مضافا للعنف والإرهاب: الكوليرا عدو جديد يفتك بالعراقيين

شبكة النبأ: اقتراب موسم الأمطار في العراق مقروناً مع الحالة السيئة التي تعاني منها أنابيب المياه وأنظمة الصرف الصحي جراء قِدمِها واستهلاكها او تعرضها للتخريب او الدمار نتيجة اربع سنوات من الحرب يشكل تهديداً جديداً للسكان الذين يعانون من ويلات العنف. حيث بدأت بوادر تلوث الماء من خلال  ظهور العشرات من حالات الاصابة بمرض الكوليرا مؤخرا في بغداد وحدها.

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا يقول إن العاصمة العراقية تواجه الآن "كارثة" تفشي وباء الكوليرا التي ظهرت بشدة في الأسابيع الثلاثة الماضية وظهور 100 إصابة، ما فاقم المخاوف من ان ضعف التدابير الصحية وحلول موسم الأمطار ستزيد من تفشي الوباء.

وهذا الوباء ـ الذي ينتشر بفعل تلوث الماء، الذي ينتج عنه إسهال شديد ومن ثم الموت ـ يهدد  التفاؤل المتزايد في العاصمة العراقية اثر انخفاض العنف مؤخرا. فقد توفي طفلان في دار للأيتام جراء إصابتهما بالكوليرا، كما تم تحديد إصابة ستة أطفال آخرين، طبقا لما ذكرت الحكومة العراقية.  ونقلت الصحيفة عن احد المسؤولين العراقيين قوله "لدينا كارثة في بغداد."

وقال صندوق رعاية الطفولة في الأمم المتحدة (يونيسيف) ان 101 حالة قد سجلت في المدينة، ما يجعل حالات الإصابة الجديدة في العراق تصل إلى 79% بين الأطفال. وعلى الرغم من ظهور الوباء في أكثر من منطقة، إلا ان مدينة الصدر شرقي بغداد من بين أكثر المناطق إصابة.

وتتابع الصحيفة قولها ان حلول موسم الأمطار في العراق، وقِدَم شبكات الماء ونظم الصرف الصحي، التي تضررت غالبيتها أو تدمرت على مدى ما يزيد عن أربعة أعوام من الحرب، يشكل تهديدا مضافا للسكان الذين أنهكتهم الأزمات.

وتنقل الصحيفة عن كلير حجاج، المتحدثة باسم اليونيسيف، قولها ان، شبكات الماء والتصفية في العراق في وضع حرج. كما ان تلوث الممرات المائية بسبب مياه المجاري يحتمل ان يكون المصدر الأكبر أثرا في الإضرار بالصحة العامة التي تواجه العراقيين ـ بخاصة الأطفال. فأمراض الإسهال تقتل وتصيب الأطفال العراقيين أكثر من أي شيء آخر باستثناء مرض ذات الرئة. ونحن نقدّر ان واحدا من كل ثلاثة أطفال يحصلون على مصدر مائي امن ـ في بغداد والمدن الجنوبية الأكثر إصابة.

وتتابع الصحيفة قولها انه على الرغم من ان القوات الأميركية في بغداد وجدت ان الوضع الأمني في تحسن، إلا ان دورياتها اليومية تتلقى شكاوى من جانب السكان عن شوارعهم التي تمتليء بأكوام القمامة وتطفح بالمياه الآسنة، وغالبا ما يكون ذلك على مقربة من المدارس حيث يلعب الأطفال.

وقال الكابتن ريتشارد دوس سانتوس، الملحق باللواء الثالث من فرقة الخيالة الثانية سترايكر، ان مضخات الصرف في منطقة في جنوب بغداد لا تعمل إلا بنسبة 30 إلى 40%.

واضاف الكابتن أن، المياه الآسنة طافحة بالقرب من المدارس وهناك خطر متزايد من الإصابة بالكوليرا والأنفلونزا حيث المناعة منخفضة.

وتذكر الصحيفة ان الأمم المتحدة سجلت 22 حالة وفاة بسبب الكوليرا هذا العام، وأكدت فحوصاتها المختبرية إصابة 4.569 حالة، غالبيتها في شمال العراق حيث كشفت أولى الحالات في محافظة كركوك في آب أغسطس الماضي. وانتقلت الآن إلى نصف محافظات البلاد الثماني عشرة، إلا ان القلق يتركز على بغداد.

