بعد 91عاما : بوينج تواصل التحليق في القمة

شبكة النبأ: احتفلت مؤخرا  شركة بوينج Boeing كبرى شركات صناعة الطائرات في العالم بإطلاق طراز جديد من طائراتها التجارية هو بوينج 787 دريملانر. الطائرة الجديدة متوسطة الحجم تتسع لـ 330 راكبا كحد أقصى ويبلغ ثمنها 167 مليون دولار، من المقرر أن تدخل هذه الطائرات الخدمة في شهر مايو 2008. وقدم موقع تقرير واشنطن في هذه المناسبة تقريرا يرسم صورة لتاريخ وواقع هذه الشركة الكبيرة.

الشركة العملاقة

مؤسسة بوينج التي تتمتع بدعم الحكومة الفيدرالية الأمريكية أكبر شركات صناعة الطيران في العالم على الأقل من حيث الأرباح السنوية ، ولا ينافسها عالميا سوي شركة إيرباص الأوربية. ويتنوع إنتاج شركة بوينج بين إنتاج الطائرات التجارية وإنتاج الطائرات العسكرية ، فضلا عن إنتاج الأنظمة التكنولوجية الفضائية والحواسب المتعلقة بمجال الفضاء والطيران. بلغت أرباح الشركة في عام 2006 61.5 مليار دولار، وسدد ضرائب عن نفس العام بمقدار 2.2 مليار دولار. يبلغ عدد العاملين في المؤسسة العملاقة 154 ألف عامل في مقرات الشركة ومصانعها في ولايات إلينوي وإريزونا وتكساس وكاليفورنيا وكنساس وميزوري وبنسلفانيا وواشنطن. ويعمل نصف هؤلاء في صناعة الطائرات والنظم العسكرية، حيث إن المؤسسة هي ثاني أكبر متعاقد للصناعات الطائرات والمستلزمات العسكرية على مستوى العالم. كما حظيت الشركة العملاقة في عام 2006 بنسبة 55% من صفقات شراء الطائرات التجارية في العالم. وتعتبر أسهم بوينج من المكونات الأساسية لبورصة وول ستريت. يقع المقر الرئيسي للشركة في مدينة شيكاغو ويرأسها حاليا جيمس ماكنرنري جونيور.

البداية

أسس وليام بوينج William Boeing الشركة في 15 مايو من عام 1916 في مدينة سياتل بولاية واشنطن شمال غرب الولايات المتحدة. وطوال فترة العشرينات كانت الشركة تتنقل بين العديد من الاندماجات مع الشركات الأخرى ، حتى استطاعت في عام 1938 أن تنتج الطائرة بوينج 314 كليبر Boeing 314 Clipper التي صممت لطرق الملاحة البحرية عبر المحيط ، وذلك بالتعاون مع شركة بان أمريكان. وكانت هذه الطائرة تتسع 90 راكبا في الرحلات النهارية و40 راكبا للرحلات الليلية.

التحليق عبر الأطلنطي

وفي عام 1939 استطاعت الطائرة 314 كليبر أن تحلق عبر المحيط الأطلنطي للقيام برحلة تجارية من الولايات المتحدة إلى بريطانيا. وبعد هذه التجربة قامت شركة طيران بان أمريكان باستخدام الطائرة للقيام برحلات جوية إلى مختلف مناطق العالم. وفي نفس الفترة كانت بوينج قادرة على إنتاج طراز آخر من الطائرات التجارية ذات القدرات التحليقة الأطول والتي تعمل وسط الظروف المناخية الصعبة ، وأطلقت الشركة على الطراز الجديد بوينج 377 ستريتو كروزر.

بوينج في الحرب العالمية الثانية

اقتصر تركيز شركة بوينج خلال سنوات الحرب العالمية الثانية على إنتاج القاصفات الحربية، وكان أكثر العاملين في الشركة آنذاك من النساء اللاتي ذهب أزواجهم إلى الحرب ، وزاد معدل الإنتاج بصورة ملحوظة ، فبداية من شهر مارس من عام 1944 كانت شركة بوينج تنتج شهريا 350 طائرة مقاتلة. واعتمدت كبرى شركات الأمريكية العاملة في مجال الصناعات العسكرية مثل شركة لوكهيد ودوغلاس وغلن مارتن على طائرات بوينج العسكرية B-17 و B-29 .

وفي أعقاب الحرب، تراجع الإقبال على الطائرات العسكرية وتم إلغاء العديد من الصفقات التي أبرمتها بوينج أثناء سنوات الحرب. وتم تسريح ما يقرب من 70 ألف عامل من عمال الشركة. وفي محاولة لاستدراك الأزمة الناتجة عن هذا الواقع، قامت الشركة بالتسويق لطائراتها التجارية الفخمة 377 ستريتو كروزر المطورة عن الطائرة العسكرية B-29 ، لكن النجاح من تسويق هذه الطائرة لم يكن على قدر التوقعات.

بوينج في وسط الحرب الباردة

بحلول منتصف خمسينات القرن العشرين، كانت الطفرات التكنولوجية تجد لها تطبيقات في مختلف نواحي المنتجات الصناعية ، وقد استفادت بوينج كثيرا من التقدم التقني المذهل الذي بدأ من منتصف الخمسينات، وجدت نفسها مرة أخرى في وسط الحروب ولكن هذه المرة في الحرب الباردة وبالتالي ساهمت الشركة في إنتاج وتطوير صواريخ قصيرة المدى لتصبح عابرة للقارات. وفي مطلع الستينات تبنت بوينج إنتاج و تطوير عدد من الطائرات المروحية مثل بيساكي وتشينوك وسي نايت.

