التحسن الامني في العراق: اداء حكومي ام فاعل اقليمي؟!

لطيف القصاب/مركز المستقبل للدراسات والبحوث

 بكل بساطة يمكن أن نلمس خيوط حقيقة مفادها ان تحسنا أمنيا ملحوظا ومفاجئا قد عم البلاد وبالتالي فليس ثمة حاجة ماسة للاستشهاد باحصائيات رسمية او شبه رسمية للتدليل على مدى واقعية الحديث عن ذلك التحسن بالنسبة للمواطن البسيط فضلا عن  المراقبين للحالة العامة للبلاد..، وعنصر المفاجأة هذا تحديدا؛ قد يفسر باتجاهين:

الاول: يتبنى فكرة ان تحسن اداء الحكومة الراهنة وبخاصة اجهزة الامن فيها هو من اوصل البلاد الى هذه النتيجة الايجابية، واي متابع لتصريحات المسؤولين في الحكومة سيما ما يظهر بين الفينة والاخرى على لسان رئيسها سيلاحظ نبرة مميزة  تشير  الى نوع من الافتخار ازاء المنجز الامني، بل ان قسما كبيرا من اقطاب المعارضة العراقية على اختلاف انواعها واشكالها  يؤكد مثل  هذا الطرح من خلال التلميح او التصريح علنا  بان الحكومة هي المسؤولة عن تحقق الامن لكونها هي المسؤولة عن غيابه اصلا..

وتحت سوق جملة عناوين كالارهاب السياسي وتصفية الخصوم والحسابات والنزوع الى تطييف المجتمع وانتهاج سياسة اشعال الحرائق واخمادها من اجل تمرير اجندات وغايات بعينها  لعل من بينها الانتهاء  من صياغة واقرار مجموعة من القوانين المثيرة للجدل فضلا عن تحويل انتباه الراي العام بعيدا عن مشاهد لا يستسيغها المجتمع لو كانت الظروف الحياتية ومنها الامنية  تسير بشكل مختلف، يحاول هذا الصنف الاخير ان يترك انطباعا في ذهن المتلقي ان  ضياع الامن ومن ثم العثور عليه هي لعبة  السيد المالكي واصحابه لا اكثر من ذلك  ولا اقل

وهكذا فان  نسبة غير قليلة  من الاحكام  والتصورات التي تنبع من  خلفيات سياسية غير موضوعية  يمكن ان تلج ميدان تعضيد ادلة وبراهين  الطرح المتقدم... 

  اما الاتجاه الثاني فيتبنى فكرة ان ما يعيشه العراقيون من امان نسبي مرده الى تفاهمات واتفاقات اقليمية ودولية وهذا القدر من الامان هو جزء من صفقة كبرى تتجاوز حدود العراق الى غيرها من الدول مثل لبنان وفلسطين على وجه التحديد.... 

ومن الادلة المؤيدة على صحة هذه الاتجاه:

1. تواتر الاجتماعات الايرانية الاميركية  بخصوص امن العراق من جهة.

2. محاولات  الحد "عربيا" من حجم الهلع الذي اخذ يحدثه في النفوس  ما اصطلح عليه القاموس السياسي الغربي...ب" ايران فوبيا "، ويبدو ذلك جليا من خلال النبرة "الاخوية" التي طبعت الخطاب الاعلامي العربي ازاء  ايران، وما ظهر  في اجتماعات مجلس دول الخليج العربي الاخيرة من تفهم بعض هذه الدول ومن بينها الامارات العربية المتحدة للدور الفاعل لايران في المنطقة خصوصا وان هناك من بات يوقن في هذا البلد بالذات ان بقاء دبي مركزا مهما في عالم المال والاستثمار افضل لها بكثير  من ان تهتز اوتار بورصتها "امنيا " وبالتالي اقتصاديا مع تصاعد صيحات البعض التي بحت وهي تطالب عبثا بالجزر الثلاث... 

3. الدعوات التي انهالت على رئيس الحكومة الايرانية  احمدي نجاد من دول عربية لعل ابرزها دعوة الاخير من قبل العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز لزيارة المملكة, كما أن تصريح المالكي بأن العاهل السعودي لعب دورا في تخفيف العنف في العراق ربما يصب بشكل أو بآخر في هذا الاتجاه من الفعل السياسي.

4. الزيارة غير المسبوقة التي قام بها اخيرا وفد رفيع المستوى  من وزارة الخارجية المصرية الى طهران بعد غياب دام اكثر من ربع قرن.

5. بالاضافة الى دخول انقرة على المعادلة السياسية والعسكرية على نحو اكبر من السابق وبدرجة كبيرة سوف يكون لها تداعياتها المستقبلية بكل تاكيد بخاصة على اقليم كردستان...

وربما كانت هناك اتجاهات آخرى، والاهم من كل ذلك ينبغي على الحكومة مايلي:

•  جعل السلاح حكرا على الدولة ومؤسساتها الامنية وقطع السبل العسكرية التي لا تنتمي من حيث المرجعية والتمويل الى القوات المسلحة الرسمية  .

• توخي النوعية في بناء الاجهزة الامنية وعدم انتهاج سياسة التطويع الكمي...

• تحقيق الامن الغذائي للمواطن, إذ هو بداية الطريق نحو تحقيق الامن بكل انواعه، يدخل في ذلك دعم الحاجات الاساسية وتشريع قوانين اقتصادية ضرورية يقف على راسها  قانون حماية المستهلك.

• تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين دول العالم وبخاصة دول الجوار العربي والاقليمي.

• الاتجاه بخطط الدولة الى حيث  يشعر المجتمع على اختلاف شرائحه وفئاته بحالة من الارتباط العضوي مع المؤسسة الرسمية،  والتفريق الدقيق بين ما هو للدولة وما هو للحكومة.

• ضرورة الاستفادة القصوى من  مؤتمر وزراء الداخلية العرب، سيما ان المؤتمر المذكور هو المؤتمر الوحيد الذي تثابر الدول العربية على عقده بانتظام  وعدم التغيب عنه.

• تنشيط عمل المجالس المحلية والبلدية بما يساهم في تشخيص الحالة الامنية في مناطقهم الجغرافية.

• الاستفادة القصوى من وسائل الاعلام المرئية منها والمسموعة وعرض الاعلانات

الامنية المخاطبة للجمهور المستهدف  بطرق اكثر احترافا واقناعا ....

• تحقيق التنمية الشاملة من اجل خلق فرص عمل حقيقية للمواطن العراقي ورفع مؤهلاته الفردية بما يضمن القضاء على البطالة وجذب الاستثمارات.

* مركز المستقبل للدراسات والبحوث

http://mcsr.net

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3 كانون الثاني/2008 - 23/ذو الحجة/1428