستاذ التقنيات بجامعة أثينا عن الأنظمة التكنولوجية المتقدمة والضخمة التي أتاحت الفرصة لتخزين والاطلاع على آلاف الكتب بسهولة ويسر.

وأشار إلى أن آلاف الباحثين يوميا يفيدون من المكتبة الإلكترونية، وأن حركة تخزين الكتب وتحويلها إلى ملفات إلكترونية تسير متسارعة.

علاقات مميزة

وفي ختام المؤتمر تكلمت هدى الخولي أستاذة الفلسفة اليونانية بجامعة القاهرة عضو مجلس إدارة الجمعية المنظمة، عن العلاقات المصرية اليونانية عبر العصور، مشيرة إلى تتلمذ العديد من الفلاسفة والأدباء اليونانيين على أيدي العلماء المصريين.

وذكرت الخولي أن الإسكندرية تحولت بعد تأسيسها من الإسكندر المقدوني إلى مركز العالم القديم، واستحقت لقب ملكة العالم القديم، وتطرقت إلى بناء منارة الإسكندرية التي اعتبرت إحدى عجائب العالم السبع، كما ذكرت أن الكثير من المواد القديمة مثل أوراق البردي التي وجدت في مناطق يونانية كانت نتيجة للتعامل التجاري مع مصر القديمة.

وقالت الخولي إن جمعية أصدقاء مكتبة الإسكندرية تأسست عام 1999 أي قبل بدء المكتبة عملها، وذلك بمبادرة من مواطنين يونانيين من محبي الإسكندرية، وهي تعقد اجتماعات سنوية كان آخرها في أثينا السنة الماضية.

وتهتم الجمعية بالتقارب الثقافي والحضاري بين البلدين، وذلك عن طريق إقامة مؤتمرات علمية وتقديم مساعدات مالية وعينية للمكتبة، كما تقيم معارض فنية كان آخرها معرض ميلينا ميركوري في الإسكندرية الذي أقيم في السنة الجارية.

وول سونيكا أمام مؤتمر حقوق الإنسان :

الديمقراطية تحل أزمة التشدد الديني

 نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع منظمة اليونسكو  مؤتمر الديمقراطية وحقوق الإنسان في أفريقيا وشارك فيه ممثلون عن جميع الدول الأفريقية ومنظمات ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة ومجلس حقوق الإنسان الدولي التابع للأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والمنظمة الدولية الفرانكفونية وعدد كبير من السياسيين والكتاب علي رأسهم المفكر والأديب النيجيري وول سونيكا والذي تناول في كلمته أمام المؤتمر الصراعات التي تجري في أفريقيا وغياب الحكم الرشيد في الكثير من البلدان الإفريقية ،كما دعا سونيكا إلي توحيد القارة الأفريقية، والاعتماد علي مبادئ الديمقراطية العلمانية في مواجهة التشدد الديني الذي انتشر في كثير من البلدان الإفريقية ، وأكد أن هذا الحلم ليس بعيد المنال، وأنه لا يحتاج إلي مخلوقات تأتي من العالم الخارجي لتحقيقه.

كما شارك في المؤتمر أيضا الرئيس السنغالي الأسبق عبده ضيوف والذي شدد في كلمته علي أننا في إفريقيا حتي الآن لا ندرك بشكل كاف قدرة المرأة علي المساهمة الفعالة في تحقيق الديمقراطية، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وأكد أمين عام المنظمة الفرانكفونية أهمية عقد جلسة خاصة لتتناول دور المرأة في النهضة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان مشيرا إلي الدور الذي تلعبه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وأهميتها في تبني ونشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأوضح بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن المؤتمر يأتي في إطار العمل والسعي من أجل تسلح الدول الإفريقية ودخولها في عالم المعرفة و تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقضاء علي العزلة السياسية والتهميش الاستراتيجي والفقر والتصحر و انتشار الأمراض، وشدد رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان علي أهمية دور المؤسسات الفرانكفونية والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني في ترسيخ مبدأ حقوق الإنسان الإفريقي.

وكانت منظمة اليونسكو قد اختارت هذا المؤتمر ليكون بداية احتفالاتها بمرور 60عاما علي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و 60عاما علي إسهامات اليونسكو في المجتمع الدولي.. وتضمنت هذه الاحتفالات أنشطة وندوات في إطار الدعوة من أجل الحفاظ علي التراث وتحسين التعليم وتعزيز مسيرة حقوق الإنسان والحفاظ علي البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.   

زبيدة جعفر في المركز القومي للترجمة:

جنوب إفريقيا مثال لكراهية الانتقام!

 احتفل المركز القومي للترجمة بصدور ترجمة رواية (جيلنا) للكاتبة والباحثة الجنوب إفريقية والحقوقية الناشطة زبيدة جعفر بإقامة  في المجلس الأعلي للثقافة تحدث فيها عماد أبو غازي المشرف علي اللجان الثقافية بالمجلس الأعلي للثقافة، الصحفية عايدة العزب موسي، حلمي شعراوي خبير الشئون الإفريقية، ربيع وهبة مترجم الكتاب، وزبيدة جعفر مؤلفة الكتاب، وأدار الجلسة الشاعر زين العابدين فؤاد الذي تولي مراجعة الترجمة العربية.

بدأت الندوة بكلمة لعماد أبو غازي حيث رحب بالحضور نيابة عن جابر عصفور الذي تغيب عن الندوة لسفره كما أعلن عن بدء نشاطات المركز القومي للترجمة الذي تم تأسيسه بقرار جمهوري في بداية العام الجاري.

الشاعر زين العابدين فؤاد تحدث بعده قائلا إننا نحتفل اليوم بحدثين الأول صدور كتاب جيلنا مترجم للعربية ،أما الحدث الثاني احتفالنا بظهور نواة جديدة للترجمة وبيان مدي إدراكنا الواعي للدور المهم الذي تلعبه الترجمة في عالمنا الثقافي العربي. وأضاف أنه تعرف علي الكاتبة بعد قراءة كتاب الشاعرة الأفريقية أنتي كروخ بعنوان وطن في جمجمتي والذي كشف عن دور زبيدة جعفر النضالي في جنوب أفريقيا.

بينما قالت الصحفية عايدة العزب موسي في كلمتها: لقد شاءت زبيدة هندية الأصل أن تلقي الضوء من خلال هذا العمل علي الشعوب السوداء، وما تعانيه من انتهاكات وقتل وتمييز عنصري من قبل البيض.

وأضافت:تحمل الرواية جانبين ،الأول إنساني ،حيث يجسد حال البطلة المأساوي بكل ما مرت به من صعاب وفقدانها لزوجها.أما الجانب الثاني فيتناول المشرق الذي تجسده جنوب إفريقيا .

ولفتت موسي النظر إلي القوانين التي سنها المستعمرون للتمييز بين الهنود وسكان المستعمرات الأفريقية وأبرزها قانون المناطق المعزولة الذي وجه بالأساس للحد من نفوذ الهنود التجاري، مؤكدة أن الهنود كانوا شركاء للأفارقة من السكان الأصليين في حركة النضال .

بدأ حلمي شعراوي خبير الشئون الافريقية مداخلته بالحديث عن سعادته لرؤيته لأعمال الثقافة الإفريقية داخل الترجمات الصادرة عن المركز القومي للترجمة ،ثم قال: في باديء قراءتي للعمل تصورت أنه عمل لكاتبة تسرد سيرتها ثم فوجئت بنفسي أمام عمل أدبي جدير بالتحية لكاتبة تدوٌن سيرة أمة بأكملها.

وأضاف: بصرف النظر عن الجوانب السياسية، تعكس الرواية جمال مدينة كيب تاون التي تدور الأحداث بداخلها حيث تعد من اجمل بقاع العالم.

وتناول شعراوي معني كيب تاون مشيرا إلي مشروع "كيب كايرو الذي كان من المقرر إقامته إبان الاستعمار الإنجليزي لمصر بهدف ربط مصر بجنوب أفريقيا بخط سكة حديد.

الكتاب كذلك من وجهة نظره يعكس قلقا واضحا علي مستقبل البلاد بعد نهاية التفرقة العنصرية، حيث ظل المناضلون متشككين في إمكانية الوصول إلي حل تفاوضي ينتصر لتجربة المقاومة بدلا من المساومة، وهو ما دعاه لاعتبار الموضوع الرئيسي لكتاب زبيدة هو تجربة النضال خارج سياسة العنف.

أنهي شعراوي حديثه بأنه لم يفهم إلي أين تتجه جنوب إفريقيا من خلال ذلك النص الذي يقدم صورة متوازنة من رفض العنصرية ومعاناة السود.

بعده أشار المترجم ربيع وهبة إلي أن الكتاب يطرح تساؤلات عن فرص التغيير في العالم مؤكدا أن الحاجة إلي النضال لن تنتهي إذ لا تزال بعض السياسات التمييزية قائمة كما يشير الكتاب فضلا عما يحدث في فلسطين من تمييز وفصل عنصري واضحين.

ثم تحدثت زبيدة جعفر قائلة أن كتابها ليس قصة وإنما تاريخ لجماعات اختارت أن ترويه باعتباره واقعا يعبر عن مخاطر عاشها شباب في سنوات النضج في مجتمع حافل بكافة صور التفرقة. 

الإعلام المكتوب في مواجهة الاعلام المرئي بمهرجان القاهرة

اختتمت  فعاليات مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر والذي أقيم علي مدار خمسة أيام حيث كرم المهرجان عددا من الإعلاميين والفنانين المصريين والعرب علي رأسهم حمدي الكنيسي، إحسان القلعاوي، عمار الشريعي، رشوان توفيق، محمد جلال عبد القوي، حياة الفهد، رياض نعسان، يوسف العاني، محمد وردي، وعبد الله شقرون.

شهد المهرجان سلسلة من الندوات الهامة التي ناقشت حاضر الإعلام العربي ومستقبله حيث أقيمت أولي الندوات بقاعة السرايا في فندق انتركونتيننتال تحت عنوان "الإعلام العربي إلي أين" وتحدث خلالها ياسر عبد العزيز المستشار والخبير الإعلامي بbbc والذي وصف اللحظة الراهنة بأنها زمن الإعلام المطبوع لا المرئي وضرب مثالا علي ذلك بالإقبال الشديد علي إصدار صحف جديدة بسبب تحقيقها ربحا عاليا لم يحدث من قبل فالأهرام مثلا تطبع 650 ألف نسخة يوميا وإحدي الصحف الخاصة الحديث تطبع 120 ألف نسخة يوميا وحققت في أغسطس الماضي أرباحا تجاوزت 570 ألف جنيه وباعت حقوقها الإعلامية بمبلغ 50 مليون جنيه وفي المقابل هناك 300 قناة فضائية فقط ناطقة بالعربية وبعضها غير عربي بل قنوات فرنسية أو ألمانية ناطقة بالعربية.

وعلق أسامة الشيخ رئيس قطاع القنوات المتخصصة قائلا إن القضية ليست تنافسية بل علي العكس يمكن أن يكمل الإعلام المطبع الإعلام المرئي. كما أكد الشيخ أن الإعلام المرئي متمثلا في القنوات الفضائية لديه مستقبل كبير لأنه الشكل الإعلامي الأكثر تماشيا مع طبيعة المجتمعات العربية نظرا لارتفاع نسبة الأمية.

وأقيم  لقاء مع فيل هارينجو الصحفي والمستشار الإعلامي الذي ساهم في وضع استراتيجية الBBC الإعلامية الدولية وأوضح أن خطوات التغيير في الإعلام تتزايد بسرعة كما أصبحت وسائل الإعلام متداخلة ومتصلة مع بعضها البعض فمثلا أصبح بالإمكان الآن استقبال موجات الراديو والانترنت والتلفزيون علي التليفون المحمول، كما أكد أن التلفزيون لن يقضي علي الإذاعة أو الصحافة لأن كل وسيلة إعلام لها وظيفة معينة.

و أقيمت ندوة بعنوان "المكتوب والمرئي وجها لوجه" وتحدثت خلالها نجوي قاسم المذيعة بقناة العربية التي أشارت إلي أن هناك تقسيما للأدوار بين التلفزيون والصحافة المكتوبة، فالتلفزيون يقدم الخبر السريع بينما الصحافة تعطي التفاصيل وتحلل الخبر، في حين أكد الصحفي والمحلل السياسي عادل درويش أن الصحافة ما تزال قادرة علي سبق التلفزيون في تقديم الأخبار وضرب مثالا علي ذلك بقضية التعذيب في سجون أبوغريب التي كشفتها الصحافة قبل التلفزيون.

شهدت ندوات المهرجان ندوة أخري عن الإعلام الجديد متمثلا فيما يقدمه الإنترنت من مدونات وموقع إخبارية ومستقبل هذا الإعلام في ظل دخول عدد من الإعلاميين المحترفين إلي هذا المجال، كما أقيمت  ندوة أخري بعنوان "الرياضة بين الحق الحصري وحق المشاهد" وندوة أخري عن أهداف وضوابط برامج الأحداث الجارية كبرنامج البيت بيتك، القاهرة اليوم، والعاشرة مساء.

اصلاح المناهج الدراسية شعار لندوة فكرية على قاعة المركز الثقافي بالناصرية

عقدت مؤسسة الصديقة الطاهرة عليها السلام للتبليغ الاسلامي في ذي قار وبالتعاون مع جامعة ذي قار ندوة فكرية نوقشت فيها المناهج الدراسية وكيفية اصلاحها وتنقيحها بما يتلائم وموروثنا الاسلامي الاصيل .

وقدم فيها ثلاثة باحثين من ابناء المحافظة بحوثا تناولت المنهج الدراسي العراقي والتحدي العلمي والتقني العالمي وكان  موضوع بحث للاستاذ الدكتور علي اسماعيل رئيس جامعة ذي قار حيث تضمن محاور عديدة كان اولها هرمية المنهج التعليمي العراقي ثم موائمة المنهج في الثانوية لمناهج الكليات و قدرة المناهج الجامعية في توليد ارضية تواكب التقدم العالمي واخيرا المعالجات .وركز البحث على الثالوث التعليمي - المعلم ، الطالب ، المنهج

واشار لهدر الوقت على مواد علمية لافائدة فيها للطالب  ومضيعة للوقت حيث ضرب امثلة كثيرة مستمدة من تجربته لاكثر من عقدين بالتدريس الجامعي ومنها كتب الطب ماخوذة من المنهج الاجنبي تتحدث عن امراض مستشرية في بلادهم مثل الايدز بينما لاتتحدث عن امراض مستشرية في بلادنا كالاكياس المائية .وعرج على مساوىء المنهج في ظل النظام البائد حيث يلزم الاستاذ بتدريس منهج مركزي لانه مؤدلج . واسف على انحدار مستوى التعليم بالعراق الى مستويات خطيرة وصلت حد ان الاردن لاتسمح بتعيين حملة شهادة بغداد وسحب بريطانيا الاعتراف يشهادة الطب العراقية وغيرها . وقارن بين الدعم الحكومي للتعليم والبلاد الاخرى حيث تصرف الهند 20% من ميزانية الدولة على التعليم بينما العراق اقل من 1% والولايات التحدة الامريكية 10 اضعاف العراق وحمل الدولة مسؤولية التخطيط ومعرفة اولويات عملها تجاه التعليم .

ثم  قدم مقرر الندوة الشاعر والاعلامي حازم عجيل الباحث الاسلامي الشيخ كاظم الفرطوسي وموضوع بحثه المرجعية العقائدية وتاثيرها على المناهج الدراسية وللايجاز عرضه بثلاث محاور رئيسية  المرجعية العقائدية واثر ها على المناهج ومقترحاته حول موضوع البحث واعتبر المرجعية لها ثلاثة اوجه المعنى والهدف والمذهبية وعرف المنهج بانه لفظة محدثة لمعنى خطة مرسومة للوصول للاهداف وحتى نحققها يقول الشيخ كاظم ربما نختلف بطرق الوصول لغايات المنهج وهذه نقطة ايجابية ان يكون هناك اجتهاد ثم حدد العناصر المتحركة  وتاثيرها على المنهج وهي المدرسة والمجتمع والبيت باعتبار ان الاستاذ يؤثر على الطالب والمجتمع يستطيع ان يحدد المنهج والبيت يحاصر المنهج ويحدده اما العنصر الثابت والاساس سماه المرجعية العقائدية وضرب مثلا بالاشتراكية وتاثيره بالمنهج الدراسي

 و اكد على ايجاد تجانس بين العناصر المتحركة والعنصر الثابت . واخر البحوث المقدمة بالندوة للكاتب صباح محسن كاظم الموسوم  رؤى لتطوير المنهج واكد على حاجته للتغيير الشامل وخاصة بمراحله الاساسية الابتدائي والثانوي والجامعي .

وماتبقى من عمر الندوة ترك لمداخلات الحاضرين التي اجاب على اكثرها رئيس الجامعة منها  الصلة الوثيقة بين التربية والتعليم وضرورة وضع المناهج بما يخدم الطالب ويرفع من مستواه العلمي واعطى مثلا بسوء التمويل بدا من تخصيصات الفندقة للطلبة وانتهاءا بطباعة بالمناهج وعدم استخدام التكنولوجيا في مجال التعليم ويعتقد بان التعليم   بحاجة الى ثورة تغيير شاملة والا ينهار كليا والدليل ان بعض الدول اعادة النظر بشهادة التخرج العراقية  بل غير معترف بها لذلك يقترح اسناد المعلم ودعم المناهج وتحديثها  ومواكبة التقدم .  

ومنحت مؤسسة الصديقة الطاهرة الاساتذة الباحثين شهادات تقديرية تثمينا لجهودهم في مجال البحث والدراسة .

ندوتان بالدار البيضاء والرباط تناقشان :

مستقبل النقد السيميائي وأفق الرحلة المغربية

شهدت المغرب حدثين ثقافيين مهمين.. حيث نظم مختبر السرديات وماستر الدراسات ومجموعة النقد الجديد بالدار البيضاء الحلقة الثانية من ندوة النقد المغاربي حول 'النقد السيميائي'، فيما أقامت كلية الآداب بالرباط ندوة عن آفاق 'البحث الرحلي بالمغرب' بالمشاركة مع الجمعية المغربية للبحث في الرحلة.

في حلقة النقد السيميائي تحدث عبداللطيف محفوظ عن السيمياء بوصفه علما عاما يهتم بمفاهيم الأنساق والتواصل، وانتقل للحديث عن الشعرية المعاصرة وآفاقها وسبل تطورها والجهود المتميزة لبعض النقاد العرب منهم محمد الخبو من أجل تجديد الدرس النقدي العربي.

أما الورقة الثالثة والأخيرة 'قراءة نقدية في كتاب مداخل إلي الخطاب الإحالي في الرواية لمحمد الخبو' فقد قدمها الباحث سعيد سهمي. قال إن الفصل الأول يحاول تقصي منظور الناقدة يمني العيد للمرجع في كتابها 'فن الرواية العربية بين خصوصية الحكاية وتمييز الخطاب' حيث تؤكد ضرورة ربط النص بمرجعه معتمدة علي المزج بين المنهج البنيوي والنظرية الماركسية.

وأضاف: بينما يؤكد الخبو في الفصل الثاني علي أن وجود المدينة في الرواية العربية إنما هو تشويه للمدينة الواقعية، وقد خلص سعيد إلي أن محمد الخبو باحث متمرس.

وفي الجلسة الأولي من ندوة 'آفاق البحث الرحلي بالمغرب' تحدث عبدالرحيم مودن عن إسهام مؤسسة البحث الجغرافي في التعرف علي الذات والآخر والحوار بين الشعوب والثقافات المتعددة بعيدا عن الأحادية أو القطبية الإبداعية والأيديولوجية.

بينما تتبع محمد الحاتمي رحلة العبدري وتوقف عند كل محطة له وطالب الباحثين بمزيد من العناية بمجال الرحلة.

وقدم أحمد السعيدي بحثا عن تحقيقات مجموعة من الباحثين لرحلة 'ناصر الدين علي القوم الكافرين' موضحا خطط المحققين مع إبراز إيجابيات وسلبيات كل تحقيق.

وفي الجلسة الثانية تناول بوشعيب الساوري أعمال عبدالرحيم مؤدن مؤكدا أن كتابه 'الرحلة المغربية في القرن التاسع عشر' دراسة أكاديمية ترصد أهم الخصوصيات الفنية والأدبية لمتن الرحلة المغربية.

أما المهدي السعدي فتحدث عن طرق ومناهج دراسة أدب الرحلة في الجامعات المغربية من خلال نموذج مختار هو الأطروحة التي تقدم بها محمد الحاتي لنيل درجة الدكتوراة بعنوان 'رحلات السوسيين بين الإمتاع والإفادة'.

وركز إدريس الخضراوي علي تنوع الدراسات الرحلية التي احتمي أصحابها بمناهج ومرجعيات مختلفة الهدف منها مساءلة النص الرحلي.

أما الباحثة أسماء المكناسي فحاولت تقصي أسباب ظاهرة الرحلة عند الكتٌاب الفرنسيين الرومانسيين قائلة إن الرحلة كانت تشبه منافذ الإبداع بالنسبة إليهم.

وفي الجلسة الثالثة تحدث محمد مرزوق عن أهمية رحلة الشهاب الحجري الذي يحكي تجربته كموريسكي وبالتالي يعتبر كلامه وثيقة تاريخية تسجل الحدث. كما أنه عاصر جل القضايا الكبري واتصل بالرهبان والأحبار بفرنسا وهولندا وجادلهم في عدد من القضايا التي تهم العالم الإسلامي.

أما عبدالعزيز بلبكري فعرٌف بالرحالة أحمد بن الحسن السبعي الإدريسي المنتسب إلي قرية تالسينت شرق المغرب، وقال إن رحلته جاءت في سياق المقاومة المغربية المسلحة الشعبية، حيث كان يحث السكان علي مواجهة الغزاة المتربصين بالتراب المغربي. 

أطول ندوة من نوعها حول أربع ثلاثيات متصلة:

خرائط الفقيه في سفينة نيلية

في أحد أفخم المطاعم النيلية أقيمت اطول ندوة من نوعها احتفاء برواية 'خرائط الروح' للكاتب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه حيث بدأت في التاسعة صباحا وانتهت في العاشرة مساء وشارك فيها عدد كبير من النقاد والادباء المصريين والعرب.

أدار الجلسة الاولي عبدالعال الحمامصي وقدم صبري حافظ الذي تحدث حول تجربته مع الرواية، قال انها وصلته في صورة الكترونية رقمية، وانه نشر جزءيها الاول والثاني في مجلته الالكترونية 'الكلمة' وكانت من الروايات القليلة التي نشرها وأحدثت رد فعل موسعا حيث وصله عدد من الرسائل التي تطالب بنشر بقيتها.

وقال انها رواية تغني عن قراءة عشرات الكتب في تاريخ ليبيا وعلم اجتماعها وانها عنده من أهم الروايات العربية وأن مبدعها قادر علي اقتناص القاريء في شباكها رغم ان بها قدرا من التعقيد السردي.

وعاد الحمامصي للحديث مؤكدا ان هذا التكريم للفقيه ليس تكريما لشخصه بل هو تكريم لكل أهل الثقافة والفكر.

وقال الشاعر الغاني الدكتور أتوكي اوكاي ان السؤال الاهم بالنسبة إليه هو: إلي ماذا تقودنا 'خرائط الروح'؟ مشيرا إلي انه مهما تحدثنا عن الفقيه فإننا لن نوفيه حقه  هو أحد رواد الأدب العربي ومنذ نعومة أظفارة وهو مهموم بتوثيق تاريخ شعبه ووطنه في أعماله الإبداعية. وختم قائلا: 'لقد استطاع من خلال روايته الملحمية أن يسترد الوعي بالهوية العربية'.

كما قدم الناقد الليبي محمد وريث شرحا لرحلة عثمان الحبشي بطل الرواية مشيرا إلي أن كثيرا من العرب لا يعرفون تاريخ 20 عاما من الجهاد الليبي ضد الاستعمار الإيطالي.

بينما أشار د. صلاح الدين بوجاه رئيس اتحاد كتاب تونس إلي إن 'خرائط الروح' لا تكتسب أهميتها وقيمتها من كونها أطول رواية في تاريخ الأدب العربي فقط وإنما لما تحتويه من ابداع فني وأدبي تتجاور فيه الأجناس الأدبية، ففيها يتجاور الشعر مع النثر مع القص وتتقارب خرائط التاريخ مع السياسة مع المجتمع.

الكاتبة والناقدة اقبال بركة كانت أول من تحدث في الجلسة الثانية، اذ اشارت أن إصدار أطول رواية في التاريخ العربي هو حدث فذ علينا الاحتفاء به عشرات المرات وأضافت أن الروائي يستحق ترشيحه لنوبل عن هذه الرواية.

وقال الناقد سيد البحراوي 'أتفق مع كل ما قيل في مدح وتمجيد الرواية غير انني أختلف فقط مع بعض النواحي الشكلية فيها ' أهم النواحي التي اختلف معها البحراوي كان وصف الرواية بالملحمية .

أما الناقد مدحت الجيار فقد بدأ مداخلته قائلا : 'نحن اليوم نحتفي هنا بالرواية التي استطاعت أن تعيش بعد نجيب محفوظ، ثم انتقل إلي الدعابة مباشرة: اثناء قراءتي الرواية كنت أيضا أتدرب علي حمل المجلد الذي يضمها كما أتدرب علي حمل الاثقال، أعمال الفقيه هي جبل من الكتابات التي تحتاج معها إلي 'أورطه نقاد' أو 'ميليشيا نقدية'.

أضاف الجيار: يمكنني أن اطلق علي 'خرائط الروح' شخصية ليبيا علي غرار 'شخصية مصر' لجمال حمدان.

الناقدة والكاتبة زينب العسال تحدثت عن دور المرأة الليبية في الرواية، وعن شخصية حورية بشكل خاص والتي كان لها الفضل في جلب فرقة رمسيس المسرحية المصرية إلي ليبيا، كما قارنت بين بعض مشاهد الرواية ورواية 'القاهرة الجديدة' لنجيب محفوظ، لتضيف بعدها إقبال بركة أنها وهي تقرأ الرواية كانت تستحضر سرفانتس وديكنز وتقول:

الرواية ملحمية ليس بمعني انها ملحمة كالالياذة أو الاوديسة ولكنها ملحمة حديثة كعوليس لجيمس جويس.

أستاذ الفلسفة عصام عبدالله تحدث عن فنية العمل في كلمة حملت عنوان 'جينالوجيا خرائط الروح' اما الناقد البريطاني رايموند ستوك فقد تحدث عن بطل الرواية عثمان الحبشي وتنقله بين الريف والمدينة وعمله مع الجيش الايطالي وكونه لايمثل الخير او الشر المجردين.

الجلسة الثالثة وأدارها المستشار محمد مجدي مرجان وتحدث فيها الناقد حامد أبو أحمد واصفا الرواية ب 'العالمية':

'أنا اقول هذا من واقع خبرتي بالادب العالمي وبآداب أمريكا اللاتينية بشكل خاص. ويقدم الفقيه من وجهة نظر أبو أحمد رواية تيار وعي من المتوقع أن تثير أصداء عالمية كثيرة.

أما الناقد صلاح السروي فقد بدأ حديثه بالقول 'نحن بإزاء عمل هائل ضخم بهذا الشكل وأعتبر الرواية عملا للأسئلة الكبري' وأضاف 'رحلة أحمد الفقيه في الرواية كانت رحلة لاختبار حقيقة الانسان عبر تحول ظروفه التاريخية والاجتماعية والسياسية'. 

إبراهيم نصر الله يقدم شهادتين ويناقش الحكاية الفلسطينية

قدم الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله مؤخرا شهادة شعرية وأخرى روائية في احتفالية استمرت ثلاثة أيام وأقيمت بمدينة حلب السورية بتنظيم من مديرية الثقافة ونادي شباب العروبة للآداب والفنون، حيث جرى نقاش تجربة نصر الله الشعرية والروائية وذلك بمناسبة صدور روايته الجديدة "زمن الخيول البيضاء".

ولدى عودته إلى العاصمة الأردنية عمّان قال نصر الله  إنه قدم في اليوم الأول شهادة حول تجربته الشعرية تحدث فيها عن نشأته والمصادر الثقافية والإنسانية التي أثرت في حياته الأدبية.

وكرّس اليوم الثاني كما قال نصر الله للحداثة السردية في رواياته حيث قدم الدكتور مرشد أحمد من جامعة حلب دراسة بهذا العنوان وهي جزء من كتاب عن تجربة نصر الله الروائية يصدر في العام المقبل تحدث فيها عن الإضافات السردية التي قدمتها روايات نصر الله للرواية العربية.

 وقال الناقد إن تلك الروايات تمنح النقد آفاقا غير محدودة لاشتقاق أطروحات نقدية جديدة وهي بذلك روايات تُغْني العملية النقدية كما تغني مسيرة الرواية العربية حسب قوله.

 وفي اليوم الثالث قدم نصر الله شهادة ثانية بعنوان "شيء عن الملهاة الفلسطينية: الذاكرة الواقعية.. الذاكرة الجمالية" بمناسبة صدور عمله الأخير "زمن الخيول البيضاء".

وأفاد نصر الله في شهادته السردية بأن ثمة سعيا في هذه الروايات الست إلى محاولة التحرر مما أسماها "سطوة الفهم العام للحكاية الفلسطينية" الذي يعيدها إلى مفردات جاهزة. وقال "إن أصعب ما في كتابة الحكاية الفلسطينية هو أن عليك أن تكون ضد الذاكرة الجاهزة والصورة القارّة في ذهن الناس عنها".

وأضاف الروائي "لا أبتعد كثيرا إذا ما قلت إنك تكون مضطرا ككاتب لأن تكون ضد الشهادة التي تتكئ عليها، لا من المنظور التاريخي بل من المنظور الفني بمعنى أنك تكتب لتكون أحيانا ضد الذاكرة الجاهزة كي توجد ذاكرة فنية أي أن تحرر الشاهد من شهادته وأنت تلقي بكل زوائدها، وتحرر نفسك ككاتب لأنك لست في النهاية مدون أحداث وسِيَر، ويكون في استطاعتك أن تفاجئ القارئ الذي يعرف فلسطين جيدا بأنه لم يكن يعرفها تماما".

 تعدد الكتابة

وعلى صعيد شهادته الشعرية برر نصر الله تعدد أدواته التعبيرية بين الشعر والسرد بقوله إنه "اكتشف مبكرا أن مقتل الكاتب يكمن في عدم تنوعه داخل تجربته، وأن تقليد الكاتب لنفسه لا يقل خطراً عن تقليده لسواه". "

نصر الله: كتبت وما زلت أكتب حتى الآن مؤمنا بأن كل شيء يصلح لأن يتحوَّل إلى شعر لأن كل شيء في اعتقادي هنا داخل هذه القارة السابعة التي أسميها الإنسان قبل أن يكون خارجه

"

 وأوضح "لقد كتبت وما زلت أكتب حتى الآن مؤمنا بأن كل شيء يصلح لأن يتحوَّل إلى شعر لأن كل شيء في اعتقادي هنا داخل هذه القارة السابعة التي أسميها الإنسان قبل أن يكون خارجه" حسب قوله.

وقال نصر الله إن "اللغة خيط يوصل العالم بالفرد ويوصله بالعالم" وإنها "تتطور كلما توغلنا أكثر في روح العالم واكتشفنا الجديد فيه، فكلما اكتشفنا جديدا اكتشفنا اللغة التي يمكن أن نعبر عنه من خلالها".

وفي أعقاب شهادته الشعرية، قرأ الشاعر نصر الله مجموعة من قصائده تنوعت بين القديم والجديد، كما قرأ بعضا من ديوانه الأخير "حجرة الناي". وجرى في نهاية الاحتفالية تكريم للشاعر بمنحه درعا في هذه الفعالية التي تابعها عدد كبير من مثقفي حلب وجمهورها.

يذكر أن عددا من الندوات ستقام احتفالا بصدور رواية "زمن الخيول البيضاء" في مطلع هذاالعام  في عدد من المدن الفلسطينية وفي العاصمة السورية دمشق بمشاركة عدد من النقاد الفلسطينيين والعرب كما سيوقع نصر الله هذه الرواية في عدد من معارض الكتب العربية.

توصيات ندوة أساليب التعامل مع التراث

   بعد يومي عمل قدمت أثناءهما عدة أوراق خلال الندوة الإقليمية حول أساليب التعامل مع التراث وطرق المحافظة عليه وديمومته، التي نظمت بالقصباء بالتنسيق بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ الايسيسكو ـ المكتب الإقليمي ودائرة الثقافة والإعلام بالشارقة حيث تناولت أوراق العمل التي قدمها خبراء من عدة دول عربية. صدرت عن الندوة التوصيات والمقترحات التالية:

 ـ دعم وتعزيز البحوث التراثية والمراكز البحثية المتخصصة بدراسة التراث وتوثيقه والمحافظة عليه، انشاء موقع الكتروني على شبكة الانترنت العالمية تشترك فيه الدول العربية والإسلامية وتعمل على تغذيته بالمعلومات عن طريق المؤسسات ذات العلاقة، عقد دورات تدريبية لإعداد كوادر بشرية مؤهلة للتعامل مع التراث واستثماره وإدامته واستخدام التقنيات الحديثة لمعالجته والتعامل معه.

 العمل على عقد اتفاقيات إقليمية ودولية بين الدول ذات الاهتمام المشترك بهدف تبادل المعلومات والاصدارات المتخصصة في إطار الاطلاع على التجارب المتطورة حول أساليب الحفاظ على التراث، العمل على إصدار اطالس تراثية تكون مرجعاً علميا.

 ـ حث الدول والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني على تبني الجهود العاملة في ميدان التراث والمحافظة عليه واستثماره باعتباره يمثل هوية المجتمع وانتماءاته.

 ـ حث المؤسسات والجهات ذات العلاقة بموضوع التراث على وضع برنامج سنوي للأنشطة التي يجد المتخصصون في هذا المجال ضرورة عقدها خلال العام.

 ـ مطالبة وسائل الإعلام والمؤسسات الإعلامية على اختلاف أنواعها بالتأكيد على أهمية المعالم التراثية واعتبارها جزءاً من برامجها وخططها خلال العام بهدف نشر الثقافة التراثية وزيادة وعي المجتمع بأهميتها.

