الزواج السيئ يعني صحة سيئة والعكس صحيح

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: يبدو ان  وجود الشد النفسي لدى الأزواج او فيما بينهم يرتبط بشكل مباشر مع حدوث المشاكل القلبية، الجلطات، السرطان وغيرها من العديد من الامراض العضوية. كما انه يضاف الى المشاكل النفسية الاخرى التي يعاني منها الأزواج خلال حياتهم اليومية، والتي يكون لها تأثيرا سلبيا مركبا على الصحة النفسية والعضوية للمرأة وكذلك الرجل.

وكشفت دراسة علمية حديثة أن النزاع الزوجي والعلاقات السيئة قد تتسبب في أمراض القلب وتجعل الفرد عليلا، وفق ما جاء في الدراسة التي نشرت مؤخرا.

ووجد القائمون على الدراسة أن مثل هذه العلاقات ترمي بثقلها على الأفراد وتضعهم تحت ضغوط وإجهاد، هي أحد العوامل المسببة للأمراض.

ففي البحث الذي شمل 9011 موظفا حكوميا في بريطانيا، معظمها من المتزوجين، تبين أن أولئك الذين يعيشون علاقة سيئة معرضين بنسبة 34 في المائة للإصابة بنوبة قلبية أو مشاكل أخرى بالقلب، أكثر من أمثالهم ممن يقيمون علاقة جيدة ومتوازنة أكانوا أزواجا أو أصدقاء أو أقارب.

الدراسة التي نشرت في منشورة متخصصة الاثنين، تلي دراسات مشابهة تربط بين الأمراض والعزوبية أو قلة العلاقات. غير أن الدراسة الجديدة، ركزت على طبيعة الزواج وعلاقات مهمة أخرى.

وقال الباحث  روبرتو دي فوغلي الذي أشرف على الدراسة "ما تضيفه الدراسة هنا هو طبعا أن يكون الفرد متزوجا بشكل عام مسألة جيدة، إلا أن الفرد يجب أن يكون حذرا هنا إزاء الشخص المرتبط به، فطبيعة ونوعية هذه العلاقة مهمة جدا."

وأوضح دي فوغلي أنه وفريقه يقومون بفحوص لمعرفة ما إذا كان المشاركون في الدراسة الذين يعيشون علاقة سيئة، لديهم أية أعراض بيولوجية للإجهاد مما قد تساهم في الإصابة بأمراض القلب، ويشمل ذلك عوارض مثل الالتهابات وإفرازات عالية من هرمون الإجهاد.

يُذكر أن دراسة أخرى كانت نشرت مؤخرا حول طبيعة العلاقات، توصلت لنتائج مختلفة، إذ أنها لم تجد أي صلة بين ضغوط الزواج بشكل عام ومخاطر الإصابة بأمراض القلب أو الوفاة المبكرة، غير أنها وجدت وبمتابعة أوضاع عينة لفترة عقد، أن السيدات اللواتي تبقين صامتات خلال جدل أسري معرضات أكثر للموت، مقارنة مع زوجات يعبرن عن مشاعرهم خلال شجار عائلي.

تلك الدراسة التي شملت 4000 رجل وامرأة كانت نشرت على موقع إلكتروني متخصص في يوليو/تموز الماضي، وفق أسوشيتد برس.

إلا أن الدراسة التي أشرف عليها دي فوغلي فوجدت أن الرجال والنساء الذين يعيشون علاقة سيئة مؤهلين لمخاطر متساوية.

وشملت الدراسة استبيانات تشمل أسئلة حول مدى القلق والمشاكل والضغوط التي يسببها فرد لآخر ضمن علاقة، كما شمل البعض أسئلة حول مدى الثقة الموضوعة في الفرد أو ما إذا كان إجراء حوار مع فرد ضمن علاقة يسبب شعورا أسوأ. وعلى مدى 12 عاما، أصيب 589 مشاركا بنوبة قلبية أو مشاكل أخرى بالقلب.

غير أن بروفسور علم النفس في جامعة بنسلفانيا جيمس كوين، الذي قام بدوره بدراسة العلاقات الاجتماعية والوقع الصحي الذي تحدثه، قال إن نتائج دراسة دي فوغلي كشفت فقط عن صلة ضعيفة غير قادرة على إثبات أن العلاقات السيئة تتسبب بأمراض القلب. وقال "مازال غير واضح بعد ما يجب النصح به."

الفشل في الحب قد يسبب نوبة قلبية

ظل الاطباء يشتبهون لفترة طويلة في تأثير القصص الرومانسية العظيمة والافلام التي تحظى بشعبية على المغرمين بها.. لكن نتائج دراسة شملت 9 الاف بريطاني توصلت اخيرا الى ان الوفاة يمكن ان تكون بسبب "قلب محطم".

ووجدت الدراسة التي نشرت في دورية (سجلات الطب الباطني) ان الضغوط والقلق الناتجين عن العلاقات العدائية او الغاضبة يمكن ان يفاقم مخاطر الاصابة بامراض القلب. وزادت احتمالات الاصابة بنوبة قلبية أو الام في الصدر بنسبة 43 في المئة مقارنة مع الاشخاص الذين تربطهم علاقات طيبة مع زوجاتهم او شركائهم.

