العقوبات تضر بالشعب الايراني وليس النظام والنفط سلاح ذو حدين

شبكة النبأ: بعد ضغوط غربية فرضت الامم المتحدة مجموعتين من العقوبات على ايران بسبب طموحاتها النووية المثيرة للجدل. وفضلا عن ذلك وضعت واشنطن اكبر ثلاثة بنوك حكومية ايرانية على قائمة سوداء، وتحت ضغوط مريكية انسحبت كذلك البنوك الاوروبية من العمل في الجمهورية الاسلامية.

وتأمل القوى الغربية التي تتهم ايران بالسعي سرا لإمتلاك سلاح نووي ان تقنع هذه الضغوط القيادة الدينية للبلاد بالتخلي عن البرنامج النووي. ولكن اسلوب العقوبات الاقتصادية  الذي يذكر بالمأساة التي عاشها العراقيون ابان الحصار الدولي في التسعينات من القرن الماضي قد لا يعني شيئا للنظام الايراني بقدر ما سيكون مؤذيا بل مدمرا للشعب الايراني وخاصة الطبقات المتوسطة والمتدنية في مستوى المعيشة.

تمكن علي جانجينه وهو مهندس نفط ايراني يعمل بالخارج من ادخار مبلغ 300 الف دولار لشراء منزل في بلده. لكن العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة تمنعه من ارسال المال الى طهران فوقعت خططه لشراء منزل ضحية للمواجهة بين الغرب والجمهورية الاسلامية بسبب برنامجها النووي.

وقال جانجينه (29 عاما) الذي يعمل 36 اسبوعا سنويا في شركة نفط في قازاخستان، عملت جاهدا لادخار هذا المال. والان بسبب الخلاف النووي ترفض البنوك الدولية تحويل المال الى ايران. غير ان جانجينه وغيره من الايرانيين الاغنياء نسبيا يعتقدون انهم وليس الحكومة الذين يدفعون الثمن. بحسب رويترز.

ويقول الخبراء ان العقوبات تحد من الاستثمار الاجنبي وتشعل التضخم في بلد تنقل اليه الاموال بالحقائب مما يصعب استيراد الدواء.

وقطعت بنوك مثل اتش.اس.بي.سي وكريدي سويس ويو.بي.اس علاقات الاعمال مع ايران العام الماضي تلاها دويتشه بنك وكومرتس بنك وبي. ان.بي باريبا في عام 2007.

وقال موظف في بنك ايراني طلب عدم نشر اسمه، كل شهر تقريبا تصلنا اشعارات من بنوك أوروبية بشأن وقف تعاونها مع ايران.

وقال طبيب طلب كذلك عدم نشر اسمه، لا يمكننا فتح خطابات ائتمان في بنوك. استيراد المواد الضرورية لادوية علاج مرضى السرطان تزداد صعوبة يوما بعد يوم.

والقصص الشخصية شائعة عن كيف تؤثر العقوبات المالية على الاغنياء نسبيا الذين يملكون حسابات مصرفية في بنوك اجنبية او يكسبون عيشهم من الخارج.

ويقول البعض انهم سيتركون ايران اذا شددت الامم المتحدة العقوبات ويضطر اخرون الى استخدام قنوات غير رسمية لادخال أموالهم.

ومريم شريفة واحدة من كثير من الايرانيين اغلقت حساباتهم بالدولار في بنوك غربية في الاشهر القليلة الماضية. وكانت مثل كثيرين غيرها من الايرانيين الذين أقاموا بالخارج قد تركت الحساب مفتوحا منذ عودتها الى ايران.

وقالت الأم لطفلين البالغة من العمر 39 عاما، فتحت هذا الحساب منذ 13 عاما في فرنسا. هل ابدو مثل ارهابية.. هل يجب ان أعاقب لمجرد انني ايرانية..

ولم يتلق مهرداد صلاحشور فني الكمبيوتر لدى شركة غربية في طهران راتبه منذ ثلاثة اشهر. وقال، حاولت دون جدوى فتح حساب بالدولار في الخارج. وساعدتني الشركة على فتح حساب باليورو في تركيا. لكن أغلب البنوك الدولية اوقفت التعامل مع ايران.

وهو الان مثل كثيرين غيره يستخدم منافذ تحويل الاموال غير الرسمية المعروفة باسم مكاتب الحوالات التي تتسلم المبالغ في دولة أخرى وتسلم المستفيد في ايران مقابل رسوم معينة. ولا يشمل هذا النظام اعمالا كتابية تذكر وقال مسؤولون أمريكيون انهم يخشون ان يستغل في غسل الاموال ونقل اموال ارهابيين.