 ـ تشجيع الجهات المختصة في الدول الأعضاء على فتح قنوات ثقافية مع دول العالم بهدف اطلاع هذه الدول على تراثنا العربي والإسلامي وأهميته في إطار حوار الحضارات، حث الدول على تفعيل القوانين والتشريعات الوطنية التي من شأنها حماية التراث وتنميته واستثماره بالطرق الصحيحة.

 التأكيد على تضمين المناهج الدراسية لموضوعات تراثية وثقافية عربية وإسلامية في مراحل التعليم الأساسي، توفير وسائل دعم للدول التي يعاني فيها التراث من تحديات كبيرة منها فلسطين، العراق. التركيز على دراسة المخطوطات العربية والإسلامية المتضمنة لمواضيع التراث. وتشجيع المراكز والجهات التي تعمل على حفظ التراث.

كاتب ياباني يناقش فكر أحمد أمين وأبعاده الروحية

أقام المجلس الأعلى للثقافة، في مصر أخيراً، بالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية في وزارة الخارجية المصرية، ندوة للكاتب أمين ماكاتو ميزوتاني الأستاذ والباحث في معهد العلوم الإسلامية في طوكيو لتناول كتابه عن المفكر الإسلامي أحمد أمين.  

حضر الندوة عدد كبير من المهتمين بالشأن الديني في اليابان وأساتذة أقسام اللغة اليابانية بالجامعات المصرية، وقال الدكتور صلاح حسب النبي رئيس قطاع العلاقات الثقافية بوزارة الخارجية المصرية، إن العالم الياباني والكاتب أمين ماكاتو ميزوتاني اهتم بالثقافة الإسلامية وتعلم اللغة العربية منذ عام 1971.  

وقام بكتابة مؤلف عن العالم أحمد أمين باللغة الإنجليزية وطبعته وزارة الثقافة، وقامت بتوزيعه على السفراء الذين يتقنون اللغة الإنجليزية واليابانية، مما ساهم في توضيح المفاهيم الإسلامية، والمجتمعية، وتحسين صورة الإسلام أمام المجتمع الياباني.  

ومن جانبه قال الكاتب أمين ماكاتو: بكل صراحة إن القيام ببحث عن أفكار أحمد أمين لم يكن أمراً يسيراً لعدة أسباب، بداية من تنوع المواضيع، التي عالجها وناقش فيها الأدب والتاريخ والدين الإسلامي والسياسة والاجتماع، إضافة إلى ضخامة تراث أحمد أمين من الكتب والمقالات في المجلات والصحف وأن العدد الإجمالي لمقالاته يصل إلى 700 تقريباً، وعدد مقالات الناقدين والباحثين في أحمد أمين 350 بالتقريب.  

وأضاف قائلاً: «إن هذا الكتاب احتاج إلى تجهيز طال قرابة 17 عاماً، وقد قمت من قبل بترجمة كتاب (حياتي) بقلمه إلى اللغة اليابانية، وكذلك نشرت مقالات عدة عنه، وكانت من بين أمنياتي أن تستكمل هذه الجهود بإقامة ومد المزيد من جسور التواصل بين الشعبين الياباني والمصري.  

وأشار الكاتب الياباني إلى أنه اختار المفكر أحمد أمين نظراً لإيمانه وبعده الروحي وأن حياته وأعماله تقدم معلومات نفسية وأنواراً روحية للشعب الياباني، وهم يتعلمونها في الوقت نفسه وأن الثقافة العربية تمثل جاذبية جديرة بتعلمها وللمزيد من التواصل بين الثقافتين في المستقبل القريب والبصير. واستشهد ماكاتو ميزوتاني «بقول المفكر أحمد أمين بأن اليابان بلد الوثنية، ولكن شعبها استطاع أن يعيد إعمار بلاده بتقليد الغرب.  

مشيراً إلى قول أحمد أمين عن صفة الإيمان الديني في اليابان، يدل على جوهر المشكلة الاجتماعية هناك، بينما يعاني المجتمع الياباني من عدد كبير جداً من المنتحرين وعددهم يزيد قرابة 000,30 سنوياً، وكذلك يتعذب من مسألة فقدان الثقة بين المعلمين في اتجاه التعليم في المدارس، وكل هذه الظواهر الاجتماعية القريبة بسبب شك الشعب إجمالاً في سلامة مجتمعهم، ويتجهون إلى اكتشاف حل روحي وإيماني.  

وختم بالقول «إن دين الإسلام يجذب اهتمام الناس والشباب بهذه الزاوية أي قضية الاكتشاف للعقيدة الصحيحة في اليابان لذلك نشرت كتاباً آخر باللغة العربية من بيروت حتى أشرح المسألة من خلال خلفية تاريخية حول تأثر المجتمع الياباني وسميت هذا الكتاب «الأديان في اليابان بين الماضي والمستقبل»، وأرجو أن يسهم هذا الكتاب أيضاً في إلقاء الضوء على جسر مثمر للجانبين مع المزيد من الفهم والتعاون والتقارب بين الجانبين العربي والإسلامي بصفة عامة والمصري والياباني بصفة خاصة.

تساؤلات حول نهاية الأدب الروائي في القرن الحالي

قالت الباحثة الفرنسية إيزابيل هوسير إن القرن الحالي قد يشهد موت الرواية التي تعد من أهم الأجناس الأدبية، نتيجة تراجع الجانب المتخيل فيها لصالح الجانب العقلي والواقعي.

 وأوضحت هوسير في المحاضرة التي ألقتها في مهرجان عيد القراءة في دمشق، أن المتخيل احتل مكاناً مهماً في القرن الثالث عشر، حيث كانت الرواية هي الوسيلة الوحيدة لخلق الأساطير وإعادة سردها،

 مشيرة إلى أن حركة عقلنة العالم التي برزت في عصر النهضة إبان القرن السابع عشر، أدت إلى تقليص الجانب التخيلي في الرواية، فضلاً عن أن بروز الدين كوسيلة جديدة لفهم العالم أدى إلى انحسار الأساطير الشكل القديم لفهم العالم.

 وأضافت هوسير قائلة: «شهد القرن السابع عشر تغيراً كبيراً في شكل الرواية ومضمونها، حيث انحسرت الروايات البطولية الطويلة (10 ـ 13 ألف صفحة)، لتنتشر الروايات الصغيرة ذات الطابع الغرامي، وبدأت قواعد علم الجمال تحل محل الخيال، وتم تقليص الرواية وتأطيرها من خلال إضافة مقدمة ونص وحواشي لها، إضافة إلى تحديد موضوعاتها».  

وقالت هوسير إن الكنيسة بدأت في تلك الفترة بفرض رقابة صارمة على الرواية التي كانت تتهَم بأنها تذهب بعقل الفتيات، وبدأت تظهر بالمقابل روايات موجهة للأطفال، تم وضع الجانب المتخيل فيها في خدمة الأخلاق الحميدة.

 وأكدت هوسير أن القرن التاسع عشر شهد ازدهاراً كبيراً للرواية، مشيرة إلى أن روايات مثل «دون كيخوته» و«مدام بوفاري» تشكل منعطفاً مهماً في تاريخ الأدب الروائي العالمي. ولفتت إلى التغيرات التي أصابت الرواية مع بداية الثورة الصناعية في العالم الغربي،

 حيث ظهرت روايات خفيفة خاصة بمحطات القطار، وأخرى ذات طابع تجاري، فضلاً عن محاولة بعض الكتاب كإيميل زولا إدخال العلم إلى الرواية، وظهور الروايات الواقعية والوثائقية كرواية «ألويز الجديدة» لجان جاك روسو.

 واعتبرت الباحثة أن الرواية لن تستمر بالتأقلم مع الحداثة بشكلها الحالي، وقد تختفي كما اختفت الملحمة، غير أن المتخيل قد يأخذ شكلاً جديداً بعيداً عن الرواية الحالية، مشيرة إلى أن الإنسان لا يستطيع الحياة دون وجود جانب تخيلي في حياته.

 وخلصت إلى القول: «إن الثورة التقنية التي يشهدها العالم وما تفرزه من أطروحات جديدة كالعولمة وغيرها، تؤكد حاجة الإنسان الحالي للجانب التخيلي، وهذا ما يفسر الطلب المتزايد على روايات ذات طابع خيالي مثل «هاري بوتر»  

الأدباء العرب يلجأون إلي الجامعة العربية

لإقناع الحكومات بحسن معاملة الكتاب

 ساهمت الشهادات التي قدمها عدد من المبدعين البحرينيين وكذلك الدراسات النقدية التي شارك بها نقاد من خارج وداخل البحرين، في رسم مشهد الإبداع البحريني المعاصر، في الندوة التي حملت ذات العنوان، وصاحبت اجتماع المكتب الدائم للأتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.

الندوة لم تقتصر علي الشهادات والأبحاث، إنما قدمت في نهايتها ثماني توصيات هي: ضرورة الاستمرار في دراسة أدب الأقطار العربية، تخصيص كل ندوة لجنس أو نوع أدبي لإتاحة فرصة أكبر للبحث والدرس النقدي في الوطن العربي، الاهتمام بإقامة ورش العمل وحلقات الدرس المعمقة علي هامش الندوات القادمة، الإهتمام بالأدب المقارن باعتباره وسيلة لمزيد من الفهم للعلاقات بين الأدب العربي والآداب العالمية، توثيق الأوراق النقدية والشهادات والمداخلات في كتاب توثيقي يوزع علي جميع الاتحادات الأعضاء في الاتحاد، مراعاة تقسيم كل ندوة مستقبلا إلي محورين رئيسيين، يتناول الأول أدب القطر المضيف ويتناول الثاني قضية أدبية عامة تخص الأدب العربي، اعطاء مزيد من الاهتمام للعلاقات المتبادلة والمتباينة بين الأجناس الأدبية، الاهتمام بأدب المرأة والشباب وتمثيلهم في الوفود المشاركة.

وقد جاءت بعض الشهادات حاملة لهم الذات، بينما انطلقت شهادات أخري في طرح قضايا عامة وهامة مثل قضية الهوية التي ركز عليها الروائي فريد رمضان في شهادته بعنوان( سؤال الرواية والهوية بين الامتثال القسري والامتثال الحر) مؤكدا أن (طرح قضية الهوية والعديد من القضايا الاجتماعية والسوسيولوجية ذات الخطوط الحمراء مطلب مهم، يعبر عن دور المثقف في رسم مسارات المجتمع وبلورتها، بينما انطلق الشاعر حسين السماهيجي في شهادته من نقطة أساسية وهي فكرة (المثقافة الشعرية) باعتبارها بوابة تجاور بين المسارات أوتصل فيما بينها، وإذا لم يستطع الشاعر استيعاب ذلك، أن تكون خسارته جسيمة ، فهو لن يكون قادرا بحسب علي التعامل مع المثقافة الشعرية. 

 ندوة عن العربية ولهجاتها

عقد مجمع اللغة العربية اجتماعه العادي السنوي السادس بطرابلس بحضور أمينه العام الدكتور علي فهمي خشيم وأعضائه. وصاحب هذا الاجتماع السنوي  إقامة الندوة العلمية الخامسة التي تضمنت العديد من الورقات البحثية التي تتناول العلاقة بين العربية ولهجاتها , ومعجم الاصول العربية للنباتات في برقة , والعامية الليبية وقواعد الفصحي , والاتباع والمزاوجة في لهجات البدو , والفصيح المتداول في لهجات البدو الليبية .

كما تناولت محاور الندوة الألفاظ القرآنية في العامية الليبية والأصول الفصيحة في العامية الليبية ولهجات البدو بالمنطقة الغربية إلي جانب متابعة الحلقة الثانية من موضوع اللهجة الليبية في فضائها العربي الأوسط بين المغرب والمشرق والفصيح المتداول في لهجات البدو في ليبيا . 

  ملتقي لسرديات الكاتبة العربية

شهدت المكتبة الوطنية الجزائرية فعاليات الملتقي العربي لسرديات الكاتبة العربية في اطار فعاليات الجزائر عاصمة للثقافة العربية لعام 2007 بمشاركة كاتبات عربيات وفرنسيات ومن أجيال متعاقبة وبلدان مختلفة وقد حضرت الملتقي الذي افتتحه مدير المكتبة والروائي أمين الزاوي، نخبة من الكاتبات العربيات منهم فوزية مهران وعزة بدر وعفاف عبد المعطي والهام منصور ولطيفة الحاج وليلي الاطرش وسميحة خريس وزهور ونيسي وربيعة جلطي وتضمنت المشاركة العراقية حضور الكاتبتين ميسلون هادي وهدية حسين والناقد عبدالله ابراهيم والروائي عبدالرحمن مجيد الربيعي وقد تزانت هذه المشاركة مع حضور الشعراء العراقيين عبدالرزاق عبدالواحد وعبدالرزاق الربيعي ومنذر عبد الحر الي الجزائر لاحياء أماسي شعرية بمصاحبة عزف وغناء الفنانة العراقية سحر طه.  

حضارة اليمن في ندوة

عقدت  بمحافظة ابين الندوة العلمية و الأكاديمية تحت عنوان ( اليمن الكبير تاريخا- وحضارة - الأرض - الإنسان - الثورة -الوحدة ) والتي نظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل وشارك فيها عدد من الكوادر العلمية والأكاديمية وطلاب كلية التربية زنجبار و من المهتمين بالتاريخ القديم والحديث وممثلي منظمات المجتمع المدني..

وفي الجلسة الافتتاحية للندوة أكد محافظ محافظة ابين محمد صالح شملان علي الاهمية التي تمثلها هذة الندوة العلمية المتعلقة بالمكانة التاريخية لليمن في العصر القديم والحديث ودور اليمانيين في صنع الحضارة الإنسانية عموما

وقدم الدكتور محمد صالح قرعة ، سالم احمد الخنبشي ، حمود العودي وسالم محمد حسين أوراق عمل تناولت عدد من المحاور منها المحور التاريخي ومحور الحاضر ثوابته ومتغيراته ومحور اليمن في سياق المعطيات التاريخية وتحولات الحاضر وآفاق المستقبل وأكدت محاور الندوة علي الدور الهام لليمنيين في مختلف الحقب التاريخية ومشاركتهم الفاعلة في صنع الحضارة الإنسانية ودورهم في نشر الإسلام في شتي أرجاء المعمورة وانتصارهم لقيم الحضارة العربية والإسلامية وموازرتهم لقضايا وهموم الأمة والانتصار الدائم للوحدة والتي أكدت كل الوقائع التاريخية تمسك اليمانيون بوحدتهم وما حمله التاريخ اليمني القديم من أدلة وبراهين دامغة تؤكد هذه الوحدة.

هذا وقد جري نقاش من قبل المشاركين في الندوة اكد علي اهمية مثل هذه الندوات التي تسهم في تنوير شرائح المجتمع خصوصا من قبل تلك الهامات العلمية المتميزة صاحبة الكفاءات والقدرات المعروفة.

وكان رئيس قطاع الإعلام والعلاقات العامة بالمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل عبد الرحمن العلفي قد استعرض ابرز فعاليات المركز التي ستقام في العديد من محافظات الجمهورية مؤكدا ان أهداف الموسم الثقافي الأول للمركز يهدف إلي الإسهام في تأصيل واقع الثورة والوحدة والديمقراطية كإنجاز للحاضر والمستقبل وإشاعة ثقافة الحوار والبناء بين أوساط المجتمع في اطار الثوابت الوطنية . 

محاضرة عن الرسوم في كليلة ودمنة

استضاف معهد الفن والعمارة الإسلامية التابع لكلية الهندسة والعمارة في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، البروفسور برنارد أوكين من الجامعة الأميركية في القاهرة الذي ألقي محاضرة تحت عنوان الرسوم في كليلة ودمنة. ورحب مدير المعهد الدكتور عبد الله خليل بالضيف المحاضر وعرف عنه كمؤرخ متخصص في الفن والهندسة الإسلاميين، سبق له أن وضع عدة كتب عن الآثار العمرانية والهندسية في إيران، بالإضافة إلي دراساته عن الرسمات الأولي لكليلة ودمنة، كما وضع كتابا عن التحف الفنية الإسلامية الأولي.

وشاركت نائبة الرئيس لشؤون الطلاب الدكتور ليلي نعمة وعدد كبير من الطلاب والمهتمين في سماع محاضرة الدكتور أوكين التي أتت متميزة لناحية نظرته التاريخية إلي سبل تطور الفن الذي حملته رسومات كليلة ودمنة الموضوع من إبن المقفع والذي يستمد بعضا من أساطيره من الميثولوجيا الفارسية. 

نشر.. معارض... اصدارات جديدة

مخرجون.. واتجاهات من سينما العالم

ربما يعد الناقد سمير فريد من أكثر الكتاب غزارة فى إنتاج الكتب، ليس فقط لأنه من جيل الستينات وأكثر النقاد نشاطا ومتابعة للحركة السينمائية العالمية، وإنما لأنه يحرص أيضا على جمع مقالاته فى كتب وهى ظاهرة جيدة ليس فقط من باب حفظ المقالات، بل أيضا لأن هذه المقالات تكشف عن خطوط منهجية عامة، واتجاهات نقدية تفصيلية تسرى مع مرور الزمن، لتؤكد عددا من الظواهر وتمارس حيويتها النقدية بالاستمرارية والتواصل..

ولنا أن نعود الى كتابات أدبية وفكرية كثيرة لبعض الأدباء مثل طه حسين والعقاد وأحمد أمين ومحمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين وغيرهم لنكتشف أنها عبارة عن مقالات جمعت فى كتاب، فشكلت اتجاها موحدا نقديا وفكريا عبر عنه الموضوع التطبيقى ولم يعبر عنه التحليل النظرى والتنظيرى المباشر.

ثلاثة كتب

هذا الكتاب الأخير عن سلسلة الفن السابع "125" المؤسسة العامة للسينما بوزارة الثقافة السورية - جاء بعنوان "مخرجون واتجاهات فى سينما العالم" وهو إضافة إلى كتابين سابقين صدرا للمؤلف وهما: "مخرجون واتجاهات فى السينما المصرية - مخرجون واتجاهات فى السينما العربية".. وهذا الكتاب الجديد هو الثالث فى الثلاثية التى كما قلنا ضمت مقالات كتبت فى مراحل مختلفة، أى على مدار "25" عاما وأغلبها نشر ضمن صفحة السينما بجريدة "الجمهورية" المصرية.

لا توجد بالكتاب مقدمة فى الوقت الذى كان يحتاج فيه إلى مقدمة إذ لابد للمقالات المتنوعة أن تضم مدخلا يكشف عن بعض الجوانب الهامشية فيها والتى تلخص تجربة معينة لها علاقة بالنقد السينمائى والذى له طبيعة صحفية ويرتبط بالمهرجانات السينمائية العالمية التى يحرص الناقد سمير فريد على حضورها والمشاركة فيها.

إلا أن بالكتاب إهداء متميزا للمفكر فؤاد زكريا ولئن كانت هناك وجهات نظر متعددة حول المقدمة والمدخل، فإن ضرورة وجود تواريخ للمقالات المنشورة أمر مهم، وهو لم يتحقق فى هذا الكتاب.

وبالنسبة إلى القارئ يمكنه عن طريق هذه التواريخ فى حال وجودها إدراك المتغيرات التى لحقت بنوعية الكتابة ومتغيرات العصر من خلال الأشرطة التى عرضت على مدار ربع قرن ونيف.

جوانب خارجية

أول المقالات عن شريط "ظل المحارب" لمخرجه اليابانى الراحل أكيرا كورساوا وهو الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية بمهرجان كان 1980.. وكما فى أغلب المقالات لدى الكاتب سوف لا نجد موضوعا يخص هذا الفيلم بوجه التحديد، بل تكون الكتابة حول الفيلم مدخلا للحديث عن المخرج وأفلامه وبعض التفاصيل الأخرى مثل أهم الجوائز التى تحصل عليها والمشاكل التى اعترضت سبيله، ثم بعد ذلك تفاصيل الموضوع الأصلى وهذا ما حدث فى هذا الموضوع "ظل المحارب".

وسوف نجد فى القراءة النقدية بعض الجوانب الخارجية التى تمس تأثر المخرج بمؤلف أو غيره وربط شريطه بأفلام أخرى مثل فيلم "الفهد" للمخرج فيسكونتى وكذلك تداخل فى المشاهد بين أفلام محددة للمخرج "عرش الدم، وذو اللحية الحمراء".

فى قراءة أخرى فى فيلم "الندم" للمخرج الروسى تنجيز أبولادزمى والذى عرض عام 1987 وفاز بالجائزة الكبرى لمهرجان كان السينمائي، المنحى نفسه قد تكرر بنفس الطريقة تقريبا، فمن حديث حول المخرج وحياته وأعماله وظروف الإنتاج السياسية ومحاولات منع الفيلم من قبل الدوائر الرسمية الحكومية، وكذلك نقل بعض التصريحات للمخرج، إلى التعرض إلى ما ذكرته بعض الصحف والمجلات ثم التطرق إلى موضوع الفيلم نفسه.

وفى نهاية المطاف إبراز أهم الملامح الفنية من حيث الأسلوب وأهم المشاهد فيه وتعدد استخدام الأنواع الكوميديا والرمزية والسوريالية وكذلك تقديم تفسيرات لاسم الفيلم نفسه والخروج أحيانا بصفة شمولية.

فيلم أفريقي

من روسيا الى السنغال حيث تركز المقالة الثالثة على شريط معروف وهو "معسكر تيروي" لمخرجه عصمان سمبين إنتاج 1988.. وكالعادة يتحدث الناقد عن شخصية المخرج من الناحية الشخصية واللقاء معه مباشرة وكذلك نقل بعض أفكاره ووجهات النظر وذلك قبل الحديث عن الشريط نفسه، وأحيانا يشير الناقد إلى بعض الآراء التى هى غير مؤكدة ويعتمدها بشكل كلي، ومن ذلك قوله بأن عصمان سمبين يكتب باللغة المحلية "الولوف" والحقيقة أنه يكتب بالفرنسية مباشرة. كما لا يخلو المقال من مبالغات فى الوصف مثل القول: إن الفيلم تحفة فنية، وهو ما ينطبق أحيانا على تسمية بعض المخرجين بعباقرة أو غير ذلك من الأوصاف الكبيرة".

مقالات قصيرة

ولا يبقى من المقال النقدى إلا صفحة أو أكثر يتم تناول الفيلم فيها بما يحتوى عليه من أساسيات تخدم نوعية الموضوع على الأغلب، مع اهتمام خاص بالجانب السياسى الثقافى ولكن ليس على حساب الجانب الفني.

بعض الموضوعات المتوفرة فى الكتاب لم تكن دراسات، بل مقالات قصيرة وهذا ما حدث بالنسبة إلى المقالة الخاصة بثلاثية الهند 90، حيث نجدها مقالة مختصرة لا تتناسب مع أشرطة أخرجها المخرج سانتيا غينت راي، وإن كان الموضوع يكشف عن أسلوب الكاتب، حيث نجده دائم المقارنة بين إنتاج بعض المخرجين والكتاب مثل تشبيهه بعض أشرطة ساتيا راتى القصيرة ببعض ما أنتجه شادى عبد السلام أو الروائى نجيب محفوظ.

تتوالى المقالات التى تسير على نسق ثابت أحيانا ومتغير فى كثير من الأحيان، وهذا ما نجده فى الموضوع الخاص بالمخرج سيرجى بارادجانوف أو فنان الثقافات المحاصرة، حيث يتحول الوصف الخارجى لشخصية المخرج إلى محاولة للاقتراب من نوعية إبداعه.

وهنا نلحظ أن الناقد سمير فريد يسير فى خطين متوازيين فهو يعبر وفق الكتابة المطروحة عن ارتباطه بظروف الفيلم وعلاقته المباشرة بالسينمائيين ومعرفته عن قرب ببعض الشخصيات الفنية ثم من جانب آخر هو ناقد يكتب عن الفيلم من داخله وأحيانا من خارجه.

أدوات تعبيرية

هناك مقالات أخرى تسير على نفس الوتيرة ومنها مقال حول فيلم "جودو" لمخرجه زايخ ييمو وهو المخرج الذى فاز بالجائزة الذهبية فى مهرجان برلين عام 1988، ويقول الناقد حول هذا الفيلم: "رغم كمية الأحداث، لا يستغرق عرض الفيلم أكثر من ساعة ونصف، دون قدر من الخلل، فلا توجد لقطة زائدة، ولا توجد لقطة ناقصة، سواء فى سرد القصة، أو فى التعبير عن معانيها، والزمن فى "جودو" يمضى إلى الأمام بإصرار عنيد، ولا يقل ثقله عن ثقل المكان البادى فى اللقطة العامة للقرية، واللقطة العامة للمنزل.".

هناك أيضا قراءة فى شريط المصباح الأحمر لنفس المخرج ويقول الناقد حول هذا الفيلم: "كل دقيقة فى - المصباح الأحمر - لها دور ولا يمكن أن تحذف، ولا تشعر فى نفس الوقت أن هناك دقيقة واحدة ناقصة..". وهذا يعنى السيطرة الكاملة على الأدوات التعبيرية والنجاح فى صنع الفيلم كعمل فى الزمان مثل الموسيقى، وليس فى المكان مثل الفنون التشكيلية أو العمارة، وفيلمنا يبدأ بمقدمة وينتهى ببرولوج أو خاتمة ويتكون من ثلاثة فصول، يكتب عنوان كل منها على الشاشة، ولها دلالاتها البصرية والمعنوية الواضحة، فالفصل الأول هو الصيف والثانى هو الخريف والثالث هو الشتاء ولا ربيع فى الفيلم".

فيلم متميز

الفيلم الثالث لنفس المخرج "زابخ ييمو" كان بعنوان "قصة كى جو" وهو من الأفلام الواقعية الصينية التى تعبر عن موقف فكرى متكامل، ثم بعد ذلك يأتى دور فيلم آخر لنفس المخرج وهو "الطريق إلى المنزل" والذى فاز بجائزة مهرجان برلين "الدب الذهبي"..

وهنا نلحظ أن المقالات جميعها قد وضعت فى الكتاب كما هى وبالتالى نجد الكثير من المعلومات التى تتكرر حيث لا نجد موضوعا متكاملا حول المخرج الصينى زايخ ييمو ولكن مقالات متفرقة لها قيمتها الثقافية والفنية، وخصوصا فيما يتعلق بعلاقة هذه الأفلام بالمهرجانات الدولية التى يعرفها الناقد السينمائى سمير فريد جيدا، وبالتالى يلجأ إلى تحليل بعض القضايا المتعلقة باختيارات هذه المهرجانات.

ورغم أن هذه الموضوعات ليست ذات طابع نقدى إلا أن هناك بعض التأويلات التى يمكن أن تطرح باعتبار الموضوع قضية ثقافية سينمائية ومن ذلك مثلا ما ذكره المؤلف حول أسباب رفض مهرجان كان فيلم " الطريق إلى المنزل" ويبرر الناقد ذلك بقوله إن الفيلم لا ينتقد النظام الشيوعى فى الصين.

كما كان ذلك فى أفلام المخرج التى عرضت فى مهرجان كان، ولكن ذلك لا ينفى أن المقالات بهذا الطرح ليست واقعة فى إطار التكبير والتنظير، حيث نجد الانتقال المباشر من فيلم معين له ظروفه وقصته المحدودة إلى أفكار كبرى مثل النظام العالمى الجديد ونهاية الحرب الباردة وتوحيد ألمانيا وغيرها من التصورات التى لا تتناسب مبدئيا مع قصة عاطفية بسيطة مهما كانت الخلفيات التى تقف وراءها.

تكامل الأسلوب

يستمر الاهتمام بالسينما الصينية، فيتطرق المؤلف إلى أفلام صينية أخرى منها: الحياة على خيط رفيع لمخرجه شين كايجى والذى سبق ان قدم أفلاما مهمة مثل الأرض الصفراء والاستعراض الكبير وملك الأطفال ووداعا خليلتي.

ومما كتبه المؤلف حول هذا الفيلم الذى أنتج عام 1991 وعرض فى مسابقة مهرجان كان السينمائي: "يتكامل أسلوب الإخراج فى التعبير عن الدراما اللاواقعية فى الفيلم من حيث استخدام الألوان وخاصة اللونين الأزرق والأبيض فى مشاهد الموت قبل العناوين وفى مشاهد النهاية حيث ينهى القديس استهلاك الخيوط الألف ، ومع ذلك لا يرى العالم فيثور ويحطم قبر معلمه ويموت.

ومن ضمن أفلام المخرج التى يستعرضها الناقد فيلم "قمر الغواية" والذى ينتمى إلى سينما المؤلف ، وبالتالى ينال قدرا من التحليل يتناسب مع مستواه الفنى وموضوعه الحيوي، إنها دراما فترات التحول حيث يتداعى نظام قديم، ويولد آخر جديد من خلال مأساة عائلة يانج ومثل المخاض الطبيعى يولد الجديد، كما يولد الطفل فى لحظة تجمع بين روعة البعث وقذارة الجسد، حيث تدور أغلب أحداث الفيلم فى الظلام، لكن البطل التراجيدى المعاصر ليس نبيلا، وإنما محتال لا يدرك قيمة الحب إلا بعد فوات الأوان.

أفلام تجارية

من مزايا هذا الكتاب إنه يكشف للقارئ بعض العناوين المهمة من الأفلام التى تصعب معرفتها أو مشاهدتها، فهى أفلام تعرض فى المهرجانات وبعيدة عن التوزيع التجارى إلا فيما ندر، وهذا ما حدث بالنسبة لهذا الفيلم "آنا كارمازوفا" الذى لم يعرض إلا فى مرحلة الانفتاح التى عرف بها الاتحاد السوفييتى وهو للمخرج روستام كمداموف. 

تتوالى مقالات الكتاب وهى تدور فى نفس الإطار السينمائى الثقافى الذى لا يخلو من السياسة والتاريخ، ومن هذه المقالات "أناس الأرز للمخرج ريتى بان، من كوريا - تصادم لدفيد كروننبرج وفيلم المخرج سليمان سيس من أفريقيا وهو بعنوان الزمن.

وأيضا هناك قراءة فى فيلم كيتى وآدمز من بوركينا فاسو للمخرج أدريسا أودراغو وقراءة أخرى فى الفيلم المعروف "الإرهابية" وهو من الهند للمخرج سانتوش سيفان.

نصيب محدود

للسينما الإيرانية نصيب محدود من خلال مناقشة بعض الأفلام وأهمها فيلم بعنوان "حكايات كيش" لثلاثة مخرجين من إيران، والموضوع المطروح يطرح إشكالات كثيرة تتجاوز قضية النقد التطبيقى على آفاق أخرى لها علاقة بالسياسة، والدين والثقافة وكذلك الرقابة على الأفلام.

ومن الأفلام الإيرانية التى يتعرض لها الناقد سمير فريد بإيجابية شريط للمخرج محسن ماخمالباف وهو بعنوان "الطريق إلى قندهار" والذى عرض بمهرجان كان السينمائى 2001.

بالإضافة إلى ذلك هناك أفلام لكل من مارتن سكورسيزى وجيم جارموس ونانى موريتى وكلينت إيستوود وغير ذلك من المخرجين الذين أن لهم وجوها مختلفة لم نعرضها من قبل وخصوصا وأن المقالات المعبرة عن ذلك من النوع المختصر الذى يقدم أهم عناصر الفيلم وأهمه إيجابياته فى أضيق نطاق يمكنه أن يصل إلى القارئ بأقرب السبل وأسهلها.

الإفراج عن كتاب بحريني

أفرجت الرقابة البحرينية عن كتاب 'استعمالات الذاكرة في مجتمع تعددي مبتلي بالتاريخ' للأكاديمي نادر كاظم، الذي كانت وزارة الاعلام تحفظت عليه من شهرين وأرجعت ذلك إلي 'مايتضمنه من فقرات عدة تتعارض وبنود القانون التي تتعلق بالمساس بأسس العقيدة ووحدة الشعب، وبما لايثير الفرقة أو الطائفية)،

بالاضافة إلي ما تتطلبه حرية الإبداع من توافق مع قيم المجتمع وثوابته وتأكيد الوحدة والترابط الوطني بين كل فئاته وطوائفه'.

وقد أكد مصدر مسئول أن الافراج تم بقرار من وزير الاعلام الجديد جهاد بوكمال، وشمل أيضا كتابين آخرين هما 'التنظيمات اليسارية في الجزيرة العربية' للباحث عبدالنبي العكري، وكتاب 'مراجعة لقانون الجنسية البحريني في ضوء سياسة التجنيس الأخيرة في البحرين'.

سامح مقار يصدر أول قاموس «هيروغليفي ـ عربي»

صدر مؤخراً أول قاموس باللغة العربية لترجمة اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) إلى العربية مع الإشارة إلى ارتباطها باللغة القبطية المصرية من تأليف المهندس المصري سامح مقار تحت عنوان (المعجم الوجيز ـ من اللغة الهيروغليفية إلى العربي)، وذلك ليثري المكتبة العربية، التي تفتقد إلى هذا النوع من الكتب.

 جاء تأليف هذا القاموس بعد أعمال عدة للمؤلف منها، أصل الألفاظ العامية من اللغة المصرية القديمة «من ثلاثة أجزاء»، حيث نشرت هيئة الكتاب السلسلة من خلال الفترة من عام 2004 إلى 2006 م، وكذلك كتاب آخر للمؤلف بعنوان اللهجة العامية وجذورها المصرية.

 ويقع القاموس في 560 صفحة من الحجم المتوسط ويضم 5000 كلمة مصرية قديمة والتي أوردها في حروفها الهيروغليفية التي كانت سائدة في الدولة الفرعونية الوسطى ومقابلها الترجمة باللغة العربية، كما تم وضع المقابل القبطي لكل ما هو متاح. ويحتوي القاموس على شرح شامل لكل العلامات الهيروغليفية الصوتية، والتصويرية، والمخصصات، أي ما يقرب من شرح وافٍ لخمسمئة رسم للحروف التي استخدمها قدماء المصريين.

