المسرح العالمي اصبح جاهزا للجولة التالية من الصراع بين امريكا وايران

شبكة النبا: بينما دعت الصين ايران الى الإلتزام بقرارات الامم المتحدة التي تطالبها بالحد من نشاطها النووي فانها وجهت في ذات الوقت ضربة للجهود الغربية لزيادة الضغط على ايران بانسحابها من اجتماع دولي كان متوقعا لمناقشة عقوبات اكثر صرامة ضد الجمهورية الاسلامية.

وقال ليو جيان تشاو المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي، تأمل الصين ان تلتزم ايران بشكل فعال بقرارات مجلس الامن التابع للامم المتحدة.

وأعرب عن رغبة بلاده في البقاء على صلة بباقي اعضاء مجلس الامن فيما يتعلق بهذه القضية لكنه أعرب في الوقت نفسه عن ضرورة اتاحة مزيد من المجال للتفاوض مع ايران.

وأيدت بكين قرارين سابقين في الامم المتحدة بفرض عقوبات على ايران لكنها تريد في الوقت نفسه الحفاظ على علاقاتها مع دولة تمدها بالنفط. وتتمتع الصين كدولة دائمة العضوية في مجلس الامن بحق النقض (الفيتو).

وصرح مسؤولون غربيون بأن الصين رفضت الانضمام الى بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والمانيا في اجتماع لدراسة تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن البرنامج النووي الايراني مما ادى الى الغاء الاجتماع.

الجولة التالية من الصراع

وفي مقال بصحيفة كريستشن ساينس مونيتور قال الكاتب والمحلل هاوارد لافرانشي متسائلا، هل اصبح المسرح جاهزا للجولة التالية من المواجهة العالمية مع ايران بعدما تبين من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي اصدرته اخيرا ان طهران كانت متعاونة معها جزئيا، لكنها لم ترد على الاسئلة المهمة المتعلقة ببرنامجها النووي؟

ويستدرك الكاتب بالقول، الواقع ان هذا التقرير، الذي قدمه محمد البرادعي رئيس مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس الماضي، سيثير على الارجح ارتباكا في المجتمع الدولي المتحد حول منع طهران من تطوير سلاح نووي والمنقسم حول الخطوات التي يتعين اتخاذها في هذا المجال.

هذا الافتقار الى الرؤية الواحدة، الذي يرى بعض الخبراء ان طهران كانت بارعة بما يكفي لاستغلاله لتأكيد انها متعاونة، يمكن ان يعرقل فرض المجموعة الثالثة من العقوبات الدولية التي تأمل واشنطن بصدورها قبل نهاية هذه السنة.

وكان تقرير الوكالة الدولية قد اشار الى ان طهران اصبحت اكثر شفافية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، لكنه اكد ايضا استمرارها في توسيع برنامج تخصيب اليورانيوم.

يقول راي تقيه، خبير الشؤون الايرانية في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن: من الممكن اصدار قرار آخر في هذه المسألة لكن من الصعب على مجلس الامن على الارجح التحرك نحو اتخاذ عقوبات اشد فعلا.

وهذا صحيح فقد كانت الانقسامات داخل المجتمع الدولي واضحة هذا الاسبوع عندما قدم عضوان يتمتعان بحق النقض في مجلس الامن سيناريوهات متباينة في التعامل مع طهران.

فقد ذكرت الصين انها تساند حق ايران في الحصول على برنامج نووي للطاقة، لكنها تفضل ايضا ان تجيب طهران على الاسئلة المتعلقة بطموحاتها النووية من خلال المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

هذا البيان جاء كما هو واضح بعد الزيارة التي قام بها لطهران هذا الاسبوع وزير خارجية الصين يانغ جيشي، ودعا خلالها لعلاقات اقتصادية اوثق بين البلدين، وهذا شيء لا يروق بل يغضب واشنطن التي تحاول اقناع الدول الاخرى بتقليص روابطها مع طهران كوسيلة ضغط عليها حتى تكف عن متابعة برنامج اسلحتها النووية.

