
شبكة النبأ: يكرّس اغتيال رئيسة
الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو "القدر" المأساوي لعائلة
والدها الراحل، حاكم باكستان الأسبق ذو الفقار علي بوتو الذي جرى
إعدامه بعد عامين من انقلاب الجنرال ضياء الحق فأصبحت أول وأصغر رئيسة
وزراء لدولة إسلامية في العصر الحديث، متعهدة بالانتقام على طريقتها
لرحيل والدها. غير أنّ حياتها السياسية التي ابتدأت بمأساة والدها
المأساوية ونهايتها المأساوية التي ارتبطت لفترة ما بالتحديث
والديمقراطية، ارتبطت أيضا بالفساد. هذه النهاية التراجيدية تشكل ملمحا
اساسيا لحاضر باكستان الفوضوي ومستقبلها الغامض جدا.
وفي اتهامات وكأنها معدّة مسبقا وجهت الحكومة الباكستانية الأصابع
الى تنظيم القاعدة في مقتل السيدة بينظير التي كانت تتمتع بدعم الفقراء
وبعض الشرائح المتوسطة في المجتمع الباكستاني على امل العودة من خلال
انتخابات نزيهة الى سدة الحكم في البلد الذي تعصف به ازمات التشدد
وفوضى التطرف والحكم السلطوي للعسكر.
ودفنت زعيمة المعارضة الباكستانية الى جوار والدها في مقبرة الأسرة
بعد أن أدخل اغتيالها البلاد في أزمة وأثار احتجاجات عنيفة.
وأثار مقتل بوتو (54 عاما) المخاوف من أن الانتخابات المقررة في
الثامن من يناير كانون الثاني والتي كانت تهدف الى عودة باكستان الى
الديمقراطية تحت قيادة مدنية قد تتأجل وسط ردود الفعل التي تهدد الرئيس
برويز مشرف.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية، لدينا (معلومات) بيانات اعتراض
استخباراتية تشير الى ان بيت الله محسود الزعيم بالقاعدة وراء
الاغتيال. بحسب رويترز.
ومحسود احد اكثر زعماء المتشددين المطلوب اعتقالهم في باكستان ومقره
منطقة وزيرستان الجنوبية على الحدود الافغانية.
لكن متحدثا باسم حزب الشعب الباكستاني رفض ذلك وقال، الحكومة متوترة
... يحاولون التستر على فشلهم في توفير الأمن.
واستدعت باكستان قوات الجيش لكبح الاحتجاجات في اقليم السند مسقط
رأس بوتو حيث تتمتع بتأييد واسع خاصة بين الريفيين الفقراء. وقال
مسؤولون ان 31 شخصا منهم اربعة رجال شرطة لقوا حتفهم منذ مقتل رئيسة
الوزراء السابقة. وبكى عشرات الالاف لدى نقل بوتو من منزل العائلة الى
المقبرة.
وانتحب زوجها اصف علي زرداري وهو يرافق النعش الذي غطي براية حزب
الشعب الباكستاني الى مقبرة العائلة في قرية جارهي خودا بخش في رحلة
طولها سبعة كيلومترات.
وصلى زرداري في المقبرة مع أولاده الثلاثة وهم ابنه بلوال (19 عاما)
وابنتيه بختاوار (17 عاما) واصفة (14 عاما).
وردد كثير من المشيعين شعارات معادية للرئيس الباكستاني والولايات
المتحدة التي أيدت على الدوام قائد الجيش السابق على أمل أنه قادر على
صون الاستقرار في البلد النووي الذي تعصف به أعمال عنف ينفذها متشددون
اسلاميون. وردد المشيعون هتافات مثل، العار على مشرف القاتل والعار على
أمريكا القاتلة.
وقال المزارع امام بخش وهو يغالب دموعه، بوتو كانت اختى وكانت مثل
أمي.. بموتها العالم انتهى بالنسبة لنا.
وناشد مشرف الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1999 لكنه ترك
منصب قائد الجيش الشهر الماضي ليصبح رئيسا مدنيا الشعب الباكستاني
التحلي بالهدوء وألقى مسؤولية اغتيال بوتو على متشددين اسلاميين. لكن
كثيرين اتهموه بالتقاعس عن حماية بوتو التي قتلت في مدينة روالبندي حيث
مقر الجيش.