وحتى الاجانب في ايران ابلغتهم البنوك الدولية ان حساباتهم بالدولار ستغلق وبطاقات ائتمانهم ستلغى لانهم يقيمون في الجمهورية الاسلامية.

وكان تصاعد أسلوب الخطابة بين الغرب وايران قد أثار تكهنات بشأن عمل عسكري أمريكي وشيك رغم أن واشنطن تقول انها ملتزمة بحل الخلافات النووية دبلوماسيا. وحزم بعض الايرانيين الذين تلقوا تعليما رفيع المستوى حقائبهم بالفعل للرحيل.

وقالت الفنانة زبيدة شمس، لا أريد ان يعاني أطفالي مثل اطفال العراق الابرياء بسبب أخطاء امريكا... عندما تصبح التهديدات الامريكية ملموسة بدرجة أكبر سأترك ايران الى غير رجعة. وبالنسبة لاخرين المشكلة لا تتعلق بعدم التيقن بشأن الغد بل بواقع اليوم الذي بلغ مداه.

ويقول محمد رضامانيش (47 عاما) وهو مدرس في مدينة اصفهان يكسب 250 دولارا شهريا لاعالة أسرة من اربعة افراد، نحن ضحايا العقوبات وليس الحكومة.

وأضاف، الكل يستخدم ذريعة العقوبات لرفع الاسعار، معبرا عن شكوى شائعة في ايران حيث تجاوز معدل التضخم الرسمي 18 بالمئة.

وقال عالم الاجتماع حميد رزيغي ان العقوبات اوجدت مجتمعا معرضا للخطر، الناس لا يمكنها وضع خطط متوسطة وطويلة الاجل. انهم يعتقدون انه ليس هناك استقرار سياسي او اقتصادي أو أمني.

ويقول محللون ايرانيون ان التدفقات النقدية زادت فعليا منذ بدء فرض العقوبات في ديسمبر كانون الاول عام 2006 مدفوعة بتحويلات الايرانيين الاغنياء لاصول مالية من ابواب خلفية. وقال الاقتصادي محسن جعفري نجاد، تم تحويل مبالغ ضخمة من المال الى ايران.

وقال توراج الذي اعطى اسمه الاول فقط وهو مهندس انشاءات (54 عاما) انه يسافر للخارج بانتظام لحمل حقائب مال الى ايران حيث ارتفعت أسعار العقارات بشدة. وأضاف، الافتقار الى فرص استثمار بديلة يدفع الناس للاستثمار في العقارات.

وأيا كانت الصعوبات التي يواجهها الذين يستخدمون القنوات الرسمية فان السيارات الفارهة في شوارع طهران تنم على انه مازالت هناك ثروات كبيرة داخل البلاد.

وقال رجل الاعمال علي هاشمي وهو يقوم بصف سيارته التويوتا الجديدة خارج منزله الفاخر "كل شيء بيد الله. اذا كنت قوي الايمان فلن تخاف من العقوبات أو العمل العسكري."

استخدام إيران لورقة النفط سلاح ذو حدين

وفي سياق متصل  يرى خبراء أن احتمال استخدام إيران لورقة النفط وشل حركة الملاحة في المنطقة التي توفر قرابة 40 في المائة من احتياجيات العالم من النفط، حال مهاجماتها، يعد من أقوى الأسلحة فتكاً في ترسانة الجمهورية الإسلامية  تفوق كافة الأنظمة الدفاعية في حوزتها، إلا أن البعض يعتقد أن النفط سلاح ذو حدين.

وستقع إيران، التي يمثل النفط العامود الفقري لاقتصادها، أولى ضحايا إغلاق خطوط إمدادات النفط، الذي عادة ما تهتز مؤشرات أسواقه العالمية مع أي توتر جديد يترافق وتحدي حكومة طهران بشأن ملفها النووي.

ورغم بلوغ أسعار النفط مستويات تاريخية في الوقت الراهن، إلا أن الخبراء يتحدثون عن إمكانية ارتفاع البرميل حتى 200 دولارا، حال تحرك واشنطن وطهران نحو مواجهة مفتوحة، نقلاً عن الأسوشتيد برس.

