في ظل الأمن والتفاؤل الحذر: بين التندر والتذمر يقضي البغداديين اوقات الزحام

شبكة النبأ: شهدت العاصمة العراقية بغداد في الآونة الأخيرة زحاما غير مسبوق في شوارعها، نتيجة التحسن الأمني الملحوظ، وقلة الشوارع المفتوحة ما فتح شهية البغداديين للتذمر، وأحيانا للتندر في حواراتهم داخل الحافلات وخارجها. حتى ان البعض اخذ يصطحب معه حافظة شاي مع قليل من الأكل السفري على سبيل الاحتياط عند خروجه للمدينة.

الحاج محسن عبد الله، قال، يا أخي ليس مهما الزحام، وليس مهما التأخير، وليس مهما البانزين والوقود، الحمد لله على الأمن الذي بدأ يتسرب إلى الشوارع والأزقة والبيوت، والى نفوسنا وأرواحنا.

وأضاف بلهجة قاطعة، ألف ازدحام ولا سيارة مفخخة واحدة. في إشارة إلى قول احد الحكماء (ألف صديق ولا عدو واحد).

والمح موضحا، هذا الزحام كالبوصلة عندي، كلما اشتد الزحام كلما اشعر إن الأمن قد استتب، وكلما فرغت الشوارع فإنني اشعر بالخوف من المجهول.

مهند عزيز، موظف في الشركة العامة للصناعات الكهربائية في الوزيرية بجانب الرصافة، يسكن في منطقة البياع بالكرخ يقول متندرا لوكالة (أصوات العراق)، عندما وصلت إلى دائرتي في احد الأيام في الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق، لم يكن شيئا مستغربا عند مسؤولي الإداري، ولكن الغريب سؤاله لماذا تأخرت عشرة دقائق.

واقترح عزيز أن تجعل الحكومة ممثليات لوزاراتها في جميع المناطق والمحلات والمدن، لتجاوز أزمة الزحام والتأخير والتغيب.

يشار إلى ان مناطق الكرخ (البياع وحي العامل وحي الرسالة وحي الإعلام والشرطة وأبو دشير والسيدية والدورة والشهداء) لديها طريقان فقط للوصول الى مركز العاصمة، أولهما المار من البياع إلى الجادرية الى الكرادة  ثم الباب الشرقي، والثاني من البياع الى اليرموك ثم علاوي الحلة ثم الباب الشرقي.

لكن الزحام اخذ يتسع ليشمل ممارسات غير مألوفة عند البعض، أبو محمد (كاسب58 عاما) يصطحب معه ترمز(شاي) ولفة (بيض)، يقول، الطريق من بيتنا (حي الإعلام) إلى الشورجه، تقطعه السيارة بأربع ساعات، وأنا عندي بسطة (مكان على الرصيف) لبيع الملابس، اعمل ساعتين ثم أعود الساعة الثانية بعد الظهر فاحتاج إلى الشاي خمس مرات ولفتين، إذ إن ما أتقاضاه من الأجر لا يسد وجبة أكل خارج البيت.

الأغرب من ذلك ما قالته سوسن حسين زوجة أبو محمد، اجلس أحيانا بعد منتصف الليل لإعداد وجبة لزوجي وكأننا في (رمضان).

وأردفت، دائما زوجي يقول إن الذهاب مشيا إلى الشورجة أسرع من السيارة، ولكن كبر سنه لا يعينه على المشي.

سعد الجبوري (صحفي يعمل في صحيفة محلية) قال، حقا إن مصائب قوم عند قوم فوائد، فانا لم اقرأ في حياتي ثلاث روايات بيومين إلا هذه الأيام،  بسبب الزحام والجلوس ذهابا وإيابا نحو سبع ساعات.

وأشار إلى إن مسؤولي الصحيفة يعذرونني على التأخير يوميا لسبب بسيط، أنهم أيضا يأتون متأخرين. لكنه ذكر حسنة أخرى لهذا الزحام والتفتيش، حيث يقول، عندما نرى التفتيش دقيق، وبدأت نقاط التفتيش تفتح الصندوق الخلفي للسيارات، فنحن الآن نشعر بالاطمئنان ان لا احد يخطفنا في بغداد، أما المفخخات والعبوات الناسفة... فان آثارها اخف عند المواطنين، حيث لا تفرق بين احد على أساس مكوناته أو طائفته.

أبو سمير، موظف في وزارة الصحة بباب المعظم يملك سيارة خاصة، ولكن الغريب إن اثنين يصطحبانه يوميا، وعندما سألته لماذا، قال، ليس من المعقول أن السيارة تستمر بالتشغيل ثماني ساعات، فان أجور البانزين باهضة فأنهما يدفعان السيارة كل دقيقة. وأضاف، لو لا الخجل  وكبر السن لركبت دراجة هوائية.

وللزحام، ومن باب مصائب قوم عند قوم فوائد، حسنة أخرى حسب ما قاله بائع (السميط) حيث قول "خلال الشهرين الماضيين، بعد التحسن الأمني وشدة الزحام في الشوارع، فاني أكاد أبيع باليوم ما كنت أبيعه في اسبوع قبل استتباب الأمن. والمح، لولا الخجل لجلبت ترمز شاي وبعته على الراكبين في الحافلات.

بائعي الجرائد من جانبهم، ذكروا إن مبيعاتهم كثيرة هذه الأيام بسبب الزحام، ما يضطر الركاب إلى قراءة الصحف.

جبار زيدان، بائع صحف يقول، أصبحت أبيع أكثر من مائة صحيفة باليوم، وأعود إلى البيت قبل الظهر بسبب الزحام. وأضاف، إذا استمر التحسن الأمني فاني سأبيع (بيبسي) في الصيف، إضافة إلى الجرائد.

وفوق هذا الزحام الشديد والتأخير، فإذا صادف وان جاءت دورية للشرطة أو الجيش أو رتل أمريكي، فان ذلك سيزيد الطين بله، هذا ما قاله أبو احمد صاحب سيارة خصوصي.

وأضاف، نحن واقفون والسير لا يتحرك، ومكبرات الصوت تنادي (سوي مجال) أين نذهب؟ لا احد يعرف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20 كانون الاول/2007 - 9/ذو الحجة/1428