وحث زعماء العالم باكستان على الا تنحرف عن المسار الديمقراطي في
حين هز اغتيال بوتو الاسواق يوم الجمعة ودفع المستثمرين الى الهروب الى
الاوعية الاقل مخاطرة مثل السندات والذهب.
وقال كويتشي أوجاوا كبير مديري محافظ الاستثمار بمؤسسة دايوا اس. بي
انفستمتس، الاضطرابات في باكستان تؤثر بقوة على أداء الاسواق لان من
المعروف أن باكستان على عكس كوريا الشمالية وايران لديها بالفعل أسلحة
نووية.
وقال رئيس الوزراء المؤقت محمد ميان سومرو للصحفيينن ان موعد
الانتخابات كما أعلن. لكن محللين يقولون ان اغتيال بوتو الذي جاء في
أعقاب سلسلة من الهجمات الانتحارية وتنامي أنشطة المتشددين الاسلاميين
قد يجعل ذلك مستحيلا.
وقال طلعت مسعود الجنرال المتقاعد والمحلل السياسي، اذا ترك الامر
لبرويز مشرف فسيحاول اجراءها لكن ذلك سيكون صعبا للغاية على الارض.
واضاف، بدأت أصوات تتعالى حاليا تقول انه هو المشكلة وليس الحل كما
يعتقد الامريكيون .. قد يكون خاسرا نتيجة لذلك.
من هو القاتل؟
من قتل بينظير بوتو؟.. يبدو أن هذا السؤال سيظل يتردد طويلاً، بعد
أن تفرق دم رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بين العديد من المتهمين
المشتبه بتورطهم في اغتيال أبرز شخصية سياسية كانت توصف بأنها "الصوت
المعتدل للإصلاح الديمقراطي" في باكستان.
روبرت فيسك الصحافي المعروف في صحيفة الإندبندنت يتحدث عن الاتهامات
الجاهزة ضد طالبان والقاعدة والتي رددها الرئيس الأمريكي جورج بوش
وحفلت بها ساعات من التغطية لمقتل بوتو على قنوات التلفزة العالمية.
فيسك يبدي تشككه في هذه الاتهامات باستعراض دور الاستخبارات
الباكستانية في عدد من الاغتيالات في البلاد ومنها مقتل مرتضى الشقيق
الأكبر لبينظير، وقطع رأس الصحفي الأمريكي دانيال بيرل على يد إسلاميين
متشددين في مدينة كراتشي و"الذي كان متواجدا في مكتب الاستخبارات لدى
تحديد ذلك الموعد مع من قتلوه فيما بعد".
فيسك يطرح في مقاله أسئلة عمن قام بإجراءات ضد بوتو قبل وبعد عودتها
ليجيب على كل منها بـ "مشرف"، وينتهي بسؤال حول من قتل بي نظير بوتو
ولا يجيب هذه المرة لكنه يشير إلى أن الجماهير التي كانت تهتف ضد مشرف
بأنه "قاتل" لم تكن كما أشارت القنوات الإخبارية تتهمه بعدم توفير
الحماية اللازمة لبينظير وإنما لأن هذه الجماهير تعتقد بأنه هو الذي
قتلها.
غير أن دافيد إغنيتياس في صحيفة الجارديان يقول إن من الخطأ إلقاء
اللائمة على الرئيس الباكستاني برويز مشرف لأنه يقاوم نفس المتطرفين
الذي قتلوا بوتو كما يبدو، ولأنه نفسه قد تعرض لتسع محاولات اغتيال كما
ذكرت شبكة سي إن إن.
ويأتي الكاتب أمير طاهري الإيراني الأصل في صحيفة التايمز بتفسير
آخر اعتدنا عليه في سياق الأحداث في مناطق مضطربة أخرى في العالم
الإسلامي وهو التفسير الطائفي.
ويشير طاهري إلى أن شرعية الدولة التي أقيمت كوطن للمسلمين في شبه
القارة الهندية ارتكزت إلى سيادة القانون والانتخاب الحر المباشر
للقائمين على الحكم إلا أن الإسلام الذي كان عاملا موحدا منذ قيام
الدولة قد أصبح منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي عامل فرقة وتناحر.
