كركوك (القنبلة الموقوتة) بين الإستحقاق الدستوري والتطلعات الفئوية 

شبكة النبأ: في تطورات مثيرة تخص كركوك اعتبرت شخصيات سياسية عربية وتركمانية في ان جعل المحافظة اقليما مستقلا هو افضل الخيارات لتكون نموذجا للتعايش القومي والاثني في العراق، في وقت يقترب فيه الاستحقاق الدستوري بتطبيع الأوضاع  فيها وفق المادة 140 من نهايته المحددة قبل نهاية العام الجاري من دون التوصل إلى تطبيقات على الأرض او توافقات سياسية. خاصة وان المسألة يتبعها الخلاف على الحدود الادارية للمحافظة الممتدة مع ثلاث محافظات اخرى.

وقال احمد حميد العبيدي أمين عام جبهة كركوك العراقية والقيادي البارز بالتجمع الجمهوري العراقي لوكالة (أصوات العراق) ان، جعل مدينة كركوك اقليما مستقلا هو افضل الحلول؛ لأن المدينة تضم مختلف اطياف الشعب العراقي ولا يمكن تجاهل قومية على حساب اخرى والجميع يحاول العمل على جعل كركوك نموذجا للتعايش الاخوي، مشيرا الى ان ضمان ذلك يتحقق في حكم المدينة من قبل ابنائها وبشكل عادل دون تفريق بين احد في الحقوق والواجبات.

والتجمع الجمهوري العراقي الذي يرأسه عاصم الجنابي يمثل معظم مقاعد العرب في مجلس محافظة كركوك.

ويعيش في محافظة كركوك الغنية بالنفط خليط من العرب والاكراد والتركمان والكلدواشوريين وتعتبر مركز الصناعة النفطية في شمالي العراق ويعتمد العراق على جزء كبير من صادراتها الى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط .

وبحسب المادة 140 من الدستور العراقي فإن مشكلة محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، تعالج على ثلاث مراحل، وهي التطبيع بعودة المرحلين إلى المدينة مقابل عودة الوافدين العرب إلى مناطقهم السابقة، ثم إجراء إحصاء سكاني يعقبه استفتاء على مصير كركوك بأن تبقى محافظة مستقلة أو تنضم إلى إقليم كردستان، وتنجز هذه المراحل خلال مدة أقصاها 31 كانون الأول ديسمبر من العام الحالي. غير أن خلافات عديدة محلية وإقليمية لا تزال تثار حول الطريقة التي تعالج بها مشكلة ما يسمى بسياسات "التغيير الديموغرافي" التي اتهم النظام السابق بتنفيذها في هذه المناطق بتهجير سكانها من الأكراد والتركمان وإسكان مواطنين من محافظات الوسط والجنوب في مناطقهم.

وكان النائب التركماني عن الائتلاف العراقي الموحد عباس البياتي قد دعا خلال جلسة البرلمان العراقي الأسبوع الماضي إلى إعلان محافظة كركوك إقليما قائما بذاته.

واقترح إعادة ترسيم حدود مدينة كركوك إلى ما قبل 1976، وتوزيع السلطات بين المكونات العرب، والأكراد والتركمان، وبنسبة 32 % لكل منهم ، و4% للآشوريين ، وتشكيل هيئة سياسية رئاسية.

من جانبه وصف علي مهدي عضو مجلس محافظة كركوك ونائب رئيس حزب تركمان ايلي قضية كركوك بأنها واحدة من "القضايا المعقدة" في الواقع العراقي ، منذ اكتشاف النفط فيها في عشرينيات القرن الماضي.

وقال لـ (أصوات العراق) إنه "لم تخل سنوات العهد الملكي من محاولات تغيير الطابع الديمغرافي لمحافظة كركوك، غير ان هذه المحاولات ظلت في نطاق ضيق، اما في عهد النظام السابق فقد تعرضت محافظة كركوك لعملية تغيير قسري لطابعها ، بدءا بتبديل اسمها الى محافظة (التأميم) ، الى سلخ اجزاء ادارية منها وضمها الى محافظات اخرى ."

واضاف أن " تطورت هذه المحاولات في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي الى تطهير عرقي ضد التركمان والاكراد. فقد جاءت سلطات النظام السابق بالألوف من المواطنين العرب، واسكنتهم في كركوك ، وفي الوقت نفسه اجبرت عشرات الألوف من التركمان والاكراد على ترك المدينة."

وأشار مهدي الى أن محاولات الاحزاب الكردية تسعى لضم محافظة كركوك الى المناطق الكردية، وفي المقابل فإن أوساطا تركمانية وعربية في كركوك تعارض بقوة هذا الطرح الذي يستهدف ما وصفه بـ "تكريد" كركوك ، الامر الي يجعل الحل الامثل للمدينة هو جعلها اقليما مستقلا.

