قراءة في كتاب: الجهل المركب وطريق الخلاص منه

 

الكتاب: الجهل المركب وطريق الخلاص منه

المؤلف:الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي

الناشر:مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

عرض: عدنان عباس سلطان 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: بغض النظر عن المائة والستين مجلدا الناجزة للإمام الشيرازي (قده) والتي تعد اكبر موسوعة فقهية في العالم، فأن الامام كان يهتم بالجانب التثقيفي والتوعية العامة كون التنوير في هذا المجال المباشر يمتلك حيوية منقطعة النظير في اوساط المجتمع العامة لأن السواد الاعظم الاجتماعي هو الحاضنة التي تفعل فعلها واقعيا وهي المعنية بحصول التغيير وهي اداته وآليته الصحيحة، مع كون التاليف الفقهي ضرورة فكرية ارتكازية لكنها قد لا تتداول بنفس النسبة التي يتداولها الصنف النخبوي، او ذوي الاختصاص.

ومن هذا المنطلق فان الامام قد انجز 1300 كتاب وكراس في التوعية الجماهيرية باسلوبه الشفاف والبسيط والواضح، شارحا باسهاب او باختصار بحسب الموضوع وما يعتقده بان له اوليات في اذهان القراء من عدمها مستخدما الوسائل القريبة الى الذهن المتلقي كوسائل ايضاح ليست بعيدة عن افراد المجتمع.

والكراس الذي بين ايدينا يتصدى لظاهرة قد تكون مستدامة على وجه التاريخ وربما هي في ازدياد والعالم المعاصر يكتنز كثير من الرؤى المشوهة ويقذفها بوجوه الجهال الذين يلازمهم الانبهار دون ان يدركوا المحتوى السيء المختفي وراء الاشكال الوهاجة.

واذن فهو الجهل المركب الذي يصفه الإمام  الشيرازي بانه الاعتقاد في صحة الرؤى والدفاع عنها في احيان كثيرة بحجج وبراهين فكرية مع كونها رؤى باطلة.

فالباطل قد تكون حجته قوية هذا ان لم تكن في معيار او يمكن ان نقول ان لم يكن لها غربيل، وغربيلنا نحن كمسلمين هو الاسلام ذاته فكل شئ يجب ان يوزن وفق المعيار الاسلامي والمعيار الاسلامي لايكون ملامسا الحقيقة ان لم يرى بحسب القرآن والسنة المطهرة والراسخون في العلم.

فمن لايرى في هذا الوزن ويتخذ اوزان اخرى غير المعيار الاسلامي الحقيقي ويعتقد بصحة العمل ويداوم عليه انما هو في الحقيقة من الاخسرون اعمالا وهنا يكمن الفعل الجلل والطامة الكبرى، فان الانسان كادح طوال حياته معتقدا بانه على السبيل الصحيح وفي آخر المطاف يفاجأ بان عمله وكدحه المتواصل قد صار البى هباب تذروه الريح فكيف يمكن تصور الكارثة التي تحل بهذا الانسان؟.

فكل ما سعاه في الحياة الدنيا ضل وضاع وهو يحسب انه يحسن صنعا.

يقول الله سبحانه وتعالى: ( قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا).

ومن مصاديق الاخسرين اعمالا في يومنا هذا الكثير من المسلمين حيث يتقهقرون يوما بعد يوم وهم يزعمون التقدم فيما ان الكثير من سواد المجتمع لا يعترف بالخطأ ويستمر تحت طائلة العناد والاعتزاز بالاثم في

الطريق المعوج.

المسلمون خسروا مواقع كثيرة في هذا العالم وتاخروا عن ركب الحضارة بسبب قلة التجربة وترك التعاليم الاسلامية معيارهم الذهبي الرباني إضافة الى سوء الحكام، فيما يفكر اغلب الناس باننا متقدمون في حال نحن في حالة النكوص وهذا هو قمة الجهل المركب.

فاذا اردنا ان نتقدم ونحسن اعمالنا حسب الموازين الكونية الصحيحة فعلينا ان نتمسك بالمراحل التدريجية للكمال والتقدم عبر:

-الندوات المشتركة

-المشورة الدائمة

-نقل التجارب

-تكامل الافكار

-طلب العلم والعمل

-دراسة التاريخ

-النشر والتبشير

مجالس الارشاد:  وفيها قال لقمان لإبنه اختر المجالس على عينك فان رايت قوما يذكرون الله عز وجل فاجلس معهم فان تكن عالما نفعك علمك وان تكن جاهلا علموك ولعل الله ان يضلهم برحمة فيعمك معهم وان رايت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فان تكن عالما لم ينفعك علمك وان كنت جاهلا يزيدوك جهلا ولعل الله يظلهم بعقوبة فيعمك معهم.

ومن كل ما تقدم به الحديث من اشارات حول الآية الكريمة ( الأخسرون ) التي جعلها الامام الشيرازي (قده) محورا فكريا في هذا الكراس نعرف ان غاية الدين العظيم هي النجاح في الاعمال الدنيوية والآخروية، ويتطلب ذلك فيما يتطلبه ان نمحو الجهل المركب والجهل البسيط والتحلي بالمعرفة الدينية الصحيحة من اجل الوصول الى حياة صحية وسليمة وواعية لتسود العدالة في كل الميادين فلا مكان للظلم السياسي او الاقتصادي وادارة اسلوب حياتنا بشكل افضل.

وكتاب الجهل المركب للإمام محمد الحسيني الشيرازي، يعد محاضرة تثقيفية جميلة تشكل استزادة للعارفين وتذكيرا للدارسين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26 تشرين الثاني/2007 - 15/ذوالقعدة/1428