 أدونيس يبيع كتب النجوم

يواصل أدونيس بيع النجوم وراقاً عابرا للزمان والمكان مواظباً علي غرضيته التاريخية لتعرية المشهد العربي ونقضه وهدمه علي أساس أن الكتابة  "فعل جرمي" يرتكب زلزلة الطغيان والتجديد.

يقول أدونيس في كتابه:

"هكذا علينا أن نمارس الكتابة بوصفها فعلاً "جرميا": نقضاً، وهدماً. الكتابة التي تزلزل أسس الطغيان في مختلف أشكاله وتجلياته، سواء في القيم، أو التقاليد، أو الأعراف، أو العادات، أو المعتقدات. الحجب التي تلتصق علي أجساد المدن العربية كمثل طبقات كثيفة من القشور، لكي يظهر النسغ الحي. الكتابة التي يبدو فيها العالم كأنه في حالة دائمة من التكون والتجدد بلا نهاية".

في كتاب أدونيس القديم غير المنشور والمنشور وجديده طبعاً.

مثل "يضع الشعر شفتيه علي ثدي بغداد"، المكـــتوب عام 1969 ونشره في الصحافة إثر احتلال بغداد عام 2003 وكان كتبه بعد زيارة واحدة قـــام بها الشاعر إلي العاصمة العراقية، والتي تعتبر نصا مثيرا للجدل لأن الشاعر رأي وجها واحدا لبغداد هو وجها السياسي. بالإضافة إلي نـــصوص أخري كتبت في السبعينيات.

ثمة نصوص شعرية طويلة وأخري قصيرة جدا مثل: "يبتسم الصيف، ليس لشفتيه عتبات، لها نوافذ"، و"جسد هذه المرأة يزحزح الفصول"، "كان الحزن عطرك، أيها الشاطئ/ قبل أن تصل إليك أمواج الصيف"، "عبثاً تبحــث عن مطر مجنون/ إلا في الصيف".

ومن الكتاب قصيدته:

"أغنية إلي جلجامش، عائداً إلي أوروك":

جلجامش،

ماذا ستفعل في أوروك؟

ماذا يفعل حولك هؤلاء الرجال؟

تائهون يتصببون دماً. سراويلهم رصاص، ووجوههم حفر. الأرض حولهم مسورة، والأفق أنبوب ذري.

ماذا ستفعل بهذا الفضاء الذي يتسربل باللهب؟

ماذا ستفعل بعد إنكيدو؟".

حلب المدينة السورية العريقة وجدت لها مكانا شاسعا في الكتاب (80 صفحة) بعنوان "كونشيرتو الرحلة إلي حلب" "الكنيسة إشارة،

المسجد صوت،

بينهما تمر الحياة في حلب كمثل حديقة

في جزيرة الوقت".

الأدب العربي منذ بدايات القرن العشرين

يغطي الكتاب مراحل تطور الأدب العربي الحديث المرحلة الواقعة بين بداية القرن العشرين وحتي نهاية الحرب العالمية الثانية (1945).

تكمن أهمية الكتاب في أنه ينقل التجربة الأدبية العربية إلي اللغة الفرنسية حيث تفتقد المكتبة الغربية مثل هذه الدراسات المهمة.

تتوزع مواد هذا الكتاب بين قسمين رئيسيين و 12 فصلا. يحمل القسم الأول عنوان: "عودة النشاط والتجديد"، أما العناوين فهي: "الحالة العيانية للعالم العربي في نهاية القرن الثامن عشر" و "النهضة العربية في القرن التاسع عشر" و "النهضة بواسطة الأحياء" ثم "النهضة بواسطة الاقتباس" علي مدي فصلين، و "ما بعد الأحياء والاقتباس" وأخيرا "المراهنة علي اللغة".

أمّا القسم الثاني فيحمل عنوان: "إعادة التأسيس والتطور" وعناوين فصوله هي بالتتالي: تحولات العالم العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين ثم إعادة التأسيس الأدبي و تطور الأقصوصة والرواية ثم تطور المسرح خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، يلي تطور الشعر والأدب الشعبي والنقد الأدبي العربي الحديث الذي يمثل الفصل الأخير من الكتاب.

يطرح الكتاب طبيعة التطور والتغيرات التي رافقت الأدب العربي الحديث بينما كان (الرجل المريض) يلفظ أنفاسه الأخيرة.كما يشير الكتاب إلي التطور الذي عرفته الحركة الشعرية مع "الشعر الإحيائي" أو "الكلاسيكي الجديد" الذي من رموزه عبد الرحمن شكري وأحمد الصافي النجفي ومحمد مهدي الجواهري وبدوي الجبل وعمر ابوريشة وغيرهم.

الفصل الأخير من الكتاب مكرّس للنقد العربي الحديث وقد كتبه فيصل درّاج ويبحث فيه التأثير المتبادل بين النقد العربي الحديث وما يسمّي بـ "النهضة" أو "التنوير" الذي بدأت أفكاره تتجسد منذ نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. و قدّم رشدي الخالدي، الفلسطيني، كمثال للمثقفين المتنورين. ويكرّس درّاج عددا من صفحات دراسته للحديث عن النقد الأدبي في بلاد الشام والعراق ولا ينسي أن يختتمها بتناول النقد في بلدان المغرب.

96 دار نشر من 14 دولة شاركت بمعرض القاهرة الدولي لكتب الأطفال 

 شاركت 96 دار نشر من 14 دولة عربية واجنبية  في معرض القاهرة الدولي لكتب الأطفال الذي افتتحته قرينة الرئيس المصري السيدة سوزان مبارك.

وتضمن المعرض فعاليات عدة شملت عشر ندوات وتسع ورش فنية وانشطة اضافة الى تنظيم المعهد الثقافي الايطالي بالقاهرة ندوة في ختام فعاليات المعرض عن ادب الطفل من خلال ثلاث قصص ايطالية تمت ترجمتها الى العربية .

ويعد هذا المعرض هو الوحيد المتخصص لكتب الطفل في الشرق الأوسط والثاني على مستوى العالم ويقام بهدف الاهتمام بالأطفال والشباب في مصر والدول العربية وتثقيفهم وبناء شخصيتهم وفكرهم على أساس علمي سليم.

وينظم المعرض كل عام ومنذ بداية دورته الاولى عام 1983 مجموعة من الحلقات الدراسية التي يشارك فيها كتاب ورسامون وشعراء بما يعد ملتقى لتبادل الخبرات بين كتاب الأطفال من مصر والدول العربية حيث يقدم فيها المتخصصون خلاصة أفكارهم وكل جديد من العلم في مجال ثقافة الطفل.

واستطاع معرض القاهرة أن يجتذب ملايين الأطفال لارتياده والاقبال عليه بشغف وحب من خلال تقديم الأنشطة الثقافية المحببة للأطفال منها العروض المسرحية والسينمائية والفنون الشعبية ومعارض الفنون التشكيلية.

انطلاق مهرجان القاهرة للاعلام

انطلقت  فعاليات الدورة الي13 لمهرجان القاهرة للإعلام العربى حيث تنافس المبدعون فى شتى مجالات الإعلام العربى بنحو 733عملا إذاعيا وتليفزيونيا من أكثر من 20 دولة على جوائز المهرجان فيما اشتدت المنافسة على جائزة نجيب محفوظ للدراما التلفزيونية والإذاعية بين 8 مؤلفين مصريين.

ووصلت جوائز الاذاعة بالمهرجان إلى 9 ذهبية ومثيلتها فضية للانتاج و14 جائزة ذهب للابداع بينما خصص المهرجان للتلفزيون 13 جائزة ذهب ومثيلتها فضية للانتاج و 32 ذهب و12 فضة للابداع فيما تراوحت الجوائز المالية عموما بين 20 إلى 30 ألف جنيه مصرى للاذاعة و20 الى 50 ألف جنيها للتلفزيون .

كما عقدت على هامش المهرجان ست ندوات اعلامية هى (الاعلام العربي الى اين) و(الاعلام والسياسة من يحرك من ) و(المكتوب والمرئي) و(الاعلام الجديد والراي العام ) و(الرياضة بين الحق الحصري وحق المشاهد) و(برامج الاحداث الجارية الاهداف والضوابط).

يذكر أن المهرجان اختار المغرب كدولة ضيف شرف للدورة الي 13 له حيث تم تكريمها من خلال اقامة ليلة مغربية على هامش المهرجان.

يجب أن ترحل في الفجر» الجزء الثالث من سيرته الأدبية والسياسية ...

 وول سوينكا «النمر» الأفريقي الذي واجه الاستبداد

 يتحيّن الناقد العربي أي فرصة ممكنة للكتابة عن وول سوينكا «النمر» الأفريقي كما سمّي. هذا الكاتب النيجيري الكبير الذي كان أول أفريقي يحوز جائزة نوبل للآداب (1986) لم تصدر أي ترجمة عربية لأي كتاب له منذ فترة طويلة. ومن أعماله التي كانت ترجمت الى لغة الضاد مسرحية «الطريق»، إضافة الى نصوص أخرى لم تلق الاحتفاء الذي يليق بهذا الكاتب الرائد الذي حمل الهموم الأفريقية الى منابر الأدب العالمي.

في مطلع الثمانينات من القرن المنصرم باشر سوينكا كتابة سيرته الذاتية، وصدر أول جزء منها عام 1984 وعنوانه «أكي، سنوات الطفولة»، ثم تبعه جزء ثان عام 1987 هو «إيبادان، سنوات الاضطراب». في هذين الجزءين سرد سوينكا ذكريات الطفولة والمراهقة، وكتب سيرة قريته وقبيلة «يوربا» التي ينتمي إليها، وحياة عائلته التي غاب عنها الوالدان باكراً وعلاقته بـ «أوغون» إله الحرب في القبيلة وقد رافقه طويلاً. بدا هذان الكتابان يتمثلان مفهوم السيرة الذاتية التي لا تخلو من النزعة الروائية المحفوفة بالوقائع والأحداث، وبالقليل من التخييل الذي لا بد منه لتكتمل اللعبة السردية.

الجزء الثالث من السيرة الذاتية الذي كان صدر بالإنكليزية العام الفائت في نيويورك بعنوان بديع هو «يجب أن ترحل في الفجر» صدرت حديثاً ترجمته الفرنسية بالعنوان نفسه (ترجمة إيتان غال – دار أكت سود). هذا الكتاب الذي يحتل واجهات مكتبات كثيرة في باريس هو أشبه بالحدث الأدبي والسياسي على السواء. ولعل العنوان يدل على الأبعاد التي تحفّ بها هذه المذكرات التي تستعيد الأعوام الأربعين الأخيرة من سيرة الكاتب وسيرة وطنه نيجيريا وسيرة منفاه الطويل وأيام السجن والكتابة...

وول سوينكا، الكاتب الأفريقي بامتياز، المعارض والمناضل السياسي، المدافع بشراسة عن حقوق الإنسان أياً كان، السجين والهارب والمنفي، مؤسس المسرح الأفريقي وإن باللغة الإنكليزية، لغة المستعمر، الروائي والشاعر الذي سعى الى «نحت» هوية حديثة لأفريقيا، أفريقيا الحروب والاضطراب والجوع، ولكن أيضاً أفريقيا الآمال والأحلام... وول سوينكا هذا هو الذي تتيح لنا سيرته بجزئها الثالث أن نتعرّف إليه، الى حياته الصاخبة والى وجوهه المتعددة والى تجربته الرهيبة، سياسياً وحياتياً وأدبياً والى شخصه «الخلاسي» هو النيجيري بل القبيلي الجذور، البريطاني الثقافة و «التربية»، رائد الثــــقافة «التهجينية» جغرافياً وروحياً والمتأرجح (وليس الممزق) بين حضارة أفريقية ينتـــمي إليها جسداً وروحاً، مخيلة ووجداناً وحضارة غربيــــة ينمي إليـــها ثقافة ولغة. إنه وول سوينكا نفسه الذي صنعته الميثولوجيا الأفريقية والعقلانية الغربية، لا سيما بعدما درس في بريطانيا واعتنق الإنكليزية أداة للتعبير من غير أن ينسى لحظة لغته الأم، لغة قبيلة «اليوروبا».

يستهل سوينكا سيرته هذه باللحظة التاريخية الحديثة عندما يعلن ثاني أباشا، الديكتاتور النيجيري انقلابه على السلطة في السابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1993. هذا الانقلاب كان حافز للهرب سراً الى الولايات المتحدة بعد سنة، حيث عاش في ما يشبه «المنفى» طوال أربعة أعوام. وخلال غيابه القسري عن وطنه اتهم عام 1997 مع أربعة عشر مواطناً نيجيرياً بالتعرّض للجيش، وصدر في حقه حكم بالإعدام بعدما سمّي «خائناً». إلا أن الديكتاتور ثاني أباشا لم يسلم من النقد اللاذع الذي وجهه إليه سوينكا ومن الفضائح التي وسمه بها. ولم يعد الى نيجيريا إلا بعد موت الديكتاتور وحلول عبدالسلام أبو بكر رئيساً للبلاد. ولعل هذه السمة التي تميّز بها الكاتب «المتمرد» كانت قادته سابقاً الى خوض «المعارك» ضد الديكتاتوريات والقادة المتسلّطين والمتغطرسين. وكان سوينكا واجه الرئيس النيجيري السابق شاغاري ناقداً إياه بقسوة عام 1982. وكتب بسخرية جارحة عن الديكتاتور الأوغندي عيدي أمين عام 1982 جاعلاً منه شخصية كاريكاتورية في إحدى مسرحياته. ولم يسلم الرئيس الأميركي جورج بوش من نقده اللاذع أيضاً عقب غــــزو العراق ووصفه بـ «الأصولي المتطرّف والخطر». وانتقد كذلك الحركات الأصولية الإسلامية في حركتها الصاعدة.

أما التجربة اللافتة والأليمة التي خاضها أيضاً فهي تجربة السجن. هذه التجربة تمثل أشد المراحل عذاباً ومعاناة في حياته. في العام 1965 أدخل السجن تبعاً لاعتراضه على نتائج الانتخابات حينذاك وما أحاطها من تزوير. وفي العام 1967 أدخل السجن مرة ثانية ومكث فيه عامين وستة أشهر، والتهمة التي وُجهت اليه موقفه الرافض للحرب التي شنتها السلطة ضد مناضلي مقاطعة بيافرا في شرق نيجيريا. في فترة الاعتقال هذه كتب سوينكا رائعته «الرجل مات». ولعلّ أطرف الحكايات التي يسوقها حكاية فوزه بجائزة نوبل وكيف تلقى هذا النبأ في باريس حيث كان يقيم في شقة متواضعة لأحد أقاربه. ولئن منحته هذه الجائزة الشهرة العالمية التي يستحقها أصلاً، فهي كما يقول، لم تشفع به سياسياً لا سيما في بلاده التي ظل فيها مضطهداً وغير مرغوب فيه رسمياً حتى رحيل الديكتاتور أباشا.

إلا أن السيرة لا تقتصر على نضال سوينكا السياسي وحربه المعلنة على الديكتاتوريات، وعلى المنفى والأسفار والسجن، بل هي تشمل مساره المسرحي والروائي الرائد. وقد كتب سوينكا نحو خمسة عشر نصاً مسرحياً، وكانت مسرحية «الطريق» أحد أبرز أعماله التأسيسية، وقد ترجمت الى لغات عدة وقدمت على مسارح أوروبا وأميركا وعرضت لفترة طويلة في لندن. يعالج سوينكا في «الطريق» هموم الحياة العامة في نيجيريا مركّزاً على التفاصيل ومعتمداً لعبة التصوير الواقعي. أما الشخصيات فيها فاستلهمها من «مواطني» الطرق، كالسائقين والبائعين المتجولين ورجال الشرطة. ويلقي سوينكا ضوءاً على أحوال الفساد فاضحاً ظواهره. ومن أعماله المسرحية اللافتة أيضاً «حصاد كونجي» التي نشرها عام 1967. مسرحية تهكمية ساخرة ترسم، بين الواقع والخيال، صورة لرئيس دولة متخيلة يدعى «كونجي» ينتصر على الملك «دابولا» ويقيم احتفالاً بانتصاره يأخذ شكل مهرجان شعبي يذكر بأعياد «الحصاد». وله مسرحيات مهمة مثل «مجانين ومتخصصون» التي كتبها بعد حرب «بيافرا» وخروجه من السجن، و «الموت وفارس الملك» وتعدّ من أشد أعماله نضجاً، من الناحيتين، الدرامية والتقنية. وكذلك «سكان المستنقع» التي تتطرّق الى الفساد والاستغلال المتواريين خلف مظاهر التمدن والرقيّ. ولعل ما يميز مسرحيات سوينكا أنها تُقرأ بمتعة كنصوص مثلما تُشاهد على الخشبة كعروض بصرية ودرامية. فهو يكتب العمل المسرحي كعمل أدبي حاذياً حذو المبدعين الكبار في المسرح العالمي. وقد يبدو النص أحياناً أقوى من العرض نفسه كما لحظ بعض النقاد. والى المسرح، كتب سوينكا الشعر والرواية، وأشهر رواياته «المفسرون» التي تتناول هموم المثقف الأفريقي وما يعاني من أزمة في الهوية والكينونة. وهذه الأزمة تتجلى عبر علاقات مجموعة من المثقفين العاجزين عن اكتشاف أنفسهم واستيعاب المشكلات التي يقاسيها مجتمعهم. ومن المجموعات الشعرية المهمة التي أصدرها سوينكا «قصائد من السجن» وكاند كتبها خلال فترة اعتقاله عام 1969.

يكتب سوينكا سيرته الذاتية وكأنه يكتب رواية أو مسرحية. اللغة هنا غنائية، سردية متعرّجة، تتحايل على الكتابة لترسم وتصف وتصخب وتسخر. ويعتمد سوينكا ما يشبه النَفَس الملحمي، المتعاقب والمتقطع، مقترباً حيناً من فن المونتاج والفلاش باك، ساعياً الى جعل السيرة الذاتية سيرة شاملة للشخص والوطن والجماعة وأفريقيا والمنفى... يقول: «الأشد وطأة، أن تحمل معك أينما كنت، همّ وطن، همّاً أصبح مألوفاً...». ولا تخلو هذه السيرة العاصفة والصاخبة من بضع «صور شخصية» (بورتريات) لأسماء بارزة مثل: برتراند راسل، بيار امانويل، نادين غورديمير، فرنسوا ميتران وسواهم.

في الثالثة والسبعين، لا يزال هذا «النمر» الأفريقي يحافظ على ألقه، شخصاً وكاتباً، بوجهه الذي لم تغزه الشآبيب وشعره الأجعد الذي وخطه البياض، وبعصبه المشدود ونزقه وغضبه اللطيف وتمرّده الدائم. ترى ألا يردد سوينكا دوماً جملته: «العدل أول شروط الإنسانية» وهو على يقين بأن إحقاق العدل يفترض حالاً من النضال الدائم؟

رجل ذكى ونساء بليدات..عرض لصراعات المجتمع

 تقدم كاتبة فلسطينية نمطا جديدا من الكتابة القصصية تتناول فيها عدة محظورات، عبر مجموعة قصصية تقع فى 175 صفحة من الحجم المتوسط. أعطت الكاتبة الفلسطينية أمانى الجنيدى مجموعتها القصصية الجديدة اسم "رجل ذكى ونساء بليدات" وهى قصة من بين عشر قصص اخرى ضمتها المجموعة الجديدة الصادرة عن دار الشروق للنشر والتوزيع.

والقصص الاخرى هى "فى بيتنا" و"من وراء زجاج" و"ارملة برداء مزركش" و"سارازان" و"المسيح له عودة" و"عالم تحكمه الحشرات" و"الاستاذ رجب" و"خلف الستار" و"شيء غامض". قالت الجنيدى يوم السبت خلال حفل توقيعها على هذه المجموعة القصصية الجديدة فى رام الله بالضفة الغربية المحتلة "كم أتعبنى هذا الرجل صاحب النساء البليدات طوال عام وانا اطوق الافكار اقتنص الاطياف.. استرجع ما فى ذاكرتى من روابط ومفاصل لانسج حكاية تشبهنا ابحث اكتب أعيد ادقق".

جرأة فى طرح الفكرة

واضافت "وأنا امرأة أتألم عن جميع نساء مدينتى ومعهن سواء اكن يصرخن ام يكتمن اصواتهن خوفا او يأسا... وتلك المقولة المستفزة التى يتبادلها بعض الناس تحزننى لا يوجد ما يستحق ان يقرأ". واوضحت الجنيدى ان بذور قصصها من الواقع وان كانت الشخوص فيها من الخيال وقالت "لدى جرأة فى طرح الفكرة وفى استخدام اللغة".

تترك الكاتبة المجال امام القارئ ليضع المقدمة التى يريد لكتابها وقالت "لم ارد ان اضع مقدمة للكتاب فهو يبدأ من قصة فى الصفحة الاولى وينتهى بقصة فى الصفحة الاخيرة اردت ان اترك لكل قارئ ان يضع المقدمة التى يريد". تنحدر الجنيدى من مدينة الخليل فى الضفة الغربية التى توصف بانها محافظة جدا لكنها تخرج عن المألوف عندما تتحدث عن الجنس والسياسة والدين.

وقال الكاتب الفلسطينى محمود شقير فى تقديمه خلال الحفل للمجموعة القصصية "لم تتهيب الكاتبة من الاشتباك الصريح مع المحظورات التى لا يقاربها الكثيرون من الكتاب الفلسطينيين والعرب وكذلك الكاتبات الا بحذر شديد خوفا من الانظمة الحاكمة او غضب الهيئات الاجتماعية التى تحرس السائد وتمجده".

هالات زائفة

وتابع شقير قائلا: "فى هذه المجموعة القصصية ثمة اشتباك مع الجنس والسياسة... وثمة فضح لهالات زائفة دون خوف من اتهام". ويرى شقير ان الوجهة الرئيسية لهذه المجموعة القصصية تنطلق من عنوانها الذكورى فى شكل لا لبس فيه وقال "وحيث ان الكاتبة امرأة فان العنوان يشى بالسخرية وبتحريض النساء منذ اللحظة الاولى للقراءة وهو يشى بما يفيد الاحتقار لهذا الرجل الذكى الذى يضع نفسه فى مواجهة نساء بليدات".

تقدم الجنيدى فى قصة "رجل ذكى ونساء بليدات" تشخيصا دقيقا لواقع فلسطينى معاش يتمثل فى ذلك الرجل الذى عاد من لبنان الى فلسطين يعلق بندقيته على الحائط ليتغنى بامجاد الماضى يتزوج من ثلاث نساء لكل منهن قصة واللواتى يقررن فى النهاية التمرد على هذا الرجل الذكى الذى يتعامل معهن بدونية. تدخل الكاتبة فى تفاصيل حياة هذه العائلة وكيف يتعامل الرجل مع زوجاته ونجده فى هذه القصة يطوف عليهن الثلاثة فى نفس الليلة.

ورغم هذا التمرد لم يتراجع هذا الرجل عن نظرته الى المرأة حيث تختتم القصة على لسان الرجل الذكى "سأبدل النساء...انا ذكى والبليدات يملأن الارض". وتصف الكاتبة قصة "رجل ذكى ونساء بليدات" بالقول "استوحيت حياة مدينتى فى "رجل ذكى ونساء بليدات"... دون تجميل وتتلمس هذه المجموعة القصصية التغيير وتتحسس التجديد عن طريق عرض المفارقات واظهار الصراعات وبيان مكان الفتق فى نسيج المجتمع".

وتقدم الجنيدى نقدا لاذعا لمجتمع يمنع الارملة من ممارسة حياتها وذلك فى قصة "فى بيتنا" حيث يقتل زوج المرأة وزوجة اخيها برصاص الجيش الاسرائيلى وتكون النتيجة حجز المرأة فى البيت باعتبارها ارملة لا يحق لها الخروج من بيتها وفى الوقت نفسه يتزوج اخوها من امرأة تصغره بعد خمسة عشر يوما من مقتل زوجته.

وقار اللغة

وتواصل الجنيدى تقديم الامثلة على اضطهاد المرأة والتمييز ضدها حيث يرفض اهل زوجها دفع ايجار المنزل عنها وتلحق بها الشبهات لمجرد ان صاحب البيت يأتى للمطالبة بأجرة بيته واكثر من ذلك يجبرها اخوتها على التوقيع على اوراق تسمح لهم ببيع دكان جدها.

وتستحضر الكاتبة فى قصة "أرملة برداء مزركش" مايعرف "بالتكية" وهو مكان يخصص لايواء واطعام ذوى الحاجة وفيها نسمع سردا لقصص عديدة من هذا المكان الذى لا يدخله فى هذه القصة الا الضاحكون. تكسر الكاتبة فى هذه القصة وقار اللغة لكى تكون اكثر دقة فى التعبير "سحبت الشرشف عنها فبدا جسدها منحوتا كالهة لا تشبه نسائى اللواتى تعرين من الجمال كما تعرين من ملابسهن الجميلة... حقا كما سمعت قد تحمل امراة فى جسدها فتنة الدنيا".

تدخل الجنيدى عالم السياسة فى هذه المجموعة فى اكثر من قصة ومنها تلك التى حملت اسم "الاستاذ رجب" المبنية على وقائع سياسية ومنها وفاة الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات لتقدم بطريقة غير مباشرة احتجاجا على سياسات الحكومات الفلسطينية المتعاقبة التى لم تتمكن من اخراج زوجة رجب من السجن الاسرائيلي.

اقتناص اللحظة القصصية

وفى قصة "خلف القضبان" وهى من اطول القصص فى هذه المجموعة القصصية والتى يزيد عدد صفحاتها عن السبعين صفحة تتحدث فيها الكاتبة عن اثر التزمت على الجيل الجديد وتأثير الانترنت عليه، اضافة الى العلاقات الجنسية غير السوية فى حالة تدلل على تفكك المجتمع الى درجة لافتة للانتباه.

ويآخذ الكاتب محمود شقير الجنيدى على انها فى قصة "سارزان" "يجرى تصوير المتضامنين الاجانب مع الشعب الفلسطينى الذين يحضرون الكرسى للطفل الذى اصبح معاقا بعد اطلاق الجنود الاسرائيليين النار عليه بأنهم الوجه الآخر لمطلقى الرصاص". ويرى شقير فى ذلك "ظلما لهؤلاء المتضامنين وتجاوز للحقيقة على نحو ما".

وقال شقير "ثمة اخفاق فى اقتناص اللحظة القصصية... كأن يجرى تصوير الحاخام فى احدى القصص بانه متعقل قابل للعيش مع الشيخ فى هذه البلاد فى حين تقول الحقيقة ان من يدعون التعقل هم من يسومون الشعب الفلسطينى العذاب ويعرضونه للتبديد والخسران".

واضاف "غير ان ذلك كله لا يحجب الانظار عن حقيقة اننا امام مجموعة قصصية متميزة فيها نفس قصصى جديد وفيها جرأة فى الكتابة وفيها موقف فكرى متقدم... وفيها عنصر جاذب آخر لا يمكن ان يغيب عن البال وهو كونها مجموعة قصصية غير محافظة قادمة من اكثر المدن الفلسطينية محافظة اقصد خليل الرحمن".

وتطمح الجنيدى ..التى صدرت لها مجموعتان قصصيتان اضافة الى "رجل ذكى ونساء بليدات" وهما "امرأة بطعم الموت" و"سكان كوكب لامور" .. الى الكتابة اكثر واكثر وان تصل الى اكبر عدد من الجمهور.

النظر إلى الماء.. ديوان جديد لمنعم الفقير

منعم الفقير شاعر عراقى صدرت له عن منشورات أدب وفن وبالتعاون مع المنتدى الثقافى العربى فى القاهرة مختارات شعرية جديدة معنونة بـ "النظر إلى الماء"، تصميم الغلاف للفنان المصرى شوكت اسكندر.

قصائد "النظر إلى الماء" اختيرت من مجموعات الشاعر منعم الفقير: بعيداً عنهم 1983، المختلف 1986، كتاب أسئلة العقل 1990، أثر على ماء 1991، لا جسد فى الثوب 1995، حواس خاسرة 1996، كتاب الرؤيا 1997، معاً 1998، نادراً 2000، أنا الذى رآكِ فكان 2007.

قلق الشاعر وأسئلته

فى مقدمة المختارات تقول الشاعرة الدانمركية "نيناماليونوسكي": منعم الفقير لم يختر أن يكون شاعراً، لكن ظروف الحياة اختارت له أن يكون شاعراً. اختار مبكراً أن يكون إنسانياً، خيار كهذا انعكس بالفائدة على المحيطين به، من أصدقائه وأسرته والمجتمع المحظوظ بوجوده كفرد فيه".

وتضيف يعيش منعم الفقير فى العالم ويتعلق به، كما يتعلق المولود الجديد بصدر أمه. لكن إدراك الصوفى الزاهد موجود فى ذات الوقت: لا نور ولا ظلمة دوني، وفى هذا التناقض يحضر شعر منعم الفقير بقوته وبإلهامه.

فهو شاعر يستطيع أن يتحدّث إلى أولئك المقيمين فى الدنمارك عن العالم الكبير، ويروى لهم عن المهاجر والمنافي، يتحدث عن الحنين، عن الفقدان وعن الشعور بالإقامة فى الذات وفى العالم فى آن واحد.

منتخبات من النظر إلى الماء

تنادت

كل الحواس

للاحتفال بك.

* صناعة وطن

مرة أخذتُ:

قليلاً من التراب

قليلاً من الأعشاب

قليلاً من المياه

وكثيراً من الأسلاك

وصنعتُ منها وطناً

فهل أسميه "عراق"؟.

* الجندي

لم يكن هشاً حدّ الكسر

ولا ليناً حدّ الطي

كان يسبح

فى وحدة موحشة، موحشة

فى الإجازة الأولى:

عاد فى شاحنة

فى الإجازة الثانية:

عاد فى باص

فى الإجازة الثالثة:

عاد فى صندوق.

* عائلة

فى الصباح

فنجان القهوة

بين الجبنة

وحبات الزيتون

المائدة تتسع بالأيدي

حين همّ الأب بالخروج

طلب الطفل شكولاتة

وطلبت الأم قبلة

وقال الأب سأعود

فى المساء

الطفل فى الشرفة

الأم فى المطبخ

والأب فى براد الجثث.

* نوم أم

الشمس غادرتنا ذابلة

والقمر

غافٍ فى حضن السطوح

حبيبتى

لم تمشط شعرها

وأنا لم أحلق ذقني

فأمى العزيزة

لا تزال نائمة.

لن تجعلوا

من فمى زنزانة

يقضى فيها

مدى حياته

لساني.

 شعرية القصة القصيرة جداً

لم تأخذ القصة القصيرة جدا، عربيا، مكانتها اللائقة نقدا وحتي تأرخة، ورغم أنها تجربة فنية حديثة العهد في الكتابة العربية، لكن عددا من كتابها تركوا تجارب متناثرة، أي أنها لم تصبح تيارا أو نوعا كتابيا سجل لنفسه ديمومة وحضورا كافيين للرصد والدراسة والتأمل.

بانفتاح النثر علي بعضه بعضا، بل الفنون برمتها، اتخذت بعض قصائد النثر منحي قصصيا (حكائيا) بينما اتخذت القصة القصيرة جدا منحي معاكسا، أي نصا مكثفا قريبا من قصيدة النثر، وهو أمر طبيعي بعد تنافذ الفنون وتأثيرها المتبادل والمتقابل وشيوع مغامرة النص المفتوح عالميا.

الظاهرة المؤسفة أن نقد هذه المغامرة الجميلة اتخذ طابعا "قطريا" ولم يكتسب بعده القومي ليرصد الظاهرة عربيا، فنقاد ودارسو هذا النوع ظلوا أسري معاينتهم المحلية وغابت عنهم محاولات أشقائهم في البلدان العربية الأخري.

القصة القصيرة جدا استجابة فنية طبيعية لمتغيرات العالم واشتراطات الإيقاع الحديث للحياة المعاصرة في الوطن العربي والعالم، بل كان بعضها بمثابة برقيات موجزة أو بوسترات مختزلة حملت معاناة الفرد بمواجهة الضغوط اليومية أو التأطيرات السياسية أو تعبيرات يومية عن عواطف الناس وأشواقهم إلي الحب والحرية والمتعة، وهي، بعد هذا وذاك، تجربة إبداعية تتوفر فيها كل عناصر التشويق الدرامية والإسلوبية خصوصا عندما يبلغ الكاتب نضجه المطلوب لكتابة هذا النوع من السرد الخاطف.

رغم صدور بعض الدراسات العربية التي قرأت هذا النوع فنيا إلا أن الأمر لم يزل بحاجة إليمتابعة علي مستوي الوطن العربي.

القصة القصيرة جدا هي الإبنة المدللة للسرد العربي ووريثته عبر نثريات متنوعة عبرت تاريخنا الأدبي منذ مقامات الهمداني والحريري المعروفة، لكنها لم تخذ مسارها الطبيعي لتراكم نتاجها بما يجعله حاضرا بشكل دائمو ومتوفرا للقارئ العربي، بعد أن تصدر الشعر حياة العرب وبدأت الرواية تحتل الساخة الثقافية باعتبارها ديوان العرب منافسة الشعر العربي.

يأتي كتاب التونسي عبد الدائم السلامي "شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا: قصص عبدالله المتقي و مصطفي لغتيري أنموذجا" في هذا الميدان كدراسة نقدية لهذا النوع عبر كتابي عبدالله المتقي "الكرسي الأزرق" ومصطفي لغتيري "مظلة في قبر" وقد تضمن فصلين: الفصل الأول حول معني الواقع أو مسألة تشخيص المعيش اليومي والفصل الثاني حول واقع المعني أو تقنيات الخطاب.

