برلماني بريطاني يمضى ليلته في الحج المبرور

لتسليط الضوء على قضية المشردين

عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ: تكمن المفارقة عندما يكون الادعاء كبيرا وصارخا وبصوت يصم الآذان وتسيل من اجله الدماء والاحتراب والتهجير والعوز والفقر والتخلف باقسى ما يكون وفي المستوى المتدني بدرجات كبيرة ولعل من يقرأ يتساءل ماهو الادعاء الذي يشعل لهيب الحروب، لكننا نؤجل هذا الكلام الى ما بعد هذا التقرير المجتزأ ثم نعاود الكلام وربما الجواب ان احسنّا الرد المقتضب.

فقد امضى برلماني بريطاني من حزب المحافظين المعارض ليلة عيد الميلاد في شوراع العاصمة لندن نائما على احد ارصفتها وذلك في محاولة لتسليط الضوء على ما وصفه بفشل الحكومة في معالجة قضية المشردين في البلاد.

وقال عضو مجلس العموم والمسؤول عن الشؤون الاسكانية في حكومة حزب المحافظين غرانت شابس في تصريح له بحسب تقرير كونا: انه امضى الليلة الماضية نائما على احد ارصفة لندن كما يفعل المشردون بصحبة احد الاشخاص الذين عانوا فعليا من التشرد والذي امضى قرابة العام مشردا في الشوارع بعد ان طرد من المنزل وهو في ال14 عاما من العمر قبل ان تتحسن اوضاعه.

وقال النائب شابس ان التجربة التي تابعتها وسائل الاعلام كانت ثمينة للاطلاع على طبيعة القسوة التي يعيشها المشردون في الشوراع واضاف "الدرس الاكبر من هذه التجربة هو مدى الشعور الكبير بالضعف اذ ابلغنى عدد من الذين عاشوا هذه التجربة ان اقسى ما في حياة التشرد هو فقدان الكرامة والاحترام الذاتي.

وطالب في هذا الاطار الحكومة بضرورة تخصيص مزيد من الوحدات السكنية لايواء المشردين مشيرا الى ان اكثر من 130 الف طفل يعانون من التشرد خلال الفترة الحالية.

من جانبه انتقد وزير الشؤون الاسكانية في الحكومة البريطانية ايان رايت تصريحات النائب شابس وقال ان نسبة المشردين او المواطنين الذين يقيمون في مساكن مؤقتة انخفضت بشكل كبير نتيجة سياسات حزب العمال التي كانت تعالج اصلا ما الحقته سياسة المحافظين من دمار عندما كانوا في السلطة.

هذا هو الخبر او التقرير عن شخصية تعكس في سلوكها النموذج الحقيقي للبرلماني الممثل للشعب كما تعكس دور العاملين بصمت دون ان يدعي او يثير التراب والزوابع الممطرة والاعاصير الناقمة على البيئة او الناس ودون ان يضع المسوغات والتنظيرات والكراهية والبغضاء، سلوك بوحي الضمير والوجدان والانسانية الرائعة فقدم عملا مميزا جاعلا قضية الانسان كيفما يكون ذلك الانسان في صدارة اهتماماته وجعل منها قضية على طاولة الاعلام والسياسة.

في الوقت الذي تعصف في البلد العراقي اعاصير من كل الاتجاهات إضافة الى ان الانسان العراقي يقف على تنور الطين منتظرا رغيفا من الخبز والرغيف يتمثل بقوانين انيطت بشخصيات البرلمان وحضورهم المتفاعل لاقرارها ذلك لان الشعب العراقي في مسيس الحاجة اليها بدل المراوحة على ما تفرزه البطالة والفقر وضياع الموارد وهو في كبوته التي يمكن عدها بالمزمنة المتقادمة مثل ميراث قدري مفروض عليه، ذهب البرلمانيون لاداء فريضة الحج وهم لا يتخلون عن العطل رغم ان الظروف المأساوية التي يعاني منها العراق تستدعي سخونة قصوى في العمل السياسي والوظيفي البرلماني بدل الفتور اللامبالي بحيث يمكن عد العمل البرلماني كأي وظيفة بيروقراطية روتينية يمكن لاي شخص ان يتعين فيها وينجزها على هذا الشكل او ذاك بدلا من ان يحمل البرلماني بطاقة التخويل التي منحها اياه الشعب المنتخب.

فكثير من القوانين المقدمة الى البرلمان لازالت في الادراج المهملة لكن البرلمان يبدو في نعاسه القدري لا يأبه بالنار المستعرة في ثنايا العراق ولهفته المدفوعة من ظروف صعبة ومأساوية.

نحن بحاجة لشخصات برلمانية على غرار غرانت شابس لينام في اي بيت من بيوت العراقيين ويجلس في اي سوق من اسواق العمل ( المساطر) وان يدفع اي عربة بين الاسواق وان يطلع على مكاتب الدلاليات ليرى كم من عائلة باعت دارها وسكنت في زوايا المدن نتيجة العوز والفاقة والمديونية، وان يذهب الى المستشفيات ليطلع على الاعداد مفرطة العدد التي كانت بنتيجة العوز الذي هو بيت الداء للامراض الصحية والنفسية ولا غضاضة من ان يجلس مع الاطفال الصغار في المدارس ويتعلم الالف باء التي يقرأها الطلاب المحرومون من الكراسي ويعانون من البرد من شبابيك لا زجاج بها ، غرانت شابس يفعل ذلك المخلصون يمكنهم ان يروا بالمعايشة ماذا ياكل العراقي ماهي الوجبات التي يتناولها وما نوعية الماء الذي يشربونه من الانابيب المكسورة دائما، في رأيي المتواضع ان غرانت شابس قد ادى مناسك الحج قبلهم وهو بالتاكيد كان متميزا في الحج والعمرة ايضاََ.

والشخصيات الغالبة قد قدمت برامج عمل واثبتت كفائتها اعلاميا من خلال وسائل الاعلام والملصقات ورأينا الوجوه عبر التلفزيون والصحف ومنها ما تدعي من خلال السلاح في مفازات العراق بكونها تحمل خطابا دمويا لاصلاح العراق وعلى كل حال فان الشخصيات البرلمانية طلعت تمثل هذا وذاك وتندرج في اللعبة السياسية لكنها قطعا تحمل مشتركات تتنامى في اخر المطاف لتمثل المعقولية في المسار السياسي وهذا المسار الذي يراد به ان يبلغ شأوا من التفاعل لابد له من الحميمية والعمل الجدي والذي يحسب الزمن ويستغل كل دقيقة في خدمة العراق واهله الجياع الى كل شئ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 2 كانون الثاني/2008 - 22/ذو الحجة/1428