اما رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون فقد اعلن عن موقف اكثر تشددا بدعوته المجتمع الدولي لوقف كل عمليات الاستثمار القائمة الآن في صناعة النفط والغاز بإيران ما لم تثبت طهران انها لا تسعى للسلاح النووي.

غير ان براون قال ان نهج بريطانيا في العمل سيتحدد على ضوء نتيجتين في تقرير البرادعي وتقرير مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا المتوقع صدوره في وقت لاحق من هذا الشهر.

والآن، مع ظهور الانقسامات واضحة في مجلس الامن، يتوقع الخبراء ان يطرأ تحول في عملية الضغط التي تمارسها البلدان الغربية على ايران بحيث يتم الابتعاد عن اجراءات مجلس الامن ومن ثم العمل بنظام عقوبات منفصلة تفرضها الدول المتورطة اقتصاديا اكثر من غيرها في ايران.

لكن حتى هذا النهج يثير بعض علامات الاستفهام، وذلك لأن من غير الواضح مدى تعاون ألمانيا فيه. بل وحتى الوضع السياسي الداخلي في ايران ينعكس بقوة على الطريقة التي تتابع من خلالها طهران برنامجها النووي.

يقول أليكس اتانكا، خبير الشؤون الايرانية في »مجموعة جين للمعلومات« بواشنطن: الملف النووي الايراني ليس عالقا فقط في مجلس الامن الدولي بل هو مرتبط ايضا بنقاش داخلي ساخن في ايران. اذ تشعر النخبة السياسية الايرانية بقلق متزايد من تعكر علاقات ايران مع بلدان العالم.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في مارس المقبل، بدأت عملية شد الحبل تتكثف بين العناصر البراغماتية والقوى المتمسكة بالايديولوجية والمتحالفة مع الرئيس محمود أحمدي نجاد.

لكن ثمة محللين آخرين يقولون ان من الخطأ الرهان على قدرة النخبة المدنية في ايران لتغيير سياسات البلاد.

حول هذا، يقول تقيه: علينا ألا نبالغ في تقدير تأثير هذه النخبة على الحكومة، ولا في تأثير السلطة التشريعية على نظيرتها التنفيذية.

ويضيف الكاتب، ثمة عامل آخر يلعب دورا في تحديد مجرى المناقشات الدائرة حول ايران الآن، وهو اعتقاد البعض في الولايات المتحدة وخارجها ان ادارة بوش تدرس على نحو مكثف مسألة توجيه ضربات عسكرية ضد منشآت طهران النووية.

وفي هذا الاطار، يعرب تقية عن الشك في ان البرادعي يريد ان يلعب على الوقت من خلال التقرير الذي قدمه، وذلك لاعتقاده، ان دوره كرئيس للوكالة الدولية يقتضي منه العمل لمنع حرب امريكية على ايران.

لكن اذا كان البعض يرى في عدم تعاون ايران الكامل ـ كما جاء في التقرير ـ مبررا لعدم الدخول بالمزيد من المحادثات معها لأنها مضيعة للوقت، فإن وجهة النظر هذه ستتلاءم بالتأكيد مع افكار ونظرة ديك تشيني نائب الرئيس بوش لهذه المسألة. فهو يرى ان ايران تلعب على المجتمع الدولي وتتابع في نفس الوقت برنامجا سريا لصنع الاسلحة.

اما جون بولتون سفير امريكا سابقا في الامم المتحدة فيقول: قبل ثلاث أو اربع سنوات كان يمكن ان تنجح العقوبات الاقتصادية، لكن طهران حققت الآن تقدما كبيرا في برنامجها النووي بحيث لم يبق امامنا سوى خيارين: اما تغيير النظام أو توجيه ضربات جوية ضد منشآته النووية الرئيسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 21 تشرين الثاني/2007 - 10/ذوالقعدة/1428