البعث يعود للسلطة بشكل علني!

عباس النوري

 لقد تحدث الكثيرين عن عودة حزب البعث المنحل داخل أروقة المؤسسات الحكومية في المنطقة الخضراء والمنحل على الورق...فقط، لكن في واقع الأمر سوف يتغير توجههم العسكري لتوجه سياسي. المجلس الأعلى للثورة الإسلامية مر على تشكليه قرابة ثلاثون عاماً – أما المجلس الأعلى للمقاومة العراقية شكلت قبل أسابيع إن لم تكن أيام.

من خلال اتصال هاتفي عشية إعلان النتائج النهائية... للتهنئة بمناسبة فوز القائمة 555 مع السيد الحاج (جواد المالكي) وقال المتصل (لأبو أسراء) أتقدم بالتهاني لفوزكم في الانتخابات، لكن أتمنى أن لا تنسوا دماء شهدائنا، وتقتصوا من المجرمين... وإذا لم تكن لديكم القدرة فدعوني أقدم على ذلك لأن لدي خطة. أجابه السيد نوري المالكي حالياً رئيس الوزراء العراقي... في حينه كان أسمه جواد المالكي: (ليش هي طايحة بيدي وأني أعرف شسوي).

وفي ذات يوم وبعد فترة من انتخابه رئيسا للوزراء، هدد أحدهم في البرلمان العراقي وحسب ما أذكر أنه هدد (الجنابي) بالقول لدي ملفك، وفيه أنك قد أقدمت بذبح 150 شخص. وسوف أقدمك للعدالة. بعض عوائل شهداء العراق تنفسوا الصعداء لقوة المالكي وجرأته...ومازال أكثر العراقيين يرفعون هذه الشخصية الفذة والبطل المالكي لدرجات عالية...لأنه وقع على إعدام صدام. والصورة التي بثت حين قصفت منطقة الخضراء وهو غير مبال للخطر... وخطواته الثابتة وهو يمشي في شارع أبى نؤاس.. كل ذلك، وتاريخ هذا الرجل النضالي في حزب الدعوة الإسلامي الذي رفع السلاح بوجه الطاغية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وحزب الدعوة أكد كثيراً على الدعم الأمريكي والدولي لنظام صدام والدعم العربي بصورة خاصة لحزب البعث.

 ومن أبجديات ثقافة حزب الدعوة النضال من أجل إقامة الشريعة الإسلامية، ومحاربة قوى الكفر والضلالة وعلى رأسهم أمريكا الشيطان الأكبر.

ما قرأته المنقول عن راديو سوى في موقع صوت العراق الرابط أدناه:

 http://www.sotaliraq.com/iraqnews.php?id=2857

يقلب كثيراً من الموازين. بات أعضاء حزب البعث في موقع يحسد عليه في التفاوض وإجبار الأمريكان للرضوخ لمطالبهم، ولا أريد تكرار ما جاء في التصريح. كراس الأمن القومي أشار بوضوح لحجم المقاومة البعثية، وأعطاهم مكانة قوية وصورة يجب أن يعترف بهم. وعندما نشرت بعض من النقاط لتصحيح ما جاء في الكراس ولو أكن الوحيد في الرد على محتويات الكراس فهناك العديد من الكتاب والمفكرين أجادوا وأنصفوا انتقدوا...لكنني بالتحديد أشرت لخطأ كبير مقصود بأن الكراس أعطى البعثيين والمقاومة المسلحة للعناصر البعثية والمخابرات الصدامية منزلة خاصة وقوة إضافة لقوتهم...وحينها كتبت بأن هذه ورقة تفاوضية.