ويلفت طاهري الأنظار إلى أن بوتو قد قتلت في "يوم الغدير" والذي
يحيي فيه الشيعة ذكرى توصية رسول الإسلام محمد بخلافة الإمام علي له
قبل 14 قرنا، ويتساءل الكاتب هل كانت بوتو التي ولدت لأم إيرانية شيعية
المذهب تدفع ثمن تدهور البلاد نحو الطائفية؟ فالإسلام كما يقول طاهري
قد أصبح أداة قهر بيد جماعات تتاجر بصيغ محرفة من الدين، وإن
الباكستانيين يقتلون بعضهم بعضا في خلافهم على التأويلات المغايرة له.
تحطيم المليشيات المتشددة
وقبل قليل من اغتيالها شنت زعيمة حزب الشعب المعارض هجوماً حاداً
على الحكومة الباكستانية، متهمة إياها بالفشل في "تحطيم المليشيات
المتشددة" وذلك بعد أيام على هجوم انتحاري أدى إلى مقتل 56 شخصاً أثناء
أداء الصلاة في مسجد.
وكانت بوتو تخاطب حشداً ضم نحو 25 ألفاً من أنصارها في مسقط رأسها
في لاركانا، عندما ذكرت أن حكومة الرئيس برويز مشرف تتحمل مسؤولية ظهور
المسلحين المتشددين، وقالت: "لقد حصل المتشددون على القوة والنفوذ،
فيما تضعف شرعية الحكومة."
وفي أول ظهور لها بعد هجوم استهدف اغتيالها في أكتوبر/ تشرين الأول
الماضي، حذرت بوتو من أن "المليشيات المتشددة عززت وجودها داخل
باكستان"، وقالت إن الحكم العسكري أجج التشدد المسلح، محذرة من أن قوى
"المجاهدين" نقلت تركيزها من أفغانستان إلى باكستان.
من جانبه اعتبر الرئيس مشرف، الذي أعلن حداداً رسمياً لمدة ثلاثة
أيام على روح رئيسة الوزراء السابقة، أنّ القاتلين هم أنفسهم الذين
تواجههم باكستان، وشدد على أنّه لن يرتاح قبل أن يتمّ اعتقالهم
وتقديمهم إلى العدالة.
ويُعد الرئيس الباكستاني نفسه أحد المشتبهين بضلوعهم في اغتيال
رئيسة الوزراء السابقة، خاصة بعد أن اتهمته بوتو في وقت سابق، بعدم
توفير الحماية الكافية لها، وحملته مسؤولية أية هجمات قد تتعرض لها.
وفي الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وبعد أيام من
انفجار هزّ موكب عودتها إلى باكستان، في كراتشي، كتبت بوتو رسالة إلى
CNN علّقت فيه على الهجوم وانتقدت فيه "التحقيق الصوري" الذي أجرته
حكومة برويز مشرف بشأن ذلك.
وفيما نفت بوتو، في رسالتها لـCNN أن يكون هناك دور مباشر للرئيس
الباكستاني في "مؤامرة اغتيالها"، فقد أشارت تقارير إلى أن الاستخبارات
الباكستانية ربما تكون قد قتلت زعيمة حزب "الشعب"، لإسكات أحد أبرز
أصوات المعارضة في البلاد.
مساعِدة لبوتو: كانت هناك جروحاً
لطلق ناري في رأس بنظير
وناقضت مساعدة بارزة لرئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بنظير بوتو
روايات الحكومة الباكستانية المتضاربة بشأن اغتيالها بالكشف السبت أنها
أصيب بطلق ناري في الرأس.
ووصفت السكرتيرة الصحفية لحزب الشعب الباكستاني، شيري رحمن، مزاعم
الحكومة بأن بوتو قضت بتحطم جمجمتها إثر اصطدام رأسها بسقف سياراتها
المتحرك بأنه "الأكثر غرابة، وهراء خطير"، مضيفة قولها: "من الواضح
أنهم يريدون التملص من كافة المسؤوليات."
وقالت رحمن، التي ساعدت في تكفين جثمان بوتو، خلال حديث لـCNN: كانت
هناك جروحاً واضحة لإصابة بطلق ناري في الرأس.. شاهدنا ذلك عندما
غسلناها.
وجاء آخر تفسير للحكومة الباكستانية لأسباب وفاة بوتو على لسان
الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد جاويد إقبال شيما، قائلاً إن إصابة
بالجمجمة تسبب بها اصطدام رأس بوتو، 54 عاماً، بقطعة معدنية ملحقة بسقف
السيارة المتحرك، كانت سبب الوفاة.