ويظل هذا السيناريو ماثلاً أمام أعين البيت الأبيض، المتمسك بمقولة إن كافة الخيارات مطروحة على الطاولة للتعامل مع حكومة طهران للحيلولة دون امتلاكها لسلاح نووي، ورغم استبعاد قادة البنتاغون إمكانية إشعال حرب أخرى في الشرق الأوسط. بحسب CNN.

وقال المحلل النفطي جون هول من "John Hall Associates" في لندن: إذا هوجمت إحدى دول الأوبك مثل إيران، فستهتاج الأسواق وتتجه أسعار النفط إلى أي مكان.

ويعتقد الخبراء أنه في حال قررت إيران وقف مبيعاتها من النفط، التي تبلغ 2.5 مليون برميل في اليوم، مما يجعلها ثاني أكبر منتج في منظمة الأوبك،  فأن الأسعار ستقفز بصورة صاروخية إلى الأعلى.

وقد تلجأ كذلك إلى شل حركة مضيق هرمز، الشريان الحيوي لنقل أكثر من 30 مليون برميل نفط في اليوم، أي قرابة 40 في المائة من احتياجات العالم من المادة الحيوية. كما يستخدم المضيق في نقل 2 مليون برميل من المنتجات النفطية، منها الوقود، والغاز المسال، يومياً.

ويشار أن المرشد الروحي للجمهورية الإسلامية، أية الله علي خامنئي، كان قد هدد في وقت سابق بالرد على أي هجوم عسكري أمريكي بإغلاق المضيق.

وتزعم حكومة طهران امتلاك بحريتها  أحدث الأسلحة منها طوربيدات فائقة السرعة وقطع بحرية قادرة على مراوغة الصواريخ. إلا أن قادة البنتاغون والخبراء يشككون في تلك المزاعم.

وقال الخبير أنطوني غوردسمان، من مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن:  إيران تبجحت مراراً بمزاعم مبالغ فيها حول تطوير أسلحة، ويبدو الأمر كأنه مصمم لمنع العمل العسكري الأمريكي و/أو تطمين الشعب الإيراني.

ونشرت إيران مؤخراً بالفعل أنظمة صواريخ مضادة للطائرات والسفن في جزيرة "أبو موسى" بالقرب من مضيق هرمز.

ومن الجانب الآخر، تتواجد مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية USS Enterprise، والعديد  من كاسحات الألغام التابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة، الجاهزة للتحرك  السريع.

وقدر غوردسمان أن لا تنجح إيران في إرباك خطوط النفط لأكثر من أسبوعين. ومن جانبه عقب مايكل كلير مؤلف كتاب: الدماء والنفط: خطر وعواقب تنامي اعتماد أمريكا على النفط، قائلاً: المشكلة ليست في النفط الإيراني، السؤال هو كم ستظل إيران قادرة على إرباك تدفق النفط من الدول الأخرى.

ولتحقيق ذلك، تمتلك إيران أسلحة تمكنها من عرقلة خطوط ماوراء مضيق هرمز، كما قد تلجأ لاستخدام نفوذها في الجارة العراق، لشل الكثير من صادراته النفطية التي تقف في الوقت الحالي عند 2 مليون برميل في اليوم.

ويرى فريقاً أخراً من الخبراء أن إيران ستكون أولى ضحايا قرارها بشل امدادات النفط في المنطقة.

وتقدر وزارة الطاقة الأمريكية أن الصادرات النفطية تمول قرابة نصف موازنة الحكومة الإيرانية، وبالرغم من الانعكاسات الإيجابية لارتفاع أسعار النفط، إلا أن العقوبات الاقتصادية ألقت بظلالها على النمو الاقتصادي هناك.

وأوضح فريدريك لاسيري، من Sociate Generale  في باريس أن أي ضربة عسكرية على أيران ستكون لها عواقب بعيدة المدى على أسواق النفط.

وأردف قائلاً: الضربة ستعزز مبدأ تدهور العامل الاقتصادي في السياسة الخارجية عاماً بعد عام. وتابع: أولاً كان العراق، والآن إيران.. ذلك سيطرح تساؤلا من هي الدولة المنتجة للنفط التي ستكون التالية.؟

حرس الثورة استلم أنشطة البحرية الإيرانية بالخليج

من جهة اخرى  كشف الجيش الأمريكي أنّ قوات حرس الثورة الإسلامية الإيرانية استلمت قيادة عمليات البحرية الإيرانية في الخليج.

وهذا يعني، وفقا لأكبر مسؤول عسكري ميداني أمريكي، أنّ الخطوة "استراتيجية" فضلا عن كونها تعني أنّ قوات البحرية الأمريكية تعمل في نفس المياه التي تعمل فيها منظمة تعتبرها الولايات المتحدة أكبر داعم للنشاط الإرهابي.