وكان رئيس مجلس محافظة كركوك دعا الحكومة العراقية إلى حل قضية كركوك بحسب بنود المادة (140) من الدستور التي تحدد مستقبل المحافظة النفطية المتنازع عليها بنهاية العام الحالي  ، اعتبرت المجموعة العربية في مجلس المحافظة أن تطبيق المادة يحتاج "وقتا طويلا".

وقال رزكار علي رئيس مجلس محافظة كركوك لـ ( أصوات العراق) إن الدستور العراقي "وجد حلا لقضية كركوك، وعلى الحكومة المركزية في بغداد تطبيق بنود الدستور العراقي... ومنها ( المادة 140) الخاصة بتطبيع الأوضاع في كركوك."

وكشف رزكار عن ان المجلس قرر إرسال وفد للقيام بزيارة الى بغداد للتداول مع مجلس النواب العراقي ورئيس الوزراء واللجنة العليا لتنفيذ المادة 140 في أسباب تأخر اجراء الاستفتاء على مستقبل المحافظة.

من جهته، اعتبر الناطق الرسمي للمجموعة العربية في المجلس ان تطبيق المادة 140 يحتاج الى "وقت طويل" ولايمكن تطبيق جزء منها وإهمال أجزاء اخرى.

وانتقد محمد خليل الدعوات لاجراء عملية الاستفتاء على مدينة كركوك، وقال، كيف نطبق اخر القانون ونحن نعمل على تطبيق الفقرة الاولى منه وهي تعويض العرب الوافدين الى كركوك، مشيرا الى المراحل الثلاث التي تنص عليها المادة 140.

واوضح قائلا، نحن لم ننته بعد من المرحلة الاولى (من مراحل تنفيذ المادة 140) وهناك قضايا تتعلق بنزاعات الملكية وكل هذا يحتاج الى وقت وفترة زمنية من اجل العمل ضمن سياقات القانون واعادة الحقوق الى اصحابها.

قبول ضمني من نواب بالتوافق والائتلاف بأقلمة كركوك ورفض من الكردستانية 

وحظيت دعوة أطلقها برلماني تركماني إلى جعل محافظة كركوك الغنية بالنفط إقليما خاصا بتأييد ضمني من نائب بقائمة التوافق السنية، ورجح نائبان في الائتلاف الشيعي أنها قد تكون خيار الكتلة فيما لو جرى تغيير الدستور، فيما رفضها نائب بالقائمة الكردية، التي تسعى إلى ضم كركوك لإقليم كردستان، وطالب بتطبيق المادة 140 من الدستور في وقتها المحدد نهاية العام الحالي، واعتبرها نائب بالقائمة العراقية العلمانية "مقدمة للتقسيم".

وكان النائب عباس البياتي قد دعا خلال جلسة البرلمان العراقي الأسبوع الماضي إلى إعلان محافظة كركوك إقليما قائما بذاته.

واقترح إعادة ترسيم حدود مدينة كركوك إلى ما قبل 1976، وتوزيع السلطات بين المكونات العرب، والأكراد والتركمان، وبنسبة 32 % لكل منهم ، و4% للآشوريين ، وتشكيل هيئة سياسية رئاسية.

وأوضحت النائبة جنان العبيدي عن الائتلاف العراقي الموحد الذي ينتمي إليه البياتي انه، لم يكن هناك أي اتفاق مسبق بشأن دعوة السيد عباس البياتي، لكن دعوته لم تأت بشيء جديد وغير مطروح على أجندة الساحة السياسية ومن خلال حوارات الدستور.

وقالت العبيدي لوكالة (أصوات العراق) إن، آراء عديدة كانت تطرح بخصوص المحافظات المختلطة من خلال كتابة الدستور وقد تبنى الائتلاف أن تكون المحافظات المختلطة إقليما بحد ذاته.

وأضافت، لدينا بعض المحافظات المختلطة كبغداد وديالى ونينوى..التي فيها مكونات مختلفة وهي ما يصدق عليه رأي البياتي. واستدركت، لعل السيد عباس البياتي نجح في أن يطرح رأيه في الوقت المناسب.

ورأت العبيدي أن البياتي، اقترح مقترحا ايجابيا وضمن مقررات الدستور لحل الأزمة. وأشارت إلى أن الدستور يسمح بتشكيل الأقاليم وثبت أن النظام السياسي في العراق نظام فدرالي اتحادي وبالتالي فإن الجميع لديهم الحرية في تشكيل أقاليم. واعتبرت أن هذا المقترح جاء في الوقت المناسب.

وفي الاتجاه نفسه، قال النائب خالد الأسدي عن الائتلاف إن قائمته، تؤمن أساسا بأن الدستور العراقي كفيل بحل مثل تلك المسألة.

وأضاف أن، ما ذهب إليه السيد عباس البياتي في طرحه لا يمثل وجهة نظر الائتلاف بشكل عام بقدر ما يمثل رؤيته الشخصية دون أن يستبعد الإطار الدستوري للقضية.