وقالت اليونيسيف أنها وزعت أملاح مضادة للجفاف وأقراص تنقية المياه لعائلات ـ فقد وزعت ثلاثة ملايين قرصا إلى العائلات في أسوأ المناطق تضررا في الأسابيع الثلاثة الماضية ـ كما وزعت خزانات ماء صغيرة في نقاط توزيع الماء. وهي الآن تنقل 180.000 لتر (47.552 غالون) من الماء النظيف يوميا إلى أسوأ أحياء بغداد تضررا.

ووجهت اليونيسيف نداءا عاجلا إلى الحكومة العراقية لتنظيف خزانات المياه في المؤسسات جميعا كإجراء وقائي.

وتقول كلير حجاج ان، فقط 20% من العائلات خارج بغداد تتوافر على خدمات تصريف المياه الآسنة، وان مضخات معالجة التصريف تعمل بنسبة 17% من طاقتها.

وتذكر الصحيفة ان بالإمكان الوقاية من الكوليرا من خلال معالجة الماء الصالح للشرب بالكلور والنظافة المطلوبة، لكن التقديرات تشير إلى ان 70% من العراقيين لا يحصلون على الماء النظيف. والدخل المالي للكثير منهم لا يسمح لهم بشراء مياه معباة، فيلجأون إلى مياه الإسالة التي غالبا ما تكون مصادرها ملوثة. فضلا عن ان الشركات المسؤولة عن جمع النفايات ومياه المجاري كانت ممنوعة من الدخول في عدد من مناطق بغداد بسبب العنف.

وتشير الصحيفة في ختام تقريرها إلى ان الحكومة العراقية تحاول إرشاد مواطنيها من خلال إعلانات على التلفزيون وفي الصحف، وتوزيع إعلانات في نقاط التفتيش. لكنها تعترف بان ستة مستشفيات تتلقى ماءا غير امن.

تزايد المخاوف من انتشار الكوليرا

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة إنّ مخاوفها زادت بشأن انتشار الكوليرا في بغداد، اذ تعاني المياه ونظام الصرف الصحي من صعوبات جمة.

وجاءت تحذيرات اليونسيف فيما قالت تقارير إنّ طفلين توفيا بسبب إصابتهما بالكوليرا في دار الحنان لرعاية الأيتام.

وتتسبب المياه الآسنة وغير الصحية-والعراق يعاني من آفة انتشارها بكثرة في محافظاته، في الكوليرا لاسيما أنّ البنية التحتية تدهورت إلى حدّ كبير في البلاد التي يهزها العنف والحرب.

وأوضحت كلير هجاج المتحدثة باسم المنظمة الدولية في رسالة إلكترونية بعثت بها إلى CNN أنّ العاصمة وحدها تعدّ 79 بالمائة من عدد الإصابات بالمرض الجديدة حيث تمّ حتى الآن إحصاء 101 إصابة أغلبها تمّ الإبلاغ عنها في غضون الأسابيع الثلاثة الماضية.

وقالت وزارة الصحة العراقية إنّ عدد الإصابات يبلغ 24، مضيفة أنّ 14 منها في السليمانية وخمسة في تميم التي تقع فيها كركوك، وثلاثة في بغداد وإصابة واحدة في الأنبار وأخرى في نينوى.

ويأمل المسؤولون الأمريكيون والعراقيون أن يسهم التحسّن على مستوى الوضع الأمني في جلب مستوى من الاستقرار يسمح للسلطات بحلّ مشاكل البنية التحتية.

وأوضحت هجاج أنّ مناطق مدينة الصدر والمدائن والبلديات والرصافة والكرخ تعدّ من أكثر المناطق التي أصابها المرض في محافظة بغداد.

وأضافت أنّ اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية تحاولان وقف الانتشار في العاصمة من خلال توفير تطعيمات للمرضى لاسيما مع بدء موسم الأمطار في البلاد.

وقالت هجاج إنّ، انتشار المرض في دار الحنان يثير المخاوف بشأن الوضع في مؤسسات رعاية الطفولة والمدارس في بغداد.

كما بدأت المنظمة حملة توعية في مختلف شوارع والأماكن العمومية في العاصمة، وأنشأت مصحة في دار الحنان، وتمّ توزيع علب المياه النقية على المرضى.

وقالت هجاج إن، ثلث أطفال العراق يتمتعون بمورد نقي للمياه لاسيما أن بغداد والمدن الجنوبية تعاني من انتشار المرض وتداعي البنية التحتية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 5 كلنون الاول/2007 - 24/ذوالقعدة/1428