أجواء الحرب الباردة لم تنس بوينج صناعة وإنتاج وتطوير الطائرات التجارية، خاصة وأنها فوجئت بطائرات بريطانية وفرنسية وروسية منافسة في المجال الملاحي العالمي. فقامت بوينج في عام 1958 بإنتاج الطائرة بوينج 707 ذات المحرك الرباعي ، والتي تتسع لـ 157 راكبا. ومنذ تلك اللحظة أصبحت الولايات المتحدة رائدة في صناعة وإنتاج الطائرات التجارية ، حيث قامت بوينج في عام 1960 بإنتاج الطائرة بوينج 720 ، ثم قامت بإنتاج الطراز المحسن 727 بعد ذلك بوقت قصير.

الطائرة الأكثر مبيعا في تاريخ الطيران

في عام 1967 أنتجت شركة بوينج طائرة تجارية متوسطة الحجم ذات محركين، هي الطائرة بوينج 737 التي حققت أعلى مبيعات في تاريخ صناعة الطيران ، ولا تزال الشركة تنتج منها حتى الآن مع إدخال يعص التعديلات التكنولوجية الشكلية.

وقامت بإنتاج عدة أجيال من نفس الطراز أهمها الطائرة 737-300 . وامتداد لنفس النهج من ريادة شركة بوينج، قدمت الشركة في عام 1968 الطراز 747 والذي كان ذات قدرات تقنية أقوى للملاحة عبر القارات. ولكن الطائرة لم تدخل نطاق الخدمة إلا في عام 1970.

متاعب بوينج خلال السبعينات

كانت شركة بوينج في بداية عقد السبعينات شريكا في برنامج الفضاء أبوللو ، الأمر الذي أدى إلى انصراف إدارة الشركة عن صناعة الطائرات التجارية، وكان من نتائج تلك السياسة أن بوينج لم تتلقى أي طلب لشراء طائرات لمدة عام كامل. ويضاف إلى تلك المتاعب المالية والإدارية رفض الكونغرس الموافقة على تمويل مشروع بوينج لإنتاج الطائرة فائقة السرعة سوبر سونيك 2707 التي كانت الشركة تهدف من وراء إنتاجها منافسة الطائرة الفرنسية فائقة السرعة كونكورد والتي توقفت هي الأخرى عن الخدمة منذ أعوام قليلة. واضطرت الشركة خلال تلك الأزمة إلى الاستغناء عن خدمات 80 ألف من العاملين بها. ورغم أن عقد السبعينات قد شهد تراجعا لشركة بوينج، إلا أن قيامها بإدخال الطائرة 747 الكبيرة الحجم ذات المحركات الأربعة والي تتسع لـ 450 راكبا ، إلى نطاق الخدمة كان واحدا من إنجازات بوينج خلال السبعينات. ولعل أكبر تغيير شهدته صناعة الطائرات خلال عقد السبعينات هو اختفاء الارتفاع الذي كان في مقدمة الطائرة والذي كان يشبه إلى حد كبير سنام الجمل.

المنافسة بين بوينج وإيرباص

مع تحسن الأوضاع الاقتصادية لشركة بوينج مع بداية عقد الثمانينات، فرضت شركة صناعة الطيران الأوربية إيرباص تنافسا حادا بين الشركتين ، دفع بوينج إلى إدخال تعديلات وتطويرات كثيرة على إنتاجها. ففي عام 1983 احتفلت بوينج بإنتاج الطائرة رقم 1000 من طائرة الركاب التجارية 737. وقامت بإنتاج الطرازين الجديدين 757 و767. ولكن الإنجاز الأكبر الذي تحقق خلال ذلك العقد لشركة بوينج هو إسهامها في مشروع سبيس شتل Space Shuttle مستفيدة بخبرتها في مشروع الفضاء أبوللو خلال السبعينات.

الطائرة بوينج 777

قدمت شركة بوينج في عام 1994 الطائرة الأشهر والأحدث من منتجاتها، وهي بوينج 777 مستخدمة تقنيات لم تستخدم من قبل. الطائرة الجديدة التي تتسع ل400 راكب بحد أقصى والنجاح الذي حققته في التنافس مع منتجات إيرباص ، شجعت بوينج للقيام بإدخال تعديلات على طرازات سابقة من طائرتها. كما أنتجت طرازا جديدا من طائراتها خلال فترة التسعينات هي بوينج 717.

الانتقال إلى شيكاغو

نقلت شركة بوينج مقر إدارتها بعد عقود من وجودها في مدينة سياتل إلى مدينة شيكاغو في شهر سبتمبر 2001 ورغم النجاحات التي حققتها بوينج خلال عقود طويلة من صناعة الطائرات إلا أنها في السنوات الأخيرة فقد الكثير من شعبيتها لصالح شركة أيرباص نظرا لفارق التكلفة الاقتصادية ، ولذلك ، فإن الشركة تبني على الطراز الجديد بوينج 787 دريملنر والذي احتفلت بتقديمه منذ أيام ، آمالا عريضة لعودتها لعقود النجاح والريادة والتحليق نحو القمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20 تشرين الثاني/2007 - 9/ذوالقعدة/1428