انتفاضة الجياع على الأبواب!

عباس النوري

 هل ننتظر لكي تكتمل السبعة العجاف من السنين لكي نترقب أول من سنين سمانها؟

الشعب العراقي دفع أغلى ما لديه لكي يتخلص من نظام دكتاتوري قد أفرغ العراق من إمكانياته وكثير من ثرواته، والشعب عانى الفقر والجهل وكل أنواع العوز إلا البعض القليل ممن باعوا ضمائرهم ليكونوا تبعاً للقاتل. وانتظروا بفارغ الصبر نجاتهم على يد أقوى دولة في العالم وأكثرها تطوراً في جميع النواحي مع أن عمرها لا يزيد مائتان عاماَ. بينما تعود حضارة وادي الرافدين لأكثر من ستمائة ألف عام. وتأخر ليكون ليصبح معدوداً بين دول التي عاشت في العصور المظلمة.

ولم يستلم زمام الأمور أناس بعيدين عن واقع العراق العقائدي والثقافي والحضاري…أستلم زمام السلطة شخصيات واكبت معاناة العراقي بل أكثرهم جزء من تلك المعاناة. وهم ممثلين لكل الطيف العراقي. والسؤال الملح هل جميعهم فاسدين …لكثرت الفساد وقد نال العراق المرتبة الأولى في قائمة الدول الفاسدة في العالم…؟

ليس من المنصف أن نجزم بأن جميع من شارك في السلطات الثلاثة جميعهم مفسدين وشركاء في جريمة نهب الثروات …وشركاء في القتل الجماعي…والتهجير والسلب والنهب وتجويع الشعب. لكن ظاهر الحال أن العدد المسبب بالفساد كثير، والعدد الساكت عن الفساد أكثر…

والأمر الظاهر الآخر أن المؤسسة التي تكافح الفساد أما نساهم في الفساد وأما تنظر من بين أصابعها…والأمر الذي يحير أن القضاء العراقي المستقل لا يقول كلمة الحق لا في الفساد المستشري ولا في القتل المبرمج والتهجير …والتجويع الإجباري للشعب العراقي.

والخطابات المهدئة التي تتطاير من هذا وذاك … لا يفيد ولا يكون كساءا للعراة، ولا يمكن أن يكون نفطا بدفيء أكواخ أيام الشتاء البارد…ولم تتحول الخطابات الملونة لكهرباء تضيء ظلام ليالي العراق …وليس من المعقول أن يسد رمق الجياع.

لقد حان الوقت لثورة المظلومين… عوائل الشهداء …الأرامل واليتامى الذين دفعوا أغلى ما ملكوا وما زالوا يقدمون القرابين في درب الديمقراطية والحرية والعدالة التي لم يروا منها جزء ولو يسير.

لقد حان الوقت لانتفاضة الجياع … ثورة أبي ذر الغفاري.

أن مؤسسات المجتمع المدني العراقي لديهم فرصة تاريخية بالبدء بتعبئة  الجماهير لانتفاضة الجياع وثورة المظلومين. وهي مسئوليتهم التاريخية ولترتقي المؤسسات المدنية العراقية أن تستلم زمام المبادرة للتغيير الجذري ورفع صوت المظلومين عالياً …كلا ..كلا..للجوع…كلا ..كلا للظلم.

بدأوا بنصرة الظالم وإرجاع حقوقه…ونسوا المضطهدين والذين ظللوا وظلموا على يد هؤلاء الظلمة التي تتباكى عليهم أصوات لتعيدهم للسلطة…لمرة ثالثة لكي يقتلوا من بقى من الأيتام والأرامل.

لا أتصور بأن الأحزاب السياسية قد أوفت وعودها الانتخابية ولذلك نفذت الحق بالبقاء في السلطة، ولا أتصور بأن الشعارات التي اتخذت من مشاعر وأحاسيس الشعب العراقي ستوفي بعهودها ووعودها مرة أخرى.

ليس لدى الشعب العراقي أربعة سنين أخر من تجرع المر والصبر النافذ لكي ينتظر ويرى سياسيين آخرين يوعدون ويتعهدون كذباً… فقط لكي يملئوا أرصدة خارج العراق ليوم يتركوا العراق خراباً…ويتسابق على كراسي الحكم من هو الأقوى. لينهبوا ثروات العراق ويسحقوا ذاكرة الضحايا ومن لهم صلة بهم من قريب وبعيد…!

السياسيين نســوا تناسوا شهداء كر بلاء والنجف… وشباب الكرد الفيليين وحلبجة والأهوار…والأنفال..وراحت ذكراهم وحقوقهم كهواء في شبك الحرية والديمقراطية الجديدة. جميع كانوا وقود لتبديل نظام دكتاتوري متفرد بالسلطة والسطوة لنظام تكاثرت فيها الدكتاتوريات والأصنام. ليس هناك حل إلا أن الشعب يقرر ويأخذ زمام المبادرة ويسحق بصوته كل المجرمين وجميع المتخاذلين الذين يتفاعلون مع الظالم والظلام لكي يعيدوا التاريخ العراقي الإجرامي والدموي تارةً أخرى…وإن أتيحت لهم الفرصة هذه المرة فلا يتركوها أبداً…وعلى العراق وشعبه السلام…

الخيار لكم أما العيش بكرامة وتأخذوا حقوقكم بأيديكم وبقوة الكلمة والصيحة المدوية الصاخبة والمستمرة …وأما العيش بذل وهوان تحت سلطة المجرمين أو تحت سلطة المفسدين.

الدعوة لتشكيل تيار المظلومين…وتيار الجياع…بطريقة منظمة وأنا لا تستغل من قبل أشخاص كقيادات يمكنهم مصادرة الجهود مستقبلاً مثلما حدث. بل تشكيل لجان تتبدل بين الحين والحين، لكي لا يستحوذ عليها من هم في السلطة حالياً أو كانت لهم فرص سابقة….ثورة الجياع..وانتفاضة المظلومين لا يريدون الكراسي والاستحواذ على السلطة وإنما يطالبون بحقوقهم المشروعة…ويطالبون بأن لا تهدر ثروات الأجيال القادمة ليس إلا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20 كانون الاول/2007 - 9/ذو الحجة/1428