في لقاء خاص مع محافظ كربلاء: لا توجد جماعات دينية متسامحة أو متشددة بل هناك فلول خارجة على القانون نعاني منها المشاكل

إعداد وحوار: محمد حميد الصواف

 برهنت القوى الأمنية جدارة في بسط الأمن وفرض سلطة القانون في كربلاء بعد أحداث الزيارة الشعبانية.

زيارة الانبار كانت خطوة جريئة لأنها نسفت الكثير من التقولات والرهانات وكسرت طوق الجليد.

كانت للحكومات المركزية السابقة تجارب فاشلة في مضمار الإسكان.

هيئة الاستثمار لم تشكل حتى ألان في كربلاء والمداولات مكثفة لتسمية أعضاءها.

شبكة النبأ: على الرغم من الهدوء النسبي التي تتمتع به مدينة كربلاء طيلة الأعوام التي أعقبت انهيار النظام الديكتاتوري واجتياح القوات الأمريكية للعراق, كان المشهد الكر بلائي تشوبه بين الفينة والأخرى خروقات وانهيارات سريعة ومفاجئة للواقع الأمني, تخلل معظمها اشتباكات مسلحة عنيفة, بين السلطة المحلية و بعض الجهات الدينية المعارضة أو ما بين الجهات الدينية نفسها, سقط إثرها العديد من الضحايا بين قتيل وجريح جلهم من الأبرياء, فضلا عن استهداف تنظيم القاعدة المدينة لأكثر من مرة بعدد من السيارات المفخخة, لا يزال الأهالي يعانون تبعاتها حتى ألان, الأمر الذي انعكس سلبا على الموطنين متسببا بتفشي حالة من التوتر والإرباك المستديم في مختلف مناحي الحياة, السياسية والاجتماعية والاقتصادية, هذا بالاضافة إلى ظاهرة التلكؤ في عملية إعادة الأعمار.

لذا كان لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) حوارا خاصا مع السيد الدكتور عقيل الخزعلي محافظ كربلاء للوقوف على آخر المستجدات على الصعيد الأمني والخدمي للمحافظة.

- دكتور عقيل ، كيف تصنفون الواقع الأمني لمدينة كربلاء؟

الواقع الأمني مستقر ولكنه لا يزال استقرار نسبيا بحاجة إلى التطوير للارتقاء إلى مستوى أكثر استقرارا وقد اتضحت في الفترة الأخيرة العديد من الدلائل والمؤشرات الايجابية بعد اتخاذ عدد من الإجراءات الإصلاحية شملت مختلف الأجهزة الأمنية.

- هل القوى الأمنية قادرة على تحمل مسؤولياتها بكفاءة في بسط الأمن؟

عملية بسط الأمن مجموعة من الحلقات المتصلة بدءا من صناعة المؤسسات الأمنية بمختلف الهياكل والتنظيمات وطبيعة الخطط والرؤى التي تمتلكها إلى جانب مهم متمثل بالدعم اللوجستي من العدة والعدد والتقنيات بالإضافة إلى وعي المواطنين المساند والمكاتف للأجهزة الأمنية والذي بات هذا التعاون ملحوظا بعد أحداث الزيارة الشعبانية الأخيرة, فيما برهنت هذه القوى جدارة في بسط الأمن وفرض سلطة القانون في كربلاء بعد تلك الأحداث, عقب الإصلاحات الشاملة التي طالت العديد من المفسدين والمتلكئين في أداء الواجب حيث استطاعت قيادة العمليات الحالية توزيع القوة بشكل أفضل من القيادة السابقة, كما تم تطبيق قانون الضبط العسكري شكلا ومضمونا.

حيث استطاعت هذه القوات تطوير أدائها ورفع القدرة القتالية, كما تم وضع آلية للتنسيق بين الدوائر الاستخباراتية والمعلوماتية والعسكرية إلى جانب الامتدادات الطيبة المتمثلة بتعاون شيوخ ووجهاء العشائر ومخاتير المناطق, علما إن جهوزية هذه القوات تأتي بالمستوى الثاني والذي ترتب عليه استلام الملف الأمني من القوى المتعددة الجنسيات ونطمح الرقي بها إلى المستوى الأول لتكون مكتفية ذاتيا لحفظ الأمن.