جاءت علي غلاف الكتاب فقرتين مجتزأتين من الكتاب:

"إذا كان الواقع الموضوعي واحدا وحيدًا فإن عبدالله المتقي ومصطفي لغتيري تعاملا معه تعاملا مخصوصا، إذْ نجدهما، وهما يوصِّفانه في كتاَيهما، "يُقَطِّعانه" أجزاء أشتاتا وتفاصيل تختطف من اللحظة عصارة أحداثِها ومن الحركةِ دَوْزَنَةَ إيقاعِها ومن الشخصيّات ملمحًا فيها دالاًّ عليها مَا جوّز لنا القولَ بأنّ للواقع في القصّة القصيرة جدّا شعريّةٌ مَّا سنحاول تبيُّنَها في عملنا هذا. وقد تجلّي هذا التفريع الدَّقيقُ في عدد الأقاصيص الواردة بكلّ كتابٍ، ففي "الكرسيّ الأزرق" يتمرأي لنا الواقع في ثمانٍ وخمسين قصّة قصيرة وفي كتاب "مظلّة في قبر" نجد سبعًا وخمسين قصّةً قصيرةً تحاولُ تشخيصَ كلّ ما في المرجع اليوميِّ من دقائقَ حَدَثيّةٍ وهو الأمرُ الذي سينعقد عليه الجزء الأوّل من الفصل الأوّل من هذه القراءةِ.

وجاء أيضاً: وما قصص لغتيري و المتقي سوي استعارات صغري لمفردات واقع يومي يعيشانه ، يمثل بدوره استعارة كبري لا يمكن تحديد مكوناتها ، لتشعبها ، إلا بتجزئتها علي غرار ما جاءت عليه قصص "الكرسي الأزرق" و " مظلة في قبر" ،استعارات قامت علي تفصيل المرئي إلي مشاهد تفصيلا لم يغفل أدق الأجزاء فيه ما جعلها تضفي متظافرة ، شعرية شفيفة علي الواقع حولت فيه "مرارة" الحقيقة "لذة" في التأويل.

الإسلام والنزعة الإنسانية العلمانية

ينطلق صادق جلال العظم هنا من سؤال بسيط في الظاهر: هل يمكن بناء مفاهيم عامة مثل حقوق الإنسان وحرية الضمير والتسامح الديني وغير ذلك انطلاقاً من تراث خاص؟ يجيب العظم حازماً: نعم، اعتماداً علي التاريخ. لقد نسبت مفاهيم: الديمقراطية، الحريات المدنية، حقوق المواطن، حرية التعبير، إلي عصر الأنوار الأوروبي، إلا أنها اكتسبت اليوم مغزيً كلياً عاماً. وبالاعتماد علي التاريخ دائماً، فان الإسلام نفسه الذي نشأ في مدينتين صحراويتين، اتخذ طابعاً عاما كاسحاً. يلاحظ العظم آن النموذج الإنساني العلماني اكتسب اليوم مكانة مزدوجة، وبوصفه النموذج المعياري الملزم للحكم علي القضايا المتعلقة بالإنسان. العظم باحث وأكاديمي سوري اتخذ من موضوعة الحرية ثيمة أساسا في عمله ورفد المكتبة العربية بالعديد من الدراسات منها كتابه (نقد الفكر الديني) و (النقد الذاتي بعد الهزيمة) و (ذهنية التحريم) وغيرها. 

مركز جمعة الماجد يعرض أقدم كتاب مطبوع في المنطقة

عرض مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي، ضمن مساهمته في معرض الكتاب الدولي، واحداً من أوائل الكتب المطبوعة في العالم، وهو الأقدم على مستوى العالم العربي، إذ يرجع تاريخ نشره إلى العام 1661 ميلادي.

 واسم هذا الكتاب «تاريخ مختصر الدول» للمؤلف غويغوريوس يوحنا بن هارون أبو الفرج الملطي، وهو مؤرخ سرياني مستعرب، عاش في الفترة من 1226 وحتى 1286 ميلادي. وأوضح الدكتور محمد ياسر عمرو المدير العام للمركز إن مشاركته تهدف إلى تسليط الضوء على المهام والأعمال الفريدة على مستوى العالم العربي التي يؤديها مركز التراث التابع لجمعة الماجد، حيث يستوعب الركن المختصر للمركز ضمن معرض الكتاب مجموعة صغيرة من الأعمال المتوفرة في المركز. وأشار إلى وجود مجموعة مخطوطات نادرة وقديمة، إضافة إلى مخطوطات أخرى للقرآن الكريم،

 وجميعها معالم نادرة ينفرد بها المركز، لافتاً إلى وجود مخطوطات نوعية مضى على وجودها مئات السنين مثل كتاب «الخيل والفروسية والبيطرة»، علاوة على أوائل الدوريات العربية المتخصصة والنادرة.

 دعوة لتعزيز التواصل الحضاري وتأصيل عادة القراءة عند الأطفال

افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين، وأعلن في تصريحات عقب الافتتاح عن دراسة لإنشاء معهد للترجمة والتدريس يقوم بمهمة توطيد عرى التواصل الحضاري بين الأمم على أن يتم التدقيق في عملية انتقاء الكتب التي سيتم ترجمتها في هذا المعهد لتطلع عليها الأجيال في الحاضر والمستقبل.  

مشيدا بالمشاركة الفعالة لدول شمال أفريقيا التي تعتبر خطوة على طريق الوحدة الفكرية التي تجزأت خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أهمية ترجمة الأعمال العربية لتكون تلك الأعمال بمثابة رسل لنا لدى الآخر خاصة وان العالم العربي يعاني من سمعة سيئة لديهم ونحن براء منها. وقال سموه عقب افتتاحه للمعرض الذي تشارك فيه 707 دور نشر عربية من 55 دولة في مركز اكسبو الشارقة أن هذا اليوم هو يوم مبارك اذ نشهد هذه التظاهرة الخيرة في هذا المعرض الخير الذي يتميز بتنوع الإصدارات التي كنا دائما نوصي بها ، مشيدا بالمشاركة الإقليمية لدول أوروبية منها بريطانيا وروسيا وأميركا التي شاركت في معارض سابقة لكن وتيرتها ازدادت هذا العام ومن هذه المشاركة نطلع على أعمالهم لنأخذ منها ما ينفعنا وان نترجم القيم لعالمنا العربي.

 ودعا المجتمع إلى تأصيل عادة القراءة لدى الأطفال عبر تعويدهم على ممارستها وتنمية فكرة القراءة منذ الصغر حتى مرحلة الكهولة حتى يكونوا قارئين جيدين خاصة وان هناك كتب جديدة تترجم للعربية معطية فرصة الإطلاع على ما ينتهجه الغرب في مجال الفكر والعلم والمعرفة،

 مؤكدا على أننا في العالم العربي لا نرفض الفكر الآخر ففي ايام النهضة الكبيرة في عهد الدولة العباسية كانت تلك الدولة تأمر بترجمة جميع الكتب ما عدا ما فيه شرك بالإسلام وأعطى سموه مثالا حول بعض الكتب التي ترجمت وادخل عليها بعض التحريف ومنها كتاب بطليموس الجغرافي.

 ووجه في ختام تصريحه الشكر لمن شاركوا في المعرض ولإدارة اكسبو الشارقة لإتاحتها الفرصة لإقامة المعرض في وقت تتزاحم فيه المعارض لديهم كما وجه الشكر لدائرة الثقافة والإعلام وللجنة المنظمة على ما بذلته من جهود في تنظيم وإخراج الحدث بأفضل صورة.

 وشهد معرض الشارقة الدولي للكتاب والذي يعتبر من أبرز المعارض العربية في هذا المجال في دورته السادسة والعشرين أنشطة ثقافية وفنية متنوعة. واستضافت اللجنة المنظمة لإحياء البرنامج الفكري المصاحب للمعرض كوكبة من الروائيين العرب ومنهم حنا مينه واميلي نصرالله وإسماعيل فهد إسماعيل وعلي أبو الريش في لقاءات يتحدثون فيها عن تجربتهم الإبداعية واثر الحياة عليها كما يتم تنظيم لقاءات إعلامية لمبدعين وناشرين.

 وصاحب فعاليات المعرض البرنامج الفكري والأمسيات الشعرية تشارك فيها نخبة من الشعراء الإماراتيين والعرب من بينهم إبراهيم محمد إبراهيم وعبد العزيز إسماعيل وسالم الزمر والسوري علي كنعان والأردني عمر أبو سالم ورعد أمان.

 كما تضمن البرنامج ندوة فكرية محلية بعنوان «تأثيرات العولمة على واقع الثقافة المحلية في دولة الإمارات» يشارك فيها كل من الدكتورة لطيفة النجار والدكتورة عائشة النعيمي والدكتورة مريم لوتاه وتديرها الدكتورة فاطمة الصايغ وندوة أخرى حول المكتبة الالكترونية يشارك فيها كل من مكتبة النيل والفرات والجامعة الأميركية.

 كذلك صاحب المعرض البرنامج المهني ويتضمن في قسمه العربي حوارات إعلامية مع العديد من الروائيين من الإمارات والعالم العربي كما يتضمن البرنامج العديد من الورش من بينها ورشة عمل حول «مشكلات توزيع الكتاب في العالم العربي» وورشة عمل حول «الانترنت والواب دعامة للنشر»

 ونظمها الاتحاد العربي للنشر الالكتروني ويشرف عليها الطاهر حفيظ من تونس وادارها هيثم حافظ من سوريا وورشة حول «التكنولوجيا الحديثة دعامة للنشر الالكتروني والإنتاج السمعي البصري» وندوة حول «النشر الإلكتروني في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة».

وشارك في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين أكثر من 707 دور نشر عربية وأجنبية من 55 دولة تعرض أكثر من مائة ألف عنوان باللغات الحية تضم حوالي 60 ألف عنوان إصدار منذ عام 2005 ،

 كما شارك للمرة الأولى 120 دار نشر جديدة من بينها 119 عربية و11 أجنبية ومن بين الدور المشاركة نجد 58 دارا إسلامية و56 دارا لكتاب الطفل و30 دارا للنشر الإلكتروني.

 نازك الملائكة شاعرة العدد الرابع من "نقد"

صدر العدد الرابع من "نقد" والمخصص لتجربة الشاعرة الراحلة نازك الملائكة، وقد جاء فى الافتتاحية التى كتبها ماهر شرف الدين، والتى حملت عنوان "مؤسِّسة لا عدّاءة" وهى أجزاء من دراسة طويلة ستصدر مستقلّةً فى كتاب: "بين تجارب الروّاد تبدو تجربة نازك الملائكة أشبه بـ"الورطة" النقدية..

فمن جهة أولى ثمة خلاف لم ينتهِ حتى اليوم حول الأسبقية فى كتابة قصيدة التفعيلة "الشعر الحرّ"، ومن جهة ثانية ثمة خلاف حول النظرة إلى ما سُمّى "ردّتها" عن الحداثة، ومن جهة ثالثة خلاف حول تقييم تجربتها الشعرية والمفاضلة بين هذه التجربة وبين تجربتها النقدية "الأساسية فى التنظير لحركة الحداثة الفتيّة أنذاك"، وما استتبع ذلك من خلاف بين القيمة التاريخية والقيمة الفنّيّة لهذه التجربة، ناهيك بكون الملائكة المرأة الوحيدة البارزة فى جيل الروّاد، والمثقفة الأبرز بينهم.

لكن قراءة منهجيّة لآثار نازك الملائكة وسيرتها، بما فى ذلك رصد تقلّباتها النفسية أو "التطوّر النفسيّ" "المصطلح الذى استخدمته فى تقديم الطبعة الثالثة من "قرارة الموجة""، أو حتى "التاريخ النفسي" "المصطلح الذى استخدمته فى تقديمها ديوان "مأساة الحياة وأغنية للإنسان""، ستُلزم نقّادها بما هو أكثر من معيار النقد الأدبي. ومن ذلك استبدال تعبير "ردّة" بآخر: النكوص؟".

الافتتاحية التى تعرّج على مختلف المراحل التى مرّت بها تجربة الملائكة، تُختتم بالقول: "إن مشكلة تراجع نازك الملائكة "عن آرائها" تكمن فى أنه تراجع قطعيّ، ينسف ما سبق، وما سيلي، لذلك كانت أصداؤه حاسمة. واعتقادى أن مردّ ذلك يكمن فى تعامل الشاعرة مع نفسها كمَثَل أعلى، وتصوّرها أن الشعراء يدورون فى فلكها، أو فلك دعوتها "لاحظ استعمالها الدائم تعبير "دعوتي"، مع إرفاقه بصفة مثل "المعروفة""، وهذا هو التفسير الأوجه للشبهة الأخلاقية التى وصمت مواقفها النقدية.

وهذا بالطبع يقود إلى مشكلة "أخرى" تكمن فى أنها تعاملت مع التجديد كقضية شخصية لا بدّ لها من ياء متكلّم. وهذا، أيضاً، ما سيُفقد كتابها هذا الكثير من مزاياه وخصائصه التجديدية بالنسبة إلينا، نحن أبناء الجيل الجديد، الذين لم نقرأ من سيرتها سوى حديث "الردّة". على الدوام قُرئت تجربة هذه المرأة، التى جعلت الخليل مستشاراً عندها، من أسباب ريادتها، لا من نتائجها. قُرئت زمنياً لا معرفياً. قُرئت، فى سباق الريادة، كعدّاءة، لا كمؤسِّسة".

ضمّ العدد الدراسات الآتية: "لا أبوّة لها ولا أبناء فى الشعر العربي" لشوقى عبد الأمير، "ريادة فى الإبداع وفى التنظير النقديّ أيضاً" لعبد العزيز المقالح، "من وعى التجديد إلى انكساره" لماجد السامرّائي، "استبطان النصّ الشعرى فى الممارسة النقدية" لحبيب بوهرور، "حول "التوازن الدقيق بين الجديد والثابت"" لجورج طراد، "كينونة الشعر القصوى" لعبد الحق بلعاد، "استعمال الموروث" لعلى المنّاع، ""عاشقة الليل" بين "الشظايا والرماد"" لنور الدين محقق، "حضور التشخيص ""لعنة الزمن" نموذجاً"" لفيصل عرفات، "خارطة الكتابة بين نبض التراث والانفتاح على الآخر" لرابح طبجون.

وضمّ ملفّ "نازك الملائكة فى عيون الشاعرات العربيات الشابّات": "بلا تاء تأنيث" للميس سعيدى "الجزائر"، "قاعدة اللاقاعدة" لهنادى المالكى "العراق"، "تكفيراً لا رغبة" للمياء مقدّم "تونس"، "إيميل إلى حيث هي" لخلود فلاح "ليبيا"، "لغة زمنها الحقيقي" لعنود عبيد "السعودية"، "أول شاعرة - وثانى شاعرة" لإيناس العبّاسى "تونس"، "صدمتان وعاطفتان" لعائشة السيفى "عُمان"، "سليم هو الُملام" لنوال العلى "الأردن".

وضمّ قسم "منتخبات": منتخب "عاشقة الليل"، منتخب "شظايا ورماد"، منتخب "قرارة الموجة"، منتخب "شجرة القمر"، منتخب "مأساة الحياة وأغنية للإنسان"، منتخب "للصلاة والثورة"، منتخب "يغيّر ألوانَه البحرُ".

وفى قسم "أحوال الشعر" نقرأ: "مسرح محمد الماغوط... اغتصاب عذرية الشرف" لأنور محمد، "ملتقى "صفحة جديدة للأدباء الشباب العرب"" لعبد الوهّاب عزّاوي، "بودلير فى البصرة"، "مهرجان القامشلى الشعريّ الثاني". وفى "مكتبة الشباب" نطالع: "حرير" للمصرى عماد فؤاد تصدّى له على حسن الفوّاز، "حرام..." للسعودى عبد الله ثابت تصدّى له أحمد الواصل، "مهب القبلي" لليبيّ عبد السلام العجيلى تصدّت له خلود الفلاح، "أعلى من الشهوة وألذّ من خاصرة غزال" للسورى حسين حبش تصدّى له أديب حسن محمد.

سلسلة "نقد"

ومع هذا العدد تضيف مجلة "نقد" تقليداً جديداً إلى عالم النشر، إذ نشرت ديواناً جديداً للشاعر اليمنى الشاب محيى الدين جرمة بعنوان "حافلة تعمل بالدخان والأغانى الرديئة"، متمنّيةً من القرّاء والكتّاب والنقّاد التعامل مع هذه المجموعة على مثال ما يتمّ التعامل مع المجموعة المنشورة بشكل مستقلّ. هذا التقليد الجديد الذى ستعتمده المجلة تحت مسمّى "سلسلة نقد" يفتح الباب للشعراء الشباب لتأمين نشر إنتاجهم بانتشار واسع.

من ديوان محيى الدين جرمة نقرأ قصيدة بعنوان "قابيل" يقول فيها:

"ما زال فارّاً من وجه اللاعدالة

قضيّته مقيّدة

ضدّ مجهول

حتى اللحظة التى بلا وقت

يحتاج إلى أكثر من حياة ليعيش

وإلى أكثر من موت ليحيا

أن يلامس الصمت

مصافحته يدُ الثرثرة".

وفى قصيدة أخرى بعنوان "زرقاء بلا لون":

"صورة الريح فى جدار مرآة

فى عتمة نومهم الذى بلا نوم

منذ زمن غابر فى الغبار

يعتاشون على رماد الذاكرة

كعتماتٍ حمراء مدلاّة فى وجوه

تفرّ من رعبها الطرق

والمرايات

فى حين تسيل من مخدّات ورديّة

أحلام مكسوّة بالمطر

لظلال عبرات ساخنة

ومنسية

كتراب عالق على الخارطة".

جدير بالذكر أن "نقد" مع هذا العدد تكون قد أتمّت عامها الأول، على أن تخصّص عددها الخامس لتجربة الشاعر أنسى الحاج.

أثر الفراشة".. جديد محمود درويش

صدر للشاعر العربيّ محمود درويش كتاب جديد وسمه بـ "أثر الفراشة" فى نهاية شهر ديسمبر الماضي، وهو يضمّ مجموعة كبيرة من النصوص التى قال عنها الشاعر إنّها كُتِبَتْ بين سنتَيْ 2006 و2007... وحاول الانزياح بها صوب النثر من خلال ما أضاف للعنوان من هامش متضمّنٍ للفظة "يوميات" بما قد تُحيل عليه من نثرٍ ومن تفاصيل لا يسعها القول الشعريّ.

ونعرض على القارئ فى ما يلى مجموعة من نصوص هذا الكتاب التى نشرتها دار رياض الريس:

* ذباب أَخضر

أَلمشهد هُوَ هُوَ. صيفٌ وعَرَقٌ، وخيال

يعجز عن رؤية ما وراء الأفق. واليوم

أفضلُ من الغد. لكنَّ القتلى هم الذين

يتجدّدون. يُولَدُون كُلَّ يوم. وحين يحاولون

النوم يأخذهم القتلُ من نعاسهم إلى نومٍ

بلا أحلام. لا قيمة للعدد. ولا أَحد

يطلب عوناً من أحد. أصوات تبحث عن

كلمات فى البرية، فيعود الصدى واضحاً

جارحاً: لا أَحد. لكن ثمَّـةَ من يقول:

من حق القاتل أن يدافع عن غريزة

القتل . أمَّا القتلى فيقولون متأخرين:

من حق الضحية أن تدافع عن حَـقِّها في

الصراخ .

يعلو الأذان صاعداً من وقت

الصلاة إلى جنازات متشابهة: توابيتُ

مرفوعةٌ على عجل، تدفن على عجل... إذ لا

وقت لإكمال الطقوس، فإنَّ قتلى آخرين

قادمون، مسرعين، من غاراتٍ أخرى. قادمون

فُرَادى أو جماعات... أو عائلةً واحدةً لا

تترك وراءها أيتاماً وثكالي. السماء رماديَّةٌ

رصاصية، والبحر رماديٌّ أزرق. أَمَّا لون

الدم فقد حَجَبَتْهُ عن الكاميرا أَسرابٌ من

ذباب أَخضر!

***

صيفٌ خريفيٌّ على التلال كقصيدةٍ نثرية.

النسيم إيقاعٌ خفيف أحسُّ به ولا أَسمعه فى تواضُع

الشجيرات.

والعشب المائل إلى الأصفرار صُوَرٌ

تتقشَّفُ، وتُغرى البلاغة بالتشَبُّه بأَفعالها

الماكرة.

لا احتفاء على هذه الشِعاب إلَّا

بالـمُتاح من نشاط الدُوريّ، نشاطٍ يراوح

بين معنيً وعَبَث.

والطبيعة جسدٌ يتخفَّف

من البهرجة والزينة، ريثما ينضج التين والعنب

والرُمَّان ونسيانُ شهواتٍ يوقظها المطر.

لولا

حاجتى الغامضة إلى الشعر لَـمَا كنت فى حاجة

إلى شيء ـ يقول الشاعر الذى خَفَّتْ حماسته

فقلَّت أخطاؤه.

ويمشى لأن الأطباء نصحوه

بالمشى بلا هدف، لتمرين القلب على لامبالاةٍ ما

ضروريةٍ للعافية.

وإذا هجس، فليس

بأكثر من خاطرة مجانيّة. الصيف لا يصلح

للإنشاد إلّا فى ما ندر.

الصيف قصيدةٌ

نثريَّةٌ لا تكترث بالنسور المحلِّقة فى الأعالي.

* ليتنى حجر

لا أَحنُّ إلى أيِّ شيءٍ

فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي

ولا حاضرى يتقدَّمُ أَو يتراجَعُ

لا شيء يحدث لي!

ليتنى حَجَرٌ ـ قُلْتُ ـ يا ليتني

حَجَرٌ ما ليصقُلَنى الماءُ

أَخضرُّ، أَصفَرُّ ... أُوضَعُ فى حُجْرَةٍ

مثلَ مَنْحُوتةٍ، أَو تماريـنَ فى النحت...

أو مادَّةً لانبثاق الضروريِّ

من عبث اللاضروريّ ...

يا ليتنى حجرٌ

كى أَحنَّ إلى أيِّ شيء!

* أَبعد من التماهي

اجلسُ أمام التلفزيون، إذ ليس فى وسعي

أن أفعل شيئاً آخر.

هناك، أمام التلفزيون،

أَعثُرُ على عواطفي، وأَرى ما يحدث بى ولي.

ألدخان يتصاعد مني.

وأَمدُّ يدى المقطوعةَ

لأمسك بأعضائى المبعثرة من جسومٍ عديدة،

فلا أَجدها ولا أهرب منها من فرط جاذبيّة

الألم.

أَنا المحاصَرُ من البرِّ والجوِّ والبحر واللغة.

أقلعتْ آخرُ طائرةٍ من مطار بيروت

ووضعتنى أمام التلفزيون، لأشاهد بقيَّة موتي

مع ملايين المشاهدين، لا شيء يثبت أني

موجود حين أفكِّر مع ديكارت، بل حين ينهض

منى القربان، الآن، فى لبنان.

أَدخُلُ في

التلفزيون، أنا والوحش.

أَعلم أنَّ الوحش

أقوى منى فى صراع الطائرة مع الطائر.

ولكني

أَدمنت، ربما أكثر مما ينبغي، بُطُولَةَ المجاز:

التهمنى الوحشُ ولم يهضمني.

وخرجتُ سالماً

أكثر من مرة. كانت روحى التى طارت شَعَاعاً

منى ومن بطن الوحش تسكن جسداً آخر

أَخفَّ وأَقوى، لكنى لا أعرف أين أنا

الآن: أمام التلفزيون، أم فى التلفزيون.

أما القلب فإنى أراه يتدحرج، ككوز صنوبر،

من جبل لبنانى إلى رَفَح!

* نيرون

ماذا يدور فى بال نيرون، وهو يتفرّج على

حريق لبنان؟ عيناه زائغتان من النشوة،

ويمشى كالراقص فى حفلة عُرْسٍ: هذا الجنون،

جنوني، سيِّدُ الحكمة. فلتُشْعلوا النار في

كل شيء خارج طاعتي.

وعلى الأطفال أَن

يتأدَّبوا ويتهذَّبوا ويكُفُّوا عن الصراخ بحضرة

أنغامي!

وماذا يدور فى بال نيرون، وهو يتفرَّج على

حريق العراق؟

ايسعِدُهُ أن يُوقِظَ فى تاريخ

الغابات ذاكرة تحفظ اسمه عَدُوّاً لحمورابي

وجلجامش وأَبى نواس: شريعتى هى أُمُّ

الشرائع.

وعشبة الخلود تنبت فى مزرعتي.

والشعر؟..

ما معنى هذه الكلمة؟

وماذا يدور فى بال نيرون، وهو يتفرَّج على

حريق فلسطين؟

يُبهجه أن يدرج اسمه فى قائمة

الأنبياء نبيّاً لم يؤمن به أَحد من قبل... نبيّاً

للقتل كلَّفه الله بتصحيح الأخطاء التى لا حصر

لها فى الكتب السماوية: أنا أَيضاً كليمُ الله!

وماذا يدور فى بال نيرون وهو يتفرَّج على

حريق العالم؟ أنا صاحب القيامة.

ثم يطلب

من الكاميرا وقف التصوير، لأنه لا يريد

لأحد أن يرى النار المشتعلة فى أَصابعه،

عند نهاية هذا الفيلم الأميركى الطويل!

* حَمَام

رفٌّ من الحمام ينقشع فجأة من خلل الدخان.

يلمع كبارقة سِلْمٍ سماوية.

يحلِّق بين الرماديّ

وفُتات الأزرق على مدينة من ركام. ويذكِّرنا

بأن الجمال ما زال موجوداً، وبأن اللا موجود

لا يعبث بنا تماماً إذ يَعِدُنا، أو نظنُّ أنه

يعدنا بتجلِّى اختلافه عن العدم. فى الحرب

لا يشعر أَحد منا بأنه مات إذا أَحسَّ

بالألـم. الـموت يسبق الألـم. والألـم هـو

النعمة الوحيدة فى الحرب.

ينتقل من حيّ إلي

حيّ مع وقف التنفيذ. وإذا حالف الحظّ أحداً

نسيَ مشاريعه البعيدة، وانتظر اللاموجود

وقد وُجِدَ مُـحَلِّقاً فى رفِّ حمام.

أرى فى سماء

لبنان كثيراً من الحمام العابث بدخان يتصاعد

من جهة العدم!

* البيتُ قتيلاً

بدقيقة واحدة، تنتهى حياةُ بيتٍ كاملة. البيتُ

قتيلاً هو أيضاً قَتْلٌ جماعيّ حتى لو خلا من

سُكَّانه. مقبرة جماعية للموادّ الأولية الـمُعَدَّةِ

لبناء مبنى للمعنى، أو قصيدةٍ غير ذات

شأن فى زمن الحرب.

البيت قتيلاً هو

بَتْرُ الأشياء عن علاقاتها وعن أسماء

المشاعر. وحاجةُ التراجيديا إلى تصويب

البلاغة نحو التَّبَصُّر فى حياة الشيء. في

كل شيء كائنٌ يتوجَّع... ذكرى أَصابع

وذكرى رائحة وذكرى صورة.

والبيوت تُقْتَلُ

كما يُقْتَلُ سكانها.

وتُقْتَلُ ذاكرةُ الأشياء:

الحجر والخشب والزجاج والحديد والإسمنتُ

تتناثر أشلاء كالكائنات.

والقطن والحرير

والكتّان والدفاتر والكتب تتمزّق كالكلمات التي

لم يتسَنَّ لأصحابها أن يقولوها.

وتتكسَّر

الصحون والملاعق والألعاب والأسطوانات والحنفيّات

والأنابيب ومقابض الأبواب والثلَّاجة والغسَّالة

والمزهريات ومرطبانات الزيتون والمخللات والمعلبات

كما انكسر أصحابها.

ويُسحق الأبْيَضَان الملح

والسُّكَّر، والبهارات وعلب الكبريت وأقراص الدواء

وحبوب منع الحمل والعقاقير الـمُنَشطة وجدائل

الثوم والبصل والبندورة والبامية الـمُجَفَّفة والأرُزُّ

والعدس، كما يحدث لأصحابها.

وتتمزَّق عقود

الإيجار ووثيقة الزواج وشهادة الميلاد وفاتورة

الماء والكهرباء وبطاقات الهوية وجوازات السفر

والرسائل الغرامية، كما تتمزّق قلوب أَصحابها.

وتتطاير الصُّوَر وفُرَشُ الأسنان وأمشاط

الشَّعْر وأدوات الزينة والأحذية والثياب

الداخلية والشراشف والمناشف كأسرار عائلية

تُنْشَرُ على الملأ والخراب.

كل هذه الأشياء

ذاكرةُ الناس التى أُفْرِغَتْ من الأشياء، وذاكرة

الأشياء التى أُفْرِغَتْ من الناس... تنتهي

بدقيقة واحدة. أشياؤنا تموت مثلنا. لكنها

لا تُدْفَنْ معنا!

* مَكْرُ المجاز

مجازاً أقول: انتصرتُ

مجازاً أقول: خسرتُ ...

ويمتدُّ وادٍ سحيقٌ أمامي

وأَمتدُّ فى ما تبقَّى من السنديانْ ...

وثَمَّة زيتونتان

تَلُـمَّاننى من جهاتٍ ثلاثٍ

ويحملنى طائرانْ

إلى الجهة الخاليةْ

من الأَوْج والهاويةْ

لئلَّا أقول: انتصرتُ

لئلَّا أقول: خسرتُ الرهانْ!

* واجب شخصي

هتفوا له: يا بطل! واستعرضوهُ في

الساحات. نَطَّتْ عليه قلوب الفتيات

الواقفات على الشرفات، ورششنه بالأَرُزِّ

والزنبق.

وخاطبه الشعراء المتمردون علي

القافية بقافية ضروريّة لتهييج اللغة:

يا بَطَلْ! أنتَ الأَمَلْ .

وهو، هو

المرفوع على الأكتاف رايةً منتصرة، كاد

أن يفقد اسمه فى سيل الأوصاف.

خجول كعروس فى حفلة زفافها. لم أفعل

شيئاً. قمت بواجبى الشخصي.

فى صباح

اليوم التالي، وجد نفسه وحيداً يستذكر

ماضياً بعيداً يلوِّح له بيد مبتورة الأصابع

يا بطل! أنت الأمل . يتطلع حوله

فلا يرى أحداً من المحتفلين به البارحة.

يجلس فى جُحرْ العزلة. ينقِّبُ في

جسده عن آثار البطولة. ينتزع الشظايا

ويجمعها فى صحنِ تَنَك، ولا يتألم...

ليس الوجع هنا.

الوجع فى موضع آخر.

لكن من يستمع الآن إلى استغاثة القلب؟

أحسَّ بالجوع. تفقَّد معلبات السردين والفول

فوجدها منتهية الصلاحية. ابتسم وغمغم:

للبطولة أيضاً تاريخ انتهاء صلاحية .

وأدرك أنه قام بواجبه الوطنيّ!

* عَدُوّ مشترك

تمضى الحرب إلى جهة القيلولة. ويمضي

المحاربون إلى صديقاتهم متعبين وخائفين على

كلامهم من سوء التفسير: انتصرنا لأننا

لم نمت.

وانتصر الأعداء لأنهم لم يموتوا.

أمَّا الهزيمة فإنها لفظة يتيمة. لكنَّ المحارب

الفرد ليس جندياً بحضرة من يُحبُّ: لولا

عيناك الـمُصَوَّبتان إلى قلبى لاخترقتْ رصاصةٌ

قلبي! أو: لولا حرصى على ألاَّ أُقْتَلَ

لما قتلتُ أحداً! أو: خفت عليك من

موتي، فنجوت لأطمئنك عليَّ. أو: البطولة

كلمة لا نستخدمها إلّا على المقابر.

أو: فى المعركة لم أفكِّر بالنصر،

بل فكرت بالسلامة

وبالنمش على ظهرك. أو: ما أَضيق الفرق

بين السلامة والسلام وغرفة نومك. أو:

حين عطشتُ طلبتُ الماء من عدوى ولم

يسمعني، فنطقت باسمك وارتويت...

المحاربون من الجانبين يقولون كلاماً متشابهاً

بحضرة من يُحِبُّون. أمَّا القتلى من الجانبين،

فلا يدركون إلّا متأخرين، أن لهم عدواً

مشتركاً هو: الموت...

الأعمال الكاملة لشوقى وحافظ بلا حذف لأول مرة

 خمسة وسبعون عاماً مرت على رحيل الشاعرين الكبيرين أحمد شوقى وحافظ إبراهيم، وقد أقيمت عدة احتفاليات برائدى الشعر منها احتفالية المجلس الأعلى للثقافة، ثم احتفالية الهيئة العامة لقصور الثقافة، واحتفالية اتحاد الكتاب، بالاضافة الى ندوات وأمسيات فى كرمة ابن هانئ ومكتبة القاهرة ودار الكتب وغيرها.

وهى فى ظنى نوع من التكريم لعطاء الشاعرين اللذين يمثلان رمزاً أدبياً وثقافيا ورافداً من روافد حركة الاحياء الشعري، فإذا كان شوقى قد اختير من قبل النقاد والشعراء أميراً للشعراء، فان حافظ ابراهيم كان أقرب شعراء العصر الحديث الى نبض الشعب وقضاياه الاجتماعية، إلا أن معظم هذه الاحتفاليات لاتخرج من اطارها الاحتفالي..

فعلى سبيل المثال الأبحاث التى قدمت لمؤتمر شوقى وحافظ بالمجلس الأعلى للثقافة والتى أعدتها لجنة الشعر بالمجلس كانت ضعيفة ولا ترقى بمؤتمر كان ينتظر منه الكثير فأكثر من 99% من الأبحاث تتحدث عن شوقي، باستثناء بحث وحيد تحدث عن الاثنين "شوقى وحافظ" وهو بحث الدكتور محمد عبد المطلب، وكان من الأجدى أن يقال "مؤتمر شوقي" فقط، مع العلم أن التراث الشعرى والنثرى لحافظ ابراهيم يحتاج الى عشرات الدراسات لسبر أغواره وبيان جمالياته الأدبية والفنية.

وليس هناك جديد فى اسماء المشاركين فى المؤتمر فهم أنفسهم أساتذة دار العلوم الذين سيطروا على لجنة الشعر، وهم أيضا أصحاب أبحاث مؤتمر الشعر السابق، ولا أدرى لماذا الاصرار على أن يكون هؤلاء اعضاء فى لجنة "الشعر" التى هى أصلاً للشعراء، فعجيب أن يكون أكثر من70% من أعضائها من أساتذة اكاديميين وأصحاب ذائقة تقليدية، فى حين أن الشعراء الحقيقيين لايمثلون فى هذه المؤتمرات التى خلت من اسمائهم الأمسيات المختلفة، بينما شاركت أسماء لايعرف عنها أحد شيئا وليس لها أى اسهام أو تواجد فى الحركات الثقافية والشعرية، بل ان كثيراً منهم مازال ينشر فى بريد القراء.