وكتب الباحثون يقولون "حالة القلب لاي شخص تتأثر فيما يبدو بالاعتبارات السلبية للعلاقات الخصوصية...اوضحنا ان الجوانب السلبية للعلاقات الحميمة.. مرتبطة بأمراض القلب المتعلقة بالشرايين التاجية."بحسب رويترز.

وقال روبيرتو دي فوجلي وهو متخصص في علم الاوبئة بجامعة لندن الذي اشرف على الدراسة ان هناك بحوثا اخرى اظهرت ان زيادة الروابط الاجتماعية يمكن ان تعني حياة اكثر صحة .."الاثر الوقائي".. لكن دراسات قليلة هي التي تطرقت الى بحث كيفية تأثير العلاقات الوثيقة او الزواج على الصحة.

ودرس الباحثون الموظفين الذين اكملوا استبيانات بشأن الجوانب السلبية لعلاقاتهم التي شملت زوجة او صديقة وثيقة - في الفترة بين 1989 و1990 او بين 1985 و1988 .

وقال دي فوجلي ان الاسئلة التي وجهت للناس تتضمن ما اذا كانوا يحظون بمساندة عاطفية مثل فرصة للتحدث مع شخص بشأن مشاكل او ما اذا كانوا بوسعهم الاعتماد على شريك او صديق وثيق في شيء عادي مثل الذهاب في سيارته الى متجر للبقالة.

وتتبع الفريق هؤلاء الاشخاص على مدار 21 عاما ووجدوا ان الناس الذين ذكروا ان هناك شيوعا للجدال والانتقادات والانواع الاخرى للخلاف بينهم تزيد لديهم مخاطر الاصابة بنوبات قلبية او الام بالصدر بنسبة 43 في المئة.

وعندما استبعد الباحثون عوامل خطورة مثل البدانة والتدخين وتناول المشروبات الكحولية والتاريخ العائلي للاصابة بالمرض جاءت احتمالات الاصابة بنوبة قلبية أعلى بنسبة 32 في المئة كما قال دي فوجلي. واضاف قائلا في اتصال هاتفي، اذا كان هناك اناس طيبون حولك فسيكون ذلك شيئا جيدا لصحتك.

تقرير يربط بين الزواج والصحة الجيدة

ويبدو أن المتزوجين في صحة أفضل من تلك التي يتمتع بها العازبون، رغم أن الرجال المتزوجين أكثر عرضة لزيادة الوزن أو البدانة من الرجال الآخرين، بحسب تقرير للمركز القومي لإحصاءات الصحة. هذا ولم يحدد التقرير الذي نشر الأربعاء واستند على مقابلات مع أكثر 125 ألف شخص، الأسباب لذلك.

وقالت تشارلوت شونبورن الخبيرة في إحصاءات الصحة وهو أحد مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، والتي قادت فريق الدراسة، إن هناك نظريتين لما خلص له التقرير، بحسب وكالة الأسوشيتد برس.

النظرية الأولى هي نظرية حماية الزواج Marriage Protection وترى أن المتزوجين قد يتمتعون بإيجابيات أكثر بمفهوم المصادر الاقتصادية والدعم الاجتماعي والنفسي والتشجيع لاعتماد أسلوب حياة صحي.

أما النظرية الأخرى فهي نظرية اختيار الزواج Marital selection ومفادها إن الناس الأكثر صحة يتزوجون ويظلون متزوجين، في حين لا يقدم الأقل صحة على الزواج أو من المرجح أن يصبحوا أكثر عرضة للانفصال أو الطلاق أو يصبحوا أرامل إذا تزوجوا." ووجد التقرير أن بين الراشدين بسن الـ 18 وما فوق، 11.9 بالمائة منهم قالوا إنهم في صحة سيئة.

وقال قرابة 10.5 بالمائة من المتزوجين إنهم في صحة سيئة، فيما كانت نسبة باقي المجموعات أعلى. فالأرامل يبدو أنهم بين الأعلى في هذه المجموعات عند نسبة بلغت 19.6 بالمائة.

واعتمد التقرير الذي أعده المركز القومي لإحصاءات الصحة على مقابلات جرت بين 1999 و 2000 مع 127545 بالغا تزيد أعمارهم عن 18 عاما.

وأظهر التقرير ان 58.2 في المائة من البالغين متزوجون، و10.4 في المائة منفصلون أو مطلقون و6.6 في المائة أرامل و19 في المائة لم يسبق لهم الزواج و5.7 في المائة يعيشون مع شريك، بحسب رويترز.

ووجد التقرير أن حوالي 61 في المائة من البيض و58 في المائة من ذوي الأصول الإسبانية و38 في المائة من السود متزوجون. ووجدت الدراسة أن من يعيشون معا دون زواج أكثر عرضة للمعاناة من مشكلات نفسية مقارنة مع البالغين المتزوجين.