- بما أن العراق يعيش أجواء المصالحة الوطنية هل بادرتم للحوار مع بعض الجماعات الدينية المتشددة للتخفيف من حدة التوتر السائد؟

لا توجد في كربلاء جماعات دينية متسامحة أو متشددة بل هناك فلول خارجة على القانون نعاني المشاكل منها, حيث إن الوعي المسطح الذي تحمله تلك العناصر حاد بها عن المسيرة أو جادة الوسطية التي كان الأولى بهم أن يتعاطوا بها مع الجمهور الكر بلائي بمحبة وسلام, حيث أن تلك الفلول كانت تنتمي إلى دوائر الجريمة والشر إبان النظام السابق وقد استفادت من المظلة الدينية المتوفرة كصبغة في الشارع الكربلائي لكي تجعلها ستار تتحرك من خلاله لتحقيق مآربها الدنيئة.

ولدينا حوارات طيبة مع كل الحوزات والمرجعيات الدينية, نحاور حتى الجهات التي تصنف في بعض الأحيان عرفيا بان لديها نوع من التشدد والخطاب الثوري المعارض وأبوابنا مشرعة للنقاشات والحوارات المفتوحة, بل هناك ملتقيات من ناحية الأفكار وآراء مشتركة بيننا وبين العديد من الجهات الدينية والسياسية حول هذه العناصر المنفلتة ومحاولات لتفعيل هذه المشتركات لنجعل منه ظاهرة للتطويق الاجتماعي.

- أين تجدون مؤسسات المجتمع المدني من كل هذه الأحداث؟

مع شديد الأسف مؤسسات المجتمع المدني لا تزال قاصرة عن أداء واجباتها أو تفعيل نشاطاتها على أكمل وجه , ويعود ذلك للكثير من العوامل أهمها ضعف موارد التمويل, بالرغم من أهمية تفعيلها في الوقت الحاضر, لما نعيشه من أجواء ساخنة تستطيع تلك المنظمات التوسط ووضع الحلول للعديد من المشاكل المطروحة على الساحة إذا لاقت القبول في العديد من الأوساط الرسمية والشعبية , خصوصا إن الحكومة المحلية باتت طرفا أو جزء من المشكلة.

- قلتم إن مستوى منظمات المجتمع المدني لا يزال ضعيفا لماذا لا تقوم الحكومة بمساعدتها للنهوض بمسؤولياتها؟ 

هذه المنظمات يجب ان تتحرك في هامش كبير من الحرية ويكون انبثاقها من المجتمع واليه لا أن تجير أو تحدد من قبل السلطة لكي تكون مقبولة في مجتمعاتها.

- بادرتم في وقت سابق  إلى زيارة محافظة الانبار ولقاء عدد من المسئولين هناك ما هي ثمرة تلك الزيارة؟ وهل طرحتم مسألة إعادة أراضي محافظة كربلاء التي تم استقطاعها من قبل النظام السابق ولحقها بالانبار؟ 

برأيي إن مجرد زيارة محافظة الانبار كانت خطوة جريئة لأنها نسفت الكثير من التقولات والرهانات وكسرت طوق الجليد الذي كان يشوب أداء الحكومات المحلية, هذه البادرة التي قامت بها حكومة كربلاء أهلت المحافظة لتكون على صعيد أوسع من حدودها الإدارية, لتمارس الدور الذي يحتضن إقليمها باعتباره المتنفس الذي من خلالها تتنفس حدودها الجغرافية , وأشير إلى مشتركات أمنية واقتصادية بين مختلف المحافظات يجب على جميع الحكومات المحلية الالتفات إليها.

 استطيع أن أقول الزيارة فتحت الأبواب وقللت من حجم التهويل الذي كان منتشرا في السابق بان هناك نوع من التحسس والتخندق الطائفي يحكم مسار الحكومات المحلية, بحيث أشاعت هذه الزيارة الكثير من مشاعر المحبة والرضي بين أهالي و مسئولي المحافظتين, حيث كانت هناك العديد من الهموم المشتركة تم مناقشتها والتعاون على حلها خصوصا على المستوى الأمني تكلل مؤخرا بالقبض على العديد من رؤوس الإجرام في العديد من المناطق التي تم تأمينها.

- أشار عدد من المسئولين الأمنيين في عدة مناسبات إلى نية الحكومة المركزية تشكيل فوج امني خاص لتامين الزيارات والمناسبات الدينية في المدينة هل تم تحقيق شيء على الأرض؟

نعم تم تشكيل فوجين بعد الزيارة ما قبل الأخيرة بناءا على أمر السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بواقع 2000 شرطي تابعين إلى شرطة المدينة بالإضافة إلى تشكيل ثلاثة أفواج ضمت إلى اللواء الرابع الجيش العراقي وهي في طور التدريب والتجهيز ستكون جاهزة في القريب لتامين الزيارات والمناسبات الدينية والواجبات الأخرى.