لجنة الشعر – إذن – تكرر أخطاءها ولاتتعلم من الماضى وتنسى أن الشعر هو الأبقى بعيداً عن الخلافات والتحزبات فلا تستطيع الصخور وإن تعالت أن تمنع هدير البحر، هكذا هو حال الشعر فى مصر المحروسة شعراء يجددون ويحرثون فى أرض غير مأهولة بينما لجنة الشعر فى واد آخر.

ومع ذلك تبقى كلمة تقدير للمثقف الواعى على أبو شادى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة لأنه أنقذ "المؤتمر" من فشل ذريع، بعدما أعاد نشر الأعمال الكاملة لشوقى وحافظ، وكذلك جمع كل ما كتب عنهما من مقالات ودراسات فى ثلاثة مجلدات كبيرة أشرف عليها الناقد المخضرم د. محمد عبد المطلب وحملت عنواناً جامعاً هو "شوقى وحافظ فى مرآة النقد" بمقدمة ضافية تدل على عمق البحث أكد فيها أن الخطاب النقدى الذى لاحق شعر حافظ هو نفسه الموجه الى شوقى فقد اتهم الاثنان بالتقليد و"أن تجديده إحياء للقديم"، فهو لايتحرك حركة شعرية إلا فى صحبة تراثه القديم، ويؤكد عبد المطلب أنه بفحص الخلفية الثقافية التى وجهت الشاعر هذه الوجهة، نجدها خالصة للتراث لا أثر فيها لوافد أجنبى من الثقافة الفرنسية أو الانجليزية، ومن سعوا الى إنصاف الشاعر، رأوا أنه يمكن أن يكون مجدداً بالنظر الى الواقع الشعرى السائد فى العالم العربى آنذاك.

ويرى د. عبد المطلب أن أكثر ما يمكن أن يدخل حافظ فى سياق المجددين هو موضوعه الشعرى فى القضايا القومية والاجتماعية، وأنه استطاع أن يحول هذه القضايا الى لغة محكمة موقعة، فحاز عن استحقاق لقب "شاعر النيل".

وقدم عبد المطلب أيضا للشوقيات الشعرية مكتملة بلا حذف فقد أضيفت الى هذه الطبعة القصائد التى اسقطت فى الطبعات المتأخرة، والقصائد التى أسقط منها ما يتصل بأسرة محمد علي.

فى حين قدم د. أحمد درويش للأعمال النثرية الكاملة لأحمد شوقى التى ضمت سبع مسرحيات هى "رواية عذراء الهند أو تمدن الفراعنة" ورواية "لادياس" ورواية "دل وتيمان" او "آخر الفراعنة" ورواية "شيطان بنتاؤور" أو "لبد لقمان وهدهد سليمان" ورواية "ورقة الآس" ومسرحية نثرية هى "أميرة الاندلس"، وكتاب "أسواق الذهب" وهو عبارة عن تأملات نثرية.

ويؤكد د. أحمد درويش أن شوقى كان يشير الى هذه الروايات فى مجال الدفاع عن وطنيته فى وجه من ينتقصون منه كما فعل فى الرسالة التى وجهها الى الزعيم محمد فريد الذى شكك فى وطنيته قائلا: "وطنيتى أيها الرئيس الكريم فى الشوقيات وفى عذراء الهند، ودل وتيمان، ولادياس، وبنتاؤور".

وبالمثل قدم د. درويش للأعمال النثرية لحافظ ابراهيم التى تضمنت ثلاثة أعمال هى "ليالى سطيح" و"البؤساء" و"سؤال وجواب"، ويشير د. درويش فى مقدمته الى أن نثر حافظ ابراهيم – على قلته النسبية – لقى من عناية مؤرخى الادب والنقاد والمشتغلين بالحياة الادبية، أضعاف ما لقيه نثر أحمد شوقى على كثرته النسبية، ويكفى التدليل على مدى العناية بنثر حافظ أن نجد من بين المهتمين به أسماء مثل المنفلوطى ومحمود تيمور والمازنى ومحمد مندور وعبد الرحمن صدقى وعمر الدسوقي، وعبدالمحسن طه بدر، وأحمد هيكل، وشكرى عياد، وغيرهم من كبار الادباء والنقاد فى القرن العشرين.

أما ديوان "حافظ ابراهيم" فقدم له الشاعر فاروق شوشة – وهو مأخوذ عن الطبعة التى قدم لها أحمد أمين وأحمد الزين وابراهيم الابيارى حيث ركز شوشة – فى مقدمته – على البعد التنويرى فى شعر حافظ، وأصبح الكثير من قصائده فى سجل شعر الاستنارة المتبنى لقضايا الحرية والعدل والتكافل والمعرفة، وكل ما من شأنه تحقيق نهضة الوطن والمواطن ومنها قصائده فى قضية زواج الشيخ على يوسف صاحب صحيفة "المؤيد"، وفى خريجات كلية البنات الأمريكية وفى التعليم، وفى الحث على تأييد مشروع الجامعة، وفى رعاية الأطفال، وفى مدارس البنات، وفى رعاية الفنانين فى مرضهم وشيخوختهم، وفى مظاهرة النساء، وفى الشكوى بلسان اللغة العربية، وفى ثورة 1919، وفى طه حسين عندما فصل من الجامعة.

'الملعونة' تقدم صورة تشريحية لمجتمع القطيف

الكاتبة السعودية أميرة المضحي تضع شخصيات روايتها 'الملعونة' على السطح فتظهر صورة المجتمع كاملا.

تطل علينا الكاتبة أميرة المضحي بروايتها الجديدة "الملعونة" التي جاءت في 297 صفحة، وتقدم في روايتها صورة لشريحة برجوازية من المجتمع في مدينة القطيف الواقعة شرق المملكة العربية السعودية، وهي ذات غالبية شيعية.

وقد وضعت هذه الشخصيات على السطح فمن خلالها تظهر عن قرب صورة مجتمع كامل بأفكاره ومعتقداته وثقافته الدينية والاجتماعية وحياة المنتمين إليه.

أسلوب الرواية

تقدم إلينا الرواية أكثر من وجه من وجوه السعوديين في القطيف، وتتبع صاحبتها أسلوب التشويق الذي يجبر القارئ على القراءة ومتابعة ما سيحدث بحماس. فما أن ينتهي فصل بحدث هام ومعقد، حتى يبدأ الفصل الجديد بحدث آخر أكثر أهمية وتشويقا.

بدأت الرواية برسالة منشورة في جريدة اليوم المحلية وموقعة باسم البطلة متوعدة بمزيد من الرسائل. ومن ثم تأتي مقدمة الكتاب والتي أسمتها الكاتبة النهاية لتوضح فيها بأنها نشرت كتابها والأسرار التي استودعتها إياها كاميليا بعد سفرها إلى باريس، وتطلب منها السماح.

وتأتي خاتمة الكتاب التي أسمتها الكاتبة بالبداية موضحة بأن شخصيات الرواية خيالية ولا داعي للبحث عنها. وبدون سبب كما كتبت ذكرت مقولة للكاتب الايرلندي المشهور برنارد شو.

موضوع الرواية

قصة حب تدور أحداثها في مدينة القطيف بين عماد وكاميليا تتشابك فيها قصص أخرى.

تبدأ الرواية وعماد يسترق السمع بدون قصد لحديث أخته مع صديقتها التي يشده صوتها، فيحاول كشف هويتها وتكون كاميليا صديقة أخته منذ الصغر، ولكن صوتها كان له أثر غريب عليه.

وتنتهي عندما تقرر كاميليا الهروب من منزل والدها لتجبره على السماح لها بالزواج من حبيبها.

للوهلة الأولى تبدو الرواية وكأنها تحتوي على الخلطة الجاهزة لنجاح أي عمل روائي سعودي، ولكن ما أن تتعمق في القراءة فستجد فكرا حراٌ قد أنيط عنه اللثام لا أفعال مسكوت عنها تختص بالثالوث المحرم (الدين والجنس والسياسة).

بطلة الرواية العشرينية والتي تمثل بنات جيلها واعية جدا وهاهي ترفع صوتها مطالبة بحقوقها من كل مغتصبيها ابتداء من والدها الذي يمثل السلطة مع اختلاف المواقف، فولي الأمر موجود في كل مكان وبصور مختلفة وعديدة، والأنكى أن طاعته واجبة مهما حدث.

كاميليا نموذج لفتيات الألفية الثالثة، الفتاة السعودية المتعلمة تعليما جامعيا، والمطلعة على ما يدور في العالم والتي تستقي المعلومة من كل مكان بدون مقص الرقيب في عصر العولمة.

هي الفتاة المؤمنة بدورها في الحياة، والتي ترفض الزواج بابن عمها المليء بالعيوب لأنها مؤمنة بحقها الذي كفله لها الله في اختيار شريك حياتها.

هي ترفض أن تكون جارية تريد تأمين ملبسها ومأكلها وتنام مستورة، وهي أيضا الفتاة المتمردة التي بدأت تتقيأ كل ما لقنوها إياه في البيت والمدرسة بأنها عورة يجب إخفاءها دائما.

في الرواية جرأة عاطفية توضح العلاقات الخفية في القطيف، والعلاقات الزوجية غير السوية. وآراء تحررية تدعو إلى الثورة على العادات الاجتماعية البالية.

شخصيات الرواية

تدور الرواية حول كاميليا الناصر الفتاة الشابة والمنفتحة وتعرفها على عماد وخوضها علاقة عاطفية سرية لمدة أربع سنوات.

عماد الغانم الشاب البرجوازي الذي يفتخر بثقافته الخاصة البعيدة عن الثقافة السعودية التي يرفضها. ينقلب على العادات والتقاليد عندما يرتبط بكاميليا بسرية ومن ثم يخذلها خوفا من المجتمع والناس والفضيحة.

نجحت الكاتبة في رسم شخصياتها حتى بتنا وكأننا نعرفهم جيدا، كما أن الرواية غنية بعدد من الشخصيات التي تدور في فلك كاميليا وعماد، من أفراد العائلة والأصدقاء.

هدف الرواية

الرواية استهدفت أن تعكس الواقع لفئة من المجتمع السعودي بظروفه الاجتماعية والدينية والثقافية.

الرواية تركز على المرأة وحق اختيار الزوج في ظل العادات والتقاليد التي تقيد المرأة بكثير من القيود، وبأن هناك جيلا جديدا يطالب بحقوقه لأنه يعرفها، ولأنه مؤمن بها، ومؤمن بأن التمرد والثورة والسير عكس التيار وسيلة لإيصال القضية.

سفينة المطّلبي تمخر عباب بحر الولاء

 يدفع المطلبي شبهة الغلو في محبته للموسوعة الحسينية وصاحبها، فيقرن محبته بالولاء للإمام الحسين.

الحديث ومضة تاريخ فإن لم تسجلها عدسة المؤرخ تلاشت في سماء الزمن، والتاريخ سلسلة حوادث إن لم يقيدها يراع الزمن في سجلاته تناثرت أوراق الحدث بين هذا وذاك، فإن وجد راويا منصفا حافظا نال شرف الثبات وإلا ضيعته الرواة بين تزوير أو تحميله ما لا يطاق من التفاصيل، أو رميه في سلة مهملات التاريخ.

ويعد الأدب المنظوم الوجه الثاني من عملة الأدب الذي يحفظ التاريخ ورجالاته، فإذا كان الأدب المنثور نقرأه في أوراق مطويات، فإن الأدب المنظوم يقرأ من على الأوراق ومن على شريط الذاكرة، ولذلك عد الشعر حافظة قوية في صدور الناظمين والرواة والحافظين وقطاعات كثيرة من الأدباء وهواة الشعر، وكما حفظ التاريخ الشعر العربي في العصر الجاهلي وما بعده إلى يومنا هذا، حفظ الشعر صفحات كثيرة من سجل التاريخ، فهناك وظائف ثنائية متداخلة.

والتاريخ لوحة صماء إن لم ترسم خطوطها ريشة فنان، فالملايين الملايين من البشر سادوا وبادوا ولكن القليل القليل ممن أرخهم التاريخ في الزين والشين، والنزر القليل من هذا القليل تسطع أسماؤهم في جبين التاريخ كونهم صناع الخير فيه وحملة القيم والمعاني السامية.

ومن هؤلاء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الذي سجل في كربلاء أكبر وأعظم ملحمة تاريخية تزداد رقعتها يوما بعد آخر. وبعد أربعة عشر قرنا قيض الله للنهضة الحسينية رجلا من نسل الشهيد مالك الأشتر (ت 39 هـ)، يتلمس التاريخ وينفض عنه غبار النسيان ويتسقّط أخباره ليقيد نهضة الإمام الحسين (ع) في أكبر دائرة موسوعية في أكثر من ستمائة مجلد.

هذه الموسوعة كانت محل إلهام الشاعر العراقي عبدالحسين بن يوسف المطلبي المولود في ناحية المشرح في محافظة العمارة في العام 1937 في أسرة أدبية وعلمية، وسكن بغداد منذ شبابه، فأنشد فيها ست قصائد من الشعر العمودي والحر، واختار لإحداها عنوان "أنتِ السفينة والبحار"، فكان هو عنوان الديوان الذي صدر عن بيت العلم للنابهين في بيروت، في 88 صفحة، وقدم له الأكاديمي والشاعر الجزائري د. عبدالعزيز شبّين، فجاءت القصائد والمقدمة تحفة أدبية في النثر والنظم، وحسبما يقول المطلبي:

"لا مراء بأن دائرة المعارف الحسينية لملمت روافد المعرفة لتكوّن منها بحاراً وتضم بعضها إلى الآخر لتبحر في المحيطات ولم تنته براعتها إلى هذا الحد فحسب بل قامت بصنع سفينة استطلاع يمكنها أن ترسو على موانئ المعارف في أي دائرة شاءت أو شئت. مما حدا بي أن أخاطبها (أنتِ السفينة والبحار) لأكتشف بأن محبة الحسين (ع) رمز نجاحها وإصابتها الهدف وبها يستطيع ربّانها قيادتها بكل سلاسة ويسر."

الخليل الثاني

توقف الدكتور شبين طويلا عند مؤلف الموسوعة الفقيه الدكتور محمد صادق محمد الكرباسي بوصفه صانعا للتاريخ من خلال الموسوعة الحسينية التي دبجها بيواقيت الأفكار وجمّلها بصالح الأعمال، ولأن صاحب المقدمة شاعرا ومتبحرا في علم العروض، فإنه وجد في الشاعر والعروضي الدكتور الكرباسي:

"شاعر رحب الخيال خصيبه، دواته ملآنة تمده من بحار لا تنضب، إذا نثر أوجز وإذا شعر أعجز، ولا تزال يمناه تنظّر للشعر عروضه حتى تفنن فيه، فأبدع إيقاعات لم يعهدها الشعر العربي من قبله، فاستحق بذلك أن يلقب بـ (الخليل الثاني) ولم يكن هذا السبق وليد صدفة، بل كان نتيجة إلهام علوي، واجتهاد ذاتي، لم يحظ بهما إلا من أوتي الحكمة."

ولأن الأديب شبّين وقف على مجلدات كثيرة من دائرة المعارف الحسينية وفي أبواب متفرقة وعلوم مختلفة، فكان رأيه في صاحب الموسوعة "فلا أظن الشعر قادرا على بلوغ ذاته وصفا، ولا النثر على عدّ حسناته بلاغة، وما أصدق فيه قول النبي الأعظم (ص) {إن العلماء ورثة الأنبياء}.

ومن وحي قصائد الشاعر عبد الحسين المطلبي ضرب الأديب عبد العزيز شبّين بعصى القوافي صخرة الشعر فانبجست عينا "وليد الدوح"، و"فاطم تفتح دجلة للظامئين"، بعد أن وجد أن المطلبي أجاد وأبدع، لذلك كان "من حسنات الصدف أن أتصفح القصيدة، وأستعذبها ذوقاً، وصورة، وبياناً."، ولذلك "كلما أنشدت بيتا تلو آخر زاد إعجابي بسلاسة الشاعر وانسيابه، وبراعته في سبك الألفاظ، واختراع الصور، وتدقيق المعاني، ولن يؤتاها إلا من أحكم للشعر أدواته، فاستوعبها مبنى ومعنى ووزنا وخيالا، هذا ما لمسته معجبا فيما كتبه المطلبي."، فاستوحى شبّين من همزية المطلبي "أعني يا محمد"، قصيدة "وليد الدوح"، وعارض بقصيدة "فاطم تفتح دجلة للظامئين" القصيدة الغديرية للمطلبي التي "أنشأها في ذكرى الغدير، وصفا للعراق، وتعبيرا عن آماله، فما أن قرأتها حتى فجرت بداخلي منابع الإلهام، لما اتسمت به من سلاسة لغة، ودفقة خيال، وسحر بيان."

ففي وليد الدوح من الوافر ينشد الدكتور شبّين في مدح صاحب الموسوعة:

حجتْ بمعينك الورْق الظّماءُ

وفاضتْ منْ فم السّلوى دلاءُ

ثم ينشد:

أكرباسي مهما لاح بدرٌ

فمن زهرا جبينك يستضاءُ

أليس النثر دونك والقوافي

فكل صحيفة كتبتْ هراءُ

ثم يختم:

صحا بيراعك الثقلان فجراً

وتحت جناحك أخضلّ الحداءُ

سماوات الهوى سبعا جلاهنّ

حرٌّ سرّ مولده جلاءُ

إذا أبصرت حبّك فانتظرها

فحيث ترى ستشرق كربلاءُ

وفي "فاطم تفتح دجلة للظامئين" ينشد شبّين من المتقارب:

محجّلة الدوحتين أنيري

حدائق مختومةٌ بالعبير

ثم ينشد للرافدين:

إلى هودج الحور بالرافدين

إليه هفا خاطري بالحبور

توشَّيتُ بالمرقدين الهلالَ

فشعَّت به داجيات العصور

وينشد للفرات:

عراق اهتفي، أنجمٌ ثاقباتٌ

بزغن بطهر البتول المنيرِ

توحَّد فيها الفراتُ الموشَّى

بأطهرِ عرشٍ، وأذكى أمير

ثم يختم الأديب الجزائري ناشدا دجلة الخير:

وفاطم تفتحُ دجلة للظا

مئين، فيُمناكِ مسكُ الدهورِ

نداء النصرة

في هجير كربلاء نادى الإمام الحسين (ع) بالنصرة وألقى الحجة على الناس كل الناس "ألا هل من ناصر ينصرني"، وصدى هذا النداء الذي انطلق من حنجرة الحق باق، لأن نصرة الحسين (ع) هي نصرة الرسالة المحمدية الخاتمة مادامت السماوات والأرض.

هذا النداء هو الذي شدّ الشاعر المطلبي لكتابة قصائده في الموسوعة الحسينية وعقد جمانها الإمام الحسين (ع) وصاحب يراعها المحقق الكرباسي، حيث "وجدت نفسي في لحظة من لحظات عمري بأن شخصية كآية الله الدكتور الشيخ محمد صادق الكرباسي الذي نذر نفسه لأبي الأحرار وعكف على كتابة موسوعة ناهزت أجزاؤها الستمائة مجلد وهو في آخر بقاع العالم (لندن)، ليقول بملء فمه: لبيك يا حسين لبيك يا حسين بعد أربعة عشر قرنا فشدني العزم على أن أكون من السباقين إلى نصرته ببعض القصائد التي أرجو أن تأخذ دورها في سجل الأنصار الذابين عن ابن بنت رسول (ص) تأسيا بعشرات الإخوة الذين قاموا بتقريظ هذه الموسوعة الجليلة."

وكان هذا الديوان عربون محبة وولاء ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وحمل عنوان "أنتِ السفينة والبحار" إشارة كما يقول الدكتور شبّين إلى "دائرة المعارف الحسينية، فهي سفينة علم ونجاة، تقود أهل العلم تسير بهم إلى معرفة الآفاق، واكتشاف الحقائق والمعارف، وهي البحار بما تحمله من جواهر وكنوز ويواقيت، ونفائس لم يعهد مثلها في كتاب."

وإذا نقلنا حركة التاء في الضمير "أنتِ" من تحت إلى فوق "أنتَ"، فصح القول (يا حسين أنتَ السفينة والبحار) من حيث قول الرسول الأعظم محمد (ص) {إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعز وفخر وبحر علم ذخر.}، ومن حيث قول الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) (ت 148 هـ) {كلنا سفن نجاة وسفينة الحسين أسرع.}

قصائد الولاء

في القصيدة الأولى يتغنى المطلبي بالموسوعة الحسينية التي "يعجز حتى الخيال على أن يحيط بها وصفا وتصويرا."، فينشد من البسيط الأول قصيدة في خمسة وعشرين بيتا، ومطلعها:

فتّشتُ كلَّ سنيِ العمرِ ما عَثَرتْ

عينايَ إلا على دمعٍ محا نظري

ثم ينشد:

موسوعة سافرت كلُّ العصور بها

وما درت أنها في أول السفر

وألفُ ألفٍ من الآفاق طائرةٌ

تحُطُّ في الروح مثل اللمح بالبصر

ويختم المطلبي:

قلبي قصيدةُ حبٍّ صامتٍ وأنا

بغيرها ليس لي في الحب من وطرِ

في قمة الصمتِ لا يرقى الخيال لها

فكيف أعزفها لحنا على وتري

وفي القصيدة الثانية من 47 بيتا من الرمل الثاني، يتطلع إلى نور الموسوعة الحسينية، وهو يقف على شاطئ المعرفة، فينشد:

كيف أرمي سُفُني في لجج

موجها ما زال يسمو للسماء

ثم يضيف:

كل إشعاعات فكري نفذت

في خبايا الكون لولاك هباءْ

درةٌ في يتمها أنتِ بلا

والدٍ، أمٍّ، أخٍ أو أقرباءْ

ما لها من قبلُ، من بعدُ، أرى

مَنْ هُمُ أشباهُها والنُظراءْ

ثم يتذكر قطرات الدم التي أريقت على صعيد كربلاء عام 61 هجرية، فينشد:

وحروفٍ بعضها قد جُعلتْ

جسداً للنور والبعضُ رداءْ

قطرةٌ من دَمِهِ في كربلاء

هي حزمٌ هي عزمٌ ومضاءْ

جعلتْ قنبلةً موقوتةً

جسدَ الثائرِ والموتَ بقاءْ

وفي القطعة الثالثة التي حملت عنوان الديوان، ينشد المطلبي من الشعر الحر:

أنتِ السفينة والبحار

ربّانُها جسدٌ عنيتُ الرمحَ

تُحمَلُ فوقَه الشمسُ المضيئة من دم

حتى النشور

ثم يتماهى المطلبي ولها مع الموسوعة المتنورة بضياء سيد الشهداء، فينشدها:

لو كان هذا الكون ذا حدود

كل الوجود كان ذا حدود

كنتُ إذن أنْظُمُ عِقدَ لؤلؤٍ فريد

لمهجتي

موسوعة الشهيد

مضيئة بنور حبِّ سيدي الحسين

ويذهب الوله بالمطلبي مذهبا إلى تقمص شخصية قيس المنصهر بعشق ليلى "الموسوعة الحسينية: التي يستحيل فراقها، لجمال علومها وروعة فنونها، فينشد قصيدته الرابعة من السريع في 52 بيتا، ومطلعها:

موسوعةٌ ورودها غامرة

في بحر نورٍ سُفُنا ماخرةْ

ثم يقسم في الخاتمة بأن لا يستبدل حبيبته بأخرى ولا يتذكر غيرها:

وكلُّ يومٍ لا أرى حُلوتي

فالعيش فيه صفقة خاسرة

قالوا تذكر غيرها، قلتُ لا

موسوعةُ النور هي الذاكرة

وكما يقول الشاعر المطلبي فإن هذه القصيدة هي "قصيدة حب لها (الموسوعة)، وقد قارنت بين الحب الحسي المألوف وبين الحب الروحي للموسوعة المباركة. الحب الحسي هو الحب الدنيوي بجميع أنواعه وأشكاله، وقد رمزت إليه بالدنيا التي صورتها بل جسّدتها في صورة امرأة حسناء لعوب."

أما القصيدة الخامسة ومؤلفة من ثلاثة أقسام من الشعر الحر، كانت الأولى تحت عنوان السفن الياقوتية إشارة الى أجزاء الموسوعة الحسينية، وهي "رحلة من عالم المحسوسات إلى عالم الروح حيث أجد السفن الياقوتية في انتظاري."، فينشد:

وصحوت قليلا

أأنا في سفن من ياقوت فوق شواطئ روح تغدو وتروح

وقريبا مني

كان الموجُ جبالا وهضابا في اللُجِّ الدريِّ يلوحْ

وفي القسم الثاني وتحت عنوان "الشجرة" كرمز للموسوعة فإن البذرة الأولى لها "تصير شجرة تدخل أغصانها في كل زمان ومكان وتخرج من كل زمان ومكان."، فينشد:

يا زمني خذ من دمه قطرة

خذ من دمه بذرة

اُنظر يا زمني لعروق الشجرة

طربٌ خفَّ بها للأعماق

ويتوشّح المطلبي في القسم الثالث "عباءة الزمان"، فينشد:

وفوق كل ورقةْ

من الغصون النضرةْ

كواكبٌ محلِّقةْ

وتحت كل ورقة

جنائنٌ معلَّقةْ

الأرض والسماء

عباءة خضراءْ

وفي القصيدة السادسة والأخيرة يتنقل الشاعر على جناح الولاء، ويصل به طائر الحب إلى صاحب الموسوعة فيعبر عن عظيم تقديره للمحقق الكرباسي الذي وظف قلمه وما يملك من مال وصحة وزمن وعشيرة وأصحاب لخدمة معشوق الثقلين ومحبوب أهل السموات والأرضين الإمام الحسين (ع)، فنظم من الوافر قصيدة الحب والتقدير في 38 بيتا، ومطلعها:

ألا ماذا يقول هو الثناءُ

له في كلِّ خاطرةٍ سماءُ

بمن حانت جوارك يا حسين

ولادته فأرضعه الوفاءُ

إشارة إلى مولد البحاثة الكرباسي في مدينة كربلاء المقدسة في الخامس من شهر ذي الحجة العام 1366 هـ (20/10/1947).

وينهيها بمسك الختام:

سميِّ المصطفى عن كل نور

إلهي لقد رُفع الغطاءُ

على الغرفات قد كتبتْ بمسكٍ

حروفُ النور: نعم هو الجزاءُ

وسمي الرجل الذي يوافقه بالاسم وحيث أن صاحب الموسوعة الحسينية مركب الاسم (محمد صادق) فوافق النبي الأكرم في اسمه ووافقه في صفته (الصادق الأمين).

وحتى يدفع الشاعر المطلبي عن نفسه شبهة الغلو في محبته للموسوعة الحسينية وصاحبها، فيقرن محبته بالولاء لمن تناثرت عليه حروف الموسوعة وقوافيها، إذ "ليس هناك تطرف أو تكلُّف في حبي للموسوعة الحسينية المباركة لأن حبي لها نابع من حبي لسيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين (ع)."، والأمر كما أوضح ورأينا رأيه كما أفصح.

اصدارات جديدة من دار الشؤون الثقافية في بغداد

 اسم الكتاب: أضواء على تاريخ الادب السرياني وجذوره.

اسم المؤلف: نزار حنا يوسف الديراني.

عدد الصفحات: 112 صفحة.

نبذة عن الكتاب: قسم المؤلف كتابه الى ثلاثة حقب :الحقبة الاولى( من القرن التاسع قبل الميلاد وحتى القرن الثاني الميلادي) والثانية( من القرن الثاني وحتى نهاية القرن السادس الميلادي) والثالثة( من القرن السابع وحتى القرن الثالث عشر) ، دراسة مستفيضة الى تاريخ الادب السرياني عبر مر العصور والحضارات. 

اسم الكتاب: التنبيه على الخطأ الشائع والصواب الضائع.

اسم المؤلف: شاكر غني العادلي.

عدد الصفحات: 168 صفحة.

نبذة عن الكتاب: كتاب مهم ومفيد للجميع للمختص ولغير المختص لمعرفة الخطأ والصواب الذي اخذ منها الكثير من لغتنا الحبيبة وقد بين لنا ان التهاون في امر الاخطاء الشائعة وتركها تتراكم خطأً كبيراً على هذه اللغة الكريمة لما ينطوي عليه من الاستهانة بقواعدها واصولها. 

 اسم الكتاب: العنف الاجتماعي _ دراسة لبعض مظاهره في المجتمع العراقي مدينة بغداد انموذجاً.

اسم المؤلف: اسماء جميل رشيد.

عدد الصفحات: 232 صفحة.

نبذة عن الكتاب: كتاب مهم احتوى على خمسة فصول تناول مظاهر العنف الاجتماعي ودراسة بعض من مظاهره واشكاله في المجتمع العراقي وقد خصصت الكاتبة مدينة بغداد حصراً. 

 اسم الكتاب: النص اللغوي بين السبب والمسبب /دراسة تطبيقية(44).

اسم المؤلف: أ.د. نهاد فليح العاني.

عدد الصفحات: 124 صفحة.

نبذة عن الكتاب: اللغة العربية هي اللغة التي تمتلك الدقة في نظامها التعبيري والتركيبي بالاضافة الى حساسيتها المفرطة في نقل الفكر باساليب تعبيرية راقية تتوخى فيها الدقة النحوية والاسلوبية في سلوكها التعبيري عن (السبب)(والمسبب) او (العلة)و(المعلول). 

 اسم الكتاب: تاريخ العائلة/ قصص قصيرة.

اسم المؤلف: حنون مجيد جياد.

عدد الصفحات: 232 صفحة.

نبذة عن الكتاب: مجموعة قصصية ضخمة لمحتواها ومضمونها خمسة عشر قصة طويلة تناول فيها مواضيع اجتماعية من الواقع العراقي بحس ونفس عاليين احداها كانت واختارها المبدع عنواناً لمجموعته هذه. 

 اسم الكتاب: تداخل الفنون في القصيدة العراقية الحديثة/دراسة في شعر مابعد الستينات.

اسم المؤلف: كريم شغيدل.

عدد الصفحات: 264 صفحة.

نبذة عن الكتاب: كتاب مهم ومفيد يبحث في مادة التداخل الفني في القصيدة العراقية الحديثة وقد تناول في كتابه هذا شعر بعد الستينات ودراسة مستفيضة عبر فصول كتابه الثلاث. 

 اسم الكتاب: جمهورية البرتقال/شعر.

اسم المؤلف: ابراهيم الخياط.

عدد الصفحات: 152 صفحة.

نبذة عن الكتاب: مجموعة شعرية تضم ستة وعشرين قصيدة منوعة احداها اختارها عنواناً لمجموعته ذات حس ولمسة اسلوبية لمسة تخص لغة القصيدة.

  اسم الكتاب: دروب وحشية.

اسم المؤلف: نجم عبد الله كاظم.

عدد الصفحات: 376 صفحة.

نبذة عن الكتاب: رواية اجتماعية سياسية تناول فيها فترة قيام الجمهورية وتغيير النظام الملكي وماصاحب تلك الفترة من تغيير. 

 اسم الكتاب: صرخات الحروب.

اسم المؤلف: جوليا بييه.

اسم المترجم: مها محمد حسن.

عدد الصفحات: 80 صفحة.

نبذة عن الكتاب: مجموعة قصصية احتوت بين طيات صفحاتها سبعة قصصا متفاوتة في الطول للروائية جوليا بييه تخص بها الحرب وويلاتها والمآسي التي تصيب الشعوب جراء هذه الحروب. 

 اسم الكتاب: غياب لامرئي/قصص.

اسم المؤلف: سالم حميد.

عدد الصفحات: 128 صفحة.

نبذة عن الكتاب: قسم القاص مجموعته هذه الى قسمين ، القسم الاول ضم تسعة قصص منها العلاقة ، المفتاح والغيبة والقسم الثاني ضم سبعة قصص منها صلاة للغائب ، موكب للدوار ، غياب لامرئي/مجموعة ذات حس ونفس اجتماعي تناول فيها واقع وهموم الناس.

 اسم الكتاب: غيوم برتقالية/شعر.

اسم المؤلف: سلمان الجبوري.

عدد الصفحات: 160 صفحة.

نبذة عن الكتاب: ثمانية واربعين قصيدة تتراوح بين القصيدة الطويلة والقصيرة ذات نفس وحس عال احداها اختارها عنواناً لمجموعته. 

 اسم الكتاب: قصتي مع المسرح/ المجلد الثابت.

اسم المؤلف: بدري حسون فريد.

عدد الصفحات: 384 صفحة.

نبذة عن الكتاب: تكملة واستمرار للاجزاء السابقة عرفنا فيها المؤلف عن مسيرته الفنية ومسيرة المسرح وقصته في العراق. 

 اسم الكتاب: قلعة الحاج سراب/قصص   

اسم المؤلف:هشام توفيق كاظم الركابي

عدد الصفحات:152

نبذة عن الكتاب:مجموعة قصصية ضمت 5 قصص طويلة احداها كانت بعنوان قلعة الحاج سراب ، تميز المجموعة بعمقها الفني والابداع العالي وقد سبق للقاص ان طبع له العديد من الاعمال الروائية والقصصية منها رواية اعداد المدفع 106 ، صمود النسخ جـ 1-2 وغيرها من الاعمال الابداعية المتميزة.

 أرض معزولة بالنوم

هو الديوان الثالث لشاعر اللبناني ناظم السيد والكتاب هو الثالث بعد ديوانيه (برتقالة مقشرة من الداخل) و (العين الأخيرة). الكتاب تدوين شعري لصورة الموجودات كما يراها الشاعر بعين الشعر حيث الإنسان في المحور سابحا في البحر والليل والمرأة والوحدة. :"قفز من المدرسة إلي الحقل. وركض حتي ابتلع الليل قدميه. ورأي جسمه أليفاً كالعشب. ولم يكره البرد حين لسعه. ودعك عينيه في الشمس كأنه يفرك أصابعها. ومشي خلف النمال في خط بطيء. وعندما تمدّد علي ظهره ونظر إلي السماء شعر بوجهه فارغاً. وتذكّر كائنات الأم التي لاحقته حتي باب البيت. وأحسَّ بعينيه عميقتين كالإهانة. وهناك تعلّم وأحبَّ وخاف وغفا حتي محا النوم أنفاسه". الكتاب هو حكايات علي شكل قصائد أو قصائد علي شكل حكايات يرويها الطفل كبيرا والكبير صغيرا حيث يتداخل الزمن لكن خطواته تفترق أو تلتقس عند بؤرة غير مرئية. يراقي الشاعر في هذه المجموعة محيطة بحساسية لغوية ليكتب نصه مفتوحات علي تأويلات مختلفة تتيح أكثر من قراءة وفق ما يكتنز الشعر من طاقة.