سيستفادون منها في القريب العاجل. كذلك طلبت أن يكون التعبير أما يوافق الخطاب السياسي وأما يتغير الخطاب السياسي لكي يطابق ما جاء في الاستراتيجية الأمن القومي العراقي. وطالبت بالشجاعة في الطرح، أما أن يكون لكم موقف جازم بخصوص حزب البعث وأعضائه... وأما أن تواجهوا الشعب العراقي بصراحة الشجعان...أنهم أقوياء وورائهم دول كثيرة وأموال كما ذكرتم في الكراس...والولايات المتحدة الأمريكية لا تنظر لما جرى على العراق وشعبه من ويلات بسبب حزب البعث وعناصره...و إنما ترى للأمور بمنظار ماذا يمكن أن نفعله اليوم، وما هي مصالحنا وكيف نحققها...وطبقوا مقولة المرحوم عبد الكريم قاسم: (عفى الله عما سلف) – بالعراقي(( حتى يلعنون أبهاتنا)). وترجع حليمة لعادتها القديمة. آسف لهذه الكلمات، لكن الأمر صعب فهمه وصدق من قال: إن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ، وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ.

والمصيبة الكبيرة أنا وكثيرون يعلمون نوايا وصدق السيد نوري المالكي ووطنيته وأخلاصه لشعبه وحمله لأمانة الشهداء التي هي بعنقه وعنق جميع الوطنين الخيرين. وهذه هي المصيبة التي لا يمكن أن يجد لها حلاً سحرياً سريعاً... فهناك من تجرع السم افضل من أن يوافق على جريمة قد تستمر لأجيال... لكن أين نجد مثل هذه الشجاعة؟

الصورة القادمة للشعب العراقي في الانتخابات القادمة هي مزعجه، كريه، قاتله بدون رصاص، محرقة بدون نيران...قد تؤدي لقتال دامي وطويل...وقد تكون بداية نهاية شيء أسمه عراق.

الكذبة الكبرى وهي أم المصائب، وأحد أهم أسباب الدمار والقتل والخطف والتهجير والتنكيل والسرقات الظاهرة والخفية...الهيئة العامة لإجتثاث البعث... مع أن السيد نوري المالكي كان من أهم أركان الهيئة. هذه الأكذوبة التي وضعت حجج كبيرة بيد البعثيين لتباكوا أمام العالم بأنهم مظلومين...وتحولوا بين ليلة وضحاها...من ظالمين وقتلة وأصحاب الحروب الداخلية والخارجية...لعرض مأساتهم...وحصولهم على تعاطف كبير من الدول العربية وأحزاب عالمية. وأمريكا تتفاوض معهم، وكثير من القياديين العراقيين يتفاوضون معهم...بسبب جهل بعض الشخصيات لعواقب الأمور خصوصا في الهيئة الوطنية لإجتثاث البعث. لأن بين هؤلاء أميين لا يحسبون للمستقبل ولا يحسبون لأضرار العمل غير المدروس. لكنهم لم يجتثوا البعثيين...البرلمان مليء بهم، والمؤسسات تعج بكثرتهم...وعدد كثير من المسؤولين الكبار والصغار في الهيئة تقايضوا مع البعثيين ليعودوا لوظائفهم، ولكل شخص ثمن...والعقود خير دليل...لكنني حين طرحت...وفي مؤتمر حضره البعثيين وغيرهم...وكان من ضمن الشخصيات مثال الآلوسي وتوفيق الياسري والعبيدي وأنا على قاعة نقابة المحامين...وقلت يجب علينا اجتثاث المسيئين للعراقيين...لأنه هناك من لم يكن بعثي لكنه كان سبباً في قتل المئات من العراقيين...ومازالوا هؤلاء يقتلون ويهجرون وهم ليسوا بعثيين...ليس كلامي حباً بالبعثيين...وليعلم الجميع أن عائلتنا قدمت أكثر من 283 شهيد ومازالت هذه العائلة تقدم...وأخي الأصغر واحد من هؤلاء الشهداء...لكن للكلمة والمصطلح أثار ويجب الإنسان الفطن وضع حسابات آنية ومستقبلية لتأثيرات هذه الكلمات.