وتناقض تصريحات شيما ما نقلته وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية عن
الوزارة في وقت سابق بأن شظية من انفجار قنبلة أودت بحياة بوتو، بجانب
أكثر من 20 آخرين، فضلاً عن إصابة 100، على الأقل بجراح.
وأظهرت مقاطع شريط فيديو للحادث شخصاً وهو يطلق ثلاثة أعيرة نارية
من مسدس بإتجاه سيارة بوتو قبيل وقوع انفجار.
وفي المقابل وصف حزب بوتو - حزب الشعب الباكستاني - تفسيرات الحكومة
الباكستانية بأنها "حزمة أكاذيب."
وقدمت فرزانا راجا من الحزب تفسيراً مغايراً وأن "إصابة قناص" كانت
وراء مقتل بوتو، متهمة الحكومة بالتقصير في التدابير الأمنية.
وإلى ذلك، أعرب محلل الأمن القومي لـCNN، كين روبنسون، الذي عمل
سابقاً في وكالة الاستخبارات الأمريكية في باكستان إبان عهد الرئيس
الأمريكي السابق بيل كلينتون، عن شكوكه من محاولات أعداء بوتو إحكام
السيطرة على ميراثها بالتقليل من شأن أسباب وفاتها.
وأضاف قائلاً: "يحاولون حرمانها من الموت كشهيدة، وهذا أمر مهم"،
مشيراً إلى مخاوف العديد من أن تصبح وفاتها أكثر تأثيراً من حياتها
"فستظل دوماً الشجاعة التي تحدت الجيش والمتشددين المسلحين."
وأورد أن إجراء تشريح على جثة بوتو سيتيح للعالم فرصة الوقوف على
أسباب وفاتها، إلا أن مصادر باكستانية أشارت إلى رفض زوج بوتو، آصف علي
زرداري، السماح بتشريح جثمان زوجته قبيل مواراتها الثرى.
صحافي في (أ ف ب) يروي واقعة
الإعتداء على بوتو
كان نصير جفري الصحافي في وكالة فرانس برس على بعد عشرات الامتار من
موقع المأساة حين قتلت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو
في اعتداء انتحاري.وفي ما يلي شهادته:
وقع الاعتداء تحديدا عند الساعة 17.16 سمعت طلقتين وقلت لنفسي، ما
الذي يجري؟ وقبل ان اتمكن من معرفة ما يجري، دوى الانفجار. حصل دوي
هائل وشاهدت كتلة ضخمة من اللهب والدخان. حالة من الفوضى العارمة
والذعر سادت المكان. بدا الناس يركضون في كل الاتجاهات وهم يصرخون،
انها قنبلة، انها قنبلة.
بدأت انا ايضا اركض. كانت الشمس قد غابت للتو وخفت ضوء النهار وكنت
احاول تفادي السير فوق اشلاء القتلى المتناثرة.
شاهدت جثثا في كل مكان، جثثا مقطعة الاطراف.رجل وقد اقتلعت رجلاه،
وآخر فقد يده. كان هناك عشرات الاشخاص المصابين اصابات بالغة وبرك من
الدماء.
وتناثرت قطع من جسد الانتحاري على الطريق كما رأيت بقايا بشرية
تحترق واخرى اشبه ما تكون باللحم الحي.
وفجأة لمحت نصف رأس وقد قطع الى نصفين عموديا. ولم يكن من الممكن
تمييز سوى الشعر والجلدة. لا شيء آخر يمكن تمييزه. وقال لي شرطي هذا
رأس الانتحاري.
ورأيت سيارة دفع رباعي بيضاء تبتعد. قالت الحشود اثر ذلك انها سيارة
بوتو وانها كانت في داخلها لنقلها الى المستشفى.
وهرعت سيارات الاسعاف باضوائها وصفاراتها، لنقل المصابين. لقد عمت
الفوضى والناس يساعدون في وضع الجرحى في سيارات الاسعاف.
وفي الاثناء وصلت شاحنة من ثكنة الاطفاء المجاورة. وحاولت بخرطوم
مياه غسل آثار الدم وتنظيف الشارع من اشلاء الاجساد البشرية.
الناس كانوا تحت تأثير الصدمة ويتمسك بعضهم ببعض، في البداية اعلن
ان بوتو لم تصب، واتذكر عددا من الشبان الذين كانت بدت عليهم علامات
الارتياح، لقد اعتقدوا انها نجت. غير ان خبر مقتلها بدأ يسري.