وكشف الأسدي عن أن الائتلاف قد يتبنى رؤية البياتي لو جرى تغيير الدستور مشيرا إلى عمل لجنة في البرلمان على مراجعة بعض البنود محل خلاف بين الكتل البرلمانية قد تكون المادة 140 واحدة منها.

ودافع البياتي عن دعوته إلى جعل كركوك المتنازع عليها بين الكرد والعرب والتركمان إقليما قائما بحد ذاته.

وقال البياتي، وهو ممثل التركمان الشيعة في الائتلاف العراقي الموحد، نحن نعتقد أن الفترة الزمنية التي منحها الدستور للمادة (140) بنهاية العام 2007 انتهت من دون أن تحقق أهدافها التي تمثلت بإجراء إحصاء واستفتاء عام على كركوك.

وزاد، وجهة نظرنا لم تأت من فراغ ونعتقد بأهمية إلغاء المادة 140 وهناك أكثر من رأي مطروح حاليا  للتعامل مع قضية كركوك بدلا من المادة 140.

وأوضح البياتي، أول تلك الآراء.. يقول بتأخير إجراء الاستفتاء على كركوك وهو ما دعا له وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر اسطنبول والثاني في أن تتحول كركوك إلى إقليم  أو ضمها إلى إقليم.

ورأى أن ما ذهب إليه، رأي مطروح داخل الأروقة السياسية.. وهو رأي مطروح سابقا ولا يعارضه الائتلاف بل يعتبر هكذا أطروحات جديرة  بالاهتمام والدراسة. لكنه استدرك بالقول، لكنني لا أستطيع أن ادعي بأن هناك توافقا حول المسألة.

والائتلاف العراقي الموحد، الذي ينتمي إليه البياتي والأسد والعبيدي يضم أحزابا وحركات وتيارات إسلامية شيعية، ويعد الكتلة الكبرى في البرلمان بإشغاله 83 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 275.

لكن نائبا بقائمة التحالف الكردستاني  جدد تمسك كتلته بالخيار الدستوري في ما يتعلق بحسم وضع كركوك. واعتبر النائب ازاد عمر جالاك المادة  (140) من الدستور بأنها الكفيلة بحل أية إشكاليات حول المحافظة الغنية بالنفط.

وقال إن، موقفنا هو موقف الدستور الذي أكد أن المادة 140 هي التي تحدد آلية التعامل مع كركوك.. وعلينا الانتظار لحين حصول الاستفتاء. ودعا جالاك إلى  الاستماع إلى آراء سكان كركوك لأنهم الأولى بتحديد مصير محافظتهم.

واتهم جالاك بعض الكتل البرلمانية، دون أن يسميها، بأنها، تسعى إلى تأخير تنفيذ بنود المادة 140 من الدستور لأغراض سياسية بحتة.

 وقال إن، بعض الكتل تحاول تأخير تنفيذ تطبيق المادة ليتم تأجيلها إلى أطول وقت ممكن وبالتالي إبقاء حال كركوك كما هو عليه.

وفي ما يعتبر تأييدا لرأي البياتي، لفتت النائبة عن جبهة التوافق العراقية أزهار السامرائي إلى أن موقف الجبهة يدعو إلى أهمية تطبيق الفدرالية على أساس المحافظات، منوهة بأنه لا ضير من أن يتم شمول محافظة كركوك بهذا النوع من الفدرالية.

وقالت السامرائي في تصريح لـ(أصوات العراق)، نعتقد، في جبهة التوافق، بأن الحل يكمن في إعطاء فيدراليات على أساس المحافظات  بما في ذلك مدينة كركوك..ونعتقد بأنه لا بأس من تطبيق هذا النوع من الفدرالية في الوقت الحاضر.

وأضافت أن، الشعب العراقي لا يرغب بإقامة فيدرالية من نوع آخر وبالتالي الدخول في مشروع غير مجرب سابقا يتحمل كل الشعب عواقب فشله...نحن مع تطبيق فيدرالية على أساس محافظات مع زيادة وتوسيع صلاحيات هذه الأقاليم لكن شريطة تقوية حكومة المركز وعدم تجاهله.

وتتكون جبهة التوافق من أربع كتل سياسية إسلامية سنية، وهي الكتلة الثالثة في البرلمان بإشغالها 44 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان.

من جهته، اعتبر الخبير القانوني طارق حرب أن المطالبة بتشكيل إقليم كركوك هو أمر لا يتعارض مع أحكام الدستور، وقال،  إنا لا أرى في مطالبة السيد عباس البياتي بتشكيل إقليم كركوك أي مخالفة للدستور بل هي تعزيز لأحكامه؛ لأنه كرر أكثر من مرة انه ملتزم بأحكام الدستور. معتبرا أن البياتي سلك خطا وسطا بين الكتل السياسية المختلفة الآراء.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1 كلنون الاول/2007 - 20/ذوالقعدة/1428