الزواج يعالج الاكتئاب

وعلى عكس المفهوم السائد لدى الكثيرين من غير المتزوجين، فقد أثبتت دراسة علمية حديثة، صدرت مؤخراً في الولايات المتحدة، أن الزواج يفيد في علاج الاكتئاب، ويساعد في رفع الروح المعنوية، ويفيد أيضاً الصحة العقلية.

وكشفت الدراسة أن الزواج له مزايا كبيرة، للذين يعانون من الاكتئاب بصورة مزمنة، وهو الاكتشاف الذي أدهش الفريق العلمي الذي قام بإجراء هذه الدراسة، بجامعة أوهايو.

وقالت أدريان فريتش طالبة الدكتوراة، بقسم علم الاجتماع في جامعة أوهايو، التي قامت بالدراسة بالاشتراك مع كريستي ويليامز الأستاذ المساعد المتخصصة في علم الاجتماع: "اكتشفنا عكس ما توقعنا."بحسب CNN.

وقالت فريتش اإنهما كانتا تتوقعان اكتشاف أن اكتئاب أحد الزوجين، يثقل كاهل الزواج بعبء كبير، لكن "مسألة أن تكون لك أهمية لدى شخص آخر، يمكن أن تخفف من أعراض الاكتئاب."

ومن المقرر أن تعرض فريتش نتائج هذه الدراسة خلال الاجتماع السنوي لرابطة علم الاجتماع في مونتريال بكندا هذا الأسبوع.

واستعانت الباحثتان بعينة شملت نحو 3066 شخصاً، حيث قامتا بقياس أعراض الاكتئاب، مثل عدم القدرة على النوم، أو الحزن المستمر، عند نفس الاشخاص، قبل وبعد زيجاتهم الأولى. واكتشفت الباحثتان أن الاشخاص المكتئبين شعروا بانخفاض في وتيرة حدوث هذه الأعراض.

وقالت وليامز: ربما يكون الاشخاص المكتئبون، في حاجة خاصة إلى الحميمية والتقارب العاطفي والدعم الاجتماعي، الذي يستطيع الزواج توفيره، وإذا بدأت بالشعور بالسعادة، فلن يكون أمامك شوط طويل لتقطعه.

وأضافت قولها إنه، على الجانب الآخر، فإنك إذا لم تكن مكتئباً، فقد يكون للزواج تأثير عكسي، مشيرة إلى أن الأشخاص الذين كانوا سعداء قبل الزواج، وينتهي بهم الأمر في زواج تشوبه مشاعر غير ودية وصراعات، وهي الصفات المرتبطة بشريك الحياة المكتئب، قد يكونون أفضل حالاً وهم عزاب.

وقالت فريتش: يبدو من الصواب أن نقول أن الناس الذين لا يعانون من اكتئاب يتعرضون لخطر، بحيث أنهم إذا تزوجوا من شخص مكتئب، فقد تكون هذه صفقة غير رابحة بالنسبة لهم.

الزواج السيء = صحة سيئة 

ولفتت دراسة حديثة انتباه المتزوجين إلى أن سوء العلاقات الزوجية وفشلها، يمكن أن يهدد صحة الزوج والزوجة على حد سواء.

ووجد باحثون أن الرجل والمرأة التعيسين في زواجهما، يعانون من ارتفاع نسبة الشدة النفسية خلال اليوم في المنزل والعمل، مع احتمالات ارتفاع الضغط الشرياني خلال منتصف النهار، خاصة أثناء ساعات العمل، مما قد يرفع نسبة احتمالات الاصابة بالنوبات القلبية والجلطات.

وفي هذا السياق، تقول الدكتورة روزاليند بارنيت، الأستاذة في مركز بحوث الامراض النسائية بجامعة براندي في وولتمان: ما يحدث غالبا أن المشاكل الزوجية تتسلل إلى مكان العمل مع الزوج أو الزوجة، واستمرار هذه الضغوط مع الزمن قد يؤدي لمشاكل صحية حقيقية. وقد وجد الباحثون أن الزواج السيء يؤثر على الزوجة أكثر من الزوج.

وتوضح الدكتورة بارنيت: يفترض عموما أن العلاقات الأولية تعتبر حرجة بالنسبة لسلامة الوضع النفسي للمرأة أكثر من الرجل.

نتائج البحث نشرت في العدد الأخير من مجلة Annals of Behavioral Medicine، حيث قام الباحثون فيها بقياس مؤشرات الشدة النفسية، مثل فحص مستويات الكورتيزول في اللعاب ( هرمون الشدة النفسية)، وتسجيل تقارير الأشخاص حول حالاتهم النفسية خلال اليوم.

وأظهرت النتائج ارتفاع نسبة الكورتيزول في الصباح لدى الازواج الذين يعانون من مشاكل زوجية، مع ارتفاع في الضغط الشرياني خلال ساعات النهار، أكثر من أولئك الذين يعيشون زواجا سعيدا، في حين تساوت نسب التأثيرات السلبية لدى الرجال والنساء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 28 تشرين الثاني/2007 - 17/ذوالقعدة/1428