وكنت تحت شباك منزل قبالة الحديقة التي قتلت فيها بوتو حيث رأيت
نائبا سابقا هو رجا شوكت عباسي. وكان في الدور الاول يضرب بيده على
صدره وهو ينتحب ويتألم. وصرخ لقد غادرتنا و لقد خسرنا زعيمتنا.
ومع انتشار الخبر بدأ الناس يصرخون ويبكون. اتصلت بي زوجتي وسألتني
هل بلغتك الانباء، لقد ماتت بوتو.
وفي المكان لم تؤكد الشرطة الخبر، وسدت كافة الطرق، واغلق عناصر
الشرطة المنطقة وكان من المستحيل مغادرتها. غير اني تمكنت من الالتفاف
على طوق امني واستقللت سيارة نقلتني الى المستشفى. وهناك كان يوجد ما
بين الف و1500 شخص. شاهدت رجلا مسنا يبكي وهو يردد، لقد خسرنا ابنتنا.
وكان شبان يصرخون، خسرنا اختنا. ثم بدأت الشتائم وبعضها كان بالغ
الحدة تجاه الرئيس (برويز مشرف).
كان الناس في حالة غضب شديد وعناصر الشرطة بالكاد يتمكنون من تهدئة
الوضع. كانوا يرقبون غضب الجموع مدركين ان اي تصرف منهم قد يؤدي الى
تفاقم الوضع.
الغضب والقلق يهيمنان على زعماء
العالم
وعبر زعماء العالم عن غضبهم ازاء اغتيال زعيمة المعارضة الباكستانية
بينظير بوتو يوم ومخاوفهم بشأن مصير الدولة النووية.
وأدان الرئيس الامريكي جورج بوش الاغتيال الذي وصفه "بالعمل الجبان"
وحث الباكستانيين على المضي قدما في اجراء الانتخابات العامةالمزمعة.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اغتيال بوتو بانه عمل بربري من
اعمال الارهاب الذي يمثل تحديا للعالم.
وقال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ان بوتو خاطرت بكل شيء في
محاولتها تحقيق الديمقراطية في باكستان. واضاف في بيانن يجب عدم السماح
للمتطرفين بقتل الديمقراطية في البلاد.
وقال رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، فقدت شبه القارة (
الهندية) زعيمة متميزة عملت من اجل الديمقراطية والمصالحة في بلادها.
واضاف، الطريقة التي رحلت بها تذكرة بالمخاطر المشتركة التي تواجهها
منطقتنا من اعمال الارهاب الجبانة وبالحاجة لاستئصال هذا التهديد
الخطير.
ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اغتيالها بالعمل القبيح. وقال
في رسالة بعث بها للرئيس الباكستاني برويز مشرف، فرنسا.. مثل الاتحاد
الاوروبي.. مهتمة بشكل خاص بالاستقرار والديمقراطية في باكستان.
وباكستان بالفعل مبعث قلق عالمي واسع.
وتكافح الدولة الحليفة للولايات المتحدة لاحتواء أعمال عنف متشددين
اسلاميين بينما رفع مشرف الذي تراجعت شعبيته حالة الطواريء في 15
ديسمبر كانون الاول بعد ستة أسابيع من فرضها.
وحث بوش الباكستانيين على تكريم ذكرى بوتو بمواصلة العملية
الديمقراطية وقال انه يجب تقديم مدبري الهجوم الى العدالة.
وقال للصحفيين بمزرعته في تكساس، تدين الولايات المتحدة بقوة هذا
العمل الجبان الذي قام به متشددون قتلة يحاولون تقويض ديمقراطية
باكستان.
وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون ان الاغتيال "جريمة
شنيعة" ووصفه بأنه "هجوم على الاستقرار" في باكستان. وقال جوزيه مانويل
باروزو رئيس المفوضية الاوروبية انه هجوم على الديمقراطية وضد باكستان.
القدر المأساوي لعائلة بوتو
يكرّس اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو
"القدر" المأساوي لعائلة والدها الراحل، حاكم باكستان الأسبق ذو الفقار
علي بوتو الذي جرى إعدامه بعد عامين من انقلاب الجنرال ضياء الحق
فأصبحت أول وأصغر رئيسة وزراء لدولة إسلامية في العصر الحديث، متعهدة
"بالانتقام على طريقتها" لرحيل والدها. غير أنّ حياتها السياسية التي
ارتبطت لفترة ما بالتحديث والديمقراطية، ارتبطت أيضا بالفساد.