- بناء على هذه المعطيات الايجابية هل سيتم رفع الحواجز الكونكريتية عن الشوارع المؤدية إلى المدينة القديمة؟

فتح المدينة القديمة ليس قضية  مرورية بحد ذاتها أو ما قد يعتبره البعض مجالا تعسفيا تمارسه الحكومة المحلية لتثبت أن لديها القوة والسلطة في غلق الشوارع والطرق ولكن هناك اعتبارات أمنية, نقولها بصراحة نحن إلى الآن متوجسون من استهداف المدينة مجددا لان المؤسسة السلفية التكفيرية لا تزال تعلن نواياها باستهداف الأضرحة المقدسة, إذا لم يرتفع هذا المحذور لا نستطيع رفع الحواجز بصورة كلية.

- في جانب الإعمار.. ما هي نسب المشاريع المنجزة؟

بفضل من الله استطيع القول إننا كحكومة محلية ودوائر تنفيذية لم تكن حالة الإعمار معهودة في الاتساع في الفترات الماضية فيما كانت تسود عمليات الإعمار سابقا حالات من الأخطاء والإخفاقات استطاعت الحكومة الراهنة الاستفادة منها وتجاوزها حيث بلغت نسبة الانجاز لمشاريع تنمية الأقاليم لسنة 2007 إلى 65% وهي نسبة مرتفعة إذا قورنت بنسب الانجاز لعام 2006 .

- ولكن بعض المشاريع المنجزة دون المستوى المطلوب؟

 أشاطرك هذه الملاحظة ولكن المشكلة مع مشاريع الدول المانحة كون حكومة محافظة كربلاء لا تملك الحق بالتدخل في طبيعة هذه المشاريع التي يشوبها الغش والفساد, صحيح إننا نستطيع تسجيل هذه الملاحظات ورفعها إلى الدول المانحة لكننا وجدنا آذان صماء بمقابل هذه الملاحظات المرفوعة إليهم, حيث لا يملك الجانب العراقي حق التدخل أو المعارضة إن تم تشخيص خلل في مواصفات فنية للمشروع.

أما المشاريع التي تقوم بها الحكومة المحلية فهي تصنف من الدرجة الأولى خصوصا بعد إنشاء مختبرين متخصصين في المحافظة متشددين في مراعاة المواصفات الفنية, حتى وصل الأمر إلى اعتقال بعض المهندسين والفنيين وهم إلى الآن رهن الاعتقال والتحقيق كونهم أهملوا عملية تحديد المواصفات الفنية المطلوبة.

- مدينة كربلاء أسوة بالمحافظات العراقية تشكو من أزمة سكن حادة أثقلت كاهل المواطن عبر ارتفاع بدلات الإيجار إلى مستويات قياسية هل وضعتم خطة إستراتيجية للقضاء على هذه الظاهرة؟

مع الأسف وأعلنها بصراحة إن دور الحكومة المحلية في تبني سياسة إسكانية واضحة المعالم والرؤى محددة بسقوف زمنية هي غبر موجودة, فسياسة الإسكان هي من اختصاص الحكومة المركزية الاتحادية حصرا, وكانت للحكومات المركزية السابقة تجارب فاشلة في هذا المضمار, ورغم ذلك لم تكن هناك أي وقفة جادة لمسئول لمراجعة هذه التجارب الفاشلة, وقد اعتمدت هذه الحكومات في الوقت الحالي سياسات الإسكان على اقتصاديات السوق ورأس المال المفتوح والقطاع الخاص, وهي طريقة حل غير مجدية والطرقة المثلى برأينا هو تحفيز الاستثمار الأجنبي للخوض في هذا القطاع المهم.

- ما هي العراقيل التي تحول دون دخول المستثمر الأجنبي؟  

هناك العديد من الأمور أولها إن هيئة الاستثمار لم تشكل حتى ألان في محافظة كربلاء والمداولات مكثفة لتسمية أعضاء الهيئة، واعتقد انه سيتم الانتهاء منها هذا الأسبوع, وسوف يتم مفاتحة بنك التجارة العراقي (tpi)  ، وتم وضع خطة استثمارية لمدينة كربلاء قادرة على إغراء وجلب المستثمر بعد الإعلان عن المحفظة الاستثمارية  لمدينة كربلاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 19 كانون الاول/2007 - 8/ذو الحجة/1428