زئبق العزلة بمواجهة الشر

شهقت الممرضة عندما رأت وجه هازل، كانت الصدمة قوية جداً. ما عاد بإمكانها أن تغض الطرف عما يحصل في هذه الجزيرة المعزولة. لقد قررت كشف أسرار ما يحصل بين القبطان وربيبته، ومعرفة الأسباب التي جعلت شابة مثل هازيل ترضي بالعيش في هذه العزلة المحاطة بأقصي درجات السرية مع رجل تجاوز السبعين من عمره علاقة إنسانية مؤثرة بين الممرضة وهازيل، دفعت الممرضة لمواجهة مخاطر كبيرة في سبيل إنقاذ الفتاة الشابة. إنها رواية مفاجئة في حبكتها وفي نهايتها. حيث تسرد المؤلفة ظروف حياة فتاة تحتجز من طرف رجل كبير السن في جزيرة معزولة، عن طريق زرع وهم لديها عن حالتها غير المحتملة، وعن كونها حاميها، وقد وفر لها هذه العزلة، لكي لا تضطر لمواجهة الشر.

جدل العرب والحضارة

كتاب يتناول الأزمة الحضارية العربية ويبحث في موقع العرب علي خريطة العالم.

حدّد في البدء أن هذه المرحلة من تاريخ العالم العربيإنم ا هي مرحلة تحوّل ثقافي من تخلّف مزمن إلي نموّ و تقدّم بإطراد. لكن المحصّلة أن العرب لا يزالون يرزحون تحت نير التخلّف الحضاري، بدليل أنهم لا يزالون يربطون بين طرائق العيش و القيم الاجتماعية الموروثة.

يشير الكتاب إلي طبيعة بصراع الطويل الأمد بين النظرة اللاهوتية و النظرة الإنسانية للحياة، واقعا و طموحات، كما بين نقاط الخلاف الجوهرية بينهما، و مواقع تعارضهما و تصادمهما، مشدّداً علي دور العقل في إدارة الصراع أو درئه. و بقدر ما بيّن التناقض علي أشدّه أحيا الآمال من جديد، بل كشف أوجه التوافق بين طرفي الصراع في محاولة جادة و ناجحة للخروج من المأزق و شق الطريق نحو تطور حقيقي علي أسس راسخة و ثابتة تعتمد معادلة طرفاها: عملية الإصلاح و تحديث الذهنية العربية.

الكتاب يثير حوارات تهدف في النهاية إلي مصالحة مع الذات و مع الحضارة و التطوّر الحضاري.

 الانتخابات في ثقافة المجتمع العربي

صدر العدد 61 ـ خريف 7002 عن الجمعية العربية للعلوم السياسية بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية من المجلة العربية للعلوم السياسية متضمنا افتتاحية الدكتور علي الدين هلال: العلم والمنهج العلمي وملفاً حول الانتخابات والديمقراطية شارك فيه:

ــ مارينا أوتاواي وعمرو حمزاوي: الاحزاب العلمانية في الوطن العربي: الصراع علي جبهتين".

ــ عمر الحضرمي: "الشوري والديمقراطية: حوارية الموروث الديني والحادثة السياسية".

ــ عبد الفتاح ماضي: "متي تكون الانتخابات ديمقراطية"

ــ احمد هاشم اليوشع: "برلمان 2006 والبرامج الاقتصادية للجمعيات السياسية في البحرين: بين النظرية والواقع".

ــ وزين العابدين حمزاوي: "الاحزاب السياسية وازمة الانتقال الديمقراطي في المغرب"

اما الدراسات فتنوعت بين محورين:

1 ــ معوقات الداخل العربي في التواصل مع الاخر الغربي: وجهة نظر عربية: صالح سليمان عبدالعظيم.

2 ــ قطع العلاقات الدبلوماسية: المفهوم والاسباب: محمد الاخضر كرام.

وفي باب اراء مادتان:

1 ــ حلف شمال الاطلسي والتوازنات الاقليمية في الشرق الاوسط: خضر عباس عطوان

2 ــ العدوان الاسرائيلي علي لبنان. الاستراتييا الثابتة والظروف المتغيرة: حسن يوسف سالم القطروني.

وفي العدد ايضا مراجعة لكتاب "العرب والحداثة: دراسة في مقالات الحداثيين (تأليف عبد الاله بلقزيز) اعدها كرم الحلو.

واختتم العدد بتقرير عن نشاطات حول: "المبادرة العربية ــ الافريقية للتضامن مع اهل دارفور: نداء المثقفين والفنانين العرب من اجل حماية السودان من التدخل الاجنبي" لــ احمد حلواني و"يوميات عربية ودولية مختارة:" و "ببليوغرافيا مختارة"

 الكتاب الفلسطيني يخترق الحصار بأول دار نشر إلكترونية  

يواجه الفلسطينيون معيقات الاحتلال والأوضاع الصعبة بطرق متعددة. التكنولوجيا الرقمية هذه المرة كانت وسيلة الثقافة الفلسطينية للخروج من الحصار والحواجز.

فقد أطلق شاب فلسطيني ما وصفه بأنه أول دار إلكترونية للنشر والتوزيع بالأراضي الفلسطينية تهدف إلى زيادة عدد القراء حول العالم للكتاب الفلسطينيين، والإصدارات الصادرة عن المراكز ودور النشر والتوزيع بالأراضي الفلسطينية.

وقال فؤاد العكليك إن الدار الإلكترونية الجديدة التي أطلق عليها اسم الرقمية هي محاولة للتغلب على المعيقات أمام تصدير إنتاج الكتاب الفلسطينيين، وما يصدر من دراسات عن المراكز الفلسطينية. وأوضح أن المكتبة التي أنشأها مع صديق له تضم حاليا خمسمائة عنوان لإصدارات فلسطينية بمجالات مختلفة في الأدب والسياسة والاقتصاد.

كما أفاد في حديث مع وكالة رويترز للأنباء أن صعوبات كثيرة تواجه تصدير الكتاب الفلسطيني إلى الخارج مما يتطلب وسيطا ثالثا سواء عبر الأردن أو مصر بسبب الاحتلال وسيطرته على المعابر التي تربط فلسطين بالعالم الخارجي، وهو ما "يجعل الإصدارات الفلسطينية خاضعة لأنظمة الرقابة بهذه الدول".

وأضاف ذلك الشاب أن المكتبة الرقمية "مشروع ينطلق من فلسطين إلى العالم متجاوزا كل الحواجز والمعيقات التي تحول بين القراء حول العالم وبين الإنتاج الفكري الفلسطيني". وأشار إلى أن الهدف هو زيادة مساحة الجمهور القارئ عن طريق موقع المكتبة الإلكترونية الأولى.

وقال العكليك إنه يتم شراء الإصدارات والكتب من المكتبة حسب الأنظمة المتبعة دوليا للشراء عبر الإنترنت.

 وذكر أن الهدف من هذا المشروع مساعدة الكتاب الفلسطينيين في زيادة دخلهم من خلال استهداف الجاليات العربية بأوروبا وأستراليا والولايات المتحدة إضافة إلى الجامعات والمؤسسات التعليمية بالعالم العربي المعنية بالدراسات والإصدارات الفلسطينية.

يُشار إلى أن المكتبة الجديدة تتيح للقراء الاطلاع على كل ما هو جديد من إصدارات فلسطينية بمختلف المجالات، إضافة إلى توفيرها ملخصات لها وفهارس لما تحتويه من مواضيع.

 ويتطلع صاحب فكرة المكتبة الإلكترونية في مرحلة لاحقة إلى ترجمة الإصدارات الفلسطينية إلى لغات أخرى، وستكون البداية باللغة الإنجليزية. 

 مجلات الأثاث وزينة المنازل تغزو سوق النشر الألمانية  

 ازداد ولع المواطنين الألمان في السنوات الأخيرة بالتغيير المستمر والبحث عن لمسات جمالية لإضفاء أجواء أكثر دفئا على حياتهم المنزلية، ما أدى لانتشار واسع لمجلات متخصصة بتصاميم المنازل وأثاثها وزينتها.

 كما ساهم في هذه الانتشار هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، التي عملت على إحياء مشاعر البحث عن الهوية والقيم التقليدية لدى الألمان، ما جعلهم يفضلون العودة إلى جدران المنزل الأربعة، وتفضيل المطبخ الفسيح على البارات وشاشة التلفاز المسطحة على دور السينما.

 وقد تضاعف عدد هذه المجلات كثيرا في السنوات الأخيرة حتى بلغ ستين مجلة، بعد أن كان لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة قبل خمسة عشر عاما، مما جعل سوق النشر والتوزيع الألماني تصل حاليا إلى درجة التشبع وعدم القدرة على استيعاب أي مجلة جديدة مشابهة.

 وبحسب آخر الإحصائيات، فإن عدد قراء هذه المجلات بلغ في ألمانيا عام 2006 أكثر من 11 مليون قارئ ربعهم من النساء، وتمثل الإعلانات مصدر الدخل الرئيسي لهذه المجلات، حيث بلغ صافي أرباحها العام الماضي نحو 344 مليون يورو بزيادة 5% عن عام 2005.

 كما شجع انتشار هذا النوع من المجلات الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية الألمانية لإصدار ملاحق منتظمة تتحدث عن الجديد في عالم التصميمات والأثاث والحدائق المنزلية.

 مجلات الحدائق والنباتات المنزلية تتنافس لاستقطاب أكبر عدد من القراء (الجزيرة نت)

ثلاثة مجلات أم واحدة

ويبرر ناشروا مجلات الأثاث والزينة هذا العدد الكبير منها بحاجة سوق الصحافة إليها، حيث إن القارئ برأيهم بحاجة إلى ثلاث مجلات للأثاث والزينة على الأقل حتى يستقر على قرار نهائي فيما يريد شراؤه لمنزله، بينما هو بحاجة لمجلة واحدة عن برامج الإذاعة والتلفزيون.

 

وقالت رئيسة تحرير مجلة "أرشيتكتور أوند فونن" بربارا فريدريش "نحن نلبي رغبات قرائنا بالخروج من طابعهم المنزلي المحدود إلى مستويات عالمية أرفع ذوقا".

 ومن جانبه يرى ناشر الطبعة الألمانية من مجلة "هوم آند غاردن" البريطانية ريتشارد كيرلير أن المجلات الألمانية تلجأ كثيرا لاقتباس تصميمات وإبداعات من بيئات خارجية، لأن المجتمع الألماني لم يطور نفسه جيدا في مجال تأثيث المنازل.

 وتتنافس هذه المجلات على استقطاب القراء الألمان عبر تصدير أغلفتها بعناوين ملفتة تجذب القراء مثل "صمم منزلا بأجواء رومانسية" و"نصائح عملية لاستغلال المساحات الصغيرة" و"أحدث صيحات الأثاث الجلدية"، و"مطبخ للعمر كله"، و"كيف تجعل حمامك أجمل" وغيرها الكثير.

 كما يتخصص كثير من هذه المجلات بمجالات محددة مثل الأثاث التقليدي، أو العمارة والتصميم، أو التصميمات الإبداعية، أو حتى دورات المياه والحمامات وأحواض السباحة وغرف الساونا، وبعضها يختص بالتقنية والإضاءة المنزلية.

 وتتجاوب مجلات الأثاث الألمانية مع عوالم الأمنيات المثالية لمواطنيها المحبين للكمال، وتنشر صور منازل مخصصة للعرض فقط وغير مسكونة، بخلاف المجلات الإيطالية والفرنسية التي تجمع بين الأناقة والطابع العملي، وعرض صور لمنازل مأهولة. 

 الفرق بين فيشته وشلنغ في الفلسفة

ليس كتاب الفرق أول عهد هيغل بالتفكير الفلسفي، لا بيان انتصار فلسفي لمثالية شلنغ ضد مثالية فيشته، وانما هو أول حصيد لصيرورة هيغل نفسه الي الفلسفة وبداية استحالة الفلسفة نفسها، وهذا اشكال قائم برأسه سيعمل هيغل علي ضبطه ومعالجته علي مر طور يينا والي حين نشر فنومينولوجيا الروح في 7081.

وان الهدف من تقديمه اليوم، منقولاً الي العربية، ان تكون فيه خير شهادة علي ما زاوله هيغل الأول من تفحص نقدي ومناظرة تأملية لزمان الفلسفة الذي عاصره، عسي ان نتوصل نحن الي ما به نناظر فلسفياً زماننا ونتفهم تاريخياً ما يتفعل فيه من تصايير مجنونة ومن منقلبات عنيفة.

غيورغ فلهلم فريدريش هيغل (0771 ــ 1381): من أبرز فلاسفة المثالية الألمانية. من اثاره الشهيرة: فنومينولوجيا الروح (7081)، علم المنطق (2181 ــ 6181)، موسوعة العلوم الفلسفية (7181 ــ 7281 ــ 0381).

المترجم ناجي العونلي: أستاذ فلسفة بالجامعة التونسية، متحصل علي الدكتوراه في فلسفة هيغل، له العديد من المقالات والدراسات التي تشتغل علي تاريخ الفكر الألماني، وبخاصة في لحظته الهيغلية.

بورخيس باحثاً في صنعة الشعر

المؤلف: خورخي لويس بورخيس

بورخيس كاتب أرجنتيني متعدد المواهب لكنه برع في القصة القصيرة، وعرف عنه أيضا ترجماته من أهم اللغات الحية، الإنكليزية والفرنسية والألمانية، وهو إلي جانب ذلك شاعر ومؤرخ ولاهوتي، وكثيرا ما صرح بأنه يدين لكتاب (ألف ليلة وليلة) مصدرا من مصادر ثقافته المتنوعة والواسعة.

يقول ماريو بارغاس يوسا ان بورخيس هو الذي فتح بوابات اوربا والعالم امام الرواية الأمريكية اللاتينية في الستينات.

في ست محاضرات، هي التي تنتظم في هذا الكتاب، يحكي بورخيس عن الشعر الجديد والقديم من زوايا خاصة، وفي لغات متعددة، تلعب الذاكرة الشخصية فيها دورا ابداعيا في التذوق والتحليل النقديين ويظهر هذا الكاتب الكبير موسوعيا يكشف أسرار الشعر، عبر تجاربه الأبرز عبر التاريخ.

الصفار الأندلسي يكتشف فرنسا

شكلت الرحلات بين العالمين القديم والجديد عموما وبين العرب والمسلمين وبقية بلدان العالم في الغرب والشرق خصوصاً أحد أهم عناصر الحوار الثقافي بين الشعوب وأكثر وسائل اكتشاف الآخر عيانياً، ثم أن ما أنتجته تلك المغامرات من أدب الرحلات الذي أصبح عبر أزمان بعيدة وحتي اليوم نوعاً يبحث عنه قراء متنوعون ومؤسسات علمية ودور نشر عديدة.

رحلة الصفار الأدندلسي في القرن الثامن عشر إلي فرنسا تدخل في هذا الباب وتكشف قدرة كاتبها علي تقديم أجوبة عن أسئلة من قبيل: أين يكمن سر قوة الفرنسيين؟ كيف تمكنوا من الوصول إلي ذلك المستوي من القوة ؟ كيف استطاعوا قهر الطبيعة وإحكام قبضتهم علي مسارها بطرق، أساليب مازالت خافية عنا؟ كيف يعيش الفرنسيون حياتهم اليومية، وكيف يُربّون أبناءهم وخدّامهم؟ ما هي أحوالهم التعليمية، وكيف يسلّون أنفسهم ويروّحون عنها، وماذا يأكلون؟ وباختصار، ما هو وضع حضارتهم، وما هي أوجه اختلافها عن حضارتنا؟

الكتاب رحلة الصفار إلي فرنسا (1845-1846) 

الثقافة والهوية في المجتمع العربي

صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية العدد 643 الخاص بشهر كانون الأول (ديسمبر) 7002 من مجلة المستقبل العربي .

تضمن العدد الدراسات الآتية:

1 ــ المسألة الثقافية في الوطن العربي منذ الخمسينيات لـ محمد عابدي الجابري.

2 ــ الهوية العربية في المنهجية اللبنانية الجديدة: مقومات وخصائص (مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية أنموذجاً) لـ أحمد مفلح.

3 ــ الجسور الواصلة بين الأدب والسياسة لـ عمار علي حسن.

4 ــ مدخل منهجي لدراسة الفكر الاجتماعي العربي الحديث لـ محمد أحمد الزعبي.

5 ــ وعي الكواكبي بين المرفوض لـ محمد جمال طحان.

6 ــ هل يصلح النسق الديمقراطي الحر لتأسيس غدنا المنشود؟ لـ برهان زريق.

وتضمن العدد مقابلة معت الحاج علي القيسي أجراها عبد الحسين شعبان وهي: شهادة حية علي التعذيب في سجن أبو غريب .

وفي العدد أيضاً، تقرير بعنوان: (الفشل مرتفعه وخيم توصيات لإنجاح مؤتمر أنابوليس).

أما في باب آراء ومناقشات كتب عبد العزيز الدوري تحت عنوان: وحدة العراق ، وكتب محمد عبد الشفيع عيسي تحت عنوان: الأزمة النووية الايرانية: حقائق القدرة وخيارات الصراع .

وفي المراجعات، قدم رضوان زيادة مراجعة لكتاب نصير حسن عاروري بعنوان: أمريكا الخصم والحكم: دراسة توثيقية في (عملية السلام) ومناورات واشنطن منذ 7691 . وقدم فايز رشيد مراجعة لكتاب ياكوف م. رابكن بعنوان: المناهضة اليهودية للصهيونية ، وقدم أيضاً سليمان الرياشي مراجعة لتقرير المنظمة العربية لحقوق الانسان عن حالة حقوق الانسان في الوطن العربي لعام 7002 ، كما قدم عبد القادر عرابي مراجعة لكتاب باقر سلمان النجار بعنوان: الحركات الدينية في الخليج العربي ، اضافة الي عرض كتب عربية مختارة، وكتب أجنبية مختارة لـ كابي الخوري.

وفي باب مؤتمرات قدم ادريس لكريني تقرير عن: ندوة حول تجربة هيئة الانصاف والمصالحة: الحسلة والآفاق ، هذا بالاضافة الي موجز يوميات الوحدة العربية، وببليوغرافيا الوحدة العربية.

حبيبي..مجلة للفتيان بملحق للصغار

استقبل الفتيان في العراق صدور العدد الثاني عشر من مجلة (حبيبي) لهذا العام بلهفة خاصة، فمع صدوره تكون مجلتهم (حبيبي) قد دخلت عامها الرابع في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، ولكن هذه المجلة الفتية استطاعت أن تعيد ذكريات العصر الذهبي لصحافة الأطفال في العراق في العقد السبعيني من القرن الماضي.

مجلة (حبيبي) يشرف عليها الشاعر جليل خزعل، مدير التحرير والفنان ضياء الحجار الذي يتولي مهمة الإشراف الفني. والجدير بالذكر أن مجلة (حبيبي) تتميز بشكلها وإخراجها الفني المميز وشخصياتها الثابتة مثل (حبيب) و(لهيب) و (فضولي) و(شيبوب) التي يطالعها القراء في كل عدد بشكل متجدد من خلال القصص المصورة (الكومكس) وهو سرنجاح (مجلتي) عندما صدرت في نهاية العقد الستيني من القرن الماضي حين كان يرسم فيها كبار رسامي العراق الذين يجيدون هذا النوع من الفن أمثال طالب مكي وصلاح جياد وفيصل لعيبي وبسام فرج ووليد شيت وغيرهم.

خصصت المجلة للصغار ملحقاً خاصا حمل إسم (حبوب) ويعتمد علي الصورة أكثر من إعتماده علي الكلمة.

 ناشرون: تعدد مراكز النشر لم يرافقه تطور وما زلنا أمة تابعة للغرب

الكتاب يفتقد المستهلك الثقافي والأسباب متعددة ومتشابكة

   أجمع عدد من الناشرين أن تعدد دور النشر لم يرافقه تطور واعٍ على مستوى توزيع الكتاب العربي لأن الوضعية الثقافية للمستهلك لم تتطور ومازلنا متدهورين لم نعش ثورة ثقافية حقيقية والمطلوب قبل زيادة رقعة دور النشر تضافر جهود الحكومات العربية والمؤسسات الواعية لدعم كل المبادرات لإنتاج كتاب عربي راقٍ شكلاً ومضموناً ليتحول مجتمعنا إلى مجتمع قارئ وقادر على الحياة في زمنه ونحن كمهتمين ومتخصصين في انتظار هذا الهدف البعيد المطلوب.

 ورداً على سؤال لجريدة«البيان» الاماراتية حول معوقات نشر الكتاب العربي في الوطن الكبير وخارجه أرجع المشاركون في الاستطلاع الأسباب إلى أبعاد اقتصادية وأخرى ثقافية ولم ينسوا الجانب السياسي الذي ألقى بظلاله حيث منعت بعض العناوين في عدد من الدول لاعتبارات خاصة بها.  

وقال عبد الجليل ناظم من دار توبقال للنشر ومقرها المغرب إن للمعوقات سياقاً تاريخياً وآخر بنيوياً، فمراكز إنتاج الكتاب كانت تتمركز فيما مضى بمركز ينتج الكتاب ومحيط آخر يقرأ موضحاً رأيه بمقولة كانت سائدة في الماضي، وهي أن مصر تؤلف ولبنان تنشر والعراق تقرأ، فتضم معها المحيط العربي.

 وهذه المرحلة اعتبرها ناظم مرحلة المركز الوحيد، ومع التحول أصبحنا أمام مراكز متعددة للنشر ولم يعد لبنان المركز الوحيد فقد انضمت المغرب وتونس وغدت خريطة الإنتاج غزيرة، ومع هذا التعدد الايجابي لم تتطور وضعيتنا الثقافية حتى نستوعب هذا المنتج ومازلنا متدهورين لأننا ببساطة نفتقد للمستهلك الثقافي.

 كما أن احد المعوقات في قضية نشر الكتاب هي القدرة الشرائية للمواطن العربي التي باتت تهدد واقع الثقافة، وتعدد مراكز النشر لم يرافقه تطور واعٍ على مستوى توزيع الكتاب العربي وصيرورته.

 مؤكداً أن الملتقيات كمعرض الشارقة للكتاب هي المتنفس الوحيد للكتاب العربي والجسر الذي يوصل آخر الإصدارات إلى كل قارئ، وهذا غير معقول أو منطقي فقد حان الوقت لخلق مراكز لنشر الكتاب العربي دون الاعتماد على المناسبات التي تعتبر مناسبات لنشر الثقافة وإشاعة المعرفة بين الجمهور المهتم.

 وأضاف ناظم وهو من مؤسسي رابطة توبقال وعضو هيئة تدريس في جامعة محمد الخامس في الرباط أن المجتمع الذي لا تترسخ لديه عادة القراءة والكتابة لا يمكن له بأي حال من الأحوال استثمار التقنيات الحديثة لأنها تقنيات تخدم في الأساس التواصل الشفوي على عكس ما هو واقع في أوروبا فالتقنيات لديهم خدمت الكتاب إذ تبين الإحصائيات انه رغم وجود تقنيات متطورة إلا أن أوروبا هي المستهلك الأول للورق والقراءة عادة مترسخة لديهم، لافتاً أننا مازلنا في طور الأجنة ولم تترسخ لدينا عادة القراءة وبدأنا نستهلك الأدوات الاتصالية الأخرى، مشيراً إلى انعدام الوعي بالقضايا الدقيقة التي نعيشها وان الأمة العربية ليست سوى تابعة للغرب.

 توظيف خاطئ

 لخصت الدكتورة راوية الخضري من دار الفكر العربي مشكلة نشر الكتاب بقلة القراء وتحول الطلب من الكتب الصادرة بالعربية إلى الإنجليزية حتى في المدارس والجامعات إضافة إلى التوظيف والاستخدام الخاطئ للانترنت ووجود الفضائيات التي أبعدت جيلاً كاملاً عن ممارسة القراءة خاصة وان الرقابة الأسرية ودورها باتا غائبين بصورة واضحة للعيان، مضيفة أن النشر الالكتروني يعرض بعض الملخصات التي اضر بتجارة الكتب أيضاً.

 وقال محمد حسن ناشر في دار الكتاب الجديد ان ضعف التوزيع ومشاكله يأتيان نتيجة حتمية لكون البلدان الأكثر ثقافة أصبحت الأسوأ اقتصادياً كمصر والعراق ولبنان والسودان إلى جانب الأسباب السياسية التي دفعت بمئات المثقفين لهجرة بلدانهم والزحف نحو مواطن بديلة، وأضاف أن أحد الأسباب التي لا يمكن لنا أن ننكرها هي قلة الطلب فالقارئ أصبح غير موجود وطغت على المجتمعات وسائل ترفيهية أقصت الثقافة ودفعت باتجاه إلغائها عند البعض بشكل كامل.

 وأشار إلى أن الرقابة التي تفرضها بعض البلدان والتي تكون في بعض الأحيان مبنية على الجهل التام تسبب خللاً في عملية التوزيع إذ ان جهات الإشراف على رقابة الكتب تكون في العادة غير مثقفة فمثلاً في الجزائر تمنع بعض الكتب الدينية من التداول.

 واعتبر تخلي بعض الدول عن دعم الكتاب وبالتالي بيعه بسعر أغلى سبباً آخر تتحمل الحكومات تبعاته المتمثلة في خلق أجيال سطحية مهمشة والمعروف أن الدول المتطورة هي تلك التي تعتمد على ثلة المثقفين الواعين.

 إلى ذلك اعتبر الناشر محمد حسين حافظ أن المشكلة هي غياب فئة المؤلف المبدع فكل ما هو على الساحة مجرد نقل واستنساخ مشوه ولا يوجد سعي جاد وراء الابتكار.

 عادة القراءة

 صاحبة دار حوران أمل اللحام أرجعت السبب الرئيسي في المشكلة إلى غياب عادة القراءة، ورمت بالأسباب إلى التربية منذ الصغر، ودور الأسرة أولاً والمدرسة ثانياً، إضافة إلى المجتمع ومشكلته الرئيسية ألا وهي تفشي الأمية، فالأب الأمي كيف له بتعويد ابنه على عادة القراءة؟ وأكدت أن المعرض لا يقدم الكتاب فقط، بل هذه الحوارات والاستطلاعات والندوات وأجواء المعرض تشجع على عادة القراءة.

 ، وهذه الورش والصالات التي تهتم بالطفل تعلمه أيضاً عادة القراءة.

 بيروت المدينة المستمرة» لزاهي وهبي

«بيروت المدينة المستمرة» كتاب صدر حديثاً للشاعر والإعلامي زاهي وهبي عن الدار العربية للعلوم – ناشرون (بيروت) ومنشورات الاختلاف (الجزائر). والكتاب مجموعة نصوص تستعيد بيروت، مدينة وأبعاداً ومعاني.

ومن المحتويات: ضد الموت، حياة تفقد حياتها، طبقة في ثبات، تُكرّس ولا تُقدّس، أي ريح مقبلة، إعمار «الوسط الاجتماعي»، فوق كلماتهم، الآباء الضالون، ليس ترجماناً، عليها الحق!، بويا... بويا، التفكير لا التكفير، أخف وأسهل وأصعب، نهاية الشعراء!، نهاية الجـــغرافيا، حداثة واستهلاك، الى غادة السمّان: عنّي، عنكِ، عنهم، الى فؤاد رفقة «الهندي الأبيض»: الحياة ذريعة والكتابة معنى، الى أنسي الحاج: الذئب لا القطيع، كانت مؤانــسات إليَّ: كمن يتأمل رجلاً آخر.

وحمل غلاف الكتاب كلمه لوهبي: الكتابة «بـ» حرية أجدى من الكتابة «عن» الحرية. بيروت تجربة حرية. تجربة حياة. بيروت تنهض كل مرة تسقط فيها لتُسقِّط الأقنعة عن وجوه الدجالين ومنتحلي الصفات، وأهم ما في المدينة الناهضة أبداً من ركام أزمنة وحطام أمكنة أنها تكرّس ولا تقدّس. تحتفل بالجديد وتحتفي به، وتحفظ للقديم حقه ومقامه، لكنها لا تحوّله طوطماً. تكرّس الرواد والمؤسسين والرموز ولا تقدسهم. كي لا ينأى أحد منهم عن السجال والمساءلة. كتابها دائماً بيمينها. ترفعه الى أعلى، على رؤوس الأشهاد وأسنّة الرماح، شهادة لها وعليها، وعلى الذين جاؤوها غزاة وفاتحين، عشاقاً وملهوفين، صعاليك ومنفيين. وشهادة للمقيمين أبداً في ضيافة حريتها الباهظة. بيروت زادتني حُباً زادتني حرية».

منى فياض في كتابها «أقنعة الثقافة العربية» ... نظرة مغايرة الى أسباب الجمود في الذهنية العربية

 لا خلاف بين المتابعين للتاريخ الثقافي للانسان في القرن الفائت، أن هناك عاملين اثنين حددا مسار هذا التاريخ. أحدهما يتعلق بالتطور الذي حصل في مجال العلوم الطبيعية والتكنولوجيا، وثانيهما يتعلق بالعواصف الايديولوجية الكبيرة التي غيرت بالفعل حياة الجنس البشري كله. ومنها الداروينية والفرويدية والماركسية والاسلامية.

هذه التغيرات بدأت بأفكار تكونت في أذهان نفر من الناس: أفكار حول العلاقات بين البشر، وكيف أصبحت، وكيف من المحتمل أن تكون أو كيف يجب أن تكون؟ إذ الأفكار تملي علينا طريقة ممارستنا في الحياة، وتساعدنا على تأويل العالم وتفسيره. ان الأفكار التي تنظم الحياة الاجتماعية وتؤثر في أنماط الحياة، تتغير وتتبدل مع الأيام. وإن ما يعتبر عين الصواب في حين قد يصبح غير مناسب في أحيان أخرى. ذلك أنه لا وجود لأفكار ثابتة وأزلية، ترتسم في مفاهيم حول الأسرة والدولة والقانون على سبيل المثال. وإنما هناك ممارسة. والممارسة على ما يقول ميشال فوكو في كتابه «الكلمات والأشياء» تأتينا من التغيرات التاريخية ومن تحولات الواقع التاريخي. والممارسة المتغيرة ليست شيئاً غامضاً ولا محركاً مختبئاً: إنها ما يفعله الناس يومياً. وما يفعله الناس، وما يفكرون فيه يكوّن ثقافتهم، وثقافتهم تشكل ذهنيتهم، وذهنيتهم تصوغ هويتهم الثقافية.

يذهب مالينوفسكي في تساؤله حول ماهيّة الثقافة، الى القول إنه من المستحسن تأمل ومعاينة الثقافة من الأعلى، كي نحيط بمظاهرها الأكثر تنوعاً، وندركها في كليتها التي تضم: الأدوات وأمتعة الاستهلاك، والمواثيق العضوية التي تنظّم مختلف التجمعات الاجتماعية، الأفكار والفنون، المعتقدات والأعراف. ويتابع مالينوفسكي، أننا اذا تأملّنا ثقافة بسيطة أو بدائية جداً، أو العكس ثقافة معقدة ومتطورة جداً، فنحن نتعامل مع جهاز واسع، مادي في جزء منه، وانساني في جزء آخر، وروحي في جزء ثالث.

إذا حاولنا أن نحدد الثقافة الوطنية والخاصة في العالم العربي انطلاقاً من مفهوم مالينوفسكي ونظرنا الى الأفكار التي يؤمن بها العرب، وتفحصّنا الممارسات اليومية والأدوات والأمتعة وما يستهلك بعامة والتي هي جزء من تلك الكيانية التي يطلق عليها اسم الثقافة فماذا نجد على ما تقول الباحثة اللبنانية منى فياض في كتابها «أقنعة الثقافة العربية» الصادر حديثاً في القاهرة عن دار «الثقافة»؟ نجد أن كل الادوات الثقافية بالمعنى الواسع للكلمة، من نمط البناء الى السيارة والبراد والتلفزيون وأشرطة الموسيقى والفيديو والملابس وحتى الحجاب من عند «إيف سان لوران»، الى المدرسة وتنظيمها والجامعة وبرامجها والأفلام والدفاتر، والكثير من الأطعمة نتشارك به مع العالم أجمع». لكن ذلك لا يمنع أن التعامل مع هذه الأدوات جميعها يتم في شكل خاص. فنجد أن الناس هنا تطوّع هذه الأدوات من خلال ثقافتها الخاصة على ما تضيف مؤلفة الكتاب. فالبراد في البيئات الشعبية يتحول الى أداة للزينة إضافة الى وظيفته الأصلية، ونجده معروضاً أحياناً في الصالون أو في مكان مميز ظاهر. وتتحول السيارة كذلك عن وظيفتها الأدائية الى أداة للمباهاة والظهور الاجتماعي.

إن تفاعل الثقافة العربية مع الثقافة الغربية التي حولت الكرة الارضية الى لوحة إعلانية كبيرة وحولت الناس (المواطن، العامل، الرجل، المرأة) الى مستهلكين مرتبطين بعضهم ببعض في الأسواق المسيطر عليها، إن هذا التفاعل، لا تعتبره مؤلفة الكتاب غزواً ثقافياً بل تبادل وتأثر وتفاعل. والخوف من الغزو الثقافي ومن القراءة ومن حرية التعبير على ما تقول منى فياض تعبّر جميعها عن جمود فكري وانعدام في الليونة في الثقافة العربية الراهنة. لذا نلاحظ – كما تضيف – ان المكتبة العربية الحديثة تتجه نحو قمع وكبت متزايدين أكثر ما يعبّر عنهما في الخوف من أي اجتهاد أو قراءة متجددة على المستوى الديني، وفي نظرة الاحتقار لكل ما يطال الحب والاروس والجنس على اعتبار أنها «استيراد غربي» هذا بينما أفرد ابن حزم، وهو من اعلام السياسة والقانون مؤلفاً خاصاً للتحدث عن الحب وشجونه. فيما تمنع التربية الجنسية في المدارس وتتم المطالبة «بتشذيب» مؤلّف مثل ألف ليلة وليلة، ويمنع طباعة أشباهه. وتتساءل فياض متى كان الجنس أو الحديث عنه محرّماً في العصور الاسلامية القديمة التي تتم محاولة تقليدها في شكل متعثّر وفوضوي؟ ألم يتوجه المؤمنون قديماً، وحتى الآن الى رجل الدين أو الفقيه من أجل حلّ كل مشاكلهم، نظير المعالج النفسي في الغرب.