ولدت بينظير بوتو في إقليم السند عام 1953، وتلقت تعليمها في جامعتي
أكسفورد ببريطانيا وهارفارد بالولايات المتحدة، واعتمدت على تراث
والدها لتبني "مجدا" سياسيا اعتبرت أنّه سيكرّس النظرة لعائلتها التي
تعدّ النظير لعائلة هرو غاندي في جارتها وغريمتها الهند.
احتل والد بينظير، ذو الفقار علي بوتو، منصب رئيس وزراء باكستان في
أوائل السبعينات، فكانت حكومته إحدى الحكومات القلائل التي لم يرأسها
عسكري في العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال.
وشغلت بينظير بوتو منصب رئيسة وزراء باكستان مرتين، ما بين عامي
1988 و1990، و ما بين عامي 1993و1996.
وسجنت بوتو قبيل إعدام والدها، وقضت أغلبية السنوات الخمس من سجنها
في حبس انفرادي، وقد وصفت تلك الفترة بشديدة القسوة.
أثار آصف زرداري زوج بينظير بوتو، والذي شغل منصب وزير الاستثمارات
إبان حكمها، الكثير من الجدل.
كان لزرداري دور رئيسي أثناء حكم بينظير بوتو، واتهمته حكومات
باكستانية عديدة باختلاس ملايين الدولارات من الدولة، وهي تهم ينكرها
وتنكرها زوجته.
غادرت بوتو باكستان في نفس العام بعد إدانتها لتقيم في الخارج مع
أولادها الثلاثة، فيما كان زوجها في السجن.
أقامت بوتو مع أولادها الثلاثة بعد خروجهم من باكستان في دبي
بالإمارات العربية المتحدة، حيث انضم إليها زوجها بعد الإفراج عنه عام
2004.
وتماتما مثل مصير والدها، لم يسلم شقيقها الأكبر، مرتضى، من نفس
المصير، حيث فر بعد خلع والده إلى أفغانستان وقاد جماعة مسلحة تلقت
دعما دول في الشرق الأوسط، تحت اسم "ذو الفقار" ضد الحكم العسكري في
باكستان.غير أنّ مرتضى لقي حتفه بدوره بعد بوقت قصير من عودته
لباكستان، تماما مثل شقيقته.
أما شقيقها الآخر شاهنواز، فقد عثر عليه ميتا في ظروف لم يتمّ تحديد
ملابساتها بدقة في فرنسا عام 1985.
وعاشت بنازير بوتو حياة سياسية ملؤها الاحداث المتلاحقة بدأتها في
1988 وفي ما يأتي ابرز محطاتها.
-- 1979 --
- نيسان/ابريل: اعدم النظام العسكري بقيادة الجنرال ضياء الحق
والدها ذو الفقار علي بوتو شنقا بعد عامين على الاطاحة به.
-- 1986 --
- نيسان/ابريل: بوتو تعود الى بلادها من المنفى ويستقبلها الملايين
من انصار حزب ابيها "حزب الشعب الباكستاني" (تقدمي) الذي تتولى قيادته.
-- 1988 --
- 16 تشرين الثاني/نوفمبر: حزب الشعب الباكستاني يفوز في الانتخابات
التشريعية اثر موت الجنرال ضياء الحق في حادث طائرة.
- 2 كانون الاول/ديسمبر: بوتو تؤدي اليمين الدستورية رئيسة للوزراء.
-- 1990 --
- آب/اغسطس: الرئيس الباكستاني يقيل حكومة بوتو بتهمة الفساد وسوء
الادارة والسلطات تعتقل زوجها آصف زرداري بتهمة الخطف.
- 6 آب/اغسطس: حزب الشعب الباكستاني يخسر الانتخابات التشريعية
وبوتو تتزعم المعارضة في مواجهة رئيس الوزراء المحافظ نواز شريف.
-- 1993 --
- تشرين الاول/اكتوبر: حزب الشعب الباكستاني يفوز في الانتخابات
وبوتو تعود الى رئاسة الوزراء.
-- 1996 --
- تشرين الاول/اكتوبر: الرئيس الباكستاني يقيل مجددا حكومة بوتو
بسبب الفساد واستغلال السلطة. وزرداري يسجن بتهمة الفساد خصوصا ويطلق
سراحه في 2004.