وجاءت التصريحات من قبل الأدميرال مايكل مولين، قائد هيئة الأركان العسكرية الأمريكية ، في معهد كارليسل، ردا على أسئلة من طلبة عسكريين. بحسب CNN.

وإثر ذلك، أصدر الأسطول الخامس الأمريكي من البحرين بيانا مكتوبا قال فيه، استنادا إلى أنشطة تمّت ملاحظتها في الخليج العربي خلال عدّة شهور ماضية، يبدو أنّ البحرية الإيرانية نقلت مناطق مراقبتها إلى المنطقة بين مضيق هرمز وخليج عمان، تاركة للبحرية التابعة لحرس الثورة الإيرانية مهمة الحضور في الخليج العربي.

وتنظر البحرية الأمريكية إلى حرس الثورة الإيرانية على أنّه أكثر عدائية من البحرية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية.

وتشكلت قوات الحرس الثوري الإيراني عام 1979 "لحماية الثورة" وهو ما يتمّ تأوليه بصفة عامة على أنّ مهمته الأساسية تتمثّل في التأكّد من كون قوات الأمن الداخلي لن تهدد الدولة الثيوقراطية، وفقا للمحلل في مجموعة تفكير تابعة للبحرية الأمريكية في الإسكندرية بفرجينيا، ويليام سامي.

وقال مولين إنّ إيران، اتخذت قرارا استراتيجيا في الشهور الأخيرة لمنح كلّ الخليج إلى حرس الثورة لمدة السنوات الأربع أو الخمس المقبلة. وأضاف، إنها مسألة مهمة لأنني أعتقد أنّ جزءا من خلافنا مع إيران هو حرس الثورة بصفة خاصة.

وطيلة الشهور الماضية، اتخذت قوات حرس الثورة الإيرانية مواقع لها قرب أنابيب النفط العراقية في أقصى الشمال من الخليج. ويستخدم الحرس الثوري هذا الموقع كمركز مراقبة للمنطقة التي تتولى القوات الأمريكية عادة أمر مراقبتها.

وقال مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون إنّ تصريحات مولين تعكس مخاوفه بشأن، ليس فقط ملف إيران النووي، وإنّما أيضا شحنها للسلاح إلى أفغانستان والعراق ومواقفها بشأن إسرائيل.

وتعتقد الولايات المتحدة أنّ حرس الثورة هو من يتكفل بنقل الأسلحة، غير أنّها توقفت عن التصريح بذلك قائلة إنّ مسؤولية ذلك تقع على عاتق الحكومة المركزية الإيرانية.

وبفعل إجراءات جديدة تقررت بعد حادث احتجاز بحارة بريطانيين من قبل حرس الثورة، ومن ضمنها مراقبة الزوارق بطائرة مقاتلة وكذلك بسفينة حربية، فإنه من عادة قطع البحرية الأمريكية أن تكون على مقربة من البحرية الإيرانية.

غير أنّ مسؤولا أمريكيا أوضح لـCNN أنّ قوات حرس الثورة "نادرا ما تردّ" على محاولات البحرية الأمريكية إقامة الاتصالات بين القطع البحرية.

واعتبر الكثير من كبار قادة البحرية الأمريكية القرار الإيراني "مهما من الناحية العسكرية" لأنّ لحرس الثورة أنشطة إرهابية حيث أنّ السفن الحربية الأمريكية لا تريد من القطع البحرية التابعة لحرس الثورة الإيرانية أن تبحر على مقربة منها.

ويرى محللون في تطور الأحداث تكتيكا يحبذه الحرس الثوري من خلال زرع الألغام واستخدام عدد كبير من الزوارق الصغيرة تكون مليئة بالمتفجرات أو غيرها من أجل ضمان اقتراب دائم من العدوّ.

وقال ويليام سامي إنّ إيران، تريد أن تبعث برسالة مفادها أنّها جاهزة لأي احتمال عسكري وأنها على أهبة الاستعداد للدفاع عن نفسها بضراوة.

غير أنّ القرار الإيراني يمكن أيضا أن يدفع دول الجوار الخليجيين إلى الانضمام إلى قوات الولايات المتحدة التي حمت أمن الدول العربية في الخليج طيلة عقود، وفقا لسامي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3 كلنون الاول/2007 - 22/ذوالقعدة/1428