إن المشكلة الاساسية في الذهنية العربية أنها تارة باسم العقيدة وطوراً باسم القضية ومرة ثالثة باسم الحزب. تتعرض للقمع والكبت في كل ما يساعد على تفتحها وتبلورها. تكتب منى فياض: «مع وجود أواليات القمع الداخلي العميق لا يعود من المستساغ الحديث العلني في الأمور الجنسية، فلا يعود الشخص يقبل التلفظ بتلك الألفاظ التي كانت تعبر عن نفسها بسهولة كبيرة في ما مضى على ألسنة رجال الدين والفقهاء والشعراء وعامة الناس. لكن يترافق هذا النوع الأول من القمع الداخلي مع المنع القسري الخارجي من ناحية أخرى، إذ يتعرض الاشخاص للمنع في الممارسات اليومية وفي أشكال التعبير الفنية والأدبية، الأمر الذي لا يمكن أن نعده جزءاً من التراث ولا جزءاً من الحداثة».

تنتقل منى فياض من معالجة مفهوم المنع والتحريم الى مفهوم العنف في الثقافة العربية الاسلامية وتفسح المجال لرأي الباحث الأميركي فؤاد عجمي في توصيف أحداث ايلول الأميركية الذي يذهب الى القول ان بن لادن وأبو غيث لم ينزلا من السماء، وإنما هما الأبناء الحانقون لجيل عربي فاشل، انهما الورثة المباشرون لجيلين من العرب شهدا على تحوّل كل الأحلام العظمى لعصر النهضة (وهي التنوير والقومية والعلمانية) الى عقم وديكتاتورية وبؤس.

ترى منى فياض أن للعنف أسبابه في طول العالم العربي وعرضه، وقد بدأت معالمه منذ بدايات الدولة الإسلامية، ولم ينجح الإصلاح الديني في القضاء عليه. كما أن الفكر القومي والفكر اليساري لم يساعدا على التخفيف من نزعات العنف وانما أججاها بصراعاتهما. تكتب منى فياض: «الأزمة نفسها أيضاً يعاني منها الفكر القومي واليساري أو الفكر الذي يحويه هذا الإناء العربي بعامة. فكل ما يدخله يتسرّب منه وكأن هناك أيضاً دورة عقل واحدة كل ما يدخل اليها يصبح مماثلاً لها. ربما هذا ما يدعى أخلاق الطاعة وتعبير «مريد» ينطبق على كل الأمكنة والمستويات وليس فقط على الطرق الصوفية.

يرتبط العنف بالسياسة على ما يقول ماكس فيبر. والسياسة هي على وجه التحديد والحصر تتعلق بإدارة المجتمع السياسي، أي الدولة. وكل دولة تتأسس على القوة، من هنا كانت العلاقة بين الدولة والعنف حميمة جداً. وكان رجل الدولة أول من يمارس العنف سلمياً من خلال هيمنته على السلطة، ومن ثم على الناس. والسياسة في بلاد العرب. كما تقول المؤلفة تعد ميداناً مخيفاً للمواطن العادي وتتخذ طابعاً مبتذلاً أكثر فأكثر، فالشعار الشائع هو «اتركوا السياسة لأهلها» فمن هم أهل السياسة؟ وهل السياسة وظيفة. تكتب منى فياض: «ترتبط السياسة في العالم العربي بالرجولة، بالسلطة، بالقبيلة أو العشيرة. هذا عندما يقصد بها التعريف التقليدي المتعلّق باللعبة الانتخابية، وبإدارة المؤسسات، لكن عندما يقصد الوجه الآخر للسياسة، وجه المعارضة أو النضال الحزبي أو النقابي، تتحول السياسة الى مصدر للخوف والرعب. السياسة، وتعاطي السياسة بهذا المعنى مرادفان للقمع وللعقاب والسجن». والسياسة في العالم العربي على ما تضيف الباحثة اللبنانية: «مرتبطة بالدين، ولذلك يتمظهر الديني في ممارسات تعلن نفسها كسلوك خارجي وطقوسي فلا تعبّر عن تدين فعلي وعن مراقبة داخلية وذاتية للشخص وعن سلوك قيمي، أي كفرد يحكّم ضميره».

وهكذا يحتل المجال السياسي بكل تردّداته الشخصية والعائلية والحزبية دوائر الدين ويسخّره لمصالحه، يضاف الى ذلك أن أكثرية القوانين في العالم العربي تفرّق بين السياسة والعمل الاجتماعي، فالجمعيات الأهلية يشترط عليها عدم التدخل بالسياسة، وهذا يسبّب خللاً على مستوى مشاركة المواطن العادي وبخاصة المرأة التي تجد نفسها مفصولة عن المجتمع وعن العمل الاجتماعي.

تقدم منى فياض أجوبة حول ما العمل تجاه الثقافة السائدة والذهنية المسيطرة في العالم العربي؟ أجوبة يلخصها جواب واحد هو النقد الذاتي على صعيد الفرد والأسرة والدولة، وعلى صعيد المرأة. لا ينمو الاستبداد على ما تقول المؤلّفة إلاّ على شكل تخلّ عن المسؤولية الفردية في قلب الجماهير. ولا تنمو الديموقراطية الا عندما نقبض المسؤولية كحقيقة تختلط بالتنظيم الذاتي لوظائف الحب والعمل والمعرفة.

كتاب منى فياض يجرؤ على كشف النقاب عن الكثير من القضايا الساخنة التي تتعلق بالقيم الثقافية التي يعاني منها الواقع العربي المعاصر، ويقدم حلولاً تخفّف من غربة الفرد في عيشه الخاص والعام. كتاب عميق في مقدماته ونتائجه.

«تاكسي» خالد الخميسي كتاب عن ضحك الشارع ودموعه

لم يعد علاء الاسواني وحده هو الكاتب الذي تحقق مؤلفاته أعلى المبيعات في مصر بعد ظهور منافس له في سوق النشر يسعى بكتابه الوحيد الذي يحمل عنوان «تاكسي» الى تحقيق معدلات بيع غير مسبوقة ربما.

ووفقاً لمصادر لدى ناشره فإن مبيعات الكتاب زادت على 45 ألف نسخة. وهناك أكثر من مبرر للربط بين الاسواني والخميسي، فهما ينشران في دار نشر واحدة (الشروق)، كما ان أعمالهما حظيت بدعم وتشجيع من مفكر اقتصادي معروف هو جلال أمين وهو في ذوقه الادبي من المؤمنين بأنه «لا جدوى من رواية مهما كانت درجة تشويقها وإتقانها اذا لم تكن نبيلة المقصد «ما يعني انه يقدم الاجتماعي على الجمالي في بعض الاحيان، غير ان هذا لم يمنع الاسواني والخميسي من تسجيل ما كتبه صاحب «ماذا حدث للمصريين» على أغلفة أعمالهما.

وهناك عامل مشترك آخر يجمع بين الكاتبين هو اقبال مؤسسات الإنتاج على تحويل هذه الاعمال من نصوص مكتوبة الى اعمال درامية، اذ تعاقد مؤلف «تاكسي» أخيراً مع احدى هذه المؤسسات لتحويل كتابه الى مسلسل تلفزيوني. أما الرابط الاهم بينهما وقد تحولا الى ظاهرة فيكمن في الحس الاجتماعي اللافت في أعمالهما التي اجادت قراءة التحولات التي مر بها المجتمع المصري في ربع القرن الأخير، الامر الذي منحها اولوية لدى المترجمين، كما ان هذه السمة وان كانت قربت هذا النوع من الكتابة الى الجمهور العادي الذي تعامل معها كمرآة كاشفة لتحولات مجتمع على وشك الانهيار، الا انها زادت في المقابل من دهشة البعض في الوسط الادبي الحائر في تفسير «حمى» هذا الرواج. غير ان عمل الخميسي (45 سنة) يختلف اختلافاً واضحاً عن العملين الذين كتبهما الاسواني، اذ ان كاتبه القادم من أسرة مصرية معروفة في الوسط الثقافي عبر عميدها الراحل عبد الرحمن الخميسي (وهو كان من كتاب مصر المعروفين في الخمسينات والستينات) يخوض للمرة الأولى مغامرة الكتابة الادبية، لكنه لا ينظر الى عمله باعتباره عملاً روائياً ويفضل النظر إليه باعتباره كتاب «حواديت اجتماعية» كتبه بعين المؤرخ الراغب في تسجيل الخيبات التي مر بها جيله، أي جيل الثمانينات من خلال «مراقبة اداء شريحة اجتماعية يمثلها سائقو «التاكسي» الذين يجمع ما دار بينه وبينهم من قصص وحكايات وينقلها كما هي بلغة الشارع التي يرى انها «خاصة وفجة وحية وصادقة تختلف تماماً عن لغة الصالونات والندوات التي اعتاد المثقفون عليها».

وربما بسبب هذه اللغة واجه الكتاب مجموعة من المشكلات في اللقاءات التي جمعت الكاتب بقرائه إذ تحفظ البعض على «النبرة الخارجة» والمنطق اللاأخلاقي فيها، لكن الخميسي في لقاءاته مع جمهوره يمضي الى منطقة اخرى حين يزعم ان جيله دفع من رصيد احلامه أكثر مما دفعه جيل الستينات الأدبي المكرس في مصر، ويقول: «نحن من تحمل عبء النكسة ودفع فواتير انفتاح السداح مداح» لم يكتف الخميسي بنقل وتدوين الحكايات، بل صنع منها جدارية او لوحة «فسيفساء» كاشفة لحاضر مصر الراهن، فقد اختار نماذجه بعناية فائقة استند فيها الى خبرات دراسته الجامعية في مجال العلوم السياسية ووجد في سائقي «التاكسي» ممثلين لكل شرائح مجتمعه.

يبدأ الخميسي كتابه الذي احتفت به مدونات الكترونية ووصفته بأنه «التاريخ الشعبي لمصر» بمقتطف افتتاحي مأخوذ من كتاب «مكتوب» لباولو كويلهو، فهو من ناحية يريد أن يكشف عن مرجعياته ككاتب يفضل اللجوء الى الحلول الفنية البسيطة التي لا مجال فيها لفتوحات على مستوى تقنيات الكتابة ولا أفق فيها للمغامرة الاسلوبية، ومن ناحية أخرى يعطي القارئ مفاتيح تفسر النزعة الصوفية التي يضفيها على بعض أبطاله.

وعلى رغم الطابع الواقعي للحكايات التي يمكن ان تتكرر مع عشرات المصريين الا انها تتسم بالتنوع الشديد فضلاً عن مهارة كاتبها في روايتها بتدفق سلس من دون ان يفقد حياده وهو يؤدي دور الراوي. واللافت ان الخميسي الطامح الى كتابة مؤلف جديد عنوانه «مذكرات مجهول» يصر على ان نصوص «تاكسي» مؤلفة بالكامل فهو لم يدون حكاياتها في صورة يوميات او ملاحظات وما فعله - على حد قوله - انه استجمع ذاكرته وقرر ان يكتب ما مر به من تجارب وأدى مهمته في فترة زمنية وجيزة لم تزد على 15 يوماً. والاهم انه لم يخضع ما كتب لأي مراجعة فاحصة واكتفى بقراءة عابرة قام بها للمخطوطة عدد من اصدقائه المقربين والذين نصحوه جميعاً بـ «نشرها بسرعة»، فالحكايات على رغم تكرارها وتناسلها تبقى «طازجة» ناطقة بخبرات اجتماعية استثنائية في بعض الأحيان، لا هدف لأصحابها سوى القفز فوق قسوة اليومي والمعيشي والتحايل على أوضاع اجتماعية صعبة لتوفير «الرزق الحلال» وهم في سبيل ذلك لا يتورعون عن نقد السلطة والسخرية منها، كما لا يمتنعون أحياناً عن ارهاب «الزبون» بالقول وبالفعل ان لزم الامر وفيهم من يغسل بحكمته وحسه الصوفي كل ما مرّ في حياة راكب التاكسي من أذى.

ثمة رسائل كثـــيرة في كتاب خــالد الخميسي لن تضل الطريق الى قـــلب القارئ الراغب في الاحتـــجاج على السلطة والتـــشفي منها، من دون حاجة الى «الهتاف». كما ان المؤرخ الذي ينــــشد التعرف على «دفتر أحوال جديد للمـــجتمع المصري» لن يقرأها بالخفة التي يمكن ان يتـــعاطى بها مع صفحات الحوادث والمجتمع في الصحف السيّارة لأن في الكـــتاب الكــــثير الذي يستحق التوقف، انه ببساطة كتاب ضحك ودموع.

ميلان كونديرا واسترداد الواقع المحال

 ما الذي يمنح الماضي تأثيره السحري والمدمر على البعض؟ وأيهما أجدى بالمعيشة، لحظة الانسان الحاضرة، أياً كان طعمها، أم اللحظة الماضية، مهما كانت عربدة حضورها؟ وهل يحق للحظة الماضية، ان تعيش متطفلة على رحيق اللحظة الحاضرة الطازجة؟ وما السر الذي يجعل الوطن فكرة وعشقاً ووجعاً راعشاً يلاحق المغتربين حيثما حلوا؟ إن كاتباً عالمياً مثل ميلان كونديرا، ربما يستطيع الجواب على مثل هذه الاسئلة، بحكم مغادرته لبلاده «التشيك» بعدما غزاها الروس، بما عُرف بربيع براغ عام 1968، ولجوئه الى فرنسا حتى وقتنا الراهن، وكتابته اكثر من عمل روائي يدور حول هذه الفكرة، في شكل أو في آخر. أظن ان أهم ما تنطوي عليه قراءة أية رواية، كونها تقدم للقارئ شيئاً من خبرة حياتية جديدة لم يسبق له الاطلاع عليها. حياة يعيش احداثها وتفاصيلها وكأنها تخصه، ويندفع غائضاً في غمار تفاصيلها منقاداً بلذة الاكتشاف. وبقدر دهشة القارئ ولهفته على إكمال قراءة العمل الروائي، تكون المتعة، التي تعد الفضيلة الأولى للفن.

«الجهل» رواية للكاتب ميلان كونديرا، صادرة عن دار ورد للطباعة والنشر، ترجمة رفعة عطفة. واذا كان فلوبير قال صراحة: أنا مدام بوفاري، فإن رواية الجهل قدمت، بدرجة او أخرى، شيئاً من تجربة كونديرا الذاتية وهواجسه الشخصية، في بعده عن وطنه، وحلمه في العودة اليه.

«إرنا» امرأة تشيكية تعيش في فرنسا، مع ابنتيها وزوجها الثاني السويدي «غوستاف» بعد موت زوجها الأول مارتين. تقرر زيارة بلدتها براغ بعد غياب قسري في باريس استمر ما يزيد على عقدين من الزمن، كانا كفيلين بدفعها الى سؤال تقريري لصديقتها الفرنسية «سيلفي» التي تحثها على العودة الى بلدها: «وأنا ألست في بلدي؟ فأنا أعيش هنا منذ عشرين سنة». (ص5)

هذا ما يظهر توزع المهاجر بين تعلقه بذكريات وصور وعوالم وطنه الأم، وحلمه بالعودة اليه، وانتمائه الى المكان الذي احتضنه وعاش فيه، ربما ما يفوق سنوات من عمره عاشها في مسقط رأسه. وأخيراً نظرة أهل البلد الاصليين الى المغترب، التي تحمل في طياتها رفضه بوصفه دخيلاً، حتى لو حمل جنسية البلد.

إرنا تلتقي في قاعة المطار يوم عودتها الى وطنها بمواطنها «جوزيف»، الذي عشقته يوماً وحملته ذكرى حاضرة في خاطرها. هاجر مثلها من التشيك ليعيش في الدنمارك، وتصادف يوم عودته الى براغ مع يوم عودتها. يحاول جوزيف استذكار أي شيء عن إرنا، لكن من دون جدوى، لذا يقوم باعطائها رقم تلفون الفندق الذي سينزل فيه في براغ.

امرأة ورجل مغتربان، إرنا وجوزيف يعودان الى براغ بعد غياب دام اكثر من عشرين سنة. كلاهما يعود مدفوعاً بمرض حب الوطن، ومحملاً بذكرياته وأفكاره، وكلاهما ينطوي على خوفه الخاص: كيف تراها تكون الحياة في الوطن بعد هذه السنين؟ بادرت الى اقامة حفلة دعت اليها صديقاتها القديمات في قاعة أحد المطاعم: «تريد ان تعرف اخيراً ما اذا كانت ترغب بأن تعيش هنا، ان تشعر بأنها في بيتها، وأن يكون لها اصدقاء». (ص26) لكنها سرعان ما تكتشف انها في غربة عما يدور حولها، وأن بوناً شاسعاً يفصلها عن صديقاتها، وأنهن ما زلن يعشن مخلصات لعاداتهن القديمة كما تركتهن، وما زلن يفضلن البيرة المحلية، على النبيذ المعتق. صحيح ان الزمن تغير، وصحيح ان التشيك يعيشون عهداً جديداً غير الذي تركته يوم هروبها، لكن الناس، الذين عبثت يد الزمن القاسية بملامحهم، ما زالوا يعيشون ايامهم برتمها القديم، وكأن التغيير الذي يعصف بالواقع السياسي والاقتصادي، عاجز عن مس عادات وقناعات الناس بالسرعة نفسها. ولأن الصداقة هي اللحظات المشتركة التي نمضيها مع الآخر، فإن إرنا وجدت نفسها غريبة بين نساء كن في يوم ما صديقاتها، وأن لا شيء يجمعها بهن في لحظتها الراهنة، سوى ذكريات الماضي الغائمة، ذكريات لا تقوى على خلق واضع حاضر. لذا تقتنع إرنا ان حياتها في براغ انتهت يوم هجرتها الى باريس قبل ما يزيد على العشرين سنة، وأن براغ الذكرى لا وجود لها الا في الذكرى، «وإن واقعاً كان لا يبقى كما كان، واسترداده محال»، (ص80) ولأن جوزف ظل على الدوام جزءاً من ماضيها في براغ، بتلك المغامرة التي خاضتها معه في يوم ما، فإنها تتصل به وترتب موعداً للقائه.

جوزيف من طرفه، عاد الى براغ، ليرى كيف ان أخاه قد استولى على بيته، وأن الأخ وزوجته كما تركهما، صحيح ان دورة الزمن قد اثرت فيهما، لكنهما من حيث النظرة والروح والمسلك بقيا كما كانا. فجأة يجد جوزيف نفسه محاطاً بالماضي، ماض بائس، ماض هجره بإرادته، وليس بنادم على ذلك. حتى اللوحة التشكيلية التي تخصه، ويفكر بأخذها معه الى الدنمارك، يرى ان لا مكان لها في بيته هناك. «قبل مجيئه كان قد جهّز نفسه لمواجهة الأماكن المعروفة، حياته الماضية، وسأل نفسه «هل سأتأثر؟ هل سأكون لا مبالياً؟ هل سأفرح؟ هل سأنقبض؟ على الاطلاق. خلال غيابه كنست مكنسة مشهد شبابه، ماحية كل ما كان مألوفاً، والمواجهة التي كان يتوقعها لم تحدث». (ص36)

المخيلة والذكرى في البعد تلعبان لعبتهما المفضلة في تصوير وتجميل ما مضى، لكن مواجهة الواقع تأتي بشيء آخر.

وكأن المغترب يرجع الى وطنه لا ليعيش اللحظة الراهنة، بل ليبحث عن لحظة ماضية. فأقسى ما في الحياة، على الاطلاق، هو ان اللحظة التي مرت من قبل برهة لا يمكن ان تعود.

تلتقي إرنا بجوزيف في غرفته في الفندق، تأتي محملة بشوقها القديم، ويستقبلها لكونها امرأة من جهة، ولكونها تحمل رائحة بلده من جهة ثانية. وبعد ان يتبادلا الحب، تسأله إرنا بمرارة: ما اسمي؟ قل لي ما اسمي!. ولأنه يقف عاجزاً عن تذكر اسمها، تشتعل موجة غضبها: «أنت لا تعرف من أنا! ودخلت بعلاقة مع مجهولة! مارست الحب مع مجهولة قدمت نفسها اليك! لم أكن بالنسبة لك أكثر من عاهرة، عاهرة مجهولة!» (ص122)، وهكذا فلحظة حاضرة جمعت بين غريبين لا يمكن ان تحل محل لحظة ماضية، أياً كانت تلك اللحظة.

إن ميلان كونديرا إذ يقدم أبطاله، فإنه يلعب دور الراوي العليم، الراوي الذي يريد لصوته ان يعلو فوق كل صوت، بل إن كونديرا وفي أكثر من مشهد تدخل بصوته الصريح كمؤلف شارحاً فكرته، ومؤكداً وجوده كأحد أبطال العمل، وهل يتنصل كاتب من تجربته الحياتية؟

كوارث الحرب في العراق تجعل اقتناء الكتاب ضرباً من الترف

شكل التراجع في الإنتاج الثقافي العراقي خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة طبيعية للأحداث الجسام التي عصفت بالعراق، والتي كان أبرزها الاحتلال الأميركي للأرض وتلاعبه بفسيفساء مكونات المجتمع العراقي، ونجاحه في دفعها إلى حالة من العداء وصلت في بعض المحطات إلى الاحتراب..

 كل هذا كان عامل انقسام في صفوف المثقف العراقي الذي وجد نفسه وبشكل مفاجئ في مواجهة قضايا لم تكن يوما جزءا مما هو مطروح أمامه من مهمات والذي كان القمع وخنق حرية التعبير هي ابرز سمات المهام التي عمل المثقف العراقي على مواجهتها خلال ثلاثة عقود من حكم الرئيس  صدام حسين، لتتحول هذه المهام إلى جزء يسير جدا من المهام التي باتت مطروحة على جدول أعماله تحت وطأة الاحتلال الأميركي،

 هذه المهام التي تشهد عدم اتفاق على مشروعيتها وأهميتها، بل وحتى على (ضرورة) طرحها في ظل حالة الانقسام بين المثقفين العراقيين الذين نجحت سياسة التقسيم الطائفية والإقليمية الأميركية في دفع الكثير منهم للتمترس خلف الطائفة والعشيرة أو الولاءات الإقليمية الضيقة.

 المهام المطروحة أمام المثقف العراقي تائهة تبحث عن هويتها، الأمر الذي يجعل من إمكانية تحقق إنتاج ثقافي غزير كما كان عليه الحال سابقا مسألة صعبة حاليا وتنتظر زوال الغمام الذي يحيط بالوضع هناك.

 وأوضح الدكتور يوسف عيدابي مدير إدارة التخطيط في دائرة الثقافة والإعلام رئيس اللجنة المنظمة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب أن المشاركة العراقية نتيجة للظروف السياسية التي تمر بها متقطعة فقبل ثلاثة أعوام كان لها مشاركة هامة إلا أنه بات من الصعوبة بمكان أن تشارك في الوقت الراهن حيث رضينا بالمشاركات من خارج الوطن،

 مضيفا أن ما يمر به العراق يزعزع كيان ووجدان المبدع ويقلق هويته، مؤكدا في السياق ذاته أن الطائفية التي تنخر كالسوس لحمة العراق الوطنية وبعده الثقافي والحضاري تعيدنا إلى العصور المظلمة ونحن كمثقفين نتوخى مواجهة هذه الأشياء لان انفراطها يؤثر على مسالة الوجود.

 أسئلة كثيرة يواجهها المثقف العراقي باهتمام، وعجز في الآن ذاته وهو ما يؤكده الأديب والشاعر حميد القاسم الذي يرى أن الكتاب العراقي وكذلك المبدع العراقي يعيشان مع محيطهما قطيعة طال زمنها والتي يراها تمتد إلى تاريخ ابعد من الحرب والاحتلال ويعني بذلك زمن الحصار الذي أعلنته الأمم المتحدة في أغسطس 1990

 ومنذ ذلك الوقت لم يشترك العراق بل لم تتم دعوته إلى معارض الكتاب والأكثر مرارة أن العراق وان دعي لن يكون قادرا على المشاركة لأسباب عديدة، مشيرا إلى أن العراق لا يشهد حركة نشر كبيرة فمطابعه قديمة والحصار أنهك البلد وجعله على حافة الانهيار والاحتلال،

 مؤكدا أن كوارث الموت اليوم أجهضت حركة الكتاب العراقي وطبعه ونشره وتسويقه لذا تكدست المخطوطات في بيوت الأدباء والمثقفين العراقيين أو تشترى بثمن بخس من بعض دكاكين النشر في البلدان المجاورة.

 وقال القاسم مثلما ينقطع الكاتب العراقي ودور النشر على قلتها عن معارض الكتب وسوقها فلا ترى كتابا عراقيا إلا ما ندر من خلال دور نشر صغيرة يقوم عليها ناشر أجنبي من أصل عراقي هنا وهناك مما لا يشبع ولا يغني ولا يداوي جرحا كما يقول العراقيون.

 ويرى الشاعر إبراهيم عبد الملك المقيم في السويد والمشارك في المعرض بصفة شخصية أن الحرب التي تدور رحاها في العراق قوضت البعد الثقافي للمجتمع وجعلت اقتناء الكتاب ترفا،

 مشيرا إلى أن غياب العمل العراقي اليوم هو نتيجة حتمية لسنوات الحصار المر التي تعد من أسوأ المراحل التي مرت على المثقف العراقي فقتلت لديه روح الإبداع وأطفأت توهج النشر فظهرت ثقافة الاستنساخ وتأثرت دور النشر بكل ما في الحصار من قسوة وأضحى من الصعب على المؤلف طباعة رواية أو حتى مجموعة شعرية،

 مشيرا إلى أن الاحتلال الأميركي والكابوس الحالي زاد الأمر سوءا مع أن المثقف العراقي لا يزال يكتب بل ظهرت لديه مهام جديدة وهي الحفاظ على وحدة وتجانس الشعب العراقي الذي يواجه الفتنة الطائفية بأشرس صورها،

 مشددا على أن ابتعاد العراق عن الحركة الثقافية عربيا وعالميا هي فترة مؤقتة ولا يمكن لها أن تستمر والعراقي إن كان في الداخل أو الخارج فهو يحمل الهم والهدف ذاته. وأعرب عدد من العراقيين الزائرين لمعرض الشارقة للكتاب عن حزنهم لما آل إليه حال المثقف العراقي وغياب دولتهم التي كانت رائدة في العلم والأدب والثقافة.

الغياب القسري للعراق ومعركة الثقافة العراقية اليوم ستظل دائرة لسنوات مقبلة وستحرم ساحة العلم والثقافة من أقلام المبدعين المغيبين وستبقى معارض الكتب كما معرض الشارقة الدولي للكتاب محرومة من وجود المبدع العراقي فيها الذي ظن البعض انه غادر الساحة أو تلاشى رغم ازدهار تجارة الكتب في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كانت رائجة ومن أشهر دور النشر فيها المأمون للترجمة والنشر ودار الشؤون الثقافية.

 (فروس و دودي) كتاب عربي يحاكي أساليب القراءة الحديثة

   حاملاً مشروعه التنويري الفردي جاء أكرم داخل إلى معرض الكتاب في الشارقة مؤقناً أن فكرته سترى النور عبر دار نشر عربية تضع المعرفة هدفاً ونشرها هاجساً. تمثلت تجربة أكرم داخل بكتاب من بواكير أفكاره حمل اسم ( فروس ودودي) وأرفقه بقرص مدمج (C.D) تتحدث قصته البسيطة عن صديقين يتساعدان ويمرحان ببراءة طفولية حيث كانت الريشة تؤازر الكلمة لإيصال الفكرة إلى أطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاث وسبع سنوات.

 وهي طريقة علمية تتبعها كبريات دور النشر العالمية الموجهة للأطفال. قال أكرم داخل إنها المرة الأولى التي يزور فيها معرض الكتاب والهدف يحدوه لإيجاد جهة تمتاز بروح المغامرة لضخ الدماء في عروق فكرة عربية أصيلة حملها شاب ناهض معرفياً ووطنياً من حلب الشهباء إلى شارقة العرب.

 حيث للثقافة تفاصيل يعرفها جميع أبناء الوطن العربي كتاب (فروس ودودي) يمتاز عبر نسخته التجريبية المجانية بغلاف مقوى وورق مصقول وملون وأحرف كبيرة تناسب الأعمار التي يتوجه لها بالإضافة إلى جيب لحفظ القرص المدمج والذي يشكل دليلاً للطفل كي يتعلم بعض العادات الإيجابية وليكتسب مهارات تقنية تساعده مستقبلاً في سرعة تقبل العلوم والمعارف الجديدة بما يتوازى مع الأساليب الحديثة في التربية التي لا ملل فيها، وتحثه على القراءة ومصادقة الكتاب.

'البيان' الكويتية ترصد العلاقة بين الضحك والقبح

"مفهوم المضحك الهزلي في تاريخ الفكر الجمالي" للدكتور أحمد طعمة حلبي (من سوريا) أول ما يطالعنا من دراسات في العدد الجديد من مجلة "البيان" الكويتية التي تصدرها شهريا رابطة الأدباء في الكويت، وصدر عددها الأول في أبريل/نيسان 1966، ويرأس تحريرها حاليا حمد عبدالمحسن الحمد، ويساعده سكرتير التحرير عدنان فرزات.

ويرى حلبي أنه إذا كان معظم علماء الجمال والفلاسفة قد اتفقوا على أن القبيح هو ما يُشعر بالنفور وعدم الانسجام فإنهم قد اختلفوا حول نسبية القبح، وجمالية القبح أو عدم جماليته، وفي هذا الإطار يحاول شارل لالو معالجة قضية القبح في الفن، فيرى أن القبح في الفن ليس فقط غياب التناسق، ولكنه موقف سلبي، أو معادٍ للتناسق، أو هو عدم تناسق ينتشر في المكان الذي ننتظر أن يكون، أو يجب أن يكون، منسجما متسقا، وهناك فرق كبير بين سطر من النثر، وبين شعر منثور.

إلى جانب ذلك يشير حلبي في دراسته القيمة إلى أنه لا يخرج معنى القبح لدى المتصوفة والفلاسفة العرب المسلمين عن معناه لدى نظرائهم الغربيين، ويضرب مثلا بابن الدباغ الذي يشير إلى النفور الذي يحصل عند مشاهدة نبات ما قد ذبل وذهب نضارته.

ومن خلال ذلك نصل إلى أن مفهوم الضحك ينشأ من خلال وجود الظاهرة القبيحة التي تعمل على إثارة الضحك فينا، من خلال التنافر والتشويه وعدم الانسجام الموجود في تلك الظاهرة، فالهدف الأساسي من الضحك هو محاولة التخلص من القبيح أو الظاهرة القبيحة والتبرؤ منها والنأي بالنفس عنها، وتطهير المجتمع منها.

ومن السعودية يكتب د. عبدالله الفيفي عن قصيدة النثر وقصيدة النثريلة، ويرى أن في مصطلح "قصيدة النثر" ودعاواه تأتي مشكلة "الشكل الفني" وفوضاه، ومفهوم الإبداع قائم في جوهره على ابتكار نظام إنْ في الشعر أو في النثر، ومن ثم تناسل أنظمة أخرى، وليس حتما أن يكون نظام الخليل أو نظام التفعيلة، لكنه في النهاية نظام ما، ولهذا لا يكون تمردٌ على قانون دون استبداله بآخر، ولا على نظام إلا من خلال البحث عن نظام ومنهاج جديد.

ثم يشير الفيفي إلى أنه وقفنا مؤخرا على شكل جديد تلقننا إليه نصوص حديثة، يتمثل في نصوص إيقاعية، لكنها غير منضبطة على التفعيلة كما أنها تحتفي بالتقفية، ومن ثم فهي لون جديد يقع بين بين، أي بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة.

بعد ذلك يكتب محمد بسام السرميني (من الكويت) عن عبدالمحسن الرشيد الشاعر الواضح حدَّ الجرأة الذي قال عنه أحمد بشر الرومي "حين تقرأ شعره تواجهك فيه روحه مجردة خالصة واضحة كل الوضوح لا يشوبها ما يحجبها عنك، وذلك في جزالة من اللفظ والتركيب، وتبدو لك في شعره قوة تصديره وبراعة تعبيره."

ومن البحرين يكتب د. صابر محمود الحباشة عن "الأقلف" للكاتب البحريني عبدالله خليفة بين الرواية والسيرة الغيرية، حيث يمضي خليفة في روايته لتحقيق الذات بأبعاد رمزية ورصد لسيرة الزمان والمكان في بعديهما المحلي والكوني، ومن اليسير إطلاق وصف "الوجودي" على بطل راوية "الأقلف" فهو يعيش تمزقا وصراعا مريرا في مستويات عديدة، إذ أنه مهدد في كيانه ومنبوذ في علاقاته الاجتماعية ومجهول الهوية، فكأن جميع الظروف قد تحالفت ضده ليظل متمزقا بين الرغبة في العيش كحد أدنى وبين تحقيق الكرامة الإنسانية، كسقف أعلى لمساعيه في صد العداوات المتراكمة والموجهة ضده.

ويشير الحباشة إلى أن "الأقلف" ليس تسمية مجانية ليحيى (بطل الرواية) بل هو استعارة كبرى تدل على خروجه عن إطار الثقافة الجمعية التي تسطر سلوك أفراد المجتمع وتضع أختامها على أجسادهم كما تنقش مسلماتها على عقولهم ووجدانهم.