-- 1999 --
- نيسان/ابريل: القضاء يدين بوتو وزوجها بقبض رشاوى بملايين
الدولارات من شركات سويسرية بين 1993 و1999 ويتم الغاء الحكم بعد
عامين.
بنازير بوتو تختار النفي الطوعي الى لندن ومن ثم الى دبي.
- 12 تشرين الاول/اكتوبر: الجنرال برويز مشرف يطيح بحكومة شريف في
انقلاب عسكري ابيض.
-- 2002 --
- 10 تشرين الاول/اكتوبر: حزب الشعب الباكستاني يفوز بثمانين مقعدا
من اصل 342 في الجمعية الوطنية (البرلمان).
-- 2003 --
- تموز/يوليو: محكمة سويسرية تقضي بادانة بوتو وزوجها بتبييض 12
مليون دولار عبر حسابات مصرفية في سويسرا وتحكم عليهما بالسجن ستة اشهر
مع وقف التنفيذ. وفي الاستئناف يتم اسقاط العقوبة والابقاء على
الادانة.
-- 2007 --
- تموز/يوليو: بدء محادثات بين فريقي بوتو ومشرف بغية التوصل الى
اتفاق يخوضان بموجبه سويا الانتخابات التشريعية المقررة منتصف كانون
الثاني/يناير 2008 مقابل تقاسمهما السلطة لاحقا.
- 14 ايلول/سبتمبر: حزب الشعب الباكستاني يعلن ان بوتو ستعود الى
بلادها في 18 تشرين الاول/اكتوبر.
- 5 تشرين الاول/اكتوبر: مشرف يوقع مرسوما يمنح بموجبه خصوصا عفوا
عن بوتو لجهة تهم الفساد التي تلاحقها وهو الشرط الرئيسي الذي طرحته
رئيسة الوزراء السابقة لتقاسم السلطة معه.
- 6 تشرين الاول/اكتوبر: الجنرال مشرف يفوز بولاية رئاسية ثانية في
انتخابات تتم عبر نظام الاقتراع غير المباشر ولكن اعلان هذا الفوز جمد
بقرار من المحكمة العليا بانتظار بتها طعونا تقدمت بها المعارضة.
- 12 تشرين الاول/اكتوبر: المحكمة العليا تعلن صلاحيتها النظر بمدى
شرعية مرسوم العفو عن بوتو.
- 18 تشرين الاول/اكتوبر: عودة مظفرة لبوتو الى باكستان بعد ثمانية
اعوام قضتها في المنفى. هجوم مزدوج يستهدف موكبها ويسفر عن 139 قتيلا.
- 3 تشرين الثاني/نوفمبر: مشرف يعلن حال الطوارئ لمواجهة تهديد
الارهاب الاسلامي و"تدخل" السلطة القضائية في السياسة.
- 6 تشرين الثاني/نوفمبر: بوتو تطالب باستقالة مشرف من قيادة الجيش.
- 12 تشرين الثاني/نوفمبر: بوتو تقطع مفاوضاتها مع مشرف وتوضع قيد
الاقامة الجبرية للمرة الثانية في غضون ثلاثة ايام. وفي اليوم التالي
تطالب باستقالة الرئيس.
- 16 تشرين الثاني/نوفمبر: تشكيل حكومة انتقالية واطلاق سراح بوتو.
- 20 تشرين الثاني/نوفمبر: اعلان موعد الانتخابات التشريعية
والاقليمية في 8 كانون الثاني/يناير 2008.
- 24 تشرين الثاني/نوفمبر: المصادقة على فوز مشرف في الانتخابات
الرئاسية.
- 25 تشرين الثاني/نوفمبر: عودة رئيس الوزراء السابق نواز شريف الى
باكستان.
- 28 تشرين الثاني/نوفمبر: مشرف يتخلى عن قيادة الجيش وفي اليوم
التالي يؤدي اليمين الدستورية "رئيسا مدنيا".
- 15 كانون الاول/ديسمبر: رفع حال الطوارئ.
- 26 كانون الاول/ديسمبر: بوتو تشن هجوما شرسا على "الارهابيين"
الاسلاميين بعد خمسة ايام على مقتل 54 من انصارها في هجوم انتحاري على
مسجد اثناء ادائهم صلاة عيد الاضحى.
- 27 كانون الاول/ديسمبر: مقتل بوتو في هجوم انتحاري في ختام تجمع
انتخابي في روالبندي. |