مفاوضات بغداد: مثلث متساوي الاضلاع لمختلف الـ.....نوايا!!

أحمد جويد/ مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

عدد من الجولات واللقاءات التي تم عقدها بين الطرفين الامريكي والايراني في بغداد بحضور الطرف الثالث (العراقي)، وبعد أن ينفض اي من تلك اللقاءت التي يتم عقدها على طاولة مثلثة الاضلاع تتناول وسائل الاعلام نتائج المفاوضات بالحديث على أن الاطراف الثلاثة الحاضرة تنطلق من منطلق واحد وهو حل المشاكل والقضايا المتعلقة بالعراق ومساعدة العراقيين في استقرار الاوضاع الأمنية المتردية في البلاد وإعادة الاعمار.

إلا أن الحقيقة تكمن في نوايا كل وفد يجلس على تلك الطاولة المثلثة، فنويا الدول المشاركة مختلفة بإختلاف مصالحها المتعددة، فالمفاوض الامريكي يرغب بالتحاور مع غريمه الايراني وقد وجد الذريعة في الملف العراقي، إذ انه وبعد التقارير واللجان الامريكية التي جاءت الى العراق ومنها (بيكر- هاملتون) تؤكد على ضرورة الحوار مع الجانب الايراني من أجل استقرار الوضع في العراق، وتلك النصيحة التي وجهها التقرير للادارة الامريكية لا تخص الملف العراقي فحسب وإنما تشمل التوصية جميع الملفات العالقة بين الولايات المتحدة وايران.

وبذلك جاء تقرير وكالة الاستخبارات الامريكية بشأن الملف النووي الايراني ليفاجئ العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة، وعلى تلك الاسس تنعقد نية الامريكان من أجل الجلوس والتفاوض مع الجانب الايراني على طاولة واحدة وجها لوجه.

   أما النوايا الإيرانية فلا تختلف كثيراً عن الامريكان وخاصة بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت الى سياسة أحمدي نجاد من الداخل الايراني، فقد نقلت شبكة الـ(سي ان ان) الامركية عن حسن روحاني، مفاوض الملف النووي الإيراني السابق، في انتقادات غير مسبوقة على مستوى الطبقة السياسية في طهران للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، متهماً إياه بالفشل في مواجهة الأزمة الاقتصادية الداخلية والمساهمة في تأليب العالم ضد بلاده بسبب سياسته الخارجية.

   لقد باتت سياسة إيران الخارجية أكثر خطراً على نظامها الحاكم، فبدلاً من أن يلبي الطريق الدبلوماسي طموحات الحكومة الايرانية في الحشد الدولي الى جانب إيران أصبحت الدول وبخاصة الاوربية منها أقرب الى الاصطفاف الامريكي الداعي الى توجيه المزيد من العقوبات على ايران وهذا ما أكد عليه روحاني في قوله(الدبلوماسية تنجح إذا تمكنت من الحيلولة دون اصطفاف المزيد من الدول خلف عدونا، غير أن ما نلاحظه - لسوء الحظ - هو ازدياد عدد الأعداء)، لهذا السبب وأسباب أخرى تتعلق بالجانب الاقتصادي والامني، تدفع بإيران الى الرغبة في التفاوض مع الجانب الامريكي مع حفظ ماء وجهها أمام الرأي العام الايراني والاسلامي، فكان الملف العراقي هو أنسب مجال للتحاور والتفاهم مع الجانب الامريكي والجلوس معه لتكون الضلع الثاني لطاولة الحوار.

  أما الضلع الثالث والذي تمثله الحكومة العراقية فهو يدرك أن سواد عيون العراقيين لا يجلب الامريكان والايرانيين الى طاولة المحادثات من أجل حل مشاكل العراق، فهو كمن يتعلق بقشة من أجل النجاة من طوفان الارهاب والازمات، وبذلك أصبح التقارب الامريكي الايراني على أرض العراق لتصفية الحسابات يمثل أملاً كبيراً للحكومة العراقية في تخفيف وطأت العنف الذي يعصف بالبلاد، ومن أجل أن تحقق الحكومة العراقية مصالح بلدها كما تسعى كل من الحكومتين الأمريكية والإيرانية من خلال تلك المفاوضات يجب عليها:

1- الوقوف على مسافة متساوية بين الطرفين الامريكي والايراني وأن تدرك تماماً إن أي منهما لا يتخلى عن مصالحه الخاصة بالعراق.

2- الضغط على الطرفين المتفاوضين بتكريس المحادثات بينهما على حل المشاكل المتعلقة بالعراق وتقديمها على الملفات الاخرى.

3- أن تطلب الحكومة العراقية من الطرفين بأن يقوما بخطوات عملية بوقف تصفية الحسابات بين مخابرات الطرفين على الاراضي العراقية كبادرة حسن نية لإقامة علاقات دبلوماسية متبادلة تقوم على اساس احترام سيادة العراق واستقلاله.

4- التاكيد على الجانب الامريكي بالالتزام بمسؤولياته ومهامه الامنية تجاه العراق بإعتباره صاحب أكبر تواجد عسكري في العراق والذي لا يزال يمسك بأغلب الملفات الامنية في البلاد.

5- التأكيد على الجانب الايراني بإحترام سيادة العراق واستقلاله وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والالتزام باتفاقيات حسن الجوار وضبط الحدود بين البلدين ووقف عمليات تهريب الاسلحة الى العراق بصورة غير قانونية والحد من وقف عمليات تهريب النفط ومساعدة السلطات العراقية في القضاء على من يرد الاخلال بالاقتصاد العراقي عبر الاراضي الايرانية.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

http://shrsc.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1 كانون الثاني/2008 - 21/ذو الحجة/1428