أنا أعرف عن قرب مدى بغض وكره السيد مثال الآلوسي لحزب البعث مع أنه شخصيا له تجربة...وقال بالحرف الواحد...أن أكثر شيء يتأسف له في حياته أنه كان بعثياً في يومٍ ما. وطالب من الجميع أن يعتذروا للشعب العراقي. ماذا جنينا من فرقعات هيئة أجتثاث البعث...غير أنهم ساهموا في إرجاع الكثير من البعثيين لمناصبهم...وهذا بالفعل ما يجري في الهيثئة من عمل...تأهيل...(لا أفهم هذه الكلمة) هل يمكن لأي كان في الدنيا أن يغير ما في داخل الإنسان من فكر...

أتصور أن ما يجري في العراق يعطي إشارة خطيرة للمظلومين بأن يكونوا مليشيات ليقاتلوا الحكومة والأمريكان ليحصلوا على حقوقهم، من بين هؤلاء المظلومين عوائل سكان المقابر الجماعية، الكرد الفيليين الذين ذهب شبابهم عام 1980 ولحد الآن لم يعرفوا كيف...وبأي ذنبٍ قتلت. والشباب الذي قاتل مع الأخوة الأكراد..وتركوا وقبض عليهم الحرس الجمهوري ورموهم من طائرات الهليكوبتر...وعوائل الأنفال...وأهل الأهوار...أنكم أيها السادة السياسيون تحرضون على التقاتل...وتحرضون على العنف..من خلال هكذا سياسات...فعليكم احترام القوانين التي تطرحونها في البرلمان وصادق البرلمان لقانون التحريض على الإرهاب.

إن لم تكن بالأمس حرب أهلية، فان سياساتكم سبباً في الحرب الأهلية...انتبهوا للخطر الذي تنسجون خيوطه بأيديكم وتحرضون الناس لأخذ حقوقهم بالعنف وبأيديهم وليس من خلال القانون...فأي القوانين تتبعون حين تنصفون الظالم وتظلمون المظلوم.

في يوم وكان هناك اجتماع في دار الدكتور الجلبي وبحضور أخوة وسياسيين والبعض منهم على قيد الحياة ويقرأ كتاباتي ويشهد لكل كلمة أقولها: قلت للدكتور الجلبي... بالمناسبة (التاريخ في بدايات 2003) الجيش العراقي هم أبناء الشعب العراقي، ومن غير المنطقي أن يكون جميعهم مجرمين...نحن بحاجة إليهم...أنهم الشعب العراقي. فيهم من الإمكانيات والقدرات...ومن غير الصحيح حل هذا الجيش...هل تعرفون ماذا كان جواب الدكتور الجلبي: ( أبحث عن المقابر الجماعية) وكأنه هو أعرف مني بالمقابر الجماعية، وهو يعلم أن في هذه المقابر أخي وأولاد عمومتي...وأصدقاء عمري ونضالي.

 ان الذين يتحملون دماء العراقيين هم من ثبتوا السياسات الخاطئة...وكان في تصورهم سوف يجلسون على الكراسي والناس تصفق لهم...لقد قتلوا الشعب العراقي بتلك العقلية المنفردة والمتعصبة... ومن يعلم قد تنكشف لنا أمور في المستقبل... إن كان وراء كل تلك السياسات خطط وأوامر ملئت عليهم، ودورهم فقط التنفيذ.

هنيئاً للشـــــعب العراقي المشاركة في الانتخابات القادمة! وصور جلاديكم تخطي جدران وشوارع العراق. سكان المقابر الجماعية...اسألوا قاتليكم...وغضوا النظر عن من سوف يقتل أهلكم.

يا أخي ويا أبن عمي...ويا رفيق نضالي، عذراً لا أقدر على أكثر من هذا...أنا أعرف بأني غير موفي بوعدي وعهدي...ولعل الرمق الأخير في حياتي يعطني أملاً لكي أوفي بوعدي لكم... لأن من أعتمد عليهم الشعب العراقي خذلوهم...وللكرسي مذاق!

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 28 تشرين الثاني/2007 - 17/ذوالقعدة/1428