وعن التوحد الإنساني في "عرائس الصوف" لميس خالد العثمان يكتب محمود قاسم (من مصر) الذي يرى أن الكاتبة ترجع في هذه الرواية إلى تاريخ قديم دون أن تحدده مثلما فعلت في روايتها الأولى "غرفة السماء"، وأن المصطلح اللغوي عندها هو أهم ما يميزها بالإضافة إلى هذا العالم الجواني البالغ الخصوصية للمرأة في مثل هذه المجتمعات.

ومن المغرب يكتب د. عيسى الدودي عن الحداثة في الأدب بين الأحادية والتعددية، ويرى أن الترجمة منفذ للحداثة الأدبية، ويتحدث عن الحداثة وثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل.

ويعلق عبدالله خلف (من الكويت) على خبر استقطاب جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية 14 عالما حاصلين على جائزة نوبل العالمية لتطوير برامج الجامعة البحثية والأكاديمية وتحفيز أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلاب على الإبداع والتميز لبناء مجتمع المعرفة.

ثم يقوم د. خالد حسين حسين (من سوريا) بدراسة "ملحمة السراب" لسعدالله ونوس بعد اغتساله من الإيديولوجيا.

ومن العامية الفصيحة في اللهجة الكويتية يختار ويعلق خالد سالم محمد.

وفي عالم الشعر تنشر "البيان" قصائد للشعراء: علي السبتي، وإبراهيم الأسود، ومحمد الصاوي، ومحمود أمين، ومن القصص تختار قصصا للكتاب: منى الشافعي، وأفراح فهد الهندال، ومحمد عطية محمود، وجمال مشاعل، والفرنسي فردريك بسا (ترجمة محمد بنعبود).

وحول ما أثاره برنامج ومسابقة "أمير الشعراء" التي نظمتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في الشهور الماضية جاءت مناقشات رابطة الأدباء مع الناقد الكبير د. صلاح فضل أحد أعضاء لجنة تحكيم هذه المسابقة، وأوضح فضل أنه لم يكن راضيا عن التسمية مفضلا عليها "أمير الشعراء الشباب" وأن مشاركته جاءت بعد التأكيد على أن المشاركين هم من شباب المبدعين، ودافع فضل عن فكرة "التراتبية" في الشعر معتبرا أن وظيفة الناقد الأساسية هي التمييز بين "طبقات الشعراء" ومراتبهم قائلا "إننا نحارب الطبقات في المجتمع وندافع عنها في الشعر، وسبحان موزع المواهب والعبقريات".

وعبر فضل عن سعادته بعدد الذين شاركوا في المسابقة والذين بلغوا خمسة آلاف شاعر كما أن جمهور المشاركين من المشاهدين على الفضائيات قد بلغوا الملايين، وأشاد فضل بغلبة الروح القومية على القصائد تلك الروح التي باتت موضع تشكيك من قبل الكثيرين، وهو ما يجعلنا في النهاية نؤكد أن الشعر مازال بخير.

'لاعب السيرك' بين قصيدة عربية ورواية كورية 

كأن بطل قصيدة "مرثية لاعب سيرك" للشاعر المصري الرائد أحمد عبدالمعطي حجازي التي كتبها عام 1966 هو نفسه "ها ميونج" بطل رواية "العشب العائم" للروائي الكوري هان سو سان التي نشرت بمجلة "الآداب في العالم" عام 1976، ثم ترجمها إلى العربية د. لي يونغ تاي، ود. إبراهيم ضوة، ونشرت الترجمة في سلسلة روائع الأدب الكوري بالتعاون بين مركز التدريب اللغوي بجامعة القاهرة، وجمعية كوريا والشرق الأوسط، ودعم المعهد الوطني لترجمة الأدب الكوري.

المفردات اللغوية مثل (الحبال، الدائرة، الكف، الرشاقة، السقطة، الأرجوحة، الصياح، الطبول، وغيرها) فضلا عن الصور النفسية مثل (منتشيا بالصمت، اللحظة المدمرة، منازل الموت، يجمد الرعب على الوجوه لذة، وغيرها) نجدها في كلا العملين الشعري والروائي، ذلك أن الشاعر حجازي والروائي سو سان يصوران النفس البشرية في عمومها لحظة مواجهة الخطر، ومحاولة تقديم المتعة والإبهار للناس في عالم السيرك.

يقول حجازي في تصويره البديع للاعب السيرك، وكأنه يتحدث عن ها ميونج الكوري:

تستوقف الناس أمام اللحظة المدمرة

وأنت في منازل الموت تَلجُّ عابثا مجترئا

وأنت تفلت الحبال للحبال

تركتَ ملجأ، وما أدركتَ بعدُ ملجأ

فيجمد الرعب على الوجوه لذة وإشفاقا وإصغاءَ

حتى تعودَ مستقرا هادئا

كلا البطلين إنسان فارس في العالم المملوء أخطاءَ، وعلى الرغم من ذلك فهو مُطالب ألا يخطئ، وإلا سيكون الموت هو المكافأة المنتظرة لذلك الخطأ.

لم يسمِّ حجازي بطل قصيدته، ويكفي أنه لاعب سيرك، بينما سمَّى سو سان بطله، فكان "ها ميونج" الذي يتمتع بفروسية نادرة وسط أقرانه ليس فقط أثناء لعبه في السيرك وتسلقه على الحبال والأرجوحة وغير ذلك من ألاعيب السيرك الخطرة، وإنما كان فارسا عطوفا في حياته أيضا ومع زملائه داخل السيرك وخارجه، سرعان ما وقع في حب زميلته اللاعبة جي هاي، وأراد الزواج منها رغم أن تعليمات السيرك تحظر الزواج بين اللاعبين، ولم يحدث هذا الزواج بسبب اغتصاب أحد لاعبي السيرك للفتاة، فلاذت بالفرار.

اختار حجازي لحظات فارقة في حياة لاعب السيرك، دار حولها عالم القصيدة، فكان ذلك البناء الشعري النفسي والجسدي أو الحركي الشاهق، بينما دارت رواية "العشب العائم" في عالم السيرك نفسه سواء داخل الخيمة أو خارجها، ولم يكتف بالخيمة في بلدة واحدة، ولكنه قدم لنا أعضاء السيرك جميعا، لاعبين وعمال ومسئولين بل ومتفرجين، في أكثر من بلدة ينتقل السيرك إليها تبعا لتغيير المناخ والطقس واتجاه الأمطار، وكأنهم طيور مهاجرة في أوقات معينة من السنة.

ولعل عنوان القصيدة والرواية يهدينا إلى هذا التنوع أو تلك الفوارق بين العملين، فعنوان قصيدة حجازي "مرثية لاعب سيرك" يشي بأن الشاعر يركز كاميرته على اللاعب نفسه ويقدم رثاء له أو لعمله المضني الشاق الذي في لحظة واحدة يخطئ فيها يكون ثمنها حياة اللاعب. يقول الشاعر:

ثم تسيرُ نحو أول الحبالِ

مستقيما مومئا

وهم يدقون على إيقاعِ خطوك الطبولَ

ويملأون الملعبَ الواسع ضوضاءَ

ثم يقولون: ابتدئ

في أي ليلة تُرى يقبع ذلك الخطأ

بينما يركز عنوان "العشب العائم" على عالم السيرك نفسه وليس على فرد من أفراده، أو لاعب من لاعبيه، رغم وجود شخصية رئيسية يتفاعل معها القارئ هي "ها ميونج"، مع شخصيات أخرى متعددة، وكأن خيمة السيرك التي تمثل حياة أصحابها، عشبٌ عائم فوق الماء، يتنقل من مكان إلى مكان، فلا استقرار لتلك الخيمة أو ذلك العشب في حياته، وإنما هو من رحيل إلى رحيل، ومن ماء إلى ماء.

من خلال عالم الرواية نكتشف قاع المجتمع الكوري ومشاكله الاجتماعية، وعلاقته المتشابكة وعاداته وتقاليده ومعتقداته، وهو عالم له تميزه وخصوصيته التي نجح هان سو سان في بسطه أمامنا دون الدخول في تقنيات فنية أو روائية معقدة، قد توقف من انسياب العمل، أو تزرع الصخور في طريقه.

وهو عالم إذا كان ينتمي إلى قاع المجتمع الكوري، فإنه في الوقت نفسه عالم إنساني ينتمي إلى العالم الأكبر وينخرط فيه، فنحس أن مشاكل عمال ولاعبي السيرك الكوري هي نفسها مشاكل عمال ولاعبي أي سيرك وطني في بلد ما، خاصة عندما يحس أعضاء فريق السيرك الوطني بخطورة السيرك الأجنبي (وهو الألماني في الرواية) على مسيرتهم وإقبال المشاهدين أو الجمهور عليهم، وتأثر الإيرادات التي يعيشون عليها بوجود السيرك الأجنبي الذي يحاول أن يكون أكثر رقيا وإبهارا للمتفرجين فيُقبلون عليه.

وإذا كان ذلك يدخل ضمن هموم لاعب السيرك "ها ميونج" وزملائه في الرواية، فإنه لا يعني لاعب السيرك في قصيدة المرثية، لأن ما يركز عليه الشاعر هو لحظة الخطر والمواجهة فقط دون الاهتمام بالحياة اليومية التي يحياها اللاعب، والقصيدة بطبيعة الحال غير مطالبة بهذا، على عكس العالم الروائي الذي يهتم بالتفاصيل والسرد والحوار الخارجي (الديالوج) والداخلي (المونولوج) بين شخوص الرواية.

وكأن الشاعر هنا ينظر من زاوية نفسية شديدة الخصوصية، وإلى لحظة فارقة لا يراها الكثيرون، أو يراها الكثيرون ولكن لا يعرفون كيفية التعبير عنها بتلك الرؤية الفنية والكثافة والاقتصاد في استخدام الكلمات، بينما يفتح الروائي الباب على مصراعيه لنرى عالم السيرك بأكمله وبكل تفاصيله بما فيها عدم المساواة والمشقة والألم، وكيفية دفع أجور العمال واللاعبين، وكيف يحتال أو ينصب عليهم مدير السيرك أو رئيس الفرقة، فيقلل من رقم الإيرادات اليومية ليعطيهم أجورا أقل، وهو ما كان سببا من أسباب ثورة عمال السيرك ولاعبيه في نهاية الرواية، خاصة بعد أن تعرضت إحدى لاعبات الفريق (وهي أم سوك) إلى الضرب على يد الرئيس الجديد (كوانج بيو) فأشعلت أم سوك عود كبريت وقت انقطاع الكهرباء عن الخيمة، فانتشرت النار في الخيمة كلها وأصبحت رمادا.

فكرة احتمال وقوع الخطأ هي الفكرة الرئيسية أو الفكرة الذهبية التي بنى عليها الشاعر قصيدته، فيقول حجازي في مطلع القصيدة:

في العالم المملوء أخطاءَ

مطالبٌ وحدك ألا تخطئا

لأن جسمك النحيل

لو مرة أسرع أو أبطأَ

هوى وغطى الأرض أشلاءَ

وفكرة الخطأ نفسها نراها متجسدة في الرواية، حيث نرى الروائي يقول على لسان ها ميونج:

"الأرض أخطو عليها هي المسرح أينما أذهب. السماء هي الخيمة، أستقر في أي مكان طالما بقيت لي الحياة النفيسة. في أي مكان، قد أخطئ وأسقط فأصاب أو أموت. فلا فرق أين أنا."

فلاعب السيرك له قدره الخاص، وهو يعرف ذلك، ويعرف أن جسمه الذي يتلوى به على الحبال والأرجوجة، دائما نهب الخوف والمغامرة. وفي هذا يقول الشاعر:

حين يصير الجسم نهب الخوف والمغامرة

وتصبح الأقدام والأذرع أحياءَ

تمتد وحدها

وتستعيد من قاع المنون نفسها

كأن حيات تلوت

قططا توحشت، سوداء بيضاء

تعاركت وافترقت على محيط الدائرة.

في حين يقول الروائي على لسان ها ميونج "لنا قدرنا الخاص بنا، نتجول من هنا إلى هناك."

ثم يتساءل في أسى واضح "رغم ذلك هل يجب أن نكون مختلفين عن الآخرين حتى في اللقاء والفراق أيضا؟."

وتنتهي الرواية برؤية للعالم من خلال عيون لاعب السيرك ها ميونج، فالعالم "أصبح مثل السيرك وكل البشر يرتدون أقنعة وملابس مختلفة ويعيشون ويؤدون كل أنواع المهارات على مسرح حياة بها متفرجون مختلفون."

وكأنه عرف أشياء لم يكن يعرفها من قبل، أو انكشفت له الدنيا على حقيقتها، في لحظة كشف نادرة، وهو ما انتهت إليه أيضا قصيدة حجازي الذي يقول في نهايتها:

يرتبك الضوء على الجسم المهيض المرتطم

على الذراع المتهدل الكسيرِ والقدم

وتبتسم

كأنما عرفت أشياءَ

وصدقت النبأَ.

إن التقاء فكرتين أساسيتين عن السيرك وعالمه ولاعبيه بين كاتبين عربي وكوري، أحدهما شاعر والآخر روائي، يؤكد أن هناك أدبا إنسانيا وحسا فنيا مشتركا يجمع بين أدباء العالم، وخاصة بين الأدبين العربي والكوري. الأمر الذي يؤهلنا لحوار أدبي أوسع بين كلا الأدبين في مستقبل الأيام.

'إيقاعات برية' لشعراء فلسطينيين تصدر في الجزائر

 صدرت في الجزائر بإشراف "جمعية البيت للثقافة والفنون" وبالتعاون مع بيت الشعر الفلسطيني في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وبطلب من وزارة الثقافة الجزائرية "أنطولوجيا شعراء فلسطين" في جزئين من إنجاز: مراد السوداني ومحمد حلمي الريشة.

جاء في مقدمة العمل التي أنجزها الشاعر مراد السوداني "لأن خارطة الشعر الفلسطيني ممتّدة امتداد وجعنا المفتوح على الجهات وشساعتها فإنه من الشائك الوقوع في انتقائية فيما يتعلّق بأنطولوجيا لتقديم المشهد الشعري الفلسطيني في سياقيّ الوطن والمنفى. من هنا فإننا وجدنا في اقتراح الشمولية أكثر نجاعة في معالجة هذه المنتخبات الشعرية، رغبة في إلقاء الضوء على كثير من الأسماء الشاعرة التي لم تطلها طرائق التعريف والتقديم. وذلك مساهمة في توسيع فضاءات المشهد الشعري في فلسطين ليتواصل مع عمقه العربي، ويحطّ بكامل حمولته الشعرية في أرض الجزائر. المكان الفعّال والمعافى.

إذا كان ثمة فضائل للمنفى فإنه حققّ لعدد كبير من الشعراء الفلسطينيين التثاقف والإطلالة على الشعريات العربية والإنسانية. وهو ما حُرِمَ منه الشعراء والمبدعون في الوطن المحتل الذين وقعوا تحت غوائل الحصار والمحو والإلغاء والمنع، ما حال دون تواصلهم مع المحيط الثقافي العربي والإنساني.

هنا في فلسطين تفتّحت في حديقة الشعر أزهار برية قاومت النقيض بأنساغها الحيّة وبحضورها اللافح الحرّ، ونسجت عباءتها الشعرية بخيوط المعاناة وأصرّت على الحياة فعلاً وقولاً وإبداعاً ناجزاً.

هكذا استطاعت "الإيقاعات البرية" أن تجعل لها مساحة من الحراك الثقافي والشعري عبر ما يتسلّل للبلاد من مطبوعات للانفتاح على آفاق أكثر رحابة. وعلى الرغم من ذلك فإن الأصوات الشعرية في فلسطين ما زالت تعاني عصف الحواجز التي يمارسه النقيض على الطير والبشر لتحويل البلاد إلى سجن والسجن إلى بلاد.

في هذه الأنطولوجيا ـ التي لا تدّعي الكمال ـ ولكنها محاولة محمولة على الرضى بتقديم الشعرية الفلسطينية بما استطعناه وتوصّلنا به من شعراء في فلسطين المحتلة بثالوثها: فلسطين المحتلة 1948، والضفة الغربية وغزة والمنفى، وذلك انتباهاً لوحدة الثقافة الفلسطينية والتي نطمح لها أن تتسع لتصبح وحدة الثقافية العربية، على الرغم من عوائق الجغرافيا.

في هذه الأنطولوجيا، التي تشمل جيل السبيعينات والثمانينيات وما بينهما من تواشيج وتداخل لينضاف إليهما جيل التسعينيات الذي ينفتح وإياهم على الألفية الجديدة، لا أخفي إنحيازي لجيل التسعينيات في فلسطين الذي أفردت له مساحة كافية في هذه الأنطولوجيا. وكذلك الأصوات الجديدة من الجيل ذاته في المنفى، ليتقدم الجميع بنص البلاد من غير سوء، اقتراحاً وحواراً وتجريباً ما زال الجيل يصرُّ عليه، حتى لا تغطي شجرة شاعرة غابة الشعر، بل يترك الفضاء لطيور الإبداع الذاهبة نحو حقها في الكتابة والحياة والتحليق والحرية.

الصوت الشعري التسعيني في فلسطين صفة تنأى عن المصطلح النقدي. صفة لتحديد الظاهرة لمعاينتها ليس إلاّ، وهي إن جاز التوصيف تشكل قنطرة عليا في الشعرية الفلسطينية، إذ هي جسر متصل منذ سنوات في فلسطين، هذه الموجة الشعرية تم تقديمها بغير طريقة وعبر غير فصلية ثقافية أو سياق إبداعي، ليصل إلى الأمداء العربية والعالمية، وكانت غمزة البكر لهذا الجيل في: "ضيوف النار الدائمون"، الذي صدر عام 1999، عن بيت الشعر الفلسطيني، وتحت باصرتي الشاعر والمفكر الكبير حسين البرغوثي.

والمنتخبات هنا تستكمل المشروع وتواصل توسيع رقعة المشهد الإبداعي. وهي بذلك لا تدّعي الحذف والإقصاء، أو تقديم اقتراحٍ نقدي بعينه، بل هي اجتهاد في تقديم الأسماء التي واصلت حراكها وفعلها الشعري في فلسطين والمنافي. في محاولة لتوحيد الثقافة الفلسطينية على أرض الشعر، وتوفير فرصة للإطلاع على هذه الأصوات الجديدة من قبل المهتمين بالمشهد الشعري والثقافي العربي من نقّاد ودارسين.

والمنتخبات ـ خاصة التعسينات منها ـ خطوة أولى تليها موجة شعرية أخرى تجاورت وتكاتفت لتصب في نهر الشعر الذي يتسع للجميع، ويتسع بالجميع.

بـ "إيقاعات بريّة" تتقدم هذه النصوص. فهذه الأسماء نبتت في أرض شائكة، وبعضها مطحون بأنياب الغربة: غربتان إذن. الوطن / المنفى. تحاول النصوص صياغة حريتها وإصرارها على التجاوز، والدفاع عن حق الفلسطيني في الكتابة والجدل والمعرفة، وتقديم ما هو مختلف بعيداً عن قتل الأب، ونأياً عن الوقوع في سياق المشابهة والتكرار.

لقد أحدث اتفاق أوسلو حالة انشراخ في الوعي الجمعي والفردي الفلسطيني وتداعيات ذلك على النص الإبداعي والشعري الفلسطيني، ما ألقى بظلاله على الأصوات الجديدة التي تسعى، وبجهد حثيث، لتقديم اقتراحاتها الشعرية بما يجعل القصيدة الفلسطينية حيّة ومغايرة.

وما دام الشاعر/ة الفلسطيني/ة، يخطّّ أوراقه على الرغم من أنياب الموت وبطش النقيض، وناقع التدمير والإلغاء، فإن الشعر بخير، وفلسطين بخير.

إن الكتابة الشعرية الفلسطينية ليست ترفاً أو من كماليات البلاد، على العكس من ذلك فإن الشعر الفلسطيني الذي أصّل مدارك الوعي للأجيال فسقط الشعراء الشهداء عبد الرحيم محمود، وكمال ناصر، وغيرهما، لما لصوتهم من نفاذ وقدرة على المواجهة والعناد في منازلة الغزاة وأشياعهم. الشاعر الفلسطيني صنو تحدٍ وفعل ومناضلة يدلُّ على الكتابة، والكتابة تدّل عليه، كيف لا وهو صائغ الأمل من شقوق الألم للأمل هذا الفلسطيني يحيا وله كذلك.

فلينفتح الشعر على الأمل والحياة، على الحرية والبذل الجسور، والإبداع المغاير.

هذه المنتخبات موجة شعرية والنهار يتسع بها ولها. إنها من فلسطين."

وقد ضمت الأنطولوجيا الأسماء التالية:

إبراهيم نصر الله

أحمد الأشقر

أحمد الحاج

أسماء عزيزة

أنس العيلة

أيمن إغبارية

باسل ترشحاني

باسم النبريص

بشير شلش

بيسان أبو خالد

تركي عامر

جهاد هديب

حسين البرغوثي

خالد جمعة

خالد درويش

خالد عبد الله

دالية طه

دنيا الأمل إسماعيل

رانية ارشيد

رجاء غانم

زكريا محمد

زهير أبو شايب

زياد أبو خولة

زياد أبو الرب

سامر خير

سليم النفار

سمية السوسي

سميح فرج

سميح محسن

صالح حبيب

صباح القلازين

طارق الكرمي

طاهر رياض

طلعت سقيرق

عبد الرحيم الشيخ

عبد السلام العطاري

عبد الله عيسى

عبد الناصر صالح

عثمان حسين

علي أبوخطاب

عماد موعد

عمر شبانة

عيسى الرومي

غسان زقطان

غياث المدهون

فؤاد علي ذيب

فاتنة العزة

فيصل قرقطي

قاسم فرحات

ماجد أبو غوش

مايا أبو الحيات

المتوكل طه

محمد الديراوي

محمد حلمي الريشة

محمد حمزة غنايم

محمد لافي

محمود أبو هشهش

مراد السوداني

مرام أمان الله عايش

موسى حوامدة

نداء خوري

نصر شعث

نضال برقان

وسيم الكردي

وليد الخازندار

يزيد الديراوي

يوسف أبو لوز

يوسف المحمود

يوسف عبد العزيز

إن هذا العمل يندرج ضمن سلسلة أنطولوجيات عالمية تعدها للنشر "جمعية البيت للثقافة والفنون"، التي يترأسها الشاعر والإعلامي أبوبكر زمال، وقد صدر منها: "أمراء الرؤى" خاصة بشعراء العراق منجزة من طرف الشاعرة منال الشيخ، "رعاة ظلال حارسو عزلات أيضا" خاصة بشعراء قصيدة النثر في مصر منجزة من طرف الشاعر عماد فؤاد، و"أريج قرطاج" خاصة بشعراء تونس منجزة من طرف فوزي الديماسي، "نوارس سوداء" خاصة بشعراء سوريا منجزة من طرف الشاعر صالح دياب.

ومن المنتظر أن تصدر قبل نهاية هذا العام 11 أنطولوجيا عربية هي:

"ظلال للهواء" خاصة بشعراء البحرين منجزة من طرف أحمد العجمي، و"حداة الغيم والوحشة" خاصة بشعراء الكويت منجزة من طرف الشاعرة سعدية مفرح، "ليت فمي يعطى لي" خاصة بشعراء الأردن منجزة من طرف جهاد هديب، "أوتار الصحراء" خاصة بشعراء موريتانيا منجزة من طرف أحمد ولد محمد عبد الله، "تحت لهاة الشمس" خاصة بشعراء السودان منجزة من طرف نصار الحاج، "مثلَ ينبوعٍ معتكفٍ في قلبِ الشاعر" خاصة بشعراء عمان منجزة من طرف صالح العامري، "من حاملي المواسم إلى أيامنا" خاصة بشعراء المغرب منجزة من طرف محمود عبد الغني، "خيال يبلل اليابسة" خاصة بشعراء اليمن منجزة من طرف محي الدين الجرمة، "ليت الشمس في دورانها" خاصة بشعراء لبنان منجزة من طرف صباح زوين خراط، "النهر الليثي" خاصة بشعراء ليبيا منجزة من طرف أحمد الفيتوري، "سفر الحب" خاصة بشعراء الإمارات العربية المتحدة منجزة من طرف سالم الزمر.

نابليون.. بدأ روائيا قبل أن يصبح إمبراطوريا

مخطوطة بخط اليد.. كان يعتقد لفترة طويلة أنها نص كتبه نابليون بونابرت الإمبراطور الفرنسي يصف فيه صورة تاريخية تسمي ¢كليسوت¢. لكن بعد أبحاث وإختبارات عديدة أعلن المؤرخ بيتر هيكس _ مؤرخ في مؤسسة نابليون _ مفاجأة.. وهي أن هذا النص ماهو إلا مسودة لرواية تسمي كليسون وأوجينيا كان نابليون قد كتبها في عام 1795، وهي عمله الأدبي الأول والأخير. ورغم أنه كان من المعروف عن نابليون بونابرت أنه كان في شبابه قاريء جيد للأدب وخاصة فولتير وروسو ­ قبل أن تتحول إهتماماته إلي الأمور السياسية ­ إلا أنه لم يجعرف عنه أبدا أنه كان يكتب روايات.. لكن بعض المتخصصين وصفوها بأنها أشبه بالسيرة الذاتية ­ رغم عدم وضوح هذا بشكل صريح فيها­ التي تعكس قصة الحب القصيرة التي عاشها مع ديسيري كلاري زوجة أخيه الأكبر خوسيه بونابرت. أما رواية كليسون وأوجينيا والتي تتضمن 22 صفحة فقط ، تدور حول ضابط شاب أصبح صديق لأختين، وبعد وقت أحبهما. وفي الذكري السنوية لتتويج الإمبراطور الفرنسي إحتفلت دار المزادات أوسينات بهذا الحدث ونظمت مزادا في جنوب فرنسا بيعت فيه أول ورقة من هذه المخطوطة كجتب بها الفقرات الأولي من الرواية بمبلغ 24.000 يورو. وقد وجدت ثلاثة ترجمات من هذه الصفحة الأولي الخاصة في مكتبة في بولونيا.. لكن لا يجعرف من صاحب هذه الترجمات ولا من أين أتت. كما بيعت بعض الوثائق والأغراض الخاصة بعائلة نابليون كسيف فضي غالباج يخص أخيه خوسيه بمبلغ 123.600 يورو، وكذا سرير قديم وصورة خاصة بنابليون. والغريب أن نابليون لم يحاول نشر هذه الرواية في حياته.. برغم ما بذله فيها من مجهود محاولا تنقيحها عدة مرات.. ربما لأنه كان يراها مجرد محاولة لا ترقي للنشر أو لأنه بعدها لم يعد يهتم بالآداب بل إنصب إهتمامه علي السياسة فقط. لكن لا أحد يدري ربما تفاجئنا الأيام بعد فترة بمحاولة أدبية أخري له.

 اكتشاف سيرة شعبية لـ' الحاكم بأمر الله'

" مخطوط نادر لسيرة شعبية للحاكم بأمر الله¢ هذه المفاجأة أعلنت عنها الدكتورة كلاوديا أوت مترجمة  الف ليلة وليلة¢ إلي الألمانية في المؤتمر الذي أقيم منذ أيام في المعهد الهولندي حول "الأدب الشعبي العربي. وقد تم إهداء المؤتمر إلي الدكتورة ريمك كروك الأستاذة بجامعة لايدن بمناسبة وصولها إلي سن التقاعد.

'كلاوديا أوت أوضحت أن اكتشف المخطوط منذ عشر سنوات في المكتبة الوطنية الألمانية في برلين وأنه موجود هناك منذ عام 1836 ومسجل ، وللأسف لم تتم دراسته علي يد أحد من المهتمين سواء من العرب أو الأجانب، ولم يتم تحقيقها وطباعتها. وكشفت كلوديا أن هناك العديد من النصوص مازالت مجهولة في مكتبات الغرب ولم يتم كشفها حتي الآن وبالتالي دراستها. تتكون سيرة الحاكم بأمر الله من عشرين مجلدا ، ومثل كل السير الشعبية العربية لها راو وتضم العديد من القصائد الشعرية. وتوضح : أن مخطوطات هذه السيرة موجودة في ست مكتبات أوروبية مثل باريس ولندن، ومكتبات أخري ..,أنها تتوقع أن تكون هناك نسخ منها في مكتبات القاهرة ولم يتم الكشف عنها.

ولكن ما الجديد الذي تكشف عنه السيرة وكان مخفيا في حياة  الحاكم بأمر الله؟

تجيب كلاوديا: يتحدث النص عن تأسيس مدينة القاهرة، لا يقول لنا أن مؤسسها هو عمرو بن العاص وإنما تأسست علي يد أميرة اسمها القاهرة، طلبت من أبيها أن يبني لها قصرا يكون علي اسمها ، فأسسا لها المدينة وسماها باسمها. وهناك أيضا تفسير لغيبة الحاكم بأمر واختفائه لفترة طويلة أحتار الباحثون أين اختفي فيها؟.

ولكن هل ستعمل الدكتورة كلاوديا علي ترجمة وتحقيق هذا النص المجهول؟

تجيب: لا لأنني أعتبر نفسي عبدة لألف ليلة وليلة وقد أعمل في استكمال ترجمة الليالي التي لم يحققها (محسن مهدي) فقد وجدت مخطوطا يستكمل الليالي التي وقف عندها نص ¢مهدي عند الليلة 283 .

الدكتورة ريمك كروك التي أقيم المؤتمر تكريما لها، عملت لفترة طويلة رئيسة للمعهد الهولندي الذي شاركت في تأسسيه مجموعة ثماني جامعات هولندية والفنلندية أبدت سعادتها بالتكريم واعتبر أن المؤتمر  فرصة للتبادل الفكري بين الباحثين المصريين والأجانب. وتشتغل كروك الآن في موضوع  صورة البرامكة في الأدب الشعبي¢..,كانت سعادتها كبيرة عندما التقت في المؤتمر بأحد الباحثين المصريين اشتغل في نفس الموضوع، وكان النقاش مفيدا بالنسبة لها ..وهذه _ كما تضيف _ ميزة مهمة في هذا النوع من المؤتمرات وورش العمل. كروك درست الفلسفة اليونانية واشتغلت طويلا علي أرسطو وابن سينا وابن طفيل ، ثم اهتمت بالسير الشعبية العربية وأهم دراساتها تحمل عنوان النساء في الف ليلة وليلة.

مؤتمر الأدب الشعبي الذي أقيم علي مدي ثلاثة ايام هو واحد من العديد من المؤتمرات والورش التي يقيمها المركز الهولندي للباحثين الأجانب والعرب علي السواء ولكنها لا تحظي باهتمام إعلامي كاف رغم أهميتها حسب وصف مديرة المركز الدكتورة كيم دوسترمات. التي تندهش من قلة عدد المصريين المترددين علي المكتبة رغم أنها تضم أكثر من 100 الف كتاب ودورية، من بينها كل ما يتعلق بالأدب العربي في كل جامعات العالم. الدكتورة زابينا دوربمولر أستاذة الدراسات الإسلامية ومسئولة النشاط الثقافي والمؤتمرات بالمركز أكدت أن الشهور القادمة ستشهد عددا كبيرا من الفاعليات من بينها ندوة عن ¢ العلاقة بين العامية والفصحي في مارس القادم . كما أن نهاية 2008 سوف تشهد مؤتمر آخر عن ¢ البلاغة في نصوص العصر العباسي. ومن المحتمل إقامة ورشة أخري حول موضوع ¢ الخطب المنبرية في بداية القرن الرابع وحتي الآن.

 شاعرات عربيات في أنطولوجيا إيطالية

شاعرات من تجارب وأجيال وبلدان عربية مختلفة عبرن عن هواجسهن وأوهاومهن واشواقهن في قصائد نشرهن في صحف عربية أومجموعات شعرية، يؤشرن إلي مكابدات يتنافذ فيها الخاص والعام. أنطولوجيا لشعر النساء العربيات صدرت تحت عنوان: لم أرتكب ما يكفي من إعداد وترجمة الناقدة الايطالية فالنتينا كولومبو التي اختارت هؤلاء الشاعرات بطريقة توخي التنوع واختلاف الرؤية. عرض الكتاب لحيوات وطرق تعبير كل شاعرة مع لمحة موجزة عن تجربتها ورؤيتها الشعرية.

ضم الكتاب قصائد تسع وعشرين شاعرة هن نازك الملائكة وفدوي طوقان وفوزية أبو خالد وسعدية مفرح ونجوم الغانم وظبية خميس وميسون صقر القاسمي وحمدة خميس وفوزية السندي وندي الحاج وعناية جابر وسوزان عليوان ومرام المصري وعائشة أرناؤوط وسنية صالح وجمانة حداد ودنيا ميخائيل وأمل الجبوري وجلالة نوري وسهام داوود وإيمان مرسال وفاطمة ناعوت ووفاء لعمراني وفاطمة محمود وليلي نيهوم وآمال موسي وربيعة الجاطي وزكية مال الله وهدي ابلان.

التاريخ الجديد.. مفاهيم وثقافات

صدر حديثاً عن المنظمة العربية للترجمة كتاب: التاريخ الجديد اشراف جاك لوغوف، ترجمة وتقديم د. محمد الطاهر المنصوري ومراجعة د. عبد الحميد هنية.

يحتوي هذا الكتاب عشر مقالات تتناول بالدرس حقول التاريخ الجديد ومفاهيمه.واتجاهاته البحثية والمراحل التي قطعها:

جاك لوغوف: التاريخ الجديد

ميشيل فوفيل: التاريخ والأمد الطويل

كريزستوف بوميان: تاريخ البني

أندريه بورغيار: الأنثروبولوجا التاريخية

فيليب أرياس: تاريخ الذهنيات

جان ــ ماري بيساز: تاريخ الثقافة المادية

جان لاكوتور: التاريخ الآني

غي بوا: الماركسية والتاريخ الجديد

جان كلود شميت: تاريخ الهامشيين

افلين باتلاجيم: تاريخ المتخيل

إن مجموعة هذه المقالات الأساسية تتيح للقاريء أن يعرف التاريخ الجديد وأن يفهمه، من خلال أفكاره الرئيسية، وأهدافه، ومجاله الفكري والعلمي، وأن يطلع على انجازاته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 6 كانون الثاني/2008 - 26/ذو الحجة/1428